مختلف
07-08-2004, 03:25 AM
الطالب في المدرسة يحلم . يرسم خطة حياته . كلٌ حسب قدراته الذهنية وخبراته المكتسبة والخبراء الذين حوله . يبني مجده المنتظر . يُسَرِّح بخياله في ذلك المستقبل المجهول .
البعض قد تكون شخصيته من النوع القلق . ويكون مصدر قلقه هو الخوف من المجهول ، الخوف من الاحتمالات الأسوأ . وإذا كان ضعيف الموارد - كالمال أوالجاه أوالفرص التي توفرها له دولته - ، فقلقه يتزايد .
صاحب الوظيفة يتمسك بوظيفته بنواجذه . يقاتل غيره من أجل المحافظة عليها . وإن كان ضعيفا ، يرضخ لمطالب من هو أقوى منه للمحافظة عليها . وإن كانت المبادئ والقيم الخيّرة والعقوبة الأخروية لا تهمه ، فإنه سيحاول جمع أكبر قدر ممكن من المكاسب من وظيفته .. أما العقوبة الدنيوية ، فما أسهل من التحايل عليها والالتفاف حولها .
لا أحد يفكر في الموت . وكأن الجميع لا يصدق أن الموت حقيقة .. حقيقة واحدة لها معنى واحد ومفهوم واحد مهما اختلف الزمان أو المكان أو المرجعيات .
ما فائدة الحياة إذا كان الموت هو نهايتها ؟
أين هي السعادة والموت ملتصق بنا كالتصاق الروح بالجسد ؟
كيف تطمئن النفس و الموت يلاحقها ؟
صديق لي كان يدرس معي .. أمنيته كانت أن يتخرج .. حلمه كان أن يساعد أباه وأمه وإخوته الصغار الذين يذهب إليهم كل أسبوع في قريته البعيدة عن موقع دراسته . كان مستقبله الوظيفي ينتظره . كان يقلق كثيرا أيام الاختبارات . ينجح في مواد ، ويرسب في أخرى .. يفرح لنجاحه ، ويواسي نفسه ويكفكف دموع قلبه حزنا على رسوبه ... وفي النهاية ، ذهب وحيدا في إحدى ليالي الخميس إلى قريته ، فاعترضه جمل ، فاصطدم به ، وانقلبت سيارته ، وعُجنت عجنا ، وتوفي فورا .. توفي .. مات .. انتهت قصة حياته .. هكذا .. انتهت المسرحية ..
مراهق من أولاد حارتنا ركب مع زميله . وأركبا معهما مجموعة من أطفال الهوى والمتعة .. بدأ زميله في التفحيط والتسحيب والتنطيل .. وفي لحظة عدم قدرة على التحكم بالسيارة ، اصطدم بقوة بأحد الشاحنات العملاقة المتوقفة .. فتوفي ولد حارتنا على الفور ، وأصيب البقية إصابات بالغة الخطورة .. انتهت قصة حياة المسكين ..
لِمَ الموت ؟
منذ أن كنت طفلا وأنا أسأل نفسي لماذا كتب الله علينا الموت ؟ لم يميتنا الله ؟ .. أتذكر ذلك الموقف الذي كنت أسأل فيه أمي باكيا ومتحسرا : ( ليش نموت يا يُمَّه ؟ .. يعني صحيح كل واحد لازم يموت يا يُمَّه ؟ ) .. كنت أتساءل بجدية في طفولتي .. لماذا يميتنا الله ؟ .. لِمَ لا يجعلنا الله نعيش حياة أبدية ؟ ما الضير في ذلك ؟ .. ولم أجد إجابة في ذلك الوقت ؟
يقول المفكر والطبيب " مصطفى محمود " - متعه الله بالصحة والعافية ، ورحمه الله إن كان قد مات - في كتابه الفلسفي اللطيف " لغز الموت " :
( ليس هناك أغرب من الموت ..
إنه حادث غريب ..
أن يصبح الشيء .. لا شيء ..
ثياب الحداد .. والسرادق .. والموسيقى .. والمباخر .. والفراشون .. بملابسهم المسرحية : ونحن كأننا نتفرج على رواية .. ولا نصدق ولا أحد يبدو أنه يصدق ..
حتى المشيعون الذين يسيرون خلف الميت لا يفكرون إلا في المشوار ..
وأولاد الميت لا يفكرون إلا في الميراث ..
والحانوتية لا يفكرون إلا في حسابهم ..
والمقرئون لا يفكرون إلا في أجورهم ..
وكل واحد يبدو أنه قلق على وقته أو صحته أو فلوسه ..
وكل واحد يتعجل شيئا يخشى أن يفوته .. شيئا ليس الموت أبدا ..
إن عملية القلق على الموت بالرغم من كل هذا المسرح التأثيري هي مجرد قلق على الحياة ..
لا أحد يبدو أنه يصدق أو يعبأ بالموت .. حتى الذي يحمل النعش على أكتافه ..
الخشبة تغوص في لحم أكتافه .. وعقله سارح في اللحظة المقبلة وكيف يعيشها ..
الموت لا يعني أحدا .. وإنما الحياة هي التي تعني الكل .. نكتة ! ..
من الذي يموت إذن ؟ ..
الميت ؟ ..
وحتى هذا .. لا أحد يدري مصيره ..
إن الجنازة لا تساوي إلا مقدار الدقائق القليلة التي تعطّل فيها المرور وهي تعبر الشارع ..
وهي عَطَلَة تتراكم فيها العربات على الجانبين .. كل عربة تنفخ في نفيرها في قلق .. لتؤكد مرة أخرى أنها تتعجل الوصول إلى هدفها .. وأنها لا تفهم .. هذا الشيء الذي اسمه الموت ..
ما الموت .. وما حقيقته ..
ولماذا يسقط الموت من حسابنا دائما .. حتى حين نواجهه .. )
لله درك يا دكتور مصطفى ! .. ما أدق وصفك وما أروع كلماتك !
ما الذي نريده نحن من الحياة ؟
اللذة ؟ .. المتعة ؟ .. ما فائدتهما إن كانت النهاية هي الموت ؟
الطموحات ؟ .. الأهداف ؟ .. ما فائدتهما إن كانت النهاية هي الموت ؟
التنمية ؟ .. الحرية ؟ .. ما فائدتهما إن كانت النهاية هي الموت ؟
السعادة ؟ .. الاستقرار النفسي ؟ .. ما فائدتهما إن كانت النهاية هي الموت ؟
البعض قد تكون شخصيته من النوع القلق . ويكون مصدر قلقه هو الخوف من المجهول ، الخوف من الاحتمالات الأسوأ . وإذا كان ضعيف الموارد - كالمال أوالجاه أوالفرص التي توفرها له دولته - ، فقلقه يتزايد .
صاحب الوظيفة يتمسك بوظيفته بنواجذه . يقاتل غيره من أجل المحافظة عليها . وإن كان ضعيفا ، يرضخ لمطالب من هو أقوى منه للمحافظة عليها . وإن كانت المبادئ والقيم الخيّرة والعقوبة الأخروية لا تهمه ، فإنه سيحاول جمع أكبر قدر ممكن من المكاسب من وظيفته .. أما العقوبة الدنيوية ، فما أسهل من التحايل عليها والالتفاف حولها .
لا أحد يفكر في الموت . وكأن الجميع لا يصدق أن الموت حقيقة .. حقيقة واحدة لها معنى واحد ومفهوم واحد مهما اختلف الزمان أو المكان أو المرجعيات .
ما فائدة الحياة إذا كان الموت هو نهايتها ؟
أين هي السعادة والموت ملتصق بنا كالتصاق الروح بالجسد ؟
كيف تطمئن النفس و الموت يلاحقها ؟
صديق لي كان يدرس معي .. أمنيته كانت أن يتخرج .. حلمه كان أن يساعد أباه وأمه وإخوته الصغار الذين يذهب إليهم كل أسبوع في قريته البعيدة عن موقع دراسته . كان مستقبله الوظيفي ينتظره . كان يقلق كثيرا أيام الاختبارات . ينجح في مواد ، ويرسب في أخرى .. يفرح لنجاحه ، ويواسي نفسه ويكفكف دموع قلبه حزنا على رسوبه ... وفي النهاية ، ذهب وحيدا في إحدى ليالي الخميس إلى قريته ، فاعترضه جمل ، فاصطدم به ، وانقلبت سيارته ، وعُجنت عجنا ، وتوفي فورا .. توفي .. مات .. انتهت قصة حياته .. هكذا .. انتهت المسرحية ..
مراهق من أولاد حارتنا ركب مع زميله . وأركبا معهما مجموعة من أطفال الهوى والمتعة .. بدأ زميله في التفحيط والتسحيب والتنطيل .. وفي لحظة عدم قدرة على التحكم بالسيارة ، اصطدم بقوة بأحد الشاحنات العملاقة المتوقفة .. فتوفي ولد حارتنا على الفور ، وأصيب البقية إصابات بالغة الخطورة .. انتهت قصة حياة المسكين ..
لِمَ الموت ؟
منذ أن كنت طفلا وأنا أسأل نفسي لماذا كتب الله علينا الموت ؟ لم يميتنا الله ؟ .. أتذكر ذلك الموقف الذي كنت أسأل فيه أمي باكيا ومتحسرا : ( ليش نموت يا يُمَّه ؟ .. يعني صحيح كل واحد لازم يموت يا يُمَّه ؟ ) .. كنت أتساءل بجدية في طفولتي .. لماذا يميتنا الله ؟ .. لِمَ لا يجعلنا الله نعيش حياة أبدية ؟ ما الضير في ذلك ؟ .. ولم أجد إجابة في ذلك الوقت ؟
يقول المفكر والطبيب " مصطفى محمود " - متعه الله بالصحة والعافية ، ورحمه الله إن كان قد مات - في كتابه الفلسفي اللطيف " لغز الموت " :
( ليس هناك أغرب من الموت ..
إنه حادث غريب ..
أن يصبح الشيء .. لا شيء ..
ثياب الحداد .. والسرادق .. والموسيقى .. والمباخر .. والفراشون .. بملابسهم المسرحية : ونحن كأننا نتفرج على رواية .. ولا نصدق ولا أحد يبدو أنه يصدق ..
حتى المشيعون الذين يسيرون خلف الميت لا يفكرون إلا في المشوار ..
وأولاد الميت لا يفكرون إلا في الميراث ..
والحانوتية لا يفكرون إلا في حسابهم ..
والمقرئون لا يفكرون إلا في أجورهم ..
وكل واحد يبدو أنه قلق على وقته أو صحته أو فلوسه ..
وكل واحد يتعجل شيئا يخشى أن يفوته .. شيئا ليس الموت أبدا ..
إن عملية القلق على الموت بالرغم من كل هذا المسرح التأثيري هي مجرد قلق على الحياة ..
لا أحد يبدو أنه يصدق أو يعبأ بالموت .. حتى الذي يحمل النعش على أكتافه ..
الخشبة تغوص في لحم أكتافه .. وعقله سارح في اللحظة المقبلة وكيف يعيشها ..
الموت لا يعني أحدا .. وإنما الحياة هي التي تعني الكل .. نكتة ! ..
من الذي يموت إذن ؟ ..
الميت ؟ ..
وحتى هذا .. لا أحد يدري مصيره ..
إن الجنازة لا تساوي إلا مقدار الدقائق القليلة التي تعطّل فيها المرور وهي تعبر الشارع ..
وهي عَطَلَة تتراكم فيها العربات على الجانبين .. كل عربة تنفخ في نفيرها في قلق .. لتؤكد مرة أخرى أنها تتعجل الوصول إلى هدفها .. وأنها لا تفهم .. هذا الشيء الذي اسمه الموت ..
ما الموت .. وما حقيقته ..
ولماذا يسقط الموت من حسابنا دائما .. حتى حين نواجهه .. )
لله درك يا دكتور مصطفى ! .. ما أدق وصفك وما أروع كلماتك !
ما الذي نريده نحن من الحياة ؟
اللذة ؟ .. المتعة ؟ .. ما فائدتهما إن كانت النهاية هي الموت ؟
الطموحات ؟ .. الأهداف ؟ .. ما فائدتهما إن كانت النهاية هي الموت ؟
التنمية ؟ .. الحرية ؟ .. ما فائدتهما إن كانت النهاية هي الموت ؟
السعادة ؟ .. الاستقرار النفسي ؟ .. ما فائدتهما إن كانت النهاية هي الموت ؟