مشاهدة النسخة كاملة : يوميّات واحد ... ُمتأمل ...!!!
المتأمل
08-13-2004, 08:35 PM
.....
لمّا عديت الأربعين عام ُرحت أتأمل حياتي الماضية كلها بخيرها وشرها ، بحلوها وُمرّها وشفت كيف أن حياتي فعلاً لم تكن عادية - أو هكذا تصورت - فقد مررت بمواقف وتجارب وقابلت بشر لا يحصل لكل من هب ودب في هذه الدنيا العاجلة المرور بها .. وعلشان لا أطوّل على المستعجلين أقول :
أن الذي يمرّ على المواقف والتجارب والآيات والُسنن الكونية التي يصادفها في حياته وما يتأملها ويتفكر فيها يكون مثل الحمار - لامؤاخذة - يحمل أسفاراً على ظهره تُتعبه ويكون هوّ آخر واحد يستفيد منها ..!!
والتأملات التي سأدونها هنا لن تكون مترابطة أو ذات موضوع واحد ، إنما حاتكون زي السلسة والعقد المليء بأنواع الأحجار الكريمة المختلفة الألوان والأشكال .. وكل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر -حسب التصانيف والظروف - أحط لنفسي فكرة أو موقف تأملته وأحاول أستفيد منه وأفيد من كان له قلب أو ألقىالنظر وهو بصير.. !!
ومن أراد من الأخوة والأخوات القراء والقارئات من أهل الرواقة والتأمل المرور هنا وتسجيل مايراه من تأملات مفيدة له ولغيره فيا أهلاً وسهلاً والبيت راح يكون بيته ، أما أهل الحكم المتعجل على ظاهر الأمور فما أظن فيه داعي يوجعوا عقولهم ولا أبصارهم بمثل هذه المواضيع ...
ومن الله الباري التوفيق وعليه عزوجل ُكل التُكلان .
مُحبكم : واحد مُتأمل .
المتأمل
08-13-2004, 10:05 PM
عندما أسقطت إحدى زوجاتي جنينها الأول بكيت هيّ وتأثرت كثيراً عليه وكانت تُمني نفسها به شهورا معدودة وقد حاولت أصبّر نفسي ونفسها بقدر الله الحكيم الخبير .. وقد وافق تلك الفترة مروري على قصة سيدنا موسى والخضر عليهما السلام في سورة الكهف .. وكيف أن الله عزوجل يكتب من الأقدار على الناس مايكون في ظاهره شرٌ لهم ، بينما يكون هذا القدر هو خيرٌ محض لهم لم يفقهوه ولم يصبروا عليه فينالوا بصبرهم الأجر على مالايدّ لهم به ولا قدرة لهم على رده ..!!
تعالوا نتأمل القصة بكل إختصار لعلنا نفهم ونُقدّر مايكتبه علينا الباري الحكيم ونترك له الأمور يصرفها كيف يشاء ونحن نحمده على ماجاء منه حتى وإن كان ظاهره خيراً أو غير ذلك :
................................... ............
أقدار الله على المؤمن كلها خير :
................................... ............
أمر الله النبي موسى عليه السلام متابعة الرجل الصالح ( الخضر ) عليه السلام ليعلمه أموراً عظيمة يحتاجها موسى ومن جاء بعده ومنها أن لا أحد أعلم من الله عزوجل وأن علم كل ذي علم هو قطرة لاتذكر من بحر علم الله العليم ..
ولما وجد موسى الخضر عليهما السلام إشترط الخضر على موسى أن لايسأله عن شيء يراه منه إلاّ بعد أن يحدث له منه ذكرا .. لعله يعالج شيئاً من الإستعجال ونفاذ الصبر الذي أبتلي به كثير من الناس ..
وقد كانت بداية أفعال الخضر أمام موسى عجيبة في نظره فكيف يخرق ويعطب السفينة التي تكرم أهلها المساكين باستضافتهما مجاناً بعد أن كانت صالحة وجديدة ؟؟ وتعجل النبي موسى بالحكم على قدر تخريب بسيط بالمركب الجديد كان بسبب عدم معرفته بما يؤول له الحال ، فالمراكب الجديدة الأخرى التي لم يكن بها عطب صادرها الملك الظالم عند وصولها إليه . . فكان القدر السيء ظاهره هو قدر خير ورحمة على أهل السفينة المساكين ..
أما الحادثة الثانية بين الخضر وموسى عليه السلام فكانت أعظم من أن يصبر عليها أحد .. فكيف يصبر أحد على قتل وموت طفل بريء جميل ونشيط يلعب بين أترابه دون أن يكون هناك أيّ سبب ظاهر يبرر قتله وإزهاق روحه ..؟؟
ونحن عندما نرى بعض الأطفال أو الشباب يصابون بأمراض السرطان أو يقضوا بحوادث الطرق نستغرب كيف يقضي الله على زهرة شباب البيوت ونتساءل ماالحكمة من ذلك ؟؟ .. وطرف القصة يحكي لنا كيف أن هذا القدر القاضي بموت هذا الطفل البريء هو قدر خير لوالديه المؤمنين لأن الطفل - لو نشأ عندهم - سيرهقهم ويتعبهم بكفره وطغيانه ، فأبدلهم الله بغيره ليكون باراً بهم وأكثر فائدة وأقرب رُحما ..!!
أما القصة الثالثة بين النبي موسى والخضر عليه السلام والتي أنفذت صبر موسى رغم بساطتها لتتابع الغرائب عليه ، فهي قصة حفظ الله لذرية أحد الصالحين ولماله من الضياع .. فهاهما - موسى والخضر - يمران على قرية يبخل أهلها عليهما بالإستضافة الواجبة ورغم ذلك يتطوع الخضر بإعادة بناء جدار كان على وشك السقوط في هذه القرية البخيلة أهلها ..
وقد كان فعل الخضر ليس من عنده بل هو من أقدار الله الحافظة لذرية رجل صالح ،فلو سقط الجدار لظهر الكنز المخبأ للذرية قبل أوانه وضاع .. ولكنه لن يضيع سواء كان هذا الحفظ جاء بيد الخضر أو بيد أيّ جند من جنود الله الذين لايعلمهم إلاّ هو .. فالحفظ من الله لذرية من يتقي الله حاصلة بكل السُبل فلنتقي الله ربنا ولا نقل إلاّ قولاً سديدا ..
وخلاصة ماجاء في قصة النبي موسى والخضر عليهما السلام هو ما صح في الحديث : { لايقضي الله لمؤمن قضاء إلاّ كان خيراً له }.
فسبحانك ربي ما أعلمك وأحكمك وأرحمك ، وسبحانك ربي ما أجهلنا وأعجلنا ..!!
fakher
08-14-2004, 06:49 AM
يا هلا بأخونا متأمل ...
بالفعل إن لم يتأمل الإنسان حياته ويرى الأحداث التي مر بها ، يحللها ويحاول الاستفادة من جزئياتها ، إن لم يفعل ذلك فهو في حياة عبثية لا قيمة لها.
قد يكون استرجاع بعض المواقف والمنعطفات الهامة في حياة الإنسان دافع قوي على ممارسة حياة مستقبلية تحفها الحكمة والعقلانية.
وأحب أن أقول هنا أننا يجب أن نستذكر دائماً تلك الأحداث التي جعلت من أفكارنا ورؤيتنا في بعض الأمور تنعكس باتجاه آخر لتصل في بعض الأحيان إلى 180 درجة.
صحيح والله سبحانه وتعالى يقول**وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم**
قد يكون القدر ظاهره شر وباطنه خير وربما ما تراه انت تجارب سيئة في الماضي قد تكون دفعة جديدة لك للعمل بما يرضي الله والنجاح وقد تكون المصائب التي تعرضت لها فاتحة خير عليك ولكننا نستعجل الامور ..
من لبنان
08-14-2004, 03:20 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معك حق يا اخي فخر، فاوقات يمر الانسان باحداث تهز وتيرة حياته الرتيبة وتوقظه من الغفلة التي كان يعيش فيها مرتاح البال. وهي ملخصة بهاتين الايتين:
((او من كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها)) (الانعام، 122)
((فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كانما يصعد في السماء)) (الانعام، 125)
فسبحان الله، الهداية الى الاسلام لا تكون للكافر فقط فيؤمن، بل تكون للمسلم ايضا فيؤمن وهذه بالنسبة الي اشد وقعا واقرب نفعا. فسبحان الله هذه الهداية تقلب كل الاهداف في هذه الحياة ويصبح المؤمن كمن كان ميتا فاحياه الله، وهو لم يهبه فقط الحياة بل نورا يمشي به بين الناس. فبعد ان كان ساخطا حزينا يرى الخير عند الاخرين ولا يرى شيئا عنده اصبح عنده نورا من عند الله وهو الفهم الصحيح لحكمة الله في خلقه ولما يدور حوله مما يعطيه اليقين التام بحكمة الله تعالى، فلا يحزن على ما فاته ولا يفرح بما اتاه. ويجعل الله قلبه قلب محب رقيق لطيف على الناس بعد ان كان كالحجارة او اشد قسوة. فيجد القبول اينما ذهب وهذه الامور لا تولد عنده الغرور او الكبر ابدا لانه لا يسعى اليها ولا تهمه حتى فهو يسعى الى رضا من الله ومغفرة ومقام كريم. فرضا الناس لن ينفعه بشيء الا اذا كان يقربه الى الله.
فلندعو الله ان يجعل لنا نورا نمشي به بين الناس ان الله قريب مجيب الدعاء
مظهر العجائب
08-14-2004, 05:26 PM
السلام عليكم
تسجيل متابعة لهذه الكتابات الشيقة ...
8)
المتأمل
08-15-2004, 11:06 AM
أخي الكريم والحبيب فخر ..
شكراً لك على تحيتك الطيبة .. وكلامك الأطيب ، والمواقف التي تجعل الإنسان يقلب توجهاته 180 درجة قليلة ولا تمر على كل شخص منا ... لكنها لبنات بعضها فوق بعض تهذب المسار وتجعله صحيحاً بإذن الله .
تحياتي .
...........
أختي الكريمة وداد ..
صح لسانك وانتي سالمة غانمة .. زي مايقولوا الأعراب عندنا ، ولا فض فوكِ .. زي مايقول النحويين ..
تحياتي .
...........
أخي الكريم ( من لبنان ) ..
الكلام الذي كتبته جميل ومفيد وعميق ، نسأل الله البركة لك في فهمك وعلمك وحياتك .
تحياتي .
..........
أخي الكريم مظهر العجائب ..
لعل متابعتك تكون نتيجتها فائدة وخير ...!!
تحياتي ..
................................... ................................... .....
سماحة العالم الرباني ، وتشدد بعض أفراد الصحوة ..!!
................................... ................................... .....
حضرت قبل سنين عديدة مجلس لقاء بين العلامة بن باز رحمه الله تعالى وخطباء مكة ودعاتها ناقش معهم أوضاع الدعوة والدعاة في هذا البلد الحرام .. وعندما أنتهت كلمة الشيخ بن باز بدأ الشباب الخطباء والدعاة بطرح الأسئلة تلو الأخرى عن مايحاولون إستصداره من فتاوى تفيدهم في مجال أعمالهم .. ووجدت أن معظمها يشتكي من (( جاهلية )) المجتمع المكي ووقوع أهله في البدع والمحظورات الشركية كما يُحب أن يُطلقوا عليها ...!!
لكن الشاهد هنا هو رد فعل الشيخ العلامة بن باز رحمه الله تعالى المتسامح والمرن على تساؤلاتهم بخصوص العزاءات التي يقيمها المكاويين بصفة خاصة والحجازيين بصفة عامة على موتاهم ومايشملها من (( طقوس )) يرى خطباء مكة ودعاتها ( المتعلمين على المذهب والتوجه الفكري النجدي ) أنها بدع لا تصح فعلها ..!!
فقد قام سائل من الدعاة يُحرض الشيخ على الفتوى بتبديع طريقة العزاء هذه بقوله :
طالب العلم - ما رأيكم يا شيخ في بعض الناس الذين يقيمون العزاء على موتاهم في الشوارع بدلاً من البيوت ..؟؟
بن باز - لابأس من ذلك فقد يكون البعض يسكن بشقة سكنية ولا تكفيه لإستقبال المعزين فيها ..
طالب العلم - لكن ياشيخ هؤلاء (( !! )) يحددون موعداً للعزاء يكون عادة بين المغرب والعشاء ..؟؟
بن باز - ليس في ذلك بأس ، فالناس أوقاتهم ضيقة ويصعب عليهم فتح بيوتهم طوال الثلاثة أيام لإستقبال الناس .. ولا بأس في تحديد الموعد الذي يناسبهم لإستقبال العزاء ..
طالب علم آخر - لكنهم ياشيخ يجتمعون للعزاء يرصون الكراسي في الشوارع ويضعون لمبات الإنارة كأنهم في مناسبة أفراح ..؟؟
بن باز - ليس هناك من حرج من وضع إضاءة وإنارة في الظلام في الليل .. ولا بأس في ذلك .
طالب علم آخر - لكن ياشيخ بن باز الشيخ بن عثيمين حفظه الله قال بأن هذه الأمور لا تجوز وأنها من باب النياحة على الموتى ...
بن باز - لم يثبت عندي أيّ نص أو حديث ُيحرّم هذه الأمور ومن وجد مايخالف قولي من نص أو حديث فليقدمه لي لنرى حجته ..
.....
هذه المحاورة التي نقلتها لكم هنا ليست بالنص ولكنها أقرب ماتكون لها .. وقد ظهر فيها كيف أنّ طلبة العلم من خطباء مكة يحاولوا بكل الطرق التشديد على أهالي مكة وتبديعهم وتحريض العلماء بإصدار فتاوى بذلك .. بينما يحاورهم بكل بساطة وسماحة ويرد عليهم العالم الرباني بن باز رحمه الله تعالى كل تحريضاتهم ويفند تبديعاتهم ... بل ويتعامل بكل واقعية ومرونة مع متطلبات الناس واحتياجاتهم دون التضييق عليهم ..
وقد لاحظت فعلاً في تعاملاتي مع كبار الناس وصغارهم ، أن (( الكبير)) في العلم والسن والغنى والمرتبة الوظيفية يكون أكثر تفهماً ومرونة وبساطة في تعاملاته مع الناس والأنظمة والنصوص ..
بينما تجد التعالي ، والتعقيد كل التعقيد ، والتشديد البعيد عن السماحة لا يكون إلاّ من (( الصغير )) في مرتبته الوظيفية ومن حُدثاء السن والعلم والغنى ..
المتأمل
08-31-2004, 10:20 AM
................................... ..............
المال وحده لا يعطي السعادة :
................................... ..............
قبل كام يوم كنت ماشي بسيارتي الجديدة المستأجرة على طريق ريفي في الشمال الساحلي السوري ومعايا الأولاد ومشغلين المكيف ( A.C ) .. واللي فيهم نايم والباقيين طفشانيين ومبوزين .. بوزهم واصل شبرين رغم إننا راجعين من رحلة مافي أحلى منها ..!!
وفي المقابل مرت علينا سيارة وانيت ( بيك آب ) راكبين فيها عيلة سورية ريفية على قد حالها وجالسة الأم على أرضية الصندوق ، والبنات والأولاد صغار وكبار واقفين ومتزاحمين في الصندوق وفي الهواء الطلق والشمس تضرب في وجوههم وتحمّر خدودهم - كمان وكمان - ... لكنهم في حالة فرح وسعادة وتصفيق وغناء كأنهم ملكوا الدنيا ومافيها بركوبهم هالوانيت يمكن لمرة واحدة والا مرتين في حياتهم ...!!
واللي أكثر من كدة العيلة التانية اللي مرت جنبنا وهم راكبين التراكتور ورايحين يتمشوا بيه ... تخيلوا التراكتور اللي ما فيه غير مقعد واحد للسائق .. دبروا نفسهم بقية العيلة علشان يكفيهم ، إللي راكب على الرفرف واللي متشعلق مادري فين .. المهم إنهم راكبين بصعوبة لكن وجوههم مبسوطة وراضية وقانعة ولا كإنهم راكبين أفخم لكزس عندنا ومتفشخرين بيه ..!!
واتذكرت نفس الحالات كنت أشوفها في مصر وفي أندنوسيا تلاقي العيلة إذا حالها ميسور تركب موتر سيكل ( دراجة نارية ) مادري كيف - ماشاءالله - متحاشرين عليها ومكفيتهم حرب وطرب وتحت الشمس والمطر رايحيين وجايين .. لكنهم برضهم مبسوطين ووجوههم تنطق بالسعادة ...
طيب .. ليش نحن الخليجيين ناخذ أولادنا وحريمنا على أحسن المصايف ونركبهم الطيارات وأفخم السيارات وأريحها ، ومانخلي ولا ملاهي إلاّ ونلعبهم فيها بالساعات ، ولا لعبة غالية ولا رخيصة إلاّ ونشتريها لهم علشان يكسروها بعد دقيقتين ... ويبكوا ويبرطموا ولسان حالهم ومقالهم يحكي بكلمة :
- أأأأأأنا طفشاااااان ..؟؟؟؟
أما الحريم - حريمنا - ناكرات الجميل والمعروف .. تلاقي الواحدة بعد عشر سنين زواج صارت كورة مدوّرة من الخير إللي مغرقها فيه زوجها ، والراحة إللي عايشتها مع الخدامات والسائقين وأجهزة الكسل والطبخ الكهربائية ... ومع ذلك تلاقيها تركب جنب زوجها في سيارته المكيفة على آخر موديل لكنها تقول :
- أوووووف حررررااانة وطفشااااانة .....
وتلاقيها لاوية بوزها ومادته شبرين بالعرض والطول ( لزوم حجمها الكبير ماشاءالله ) ..!!
معنى هذه المقارنة بكل بساطة : أن السعادة ليست بتوفر المال والإمكانيات ... لكن السعادة هي :
(( شيء ينبع من الداخل ناتج من القناعة بالموجود والمقدور، والرضى والفرح بكل نعمة وخير يصل للإنسان حتى لو كان صغيراً أو قليلا .. ))
وأظن أن معظم بلاءنا نحن الخليجيين أبآء وأمهات (( جيل الطفش )) أننا تعودنا - من باب الطموح الخاطيء - على النظر لفوقنا ، ولمن هم أحسن حالأً منا .. فأصبحت كل نعمة تأتينا ونعيش مترفين فيها لا قيمة لها في قلوبنا ولا في أحاسيسنا .. طالما أنّ غيرنا يعيش في أحسن منها ...!!
وقد ورد في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجّهنا بقوله العظيم :
"انظروا إلى من أسفل منكم. ولا تنظروا إلى من هو فوقكم. فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله".
................................... ............
الوقفات السابقة لمن يحب الإطلاع عليها كانت بعنوان :
- (( أقدار الله على المؤمن كلها خير ))
- (( سماحة العالم الرباني ، وتشدد بعض أفراد الصحوة ..!! ))
fakher
09-01-2004, 08:58 AM
بالفعل ... القناعة كنز لا يفنى.
حال الخليجين ... حال غريبة عجيبة ، فبين ليلة وضحاها ، أصبحت الخيمة قصراً والجمل GMC والطرقات الصحراوية ... أتوتسترادات على مد عينك ...
هذا التقدم المادية للأسف جاء وبالاً على معظم هذه الشعوب خاصة وأنها كانت عائقاً كبيراً في التقدم الفكري والحضاري.
فاليوم ترى الشاب الخليجي جل همه كيف يركب السيارة ذات الموديل الحديث ويحمل الجوال الحديث ويسمع الأغنية الجديدة ... كل شيء يريده الآن وحالاً والقديم لم يعد له قيمة عنده لا لشيء فقط لقدمه.
وإن سألته ما هي طموحاتك تراها لا تتعدى زواج من ملكة جمال أو نجمة وسيارة آخر موديل وما إلى هنالك من التفاهات.
أما أحلام من سبقونا فكانت فتح بلاد كسرى وقيصر وأرض المنانة والقسطنطينية وتحرير القدس و ألخ.
no saowt
09-01-2004, 02:08 PM
السلام عليكم،
ما شاء الله يا متأمل. تأملات كهل تزيد من روعة المنتدى.
لكن لدي ملاحظة اريد ان اضيفها. انك ركزت في المشاركة الأخيرة بشكل كبير على حال النساء والأطفال. لكنك لم تحلل كل اسباب هذا الطفش.
يا اخي إن اختلاف البيئة مسألة مهمة يتغاضى عنها كل اهل الخليج عندما يسيحون في بلاد الله. هل تذكر الأعرابية التي تزوجها معاوية والتي لم يعجبها كل الذهب في بلد الخليفة وقالت له:
ولبس عباءة وتقر عيني احب إلي من لبس الشفوف
يا اخي مشكلة اهل الخليج انهم ينشدون الراحة في غير مكانها ويبحثون دوماً عما يريده الناس لا ما يريدونه هم او ما يريده الأطفال.
انا لا اعرف كيف تعامل اطفالك واحسبك اب رائع إن شاء الله ولكنني انصحك ان تسألهم إن كانوا في هذه الحالة عما يضايقهم وما الذي يريحهم. إن كانوا يريدون ركب التراكتور فلم لا.
انا من قرية صغيرة في شمال لبنان وكل فترة احب ان اتخلص من غبار المدنية في بيروت فإذهب واعود إلى تراب الأرض وخشونة الجبال كل اجد الراحة. إن في جينات الشعب الخليجي خشونة الصحراء وبرد الواحات الرطب. خذهم إلى مكان يشبه هذه البيئه وسترى انه افضل لهم.
بارك الله في الشيخ بكار زكريا عندما اسس مشروعاً سياحياً لأهل الإمارات في عكار في شمال لبنان وكانوا يفرحون جداً بالسكن في مناطق جبلية بعيدة جداً عن المدنية في طرق خشنة جداً.
اما بالنسبة للنساء فأظن ان الكلام بهذه الطريقة عن الزوجة فيه بعض الحرمة ولا نزايد عليك يا اخي بارك الله بك.
المتأمل
09-03-2004, 05:24 AM
أخي الحبيب فخر ..
وصفك لحال الشعوب الخليجية فيه كثير من الصواب .. وهي ظاهرة فريدة مرت بها المنطقة تؤيد ماجاء عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام : (( .. وترى الحفاة العراة يتطاولون في البنيان .. ))
وهذا من أصدق الوصوف لمايحصل الآن هنا وحول الحرم المكي والنبوي بل في كامل الجزيرة العربية .
تحياتي .
.....
أخي الكريم بلال ..
شكرا لك على ثنائك الطيب ياطيب ، لكن ترى لا تخوّف الشباب والصبايا مني بحكاية الكهولة .. ترى المهم الروح الشبابية ( على قولة مسؤولي المنتخب السعودي بعد هزايمهم بأن المهم هو الروح الرياضية ..!! )
عموما كتابتي هنا ماهي للتفصيل والبحث عن كل الأسباب ومعالجة الظواهر بقدر ماهي نوع من التأمل الرايق لمايمر علينا من أحداث مرور الكرام .
طبعاً حاتلاقي شيء من كلامي هنا فيه نوع من السخرية النقدية لأوضاعنا ، لكني لا أقصد الإستخفاف بالحريم أو الجنس الناعم عموما فهم شقائقنا ومانقوله عنهم يصح علينا أيضاً .
تحياتي .
no saowt
09-03-2004, 02:32 PM
السلام عليكم،
بارك الله بك على الرد يا احي المتأمل. انا افهمك ولكن سبحان الله، النساء تحزن من المزاح احياناً ومن وصية الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ان نكرمهن في حضورهن وفي غيابهن
على فكرة احببت قصة الشيخ ابن باز رحمه الله وجعلنا من تلامذته إن شاء الله. هذه مشكلة الدعاة الشباب، يخنقون الناس بعنفوان الشباب ويريدون من الجميع ان يكونوا بورعهم.
بالنسبة للتأملات، الله يعطيك الف عافية وإن شاء الله نرى افضل وافضل
بدي الفت نظرك اخ متأمل لشيء بس انو التبويز ليس حكرا على المرآة فكثير من النساء هذا العصر يشتكين ان ازواجهن بمجرد دخولهم الا البيت يكشرون و يتذمرون وما بيطيقو حتى اولادهم بحجة ضغوط الشغل وصعوبة المعيشة وغيرها من الاسباب :D لكن في الخارج يحدث العكس
fakher
09-04-2004, 08:27 AM
قد يمارس بعض الرجال التبويز والتكشير ولكن يجب علينا أن نكتشف من هي المرأة التي تدفع بزوجها لذلك :lol:
no saowt
09-04-2004, 02:11 PM
السلام عليكم،
انا اظن ان هذه المرأة هي نفس المرأة التي اعجبته بعد ان دار الدنيا كي يخطب ويتزوج
لماذا يا ترى كانت فتاة احلامه لما كانت في بيت اهلها وصارت هي التي تدفعه للتكشير لما انتقلت إلى داره؟
الله اعلم ولكن لا بد ان السر فيه او فيها او فيهما.
:)
يظهر انكم ما فهمتو كلامي المشكلة هنا في الرجل المكشر دون ان تكون المرأة السبب وهذا يحدث كثيرا
المتأمل
09-05-2004, 03:46 PM
أخي الكريم بلال ...
شكراً لك على اهتمامك ، أحاول دائما أن أقتدي بالحبيب صلى الله عليه وسلم بالرفق بالنساء وبحبهن والتحبب إليهن والدليل على هالشيء تجميعي لثلاث زوجات :D ... لكن هناك حقيقة لا تخفى على أحد حتى النساء وهي أن معظمهن ناكرات للجميل الذي يُقدم لهن من أزواجهن ، وهو ماوصفه الرسول عليه الصلاة والسلام بكونهن : يكفرن العشير .. وهو السبب الذي جعلهن أكثر حطب جهنم ..!!
طبعاً كتاباتي ليست بمعزل عن زوجاتي فأنا أسمح لهن بدخول النت والإطلاع على مافيه .. مع العلم بأني في وقفتي التي أثارت إهتمامكم لم أتكلم فيها عن زوجتي التي كانت معي في الرحلة .. بل عن عموم الزوجات الخليجيات ..
تحياتي .
..............................
أختي الكريمة وداد ...
قد يكون ماتقولينه صحيحاً ، لكن المطلوب من الزوجة أن ترفع مثل هذه الهموم والتكشيرات عن زوجها وبطريقتها الخاصة والمميزة .... وليس العكس ، فرضى الزوج عنها هو المطلوب والواجب شرعاً والذي بسببه قد تدخل أعلى الجنة وقد لا تدخل ... بينما إحسان الرجل لزوجته وحسن معاشرته لها هو من المندوبات والأعمال التي ترفع قدره عند الله عزوجل ..
عموماً لست أدري مالذي جعل كل الملاحظات على هذه الوقفة من التأملات رغم أهمية غيرها ..؟؟
تحياتي .
................................... .................................
دعونا نكون واقعيين المسؤول لايملك عصى سحرية
................................... .............. ..................
كنتُ خارجاً من الحرم المكي الشريف بعد صلاة الجمعة قبل أكثر من عشرين عام ( يعني في بداية الثمانينات ) وسمعت صوت أحد المصلين الخارجين معي يتحدث بصوت جهوري و باللهجة المكاوية المعروفة ، وعندما نظرت إليه بين الزحمة لم يكن سوى وزير الإعلام في تلك الفترة الدكتور محمد عبدة يماني ..
كانت فرصة لي وأنا طالب جامعي متحمس للدين أن يجاوبني على مايحيرني مما أراه من مخالفات شرعية في التلفزيون رغم مانعرفه من خلفية شرعية للدكتور اليماني ..
وتقدمت إليه ببساطة وجرأة وحاورته بعد السلام طبعاً عن ماقرأته من مقابلاته مع جريدة الجزيرة والتي ذكر فيها برنامجه اليومي كاملاً ولم يكن في البرنامج أي وقت لمشاهدة التلفاز له أو لعائلته مع كونه وزيراً للإعلام ..!!
فقال لي بصراحته وصوته الجهوري : ياولدي أنا لا أشاهد التلفاز وقد رباني والدي على ذلك وعلمني أضراره .. فقلت له وأنا مذهول وفرح بمشاركته لي موقفي الشرعي ( حينها طبعاً ) من التلفاز : وكيف تسمح بمثل هذه المخالفات الشرعية وتتحمل وزرها وأنت المسؤول الأول عن الإعلام في البلد ؟؟
جوابه كان مفاجئاً لي : ياولدي لازم تعرف بأن المسؤول - أيّ مسؤول - لايستطيع عمل كل مايريد ولا منع كل مالايريد فكثير من الموانع تأتيه من فوقه ومن تحته تجعله في موقف المُسدد والمقارب فقط في أعماله ..!!
طبعاً ما أخفيكم أنني - في ذلك الوقت - لم يقنعني كلامه ولا عشرة في المائة حتى ، ورميته في نفسي بالتقاعس عن المواقف الصارمة حتى لو كان ذلك يعني تركه الوزارة ..
ومرت علي الأيام والسنين وتخرجت من الجامعة لأسلك في الأعمال الوظيفية الحكومية القيادية ( كرئيس بلدية مثلاً ) ورأيت كيف أنني تسببت بمواقفي الصارمة تجاه بعض المواقف السلبية في محيطي العملي بمحاربة كل الجبهات المسؤولة والشعبية ، الأمر الذي دفع المسؤولين فوقي بالرضوخ للضغوطات و بالتخلص من إدارتي ووضعي على الرف الوظيفي بعيداً عن أي إمكانية لممارسة الإصلاح الذي كنت أنشده ..
لا أقصد طبعاً في هذه الوقفة أن أدافع عن مواقف الدكتور محمد عبدة يماني السابقة ولا اللاحقة ، فكل شاة - كما يقول الحجازيون - معلقة من عرقوبها ، لكنها لفتة تعلمتها متأخراً من تجاربي : أن مالايدرك من الخير كله يجب أن لايترك جُله ، وأن التحمس للدين بإنكار المنكرات الإجتماعية يجب أن يكون مُرشداً وبالضوابط الشرعية وإلاّ نتج عن هذا الغلو في الإنكار أمور أسوأ مماأنكرناه .. ونكون ضيعنا على المجتمع فرص للإصلاح على المدى البعيد ..
وقد ورد في الصحيح عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال { أوغلوا في هذا الدين برفق ، فإنه ماشاد هذا الدين أحد إلاّ غلبه } أو كماقال عليه الصلاة والسلام .
................................... ............
الوقفات السابقة لمن يحب الإطلاع عليها كانت بعنوان :
- (( أقدار الله على المؤمن كلها خير ))
- (( سماحة العالم الرباني ، وتشدد بعض أفراد الصحوة ..!! ))
- (( المال وحده لا يعطي السعادة : ))
المتأمل
09-09-2004, 04:30 PM
................................... ...............
أعمل ما شئت .. فكما تدينُ تُدان :
................................... ...............
ِمن سنين طويلة مضت ( بداية العقد الماضي تقريباً ) ُكنت أعمل في إحدى المرافق الخدمية بالمشاعر المقدسة ، وقد رأيت حينها أموراً عجباً .. لصقت في ذهني وفهمت منها درساً لا ُينسى .. وكان الحدَث الأوّل حين حصلت حادثة نفق المعيصم في منى ومات فيها مئات الحجاج إختناقاً ودهساً ُمعظمهم من النساء والعجائز ..
تم تكليفي يومها بالإشراف على نقل الموتى الُحجاج من تريلات ُمكدسة بالمئات منهم إلى ُمستشفى عرفات ليتم دفنهم هناك .. ولاحظت أن كثيراً من النساء اللواتي ينقلهن الُعمال لم يُكنّ ُمتسترات بالملابس الداخلية تحت ثيابهن ( غفر الله لهن وكتبهن من الشهيدات عنده ) .. حتى إن إحداهن بانت عورتها الُمغلّظة بعدما انكشف ثوبها الوحيد الذي عليها من جرّاء تكديس الُجثث على بعضها البعض في التريلات ..!!
لكن الغريب في الأمر هو ما رأيته من شأن فتاة أظنها لم تتجاوز السابعة عشرة من عمرها ، فقد كانت عند نقلها من تحت الجثث ( وياللعجب ) مازال الحجاب ُيغطي شعرها بالكامل .. بل حتى ثوبها مازال يغطي كل جسمها كأنها واقفة رغم أنها كانت تلبس تحته بيجامة طويلة لأسفل قدميها .. فلم يظهر منها إلاّ كفيها وقدميها ووجهها البريء الخالي من علامات الفزع المعروفة في هذه الحالات ..
ُقلت في نفسي يومها : ُسبحانك ربي ما أعدلك ، النساء اللاتي أهملن حجابهن وتسُترهن في الدنيا لم ُتبالي بما انكشف منهن في موتهن ... والفتاة التي َحَرصت على تضمين حجابها وما يسترها في حياتها .. لم تخذلها في مماتها حتى في أسوأ الظروف فسترتها ولم ُتري منها إلاّ ما سمحت هي به في حياتها ... ُسبحانك ربي ما أعدلك وأعظمك ..
وقد تذكرت حينها تلك الصحابية الجليلة التي أبتلاها الله بالصرع ، فجاءت الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام تطلب منه الدعاء لها بأن لا تتكشف حين تأتيها النوبات .. كانت صادقة في طلبها وتوجهها فصدقها الله وسترها ، حتى في نوبات صرعها لم ينكشف منها شيء ..!!
أمّا الحدث الثاني فقد رأيته بعد حريق ِمنى الشهير الذي أحترقت فيه ألآف الخيّام في ُمسطحات كبيرة لم ينجُ منها شيء .. ومات حينها أيضاً مئات الحجاج .. لكن الشاهد هنا هو ُدكان وسط مئات الدكاكين وألآف الخيام التي أحترقت عن بكرة أبيها .. هذا الُدكان المبني من صاج خفيف وخشب مثل غيره من الدكاكين الُمحيطة به لم يحترق أبداً .. فقد توقفت النار العظيمة الهائلة بأمر من ربها عند حدوده فسلم وسلمت البضاعة التي فيه .. وصاحبه الُمسلم العادي جاء بكل هدوء وطمأنينة بعد إنتهاء الحريق لُيعيد ترتيب بعض البضائع التي تأثرت من الريح أو من ماء الإطفائيات ..!!
ُقلت حينها ُسبحانك ربي ما أعدلك وأرحمك وأعظمك ، وتذكرت ذلك الصحابي الجليل الُمطمئن لحفظ الله له ولبيته بعد ما عوّذ نفسه وأهله وماله صباحاً واستودعهم الله الذي لا تضيع ودائعه قبل خروجه .. وقال لمن جاء ُيحذره ويخبره بأن بيته إحترق : لا .. لم يحترق بيتي فهو في حفظ الله .. وفعلاً رجعوا فوجدوا بيته توقفت عنده النار ولم تدخله أبداً ..!!
لا ُأحب أن أكون في موقف الواعظ ، فأنا أوّل الُمقصرين .. لكنها حقيقة أبدية كونية عادلة َخَلقَ اللهُ الكون عليها تتحدث عن نفسها ويراها ُكل ذي بصيرة في حياته اليومية : وهي ماورد عن الُمصطفى صلى الله عليه وسلّم بأنّ :
" البر لا يبلى والإثم لا ُينسى والديان لا يموت وُكن كما شئت ..... كما تدين ُتدان "
................................... ........
الوقفات السابقة لمن يحب الإطلاع عليها كانت بعنوان :
- (( أقدار الله على المؤمن كلها خير ))
- (( سماحة العالم الرباني ، وتشدد بعض أفراد الصحوة ..!! ))
- (( المال وحده لا يعطي السعادة .. ))
- (( دعونا نكون واقعيين المسؤول لايملك عصى سحرية ))
المتأمل
09-13-2004, 10:42 AM
................................... ........................
كُلما علوتَ بنفسك ، كبُرتَ عن ماحولك ..!!
................................... ........................
- لفتت إنتباهي نبتة في شوارع ماليزيا وحدائقها تُسمى (( بوتس )) أو (( رافيدفوار )) تُباع عندنا في السعودية كنبتة داخلية مشهورة متدلية ومتسلقة .. لكن الذي لفت إنتباهي لها هو مايحصل لها عندما توضع في حالة التسلّق ..
فمجرد مايتجه فرعها للأعلى تنبت أوراقها بشكل أكبر .. ويزداد بشكل مضطرد حتى تصبح أوراقها بحجم أُذن فيل صغير ..!! ، وبالعكس كلما نزل الغصن مُتدلياً للأسفل صغُرت الورقة أصغر فأصغر حتى تصبح بحجم أُذن طفل صغير ، رغم أن المسار السهل للماء والغصن هو للأسفل وليس للأعلى ..!!
- وكُل معماري يعمل في تخطيط المدن يعرف أنّ مُدن العالم كلها عندما تتوسع وتكبُر تلقائياً وعفوياً يكون ذلك في اتجاه الشمال ( يعني للأعلى ) .. ومهما بذل المخططون سيجدوا صعوبات تخطيطية طبيعية تمنعهم من التوسع العمراني نحو الجنوب ( يعني للأسفل ) ...!!
- الأهم من هذا ، أن الناحية الشمالية ( الأعلى ) من أيّ مدينة بالضرورة تكون هي الأكثر تحضراً .. والجزأ الجنوبي منها يكون الأكثر فقراً وتخلفاً عن الحضارة المدنية .. وعلى المقياس الأكبر : نجد أن الكرة الأرضية يقسمها الإقتصاديون إلى قسمين دول الشمال الغنية والصناعية المتحضرة عمرانيا ومدنياً .. ودول الجنوب الفقيرة والمتخلفة صناعياً واقتصادياً ومدنياً ..!!
- والأديان كلها يتفق المتعبدون فيها على رفع الأيدي للسماء ( يعني للأعلى ) ليطلبوا من رب العباد مايزيدهم من خير .. بينما يُجبر الطُغاة والجبابرة الناس على الركوع والإنحناء لهم بتذلل ( وصغار ) ليجعلوهم أصغر في أعين أنفسهم ومن حولهم ..!!
- ومؤشر الأسهم في جداول البورصة والدراسات الإقتصادية ُيشير بالزيادة عندما يرتفع للأعلى ، وعندما ينخفض للأسفل يكون النقصان الذي يسبب الكوارث الإقتصادية ..!!
...............
كثير هي الدلائل والآيات في حياتنا التي تشير بأصبعها للسماء .. فالشجر والبشر والجبال ، كلها تتجه برأسها للأعلى وللسماء .. ولا أظنك ستجد مخلوقاً يتجه برأسه وجسده للأسفل إلا وهو صغير ومحتقر .. !!
- ألا يعني هذا لكل عاقل وبكل بساطة أن رب العباد فوق في السماء ..؟؟؟
- ألا نفهم من هذه الدلائل أن الزيادة والتوسع في الخير لا يكون إلاّ بالتعالي عن الصغائر وعن مافي أيدي الناس ..؟؟
- ألا يفهم ُكل طامح في الدنيا والآخرة بأن لاسبيل لما يطمح إلاّ بـ ( علو ) الهمة والعزيمة ..؟؟
................................... ........
الوقفات السابقة لمن يحب الإطلاع عليها كانت بعنوان :
أقدار الله على المؤمن كلها خير
سماحة العالم الرباني ، وتشدد بعض أفراد الصحوة
المال وحده لا يعطي السعادة
دعونا نكون واقعيين المسؤول لايملك عصى سحرية
أعمل ما شئت .. فكما تدينُ تُدان
__________________
fakher
09-13-2004, 12:55 PM
وقفات تحمل الحكمة في طياتها ...
أخي متأمل ... لاتتوقف عن الكتابة في هذا الموضوع،
قد تكون المرة الأولى في هذا المنتدى الذي أتابع فيه مقالاً بهذا الشكل.
no saowt
09-13-2004, 01:34 PM
السلام عليكم،
ما شاء الله يا اخي كتابة رائعة ولو ان لي بعض الملاحظات.
بالنسبة للمدن فأنا اظن ان القاعدة العامة في المدن القديمة هو الإتجاه للأعلى بسبب بنيانها الأول على اسس تبحث عن ظهر طبيعي يحمي المدينة.
بالنسبة للدلالة على وجود الله فأظن ان اهل السنة والجماعة اجمعوا على تنزيه رب العالمين عن الجهة والتأكيد على السماء والسمو (ليس البعد المكاني طبعاً) وتجد هذا واضحاً في متن الواسطية والطحاوية على حد سواء وفي شروحاتها.
بارك الله بك
المتأمل
09-14-2004, 09:37 AM
أخي الكريم والحبيب فخر ....
حقيقة (( فخر )) لي وللموضوع أن تكون أنت من متابعيه .... سأحاول تكملة مابدأت به والله وحده هو المستعان ..
تحياتي .
.........................
أخي الكريم بلال ..
أشكرك على كلامك الطيب والمفيد ... فعلاً المدن القديمة كان الهاجس الأمني هو الدافع لبناء القلاع والمباني الحكومية في أعالي الجبال ... لكن ما أقصده هو الإمتداد الشمالي العمراني للمدن القديمة والحديثة .. وهو عفوي طبيعي غير مبرر إلا أنه إشارة للرب الذي في السماء ...
نأتي لملاحظتك الثانية وهي موضوع إثبات صفة العلو لله عزوجل .. وهو أمر أثبتته النصوص الشرعية الصحيحة مثل حديث الجارية التي أراد أن يختبر إيمانها الرسول عليه الصلاة والسلام بسؤال بديهي يعرفه كل ذو فطرة سليمة ، وذلك بقوله : أين الله ...؟؟؟ فأشارت الجارية بيدها إلى السماء ... فأقرها الرسول على جوابها وإيمانها بالله .
والسماء هنا ليس فقط تعني السمو .. بل هي دليل إثبات واضح عن العلو المكاني لرب العباد عن مخلوقاته جميعاً وهي صفة نفهم معناها لكننا كأهل السنة والجماعة نفوّض كيفيتها لرب العباد الذي ليس كمثله شيء وهو السميع العليم ...
تحياتي .
no saowt
09-14-2004, 11:28 AM
السلام عليكم،
اخي المتأمل. شكراً لك على الرد.
لكن اهل العقيدة اجمعوا على نفي الجهة. صحيح؟
نحن نثبت ما جاء في القرآن وليس السمو تأويلاً للسماء بل هو التعبير العربي الصحيح والمباشر. لغة السماء هي سمو ومصطلحاً نرمز بها إلى الفضاء الأزرق الذي نراه بين الأرض وغلافها الهوائي المباشر.
كما اريد ان انوه إلى امر ما. افادت الكثير من الأحاديث الصحيحة ان ربنا عز وجل خلق الكثير من العوالم غير عالم الفلك الذي نحن فيه ومنها عالم العرش وعالم الكرسي وعالم السماوات.
بما ان المكان الذي نعرفه بأبعاده الثلاثة وجهاته الست مرتبط فقط بعالم الفلك فلا يجوز ان نطبقه على المخلوقات الأخرى فكيف بالله عز وجل لأن الله كائن قبل خلق المكان والزمان.
بارك الله بك
المتأمل
09-15-2004, 09:53 AM
أخي الكريم بلال ..
أولا : عفواً يا سيدي .. وشكراً لك أنت على تفاعلك الإيجابي دائماً ..
ثانيا : لا لم يُجمع علماء أهل السنة والجماعة على نفي الجهة لله عزوجل ... والخلاف في الأمر قديم بين أهل العلم ، لكن كلام بن تيمية رحمه الله تعالى في الواسطية وغيرها وفي كتاب العلو يقول بأن أهل السنة والجماعة يعرفوا معنى العلو لفظاً لكنهم يفوضوا كيفيتها .. بينما مذهب المفوضة في الأسماء والصفات يفوضون المعنى والكيفية وهذا ليس منهج أهل السنةوالجماعة ..
أما معرفة المخلوقات بأبعاد الفضاء والسماء والفلك فهي محدودة جداً لدرجة مذهلة رغم كبرها في عيوننا ... والذي خلق هذه الأكوان كلها قادر بعظمته أن يجعلها تحته ، ومهما كانت ضخامة الكون كله فهو كما جاء في النص الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أصغر من حلقة بحجم الكف على عتبة كرسي عرش الرحمن عزوجل ..!!
عموماً ليس المكان محل لمناقشة هذه التفاصيل العقدية .. وفي رأيي أن النصوص الشرعية المثبتة لعلو الله عزوجل عن خلقه كثيرة .. ومنها ماسبق وأيضاً : قوله عزوجل (( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور .. ))
تحياتي .
المتأمل
09-15-2004, 12:23 PM
................................... ....
لستَ عليهم بمُسيطر ...!!
................................... ....
قرأت اليوم خبراً في جريدة الحياة يستغربه الكثير على الشعب التركي المسلم ، يقول مُلخص الخبر والذي كان بعنوان : (( نساء تركيا يجبرن حكومتها على إباحة الزنا ..!!!! ))
أنقره - يوسف الشريف الحياة 2004/09/15
( ليس من أجل إطلاق سراح الرهائن في العراق, ولا من أجل المطالبة برفع الأجور, بل ولا حتى من أجل رفع الحظر عن ارتداء الحجاب في المدارس, بل من أجل المطالبة بمنع تجريم الزنا, تجمع الآلاف من النساء من جميع الأعمار والفئات ممثلات لثمانين جمعية نسائية أمام مبنـى البرلمان أمس, وحملن يافطات تطالب برفع الرقابة الجنسية المفروضة على المرأة في تركيا.... ) أنتهى ملخص الخبر .
هذا الخبر والعديد مثله :
- كمشاركة مئات الألآف من الُمساهمين في السعودية لشراء أسهم بنك الرياض عند إكتتابه قبل سنين رغم الحملة الكبيرة التي نظمها العلماء والدعاة وقتها بتحريم المساهمة في البنوك الربوية ..
- وكمساعدة الشعب الحجازي للقوات السعودية حين إقتحام جهيمان وجماعته للحرم المكي الشريف .. وهم متخوفين من الأسلوب والفهم المتشدد للحكم الإسلامي (( الجهيماني )) القادم .
- وكخروج الشعب السوداني بتظاهراته لإسقاط حكومة النميري المدعومة من حزب الترابي الأخواني بعد محاولة حكومة النميري تطبيق بعض أحكام الشريعة على الشعب السوداني الفقير والمنهك إقتصادياً .. وانتهى الأمر حينها بسقوط الحكومة على يد الجيش وتولي البشير سدة الحكم .
- وكخروج المظاهرات الشعبية والطلابية في إيران على محاولة المحافظين من علماء الشيعة تطبيق المظاهر الإسلامية في البلاد ..
- وكانتشار ظاهرة التسابق على حلق اللحى وفتح محلات كاسيتات الأغاني وأجهزة إستقبال القنوات الفضائية وخلع الحجاب الشرعي في أفغانستان بعد سقوط حكومة طالبان المتشددة والمتسرعة في تطبيقها للأحكام الشرعية ..!!
هذه الأمثلة وغيرها لابد من تأملها ومعرفة أن الشعوب لا تساق سوقاً إجبارياً للمباديء الفكرية والأيدولوجية .. فهي قد تنساق ظاهرياً ولسنين وعقود عديدة كما حصل مثلاً في الإتحاد السوفييتي أيام الحكم الشيوعي .. لكن الشعب حينما تمكن من كسر الطوق الحديدي أنقلب على عقبه ورمى نفسه في أحضان الرأسمالية كأنه ينتقم لفترات الكبت الشيوعي السابق .
والغريب أن كل هذه الدروس والعِبّر تمر علينا وعلى الجماعات السياسية الإسلامية وأهل الصحوة ولا من مُعتبر ولا من مراجع لأسلوب هذه الجماعات وأهدافها التي تعمل على إسقاط الحكومات لتطبيق شرع الله على العباد وإنشاء دولة الخلافة كما يتمنون .. ويتمنى كل مسلم ..
وأسلوب الرسول عليه الصلاة والسلام في إنشاء الدولة الإسلامية الأولى لم يكن بهذه الطريقة أبداً .. فهو عمل عليه الصلاة والسلام على تنقية القلوب أولاً من أدرانها .. وربى أفراد المسلمين خلال ثلاثة عشر سنة على الصبر على الأذى مهما عظم ، وزرع في قلوبهم حب الله وتعظيمه بقيام الليل والصيام والأعمال التطوعية .. فلما جاء بالأوامر والنواهي لم يكن ليحتاج لإجبارهم عليها .. بل تسابقوا لتطبيق التشريعات أفراداً وجماعات عند كل أمر أو نهي يأتيهم من السمــــــــــــــــــــــــــاء .. !!
- والمتأمل للنصوص الشرعية ولأفعال أول حاكم مسلم لأول دول إسلامية سيستغرب البون الشاسع بين المفهوم الشرعي لما كان ، وبين ما يعمل له وبه الإسلاميين في عصرنا الحالي ..
فالشرع - كل الشرع نصوصه وسيرته - يوجه المسؤول والداعية إلى الله صغيراً وكبيراً بما وجه به النبي عليه الصلاة والسلام بأن دوره ينتهي بالتبليغ .. وبالتبشير وبالنذير ، وبأنه : ليس عليك هداهم ، ولست عليهم بجبار ، ولست عليهم بمسيطر، وباختياره عليه الصلاة والسلام أن يكون عبداً نبياً وليس ملكاً نبياً .. إلى آخر النصوص والأفعال النبوية التي تُشير بوضوح أن الأصل في الداعية أو المسؤول أن يقوم بمهمة الإبلاغ الشرعي الصحيح ، وأن يغرس في نفوس من حوله حُب الله عزوجل وحُب دينه .. وأن يعلمهم الأحكام الشرعية الواجب تطبيقها .. لينتهي دوره هنا .. فمن إهتدى من الناس وطبق فلنفسه ، ومن أساء فعليها .
....
ولعلنا لو تأملنا ماسبق نعرف أن لاذنب على الشعب التركي ، ولا جريرة تؤخذ على الشعب السوداني ، ولا مؤاخذة على الشعب الأفغاني ، ولا حرج على الشعب السعودي ، حينما لم نستطيع كدعاة إلى الله أن نسوق هذه الشعوب سوقاً لحُب الله وحب شرعه ليطبقوه برغبتهم الخالصة فلا يتركوه عند أول فرصة سانحة ..
لكننا حاولنا للأسف ( كما يحاول كل ذي سلطة قانونية متجبر ) أن نجبرهم على تطبيق الدين وأن نسيطر على أفكارهم وأفعالهم بالقوة ليطبقوا مانراه شرعاً ، فحصل ماحصل ..
المتأمل
09-19-2004, 11:07 AM
................................... .............
كالطير تغدوا خِماصاً وتعود بِطانا :
................................... .............
أحد الأخوة الكرام أرسل لي إيميلاً قصيراً يقول لي فيه : اسعد الله اوقاتك ... احتاج ان تعلمني ما معنى ( قدرك عليك ان تسعى لاختياره .. فان لم يكن فهو سيختارك )؟؟؟؟؟ .. وهو يقصد بكل أدب أن أوضح له معنى مذهبي المدوّن في توقيعي ..
وقد قُلت له :
يعيش الواحد منا في هذه الحياة وهو لايدري ما الذي يخبئه له القدر بعد يوم أو يومين .. بل حتى دقيقة أو دقيقتين .. ونحن البشر في أمرالتعامل مع القدر على صنفين :
الأول : هو الصنف الذي ينطبق عليه المثل المصري ( يابن آدم أجري جري الوحوش غير رزقك لن تحوش ) ، وهذا الصنف من الناس رغم بذله جهوداً كبيرة ليصل لطموحاته ، يبقى متحسراً على مالم يأتيه من رزق وخير ... وتراه ينظر بعين الحسد لما متع الله به غيره من زهرة الحياة الدنيا ولا يرضى بماقسمه الله عليه .. وهذا التصرف هو التطرف المذموم .
والصنف الثاني : هو ذاك النوع المُصاب بالفكر الإرجائي القدري ، وتراه جالساً بكل ( تنبلة ) وتراخي في بيته ينتظر الخير والرزق ليأتيه دون جهد منه أو إجتهاد فيه .. ورغم أن ماكتبه الله على هذا الصنف سيأتيه سواء بذل أم لم يبذل .. لكنه يكون قد فرّط في معتقده ، وفوّت على نفسه أجر الجهد والإجتهاد في الحياة .. كما جاء في وصف الرسول المعلم عليه الصلاة والسلام التوكل الحقيقي بقوله : كالطير تغدوا خماصاً وتجيء بطانا ..
والمسلم الحق - حسب فهمي - هو الذي يكون وسطاً بين هذين الصنفين الُمفرط والُمتطرف .. فرغم إعتقاد المسلم الحق بأن الرزق والقدر المكتوب عليه قادم إليه لا محالة ، لكنك تجده يسعى في حياته لمايطمح إليه من خيري الدنيا والآخرة .. وهو راضي في النهاية بما يقسم له الرزاق الكريم .. وهو ما أعنيه بتوقيعي : قدرك عليك أن تسعى لإختياره .. فإن لم يكن , فهو سيختارك ..!!
................................... ........
الوقفات السابقة لمن يحب الإطلاع عليها كانت بعنوان :
- أقدار الله على المؤمن كلها خير
- سماحة العالم الرباني ، وتشدد بعض أفراد الصحوة
- المال وحده لا يعطي السعادة
- دعونا نكون واقعيين المسؤول لايملك عصى سحرية
- أعمل ما شئت .. فكما تدينُ تُدان
- لست عليهم بمسيطر
المتأمل
09-20-2004, 09:55 AM
................................... .........
قد يكون قدَرَ المُستعجل الَزلل :
................................... .........
مما يُروى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه أوقف فرسه مرة ً عند باب مسجد وقبل أن يدخل لُيصلي استأمن أحد الواقفين عند الباب على فرسه وعلى السرج الذي عليه ... فطمع الرجل المُستأمن على الفرس وسرق سرج الفرس وهرب إلى السوق وباعه هناك ..
ولمّا خرج علي بن ابي طالب رضي الله عنه من المسجد لم يجد الرجل ولا السرج فذهب إلى السوق ليشتري سرجاً آخر حتى يستطيع ركوب الفرس ، وقد أدهشه أن وجد سرج فرسه نفسه معروض للبيع في السوق فسأل صاحب الدكان بكم يبيعه ..؟؟
- فقال البائع : بعشرة دراهم ..
- فقال له علي : وبكم باعك السرج من أحضره لك .. ؟؟
- قال البائع : بخمسة دراهم ..
فاشترى علي كرّم الله وجهه السرج وقال : سبحان الله ، لقد كنت أنوي أن أدفع للرجل السارق خمسة دراهم عند خروجي من المسجد لقاء أمانته .. لكنه أستعجل رزقه وسرق السرج وباعه .. ولو لم يستعجل رزقه بالحرام لأخذه بالحلال .. !!
سبحان الله ، خُلق الإنسان عجولا ..!!
- طبعاً هناك فرق بين الَطمع والُطموح .. وفرق بين الطامـ(ع) الناظر لما عند الناس من زهرة الحياة الدنيا وهو حاسد لهم ، وبين الطامـ(ح) بنفس طيبة ليكون من أحسن الناس مالاً وعيالاً وحالاً .. والفرق بينهما كما بين السماء والأرض في الحال والمأآآل ..
ورغم أن كُل مخلوق لن يحصل له من خير أو شر إلاّ ماكُتب له ، فإن الطامـ(ع) تجد نفسه دائماً قلقة ومضطربة .. وعيناه زائغتان نحو كُل خير يراه عند غيره ، ولن تجده راضياً عن حاله أبداً .. وكل ما سألته عن حاله قال : آآآآآآآآآه الحمدلله الذي لا يُحمد على مكروه سواه ..!! طيب ياسيدي أين النِعم التي أغرقك رب العباد بها وحرم غيرك منها .. لما لا تنظر إليها ..؟؟
أما الطامـ(ح) بنفس طيبة فتجده مُستريح البال ، مُستقرالحال .. راضي بما كتبه الله عليه ، ولو رُزق بعشرة ريالات أو بعشرة ملايين ريال سيكون لسان حاله قبل مقاله : الحمدلله ( هذا من فضل ربي ) ..
وكُلنا نعرف بأن القدر هو كُل ماحصل في الماضي أو سيحصل في المستقبل للمخلوق سواء كان بالخير أو بالشر ، بالحلال أم بالحرام .. وطالما أنه أمر قد حصل فقد أصبح من القدر الماضي ، أما قدر الغيب فلا نعلم ماهيته ولا متى يأتي ..؟؟
ولذلك فإن الشرع الإسلامي يأمرنا أن نسعى لكل خير دنيوي وأخروي بالأسلوب الصحيح والحلال البيّن .. وبعد السعي والإجتهاد لابد أن نترك النتيجة وأمر الحصول عليها على الرزاق الكريم ، الحكيم العليم .. وسواء رُزقنا به أم لم نرزق بما نسعى إليه ، فما يحصل لنا دائماً هو الخير نفسه ..
................................... ........
الوقفات السابقة لمن يحب الإطلاع عليها كانت بعنوان :
- أقدار الله على المؤمن كلها خير
- سماحة العالم الرباني ، وتشدد بعض أفراد الصحوة
- المال وحده لا يعطي السعادة
- دعونا نكون واقعيين المسؤول لايملك عصى سحرية
- أعمل ما شئت .. فكما تدينُ تُدان
- لست عليهم بمسيطر
- كالطير تغدوا خِماصاً وتعود بِطانا
المتأمل
09-23-2004, 09:38 AM
................................... .......................
عقوق الوالدين أو برّهما دين عاجل السداد :
................................... .......................
ركب معي في السيارة أحد المعارف ُهو ووالده قبل عشرين عاماً ، وقد استغربت كيف أن الولد الشاب أدخل والده في المقعد الخلفي وركب هو بجانبي ..!! .. ، لكن الأغرب من ذلك أن محادثة بين الأب وإبنه طالت وتحولت إلى ُمشادة كلامية لم أعرف كيف أوقفها وأنا أقود السيارة بين مكة وجدة .. وتطورت الُمشادة في النهاية برفع الشاب يده عالياً ُمهدداً والده بالضرب إن لم يسكت ...!!
كانت ُمفاجأة كبيرة لي ، وقد علمت فيما بعد أن ذاك الشاب قد تعوّد على هذا العقوق مع والديه وأن هذه المشاجرة التي حدثت أمامي ليست المرة الأولى بين الإبن ووالده ..
ذاك الشاب كُبر الآن واصبح في نهاية الخمسينات من عمره .. وقد تأملت سيرة حياته من يومها وحتى اليوم ، فوجدت كيف أن الرب العادل عزوجل ُيمهل ولا ُيهمل في معظم المعاصي إلاّ في العقوق .. فذاك الشاب المسكين - نسأل الله لنا وله العافية - لم أعرف على مدى العشرين السنة الماضية أمراً دخله إلاّ وكان يتخبط فيه بين الفشل والعجز والخسارات المتتالية ..
زوجة نكدية لا أتمنى مثلها لشارون اللعين ، وعمل ُمهين يطرد منه إلى عمل أحقر منه وأشنع .. حتى عندما جاءه رزق لم يخطر على باله دخل به في أعمال تجارية فخسرها في مدة قصيرة جداً .. وكادت الديون تعصف به وبأسرته وترميهم في الشارع لولا مُساعدة أهل الخير له ولأسرته ، وتكالبت عليه الأمراض المزمنة وهو مازال في ريعان الشباب ..
لكن الأنكى والأعظم في الأمر هو ما جاء يشتكي منه أخيراً بأن ولده الأكبر ( المعروف بهدوءه ) بات يرفع يديه على والده .. وُيهدده بالضرب مثلما كان يفعل الأب في أبيه قبل عشرين عاماً ..!!
ُسبحانك ربي ما أعدلك .. وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال : برّوا أباءكم يبركم أبناءكم ...
والمثل يقول : دقة بدقة ، ولو زدنا لزاد السقّا ..!!
المتأمل
09-25-2004, 12:50 PM
................................... ...............
هل سأكون ُمستريح أو ُمستراح منه :
................................... ...............
مرّت على رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة، فقال - بأبي هو وأمي - :
- ( ُمستريح وُمستراح منه ).
فقال من حوله من الصحابة :
- يا رسول الله، ما المستريح والمستراح منه؟؟؟
فقال من لا يأتي كلامه من باطل ولا من هوى إن هو إلا وحيٌ يُوحى :
- ( العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد، والشجر والدواب).
وعندما أتذكر جنازة العلامة بن باز رحمة الله عليه أقول في نفسي لقد أراحه الله من مواجهة فتن المتطرفين والمتطرفات .. ومن عنت المسؤولين وانحراف القنوات ، فذهبت نفسه المطمئنة بإذن الله لباريها راضية ً مرضية ..
وكثير منا يظن أنه على خير طالما أنه ممن يُكثرون أهل المساجد وحلقات الذكر ... لكن إذا التفت ببصيرة إلى أعماله الباطنة ومايرافق أعماله الظاهرة وجد وساخات يستحي أن يقابل بها الناس الظانين فيه خيراً ، فكيف سيقابل بها رب العباد ..؟؟
وسيجد الناس من حوله : من أولاده ومن أهل بيته ومن جيرانه من سيسعد برحيله من البيت فما بالك بفرحتهم برحيله من الدنيا ...!!! ، فهو يؤذيهم بسوء تعامله وغلظة طباعه وبتلصصه عليهم وبمضايقتهم في عِيشتهم .. ولا يسلم من أذاه الجيران حتى في مواقف سياراتهم ..
فإذا سار بسيارته طار بها فلم يدرك إلاّ وقد داس قطط الشوارع ، إذا لم يكن قد دعم على هذا بسيارته أو حك هذا برفرفه أو أزعج هذا بزمور سيارته ..
وإذا جلس في حلقة ذكر أو حتى مناسبة جنائزية حمّل من حوله في الجلسة ِوزر ِغيبته بالحديث عن فلان الذي أنتكس عن جادة الطريق .. والشيخ الفلاني الذي يتملّق السلطان ويأخذ منه الشرهات ... وزوجة الأمير الفلاني ماذا فعلت وكيف فعلت ..!!
فإذا مات ( تعيس الباطن ) كان بموته هذا قد أراح الناس والدواب ، بل وحتى أهل بيته وأصحابه مما كان يفعله معهم وهو يظن بنفسه خيرا ...
فمن ِمنّا سيكون بموته قد استراح ..؟؟
ومن ِمنّا سيكون بموته قد أراح الناس والشجر والدواب ..؟؟
المتأمل
09-26-2004, 12:49 PM
.........................
ُغربة الروح :
.........................
أرسل لي صاحبي إيميل يقول فيه بعد السلام : (( ... احتاج ان تحدثني عن غربة الروح عن احساس يحتوينا ونحتويه نبحث عن موانىء وشواطىء لحظة تضمنا الغربة بين نبضاتها وبين جوانحها ...علمني ما استطعت عنه .. يسر الله امرك ))
ويقول له المتأمل :
- الغربة أنواع وأنواع .. ورغم أننا نستثقلها على أنفسنا ، فلا أظن فيه أحد على هذه الأرض إلاّ وعايش في نوع من أنواع هاالغربة ، أما إللي عايش بدون ُغربة في حياته فهذا إنسان ُمخه على قده وعايش زي مايقولوا الحجازيين في جنة ُحمار ، لا مؤاخذة ..!!
- والخوف من الغربة يتملك الناس من قديم الزمان .. وُيقال بأن يوسف النبي الصديق عليه السلام لمّا أدركته الوفاة أوصى أن ُيحمل جسده الطاهر إلى موضع مقابر أبيه وجدِّه يعقوب وإسحاق وإبراهيم عليهم السلام ليستأنس بهم بعد موته .
لكن أهل مصر منعوا أولياء يوسف من حمله .. فلمَّا بعث الله موسى عليه السلام وأهلك على يديه فرعون وغيره من الأمم أمره أن يحمل جسد يوسف إلى ُتربة يعقوب عليهما السلام بالشَّام لُيدفن هناك ..
- وحتى لا يأمن الُمسلم لهذه الدنيا الفانية ، نجد الشرع أمرنا أن نعيش فيها كالغرباء أو كأننا عابري سبيل ... بل وأكثر من ذلك : أن نُعد أنفسنا من أهل القبور .. يعني العيش في ُعزلة وغربة ما بعدها ُغربة ..!!
- ولمزيد من تحبيب الشرع للعيش في الغربة وأحوالها يروي لنا النسائي وإبن ماجة رحمهم الله تعالى أنه : توفي رجل بالمدينة ممن ولدوا فيها فصلى عليه رسول الله ( ص ) وقال :
(( ليته مات في غير مولده )) ..!! فقال رجل ولم يا رسول الله فقال :
(( إن الرجل إذا مات غريبا قيس له من مولده إلى منقطع أثره في الجنة .. )) .. يعني كلما مات الإنسان بعيداً عن وطنه زاد أجره ومقداره عند الله .. ُسبحان الله ..!!
- ومن فوائد الغربة النفسية والجسدية : الُعزلة والخلوة عما يكتنف الناس والمحيطين من الصغائر والمشاكل التافهة .. التي يظنونها ُهم كبيرة ولا فيه أكبر منها .. لكن (( المغترب )) عنهم يراها صغيرة وزوبعة في فنجان ... لماذا ..؟؟ .. لأنه يراها من بعيد أو من فوق ، هل تتذكر كيف كنت ترى سهولة حل الكثير من المشاكل المرورية عندما تنظر للشارع من فوق عمارة سكنية ..؟؟
- لكن مافائدة الُغربة النفسية أو الجسدية التي يعيش الواحد فيها إذا لم تكن دافع له للإصلاح ..؟؟ .. (( بعضنا )) يغترب خارج وطنه بدافع (( الإصلاح )) .. ولما تأتيه الفرصة على طبق من ذهب .. تذهب مرؤته وُيثير الفتن ويختلق المشاكل لوطنه بدل أن ُيصلحها ، فيكون هو من يحتاج (( الإصلاح )) للخلل الذي عشعش في دماغه ..!!
وفي رأيي - المتواضع - أنّ المغترب ُروحياً وجسدياً ونفسياً عن من حوله هو أكمل الصوّر لحال الُمصلح لحاله وحال أمته ومجتمعه .. وهذا الحال هو بالضبط الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة هو وأصحابه المهاجرين من مكة ومن كل أنحاء الجزيرة ..
- لكن دائما يكون حال الُمغترب الحق ، المصلح لذاته ولمجتمعه .. قدره أن يكون غير مسموع الصوت في من حوله .. والذين يستمعون له لا يطيعون رأيه السديد .. فقد صح عن النبي العظيم صلى الله عليه وسلم أنه قال : طوبى للغرباء ، قيل : ومن الغرباء يا رسول الله ؟ قال : ناس صالحون قليل في ناس سوء كثير ، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم ...!!