no saowt
06-14-2004, 10:23 PM
لم تكن نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية لهذا العام سوى تجربة اضافية من تجارب الحركة الإسلامية في لبنان منذ انتخابات 1992، ومنذ ذلك الحين شكلت الحركة الإسلامية حضوراً متفاوتاً في سائر الانتخابات النيابية والبلدية والاختيارية والنقابية على معظم الأراضي اللبنانية. والسؤال المطروح، هل حققت تلك المشاركات أهدافاً مدروسة للجماعة بصفتها الأكبر والأعرق والأكثر انتشاراً بين الحركات الإسلامية، أم كانت تلك المشاركات بذلاً لجهود في غير مكانها؟ وهل أدّت لتراكم خبرات العمل العام للجماعة وتطوّر علاقاتها مع سائر الفرقاء؟ وهل حقق خوض العمل السياسي دفعاً للجماعة على صعيد مشروعها الرسالي، أم أنه أدى الى مشاكل وتباينات داخلية لم تعهدها الجماعة من قبل؟
القضية تحتاج الى جردة حساب، ليس على مستوى نتائج الانتخابات الأخيرة فحسب، بل على مستوى المشروع والهدف والقضية بأكملها.
نذكر جميعاً الشعارات التي خاضت الجماعة على وقعها الانتخابات النيابية عام 1992، التي ما لبث أن خف بريقها عام 1996 بسبب ما سمي بالتحالفات التي جعلت من الجماعة تابعاً رغم وجودها الكبير. هذه الروحية، بغض النظر عن ظروفها، أدّت الى تدهور الأهداف من أهداف اسلامية واضحة جامعة، الى أهداف مصلحية آنية يرجى منها تقديم الدعم والخدمات، وبنفس الروحية خيضت انتخابات عام 2000 وما تلاها.
صحيح أن الجماعة حققت العديد من الخدمات للناس، وهذا عمل نبيل وواجب، لكنه وفي غمرة الخدمات غابت الأهداف الحقيقية أو جمدت بداعي أنها غير ممكنة الطرح في بلد تعددي مثل لبنان غير مهيّأ لتقبل الطرح الإسلامي. وهذا التوجه في الطرح كان من أخطر المقولات التي أضرت بالحركة الإسلامية آنياً ومستقبلياً، حيث تم تجريد الحركة من أهدافها ورسالتها التي تميزها، فأضحت كماً عددياً دون روح ودون أشواق، أضف الى ذلك أن أخريات من التجمعات السياسية أخذت تقوم بنفس الدور الروتيني الذي للجماعة، وهو يختصر بالدروس الدينية أو الحفلات الانشادية وما شابه، لقد دخلوا على عقر دار الجماعة التي غاب تميزها بعد أن غيّب مشروعها. فعلى صعيد الوسائل باتت سائر الأطراف والقوى تأخذ من جماهير الحركة الإسلامية التي فقدت بوصلة الاتجاه بعد تغييب الأهداف البعيدة وحتى القريبة منها، وردّة فعل الجماهير هذه طبيعية ومنطقية أمام التقلبات غير المنطقية لأداء الحركة الإسلامية، التي تحولت الى رقم عادي وتقليدي في الساحة اللبنانية، بينما هي في الأصل حركة تغييرية بامتياز باتجاه الاصلاح ومحاربة الفساد والمفسدين، ولم ولن يتحقق ذلك إلا من خلال الطرح الإسلامي المتميز الذي كان سبباً في إشعال جذوة الصحوة الإسلامية منذ عقود، وكان سبباً أيضاً في تشكل الجماهير الإسلامية العريضة التي تحتاج أكثر ما تحتاج الى اطلاق الهدف الذي يصبو الى طرح وتنفيذ الحلول الاسلامية للوصول الى دولة العدل.
نعم ولم لا، وهل وصل بنا الخوف ومراعاة الغير الى درجة انكار الذات؟! وهل أثرت بنا وسائل الإعلام المحلية والعالمية التي تحارب الإسلام ببرامجها الفكرية والفنية والنفسية.. فأصبحنا جزءاً منها من حيث لا ندري وصولاً الى تعديل الخطاب لدرجة التخلي والهروب من النفس؟!
وترتب على ذلك ضعف على ضعف، ترهل في الداخل تمثل بشيء من اللامبالاة وتحوّل مفهوم الالتزام الى مفهوم إلزام، وحوصرت أفكار الإسلام في عقول حامليها ولم يعد يطلق لها العنان، فهو حجر اختياري يكبت الطاقات وينحرف بها عن غاياتها المرجوّة، حيث يعلم القاصي والداني أن الاسلام دين دعوة وانتشار وآفاق، وهدف أبنائه الدخول الى قلوب الناس وعقولهم وبيوتهم لإضاءتها بالنور والمعرفة، والخدمة مفردة في تلك المسيرة وليست هدفاً بأي حال من الأحوال. إن طاقات أبناء الجماعة وقيادتها في آن ترنو إلى ذلك، وهي تشعر بغربتها وسجنها بعيداً عن الهدف الذي بايعت عليه وعملت من أجله. إن غياب الهدف ساهم في توجه العديد من طاقات الجماعة الى فرقاء آخرين، فمنهم من أدار حملات انتخابية لأناس آخرين، ومنهم من شغل منصب مستشار لعدد من الرسميين في أعلى المناصب... ولا غرابة في ذلك، حيث يتمتع شباب الجماعة بكفاءات علمية واسعة وتجارب تفوق حجم الجماعة والامكانات المتاحة لها في ظل الواقع اللبناني. ومع غياب الهدف الذي يستوعب طاقات الجميع ويفجرها توزعت تلك الطاقات يمنة ويسرة لتساهم في مشاريع الآخرين، ولتبقى الجماعة محاصرة من الداخل والخارج، وهذا ما انعكس وهناً في أثر التعاطي مع الجماهير التي لامسها الاحباط، لكنها ما إن تشعر بعودة الخطاب الإسلامي الدعوي الذي يلامس الأهداف البعيدة ويظهرها حتى تعود لتلتف عليه بقوة تمكنها من إحداث التغيير المنشود إذا ما تمت إدارة هذا الموضوع بتأنّ وروية.
قد تغيب الجماعة عن الساحة لفترات طويلة لكنها ما تلبث أن تظهر بقوة، خاصة عندما تتبنى القضايا الكبرى مثل القضية الفلسطينية والقضية العراقية... الجماعة اليوم ولكي تنهض من كبوتها وتأخذ المكان اللائق الذي تستحقه على الساحة اللبنانية لا بدّ لها من حمل قضية على مستوى الرسالة، عنيت بذلك إعادة طرح الاسلام من على المنابر والمنتديات والحوارات كطرح بديل يعالج سائر المشاكل الانسانية والحياتية التي يعاني منها المواطن اللبناني. ولم لا يطرح الاسلام في هذا المضمار وهو يحمل العلاج الجذري لأمراضنا، وليس الترقيع الذي يرغبه الجميع والذي يزكي الأزمات ويرميها الى المستقبل. نحن نحتاج الى حلول جذرية على المستوى الاقتصادي، الاجتماعي، الاداري والسياسي؛ لذلك يجب أن نرفع الصوت ونعلن الحل لجميع المواطنين الذين لا بدّ من أن يتعاطفوا مع هذا الطرح: المواطن المسلم كما غير المسلم، لأن طرحنا هو طرح إسلامي يخدم كل الناس ويحقق العدالة لكل الجماهير، نحن نطرح أفكاراً ونتوقع من الجميع أن يتعاطف مع هذه الأفكار لأنها تشكل الحلول للمشاكل وتعيد للمواطن قيمته المهدورة من أي فئة كان أو لأي دين انتمى، نحن بطرحنا لسنا فئويين كما يصوّرنا البعض بهدف وضع حاجز وهمي بيننا وبين الآخرين، والمشكلة أن بعضنا تأثر بذلك ورضخ له! فكما الاشتراكي والقومي والليبرالي يطرح أفكاره في أرجاء المعمورة، فإنه يحق للمسلم بل ومن واجبه أن يطرح أفكاره، وليكن المنطق والحجة والبرهان هو الفاصل بين هذه الطروحات. أما إذا عدلنا عن تبني أفكارنا وإطلاقها للجماهير نكون قد فرّطنا بخصوصيتنا وبسبب وجودنا وتميزنا الجوهري. وهنا سيدب الضعف ويتسرب الوهن.
فالتميّز ضرورة لا تمنع من التحالفات ولكن تعطيها معنى ومغزى، وما جرى عبر المراحل الانتخابية السابقة كانت تحالفات آنية مرحلية غير مرتبطة بالأهداف البعيدة، مما أدّى الى ضبابية الصورة وترجرج الخطاب وضياع المناصرين، وقد جنى المتحالفون مع الجماعة في المراحل الانتخابية السابقة كل النتائج الايجابية دون أن تجني شيئاً، الجماعة ترفع الآخرين ولا يرفعها أحد، والتجربة تتكرر والأوقات تضيع والطاقة تخبو شيئاً فشيئاً، حتى بات يخشى أن تتحول الجماعة الى حزب انتخابي ليس إلا.
إن قوة الجماعة ودينميكيّتها وتلاحم قيادتها بقاعدتها وامتدادها على كامل الأرض اللبنانية واستقطابها لأعداد كبيرة من المتخصصين والنقابيين.. يمكّنها من أخذ دور أكبر بكثير من الدور الحالي، المطلوب أن نحمل أفكارنا الى جانب خدماتنا، فجماعة بهذا التوجه والطرح لا يمكن أن ترضى بالتهميش والفتات.
القضية تحتاج الى جردة حساب، ليس على مستوى نتائج الانتخابات الأخيرة فحسب، بل على مستوى المشروع والهدف والقضية بأكملها.
نذكر جميعاً الشعارات التي خاضت الجماعة على وقعها الانتخابات النيابية عام 1992، التي ما لبث أن خف بريقها عام 1996 بسبب ما سمي بالتحالفات التي جعلت من الجماعة تابعاً رغم وجودها الكبير. هذه الروحية، بغض النظر عن ظروفها، أدّت الى تدهور الأهداف من أهداف اسلامية واضحة جامعة، الى أهداف مصلحية آنية يرجى منها تقديم الدعم والخدمات، وبنفس الروحية خيضت انتخابات عام 2000 وما تلاها.
صحيح أن الجماعة حققت العديد من الخدمات للناس، وهذا عمل نبيل وواجب، لكنه وفي غمرة الخدمات غابت الأهداف الحقيقية أو جمدت بداعي أنها غير ممكنة الطرح في بلد تعددي مثل لبنان غير مهيّأ لتقبل الطرح الإسلامي. وهذا التوجه في الطرح كان من أخطر المقولات التي أضرت بالحركة الإسلامية آنياً ومستقبلياً، حيث تم تجريد الحركة من أهدافها ورسالتها التي تميزها، فأضحت كماً عددياً دون روح ودون أشواق، أضف الى ذلك أن أخريات من التجمعات السياسية أخذت تقوم بنفس الدور الروتيني الذي للجماعة، وهو يختصر بالدروس الدينية أو الحفلات الانشادية وما شابه، لقد دخلوا على عقر دار الجماعة التي غاب تميزها بعد أن غيّب مشروعها. فعلى صعيد الوسائل باتت سائر الأطراف والقوى تأخذ من جماهير الحركة الإسلامية التي فقدت بوصلة الاتجاه بعد تغييب الأهداف البعيدة وحتى القريبة منها، وردّة فعل الجماهير هذه طبيعية ومنطقية أمام التقلبات غير المنطقية لأداء الحركة الإسلامية، التي تحولت الى رقم عادي وتقليدي في الساحة اللبنانية، بينما هي في الأصل حركة تغييرية بامتياز باتجاه الاصلاح ومحاربة الفساد والمفسدين، ولم ولن يتحقق ذلك إلا من خلال الطرح الإسلامي المتميز الذي كان سبباً في إشعال جذوة الصحوة الإسلامية منذ عقود، وكان سبباً أيضاً في تشكل الجماهير الإسلامية العريضة التي تحتاج أكثر ما تحتاج الى اطلاق الهدف الذي يصبو الى طرح وتنفيذ الحلول الاسلامية للوصول الى دولة العدل.
نعم ولم لا، وهل وصل بنا الخوف ومراعاة الغير الى درجة انكار الذات؟! وهل أثرت بنا وسائل الإعلام المحلية والعالمية التي تحارب الإسلام ببرامجها الفكرية والفنية والنفسية.. فأصبحنا جزءاً منها من حيث لا ندري وصولاً الى تعديل الخطاب لدرجة التخلي والهروب من النفس؟!
وترتب على ذلك ضعف على ضعف، ترهل في الداخل تمثل بشيء من اللامبالاة وتحوّل مفهوم الالتزام الى مفهوم إلزام، وحوصرت أفكار الإسلام في عقول حامليها ولم يعد يطلق لها العنان، فهو حجر اختياري يكبت الطاقات وينحرف بها عن غاياتها المرجوّة، حيث يعلم القاصي والداني أن الاسلام دين دعوة وانتشار وآفاق، وهدف أبنائه الدخول الى قلوب الناس وعقولهم وبيوتهم لإضاءتها بالنور والمعرفة، والخدمة مفردة في تلك المسيرة وليست هدفاً بأي حال من الأحوال. إن طاقات أبناء الجماعة وقيادتها في آن ترنو إلى ذلك، وهي تشعر بغربتها وسجنها بعيداً عن الهدف الذي بايعت عليه وعملت من أجله. إن غياب الهدف ساهم في توجه العديد من طاقات الجماعة الى فرقاء آخرين، فمنهم من أدار حملات انتخابية لأناس آخرين، ومنهم من شغل منصب مستشار لعدد من الرسميين في أعلى المناصب... ولا غرابة في ذلك، حيث يتمتع شباب الجماعة بكفاءات علمية واسعة وتجارب تفوق حجم الجماعة والامكانات المتاحة لها في ظل الواقع اللبناني. ومع غياب الهدف الذي يستوعب طاقات الجميع ويفجرها توزعت تلك الطاقات يمنة ويسرة لتساهم في مشاريع الآخرين، ولتبقى الجماعة محاصرة من الداخل والخارج، وهذا ما انعكس وهناً في أثر التعاطي مع الجماهير التي لامسها الاحباط، لكنها ما إن تشعر بعودة الخطاب الإسلامي الدعوي الذي يلامس الأهداف البعيدة ويظهرها حتى تعود لتلتف عليه بقوة تمكنها من إحداث التغيير المنشود إذا ما تمت إدارة هذا الموضوع بتأنّ وروية.
قد تغيب الجماعة عن الساحة لفترات طويلة لكنها ما تلبث أن تظهر بقوة، خاصة عندما تتبنى القضايا الكبرى مثل القضية الفلسطينية والقضية العراقية... الجماعة اليوم ولكي تنهض من كبوتها وتأخذ المكان اللائق الذي تستحقه على الساحة اللبنانية لا بدّ لها من حمل قضية على مستوى الرسالة، عنيت بذلك إعادة طرح الاسلام من على المنابر والمنتديات والحوارات كطرح بديل يعالج سائر المشاكل الانسانية والحياتية التي يعاني منها المواطن اللبناني. ولم لا يطرح الاسلام في هذا المضمار وهو يحمل العلاج الجذري لأمراضنا، وليس الترقيع الذي يرغبه الجميع والذي يزكي الأزمات ويرميها الى المستقبل. نحن نحتاج الى حلول جذرية على المستوى الاقتصادي، الاجتماعي، الاداري والسياسي؛ لذلك يجب أن نرفع الصوت ونعلن الحل لجميع المواطنين الذين لا بدّ من أن يتعاطفوا مع هذا الطرح: المواطن المسلم كما غير المسلم، لأن طرحنا هو طرح إسلامي يخدم كل الناس ويحقق العدالة لكل الجماهير، نحن نطرح أفكاراً ونتوقع من الجميع أن يتعاطف مع هذه الأفكار لأنها تشكل الحلول للمشاكل وتعيد للمواطن قيمته المهدورة من أي فئة كان أو لأي دين انتمى، نحن بطرحنا لسنا فئويين كما يصوّرنا البعض بهدف وضع حاجز وهمي بيننا وبين الآخرين، والمشكلة أن بعضنا تأثر بذلك ورضخ له! فكما الاشتراكي والقومي والليبرالي يطرح أفكاره في أرجاء المعمورة، فإنه يحق للمسلم بل ومن واجبه أن يطرح أفكاره، وليكن المنطق والحجة والبرهان هو الفاصل بين هذه الطروحات. أما إذا عدلنا عن تبني أفكارنا وإطلاقها للجماهير نكون قد فرّطنا بخصوصيتنا وبسبب وجودنا وتميزنا الجوهري. وهنا سيدب الضعف ويتسرب الوهن.
فالتميّز ضرورة لا تمنع من التحالفات ولكن تعطيها معنى ومغزى، وما جرى عبر المراحل الانتخابية السابقة كانت تحالفات آنية مرحلية غير مرتبطة بالأهداف البعيدة، مما أدّى الى ضبابية الصورة وترجرج الخطاب وضياع المناصرين، وقد جنى المتحالفون مع الجماعة في المراحل الانتخابية السابقة كل النتائج الايجابية دون أن تجني شيئاً، الجماعة ترفع الآخرين ولا يرفعها أحد، والتجربة تتكرر والأوقات تضيع والطاقة تخبو شيئاً فشيئاً، حتى بات يخشى أن تتحول الجماعة الى حزب انتخابي ليس إلا.
إن قوة الجماعة ودينميكيّتها وتلاحم قيادتها بقاعدتها وامتدادها على كامل الأرض اللبنانية واستقطابها لأعداد كبيرة من المتخصصين والنقابيين.. يمكّنها من أخذ دور أكبر بكثير من الدور الحالي، المطلوب أن نحمل أفكارنا الى جانب خدماتنا، فجماعة بهذا التوجه والطرح لا يمكن أن ترضى بالتهميش والفتات.