منال
11-05-2004, 01:42 PM
الخشوع في الصلاة
(قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون) سورة المؤمنون،آية 1-2
وقال r: "ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة وذلك الدهر كله"
وقال r:"خمس صلوات افترضهن الله تعالى، من احسن وضوءهن وصلاتهن لوقتهن، واتم ركوعهن وخشوعهن كان له عهد على الله ان يغفر له، ومن لم يفعل فليس له عهد على الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه"
ومن الأحاديث الواردة عن رسولنا الكريم r في الطمأنينة في الصلاة: عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال النبي r أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته، قال يا رسول الله، كيف يسرق صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها.
لا يخفى على مسلم اهمية الصلاة في حياته وهي ام العبادات واول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة. ونظراً لأهمية الصلاة فإن الله تعالى استدعى الرسول الكريم r لتبليغه عنها في ليلة الاسراء والمعراج وفي خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله حول حادثة الاسراء قال ان الملك اذا اراد ان يخبر الشعب امراً عادياً ارسل لهم رسالة او اعلمهم عن طريق موظفيه وما شابه اما ان كان الامر خطيرا وهاما فإنه يستدعي صاحب العلاقة شخصيا ليخبره بالأمر ولله المثل الأعلى. فنظراً لأهمية الصلاة استدعى الله تعالى رسوله الكريم r حتى يبلغه بها. وقد فرضت اولاً خمسين صلاة وكلنا يعلم كيف طلب سيدنا موسى عليه السلام من نبينا الكريم r ان يطلب من ربه التخفيف فخففت حتى اصبحت خمساً في العدد وخمسين في الأجر وهذه رحمة من الله تعالى بعباده وفضل منه.فله الحمد والشكر كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه.فلنتفكر وبعضنا يستثقل اداء الفرائض الخمس فليتذكر ما فرض اولاً اي الخمسين ويحمد ربه على التخفيف في العدد فقط وليؤدي حق الله في صلاته حتى يفوز برضى الله ورحمته وحتى يكون من أمة النبي الكريم r،ولا نكون من أمته إلا إذا كنا من أهل القبلة، أي من المصلين.
ولما رأيت من تقصيري في الخشوع في الصلاة وإقامتها بحق أرشدني الله تعالى لكتابة هذه السطور حتى تكون تذكرة لي ولغيري من اخوتي وأخواتي من أبناء هذه الأمة راجية أن تقع في قلوبنا وتعيننا على حسن العبادة وعلى تحري الخشوع في صلواتنا حتى تصبح تامة مقبولة بإذن الله تعالى وفقنا الله جميعا لما فيه خيرنا في الدنيا والآخرة حتى ينطبق علينا قوله تعالى (قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون) ونحشر يوم القيامة مع المؤمنين الخاشعين اللهم آمين. وإني أخاف على نفسي وعلى المسلمين عامة في هذا العصر من النفاق وخاصة في الصلاة ولنعلم ان المنافقون على عهد رسول الله r كانوا يصلون مع المسلمين ولكن صلاتهم كانت نفاقاً بنفاق ونحن لا نريد، والعياذ بالله، أن نكون من المقصودين بقوله تعالى: (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا الى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا، مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلآء ولا إلى هؤلآء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا) (سورة النساء، آية 142-143 ) ولنحرص على أن تكون صلاتنا بعيدة كل البعد عن النفاق ونجعلها عبادة بحق لا عادة يومية فقط، ولنسأل الله تعالى ان يعيننا على الصدق بالقول والعمل وأن نخلص النية بتحري الخشوع وما التوفيق إلا من عند الله العزيز الحكيم. وما هذه السطور إلا بهدف النصح الخالص لوجه الله تعالى فإن أصبت فمن الله عز وجل وإن أخطأت فمن الشيطان ومن نفسي فالله أسأل المغفرة وأسأله أن يعيننا على حسن عبادته وتقواه إنه ولي ذلك والقادر عليه وما توفيقنا إلا بالله العزيز القدير.
كم منا تشغله الحياة الدنيا عن تأدية عباداته حق تأديتها، فترى الواحد منا يقف بين يدي ربه عز وجل وهو يفكر في صفقة لم تتم او ولد غائب او الم في الجسم او دعوة سنلبيها او غذاء عمل او هاتف يرن او خلاف مع احدهم او ينظر في ساعته او يتابع زخارف السقف او السجاد او يصلح هندامه او غيره من مشاغل الدنيا والحياة اليومية هذا مع العلم ان كلاً منا وهو يتحدث مع رئيسه في العمل او وزير او حاكم او حتى يتابع برنامجاً هاماً على التلفزيون ترانا كلنا آذان صاغية وننتقي عباراتنا بتؤدة ونتابع ردة فعل المتلقي لما نقوله ونتحيل الأساليب حتى نسترعي انتباه الشخص المخاطب حتى نترك عنده افضل انطباع عن شخصيتنا. هذا الجهد كله نبذله مع خلق الله ولكن عندما نقف بين يدي خالق الخلق ملك الملوك ترانا ننقر الصلاة كنقر الديك او نردد الآيات لا ندري ماذا قرأنا ولا نعلم أصلينا ثلاث او اربع ركعات، وهل سجدنا مرة او مرتين وهل قرأنا الفاتحة، وهل وهل؟؟ والعيب كله اننا وبكل بساطة لا ندري بين يدي من نقف؟ ولا نستشعر عظمة الخالق الذي نصلي له ونسأله، مع العلم اننا في حالة الضر أو المرض او الحزن ترى الواحد منا مكسور الجناح ذليلاً وهو يسأل ربه ان يشفيه او يرحم ميته او يغفر زلته وقد ينطبق علينا في بعض الأحيان قوله تعالى:(واذا مس الانسان ضر دعانا اليه...) فهلا وقفنا مع انفسنا قليلاً لنستعرض ونستذكر اهمية الصلاة ومعناها الحقيقي حتى تصح صلاتنا ونؤديها بحق لنكون من المقيمي الصلاة فعلاً ونأخذ بها الاجر العظيم لأن ليس للمرء من صلاته إلا ما وعى. كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: "ليس لك من صلاتك الا ما عقلت منها" فكم لنا من صلاتنا يا ترى؟؟؟ وإقامة الصلاة تعني انه ليس بها اعوجاج الشيء أي عدله.
والخشوع لغة تعني استحضار القلب بالفعل، وفي الصلاة تعني أن نستشعر موقفنا بين يدي الله ونستشعر الآيات التي نتلوها بين يديه ونتفكر فيها وفي كل الأقوال والأفعال التي تتكون منها الصلاة. ولعل من أهم ما يجب التفكر به عند القيام لأداء الصلاة والتي تضمن الخشوع فيها بإذن الله هو التفكر في الموت والتفكر بأن هذه الصلاة التي نحن فيها قد تكون آخر صلاة لنا في حياتنا، فإذا استشعرنا هذا الامر لنتخيل كم سنخشع فيها وكم سنتدبر وكم سندعو ربنا بقلب مطمئن وجل راجين المفغرة والرحمة واللطف بنا. وقد جاء في وصية الرسول r لأبي أيوب رضي الله عنه:"إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع" يعني صلاة من يظن أنه لن يصلي غيرها. أعاننا الله تعالى جميعاً لتحري هذا المعنى في كل صلواتنا إنه على كل شيء قدير.
تحدثت كتب السيرة على صاحبها افضل الصلاة والسلام عن صلاة المصطفى r وكيف كان يطيل القيام حتى تتشقق قدماه بأبي هو وأمي وهو الذي غفر الله له ما تقدم وما تأخر وكان يأبى إلا ان يكون عبداً شكوراً.ولنا في سلفنا الصالح القدوة الحسنة. قال عبد الله بن مسعود: أصلي وكأنما ملك الموت آت من وراء ظهري والجنة عن يميني وكأن النار عن شمالي وكأن الصراط منصوب تحت قدمي وكأن عرش الرحمن من أمامي فإذا فرغت من الصلاة لم أدري أمقبولة صلاتي ام لا.وكان زين العابدين بن علي رضي الله عنه يصفر لونه إذا قام للصلاة فلما سئل لماذا؟ قال: أتدرون بين يدي من أقف؟؟؟ وكان شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى اذا دخل في الصلاة ترتعد اعضاؤه حتى يميل يمنة ويسرة. وقال حاتم رحمه الله:" اقوم بالامر، وامشي بالخشية، وادخل بالنية، واكبر بالعظمة، وأقرأ بالترتيل والتفكير، واركع بالخشوع، واسجد بالتواضع، واجلس للتشهد بالتمام، واسلم بالنية، واختمها بالاخلاص لله عز وجل وارجع على نفسي بالخوف أخاف ان لا يقبل مني واحفظه بالجهد الى الموت" هذه نبذة من صلاة السلف الصالح فأين نحن من هذه القدوة وهل صلاتنا تشبه صلاتهم من قريب او بعيد؟ ام هل أصبحت صلاتنا مجرد عادة اعتدنا القيام بها فلا يتجاوز ما نقرأه فيها الحناجر؟ وهل شغلتنا الحياة الدنيا وما فيها عن حسن العبادة؟ وقد رحمنا الله تعالى بحرف في آية في سورة من القرآن رحمة لا يعلمها إلا هو سبحانه فقد قال عبد الله ابن عباس : الحمد لله الذي أنقذنا بحرف عن حرف، قال فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ولم يقل الذين هم في صلاتهم ساهون فمن منا لا يسهو في صلاته . فالسهو في الصلاة وارد ولذا علمنا الرسول الكريم كيف نسجد سجود السهو في الصلاة فتذكروا يرحمكم الله هذا المعنى في صلاتكم.
فمن أراد منا ان يكلم الله تعالى فعليه بالصلاة ومن أراد أن يكلمه الله تعالى فعليه بالقرآن. والعظمة في هذه الصلاة أن الذي يؤديها له حرية اختيار موعد لقاء ربه وقد قيل:
حَسبُ نفسي عِزّاً بأَنيّ َعبدُ يحتفيه بلا مواعيدَ رَبُّ
فسبحان الله رب العالمين الذي وسعت رحمته كل شيء، أنا العبد الفقير الذي لا حول لي ولا قوة أحدد واختار متى ألتقي خالق الخلق ملك الملوك رب السموات والارض؟ فيا لعظمة هذا الخالق العظيم ويا لسخف العباد الذين يتطاولون على ربهم بأن لا يقابلوا سائلاً ويمنعوا خلق الله من الوصول اليهم إلا بعد ألف والف جهد ومئات الوسائط والمعارف والمحاولات. وكم نجتهد لنطلب إذن بمقابلة رئيسنا في العمل أو وزير وهيهات ان يتاح لنا مقابلة الحاكم او ولي الأمر او عالم دين أو حتى أي انسان عادي له بعض المنزلة في عمله ولنفرض جدلاً ان طلب مقابلة أي من الذين تقدموا كانت ممكنة فهل لنا ان نختار نحن متى ينتهي اللقاء أم يكون الموعد محدداً ببضع دقائق فقط ثم يطلب منا الانصراف لأن هذا الشخص او ذاك لديه ارتباطات أخرى فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
لنستعرض معاً الآن مراحل الصلاة ونتمعن في كل منها علنا نعود القلب على حسن الخشوع والتدبر عند أداء الصلوات حتى تكون تامة بإذن الله تعالى . ولنبدأ بالأذان والدعوة الى الصلاة وتكبيرة الاحرام. ماذا يعني نداء المؤذن او تكبيرنا نحن بـ (الله اكبر) الله اكبر تعني ان الله تعالى اكبر من اي شيء نفعله، اكبر من رسالة اكتبها او كتاب أقرأه او صفقة أعقدها او تجارة اديرها او برنامج اتابعه او صناعة اقوم بها والله أكبر من كل شيء ومن اي شيء وأكبر من كل قول او فعل وكان أحد الصحابة وكان حداداً يرمي مطرقته من خلف ظهره اذا سمع المؤذن وهو يهم بان يهوي بها على سندانه، فهل نستشعر عظمة هذه الكلمة (الله أكبر) بهذه الكلمة كان الفاتحون المسلمين يفتحون البلاد في شرق الأرض وغربها، والله أكبر دعوة للتفكر بهذا المعنى العظيم وما ينطوي عليه من عظم الله وعظم قدرته ورحمته ومغفرته وعقابه وجلاله. واذا كانت الآية في سورة الجمعة واضحة بقوله (يا ايها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) وقد أمرنا عز وجل بترك البيع وهو أحب الى النفس من الشراء لأن فيه كسب لنا فقد نشتري ما نحتاجه وما لا نحتاجه اما في البيع فنحن بحاجة له لنكسب رزقنا فإذا كان الامر بترك المهم فمن باب أولى ان نطبقه بما هو أدنى من ذلك من أمور الدنيا ومشاغلها.
ومما يساعدنا في التحضير للصلاة هو الوضوء قبيل دخول وقت الصلاة او بعد الأذان مباشرة حتى نستعد للصلاة. وكما علمنا رسولنا الكريم r، فعلينا ان نردد خلف المؤذن فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فانه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فانها منزلة في الجنة لا تنبغي الا لعبد من عباد الله وارجو ان اكون انا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة. رواه مسلم وهكذا تبدأ بهذه المكرمة من الله تعالى بأن تحل عليك شفاعة الرسول الكريم r في موقف نحن بأمس الحاجة لهذه الشفاعة.وبالوضوء ايضاً تخرج الخطايا لقوله r من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده كما تخرج من تحت أظفاره، رواه مسلم. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي r قال: "ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ او يسبغ الوضوء ثم قال أشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمداً عبده ورسوله إلا فتحت له ابواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء" رواه مسلم. فيا لهذا الاجر العظيم ويا لكرم الله تعالى الذي يجازي هذا الجزاء الكريم بمجرد وضوء أحدنا وقبل أن يبدأ حتى بصلاته. ولا ننسى أن الوقت بين الأذان والإقامة من مواطن استجابة الدعاء فلنغتنم هذا الوقت للدعاء بما شاء الله لنا وللمسلمين عامة عساها تكون ساعة استجابة.
وبمجرد ان ننهي تكبيرة الاحرام دخلنا في حضرة الخالق العظيم، ملك الملوك، رب الأرباب ومما يعين على الخشوع النظر في موضع السجود فاذا دخلنا في الصلاة حرم علينا كل شيء، الكلام والحركة والاكل وغيره وكأنما اجتمعت في فريضة الصلاة اركان الاسلام الخمسة. كيف؟
v اما الشهادة فنرددها في تكبيرة الاحرام
v والصلاة هي كل الحركات التي نقوم بها من تكبير وتلاوة وركوع وسجود وتشهد وتسليم
v والزكاة تتحق ايضا بالصلاة لأن الزكاة ان تعطي من مالك لمستحقيها ونحن عندما نصلي نتصدق بجزء من وقتنا الذي فيه يمكننا ان نكسب رزقنا فهو اذن بطريق غير مباشر زكاة بالوقت والمال.
v والصوم ايضاً لأننا متى ما دخلنا بالصلاة حرم علينا الطعام والشراب وكل ما يحرم على الصائم
v والحج لأننا نتوجه إلى الكعبة المشرفة في صلاتنا وهي قبلة المسلمين وبيت الله الحرام ومحجة الانبياء والرسل مذ خلق الله الارض ومن عليها.
فهل سبق ان خطرت هذه الامور ببالنا عند صلاتنا يا ترى؟
[color=blue]ونبدأ الصلاة بدعاء الاستفتاح كما ورد عن النبي الكريم r وادعية الاستفتاح كثيرة منها:"اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد" ومنها:" وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفا مسلما وما انا من المشركين، ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين وبذلك امرت وانا اول المسلمين" ومنها:"سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك" ولنا ان نعدد من الادعية كلما اعتاد اللسان والقلب على دعاء ما حتى لا يكون ترديد الدعاء عادة وحتى نعي ما نقوله دائما فيبقى القلب حاضرا في الدعاء. ثم نبدأ بفاتحة الكتاب التي لا تصح الصلاة بدونها ونستشعر عظمة هذه السورة التي قال فيها تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فاذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين قال الله عز وجل: حمدني عبدي، واذا قال: الرحمن الرحيم قال الله عز وجل: أثنى علي عبدي، واذا قال : مالك يوم الدين، قال عز وجل: مجدني عبدي، وقال مرة فوض الي عبدي، فاذا قال: اياك نعبد واياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال:اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضآلين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل. سبحانك اللهم على نعمك ورحمتك بعبادك.. ما أعظم نعم الله علينا نحن أمة الاسلام واتباع سيدنا محمد r. فكم منا من يذكر هذا الحديث عند قراءة الفاتحة في كل صلاة؟ وكم منا يتلوها وكأنه يخاطب ربه وكأنه يسمع الرد من رب العزة عليه؟ وتذكر كم مرة نقرأ فيها الفاتحة في كل صلاة واستشعر في كل مرة هذا الحديث يبن العبد وربه واستشعر قوله تعالى هذا لعبدي ولعبدي ما سأل. ما أعظم هذه العبادة وما أعظمك ربنا بهذه النعم التي انعمتها علينا!! فلك الحمد كله ولك الشكر كله.
ثم نقرأ ما تيسر لنا مما نحفظه من كتاب الله من آيات بينات ولا نحدد قراءتنا بالسور القصيرة التي نحفظها منذ طفولتنا لأنها اقصر وهكذا تنتهي الصلاة بوقت أسرع، انما نجتهد في حفظ بعض الآيات من القرآن ونخصص وقتاً لحفظها اسبوعيا او يوميا ثم نرددها في الصلاة حتى نتمكن منها جيداً وهكذا لا نعود اللسان على آيات دون أخرى فلا يعود يخشع القلب لأنها تمر على اللسان بسرعة دون ادراك المعاني او التدبر في الآيات فقد كان r اذا قرأ ومر بآية رحمة سأل الله تعالى الرحمة وان مر بآية عذاب استغفر الله تعالى واذا مر بآية حمد حمده تعالى وهكذا حتى نعين انفسنا على الخشوع علينا ان نتدبر ما نتلوه من آيات القرآن الكريم فيرق القلب وتخشع الجوارح وتدمع العيون وبهذا يحصل الخشوع ان شاء الله تعالى.
يتبع والسلام عليكم
(قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون) سورة المؤمنون،آية 1-2
وقال r: "ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة وذلك الدهر كله"
وقال r:"خمس صلوات افترضهن الله تعالى، من احسن وضوءهن وصلاتهن لوقتهن، واتم ركوعهن وخشوعهن كان له عهد على الله ان يغفر له، ومن لم يفعل فليس له عهد على الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه"
ومن الأحاديث الواردة عن رسولنا الكريم r في الطمأنينة في الصلاة: عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال النبي r أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته، قال يا رسول الله، كيف يسرق صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها.
لا يخفى على مسلم اهمية الصلاة في حياته وهي ام العبادات واول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة. ونظراً لأهمية الصلاة فإن الله تعالى استدعى الرسول الكريم r لتبليغه عنها في ليلة الاسراء والمعراج وفي خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله حول حادثة الاسراء قال ان الملك اذا اراد ان يخبر الشعب امراً عادياً ارسل لهم رسالة او اعلمهم عن طريق موظفيه وما شابه اما ان كان الامر خطيرا وهاما فإنه يستدعي صاحب العلاقة شخصيا ليخبره بالأمر ولله المثل الأعلى. فنظراً لأهمية الصلاة استدعى الله تعالى رسوله الكريم r حتى يبلغه بها. وقد فرضت اولاً خمسين صلاة وكلنا يعلم كيف طلب سيدنا موسى عليه السلام من نبينا الكريم r ان يطلب من ربه التخفيف فخففت حتى اصبحت خمساً في العدد وخمسين في الأجر وهذه رحمة من الله تعالى بعباده وفضل منه.فله الحمد والشكر كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه.فلنتفكر وبعضنا يستثقل اداء الفرائض الخمس فليتذكر ما فرض اولاً اي الخمسين ويحمد ربه على التخفيف في العدد فقط وليؤدي حق الله في صلاته حتى يفوز برضى الله ورحمته وحتى يكون من أمة النبي الكريم r،ولا نكون من أمته إلا إذا كنا من أهل القبلة، أي من المصلين.
ولما رأيت من تقصيري في الخشوع في الصلاة وإقامتها بحق أرشدني الله تعالى لكتابة هذه السطور حتى تكون تذكرة لي ولغيري من اخوتي وأخواتي من أبناء هذه الأمة راجية أن تقع في قلوبنا وتعيننا على حسن العبادة وعلى تحري الخشوع في صلواتنا حتى تصبح تامة مقبولة بإذن الله تعالى وفقنا الله جميعا لما فيه خيرنا في الدنيا والآخرة حتى ينطبق علينا قوله تعالى (قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون) ونحشر يوم القيامة مع المؤمنين الخاشعين اللهم آمين. وإني أخاف على نفسي وعلى المسلمين عامة في هذا العصر من النفاق وخاصة في الصلاة ولنعلم ان المنافقون على عهد رسول الله r كانوا يصلون مع المسلمين ولكن صلاتهم كانت نفاقاً بنفاق ونحن لا نريد، والعياذ بالله، أن نكون من المقصودين بقوله تعالى: (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا الى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا، مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلآء ولا إلى هؤلآء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا) (سورة النساء، آية 142-143 ) ولنحرص على أن تكون صلاتنا بعيدة كل البعد عن النفاق ونجعلها عبادة بحق لا عادة يومية فقط، ولنسأل الله تعالى ان يعيننا على الصدق بالقول والعمل وأن نخلص النية بتحري الخشوع وما التوفيق إلا من عند الله العزيز الحكيم. وما هذه السطور إلا بهدف النصح الخالص لوجه الله تعالى فإن أصبت فمن الله عز وجل وإن أخطأت فمن الشيطان ومن نفسي فالله أسأل المغفرة وأسأله أن يعيننا على حسن عبادته وتقواه إنه ولي ذلك والقادر عليه وما توفيقنا إلا بالله العزيز القدير.
كم منا تشغله الحياة الدنيا عن تأدية عباداته حق تأديتها، فترى الواحد منا يقف بين يدي ربه عز وجل وهو يفكر في صفقة لم تتم او ولد غائب او الم في الجسم او دعوة سنلبيها او غذاء عمل او هاتف يرن او خلاف مع احدهم او ينظر في ساعته او يتابع زخارف السقف او السجاد او يصلح هندامه او غيره من مشاغل الدنيا والحياة اليومية هذا مع العلم ان كلاً منا وهو يتحدث مع رئيسه في العمل او وزير او حاكم او حتى يتابع برنامجاً هاماً على التلفزيون ترانا كلنا آذان صاغية وننتقي عباراتنا بتؤدة ونتابع ردة فعل المتلقي لما نقوله ونتحيل الأساليب حتى نسترعي انتباه الشخص المخاطب حتى نترك عنده افضل انطباع عن شخصيتنا. هذا الجهد كله نبذله مع خلق الله ولكن عندما نقف بين يدي خالق الخلق ملك الملوك ترانا ننقر الصلاة كنقر الديك او نردد الآيات لا ندري ماذا قرأنا ولا نعلم أصلينا ثلاث او اربع ركعات، وهل سجدنا مرة او مرتين وهل قرأنا الفاتحة، وهل وهل؟؟ والعيب كله اننا وبكل بساطة لا ندري بين يدي من نقف؟ ولا نستشعر عظمة الخالق الذي نصلي له ونسأله، مع العلم اننا في حالة الضر أو المرض او الحزن ترى الواحد منا مكسور الجناح ذليلاً وهو يسأل ربه ان يشفيه او يرحم ميته او يغفر زلته وقد ينطبق علينا في بعض الأحيان قوله تعالى:(واذا مس الانسان ضر دعانا اليه...) فهلا وقفنا مع انفسنا قليلاً لنستعرض ونستذكر اهمية الصلاة ومعناها الحقيقي حتى تصح صلاتنا ونؤديها بحق لنكون من المقيمي الصلاة فعلاً ونأخذ بها الاجر العظيم لأن ليس للمرء من صلاته إلا ما وعى. كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: "ليس لك من صلاتك الا ما عقلت منها" فكم لنا من صلاتنا يا ترى؟؟؟ وإقامة الصلاة تعني انه ليس بها اعوجاج الشيء أي عدله.
والخشوع لغة تعني استحضار القلب بالفعل، وفي الصلاة تعني أن نستشعر موقفنا بين يدي الله ونستشعر الآيات التي نتلوها بين يديه ونتفكر فيها وفي كل الأقوال والأفعال التي تتكون منها الصلاة. ولعل من أهم ما يجب التفكر به عند القيام لأداء الصلاة والتي تضمن الخشوع فيها بإذن الله هو التفكر في الموت والتفكر بأن هذه الصلاة التي نحن فيها قد تكون آخر صلاة لنا في حياتنا، فإذا استشعرنا هذا الامر لنتخيل كم سنخشع فيها وكم سنتدبر وكم سندعو ربنا بقلب مطمئن وجل راجين المفغرة والرحمة واللطف بنا. وقد جاء في وصية الرسول r لأبي أيوب رضي الله عنه:"إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع" يعني صلاة من يظن أنه لن يصلي غيرها. أعاننا الله تعالى جميعاً لتحري هذا المعنى في كل صلواتنا إنه على كل شيء قدير.
تحدثت كتب السيرة على صاحبها افضل الصلاة والسلام عن صلاة المصطفى r وكيف كان يطيل القيام حتى تتشقق قدماه بأبي هو وأمي وهو الذي غفر الله له ما تقدم وما تأخر وكان يأبى إلا ان يكون عبداً شكوراً.ولنا في سلفنا الصالح القدوة الحسنة. قال عبد الله بن مسعود: أصلي وكأنما ملك الموت آت من وراء ظهري والجنة عن يميني وكأن النار عن شمالي وكأن الصراط منصوب تحت قدمي وكأن عرش الرحمن من أمامي فإذا فرغت من الصلاة لم أدري أمقبولة صلاتي ام لا.وكان زين العابدين بن علي رضي الله عنه يصفر لونه إذا قام للصلاة فلما سئل لماذا؟ قال: أتدرون بين يدي من أقف؟؟؟ وكان شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى اذا دخل في الصلاة ترتعد اعضاؤه حتى يميل يمنة ويسرة. وقال حاتم رحمه الله:" اقوم بالامر، وامشي بالخشية، وادخل بالنية، واكبر بالعظمة، وأقرأ بالترتيل والتفكير، واركع بالخشوع، واسجد بالتواضع، واجلس للتشهد بالتمام، واسلم بالنية، واختمها بالاخلاص لله عز وجل وارجع على نفسي بالخوف أخاف ان لا يقبل مني واحفظه بالجهد الى الموت" هذه نبذة من صلاة السلف الصالح فأين نحن من هذه القدوة وهل صلاتنا تشبه صلاتهم من قريب او بعيد؟ ام هل أصبحت صلاتنا مجرد عادة اعتدنا القيام بها فلا يتجاوز ما نقرأه فيها الحناجر؟ وهل شغلتنا الحياة الدنيا وما فيها عن حسن العبادة؟ وقد رحمنا الله تعالى بحرف في آية في سورة من القرآن رحمة لا يعلمها إلا هو سبحانه فقد قال عبد الله ابن عباس : الحمد لله الذي أنقذنا بحرف عن حرف، قال فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ولم يقل الذين هم في صلاتهم ساهون فمن منا لا يسهو في صلاته . فالسهو في الصلاة وارد ولذا علمنا الرسول الكريم كيف نسجد سجود السهو في الصلاة فتذكروا يرحمكم الله هذا المعنى في صلاتكم.
فمن أراد منا ان يكلم الله تعالى فعليه بالصلاة ومن أراد أن يكلمه الله تعالى فعليه بالقرآن. والعظمة في هذه الصلاة أن الذي يؤديها له حرية اختيار موعد لقاء ربه وقد قيل:
حَسبُ نفسي عِزّاً بأَنيّ َعبدُ يحتفيه بلا مواعيدَ رَبُّ
فسبحان الله رب العالمين الذي وسعت رحمته كل شيء، أنا العبد الفقير الذي لا حول لي ولا قوة أحدد واختار متى ألتقي خالق الخلق ملك الملوك رب السموات والارض؟ فيا لعظمة هذا الخالق العظيم ويا لسخف العباد الذين يتطاولون على ربهم بأن لا يقابلوا سائلاً ويمنعوا خلق الله من الوصول اليهم إلا بعد ألف والف جهد ومئات الوسائط والمعارف والمحاولات. وكم نجتهد لنطلب إذن بمقابلة رئيسنا في العمل أو وزير وهيهات ان يتاح لنا مقابلة الحاكم او ولي الأمر او عالم دين أو حتى أي انسان عادي له بعض المنزلة في عمله ولنفرض جدلاً ان طلب مقابلة أي من الذين تقدموا كانت ممكنة فهل لنا ان نختار نحن متى ينتهي اللقاء أم يكون الموعد محدداً ببضع دقائق فقط ثم يطلب منا الانصراف لأن هذا الشخص او ذاك لديه ارتباطات أخرى فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
لنستعرض معاً الآن مراحل الصلاة ونتمعن في كل منها علنا نعود القلب على حسن الخشوع والتدبر عند أداء الصلوات حتى تكون تامة بإذن الله تعالى . ولنبدأ بالأذان والدعوة الى الصلاة وتكبيرة الاحرام. ماذا يعني نداء المؤذن او تكبيرنا نحن بـ (الله اكبر) الله اكبر تعني ان الله تعالى اكبر من اي شيء نفعله، اكبر من رسالة اكتبها او كتاب أقرأه او صفقة أعقدها او تجارة اديرها او برنامج اتابعه او صناعة اقوم بها والله أكبر من كل شيء ومن اي شيء وأكبر من كل قول او فعل وكان أحد الصحابة وكان حداداً يرمي مطرقته من خلف ظهره اذا سمع المؤذن وهو يهم بان يهوي بها على سندانه، فهل نستشعر عظمة هذه الكلمة (الله أكبر) بهذه الكلمة كان الفاتحون المسلمين يفتحون البلاد في شرق الأرض وغربها، والله أكبر دعوة للتفكر بهذا المعنى العظيم وما ينطوي عليه من عظم الله وعظم قدرته ورحمته ومغفرته وعقابه وجلاله. واذا كانت الآية في سورة الجمعة واضحة بقوله (يا ايها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) وقد أمرنا عز وجل بترك البيع وهو أحب الى النفس من الشراء لأن فيه كسب لنا فقد نشتري ما نحتاجه وما لا نحتاجه اما في البيع فنحن بحاجة له لنكسب رزقنا فإذا كان الامر بترك المهم فمن باب أولى ان نطبقه بما هو أدنى من ذلك من أمور الدنيا ومشاغلها.
ومما يساعدنا في التحضير للصلاة هو الوضوء قبيل دخول وقت الصلاة او بعد الأذان مباشرة حتى نستعد للصلاة. وكما علمنا رسولنا الكريم r، فعلينا ان نردد خلف المؤذن فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فانه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فانها منزلة في الجنة لا تنبغي الا لعبد من عباد الله وارجو ان اكون انا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة. رواه مسلم وهكذا تبدأ بهذه المكرمة من الله تعالى بأن تحل عليك شفاعة الرسول الكريم r في موقف نحن بأمس الحاجة لهذه الشفاعة.وبالوضوء ايضاً تخرج الخطايا لقوله r من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده كما تخرج من تحت أظفاره، رواه مسلم. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي r قال: "ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ او يسبغ الوضوء ثم قال أشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمداً عبده ورسوله إلا فتحت له ابواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء" رواه مسلم. فيا لهذا الاجر العظيم ويا لكرم الله تعالى الذي يجازي هذا الجزاء الكريم بمجرد وضوء أحدنا وقبل أن يبدأ حتى بصلاته. ولا ننسى أن الوقت بين الأذان والإقامة من مواطن استجابة الدعاء فلنغتنم هذا الوقت للدعاء بما شاء الله لنا وللمسلمين عامة عساها تكون ساعة استجابة.
وبمجرد ان ننهي تكبيرة الاحرام دخلنا في حضرة الخالق العظيم، ملك الملوك، رب الأرباب ومما يعين على الخشوع النظر في موضع السجود فاذا دخلنا في الصلاة حرم علينا كل شيء، الكلام والحركة والاكل وغيره وكأنما اجتمعت في فريضة الصلاة اركان الاسلام الخمسة. كيف؟
v اما الشهادة فنرددها في تكبيرة الاحرام
v والصلاة هي كل الحركات التي نقوم بها من تكبير وتلاوة وركوع وسجود وتشهد وتسليم
v والزكاة تتحق ايضا بالصلاة لأن الزكاة ان تعطي من مالك لمستحقيها ونحن عندما نصلي نتصدق بجزء من وقتنا الذي فيه يمكننا ان نكسب رزقنا فهو اذن بطريق غير مباشر زكاة بالوقت والمال.
v والصوم ايضاً لأننا متى ما دخلنا بالصلاة حرم علينا الطعام والشراب وكل ما يحرم على الصائم
v والحج لأننا نتوجه إلى الكعبة المشرفة في صلاتنا وهي قبلة المسلمين وبيت الله الحرام ومحجة الانبياء والرسل مذ خلق الله الارض ومن عليها.
فهل سبق ان خطرت هذه الامور ببالنا عند صلاتنا يا ترى؟
[color=blue]ونبدأ الصلاة بدعاء الاستفتاح كما ورد عن النبي الكريم r وادعية الاستفتاح كثيرة منها:"اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد" ومنها:" وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفا مسلما وما انا من المشركين، ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين وبذلك امرت وانا اول المسلمين" ومنها:"سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك" ولنا ان نعدد من الادعية كلما اعتاد اللسان والقلب على دعاء ما حتى لا يكون ترديد الدعاء عادة وحتى نعي ما نقوله دائما فيبقى القلب حاضرا في الدعاء. ثم نبدأ بفاتحة الكتاب التي لا تصح الصلاة بدونها ونستشعر عظمة هذه السورة التي قال فيها تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فاذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين قال الله عز وجل: حمدني عبدي، واذا قال: الرحمن الرحيم قال الله عز وجل: أثنى علي عبدي، واذا قال : مالك يوم الدين، قال عز وجل: مجدني عبدي، وقال مرة فوض الي عبدي، فاذا قال: اياك نعبد واياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال:اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضآلين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل. سبحانك اللهم على نعمك ورحمتك بعبادك.. ما أعظم نعم الله علينا نحن أمة الاسلام واتباع سيدنا محمد r. فكم منا من يذكر هذا الحديث عند قراءة الفاتحة في كل صلاة؟ وكم منا يتلوها وكأنه يخاطب ربه وكأنه يسمع الرد من رب العزة عليه؟ وتذكر كم مرة نقرأ فيها الفاتحة في كل صلاة واستشعر في كل مرة هذا الحديث يبن العبد وربه واستشعر قوله تعالى هذا لعبدي ولعبدي ما سأل. ما أعظم هذه العبادة وما أعظمك ربنا بهذه النعم التي انعمتها علينا!! فلك الحمد كله ولك الشكر كله.
ثم نقرأ ما تيسر لنا مما نحفظه من كتاب الله من آيات بينات ولا نحدد قراءتنا بالسور القصيرة التي نحفظها منذ طفولتنا لأنها اقصر وهكذا تنتهي الصلاة بوقت أسرع، انما نجتهد في حفظ بعض الآيات من القرآن ونخصص وقتاً لحفظها اسبوعيا او يوميا ثم نرددها في الصلاة حتى نتمكن منها جيداً وهكذا لا نعود اللسان على آيات دون أخرى فلا يعود يخشع القلب لأنها تمر على اللسان بسرعة دون ادراك المعاني او التدبر في الآيات فقد كان r اذا قرأ ومر بآية رحمة سأل الله تعالى الرحمة وان مر بآية عذاب استغفر الله تعالى واذا مر بآية حمد حمده تعالى وهكذا حتى نعين انفسنا على الخشوع علينا ان نتدبر ما نتلوه من آيات القرآن الكريم فيرق القلب وتخشع الجوارح وتدمع العيون وبهذا يحصل الخشوع ان شاء الله تعالى.
يتبع والسلام عليكم