no saowt
09-17-2004, 03:37 PM
بغداد - مازن غازي - إسلام أون لاين
لم يستطع «صلاح» أن يخفي دهشته عندما وجد رجلاً بشعر أسود وملابس عراقية يفتح باب السيارة التي يعمل هو سائقًا عليها ويدخل إليها مبتسمًا متحدثًا بلكنة أجنبية قائلاً: «ما رأيك في النيولوك الجديد؟!»، ساعتها اكتشف أن الرجل هو نفسه «دومينيك» الصحفي بإحدى الوكالات الأجنبية الذي اعتاد مصاحبته كل يوم في جولته الصحفية في أنحاء بغداد لمتابعة ما يجري من أحداث، أدرك دومينيك ما أصاب صلاح، فشرح له بجملة مختصرة قائلاً: «صبغت شعري باللون الأسود وحاولت أن أبدو عراقيًّا.. تغيير شكلي أفضل من الخطف».
أما «نمير» فهو صحفي عراقي يعمل بوكالة "EFE" الأسبانية، عاد الى عمله بعد إجازة لثلاثة أيام، متوجهاً إلى غرفة الأخبار، حيث يجلس فيها مراسل الوكالة الأسباني «خوسيه»، فوجده بدوره قد غيّر ملامحه بإطلاق شاربه، ولاحظ أنه لم يَعُد يرتدي ذلك العقد الذي يلف رقبته معتبراً إياه تعويذة منذ وصوله إلى العراق قبل ثلاثة أشهر، ولم يكن يرتدي أيضاً بنطلون «الجينز» والـ «تي شرت» الذي اعتاد الأوروبيون على لبسه واستبدل به بنطلونات الكتان والقماش كما يلبس العراقيون.
ابتسم خوسيه لنمير قائلاً: «ألا ترى أن عملنا في العراق أصبح خطرًا ويحتاج إلى مثل هذا التخفي؟».
العباءة.. والدشداشة
والتحول الذي طرأ على «دومينيك» و«خوسيه» طال أيضاً العديد من الصحفيين الأجانب جراء التدهور الأمني في العراق، وشيوع حالات خطف الصحفيين الأجانب العاملين فيه فلجأوا إلى بعض الحيل لتغيير مظهرهم والاقتراب من الملامح الشرقية كـ«احتياطات أمنية».
فهناك بيتر الذي يرتدي الآن«الدشداشة والعقال» في كل تحركاته حتى يسهل عليه إخفاء ملامح وجهه القوقازي، وكذلك يفعل زميله «أوك تان» ذو الملامح الكورية الواضحة، أما «جانفيف» الصحفية الفرنسية فقد قررت هي الأخرى أن ترتدي العباءة وأن تضع على رأسها غطاء تسميه العراقيات «الفوطة»، مثلها مثل الكثيرات من الصحفيات الفرنسيات.
وزاد بشكل لافت من يلجأ لأساليب التخفي هذه من الصحفيين الأجانب بعد اختطاف الصحفي الإيطالي «أنزو بالدوني» وقتله في آب الماضي من قبل مجموعة «الجيش الإسلامي في العراق». وهي الواقعة التي تبعها بعد أيام خطف الصحفيين الفرنسيين «كرستيان شينو وجورج مالبرونو» من قبل المجموعة نفسها.
ولم تقتصر التعديلات التي يدخلها الصحفيون على مظهرهم الخارجي، بل امتدت أيضاً لتطال كل ما يشير إلى طبيعة عملهم. وهكذا، لم يَعُد أحد منهم تقريبًا يضع ملصقاً مكتوباً عليه عبارة «صحافة» على زجاج سيارته الخاصة لتنقلاته، كما كان شائعًا في العام الأول من الاحتلال الأمريكي للعراق.
وإمعاناً في التخفي، يفضل غالبية الصحفيين ومراسلو الوكالات العاملون في العراق عدم استخدام السيارات التي أدخلوها معهم إلى العراق، واستئجار سيارات وسائقين عراقيين أثناء تجوالهم ومتابعتهم للأحداث.
السلامة قبل التغطية الصحفية
قسم كبير من الصحفيين الأجانب فضّل الاستعانة بمندوبين عراقيين يتم إرسالهم إلى مواقع الأحداث والمؤتمرات والعودة إليهم باللقاءات والمشاهدات الميدانية، فيقوم الصحفي الأجنبي بدوره بصياغة الخبر أو التقرير وإرساله إلى الجهة التي يتعامل معها، حتى تكون حركته في أضيق الحدود ضماناً لأمنه وسلامته. كما بدأ الصحفيون الأجانب في بغداد يتركون الفنادق ذات الخمسة نجوم التي اعتادوا السكن فيها منذ الأيام الأولى للحرب على العراق في آذار 2003، وعمد أغلبهم إلى استئجار سكن مستقل في أحياء العاصمة الهادئة الراقية بحيث تتاح لهم حرية الحركة والتنقل بعيدًا عن احتمال رصد تحركاتهم، خصوصًا بعد أن تعرضت عدة فنادق إلى هجمات مدمرة كفندق «جبل لبنان»، وفندق «بغداد» بجانب استهداف فندق «شيراتون» بالهجمات الصاروخية لمرات عدة.
نظرة عراقية
ورغم هذه الاحتياطات العديدة، يرى «أبو إبراهيم» (سائق سيارة عراقي يعمل بمكتب وكالة الأنباء الفرنسية) أن هذه الاحتياطات تكاد تكون «مفضوحة» -على حد تعبيره- بالنسبة لرجل الشارع العراقي بسبب التباين الكبير بين الملامح الغربية والملامح العربية، وخصوصاً بالنسبة للشرق آسيويين، كما أن توقف السياحة في العراق لسنين طويلة وعدم اعتياد العراقي على مشاهدة الأجانب جعله يتنبه سريعاً إلى سلوك أو هيئة الأغراب بسهولة.
ويضيف أبو إبراهيم: أحيانًا وأثناء جولاتي مع الصحفيّة «أنخليس» التي بدأت حريصة على لبس الجلباب وغطاء الرأس، يقترب منا بعض الفضوليين بعد أن يلاحظوا أنها تتكلم بلغة غير عربية ليسألوا عن جنسيتها، ولعدم علمي بنياتهم أرد عليهم قائلاً: «إنهم زوار إيرانيون».
لم يستطع «صلاح» أن يخفي دهشته عندما وجد رجلاً بشعر أسود وملابس عراقية يفتح باب السيارة التي يعمل هو سائقًا عليها ويدخل إليها مبتسمًا متحدثًا بلكنة أجنبية قائلاً: «ما رأيك في النيولوك الجديد؟!»، ساعتها اكتشف أن الرجل هو نفسه «دومينيك» الصحفي بإحدى الوكالات الأجنبية الذي اعتاد مصاحبته كل يوم في جولته الصحفية في أنحاء بغداد لمتابعة ما يجري من أحداث، أدرك دومينيك ما أصاب صلاح، فشرح له بجملة مختصرة قائلاً: «صبغت شعري باللون الأسود وحاولت أن أبدو عراقيًّا.. تغيير شكلي أفضل من الخطف».
أما «نمير» فهو صحفي عراقي يعمل بوكالة "EFE" الأسبانية، عاد الى عمله بعد إجازة لثلاثة أيام، متوجهاً إلى غرفة الأخبار، حيث يجلس فيها مراسل الوكالة الأسباني «خوسيه»، فوجده بدوره قد غيّر ملامحه بإطلاق شاربه، ولاحظ أنه لم يَعُد يرتدي ذلك العقد الذي يلف رقبته معتبراً إياه تعويذة منذ وصوله إلى العراق قبل ثلاثة أشهر، ولم يكن يرتدي أيضاً بنطلون «الجينز» والـ «تي شرت» الذي اعتاد الأوروبيون على لبسه واستبدل به بنطلونات الكتان والقماش كما يلبس العراقيون.
ابتسم خوسيه لنمير قائلاً: «ألا ترى أن عملنا في العراق أصبح خطرًا ويحتاج إلى مثل هذا التخفي؟».
العباءة.. والدشداشة
والتحول الذي طرأ على «دومينيك» و«خوسيه» طال أيضاً العديد من الصحفيين الأجانب جراء التدهور الأمني في العراق، وشيوع حالات خطف الصحفيين الأجانب العاملين فيه فلجأوا إلى بعض الحيل لتغيير مظهرهم والاقتراب من الملامح الشرقية كـ«احتياطات أمنية».
فهناك بيتر الذي يرتدي الآن«الدشداشة والعقال» في كل تحركاته حتى يسهل عليه إخفاء ملامح وجهه القوقازي، وكذلك يفعل زميله «أوك تان» ذو الملامح الكورية الواضحة، أما «جانفيف» الصحفية الفرنسية فقد قررت هي الأخرى أن ترتدي العباءة وأن تضع على رأسها غطاء تسميه العراقيات «الفوطة»، مثلها مثل الكثيرات من الصحفيات الفرنسيات.
وزاد بشكل لافت من يلجأ لأساليب التخفي هذه من الصحفيين الأجانب بعد اختطاف الصحفي الإيطالي «أنزو بالدوني» وقتله في آب الماضي من قبل مجموعة «الجيش الإسلامي في العراق». وهي الواقعة التي تبعها بعد أيام خطف الصحفيين الفرنسيين «كرستيان شينو وجورج مالبرونو» من قبل المجموعة نفسها.
ولم تقتصر التعديلات التي يدخلها الصحفيون على مظهرهم الخارجي، بل امتدت أيضاً لتطال كل ما يشير إلى طبيعة عملهم. وهكذا، لم يَعُد أحد منهم تقريبًا يضع ملصقاً مكتوباً عليه عبارة «صحافة» على زجاج سيارته الخاصة لتنقلاته، كما كان شائعًا في العام الأول من الاحتلال الأمريكي للعراق.
وإمعاناً في التخفي، يفضل غالبية الصحفيين ومراسلو الوكالات العاملون في العراق عدم استخدام السيارات التي أدخلوها معهم إلى العراق، واستئجار سيارات وسائقين عراقيين أثناء تجوالهم ومتابعتهم للأحداث.
السلامة قبل التغطية الصحفية
قسم كبير من الصحفيين الأجانب فضّل الاستعانة بمندوبين عراقيين يتم إرسالهم إلى مواقع الأحداث والمؤتمرات والعودة إليهم باللقاءات والمشاهدات الميدانية، فيقوم الصحفي الأجنبي بدوره بصياغة الخبر أو التقرير وإرساله إلى الجهة التي يتعامل معها، حتى تكون حركته في أضيق الحدود ضماناً لأمنه وسلامته. كما بدأ الصحفيون الأجانب في بغداد يتركون الفنادق ذات الخمسة نجوم التي اعتادوا السكن فيها منذ الأيام الأولى للحرب على العراق في آذار 2003، وعمد أغلبهم إلى استئجار سكن مستقل في أحياء العاصمة الهادئة الراقية بحيث تتاح لهم حرية الحركة والتنقل بعيدًا عن احتمال رصد تحركاتهم، خصوصًا بعد أن تعرضت عدة فنادق إلى هجمات مدمرة كفندق «جبل لبنان»، وفندق «بغداد» بجانب استهداف فندق «شيراتون» بالهجمات الصاروخية لمرات عدة.
نظرة عراقية
ورغم هذه الاحتياطات العديدة، يرى «أبو إبراهيم» (سائق سيارة عراقي يعمل بمكتب وكالة الأنباء الفرنسية) أن هذه الاحتياطات تكاد تكون «مفضوحة» -على حد تعبيره- بالنسبة لرجل الشارع العراقي بسبب التباين الكبير بين الملامح الغربية والملامح العربية، وخصوصاً بالنسبة للشرق آسيويين، كما أن توقف السياحة في العراق لسنين طويلة وعدم اعتياد العراقي على مشاهدة الأجانب جعله يتنبه سريعاً إلى سلوك أو هيئة الأغراب بسهولة.
ويضيف أبو إبراهيم: أحيانًا وأثناء جولاتي مع الصحفيّة «أنخليس» التي بدأت حريصة على لبس الجلباب وغطاء الرأس، يقترب منا بعض الفضوليين بعد أن يلاحظوا أنها تتكلم بلغة غير عربية ليسألوا عن جنسيتها، ولعدم علمي بنياتهم أرد عليهم قائلاً: «إنهم زوار إيرانيون».