تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : صيد الخاطر للإمام إبن الجوزي .. مختارات



الصفحات : 1 [2] 3

مقاوم
03-26-2007, 02:33 PM
حسن التدبر

قرأت من غرائب العلم وعجائب الحكم على بعض من يدعي العلم فرأيته يتلوى من سماع ذلك ولا يطلع على غوره ولا يشرئب إلى ما يأتي فصرفت عن إسماعه شيئاً آخر وقلت‏:‏ إنما يصلح مثل هذا لذي لب يتلقاه تلقي العطشان الماء‏.‏
ثم أخذت من هذه إشارة هي إنه لو كان هذا يفهم ما جرى ومدحني لحسن ما صنعت لعظم قدره عندي ولأريته محاسن مجموعاتي وكلامي‏.‏
ولكني لما لم أره لها أهلاً صرفتها عنه وصدفت بنظري إليه‏.‏
وكانت الإشارة‏:‏ أن الله عز وجل قد صنف هذه المخلوقات فأحسن التركيب وأحكم الترتيب ثم عرضها على الألباب فأي لب أوغل في النظر مدح على قدر فهمه فأحبه المصنف وكذلك أنزل القرآن يحتوي على عجائب الحكم فمن فتشه بيد الفهم‏.‏
وحادثه في خلوة الفكر‏.‏
استجلب رضى المتكلم به وحظى بالزلفى لديه‏.‏
ومن كان للذهن مستغرق الفهم بالحسيات صرف عن ذلك المقام‏.‏

قال الله عز وجل‏:‏‏"‏ سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الذِينَ يَتَكَبَّرونَ في الأرض بِغَيْرِ الْحَقَّ ‏"‏‏ (http://javascript<b></b>:openquran(6,146,146)).‏

مقاوم
03-30-2007, 11:43 AM
عظمة الهمة

دعوت يوماً فقلت‏:‏ اللهم بلغني آمالي من العلم والعمل وأطل عمري لأبلغ ما أحب من ذلك فعارضني وسواس من إبليس فقال‏:‏ ثم ماذا أليس الموت فما الذي ينفع طول الحياة‏.‏
فقلت له‏:‏ يا أبله‏.‏
لو فهمت ما تحت سؤالي علمت أنه ليس بعبث‏.‏
أليس في كل يوم يزيد علمي ومعرفتي فتكثر ثمار غرسي فأشكر يوم حصادي‏.‏
أفيسرني أنني مت منذ عشرين سنة لا والله لأني ما كنت أعرف الله تعالى عشر معرفتي به اليوم‏.‏
وكل ذلك ثمرة الحياة التي فيها اجتنيت أدلة الوحدانية وارتقيت عن حضيض التقليد إلى يفاع البصيرة واطلعت على علوم زاد بها قدري وتجوهرت بها نفسي‏.‏
ثم زاد غرسي لآخرتي وقويت تجارتي في إنقاذ المباضعين من المتعلمين وقد قال الله لسيد المرسلين‏:‏ ‏"‏ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ‏" (http://javascript<b></b>:openquran(19,114,114))‏‏.‏
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ لا يزيد المؤمن من عمره إلا خيراً‏.‏


وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن من السعادة أن يطول عمر العبد ويرزقه الله عز وجل الإنابة‏.‏
فيا ليتني قدرت على عمر نوح فإن العلم كثير وكلما حصل منه حاصل رفع ونفع‏.‏

مقاوم
04-12-2007, 12:55 PM
حدود التعلق بالأسباب

قلوب العارفين يغار عليها من الأسباب وإن كانت لا تساكنها لأنها لما انفردت لمعرفتها انفرد لها بتولي أمورها‏.‏

فإذا تعرضت بالأسباب محي أثر الأسباب‏:‏ ‏"‏ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكم فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُم شَيئاً ‏"‏‏ (http://javascript<b></b>:openquran(8,25,25)).‏

وتأمل في حال يعقوب وحذره على يوسف عليهما السلام حتى قال‏:‏ ‏"‏ وأَخَاف أَنْ يأكلَهُ" فلما جاء أوان الفرج خرج يهوذا بالقميص فسبقه الريح ‏"‏ إنِّي لأجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ‏" (http://javascript<b></b>:openquran(11,94,94))‏‏.‏

وكذلك قول يوسف عليه السلام للساقي‏:‏ ‏"‏ اذكْرني عِند رَبّكَ ‏"‏ (http://javascript<b></b>:openquran(11,42,42)) فعوقب بأن لبث سبع سنين وإن كان يوسف عليه السلام يعلم أنه لا خلاص إلا بإذن الله وأن التعرض بالأسباب مشروع غير أن الغيرة أثرت في العقوبة‏.‏

ومن هذا قصة مريم عليها السلام‏:‏ ‏"‏ وَكَفّلَهَا زَكَرِيَّا ‏"‏ (http://javascript<b></b>:openquran(2,37,37)) فغار المسبب من مساكنة لأسبابك ‏"‏ كلمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا المحراب وَجَدَ عِنْدَهَا زِرْقاً ‏"‏‏ (http://javascript<b></b>:openquran(2,37,37)).‏

ومن هذا القبيل ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ أبى الله أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يحتسب‏.‏

والأسباب طريق ولا بد من سلوكها‏.‏

والعارف لا يساكنها غير أنه يجلى له من أمرها ما لا يجلى لغيره من أنها لا تساكن وربما عوقب إن مال إليها وإن كان ميلاً لا يقبله غير أن أقل الهفوات يوجب الأدب وتأمل عقبى سليمان عليه السلام لما قال‏:‏ لأطوفن الليلة على مائة امرأة تلد كل واحدة منهن غلاماً ولم يقل‏:‏ إن شاء الله‏.‏

فما حملت إلا واحدة جاءت بشق غلام‏.‏

ولقد طرقتني حالة أوجبت التشبث ببعض الأسباب إلا أنه كان من ضرورة ذلك لقاء بعض الظلَمة ومداراته بكلمة‏.‏

فبينما أنا أفكر في تلك الحال دخل علي قارىء فاستفقت فتفاءلت بما يقرأ فقرأ‏:‏ ‏"‏ وَلاَ تَرْكَنُوا إلى الذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُم النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُون ‏"‏‏ (http://javascript<b></b>:openquran(10,113,113)).‏
فبُهتُّ من إجابتي على خاطري وقلت لنفسي‏:‏ اسمعي فإنني طلبت النصر في هذه المداراة فأعلمني القرآن أنني إذا ركنت إلى ظالم فاتني ما ركنت لأجله من النصر‏.‏


فيا طوبى لمن عرف المسبب وتعلق به فإنها الغاية القصوى فنسأل الله أن يرزقنا‏.‏

مقاوم
05-23-2007, 10:01 AM
الإيمان والذنوب

المؤمن لا يبالغ في الذنوب وإنما يقوى الهوى وتتوقد نيران الشهوة فينحدر‏.‏

وله مراد لا يعزم المؤمن على مواقعته ولا على العود بعد فراغه‏.‏

ولا يستقصي في الانتقام إن غضب وينوي التوبة قبل الزلل‏.‏

وتأمل إخوة يوسف عليهم السلام‏.‏

فإنهم عزموا على التوبة قبل إبعاد يوسف فقالوا‏:‏‏"‏ اقْتُلُوا يوسُفَ ‏"‏ (http://javascript<b></b>:openquran(11,9,9)) ثم زاد ذلك تعظيماً فقالوا‏:‏ ‏"‏ أَوِ اطْرَحُوهً أرْضاً ‏" (http://javascript<b></b>:openquran(11,9,9))‏‏.‏

ثم عزموا على الإنابة فقالوا‏:‏‏"‏ وَتكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صَالحينَ ‏" (http://javascript<b></b>:openquran(11,9,9))‏‏.‏

فلما خرجوا به إلى الصحراء هموا بقتله بمقتضى ما في القلوب من الحسد‏.‏


فقال كبيرهم‏:‏ ‏"‏ لاَ تَقْتُلُوا يوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابت الجُبِّ ‏"‏ (http://javascript<b></b>:openquran(11,10,10)) ولم يرد أن يموت بل يلتقطه بعض السيارة فأجابوا إلى ذلك‏.‏


والسبب في هذه الأحوال أن الإيمان في قمع النفوس يكون على حسب قوته فتارة يردها عند الهم وتارة يضعف فيردها عند العزم وتارة عن بعض الفعل فإذا غلبت الغفلة ووقع الذنب فتر الطبع فنهض الإيمان للعمل فينقص بالندم أضعاف ما التذ‏.‏

Saowt
05-23-2007, 04:53 PM
جميل جدا..
عزموا على التوبة قبل إبعاد يوسف

مقاوم
06-22-2007, 03:11 PM
علم المغرورين

أفضل الأشياء التزيد من العلم فإنه من اقتصر على ما يعلمه فظنه كافياً استبد برأيه وصار تعظيمه لنفسه مانعاً له من الاستفادة‏.‏

والمذاكرة تبين له خطأه وربما كان معظماً في النفوس فلم يتجاسر على الرد عليه‏.‏

ولو أنه أظهر الاستفادة لأهديت إليه مساويه فعاد عنها‏.‏

ولقد حكى ابن عقيل عن أبي المعالي الجويني أنه قال‏:‏ إن الله تعالى يعلم جمل الأشياء ولا يعلم التفاصيل ولا أدري أي شبهة وقعت في وجه هذا المسكين حتى قال هذا‏.‏

وكذلك أبو حامد حين قال‏:‏ النزول التنقل والاستواء مماسة‏.‏

وكيف أصف هذا بالفقه أو هذا ولو أنه ترك تعظيم نفسه لرد صبيان الكتاب رأيه عليه فبان له صدقهم‏.‏

ومن هذا الفن أبو بكر بن مقسم‏:‏ فإنه عمل كتاب الاحتجاج للقراء فأتى فيه بفوائد إلا أنه أفسد علمه بإجازته أن يقرأ به ثم تفاقم ذلك منه حتى أجاز ما يفسد المعنى مثل قوله تعالى‏:‏‏"‏ فَلَمَّا اسْتَيأسوا مِنْهُ خَلَصُوا ‏"‏‏ (http://javascript<b></b>:openquran(11,80,80)).‏ فقال‏:‏ يصلح أن يقال هنا نجياً أي خلصوا كراماً براء من السرقة‏.‏

وهذا سوء فهم للقصة فإن الذي نسب إلى السرقة فظهرت معه ما خلص فما الذي ينفع خلاصهم‏.‏

وإنما سيقت القصة ليبين أنهم أنفردوا وتشاوروا فيما يصنعون وكيف يرجعون إلى أبيهم وقد احتبس أخوهم‏.‏

فأي وجه للنجاة ها هنا‏.‏

ومن تأمل كتابه رأى فيه من هذا الجنس ما يزيد على الإحصاء من هذا الفن القبيح ولو أنه أصغى إلى علماء وقته‏:‏ وترك تعظيم نفسه لبان له الصواب‏.‏

غير أن اقتصار الرجل على علمه إذا مازجه نوع رؤية للنفس حبس عن إدراك الصواب نعوذ بالله من ذلك‏.‏

تأملت قوله عز وجل‏:‏ ‏"‏ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لاَ تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلاَمَكُم بَلِ اللّهُ يَمُنُّ عَلَيْكم أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيْمَانِ ‏"‏ (http://javascript<b></b>:openquran(48,17,17)) فرأيت فيه معنى عجيباً‏.‏

وهو أنهم لما وهبت لهم العقول فتدبروا بها عيب الأصنام وعلموا أنها لا تصلح للعبادة فوجهوا العبادة إلى من فطر الأشياء‏.‏

كانت هذه المعرفة ثمرة العقل الموهوب الذي به باينوا البهائم‏.‏

فإذا آمنوا بفعلهم الذي ندب إليه العقل الموهوب فقد جهلوا قدر الموهوب وغفلوا عن وهب‏.‏

وأي شيء لهم في الثمرة والشجرة ليست ملكاً لهم‏.‏

فعلى هذا كل متعبد ومجتهد في علم إنما رأى بنور اليقظة وقوة الفهم والعقل صواباً فوقع على المطلوب فينبغي أن يوجه الشكر إلى من بعث له في ظلام الطبع القبس‏.‏

ومن هذا الفن حديث الثلاثة الذين دخلوا الغار فانحطت عليهم صخرة فسدت باب الغار فقالوا‏:‏ تعالوا نتوسل بصالح أعمالنا فقال كل منهم‏:‏ فعلت كذا وكذا‏.‏

وهؤلاء إن كانوا لاحظوا نعمة الواهب للعصمة عن الخطأ فتوسلوا بإنعامه عليهم الذي أوجب تخصيصهم بتلك النعمة عن أبناء جنسهم فبه توسلوا إليه‏.‏

وإن كانوا لاحظوا أفعالهم فلمحوا جزاءها ظناً منهم أنهم هم الذين فعلوا فهم أهل غيبة لا حضور ويكون جواب مسألتهم لقطع مننهم الدائمة‏.‏

وربما احتقر أهل المعاصي وتشمخ عليهم‏.‏

وهذه غفلة عن طريق السلوك وربما أخرجت‏.‏

ولا أقول لك خالط الفساق احتقاراً لنفسك بل اغضب عليهم في الباطن وأعرض عنهم في الظاهر ثم تلمح جريان الأقدار عليهم فأكثرهم لا يعرف لمن عصى‏.‏

وجمهورهم لا يقصد العصيان بل يريد موافقة هواه وعزيز عليه أن يعصى‏.‏

وفيهم من غلب عليه تلمح العفو والحلم فاحتقر ما يأتي لقوة يقينه بالعفو‏.‏

وهذه كلها ليست باعتذار لهم ولكن تلمحه أنت يا صاحب التقوى واعلم أن الحجة عليك أوفى من الحجة عليهم لأنك تعرف من تعصي وتعلم ما تأتي‏.‏


بل انظر إلى تقليب القلوب بين إصبعين فربما دارت الدائرة فصرت المنقطع ووصل المقطوع‏.‏


فالعجب ممن يدل بخير علمه وينسى من أنعم ووفق‏.‏

مقاوم
07-21-2007, 10:57 AM
أثر الجهال والمبتدعين في الفكر الإسلامي (3/1)

جهال المتكلمين اعلم أن شرعنا مضبوط الأصول محروس القواعد لا خلل فيه ولا دخل وكذلك كل الشرائع‏.‏

مثل ما أثر عند النصارى حين رأوا إحياء الموتى على يد عيسى عليه السلام فتأملوا الفعل الخارق للعادة الذي لا يصلح للبشر فنسبوا الفاعل إلى الإلهية‏.‏

ولو تأملوا ذاته لعلموا أنها مركبة على النقائص والحاجات وهذا القدر يكفي في عدم صلاح إلهيته فيعلم حينئذ أن ما جرى على يديه فعل غيره‏.‏

وقد يؤثر ذلك في الفروع‏.‏

مثل ما روي أنه فرض على النصارى صوم شهر فزادوا عشرين يوماً ثم جعلوه في فصل من السنة بآرائهم‏.‏

ومن هذا الجنس تخبيط اليهود في الأصول والفروع وقد قارب الضلال في أمتنا هذه المسالك وإن كان عمومهم قد حفظ من الشرك والشك والخلاف الظاهر الشنيع لأنهم أعقل الأمم وأفهمها‏.‏

غير أن الشيطان قارب بهم ولم يطمع في إغراقهم وإن كان قد أغرق بعضهم في بحار الضلال‏.‏

فمن ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ جاء بكتاب عزيز من الله عز وجل قيل في صفته‏:‏ ‏"‏ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ‏"‏ (http://javascript<b></b>:openquran(5,38,38)) وبين ما عساه يشكل مما يحتاج إلى بيانه بسنته كما قيل له‏:‏ ‏"‏ لِتُبَيِّن لِلنَّاسِ مَا نُزِّلِ إِلَيْهِم ‏" (http://javascript<b></b>:openquran(15,44,44))‏‏.‏

فقال بعد البيان‏:‏ تركتكم على بيضاء نقية‏.‏

فجاء أقوام فلم يقنعوا بتبيينه ولم يرضوا بطريقة أصحابه فبحثوا ثم انقسموا‏.‏

فمنهم‏:‏ من تعرض لما تعب الشرع في إثباته في القلوب فمحاه منها فإن القرآن والحديث يثبتان الإله عز وجل بأوصاف تقرر وجوده في النفوس كقوله تعالى‏:‏‏"‏ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ ‏"‏ (http://javascript<b></b>:openquran(6,54,54)) وقوله تعالى‏:‏ ‏"‏ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ‏"‏ (http://javascript<b></b>:openquran(4,64,64)) وقوله تعالى‏:‏ ‏"‏ وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ‏"‏ (http://javascript<b></b>:openquran(19,39,39)) وقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ينزل الله إلى السماء الدنيا ويبسط يده لمسيء الليل والنهار ويضحك ويغضب‏.‏

وكل هذه الأشياء - وإن كان ظاهرها يوجب تخايل التشبيه - فالمراد منها إثبات موجود فلما علم الشرع ما يطرق القلوب من التوهمات عند سماعها قطع ذلك بقوله‏:‏ ‏"‏ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ‏"‏‏ (http://javascript<b></b>:openquran(41,11,11)).‏

ثم إن هؤلاء القوم عادوا إلى القرآن الذي هو المعجز الأكبر‏.‏

وقد قصد الشرع تقرير وجوده فقال‏:‏‏"‏ إنَّا أَنْزَلْنَاهُ ‏" (http://javascript<b></b>:openquran(11,2,2))‏ ‏"‏ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ (http://javascript<b></b>:openquran(25,193,193)) ‏"‏ ‏"‏ فَذَرْني وَمَنْ يُكَذِّبُ بهذَا الْحّدِيثِ ‏"‏ (http://javascript<b></b>:openquran(67,44,44))‏"‏ وَهذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ ‏" (http://javascript<b></b>:openquran(5,92,92))‏‏.‏

وأثبته في القلوب بقوله تعالى‏:‏ ‏"‏ فيْ صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمِ ‏"‏ (http://javascript<b></b>:openquran(28,49,49)) وفي المصاحف بقوله تعالى‏:‏ ‏"‏ فِي لَوْحٍ مَحفوظٍ ‏"‏ (http://javascript<b></b>:openquran(84,22,22)) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدو‏.‏

فقال قوم من هؤلاء‏:‏ مخلوق فأسقطوا حرمته من النفوس وقالوا‏:‏ لم ينزل ولا يتصور نزوله وكيف تنفصل الصفة عن الموصوف وليس في المصحف إلا حبر وورق فعادوا على ما تعب الشارع في إثباته بالمحو‏.‏

كما قالوا‏:‏ إن الله عز وجل ليس في السماء ولا يقال استوى على العرش ولا ينزل إلى السماء الدنيا بل ذاك رحمته فمحوا من القلوب ما أريد إثباته فيها وليس هذا مراد الشارع‏.‏

وجاء آخرون فلم يقفوا على ما حده الشرع بل عملوا فيه بآرائهم فقالوا‏:‏ الله على العرش ولم يقنعوا بقوله‏:‏‏"‏ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ‏"‏‏ (http://javascript<b></b>:openquran(6,54,54)).‏

ودفن لهم أقوام من سلفهم دفائن ووضعت لهم الملاحدة أحاديث فلم يعلموا ما يجوز عليه مما لا يجوز فأثبتوا بها صفات - جمهور الصحيح منها آت على توسع العرب - فأخذوه هم على الظاهر فكانوا في ضرب المثل كجحا فإن أمه قالت له‏:‏ احفظ الباب فقلعه ومشى به فأخذ ما في الدار فلامته أمه‏.‏

فقال‏:‏ إنما قلت احفظ الباب وما قلت احفظ الدار‏.‏

ولما تخايلوا صورة عظيمة على العرش أخذوا يتأولون ما ينافي وجودها على العرش مثل قوله‏:‏ ومن أتاني يمشي أتيته هرولة‏.‏

فقالوا‏:‏ ليس المراد به دنو الاقتراب وإنما المراد قرب المنزل والحظ‏.‏

وقالوا في قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ ‏"‏‏ (http://javascript<b></b>:openquran(1,210,210)).‏

هو محمول على ظاهرها في مجيء الذات‏.‏

فهم يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً‏.‏

ويسمون الإضافات إلى الله تعالى صفات فإنه قد أضاف إليه النفخ والروح‏.‏

وأثبتوا خلقه باليد فلو قالوا خلقه بقدرته لم يمكن إنكار هذا بل قالوا هي صفة تولي بها خلق آدم دون غيره‏.‏

فأي مزية كانت تكون لآدم‏.‏

مقاوم
07-21-2007, 11:01 AM
أثر الجهال والمبتدعين في الفكر الإسلامي (3/2)

فشغلهم النظر في فضيلة آدم عن النظر إلى ما هو يليق بالحق مما لا يليق به‏.‏

فإنه لا يجوز عليه المس ولا العمل بالآلات وإنما آدم أضافه إليه‏.‏

فقالوا نطلق على الله تعالى اسم الصورة لقوله‏:‏ خلق آدم على صورته‏.‏

وفهموا هذا الحديث وهو قوله عليه السلام‏:‏ إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه ولا يقل قبح الله وجهك ولا وجهاً أشبه وجهك فإن الله خلق آدم على صورته‏.‏

فلو كان المراد به الله عز وجل لكان وجه الله سبحانه يشبه وجه هذا المخاصم لأن الحديث كذا جاء - ولا وجهاً أشبه وجهك - ورووا حديث خولة بنت حكيم‏:‏ وإن آخر وطئة وطئها الله بوج‏.‏

وما علموا النقل ولا السير وقول الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ اللهم اشدد وطأتك على مضر وأن المراد به آخر وقعة قاتل فيها المسلمون بوج‏.‏

وهي غزاة حنين‏.‏

فقالوا‏:‏ نحمل الخبر على ظاهره وأن الله وطىء ذلك المكان‏.‏

ولا شك أن عندهم أن الله تعالى كان في الأرض ثم صعد إلى السماء وكذلك قالوا في قوله‏:‏ إن الله لا يمل حتى تملوا‏.‏

قالوا‏:‏ يجوز أن الله يوصف بالملل فجهلوا اللغة وما علموا أنه لو كانت جلبت مني هذيل بخرق لا يمل الشر حتى يملوا والمعنى لا يمل وإن ملوا‏.‏

وقالوا في قوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ الرحم شجنة من الرحمن تتعلق بحقوي الرحمن‏.‏

فقالوا - الحقو - صفة ذات وذكروا أحاديث لو رويت في نقض الوضوء ما قبلت‏.‏

وعمومها وضعته الملاحدة كما يروى عن عبد الله بن عمرو‏.‏

وقال‏:‏ خلق الله الملائكة من نور الذراعين والصدر‏.‏

فقالوا‏:‏ نثبت هذا على ظاهره‏.‏

ثم أرضوا العوام بقولهم ولا نثبت جوارح فكأنهم يقولون فلان قائم وما هو قائم‏.‏

فاختلف قولهم هل يطلق على الله عز وجل أنه جالس أو قائم كقوله تعالى‏:‏ ‏"‏ قائماً بالقسط ‏" (http://javascript&#37;3cb%3e%3c/b%3E:openquran(2,18,18))‏‏.‏

وهؤلاء أخس فهما من جحا لأن قوله قائماً بالقسط لا يراد به القيام وإنما هو كما يقال‏:‏ الأمير قائم بالعدل‏.‏

وإنما ذكرت بعض أقوالهم لئلا يسكن إلى شيء منها فالحذر من هؤلاء فما لهم فقه ولا عبادة‏.‏

وإنما الطريق طريق السلف على أنني أقول لك قد قال أحمد بن حنبل رحمة الله عليه‏:‏ من ضيق علم الرجل أن يقلد في دينه الرجال فلا ينبغي أن تسمع من معظم في النفوس شيئاً في الأصول فتقلده فيه‏.‏

ولو سمعت عن أحدهم ما لا يوافق الأصول الصحيحة فقل‏:‏ هذا من الراوي لأنه قد ثبت عن ذلك الإمام أنه لا يقول بشيء من رأيه‏.‏

فلو قدرنا صحته عنه فإنه لا يقلد في الأصول ولا أبو بكر ولا عمر رضي الله عنهما‏.‏
فهذا أصل يجب البناء عليه فلا هو يهولنك ذكر معظم في النفوس‏.‏

وكان المقصود من شرح هذا أن ديننا سليم وإن أدخل أقوام فيه ما تأذينا به‏.‏

مقاوم
07-21-2007, 11:04 AM
أثر الجهال والمبتدعين في الفكر الإسلامي (3/3)

ولقد أدخل المتزهدون في الدين ما ينفر الناس منه حتى إنهم يرون أفعالهم فيستبعدون الطريق‏.‏

وأكثر أدلة هذه الطريق القصاص فإن العامي إذا دخل إلى مجلسهم وهو لا يحسن الوضوء كلموه بدقائق الجنيد وإشارات الشبلي فرأى ذلك العامي أن الطريق الواضح لزوم زاوية وترك الكسب للعائلة ومناجاة الحق في خلوة على زعمه‏.‏

مع كونه لا يعرف أركان الصلاة ولا أدبه العلم ولا قوم أخلاقه شيء من مخالطة العلماء‏.‏
فلا يستفيد من خلوته إلا كما يستفيد الحمار من الاصطبل‏.‏

فإن امتد عليه الزمان في تقلله زاد يبسه فربما خايلت له الماليخوليا أشباحاً يظنهم الملائكة ثم يطأطىء رأسه ويمد يده للتقبيل‏.‏

فكم قد رأينا من أكار ترك الزرع وقعد في زاوية فصار إلى هذه الحالة فاستراح من تعبه‏.‏
فلو قيل له عد مريضاً قال‏:‏ ما لي عادة‏.‏

فلعن الله عادة تخالف الشريعة‏.‏

فيرى العامة بما يورده القصاص أن طريق الشرع هذه لا التي عليها الفقهاء فيقعون في الضلال‏.‏

ومن المتزهدين من لا يبالي عمل بالشرع أم لا‏.‏

ثم يتفاوت جهالهم فمنهم من سلك مذهب الإباحة ويقول الشيخ لا يعارض وينهمك في المعاصي‏.‏

ومنهم‏:‏ من يحفظ ناموسه فيفتي بغير علم لئلا يقال‏:‏ الشيخ لا يردي‏.‏

ولقد حدثني الشيخ أبو حكيم رحمة الله عليه‏:‏ أن الشريف الدحالي - وكان يقصد فيزار ويتبرك به - حضر عنده يوماً فسئل أبو حكيم - هل تحل المطلقة ثلاثاً إذا ولدت ذكراً - قال‏:‏ فقلت لا والله فقال لي الشريف‏:‏ اسكت فوالله لقد أفتيت الناس بأنها تحل من ههنا إلى البصرة‏.‏

وحكى لي الشيخ أبو حكيم أن جد آذاد الحداد وكان يتوسم بالعلم جاءت إليه امرأة فزوجها من رجل ولم يسأل عن انقضاء العدة فاعترضها الحاكم وفرق بينها وبين الزوج وأنكر على المزوج‏.‏

فلقيته المرأة‏.‏ فقالت‏:‏ يا سيدي أنا امرأة لا أعلم فكيف زوجتني فقال‏:‏ دعي حديثهم ما أنت إلا طاهرة مطهرة‏.‏

وحدثني بعض الفقهاء عن رجل من العباد أنه كان يسجد للسهو سنين ويقول والله ما سهوت ولكن أفعله احترازاً فقال له الفقيه‏:‏ قد بطلت صلاتك كلها لأنك زدت سجوداً غير مشروع‏.‏

أثر المتصوفة ثم من الدخل الذي دخل ديننا طريق المتصوفة فإنهم سلكوا طرقاً أكثرها تنافي الشريعة وأهل التدين منهم يقللون ويخفقون‏.‏

وهذا ليس بشرع حتى إن رجلاً كان قريباً من زماني يقال له كثير دخل إلى جامع المنصور وقال‏: عاهدت الله عهداً ونقضته فقد ألزمت نفسي أن لا تأكل أربعين يوماً‏.‏
فحدثني من رآه أنه بقي عشرة أيام ثم في العشر الرابع أشرف على الموت‏.‏

قال‏:‏ فما انقضت حتى تفرغ فصب في حلقه ماء فسمعنا له نشيشاً كنشيش المقلاة ثم مات فانظروا إلى هذا المسكين وما فعله به جهله‏.‏

ومنهم من فسخ لنفسه في كل ما يحب من التنعم واللذات واقتنع من التصوف بالقميص والفوطة والعمامة اللطيفة ولم ينظر من أين يأكل ولا من أين يشرب وخالط الأمراء من أرباب الدنيا ولباس الحرير وشراب الخمور حفظاً لماله وجاهه‏.‏

ومنهم أقواماً عملوا سننا لهم تلقوها من كلمات أكثرها لا يثبت‏.‏

ومنهم من أكب على سماع الغناء والرقص واللعب ثم انقسم هؤلاء فمنهم من يدعي العشق فيه ومنهم من يقول بالحلول ومنهم يسمع على وجه الهوى واللعب‏.‏

وكلا الطريقين يفسد العوام الفساد العام‏.‏

وهذا الشرح يطول وقد صنفت كتباً ترى فيها البسط الحسن إن شاء الله تعالى منها تلبيس إبليس‏.‏

والمقصود أن تعلم أن الشرع تام كامل فإن رزقت فهماً له فأنت تتبع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتترك بنيات الطريق ولا تقلد في دينك الرجال‏.‏

فإن فعلت فإنك لا تحتاج إلى وصية أخرى‏.‏

واحذر جمود النقلة وانبساط المتكلمين وجموع المتزهدين وشره أهل الهوى ووقوف العلماء ومن أيده الله تعالى بلطفه رزقه الفهم وأخرجه عن ربقة التقليد وجعله أمة وحده في زمانه لا يبالي بمن عبث ولا يلتفت إلى من لام‏.‏


قد سلم زمامه إلى دليل واضح السبيل‏.‏


عصمنا الله وإياكم من تقليد المعظمين وألهمنا اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه درة الوجود ومقصود الكون صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وأتباعه ورزقنا اتباعه مع أتباعه‏.‏

Saowt
07-21-2007, 12:34 PM
وما ذنبنا أخي مقاوم لتدرج كل 10 مختارات مع بعض؟؟

مقاوم
07-21-2007, 04:44 PM
ذنبكم؟؟ بل قولي ماذا فعلنا لنستحق هذا الخير العميم!! :)

Saowt
07-21-2007, 05:12 PM
حسنا..
ماذا فعلنا لنستحق هذا الخير العميم؟؟
أعتقد أن المكتوب في المشاركات الأخيرة التي نقلتها يا مقاوم غير المشاركات الأولى من حيث المضمون...
الأولى كانت أسهل أما هذه... فلا ولا بأي وسيلة

مقاوم
07-21-2007, 07:24 PM
فهمت القصد. سأحاول أن أقتصر على المختارات القصيرة
سهلة الألفاظ والمعاني

من هناك
07-22-2007, 03:27 AM
اخي مقاوم،
جزاك الله خيراً على هذه المطولات الثلاث. لكن بعضها يصلح كأدلة لأهل التأويل وخاصة في القسم الثاني (الأمير قائم بالعدل)

مقاوم
07-22-2007, 08:16 AM
أخي بلال هو يشرح المعنى بلا تكييف
كما قال الإمام مالك رحمه الله في مسألة الاستواء:
الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة.

Saowt
07-22-2007, 08:57 AM
ما ضروري أن تكون المختارات قصيرةبل أن تكون فقط سهلة المعاني والأفكار

مقاوم
07-22-2007, 02:31 PM
إيه... على روسي ...

هنا الحقيقه
07-22-2007, 03:32 PM
أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام



ربما من ابلغ ما قيل

هنا الحقيقه
07-22-2007, 03:38 PM
فقال بعد البيان‏:‏ تركتكم على بيضاء نقية‏.‏

فجاء أقوام فلم يقنعوا بتبيينه ولم يرضوا بطريقة أصحابه فبحثوا ثم انقسموا‏.‏

فمنهم‏:‏ من تعرض لما تعب الشرع في إثباته في القلوب فمحاه منها فإن القرآن والحديث يثبتان الإله عز وجل بأوصاف تقرر وجوده في النفوس كقوله تعالى‏:‏‏"‏ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ ‏"‏ (http://javascript<b></b>:openquran(6,54,54)) وقوله تعالى‏:‏ ‏"‏ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ‏"‏ (http://javascript<b></b>:openquran(4,64,64)) وقوله تعالى‏:‏ ‏"‏ وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ‏"‏ (http://javascript<b></b>:openquran(19,39,39)) وقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ينزل الله إلى السماء الدنيا ويبسط يده لمسيء الليل والنهار ويضحك ويغضب‏.‏

وكل هذه الأشياء - وإن كان ظاهرها يوجب تخايل التشبيه - فالمراد منها إثبات موجود فلما علم الشرع ما يطرق القلوب من التوهمات عند سماعها قطع ذلك بقوله‏:‏ ‏"‏ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ‏"‏‏ (http://javascript<b></b>:openquran(41,11,11)).‏


فعلا لم يرضوا بالبياض والنقاء فبحثوا وتاهوا

هنا الحقيقه
07-22-2007, 03:42 PM
اسمح لي اخي مقاوم ان اقتبس من مشاركاتك لما بين سطورها من حكم



وإنما الطريق طريق السلف على أنني أقول لك قد قال أحمد بن حنبل رحمة الله عليه‏:‏ من ضيق علم الرجل أن يقلد في دينه الرجال فلا ينبغي أن تسمع من معظم في النفوس شيئاً في الأصول فتقلده فيه‏.‏

ولو سمعت عن أحدهم ما لا يوافق الأصول الصحيحة فقل‏:‏ هذا من الراوي لأنه قد ثبت عن ذلك الإمام أنه لا يقول بشيء من رأيه‏.‏

فلو قدرنا صحته عنه فإنه لا يقلد في الأصول ولا أبو بكر ولا عمر رضي الله عنهما‏.‏
فهذا أصل يجب البناء عليه فلا هو يهولنك ذكر معظم في النفوس‏.‏

وكان المقصود من شرح هذا أن ديننا سليم وإن أدخل أقوام فيه ما تأذينا به‏

مقاوم
07-23-2007, 08:52 AM
حياك الله أخي هنا الحقيقة وجزاك خيرا كثيرا على هذه الإضاءات القيمة.

كم يسعدني ويثلج صدري عندما أرى التفاعل الإيجابي مع المواضيع المهمة.

بارك الله في كل من دخل وقرأ ووعى وعلق ثم عمل ... وجعلنا وإياكم منهم ... آمين

من هناك
07-24-2007, 05:07 AM
ما الفرق بين شرح المعنى بتكييف ولا تكييف؟



أخي بلال هو يشرح المعنى بلا تكييف
كما قال الإمام مالك رحمه الله في مسألة الاستواء:
الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة.

مقاوم
07-24-2007, 07:09 AM
أخي بلال هل قرأت هذا المقطع بتأني:



فقال بعد البيان‏:‏ تركتكم على بيضاء نقية‏.‏

فجاء أقوام فلم يقنعوا بتبيينه ولم يرضوا بطريقة أصحابه فبحثوا ثم انقسموا‏.‏

فمنهم‏:‏ من تعرض لما تعب الشرع في إثباته في القلوب فمحاه منها فإن القرآن والحديث يثبتان الإله عز وجل بأوصاف تقرر وجوده في النفوس كقوله تعالى‏:‏‏"‏ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ ‏"‏ (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran(6,54,54)) وقوله تعالى‏:‏ ‏"‏ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ‏"‏ (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran(4,64,64)) وقوله تعالى‏:‏ ‏"‏ وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ‏"‏ (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran(19,39,39)) وقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ينزل الله إلى السماء الدنيا ويبسط يده لمسيء الليل والنهار ويضحك ويغضب‏.‏

وكل هذه الأشياء - وإن كان ظاهرها يوجب تخايل التشبيه - فالمراد منها إثبات موجود فلما علم الشرع ما يطرق القلوب من التوهمات عند سماعها قطع ذلك بقوله‏:‏ ‏"‏ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ‏"‏‏ (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:openquran(41,11,11)).‏


ثم لو رجعت إلى كتب التفسير المعتبرة في شرح الآيات أعلاه لرأيت كيف أن المفسرين يشرحون
المعنى دون أن يمثلوا أو يكيفوا أو يأولوا. قال الحافظ ابن كثير في تفسير "بل يداه مبسوطتان" مثلا:

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِق كَيْف يَشَاء " أَيْ بَلْ هُوَ الْوَاهِب الْفَضْل الْجَزِيل الْعَطَاء الَّذِي
مَا مِنْ شَيْء إِلَّا عِنْده خَزَائِنه وَهُوَ الَّذِي مَا بِخَلْقِهِ مِنْ نِعْمَة فَمِنْهُ وَهُوَ لَا شَرِيك لَهُ الَّذِي خَلَقَ لَنَا كُلّ
شَيْء مِمَّا نَحْتَاج إِلَيْهِ فِي لَيْلنَا وَنَهَارنَا وَحَضَرِنَا وَسَفَرنَا وَفِي جَمِيع أَحْوَالنَا.

منال
11-03-2007, 02:26 PM
السلام عليكم

هل انتهى الكتاب؟

نرفعه لاكمال القراءة ونرجو منكم الاكمال بارك الله فى جهودكم

من هناك
11-04-2007, 01:02 AM
لم ينته الكتاب ولكن يبدو ان الناقل مشغول بامور اخرى تبتعد في الاهمية عن الكتاب :)

مقاوم
11-30-2007, 01:30 PM
التقوى خير حافظ

اعلم أن الزمان لا يثبت على حال كما قال عز وجل‏:‏ ‏"‏ وتلكَ الأيامُ نداولها بينَ الناس ‏" (http://javascript<b></b>:openquran(2,140,140))‏‏.‏
فتارة فقر وتارة غنى وتارة عز وتارة ذل وتارة يفرح الموالي وتارة يشمت الأعادي‏.‏
فالسعيد من لازم أصلاً واحداً على كل حال وهو تقوى الله عز وجل فإنه إن استغنى زانته وإن افتقر فتحت له أبواب الصبر وإن عوفي تمت النعمة عليه وإن ابتلي حملته ولا يضره إن نزل به الزمان أو صعد أو أعراه أو أشبعه أو أجاعه‏.‏

لأن جميع تلك الأشياء تزول وتتغير والتقوى أصل السلامة حارس لا ينام يأخذ باليد عند العثرة ويوافق على الحدود‏.‏
ولازم التقوى في كل حال فإنك لا ترى في الضيق إلا السعة وفي المرض إلا العافية‏.‏

مقاوم
12-11-2007, 12:48 PM
فصل قمع الشهوة

تأملت أمراً عجيباً وأصلاً ظريفاً وهو انهيال الابتلاء على المؤمن‏.‏
وعرض صورة اللذات عليه مع قدرته على نيلها‏.‏
وخصوصاً ما كان في غير كلفة من تحصيله كمحبوب موافق في خلوة حصينة‏.‏
فقلت‏:‏ سبحان الله ههنا بين أثر الإيمان لا في صلاة ركعتين‏.‏
والله ما صعد يوسف عليه السلام ولا سعد إلا في مثل ذلك المقام فبالله عليكم يا إخواني تأملوا حاله لو كان وافق هواه من كان يكون‏.‏
وقيسوا بين تلك الحالة وحالة آدم عليه السلام ثم زنوا بميزان العقل عقبى تلك الخطيئة وثمرة هذا الصبر‏.‏
واجعلوا فهم الحال عدة لكم عند كل مشتهى‏.‏
وإن اللذات لتعرض على المؤمن فمتى لقيها في صف حربه وقد تأخر عنه عسكر التدبر للعواقب هزم‏.‏
وكأني أرى الواقع في بعض أشراكها ولسان الحال يقول له قف مكانك أنت وما اخترت لنفسك‏.‏
فغاية أمره الندم والبكاء‏.‏
فإن أمن إخراجه من تلك الهوة لم يخرج إلا مدهوناً بالخدوش‏.‏
وكم من شخص زلت قدمه فما ارتفعت بعدها‏.‏
ومن تأمل ذل إخوة يوسف عليهم السلام يوم قالوا‏:‏ ‏"‏ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ‏"‏ (http://javascript<b></b>:openquran(11,88,88)) عرف شؤم الزلل‏.‏
ومن تدبر أحوالهم قاس ما بينهم وبين أخيهم من الفروق‏.‏
وإن كانت توبتهم قبلت لأنه ليس من رقع وخاط كمن ثوبه صحيح‏.‏
ورب عظم هيض لم ينجبر فإن جبر فعلى وهى‏.‏
فتيقظوا إخواني لعرض المشتهيات على النفوس واستوثقوا من لجم الخيل‏.‏
وانتبهوا للغيم إذا تراكم بالصعود إلى تلعة‏.‏

فربما مد الوادي فراح بالركب‏.‏

هنا الحقيقه
12-11-2007, 02:23 PM
بارك الله بك اخي الكريم

والله كما نجدد اسلامنا وتوحيدنا بلا الله الا الله (ولله المثل الاعلى)
فمقطفاتك من صيد الخواطر يجدد لنا ما نسيناه من ما خشينا منه عندما قرأنامن قبل هذا الكتاب
فعلا اشكرك اخي الكريم

من هناك
12-11-2007, 06:42 PM
وإن اللذات لتعرض على المؤمن فمتى لقيها في صف حربه وقد تأخر عنه عسكر التدبر للعواقب هزم‏.‏
تابع يا شيخ كي لا نهزم

مقاوم
12-12-2007, 01:40 PM
بارك الله فيكما وشكر لكما المرور والتعقيب.
لبيك يا بلال ... سلمنا الله وإياك من الهزيمة إلا له

مقاوم
12-12-2007, 01:44 PM
فضل الله في الإجابة

فإذا قارب اليأس نظر حينئذ إلى قلبه، فإن كان راضياً بالأقدار، غير قنوط من فضل الله عز وجل، فالغالب تعجيل الإجابة حينئذ لأن هناك يصلح الإيمان ويهزم الشيطان وهناك تبين مقادير الرجال‏.‏
وقد أشير إلى هذا في قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ والذينَ آمنوا مَعَه‏:‏ متى نَصْرُ اللهِ ‏"‏‏ (http://javascript<b></b>:openquran(1,214,214)).‏
وكذلك جرى ليعقوب عليه السلام فإنه لما فقد ولداً وطال الأمر عليه لم ييأس من الفرج فأخذ ولده الآخر ولم ينقطع أمله من فضل ربه‏:‏ ‏"‏ أَنْ يَأْتِيَنِي بهم جَميعاً ‏" (http://javascript<b></b>:openquran(11,83,83))‏‏.‏
وكذلك قال زكريا عليه السلام‏:‏ ‏"‏ ولم أكنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً ‏"‏‏ (http://javascript<b></b>:openquran(18,4,4)).‏
فإياك أن تستطيل مدة الإجابة وكن ناظراً إلى أنه المالك وإلى أنه الحكيم في التدبير والعالم بالمصالح وإلى أنه يريد اختبارك ليبلو أسرارك وإلى أنه يريد أن يرى تضرعك وإلى أنه يريد أن يأجرك بصبرك إلى غير ذلك‏.‏

وإلى أنه يبتليك بالتأخير لتحارب وسوسة إبليس‏.‏
وكل واحدة من هذه الأشياء تقوي الظن في فضله وتوجب الشكر له إذ أهلك بالبلاء للالتفات إلى سؤاله وفقر المضطر إلى اللجأ إليه غنى كله‏.‏

منال
12-12-2007, 01:52 PM
جزاكم الله خيرا
كلامه قليل ومعناه غزير
بارك الله بحضرتك على المختارات الطيبة

من هناك
12-12-2007, 03:22 PM
بارك الله فيكما وشكر لكما المرور والتعقيب.
لبيك يا بلال ... سلمنا الله وإياك من الهزيمة إلا له
لبيك وسعديك يا شيخ ونحن لك متابعون

مقاوم
12-15-2007, 12:59 PM
أسرار الغرائز

لما كان بدن الآدمي لا يقوم إلا باجتلاب المصالح ودفع المؤذي ركب فيه الهوى ليكون سبباً لجلب النافع‏.‏
والغضب ليكون سبباً لدفع المؤذي‏.‏
ولولا الهوى في المطعم ما تناول الطعام فلم يقم بدنه فجعل له إليه ميل وتوق‏.‏
فإذا حصل له قدر ما يقيم بدنه زال التوق وكذلك في المشرب والملبس والمنكح‏.‏
وفائدة المنكح من وجهين أحدهما‏:‏ إبقاء الجنس وهو معظم المقصود والثاني‏:‏ دفع الفضلة المحتقنة المؤذي احتقانها‏.‏
ولولا تركيب الهوى المائل بصاحبه إلى النكاح ما طلبه أحد ففات النسل وآذى المحتقن‏.‏
فأما العارفون فإنهم فهموا المقصود وأما الجاهلون فإنهم مالوا مع الشهوة والهوى ولم يفهموا مقصود وضعها فضاع زمانهم فيما لا طائل فيه وفاتهم ما خلقوا لأجله وأخرجهم هواهم إلى فساد المال وذهاب العرض والدين ثم أداهم إلى التلف‏.‏
وكم قد رأينا من متنعم يبالغ في شراء الجواري ليحرك طبعه بالمستجد فما كان بأسرع من أن وهنت قواه الأصلية فتعجل تلفه‏.‏
وكذلك رأينا من زاد غضبه فخرج عن الحد ففتك بنفسه وبمن يحبه‏.
فمن علم أن هذه الأشياء إنما خلقت إعانة للبدن على قطع مراحل الدنيا ولم تخلق لنفس الالتذاذ وإنما جعلت اللذة فيها كالحيلة في إيصال النفع بها رشد إذ لو كان المقصود التنعم بها لما جعلت الحيوانات البهيمة أوفى حظاً من الآدمي منها‏.‏

فطوبى لمن فهم حقائق الوضع ولم يمل به الهوى عن فهم حكم المخلوقات‏.‏

مقاوم
12-27-2007, 11:48 AM
النتيجة بحسب الأسباب

من تأمل عواقب المعاصي رآها قبيحة‏.‏
ولقد تفكرت في أقوام أعرفهم يقرون بالزنا وغيره فأرى من تعترهم في الدنيا مع جلادتهم ما لا يقف عند حد‏.‏
وكأنهم قد ألبسوا ظلمة فالقلوب تنفر عنهم‏.‏
فإن اتسع لهم شيء فأكثره من مال الغير وإن ضاق بهم أمر أخذوا يتسخطون على القدر‏.‏
هذا وقد شغلوا بهذه الأوساخ عن ذكر الآخرة‏.‏
ثم عكست فتفكرت في أقوام صابروا الهوى وتركوا ما لا يحل‏.‏

فمنهم من قد أينعت له ثمرات الدنيا من قوت مستلذ ومهاد مستطاب وعيش لذيذ وجاه عريض فإن ضاق بهم أمر وسعه الصبر وطيبه الرضى ففهمت بالحال معنى قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ "

مقاوم
12-28-2007, 03:14 PM
الموضوع ضاع في خضم ما ترفعه الفاضلة منال ليتم نقله.

منال
12-29-2007, 01:26 PM
لماذا هذه مشاركة مفصولة؟

بارك الله بحضرتك

مقاوم
12-29-2007, 01:44 PM
سؤال وجيه!!

منال
12-29-2007, 02:00 PM
لم يعد وجيها بالمرة

فين الموضوع اللى كان مفصول؟
اظنه كان عن الذنب!!!

مقاوم
12-29-2007, 02:12 PM
نعم لكن في الدمج يتم ترتيب الردود بالتسلسل الزمني :)

مقاوم
01-03-2008, 06:27 PM
الحمل العظيم لا يوضع إلا بباب العظيم

ينبغي للعاقل أن يلازم باب مولاه على كل حال وأن يتعلق بذيل فضله إن عصى وإن أطاع‏.‏


وليكن له أنس في خلوته به فإن وقعت وحشة فليجتهد في رفع الموحش كما قال الشاعر‏:


أمستوحش أنت مما جنيـ *** ت فأحسن إذا شئت واستأنس

فإن رأى نفسه مائلاً إلى الدنيا طلبها منه أو إلى الآخرة سأله التوفيق للعمل لها‏.‏

فإن خاف ضرر ما يرومه من الدنيا سأل الله إصلاح قلبه وطب مرضه فإنه إذا صلح لم يطلب ما يؤذيه‏.‏

ومن كان هكذا كان في العيش الرغد غير أن من ضرورة هذه الحال ملازمة التقوى فإنه لا يصلح الأنس إلى بها‏.‏

وقد كان أرباب التقوى يتشاغلون عن كل شيء إلا عن اللجأ والسؤال‏.‏

وفي الخبر‏:‏ إن قتيبة بن مسلم لما صاف الترك هاله أمرهم فقال‏:‏ أين محمد بن واسع فقيل‏:‏ هو في أقصى الميمنة جانح على سية قوسه يومىء بإصبعه نحو السماء فقال قتيبة‏:‏ تلك الأصبع الفاردة أحب إلي من مائة ألف سيف شهير وسنان طرير فلما فتح عليهم قال له‏:‏ ما كنت تصنع؟ قال: آخذ لك بمجامع الطرق.

منال
01-03-2008, 06:31 PM
جزاكم الله خيرا مختارة رائعة

هل هذا الكتب فى مجلد ام عدة مجلدات؟
وجزاكم الله خيرا

مقاوم
01-03-2008, 06:34 PM
هو مجلد واحد صغير يقع في أربعمائة صفحة تقريبا حسب الطبعة ويجب أن لا تخلو مكتبة منه
ولا من كتاب الفوائد للإمام ابن القيم ولعلي أبدأ بمختارات من الفوائد قريبا إن شاء الله.

منال
01-03-2008, 06:36 PM
الفوائد حفظته من كثرة القراءة
انا اتابع كتب الامام ابن القيم فانا احب كتاباته
وليس عندى صيد الخاطر لذا سالت لاشتريه
بارك الله فيكم

مقاوم
01-03-2008, 06:48 PM
أتمنى لك قراءة مفيدة ممتعة!!

أبو مُحمد
01-05-2008, 06:45 PM
السلام عليكم...
هل توجد نسخة الكترونية من هذا الكتاب!


خطرت لي فكرة فيما يجري على كثير من العالم من المصائب الشديدة والبلايا العظيمة التي تتناهى إلى نهاية الصعوبة‏.‏
فقلت‏:‏ سبحان الله‏!‏ إن الله أكرم الأكرمين والكرم يوجب المسامحة‏.‏
فما وجه هذه المعاقبة‏.‏
فتفكرت فرأيت كثيراً من الناس في وجودهم كالعدم لا يتصفحون أدلة الوحدانية ولا ينظرون في أوامر الله تعالى ونواهيه بل يجرون - على عاداتهم - كالبهائم‏.‏
فإن وافق الشرع مرادهم وإلا فمعولهم على أغراضهم‏.‏
وإن سهلت عليهم الصلاة فعلوها وإن لم تسهل تركوها‏.‏
وفيهم من يبارز بالذنوب العظيمة مع نوع معرفة المناهي‏.‏
وربما قويت معرفة عالم منهم وتفاقمت ذنوبه‏.‏
فعلمت أن العقوبات وإن عظمت دون إجرامهم‏.‏
فإذا وقعت عقوبة لتمحص ذنباً صاح مستغيثهم‏:‏ ترى هذا بأي ذنب‏.‏
وينسى ما قد كان مما تتزلزل الأرض لبعضه‏.‏


وقد يهان الشيخ في كبره حتى ترحمه القلوب ولا يدري أن ذلك لإهماله حق الله تعالى في شبابه‏.‏

فمتى رأيت معاقباً فاعلم أنه لذنوب‏.

سبحان الله ...
نسأل الله من فضله

منال
01-05-2008, 06:49 PM
وعليكم السلام ورحمةالله

نعم

هنــا (http://www.al-eman.com/booksd/viewtoc.asp?BID=188)

او

هنــا (http://www.saaid.net/book/open.php?cat=8&book=1016)

او

هنـــا (http://www.almeshkat.com/books/open.php?cat=14&book=760)

أبو مُحمد
01-05-2008, 08:03 PM
جزاكِ الله عني خيرا...

مقاوم
01-09-2008, 05:37 PM
أخي أبو محمد معذرة فلم أنتبه لسؤالك إلا الآن وجزى الله الفاضلة منال على التلبية

مقاوم
01-09-2008, 05:43 PM
الثرثرة بالنعم

ينبغي لمن تظاهرت نعم الله عز وجل عليه أن يظهر منها ما يبين أثرها ولا يكشف جملتها وهذا من أعظم لذات الدنيا التي يأمر الحزم بتركها فإن العين حق‏.‏

وإني تفقدت النعم فرأيت إظهارها حلواً عند النفس إلا أنها أظهرت لوديد لم يؤمن تشعث باطنه بالغيظ‏.‏

وإن أظهر لعدو فالظاهر إصابته لموضع الحسد إلا أنني رأيت شر الحسود كاللازم فإنه في حال البلاء يتشفى وفي حال النعم يصيب بالعين‏.‏

ولعمري إن المنعم عليه يشتهي غيظ حسوده ولكنه لا يؤمن أن يخاطر بنعمته فإن الغالب إصابة الحاسد لها بالعين فلا يساوي الالتذاذ بإظهار ما غيظ به ما أفسدت عينه بإصابتها‏.‏

وكتمان الأمور في كل حال فعل الحازم فإنه إن كشف مقدار سنه استهرموه إن كان كبيراً واحتقروه إن كان صغيراً‏.‏


وإن كشف ما يعتقده ناصبه الأضداد بالعداوة‏:‏ وإن كشف قدر ماله استحقروه إن كان قليلاً وحسدوه إن كان كثيراً وفي هذه الثلاثة يقول احفظ لسانك لا تبح بثلاثة سن ومال ما استطعت ومذهب فعلى الثلاثة تبتلى بثلاثة بمموّه وممخرق ومكذب وقس على ما ذكرت ما لم أذكره ولا تكن من المذاييع الغر الذين لا يحملون أسرارهم حتى يفشوها إلى من لا يصلح‏.‏


ورب كلمة جرى بها اللسان هلك بها الإنسان‏.‏

أبو مُحمد
01-09-2008, 05:55 PM
بارك الله فيك أخي وكلنا كذلك قد نفقد المتابعة أحيانا ولكن عزاؤنا في أن نحسن الظن ببعضنا ...
جزاك الله خيرا أجرك ثابت باذن الله...


وإن كشف ما يعتقده ناصبه الأضداد بالعداوة‏:‏ وإن كشف قدر ماله استحقروه إن كان قليلاً وحسدوه إن كان كثيراً وفي هذه الثلاثة يقول احفظ لسانك لا تبح بثلاثة سن ومال ما استطعت ومذهب فعلى الثلاثة تبتلى بثلاثة بمموّه وممخرق ومكذب وقس على ما ذكرت ما لم أذكره ولا تكن من المذاييع الغر الذين لا يحملون أسرارهم حتى يفشوها إلى من لا يصلح‏.‏


ذكرني هذا بكلام قد قرأته وأظنه للامام الشافعي رحمه الله رحمة واسعة فينصح بعدم الافصاح عن العمر بدون حاجة أو ما شابه ..ومن جملة تفصيله لذلك ما معناه أن الانسان لو أظهر عمره وكان صغيرا استصغره الناس والعكس..... ولكل عمر عند الناس منقصة ...

والله أعلم

متابع باذن الله ...

مقاوم
01-12-2008, 11:29 AM
جزاك الله خيرا أخي أبو محمد على المتابعة والتعليق.

من قلب بغداد
01-12-2008, 03:20 PM
عم مقاوم جُزيتَ خيراً مع أني لم
أزر الصفحة مُذ زمن لكن أحببت أن اشير إلى أن الموضوع
مكرر مرتين في القسم لا أدري إن كان التكرار بادياً لدي فقط ..
أعانكم المولى و نفع بكم و في موازين حسناتكم بعونه تعالى

هنا الحقيقه
01-12-2008, 03:36 PM
وقد احتاج اخي مقاوم الى نظارات

كبرنا والله كبرنا :)

مقاوم
01-13-2008, 05:25 AM
عم مقاوم جُزيتَ خيراً مع أني لم
أزر الصفحة مُذ زمن لكن أحببت أن اشير إلى أن الموضوع
مكرر مرتين في القسم لا أدري إن كان التكرار بادياً لدي فقط ..
أعانكم المولى و نفع بكم و في موازين حسناتكم بعونه تعالى
نعم البعض يراها وآخرون لا يرونها. حاولت جميع الطرق دون فائدة. إذا حذفت واحدة انحذفت الأخرى وإذا حاولت دمجهما في موضوع واحد تخرج لي رسال إدارية تقول "لن تستفيد شيئا من دمج موضوع بنفسه" أو شيء من هذا القبيل.


وقد احتاج اخي مقاوم الى نظارات

كبرنا والله كبرنا :)
أما النظارات فأصبحت لا تفارقني منذ خمسة سنوات.
عيروني بالشيب وهو وقارُ *** ليتهم عيروا بما هو عارُ :smile:

من قلب بغداد
01-13-2008, 01:32 PM
إن تكن شابت الذوائبُ مني .. فالليالي تُزيلها الأقمار !
:
أو شيء من ذاك القبيل :)
نسألُ الله لكم السلامة و العافية و عُمراً مقضياً في الطاعات بعون الله
يبدو أن الموضوع الثاني وهمي أو ما شابه ربما لا يظهر إلا للمشرفين
خيراً بإذن الله ، زيادة الخير خيرين

مقاوم
01-26-2008, 04:45 AM
نسألُ الله لكم السلامة و العافية و عُمراً مقضياً في الطاعات بعون الله

اللهم آمين والقائلة إن شاء الله

مقاوم
01-26-2008, 04:50 AM
تتابع العثرات

رأيت كل من يعثر بشيء أو يزلق في مطر يلتفت إلى ما عثر به فينظر إليه... طبعاً موضوعاً في الخلق‏.‏
إما ليحذر منه إن جاز عليه مرة أخرى أو لينظر - مع احترازه وفهمه - كيف فاته التحرز من مثل هذا‏.‏
فأخذت من ذلك إشارة وقلت‏:‏ يا من عثر مراراً هلا أبصرت ما الذي أعثرك فاحترزت من مثله أو قبحت لنفسك مع حزمها تلك الواقعة‏.‏
فإن الغالب ممن يلتفت أن معنى التفاته كيف عثر مثلي مع احترازه بمثل ما أرى‏.‏
كيف غرك زخرف تعلم بعقلك باطنه وترى بعين فكرك مآله كيف آثرت فانياً على باق كيف بعت بِوَكس كيف اخترت لذة رقدة على انتباه معاملة‏.‏

آه لك لقد اشتريت بما بعت أحمال ندم لا يُقلّها ظهر وتنكيس رأس أمسى بعيد الرفع ودموع حزن على قبح فعل ما لمددها انقطاع‏.‏
وأقبح الكل أن يقال لك‏:‏ بماذا ومن أجل ماذا وهذا على ماذا يا من قلب الغرور عليه الصنجة ووزن له والميزان راكب‏.‏

من قلب بغداد
01-26-2008, 01:51 PM
سبحان الله ، جنبنا الرحمن و إياكم المكاره ..
جُزء مُركّز ..
فقط هذهِ الكلمة بارك الله بك ماذا تعني ؟

الصنجة

منال
01-26-2008, 05:15 PM
السلام عليكم

الصنجة تنطق عندنا السنجة وهى ما يوزن به يعنى البتاعة الحديد اللى 1/2 كيلو او كيلو او 2 كيلو وهكذا

يا من قلب الغرور عليه الصنجة ووزن له والميزان راكب‏.‏
اظن المعنى ان الغرور هو الغالب فى الشخص فرجحت كفة الغرور بدلا من ان ترجح الصنجة هذه
والميزان راكب يعنى الحياة ماشية

والله اعلم

وبارك الله فيكم على النقل القيم

مقاوم
01-26-2008, 08:24 PM
الكلمة -كما تبين بعد مراجعة مجموعة من المعاجم- معرّبة من الفارسية واللفظ الأشهر لها هو سنجة وبالفارسية سنكة. ومعناها ما أشار إليه الأخ أبو محمد والأخت منال.

أما معنى الكلمة العربية الصَّنْجُ : صفيحة مدوٌرة من النحاس يُضرب بها على الأخرى للطَّرب؛ عزفت الفرقة الموسيقية بالصُّنُوج. -: صفائح صفر صغيرة مستديرة تثبت في أطراف الدُّفِّ أو في أصابع الراقصة ليُضربَ عليها عند الطَّرَب.(معجم المحيط).

ويبدو أن الأمر اختلط علي بين الصنج والصاج الذي هو طبقٌ مقعَّرٌ من المعدِن ويناسب المعنى في السياق.

مقاوم
02-02-2008, 06:08 AM
ثمرة التقوى

تأملت قوله تعالى‏:‏‏"‏ فَمنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى ‏" (http://javascript<b></b>:openquran(19,123,123))‏‏.‏

قال المفسرون‏:‏ هداي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتابي‏.‏

فوجدته على الحقيقة أن كل من اتبع القرآن والسنة وعمل بما فيهما فقد سلم من الضلال بلا شك وارتفع في حقه شقاء الآخرة بلا شك إذا مات على ذلك‏.‏

وكذلك شقاء الدنيا فلا يشقى أصلاً ويبين هذا قوله تعالى‏:‏‏"‏ وَمَنْ يَتّقِ اللّهَ يَجْعلْ لَهُ مَخْرجاً ‏" (http://javascript<b></b>:openquran(64,2,2))‏‏.‏

فإن رأيته في شدة فله من اليقين بالجزاء ما يصير المصاب عنده عسلاً‏.‏
وإلا غلب طيب العيش في كل حال‏.‏

فأما الملازم لطريق التقوى فلا آفة تطرقه ولا بلية تنزل به هذا هو الأغلب. فإن وجِد من تطرقه البلايا مع التقوى فذاك في الأغلب لتقدم ذنب يجازى عليه، فإن قدّرنا عدم الذنب‏ فذاك لإدخال ذهب صبره كير البلاء حتى يخرج تبراً أحمر فهو يرى عذوبة العذاب‏ لأنه يشاهد المبتلى في البلاء الألم‏.‏

قال الشبلي‏:‏ أحبك الناس لنعمائك وأنا أحبك لبلائك .

من هناك
02-02-2008, 06:21 AM
أنا أحبك لبلائك .سبحان الله

مقاوم
02-02-2008, 04:18 PM
قال الشبلي‏:‏ أحبك الناس لنعمائك وأنا أحبك لبلائك .

عبارة تبعث على التأمل والتفكر

مقاوم
02-19-2008, 08:44 AM
زهد يهدم الدين والدنيا

بكرت يوماً أطلب الخلوة إلى جامع الرصافة فجعلت أجول وحدي وأتفكر في ذلك المكان ومن كان به من العلماء والصالحين‏.‏

ورأيت أقواماً قد جاوروا فيه فسألت أحدهم‏:‏ منذ كم أنت ها هنا فأومأ إلى قريب من أربعين سنة‏.‏

فرأيته في بيت كثير الدرن والوسخ‏.‏

وجعلت أتفكر في حبسه لنفسه عن النكاح هذه المدة فأخذت النفس تحسن ذلك وتذم الدنيا والاغترار بها‏.‏

فأقبل العلم ينكر على النفس ونهض الفهم لحقائق الأمور وموضوع الشرع يقوي ما قال العلم‏.‏

فينحل من ذلك أن قلت للنفس‏:‏ اعلمي أن هؤلاء على ضربين‏.‏

منهم من يجاهد نفسه في الصبر على هذه الأحوال فتفوته فضائل المخالطة لأهل العلم والعمل وطلب الولد ونفع الخلق وانتفاع نفسه بمجالسة أهل الفهم فيحدث له من نفسه حالة تشابه وربما يبس الطبع وساء الخلق وربما حدث من حبس مائه المحتقن سمية أفسدت بدنه وعقله وربما أورثته الخلوة وسوسة وربما ظن أنه من الأولياء واستغنى بما يعرفه وربما خيل له الشيطان أشياء من الخيالات وهو يعدها كرامات وربما ظن أن الذي هو فيه الغاية ولا يدري أنه إلى الكراهة أقرب‏.‏

فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ نهى أن يبيت الرجل وحده وهؤلاء كل منهم يبيت وحده ونهى عن التبتل وهذا تبتل ونهى عن الرهبانية وهذا من خفي خدع إبليس التي يوقع بها في ورطات الضلال بألطف وجه وأخفاه‏.‏

والضرب الثاني‏:‏ مشايخ قد فنوا فانقطعوا ضرورة إذ ليس لأحدهم مأوى فهم في مقام الزمنى‏.‏

وإن كان الضرب الأول قد قطعوا حبل نفوسهم في العلم والعمل والكسب وتعلقت هممهم بفتوح يطرق عليهم الباب فرضوا بالعمى بعد البصر وبالزمن بعد الإطلاق‏.‏

فقالت لي النفس‏:‏ لا أرضى هذا الذي تقوله فإنك إنما تميل إلى إيثار نكاح المستحسنات والمطاعم المشتهيات‏.‏

فإذا لم تكن من أهل التعبد فلا تطعن فيهم‏.‏

فقلت لها‏:‏ إن فهمت حدثتك وإن كنت تقلدين صور الأحوال فلا فهم لك‏.‏
أما المستحسنات فإن المقصود من النكاح أشياء منها طلب الولد ومنها شفاء النفس بإخراج الفضلة المؤذية وكمال خروجها لا يكون إلا بوجود المستحسن‏.‏

واعتبر هذا بالوطء دون الفرج فإنه يخرج من الفضلات ما لا يخرج بالوطء في الفرج وبتمام خروج تلك الفضلة تفرغ النفس عن شواغلها فتدري أين هي‏.‏

كما نأمر القاضي بالأكل قبل الحكم وننهاه عن الحكم وهو غضبان أو حاقن‏.‏
وبكمال بلوغ هذا الغرض يكون كمال الولد لتمام النطفة التي تخلق منها‏.‏
ثم للنفس حظ فهو يستو فيه استيفاء الناقة حظها من العلف في السفر وذلك يعين على سيرها‏.‏

وأما المطاعم فالجاهل من يطلبها لذاتها أو لنفس لذاتها‏.‏
وإنما المراد إصلاح الناقة لجمع هممها ونيل مرادها من غرضها الصارف لها عن الفكر في هواها‏.‏

وإذا تأملت حال الشرب الأول رأيت من هذا عجباً فإن النبي صلى الله عليه وسلم اختار لنفسه عائشة رضي الله عنها وكانت مستحسنة ورأى زينب فاستحسنها فتزوجها وكذلك اختار صفية وكان إذا وصفت له امرأة بعث يخطبها‏.‏

وكان لعلي رضي الله عنه أربع حرائر وسبع عشرة سرية مات عنهن‏.‏

وقبل هذه الأمة فقد كان لداود عليه السلام مائة امرأة ولسليمان عليه السلام ألف امرأة فمن ادعى خللاً في هذه الطرق أو أن هؤلاء آثروا هواهم وأنفقوا بضائع العمر في هذه الأغراض وغيرها أفضل‏.‏

فقد ادعى على الكاملين النقصان وإنما هو الناقص في فهمه لا هم‏.‏

وقد كان سفيان الثوري إذا سافر ففي سفرته حمل مشوية وفالوذج وكان حسن المطعم وكان يقول إن الدابة إذا لم تحسن إليها لم تعمل‏.‏

وهذه الفنون التي أشرت إليها أن قصدت للحاجة إليها أو لقضاء وطر النفس منها أو لبلوغ الأغراض الدينية والدنيوية منها فكله قصد صحيح لا يعكر عليه من يقوم ويقعد في ركعات لا يفهم معناها وفي تسبيحات أكثر ألفاظها ردية‏.‏

كلا ليس إلا العلم الذي هو أفضل الصفات وأشرف العبادات وهو الآمر بالمصالح والناطق بالنصائح‏.‏

ثم منفعة العلم معروفة وزهد الزاهد لا يتعدى عتبة بابه وقد قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك مما طلعت عليه الشمس‏.‏

ثم اعتبر فضل الرسل على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام‏.‏
والجوارح على التي لا تصيد‏.‏
والطين الذي يعمل منه ما ينتفع به على الطين في المطلع‏.‏


وغاية العلماء تصرفهم بالعلم في المباح وأكثر المتزهدين جهلة يستعبدهم تقبيل اليد لأجل تركهم ما أبيح‏.‏


فكم فوتت العزلة علماً يصلح به أصل الدين وكم أوقعت في بلية هلك بها الدين وإنما عزلة العالم عن الشر فحسب والله الموفق‏.‏

أبو مُحمد
02-19-2008, 11:22 AM
بارك الله فيك أخي مقاوم .
لم افهم هذه الكملة "وخضه" في قول ابن الجوزي:

فأقبل العلم ينكر على النفس وخضه الفهم لحقائق الأمور وموضوع الشرع يقوي ما قال العلم‏.‏

ربما أريد بها "وحضه" .... أو أن للكملة معنى لا أفهمه!


وجزاك الله عنا خيرا

مقاوم
02-19-2008, 03:01 PM
جزاك الله خيرا أخي أبا محمد على القراءة الدقيقة.
بعد مقابلة النص مع الكتاب الموجود في مكتبتي تبين أن أصل الكلمة ليس "خضه" وإنما "نهض" وبهذا يستقيم المعنى والله أعلم.
تم التصحيح.

أبو مُحمد
02-19-2008, 03:18 PM
الحمد لله الذي بفضله ونعمته تتم الصالحات.

مقاوم
02-27-2008, 03:52 PM
نهاية العصاة: قلوب خاوية على عروشها

ينبغي لكل ذي لب وفطنة أن يحذر عواقب المعاصي‏.‏
فإنه ليس بين الآدمي وبين الله تعالى قرابة ولا رحم وإنما هو قائم بالقسط حاكم بالعدل‏.‏
وإن كان حلمه يسع الذنوب إلا أنه إذا شاء عفا فعفا كل كثيف من الذنوب، وإذا شاء أخذ وأخذ باليسير فالحذر الحذر‏.‏
ولقد رأيت أقواماً من المترفين كانوا يتقلبون في الظلم والمعاصي الباطنة والظاهرة فتعبوا من حيث لم يحتسبوا‏.‏
فقلعت أصولهم‏.‏
ونقض ما بنوا من قواعد أحكموها لذراريهم‏.‏
وما كان ذلك إلا أنهم أهملوا جانب الحق عز وجل وظنوا أن ما يفعلونه من خير يقاوم ما يجري من شر فمالت سفينة ظنونهم‏.‏
فدخلها من ماء الكيد ما أغرقهم‏.‏
ورأيت أقواماً من المنتسبين إلى العلم أهملوا نظر الحق عز وجل إليهم في الخلوات‏.‏
فمحا محاسن ذكرهم في الجلوات‏.‏
فكانوا موجودين كالمعدومين لا حلاوة لرؤيتهم ولا قلب يحن إلى لقائهم‏.‏
فالله الله في مراقبة الحق عز وجل‏.‏
فإن ميزان عدله تبين فيه الذرة وجزاؤه مرصد للمخطىء ولو بعد حين‏.‏
وربما ظن أنه العفو - وإنما هو إمهال -إهمالا، وللذنوب عواقب سيئة‏.‏
فالله الله في الخلوات‏.‏
البواطن البواطن‏.‏
النيات النيات‏.‏
فإن عليكم من الله عيناً ناظرة‏.‏
وإياكم والاغترار بحلمه وكرمه فكم قد استدرج‏.‏
وكونوا على مراقبة الخطايا مجتهدين في محوها‏.‏
وما شيء ينفع كالتضرع مع الحمية عن الخطايا، فلعله‏.‏.. وهذا فصل إذا تأمله المعامل لله تعالى نفعه‏.‏
ولقد قال بعض المراقبين لله تعالى‏:‏ قدرت على لذة هي غاية وليست بكبيرة‏ فنازعتني نفسي إليه اعتمادا على صغرها، وعظم فضل الله تعالى وكرمه.
فقلت لنفسي‏:‏ إن غلبت هذه فأنت أنت وإذا أتيت هذه فمن أنت‏؟؟
وذكرتها حالة أقوام كانوا يفسحون لأنفسهم في مسامحة كيف انطوت أذكارهم وتمكن الإعراض عنهم‏.‏

فارعوت ورجعت عما همت به‏.‏
والله الموفق‏.‏

من قلب بغداد
02-27-2008, 07:03 PM
جزاك الله عنا خير الجزاء
و في موازين حسناتك بإذن الله و جنبّنا الله معصيته

أبو مُحمد
03-02-2008, 09:39 PM
بارك الله فيك.

مقاوم
03-09-2008, 08:40 AM
بارك الله فيك.
وفيكم بارك الله


جزاك الله عنا خير الجزاء
و في موازين حسناتك بإذن الله و جنبّنا الله معصيته
وإياكم وجزاكم خيرا مثله على المتابعة

هذه ليست صغائر

كثير من الناس يتسامحون في أمور يظنونها قريبة‏ وهي تقدح في الأصول، كاستعارة طلاب العلم جزءاً لا يردونه‏.‏

وقصد الدخول على من يأكل ليؤكل معه والتسامح بعرض العدو التذاذاً بذلك واستصغاراً لمثل هذا الذنب‏.‏

وإطلاق البصر في المحرم استهانة بتلك الخطيئة‏.‏

وأهون ما يصنع ذلك بصاحبه أن يحطه من مرتبة المتميزين بين الناس ومن مقام رفعة القدر عند الحق‏.‏

أو فتوى من لا يعلم لئلا يقال‏:‏ هو جاهل ونحو ذلك مما يظنه صغيراً وهو عظيم‏.‏

وربما قيل له بلسان الحال‏:‏ يا من اؤتمن على أمر يسير فخان‏.‏ كيف ترجو بتدلِّيك رضا الديان‏.‏

فالله الله اسمعوا ممن قد جرب كونوا على مراقبة‏.‏

وانظروا في العواقب‏.‏

واعرفوا عظمة الناهي‏.‏

واحذروا من نفخة تحتقر وشررة تستصغر فربما أحرقت بلداً‏.‏

وهذا الذي أشرت إليه يسير يدل على كثير وأنموذج يعرف باقي المحقرات من الذنوب‏.‏

والعلم والمراقبة يعرفانك ما أخللت بذكره ويعلمانك إن تلمحت بعين البصيرة أثر شؤم فعله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‏.‏

أبو مُحمد
03-09-2008, 01:01 PM
جزاك الله خيرا ...
وأكثر لنا مما قل ودل .. كما ورد أعلاه فلا طاقة لنا بالطوال .

مقاوم
03-09-2008, 01:05 PM
جزاك الله خيرا ...
وأكثر لنا مما قل ودل .. كما ورد أعلاه فلا طاقة لنا بالطوال .
نعم أخي وقد جعلت الموضوع مختارات لأتمكن من تفادي المطولات

مقاوم
04-07-2008, 04:05 PM
كيف تدعو وماذا تبغي

رأيت من نفسي عجباً
تسأل الله عز وجل حاجاتها وتنسي جناياتها‏.‏
فقلت‏:‏ يا نفس السوء أو مثلك ينطق‏.‏
فإن نطق فينبغي أن يكون السؤال العفو فحسب‏.‏
فقالت‏:‏ فممن أطلب مراداتي قلت‏:‏ ما أمنعك من طلب المراد‏.‏
إنما أقول حققي التوبة وانطقي‏.‏
كما نقول في العاصي بسفره إذا اضطر إلى الميتة لا يجوز له أن يأكل فإن قيل لنا‏:‏ أفيموت‏!‏ قلنا لا بل يتوب ويأكل‏.‏

فالله الله من جراءة على طلب الأغراض مع نسيان ما تقدم من الذنوب التي توجب تنكيس الرأس ولئن تشاغلت بإصلاح ما مضى والندم عليه جاءتك مراداتك‏.‏
كما روي‏:‏ من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين‏.‏

وقد كان بشر الحافي يبسط يديه للسؤال ثم يسبلهما ويقول‏:‏ مثلي لا يسأل وما أبقت الذنوب لي وجهاً‏.‏ وهذا يختص ببشر لقوة معرفته كان وقت السؤال كالمخاطب كفاحاً فاستحي للزلل‏.‏

فأما أهل الغفلة فسؤالهم على بعد، فافهم ما ذكرته وتشاغل بالتوبة من الزلل ثم العجب من سؤالاتك فإنك لا تكاد تسأل مهما من الدنيا بل فضول العيش‏.‏
ولا تسأل صلاح القلب والدين مثل ما تسأل صلاح الدنيا‏.‏
فاعقل أمرك فإنك من الانبساط والغفلة على شفا جرف‏.‏
وليكن حزنك على زلاتك شاغلاً لك من مراداتك فقد كان الحسن البصري شديد الخوف فلما قيل له في ذلك قال‏:‏ وما يؤمنني أن يكون اطلع على بعض ذنوبي فقال اذهب لا غفرت لك‏.‏

أبو مُحمد
04-07-2008, 04:56 PM
السلام عليكم ..
جزاك الله خيرا لهذه الاقتباسات الرائعة ...
حقا تعجز لغتي على التعليق .
.
.
.

اللهم اغفر لنا وارحمنا.

مقاوم
04-14-2008, 01:21 PM
حب الظهور يقصم الظهور

أعجب العجب دعوى المعرفة مع البعد عن العرفان‏.‏
بالله ، ما عرفه إلا من خاف منه فأما المطمئن فليس من أهل المعرفة‏.‏
وفي المتزهدين أهل تغفيل يكاد أحدهم يوطن نفسه على أنه ولي محبوب ومقبول‏.‏
وربما توالت عليه ألطاف ظنها كرامات ونسي الاستدراج الذي لفت مساكنته الأعطاف‏.‏
وربما احتقر غيره وظن أن محلته محفوظة به، تغره ركيعات ينتصب فيها أو عبادة ينصَب بها‏.‏
وربما ظن أنه قطب الأرض وأنه لا ينال مقامه بعده أحد‏.‏
وكأنه ما علم أنه بينما موسى مكالم نبّىء يوشع‏.‏
وبينا زكريا عليه السلام مجاب الدعوة نشر المنشار‏.‏
وبينا يحيى عليه السلام يوصف بأنه سيد سلط عليه كافر احتز رأسه‏.‏
وبينا بلعام معه الاسم الأعظم صار مثله كمثل الكلب‏.‏
وبينا الشريعة يعمل بها نسخت وبطل حكمها‏.‏
وبينا البدن معمور خرب وسلط البلاء عليه‏.‏
وبينا العالم يدأب حتى ينال مرتبة يعتقدها، نشأ طفل في زمانه ترقى إلى سبر عيوبه وغلطه‏.‏
وكم من متكلم يقول‏:‏ ما مثلي‏!‏‏!‏ لو عاش فسمع ما حدث بعده من الفصاحة عد نفسه أخرس‏.‏
هذا وعظ ابن السماك وابن عمار وابن سمعون لا يصلح لبعض تلامذتنا ولا يرضاه‏.‏
فكيف يعجب بنفسه أحدنا،‏ وربما أتى بعدنا من لا يعدنا‏.‏
فالله الله من مساكنة مسكن ومخالفة مقام‏.‏

وليكن المتيقظ على انزعاج محتقراً للكثير من طاعاته خائفاً على نفسه من تقلباته ونفوذ الأقدار فيه‏.‏
واعلم أن تلمح هذه الأشياء التي أشرت إليها يضرب عنق العجب ويذهب بطر الكبر‏.‏

أبو مُحمد
04-17-2008, 11:55 AM
السلام عليكم ..
بارك الله فيك أخي مقاوم وجزاك عنا خيرا.

حقيقة لم أفهم او بالاحرى لم يستقم المعنى عندي في قوله "بالله" في السطر الثاني فلعلها فالله والله أعلم.

ولاثانية ما ورد في السطر الاخير "واعلم ان تلمح" فما المقصود من قوله "تلمح" فهل هي صحيحة والخلل في لغتي :)

وحتى ان قرأـها وكأها "تلمح" فاظنها ستكون "تلمُّح" مثلا !!

وبارك الله فيك لهذه الانتقاءات الرائعة التي تذكرنا بحالنا وتؤدب النفس وتكسر الغرور وتطفئ الكِبر.

مقاوم
04-17-2008, 01:30 PM
جزاك الله خيرا ابا محمد على المتابعة.
وقفت طويلا عند كلمة "بالله" وقابلت عدة نسخ من الكتاب فوجدتها هكذا في جميعها فققرت تركها لأمانة النقل. وحملتها على محمل القسم والله أعلم.
"نَلَمُّحْ" تأتي هنا بمعنى الاستشراف والبحث عن الشيء من أجل تفاديه كمن تلمح الخطر في قول كذا أو فعل كذا فأحجم والله أعلم.

أبو مُحمد
04-17-2008, 02:04 PM
جزاك اله خيرا أخي مقاوم للتبيين ونفعنا الله بما علمنا.

أبو مُحمد
04-24-2008, 02:36 PM
قال ابن الجوزي رحمه الله في " صيد الخاطر " :

فجاء أقوام، فأظهروا التزهد ، وابتكروا طريقة زينها لهم الهوى ، ثم تطلبوا لها الدليل . وإنما ينبغي للإنسان أن يتبع الدليل لا أن يتبع طريقاً ويطلب دليلها
.
.
ننتظر عودتك أخي مقاوم لهذه الصفحة

مقاوم
04-24-2008, 02:55 PM
بوركت أبا محمد، يا خير معين على الخير.

فصل الإعداد للنهاية باليقين

من عاش مع الله عز وجل طيب النفس في زمن السلامة لا يوصف بالبطولة إلا إذا خفت عليه ألوان التقلب زمن البلاء فهناك المحك‏.‏
إن الله عز وجل بينا يبني نقض وبينا يعطي سلب فطيب النفس والرضا عن الله في تلك الحال يبين‏.‏
فأما من تواصلت لديه النعم فإنه يكون طيب النفس لتواصلها فإذا مسته نفحة من البلاء فبعيد ثباته.

قال الحسن البصري‏:‏ كانوا يتساوون في وقت النعم فإذا نزل البلاء تباينوا‏.‏
فالعاقل من أعد ذخراً وحصل زاداً وازداد من العدد للقاء حرب البلاء‏.‏
ولا بد من لقاء البلاء ولو لم يكن إلا عند صرعة الموت فإنها إن نزلت والعياذ بالله فلم تجد معرفة توجب الرضى أو الصبر أخرجت إلى الكفر‏.‏

ولقد سمعت من كنت أظن فيه كثرة الخير وهو يقول في ليالي موته‏:‏ ربي هو ذا يظلمني فلم أزل منزعجاً مهتماً بتحصيل عدة ألقى بها ذلك اليوم‏.‏
كيف وقد روي أن الشيطان يقول لأعوانه في تلك الساعة‏:‏ عليكم بهذا فإن فاتكم لم تقدروا عليه‏.‏
وأي قلب يثبت عند إمساك النفس والأخذ بالكظم ونزع النفس والعلم بمفارقة المحبوبات إلى ما لا يدري ما هو، وليس في ظاهره إلا القبر والبلاء‏.‏

فنسأل الله عز وجل يقيناً يقينا شر ذلك اليوم لعلنا نصبر للقضاء أو نرضى به‏.‏


ونرغب إلى مالك الأمور في أن يهب لنا من فواضل نعمه على أحبابه حتى يكون لقاؤه أحب إلينا من بقائنا وتفويضنا إلى تقديره أشهى لنا من اختيارنا‏.‏
ونعوذ بالله من اعتقاد الكمال لتدبيرنا حتى إذا انعكس علينا أمر عدنا إلى القدر بالتسخط‏.‏ وهذا هو الجهل المحض، والخذلان الصريح، أعاذنا الله منه.

أبو مُحمد
04-27-2008, 09:42 PM
وأي قلب يثبت عند إمساك النفس والأخذ بالكظم ونزع النفس والعلم بمفارقة المحبوبات إلى ما لا يدري ما هو، وليس في ظاهره إلا القبر والبلاء

نسأل الله الثبات.
جزاك الله خيرا أخي مقاوم .

مقاوم
05-19-2008, 12:30 PM
سعادة العارفين

ليس في الدنيا ولا في الآخرة أطيب عيشاً من العارفين بالله عز وجل فإن العارف به مستأنس به في خلوته‏.‏
فإن عمت نعمة علم من أهداها وإن مرَّ مرٌّ حلا مذاقه في فيه لمعرفته بالمبتلى‏.‏
وإن سأل فتعوق مقصوده صار مراده ما جرى به القدر علماً منه بالمصلحة بعد يقينه بالحكمة وثقته بحسن التدبير‏.‏
وصفة العارف أن قلبه مراقب لمعروفه، قائم بين يديه، ناظر بعين اليقين إليه، فقد سرى من بركة معرفته إلى الجوارح ما هذبها‏.‏

فإن نطقت فلم أنطق بغيركم *** وإن سكت فأنتم عقد إضماري
إذا تسلط على العارف أذى أعرض نظره عن السبب ولم ير سوى المسبب فهو في أطيب عيش معه‏.‏
إن سكت تفكر في إقامة حقه وإن نطق تكلم بما يرضيه لا يسكن قلبه إلى زوجة ولا إلى ولد ولا يتشبث بذيل محبة أحد‏.‏
فهذا الذي لا هم عليه في الدنيا ولا غم عنده وقت الرحيل عنها‏.‏
ولا وحشة له في القبر ولا خوف عليه يوم المحشر‏.‏
فأما من عدم المعرفة فإنه معثر لا يزال يضج من البلاء لأنه لا يعرف المبتلي‏.‏
ويستوحش لفقد غرضه لأنه لا يعرف المصلحة‏.‏
ويستأنس بجنسه لأنه لا معرفة بينه وبين ربه‏.‏
ويخاف من الرحيل لأنه لا زاد له ولا معرفة بالطريق‏.‏
وكم من عالم وزاهد لم يرزقا من المعرفة إلا ما رزقه العامي البطال وربما زاد عليهما‏.‏
وكم من عامي رزق منها ما لم يرزقاه مع اجتهادهما‏.‏
وإنما هي مواهب وأقسام‏.‏ ‏"‏ ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء ‏" (http://javascript<b></b>:openquran(4,54,54))‏‏.‏

مقاوم
06-08-2008, 12:21 PM
حلاوة الكفاح في سبيل الحق

بالله عليك يا مرفوع القدر بالتقوى لا تبع عزها بذل المعاصي‏.‏
وصابر عطش الهوى في هجير المشتهى وإن أمض وأرمض‏.‏
فإذا بلغت النهاية من الصبر فاحتكم وقل فهو مقام من لو أقسم على الله لأبره‏.‏
ولولا جد أنس بن النضر في ترك هواه وقد سمعت من آثار عزمته‏:‏ لئن أشهدني الله مشهداً ليرين الله ما أصنع فأقبل يوم أحد يقاتل حتى قتل فلم يعرف إلا ببنانه فلولا هذا العزم ما كان انبساط وجهه يوم حلف والله لا تكسر سن الربيع‏.‏
بالله عليك تذوق حلاوة الكف عن المنهى فإنها شجرة تثمر عز الدنيا‏.‏
وشرف الآخرة‏.‏
ومتى اشتد عطشك إلى ما تهوى فابسط أنامل الرجاء إلى من عنده الري الكامل‏.‏
وقل قد عيل صبر الطبع في سنيه العجاف فعجل لي العام والذي فيه أغاث وأعصر‏.‏
بالله عليك تفكر فيمن قطع أكثر العمر في التقوى والطاعة ثم عرضت له فتنة في الوقت الأخير كيف نطح مركبه الجرف فغرق وقت الصعود‏.‏
أف والله للدنيا لا بل للجنة إن أوجب نيلها إعراض الحبيب‏.‏
إنما نسب العامي باسمه واسم أبيه فأما ذوو الأقدار فالألقاب قبل الأنساب‏.‏
قل لي‏:‏ من أنت وما عملك وإلى أي مقام ارتفع قدرك يا من لا يصبر لحظة عما يشتهي‏.‏
بالله عليك أتدري من الرجل‏.‏
الرجل والله من إذا خلا بما يحب من المحرم وقدر عليه وتقلل عطشاً إليه نظر إلى نظر الحق كأنك لا تترك لنا إلا ما لا تشتهي أو بما لا تصدق الشهوة فيه أو ما لا تقدر عليه‏.‏
‏.‏
كذا والله عادتك إذا تصدقت أعطيت كسرة لا تصلح لك أو في جماعة يمدحونك‏.‏
هيهات والله لا نلت ولايتنا حتى تكون معاملتك لنا خالصة‏.‏
تبذل أطايبك‏.‏
وتترك مشتهياتك وتصبر على مكروهاتك‏.‏
علماً منك تدخر ثوابك لدينا إن كنت معاملاً بأنك أجير وما غربت الشمس‏.‏
فإن كنت محباً رأيت ذلك قليلاً في جنب رضى حبيبك عنك‏.‏
وما كلامنا مع الثالث‏ .‏.‏.‏ ‏!‏‏!‏‏.‏

مقاوم
07-03-2008, 11:26 AM
أسرار الحكمة

رأيت في العقل نوع منازعة للتطلع إلى معرفة جميع حكم الحق عز وجل في حكمه‏.‏
وربما لم يبين له شيء منها - مثل النقض بعد البناء - فيقف متحيراً‏.‏
وربما انتهز الشيطان تلك الفرصة فوسوس إليه‏:‏ أين الحكمة من هذا‏.‏
فقلت له احذر أن تخدع يا مسكين إنه قد ثبت بالدليل القاطع فيما رأيت من إتقان الصنائع مبلغ حكمة الصانع فإن خفي عليك بعض الحكم فلضعف إدراكك‏.‏
ثم ما زالت للملوك أسرار فمن أنت حتى تطلع بضعفك على جميع حكمه؟
يكفيك الجمل وإياك إياك أن تتعرض لما يخفى عليك‏.‏
فإنك بعض موضوعاته وذرة من مصنوعاته‏.‏
فكيف تتحكم على من صدرت عنه‏.‏
ثم قد ثبتت عندك حكمته وحكمه وملكه فأعمل آلتك على قدر قوتك في مطالعة ما يمكن من الحكم فإنه سيورثك الدهش‏.‏
أوغمض عما يخفى عليك فحقيق بذي البصر الضعيف ألا يقاوي نور الشمس‏.‏

مقاوم
08-08-2008, 05:41 AM
سياسة النفس

أعجب الأشياء مجاهدة النفس‏ لأنها تحتاج إلى صناعة عجيبة‏.‏
فإن أقواماً أطلقوها فيما تحب فأوقعتهم فيما كرهوا‏.‏
وإن أقواماً بالغوا في خلافها حتى منعوها حقها وظلموها‏.‏
وأثر ظلمهم لها في تعبداتهم فمنهم من أساء غذاءها فأثر ذلك ضعف بدنها عن إقامة واجبها‏.‏
ومنهم من أفردها في خلوة أثمرت الوحشة من الناس وآلت إلى ترك فرض أو فضل من عيادة مريض أو بر والدة‏.‏
وإنما الحازم من تعلم منه نفسه الجد وحفظ الأصول‏.‏
فإذا فسح لها في مباح لم تتجاسر أن تتعداه‏.‏
فيكون معها كالملك إذا مازح بعض جنده فإنه لا ينبسط إليه الغلام‏.‏
فإن انبسط ذكر هيبة المملكة‏.‏

فكذلك المحقق يعطيها حظها ويستوفي منها ما عليها‏.‏

منال
08-08-2008, 08:59 AM
ليس في الصوت أحب وأجمل عندي من هذا الموضوع

جزاك الله خيرا عمو مقاوم وفقك الله وأنار سبيلك ويسّر عسيرك

مقاوم
08-08-2008, 05:56 PM
ليس في الصوت أحب وأجمل عندي من هذا الموضوع

جزاك الله خيرا عمو مقاوم وفقك الله وأنار سبيلك ويسّر عسيرك
اللهم آمين ...وإياكم أيتها الفاضلة ...
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا.

منال
08-11-2008, 06:25 PM
آمين

بانتظار خواطر أخرى بارك الله بحضرتك

مقاوم
08-12-2008, 12:28 PM
إضاعة الوقت

رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيباً‏.‏
إن طال الليل فبحديث لا ينفع أو بقراءة كتاب فيه غزاة وسمر‏.‏
وإن طال النهار فبالنوم‏.‏
وهم في أطراف النهار على دجلة أو في الأسواق‏.‏
فشبهتهم بالمتحدثين في سفينة وهي تجري بهم وما عندهم خبر‏.‏
ورأيت النادرين قد فهموا معنى الوجود فهم في تعبئة الزاد والتأهب للرحيل‏.‏
إلا أنهم يتفاوتون وسبب تفاوتهم قلة العلم وكثرته بما ينفق في بلد الإقامة‏.‏
فالمتيقظون منهم يتطلعون إلى الأخبار بالنافق هناك، فيستكثرون منه فيزيد ربحهم.
والغافلون منهم يحملون ما اتفق وربما خرجوا لا مع خفير‏.‏
فكم ممن قد قطعت عليه الطريق فبقي مفلساً‏.‏
فالله الله في مواسم العمل‏.‏
والبدار البدار قبل الفوات‏.‏

واستشهدوا العلم واستدلوا الحكمة ونافسوا الزمان وناقشوا النفوس واستظهروا بالزاد‏.‏
فكأن قد حدا الحادي فلم يفهم صوته من وقع مع الندم‏.‏

مقاوم
10-27-2008, 04:50 PM
أنواع التخليط

أضر ما على المريض التخليط وما من أحد إلا وهو مريض بالهوى والحمية هي رأس الدواء‏.‏

والتخليط يديم المرض وتخليط أرباب الآخرة على ضربين‏:

أحدهما‏:‏ تخليط العلماء وهو إما لمخالطة الأضداد كالسلاطين فإنهم يضعفون قوي يقينهم وكلما زادت المخالطة يفقدون دليلهم عند المريدين‏.‏ فإني إذا رأيت طبيبا يخلط ويحميني شككت أو وقفت.

والثاني‏:‏ تخليط الزهاد وقد يكون بمخالطة أرباب الدنيا وقد يكون بحفظ الناموس في إظهار التخشع لاجتلاب محبة العوام‏.‏
فالله الله فإن ناقد الجزاء بصير، والإخلاص في الباطن، والصدق في القلب، ونعم طريق السلامة ستر الحال‏.‏

مقاوم
11-15-2008, 07:33 AM
العلماء العاملون

لقيت مشايخ أحوالهم مختلفة يتفاوتون في مقاديرهم في العلم‏.‏
وكان أنفعهم لي في صحبة العامل منهم بعلمه وإن كان غيره أعلم منه‏.‏
ولقيت جماعة من علماء الحديث يحفظون ويعرفون ولكنهم كانوا يتسامحون بغيبة يخرجونها مخرج جرح وتعديل ويأخذون على قراءة الحديث أجرة ويسرعون بالجواب لئلا ينكسر الجاه وإن وقع خطأ‏.‏
ولقيت عبد الوهاب الأنماطي فكان على قانون السلف لم يسمع في مجلسه غيبة ولا كان يطلب أجراً على سماع الحديث وكنت إذا قرأت عليه أحاديث الرقائق بكى واتصل بكاؤه‏.‏
فكان - وأنا صغير السن حينئذ - يعمل بكاؤه في قلبي ويبني قواعد‏.‏
وكان على سمت المشايخ الذين سمعنا أوصافهم في النقل‏.‏
ولقيت الشيخ أبا منصور الجواليقي فكان كثير الصمت شديد التحري فيما يقول متقناً محققاً‏.‏
وكان كثير الصوم والصمت فانتفعت برؤية هذين الرجلين أكثر من انتفاعي بغيرهما‏.‏
ففهمت من هذه الحالة أن الدليل بالفعل أرشد من الدليل بالقول‏.‏
ورأيت مشايخ كانت لهم خلوات في انبساط ومزاح فراحوا عن القلوب وبدد تفريطهم ما جمعوا من العلم‏.‏
فقل الانتفاع بهم في حياتهم ونسوا بعد مماتهم فلا يكاد أحد أن يلتفت إلى مصنفاتهم‏.‏


فالله الله في العلم بالعمل فإنه الأصل الأكبر‏.‏
والمسكين كل المسكين من ضاع عمره في علم لم يعمل به ففاتته لذات الدنيا وخيرات الآخرة فقدم مفلساً مع قوة الحجة عليه‏.‏

lady hla
11-15-2008, 01:04 PM
.... السلام عليكم .....



... سبحان الله ،، !!


سلامي اليك
lady hla
القدس

مقاوم
11-15-2008, 06:43 PM
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر!

لكن ما الذي دفعك للتسبيح؟

دار الاسلام
11-17-2008, 04:42 PM
العلماء العاملون

لقيت مشايخ أحوالهم مختلفة يتفاوتون في مقاديرهم في العلم‏.‏
وكان أنفعهم لي في صحبة العامل منهم بعلمه وإن كان غيره أعلم منه‏.‏
ولقيت جماعة من علماء الحديث يحفظون ويعرفون ولكنهم كانوا يتسامحون بغيبة يخرجونها مخرج جرح وتعديل ويأخذون على قراءة الحديث أجرة ويسرعون بالجواب لئلا ينكسر الجاه وإن وقع خطأ‏.‏
ولقيت عبد الوهاب الأنماطي فكان على قانون السلف لم يسمع في مجلسه غيبة ولا كان يطلب أجراً على سماع الحديث وكنت إذا قرأت عليه أحاديث الرقائق بكى واتصل بكاؤه‏.‏
فكان - وأنا صغير السن حينئذ - يعمل بكاؤه في قلبي ويبني قواعد‏.‏
وكان على سمت المشايخ الذين سمعنا أوصافهم في النقل‏.‏
ولقيت الشيخ أبا منصور الجواليقي فكان كثير الصمت شديد التحري فيما يقول متقناً محققاً‏.‏
وكان كثير الصوم والصمت فانتفعت برؤية هذين الرجلين أكثر من انتفاعي بغيرهما‏.‏
ففهمت من هذه الحالة أن الدليل بالفعل أرشد من الدليل بالقول‏.‏
ورأيت مشايخ كانت لهم خلوات في انبساط ومزاح فراحوا عن القلوب وبدد تفريطهم ما جمعوا من العلم‏.‏
فقل الانتفاع بهم في حياتهم ونسوا بعد مماتهم فلا يكاد أحد أن يلتفت إلى مصنفاتهم‏.‏



فالله الله في العلم بالعمل فإنه الأصل الأكبر‏.‏
والمسكين كل المسكين من ضاع عمره في علم لم يعمل به ففاتته لذات الدنيا وخيرات الآخرة فقدم مفلساً مع قوة الحجة عليه‏.‏

درر والله ...

منال
11-27-2008, 07:06 PM
استعرت الكتاب أسبوعا فلم أهنأ به- المدة قصيرة- فرجعت للموضوع

بارك الله فيك عمو مقاوم

مقاوم
05-03-2009, 05:56 PM
استعرت الكتاب أسبوعا فلم أهنأ به- المدة قصيرة- فرجعت للموضوع

بارك الله فيك عمو مقاوم
ليتك تعودين يا بنت الأزهر فالموضوع يناديك.

-----------------------------------------
سياسة النفس
تأملت العلم والميل إليه والتشاغل به فإذا هو يقوي القلب قوة تميل به إلى نوع قساوة‏.‏
ولولا قوة القلب وطول الأمل لم يقع التشاغل به‏.‏
فإني أكتب الحديث أرجو أن أرويه وأبتدىء بالتصنيف أرجو أن أتمه فإذا تأملت باب المعاملات قل الأمل ورق القلب وجاءت الدموع وطابت المناجاة وغشيت السكينة وصرت كأني في مقام المراقبة‏.‏
إلا أن العلم أفضل وأقوى حجة وأعلى رتبة وإن حدث منه ما شكوت منه‏.‏
والمعاملة وإن كثرت الفوائد التي أشرت إليها منها فإنها قريبة إلى أحوال الجبان الكسلان الذي قد اقتنع بصلاح نفسه عن هداية غيره وانفرد بعزلته عن اجتذاب الخلق إلى ربهم‏.‏
فالصواب العكوف على العلم مع تلذيع النفس بأسباب المرققات تلذيعاً لا يقدح في كمال التشاغل بالعلم‏.‏
فإني لأكره لنفسي من جهة ضعف قلبي ورقته أن أكثر زيارة القبور وأن أحضر المحتضرين لأن ذلك يؤثر في فكري ويخرجني من حيز المتشاغلين بالعلم إلى مقام الفكر في الموت ولا أنتفع بنفسي مدة‏.‏
وفصل الخطاب في هذا أنه ينبغي أن يقاوم المرض بضده‏.‏
فمن كان قلبه قاسياً شديد القسوة وليس عنده من المراقبة ما يكفه عن الخطأ قاوم ذلك بذكر الموت ومحاضرة المحتضرين‏.‏
فأما من قلبه شديد الرقة فيكفيه ما به بل ينبغي له أن يتشاغل بما ينسيه ذلك لينتفع بعيشه وليفهم ما يفتي به‏.‏
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يمزح ويسابق عائشة رضي الله عنها ويتلطف بنفسه فمن سار سيرته عليه الصلاة والسلام فهم من مضمونها ما قلته من ضرورة التلطف بالنفس‏.‏

مقاوم
06-18-2009, 12:17 PM
ذكر الموت

من أظرف الأشياء إفاقة المحتضر عند موته فإنه ينتبه انتباهاً لا يوصف ويقلق قلقاً لا يحد ويتلهف على زمانه الماضي‏.‏ ويود لو ترك كي يتدارك ما فاته ويصدق في توبته على مقدار يقينه بالموت ويكاد يقتل نفسه قبل موتها بالأسف‏.‏

ولو وجدت ذرة من تلك الأحوال في أوان العافية حصل كل مقصود من العمل بالتقوى‏.‏

فالعاقل من مثّل تلك الساعة وعمل بمقتضى ذلك‏.‏
فإن لم يتهيأ تصوير ذلك على حقيقته تخايله على قدر يقظته‏.‏
فإنه يكف كف الهوى ويبعث على الجد‏.‏
فأما من كانت تلك الساعة نصب عينيه كان كالأسير لها.

كما روي عن حبيب العجمي أنه كان إذا أصبح يقول لامرأته‏:‏ إذا مت اليوم ففلان يغسلني وفلان يحملني‏.‏



وقال معروف* لرجل صل بنا الظهر فقال‏:‏ إن صليت بكم الظهر لم أصل بكم العصر فقال‏:‏ وكأنك تؤمل أن تعيش إلى العصر نعوذ بالله من طول الأمل‏.‏
وذكر رجل رجلاً بين يديه بغيبة فجعل معروف يقول له‏:‏ اذكر القطن إذا وضعوه على عينيك‏.‏


*معروف الكرخي وهو من أكابر الأولياء

منال
08-12-2009, 11:45 AM
ليتك تعودين يا بنت الأزهر فالموضوع يناديك.


عدت!
بارك الله فيك عمو مقاوم.
هلا تكرمت بتثبيت الموضوع فإني أحتاجه دوما خاصة في الأيام المقبلة؛ لرمضان وقبله ما تبقى من شعبان.