no saowt
11-09-2004, 05:03 AM
كم كان حزني وقلقي كبيرين وانا اسمع في الايام الاخيرة كلاما سياسيا يستحضر الحرب الاليمة التي مرت على لبنان وكان ضحيتها الاولى وبكل امتياز الشعب اللبناني بكل طوائفه وشرائحه بدون تمييز في مدى الذل والهوان والخسائر الجسيمة التي اصابت الوطن والناس. ولعل الحزن والقلق ناجمان عن ان البعض لا يكف ولا يشبع من استخدام التنوع الطائفي والمذهبي لإمرار مخططات سياسية محلية او اقليمية او دولية ضاربا بعرض الحائط وجع الشعب اللبناني الذي يدفع كل يوم فاتورة ما ارادها ولا سعى اليها، وانما فرضت عليه قسرا بواسطة العقول المدبرة في الغرف السوداء.
لم يسع المسلمون كطائفة ودين ولا المسيحيون كطائفة ودين ايضا الى الغاء الآخر والقضاء عليه لا خلال الحرب ولا قبلها ولا بعدها، والمسلمون والمسيحيون كانوا وقودا وحطبا لنار اشعلتها قوى التقت مصالحها على تدمير لبنان السبعينات، هذا اللبنان المزدهر الذي شكل “سويسرا الشرق” بمنتجعاته ومستشفياته ومصارفه وجامعاته فحصل ما حصل من احداث كانت نتيجتها انجرار اللبنانيين، احيانا برضاهم واحيانا غصبا عنهم للدخول في اتون الحرب الاليمة.
ان الخطر كل الخطر ليس من المسلمين على المسيحيين او النقيض، بل انه من غياب الوعي الوطني والوحدة الحقيقية والعيش المشترك والتكبر والعنجهية لدى بعض اللبنانيين واللهاث خلف المصالح الشخصية والخاصة والانانية والشهوات للسلطة والمال والابتعاد عن جوهر الدين واسباب عديدة اخرى هي التي مزقت الداخل اللبناني وجعلته فريسة سهلة للطامعين الذين لم يشفقوا على هذا البلد ولا على اهله، فلا “اليسار اللبناني والتقدمي والاشتراكي” كان يمثل المسلمين ولا “اليمين الانعزالي” كان يمثل المسيحيين وهؤلاء واولئك كانوا يمثلون انفسهم والقوى التي تدعمهم وان غلّفوا ممارساتهم واحزابهم بشعارات ورموز اسلامية او مسيحية. فإن ذلك حصل كي يستثيروا الرأي العام ويجروه كالغنم الى مسلخ الحرب.
كفانا متاجرة بالاسلام وبالمسيحية فالاديان ما وجدت الا لخير الناس والمجتمع وابلغ ما قيل في ذلك كلام البابا عندما زار لبنان “ان لبنان هو رسالة في العيش والتسامح بين الاديان لكل العالم” وقول البطريريك الماروني مار نصرالله بطرس صفير لدى استقباله وفدا كشفيا من المسلمين والمسيحيين “ان كل المذاهب والاديان توصل الى الله، وما في كلام البابا والبطريرك من معاني الانفتاح وقبول الآخر واحترام عقائده وكذلك المواقف العديدة لمفتي الجمهورية اللبنانية والامام الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين والسيد محمد حسين فضل الله وآخرين ما برحوا في كل مناسبة يشددون على احترام المسيحيين شركائنا في الوطن وانصافهم واشعارهم بالامن والامان على حاضرهم ومستقبلهم وما يفرح المسلمين يفرحهم وما يضرّ المسلمين يضرّهم.
هذا هو لبنان الحقيقي بأكثريته الساحقة. وما اصوات التطرف والمغالاة الا لأقلية من هنا وهناك تحركها اصابع خفية بالريموت كونترول لاعادة انتاج الفتنة التي هي اشد من القتل، ولن ينجح هؤلاء بعد اليوم بفضل الوعي المتنامي والادراك الواضح للشعب اللبناني ان رسالته هي في العيش المشترك وبناء الدولة اللبنانية الصالحة.
ولعل من المفيد في هذا الاطار الاشارة الى الجهود الكبيرة التي تبذلها جمعيات وشخصيات عديدة في المجتمع المدني اللبناني من اجل تعزيز مفاهيم الوحدة الوطنية والعيش الواحد المشترك وتنمية ثقافة المواطنية الصحيحة. وتلعب مقولة المطران جورج خضر “ان في داخل كل مسلم لبناني شيئا من المسيحية وفي داخل كل مسيحي لبناني شيئا من الاسلام” دورا هاما في ارساء التقارب والحوار وقبول الآخر حيث بلغ الوعي اللبناني في الايام الاخيرة مبلغا لا بأس به تأكدت منه بنفسي في تجربة نادرة في لبنان يجب عرضها على الرأي العام اللبناني للاستفادة منها والاستزادة.
ففي اواخر ايلول وخلال انعقاد المؤتمر السنوي لحركة التسلح الخلقي – مبادرة من اجل التغيير في مقر دير الراهبات الانطونيات في بكفياـ، طلب المشاركون المسلمون من ادارة الدير قاعة لاستعمالها في اقامة الصلوات الخمس على مدى ثلاثة ايام. وقد استجابت الادارة لهذا الطلب مشكورة وامنت قاعة فسيحة داخل الدير مفروشة بالسجاد ومكان للوضوء وكل التسهيلات الممكنة، كي يتسنى للمشاركين المسلمين الصلاة فيها، وكان بين المشاركين ضيوف من مصر وتونس، وصودف ان اول ايام المؤتمر كان يوم الجمعة وقد ادى المشاركون المسلمون صلاة الجمعة بكل اركانها من آذان وخطبتي الجمعة والصلاة والدعاء داخل الدير وشارك في الصلاة الرجال في الصفوف الامامية والنساء في الصفوف الخلفية كما يحدث تماما في اي مسجد مع التزام القواعد الشرعية للصلاة والمصلين.
تركت هذه الصلاة – وكنت مشاركا فيها – في نفسي ونفوس المسلمين اللبنانيين والضيوف العرب ابلغ الاثر، وايضا تركت ابلغ الاثر في نفوس الاصدقاء اللبنانيين المسيحيين الذين شاركونا ايضا فرصا لهذه المناسبة من كل قلوبهم دون مجاملات وبصدق عارم وشديد.
هذا هو لبنان الرسالة، لبنان الحضارة، لبنان التعايش والتنوع واحترام الآخر وقبوله. وعندما نتمكن من بناء لبنان على هذه القواعد الصلبة فلا اعتقد ان مؤامرة من هنا او هناك قادرة على أن تدمّر الوطن وشعبه وهذا يضع اللبنانيين امام مسؤولياتهم الحقيقية التي يجب ان يواجهوها بصلابة الانسان اللبناني. وفي مقدم هذه المسؤوليات بناء لبنان الرسالة وعلى كل لبناني في اي موقع كان ان يبادر الى ذلك ابتداء من الكلمة الطيبة التي تقرّب ولا تبعد وانتهاء بأي دور او نشاط يمكن ان يقوم به لتحقيق هذه الغاية.
نصيحتي للبنانيين ان يتمسكوا ببلدهم ويحافظوا عليه ويبنوا دولة صالحة وعادلة. انها نصيحة لا توازيها اي نصيحة اخرى وعلى الاجيال اللبنانية ان تعرف ان لبنان بضيق مساحته الجغرافية هو اوسع من كل العالم اذا ما عرفنا واحسّنا بناءه.
لم يسع المسلمون كطائفة ودين ولا المسيحيون كطائفة ودين ايضا الى الغاء الآخر والقضاء عليه لا خلال الحرب ولا قبلها ولا بعدها، والمسلمون والمسيحيون كانوا وقودا وحطبا لنار اشعلتها قوى التقت مصالحها على تدمير لبنان السبعينات، هذا اللبنان المزدهر الذي شكل “سويسرا الشرق” بمنتجعاته ومستشفياته ومصارفه وجامعاته فحصل ما حصل من احداث كانت نتيجتها انجرار اللبنانيين، احيانا برضاهم واحيانا غصبا عنهم للدخول في اتون الحرب الاليمة.
ان الخطر كل الخطر ليس من المسلمين على المسيحيين او النقيض، بل انه من غياب الوعي الوطني والوحدة الحقيقية والعيش المشترك والتكبر والعنجهية لدى بعض اللبنانيين واللهاث خلف المصالح الشخصية والخاصة والانانية والشهوات للسلطة والمال والابتعاد عن جوهر الدين واسباب عديدة اخرى هي التي مزقت الداخل اللبناني وجعلته فريسة سهلة للطامعين الذين لم يشفقوا على هذا البلد ولا على اهله، فلا “اليسار اللبناني والتقدمي والاشتراكي” كان يمثل المسلمين ولا “اليمين الانعزالي” كان يمثل المسيحيين وهؤلاء واولئك كانوا يمثلون انفسهم والقوى التي تدعمهم وان غلّفوا ممارساتهم واحزابهم بشعارات ورموز اسلامية او مسيحية. فإن ذلك حصل كي يستثيروا الرأي العام ويجروه كالغنم الى مسلخ الحرب.
كفانا متاجرة بالاسلام وبالمسيحية فالاديان ما وجدت الا لخير الناس والمجتمع وابلغ ما قيل في ذلك كلام البابا عندما زار لبنان “ان لبنان هو رسالة في العيش والتسامح بين الاديان لكل العالم” وقول البطريريك الماروني مار نصرالله بطرس صفير لدى استقباله وفدا كشفيا من المسلمين والمسيحيين “ان كل المذاهب والاديان توصل الى الله، وما في كلام البابا والبطريرك من معاني الانفتاح وقبول الآخر واحترام عقائده وكذلك المواقف العديدة لمفتي الجمهورية اللبنانية والامام الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين والسيد محمد حسين فضل الله وآخرين ما برحوا في كل مناسبة يشددون على احترام المسيحيين شركائنا في الوطن وانصافهم واشعارهم بالامن والامان على حاضرهم ومستقبلهم وما يفرح المسلمين يفرحهم وما يضرّ المسلمين يضرّهم.
هذا هو لبنان الحقيقي بأكثريته الساحقة. وما اصوات التطرف والمغالاة الا لأقلية من هنا وهناك تحركها اصابع خفية بالريموت كونترول لاعادة انتاج الفتنة التي هي اشد من القتل، ولن ينجح هؤلاء بعد اليوم بفضل الوعي المتنامي والادراك الواضح للشعب اللبناني ان رسالته هي في العيش المشترك وبناء الدولة اللبنانية الصالحة.
ولعل من المفيد في هذا الاطار الاشارة الى الجهود الكبيرة التي تبذلها جمعيات وشخصيات عديدة في المجتمع المدني اللبناني من اجل تعزيز مفاهيم الوحدة الوطنية والعيش الواحد المشترك وتنمية ثقافة المواطنية الصحيحة. وتلعب مقولة المطران جورج خضر “ان في داخل كل مسلم لبناني شيئا من المسيحية وفي داخل كل مسيحي لبناني شيئا من الاسلام” دورا هاما في ارساء التقارب والحوار وقبول الآخر حيث بلغ الوعي اللبناني في الايام الاخيرة مبلغا لا بأس به تأكدت منه بنفسي في تجربة نادرة في لبنان يجب عرضها على الرأي العام اللبناني للاستفادة منها والاستزادة.
ففي اواخر ايلول وخلال انعقاد المؤتمر السنوي لحركة التسلح الخلقي – مبادرة من اجل التغيير في مقر دير الراهبات الانطونيات في بكفياـ، طلب المشاركون المسلمون من ادارة الدير قاعة لاستعمالها في اقامة الصلوات الخمس على مدى ثلاثة ايام. وقد استجابت الادارة لهذا الطلب مشكورة وامنت قاعة فسيحة داخل الدير مفروشة بالسجاد ومكان للوضوء وكل التسهيلات الممكنة، كي يتسنى للمشاركين المسلمين الصلاة فيها، وكان بين المشاركين ضيوف من مصر وتونس، وصودف ان اول ايام المؤتمر كان يوم الجمعة وقد ادى المشاركون المسلمون صلاة الجمعة بكل اركانها من آذان وخطبتي الجمعة والصلاة والدعاء داخل الدير وشارك في الصلاة الرجال في الصفوف الامامية والنساء في الصفوف الخلفية كما يحدث تماما في اي مسجد مع التزام القواعد الشرعية للصلاة والمصلين.
تركت هذه الصلاة – وكنت مشاركا فيها – في نفسي ونفوس المسلمين اللبنانيين والضيوف العرب ابلغ الاثر، وايضا تركت ابلغ الاثر في نفوس الاصدقاء اللبنانيين المسيحيين الذين شاركونا ايضا فرصا لهذه المناسبة من كل قلوبهم دون مجاملات وبصدق عارم وشديد.
هذا هو لبنان الرسالة، لبنان الحضارة، لبنان التعايش والتنوع واحترام الآخر وقبوله. وعندما نتمكن من بناء لبنان على هذه القواعد الصلبة فلا اعتقد ان مؤامرة من هنا او هناك قادرة على أن تدمّر الوطن وشعبه وهذا يضع اللبنانيين امام مسؤولياتهم الحقيقية التي يجب ان يواجهوها بصلابة الانسان اللبناني. وفي مقدم هذه المسؤوليات بناء لبنان الرسالة وعلى كل لبناني في اي موقع كان ان يبادر الى ذلك ابتداء من الكلمة الطيبة التي تقرّب ولا تبعد وانتهاء بأي دور او نشاط يمكن ان يقوم به لتحقيق هذه الغاية.
نصيحتي للبنانيين ان يتمسكوا ببلدهم ويحافظوا عليه ويبنوا دولة صالحة وعادلة. انها نصيحة لا توازيها اي نصيحة اخرى وعلى الاجيال اللبنانية ان تعرف ان لبنان بضيق مساحته الجغرافية هو اوسع من كل العالم اذا ما عرفنا واحسّنا بناءه.