ismail
04-15-2004, 08:37 PM
من المؤسف أن يقترن إسم كل مسلم محافظ على مبادئ دينه بلقب المتطرف... لذا رأيت أنه من واجبي أن أنقل لكم مجموعة المقالات هذه و المؤلفة من 12 حلقة و التي تفسر بشكل واضح معنى التطرف في المنظور الإسلامي.
و إليكم الحلقة الأولى:
التطرف بين الحقيقة والاتهام :
يقول علماء المنطق : الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، إذ لا يمكن الحكم على المجهول ، كما لا يمكن الحكم على شيء مختلف في تحديد ماهيته ، وتصوير حقيقته : أي شيء هي ؟
لهذا كان علينا بادئ الامر ذي بدء أن نكشف عن معنى " التطرف الديني " وحقيقته وأبرز علاماته .
والتطرف في اللغة معناه : الوقوف في الطرف ، بعيدا عن الوسط ، وأصله في الحسيات ، كالتطرف في الوقوف او الجلوس او المشي ، ثم انتقل الى المعنويات ، كالتطرف في الدين أو الفكر أو السولك .
ومن لوازم التطرف : أنه أقرب إلى المهلكة والخطر ، وأبعد عن الحماية والأمان ، وفي هذا قال الشاعر :
كانت هي الوسط المحمى فاكتنفت بها الحوادث ، حتى أصبحت طرفا !
دعوة الإسلام الى الوسطية وتحذيره من التطرف ...
والإسلام منهج وسط في كل شيء : في التصور والاعتقاد ، والتعبد والتنسك ، والاخلاق والسلوك ، والمعاملة والتشريع .
وهذا المنهج هو الذي سماه الله " الصراط المستقيم " وهو منهج متميز عن طريق أصحاب الديانات والفلسفات الأخرى من " المغضوب عليهم " ومن " الضالين " الذين لا تخلو مناهجهم من غلو أو تفريط .
و " الوسطية " إحدى الخصائص العامة للاسلام ، وهي احدى المعالم الاساسية التي ميز الله بها امته عن غيرها (( وكذلك جعلنكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس )) " البقرة : 143 " ، فهي أمة العدل والاعتدال ، التي تشهد في الدنيا والآخرة على كل انحراف يمينا او شمالا عن خط الوسط المستقيم .
النصوص الشرعية تعبر عن التطرف ب ـ " الغلو " ...
والنصوص الإسلامية تدعو الى الاعتدال ، وتحذر من التطرف ، الذي يعبر عنه في لسان الشرع بعدة ألفاظ منها : " الغلو " و " التنطع " و " التشدد " .
والواقع أن الذي ينظر في هذه النصوص يتبين بوضوح أن الإسلام ينفر أشد النفور من هذا الغلو ، ويحذر منه أشد التحذير .
وحسبنا أن نقرأ هذه الأحاديث الكريمة ، لنعلم إلى أي حد ينهى الإسلام عن الغلو ، ويخوف من مغبته .
1. روى الامام أحمد في مسنده والنسائي وابن ماجة في سننهما ، والحاكم في مستدركه عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي (عليه الصلاة والسلام ) قال : " إياكم والغلو في الدين ، فإنما هلك من قبلكم بالغلو في الدين "
(قال شاكر : إسناده صحيح ، ونقل المناوي في الفيض : 3 / 126 عن ابن تيمية قوله : هذا إسناد صحيح على شرط مسلم ) .
والمراد بمن قبلنا : أهل الاديان السابقة ، وخاصة أهل الكتاب ، وعلى الأخص : النصارى ، وقد خاطبهم القرآن بقوله : (( قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل (77) )) " المائدة : 177" ، فنهانا أن نغلو كما غلوا ، والسعيد من اتعظ بغيره .
وسبب ورود الحديث ينبهنا على أمر مهم ، وهو أن الغلو قد يبدأ بشيء صغير ، ثم تتسع دائرته ، ويتطاير شرره ، وذلك أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) حين وصل إلى المزدلفة في حجة الوداع قال لابن عباس : ( هلم القط لي - أي حصيات ليرمي بها في منى - قال : فلقطت له حصيات من حصى الحذف - يعني حصى صغارا مما يحذف به - فلما وضعهن في يده ، قال : نعم بأمثال هؤلاء ، وغياكم والغلو في الدين ... الحديث ) يعني : لا يعني أن يتنطعوا فيقولوا : الرمي بكبار الحصى أبلغ من الصغار ، فيدخل عليهم الغلو شيئا فشيئا ، فلهذا حذرهم .
وقال الامام ابن تيمية : قوله " إياكم والغلو في الدين " عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والاعمال ، والغلو : مجاوزة الحد ... والنصارى أكثر غلوا في الاعتقاد والعمل من سائر الطوائف ، وإياهم نهى الله عن الغلو في القرآن ، بقوله تعالى : (( لا تغلوا في دينكم )) " النساء : 171 ) .
2. وروى مسلم في صحيحه عن ابن مسعود قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) " هلك المتنطعون " قالها ثلاثا . ( رواه مسلم ، ونسبه السيوطي اإلى أحمد و أبي داود أيضا ) .
قال الامام النووي : أن المتعمقون المجاوزن الحدود في أقوالهم وأفعالهم .
ونلاحظ أن هذا الحديث والذي قبله جعلا عاقبة " الغلو و التنطع " هي الهلاك ، وهو يشمل هلاك الدين والدنيا ، وأي خسارة أشد من الهلاك ، وكفى بهذا جزرا .
3. وروى أبو يعلى في مسنده عن أنس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) كان يقول : " لا تشددوا على انفسكم ، فيشدد عليكم ، فإن قوما شددوا على أنفسهم ، فشدد عليهم ، فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات : ( رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم ) ( ذكره ابن كثير تفسير سورة الحديد ) .
ومن أجل ذلك قاوم النبي (صلى الله عليه وسلم ) كل اتجاه ينزع إلى الغلو في التدين ، وأنكر على من بالغ من أصحابه في التعبد والتقشف ، مبالغة تخرجه عن حد الاعتدال الذي جاء به الاسلام ، ووازن به بين الروحية والمادية ، ووفق بفضله بين الديت والدنيا ، وبين حظ النفس من الحياة وحق الرب في العبادة ، والتي خلق لها الإنسان .
فقد شرع الإسلام من العبادات ما يزكي نفس الفرد ، ويرقى به روحيا وماديا ، وما ينهض بالجماعة كلها ، ويقيمها على أساس من الأخوة والتكافل ، دون أن يعطل مهمة الإنسان في عمارة الأرض ن فالصلاة والزكاة والصيام والحج ، عبادات فردية واجتماعية في نفس الوقت ، فهي لا تعزل المسلم عن الحياة ولا عن المجتمع ، بل تزيده ارتباطا به ، شعوريا وعمليا ، ومن هنا لم يشرع الإسلام " الرهبانية " التي تفرض على الانسان العزلة عن الحياة وطيباتها ، والعمل لتنميتها وترقيتها ، بل يعتبر الأرض كلها محرابا كبيرا للمؤمن ، ويعتبر العمل فيها عبادة وجهادا ، اذا صحت فيه النية ، والتزمت حدود الله تعالى .
ولا يقر ما دعت اليه الديانات والفلسفات والأخرى من إهمال الحياة المادية لأجل الحياة الروحية ، ومن حرمان البدن وتعذيبه حتى تصفو الروح وترقى ، ومن إهدار شأن الدنيا من أجل الآخرة ، فقد جاء بالتوازن في هذا كله (( ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ) " البقرة : 201" ( اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي ، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي ) ( رواه مسلم في صحيحه ) " إن لبدنك عليك حقا " ( متفق عليه).
لقد أنكر القرآن ، بل شدد النكير ، على أصحاب هذه النزعة في تحريم الطيبات والزينة التي أخرج الله لعباده ، فقال تعالى في القرآن المكي : (( يبنى ءادم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين (31) قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبت من الرزق قل هي للذين ءامنوا في الحيوة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الأيات لقوم يعلمون (31) )) (الأعراف : 31 - 32 ) .
وفي القرآن المدني يخاطب الجماعة المؤمنة بقوله : (( يأيها الذين ءامنوا لا تحرما طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين (87) وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون (88) )) " المائدة : 87-88" .
وهاتان الآيتان الكريمتان تبينان للجماعة المؤمنة حقيقة منهج الإسلام في التمتع بالطيبات ، ومقاومة الغلو الذي وجد في بعض الأديان ، فقد روي في سبب النزول أن رهطا من الصحابة قالوا : نقطع مذاكيرنا ، ونترك شهوات الدنيا ، ونسبح في الأرض كالرهبان ! . وروي ان رجالا أرادوا أن يتبتلوا أو يخصوا أنفسهم ويلبسوا المسوح ( ملابس الرهبان ) فنزلت ..
وجاء عن أبن عباس : أن رجلا أتى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : يا رسول الله إني إذا أكلت من هذا اللحم انتشرت للنساء ، وإني حرمت علي اللحم . فنزلت (( يا أيها الذين آمنو لا تحرموا )) ( ذكر هذه الروايات ابن كثير في تفسيره) .
وفي الصحيحين عن عاشئة رضي الله عنها : أن ناسا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) سألو أزواج النبي ( عليه السلام ) عن عمله في السر ، فكأنهم تقالوها ( أي عدوها قليلة ) فقال بعضهم لا آكل اللحم .. وقال بعضهم : لا أتزوج النساء .. وقال بعضهم : لا أنام على فراش ، فبلغ ذلك النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال " ما بال أقوام يقول أحدهم كذا وكذا ، لكني أصوم وأفطر ، وأنام و أقوم ، وآكل اللحم ، واتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني".
وسنته - عليه الصلاة والسلام - تعني منهجه في فهم الدين وتطبيقه وكيف يعامل ربه عز وجل ن ويعامل نفسه وأهله والناس من حوله - معطيا كل ذي حق حقه ، في توازن واعتدال .
العيوب والآفات الملازمة للغلو في الدين :
وما كان هذا التحذير من التطرف والغلو إلا لأن فيه عيوبا وآفات أساسية تصاحبه وتلازمه . منها :
العيب الأول :
أنه منفر لا تحتمله طبيعة البشر العادية ، ولا تصبر عليه ، ولو صبر عليه قليل منهم لم يصبر عليه جمهورهم ، والشرائع إنما تخاطب الناس كافة ، لا فئة ذات مستوى خاص ، ولهذا غضب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على صاحبه الجليل " معاذ " حين صلى بالناس فأطال حتى شكاه أحدهم الى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال له : أفتان أنت يا معاذ ؟ ! وكررها ثلاثا ( رواه البخاري ) .
وفي واقعة مماثلة قال للإمام في غضب شديد لم يغضب مثله : " إن منكم منفرين ... من أم بالناس فليتجوز ، فإن خلفه الكبير والضعيف وذا الحاجة " ( رواه البخاري ) .
ولهذا لما بعض النبي ( صلى الله عليه وسلم ) معاذا وأبا موسى إلى اليمن أوصاهما بقوله " يسرا ولا تعسرا ، وبشرا ولا تنفرا ، وتطاوعا ولا تختلفا ..." (متفق عليه ) .
وقال عمر رضي الله عنه : لا تبغضوا الله إلى عباده ، فيكون أحدكم إماما فيطول على القوم الصلاة حتى يبغض اليهم ما هم فيه .
والعيب الثاني :
أنه قصير العمر ، والاستمرار عليه في العادة غير متيسر، فالإنسان ملول ، وطاقته محدودة ، فإن صبر يوما على التشدد والتعسير ، فسرعان ما تكل دابته أو تحرن عليه مطيته في السير ..
وأعني بهما جهده البدني والنفسي ، فيسأم ويدع العمل حتى القليل منه . أو يأخذ طريقا آخر ، على عكس الطريق الذي كان عليه .. أي ينتقل من الإفراط إلى التفريط ، ومن التشدد الى التسيب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وكثيرا ما رأيت أناسا عرفوا بالتشدد والتطرف حينا ، ثم غبت عنهم او غابوا عني زمنا فسألت عنهم بعد ، فإما ساروا في خط آخر ، وانقلبوا على أعقابهم ، والعياذ بالله .. وإما قد فتروا وانقطعوا كالمنبت الذي جاء ذكره في الحديث " فلا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى " ( رواه البزار عن جابر بإسناد ضعيف ) يريد بالمنبت الذي انقطع عنه رفقته بعد أن أجهد دابته .
ومن هنا كان التوجيه النبوي بقوله ( صلى الله عليه وسلم ) : " اكلفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا .. وإن أحب العمل إلى الله أدومها وإن قل " ( رواه الشيخان و أبو داود والنسائي عن عائشة رضي الله عنها ) .
وعن ابن عباس قال : كانت مولاة للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) تصوم النهار وتقوم الليل فقيل له : إنها تصوم النهار وتقوم الليل! فقال ( صلى الله عليه وسلم)
" إن لكل عمل شرة ( حدة ونشاطا ) ولكل شرة فترة ( استرخاء وفتور ) فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد ضل " (رواه البزار ورجاله رجال الصحيح ) .
وروى أحمد عن عبد الله بن عمرو قال : ذكر لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم)
رجال ينصبون في العبادة من أصحابه نصبا شديدا ، فقال : رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " تلك ضراوة الإسلام وشرته ، ولكل ضراوة شرة ، ولكل شرة فترة .. فمن كانت فترته إلى الكتاب والسنة فلامّ ما هو .. ومن كانت فترته الى معاصي الله فذلك الهالك " ( قال شاكر : إسناد صحيح ) ، ومعنى " لأمّ ما هو" أي يرجع إلى أصل ثابت عظيم أشار إليه بكلمة " آم " من القصد .. أي قصد الطريق المستقيم .
( وفي رواية الطبراني لهذا الحديث : ... فمن كانت فترته إلى اقتصاد ، فنعم ما هو .. ومن كانت فترته إلى المعاصي فأولئك هم الهالكون ) .
وما أجمل الوصية النبوية العامة لكل المكلفين : الوصية بالقصد والاعتدال ، وأن لا يحاولوا أن يغالبوا الدين ، فيغلبهم ، وأن يقاوموه بشدة ، فيقهرهم ، فقال (صلى الله عليه وسلم ) : "إن الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا وأبشروا ... " ( رواه البخاري والنسائي عن أبي هريرة ).
وقال العلامة المناوي في شرحه : يعني لا يتعمق أحد في العبادة ويترك الرفق كالرهبان ، إلا عجز ، فيغلب .. " فسددوا " أي : إن لم تستطيعو الأخذ بالأكمل فاعملوا بما يقرب منه " و أبشروا " أي : بالثواب على العمل الدائم وإن قل . أ هـ .
والعيب الثالث :
أنه لا يخلوا من جور على حقوق أخرى يجب أن ترعى ، وواجبات يجب أن تؤدى .. وما أصدق ما قاله أحد الحكماء : ما رأيت إسرافا إلا وبجانبه حق يضيع .. وقال ( صلى الله عليه وسلم ) لعبد الله بن عمرو حين بلغه انهماكه في العبادة انهماكا أنساه حق أهله عليه : ألم اخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل ؟
قال عبد الله : فقلت لي يا رسول الله ... فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : لا تفعل ، صم وأفطر ، وقم ونم .. فإن لجسدك عليك حقا .. و إن لعينيك عليك حقا .. و إن لزوجك عليك حقا .. وإن لزورك ( زوارك ) عليك حقا .. (رواه البخاري في كتاب الصوم ) .
يعني : فأعط كل ذي حق حقه ، ولا تغل في ناحية على حساب أخرى .
وكذلك قال الصحابي الفقيه سلمان الفارسي لأخيه العابد الزاهد أبي الدرداء ، وقد كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) آخى بينهما ، فزادت بينهما الألفة ، وسقطت الكلفة ، فزار سلمان أبا الدرداء ، فوجد أم الدرداء - زوجته - متبذلة (يعني : لابسة ثياب البذلة والمهنة لا ثياب الزينة والتجمل كما تفعل المرأة المتزوجة ) فقال لها : ما شأنك ؟ قالت : أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا ! فجاء أبو الدرداء فرحب بسلمان وقرب إليه طعاما فقال : كل ، فإني صائم ! فقال سلمان : ما أنا بآكل حتى تأكل .. وفي رواية البزار : أقسمت عليك لتفطر .. قال فأكل .. فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم .. فقال سلمان : نم .. فنام . ثم ذهب ليقوم ، فقال سلمان له : نم ، فلما كان آخر الليل قال سلمان : قم الآن .. فصليا ، فقال له سلمان : إن لربك عليك حقا ، ولنفسك عليك حقا ، ولأهلك عليك حقا ، فأعط كل ذي حق حقه ... فأتى أبو الدرداء النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فذكر ذلك له ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) صدق سلمان . (رواه البخاري والترمذي ) وفي رواية ابن سعد أنه ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " لقد أشبع سلمان علما ... "
و إليكم الحلقة الأولى:
التطرف بين الحقيقة والاتهام :
يقول علماء المنطق : الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، إذ لا يمكن الحكم على المجهول ، كما لا يمكن الحكم على شيء مختلف في تحديد ماهيته ، وتصوير حقيقته : أي شيء هي ؟
لهذا كان علينا بادئ الامر ذي بدء أن نكشف عن معنى " التطرف الديني " وحقيقته وأبرز علاماته .
والتطرف في اللغة معناه : الوقوف في الطرف ، بعيدا عن الوسط ، وأصله في الحسيات ، كالتطرف في الوقوف او الجلوس او المشي ، ثم انتقل الى المعنويات ، كالتطرف في الدين أو الفكر أو السولك .
ومن لوازم التطرف : أنه أقرب إلى المهلكة والخطر ، وأبعد عن الحماية والأمان ، وفي هذا قال الشاعر :
كانت هي الوسط المحمى فاكتنفت بها الحوادث ، حتى أصبحت طرفا !
دعوة الإسلام الى الوسطية وتحذيره من التطرف ...
والإسلام منهج وسط في كل شيء : في التصور والاعتقاد ، والتعبد والتنسك ، والاخلاق والسلوك ، والمعاملة والتشريع .
وهذا المنهج هو الذي سماه الله " الصراط المستقيم " وهو منهج متميز عن طريق أصحاب الديانات والفلسفات الأخرى من " المغضوب عليهم " ومن " الضالين " الذين لا تخلو مناهجهم من غلو أو تفريط .
و " الوسطية " إحدى الخصائص العامة للاسلام ، وهي احدى المعالم الاساسية التي ميز الله بها امته عن غيرها (( وكذلك جعلنكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس )) " البقرة : 143 " ، فهي أمة العدل والاعتدال ، التي تشهد في الدنيا والآخرة على كل انحراف يمينا او شمالا عن خط الوسط المستقيم .
النصوص الشرعية تعبر عن التطرف ب ـ " الغلو " ...
والنصوص الإسلامية تدعو الى الاعتدال ، وتحذر من التطرف ، الذي يعبر عنه في لسان الشرع بعدة ألفاظ منها : " الغلو " و " التنطع " و " التشدد " .
والواقع أن الذي ينظر في هذه النصوص يتبين بوضوح أن الإسلام ينفر أشد النفور من هذا الغلو ، ويحذر منه أشد التحذير .
وحسبنا أن نقرأ هذه الأحاديث الكريمة ، لنعلم إلى أي حد ينهى الإسلام عن الغلو ، ويخوف من مغبته .
1. روى الامام أحمد في مسنده والنسائي وابن ماجة في سننهما ، والحاكم في مستدركه عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي (عليه الصلاة والسلام ) قال : " إياكم والغلو في الدين ، فإنما هلك من قبلكم بالغلو في الدين "
(قال شاكر : إسناده صحيح ، ونقل المناوي في الفيض : 3 / 126 عن ابن تيمية قوله : هذا إسناد صحيح على شرط مسلم ) .
والمراد بمن قبلنا : أهل الاديان السابقة ، وخاصة أهل الكتاب ، وعلى الأخص : النصارى ، وقد خاطبهم القرآن بقوله : (( قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل (77) )) " المائدة : 177" ، فنهانا أن نغلو كما غلوا ، والسعيد من اتعظ بغيره .
وسبب ورود الحديث ينبهنا على أمر مهم ، وهو أن الغلو قد يبدأ بشيء صغير ، ثم تتسع دائرته ، ويتطاير شرره ، وذلك أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) حين وصل إلى المزدلفة في حجة الوداع قال لابن عباس : ( هلم القط لي - أي حصيات ليرمي بها في منى - قال : فلقطت له حصيات من حصى الحذف - يعني حصى صغارا مما يحذف به - فلما وضعهن في يده ، قال : نعم بأمثال هؤلاء ، وغياكم والغلو في الدين ... الحديث ) يعني : لا يعني أن يتنطعوا فيقولوا : الرمي بكبار الحصى أبلغ من الصغار ، فيدخل عليهم الغلو شيئا فشيئا ، فلهذا حذرهم .
وقال الامام ابن تيمية : قوله " إياكم والغلو في الدين " عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والاعمال ، والغلو : مجاوزة الحد ... والنصارى أكثر غلوا في الاعتقاد والعمل من سائر الطوائف ، وإياهم نهى الله عن الغلو في القرآن ، بقوله تعالى : (( لا تغلوا في دينكم )) " النساء : 171 ) .
2. وروى مسلم في صحيحه عن ابن مسعود قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) " هلك المتنطعون " قالها ثلاثا . ( رواه مسلم ، ونسبه السيوطي اإلى أحمد و أبي داود أيضا ) .
قال الامام النووي : أن المتعمقون المجاوزن الحدود في أقوالهم وأفعالهم .
ونلاحظ أن هذا الحديث والذي قبله جعلا عاقبة " الغلو و التنطع " هي الهلاك ، وهو يشمل هلاك الدين والدنيا ، وأي خسارة أشد من الهلاك ، وكفى بهذا جزرا .
3. وروى أبو يعلى في مسنده عن أنس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) كان يقول : " لا تشددوا على انفسكم ، فيشدد عليكم ، فإن قوما شددوا على أنفسهم ، فشدد عليهم ، فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات : ( رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم ) ( ذكره ابن كثير تفسير سورة الحديد ) .
ومن أجل ذلك قاوم النبي (صلى الله عليه وسلم ) كل اتجاه ينزع إلى الغلو في التدين ، وأنكر على من بالغ من أصحابه في التعبد والتقشف ، مبالغة تخرجه عن حد الاعتدال الذي جاء به الاسلام ، ووازن به بين الروحية والمادية ، ووفق بفضله بين الديت والدنيا ، وبين حظ النفس من الحياة وحق الرب في العبادة ، والتي خلق لها الإنسان .
فقد شرع الإسلام من العبادات ما يزكي نفس الفرد ، ويرقى به روحيا وماديا ، وما ينهض بالجماعة كلها ، ويقيمها على أساس من الأخوة والتكافل ، دون أن يعطل مهمة الإنسان في عمارة الأرض ن فالصلاة والزكاة والصيام والحج ، عبادات فردية واجتماعية في نفس الوقت ، فهي لا تعزل المسلم عن الحياة ولا عن المجتمع ، بل تزيده ارتباطا به ، شعوريا وعمليا ، ومن هنا لم يشرع الإسلام " الرهبانية " التي تفرض على الانسان العزلة عن الحياة وطيباتها ، والعمل لتنميتها وترقيتها ، بل يعتبر الأرض كلها محرابا كبيرا للمؤمن ، ويعتبر العمل فيها عبادة وجهادا ، اذا صحت فيه النية ، والتزمت حدود الله تعالى .
ولا يقر ما دعت اليه الديانات والفلسفات والأخرى من إهمال الحياة المادية لأجل الحياة الروحية ، ومن حرمان البدن وتعذيبه حتى تصفو الروح وترقى ، ومن إهدار شأن الدنيا من أجل الآخرة ، فقد جاء بالتوازن في هذا كله (( ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ) " البقرة : 201" ( اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي ، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي ) ( رواه مسلم في صحيحه ) " إن لبدنك عليك حقا " ( متفق عليه).
لقد أنكر القرآن ، بل شدد النكير ، على أصحاب هذه النزعة في تحريم الطيبات والزينة التي أخرج الله لعباده ، فقال تعالى في القرآن المكي : (( يبنى ءادم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين (31) قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبت من الرزق قل هي للذين ءامنوا في الحيوة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الأيات لقوم يعلمون (31) )) (الأعراف : 31 - 32 ) .
وفي القرآن المدني يخاطب الجماعة المؤمنة بقوله : (( يأيها الذين ءامنوا لا تحرما طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين (87) وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون (88) )) " المائدة : 87-88" .
وهاتان الآيتان الكريمتان تبينان للجماعة المؤمنة حقيقة منهج الإسلام في التمتع بالطيبات ، ومقاومة الغلو الذي وجد في بعض الأديان ، فقد روي في سبب النزول أن رهطا من الصحابة قالوا : نقطع مذاكيرنا ، ونترك شهوات الدنيا ، ونسبح في الأرض كالرهبان ! . وروي ان رجالا أرادوا أن يتبتلوا أو يخصوا أنفسهم ويلبسوا المسوح ( ملابس الرهبان ) فنزلت ..
وجاء عن أبن عباس : أن رجلا أتى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : يا رسول الله إني إذا أكلت من هذا اللحم انتشرت للنساء ، وإني حرمت علي اللحم . فنزلت (( يا أيها الذين آمنو لا تحرموا )) ( ذكر هذه الروايات ابن كثير في تفسيره) .
وفي الصحيحين عن عاشئة رضي الله عنها : أن ناسا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) سألو أزواج النبي ( عليه السلام ) عن عمله في السر ، فكأنهم تقالوها ( أي عدوها قليلة ) فقال بعضهم لا آكل اللحم .. وقال بعضهم : لا أتزوج النساء .. وقال بعضهم : لا أنام على فراش ، فبلغ ذلك النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال " ما بال أقوام يقول أحدهم كذا وكذا ، لكني أصوم وأفطر ، وأنام و أقوم ، وآكل اللحم ، واتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني".
وسنته - عليه الصلاة والسلام - تعني منهجه في فهم الدين وتطبيقه وكيف يعامل ربه عز وجل ن ويعامل نفسه وأهله والناس من حوله - معطيا كل ذي حق حقه ، في توازن واعتدال .
العيوب والآفات الملازمة للغلو في الدين :
وما كان هذا التحذير من التطرف والغلو إلا لأن فيه عيوبا وآفات أساسية تصاحبه وتلازمه . منها :
العيب الأول :
أنه منفر لا تحتمله طبيعة البشر العادية ، ولا تصبر عليه ، ولو صبر عليه قليل منهم لم يصبر عليه جمهورهم ، والشرائع إنما تخاطب الناس كافة ، لا فئة ذات مستوى خاص ، ولهذا غضب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على صاحبه الجليل " معاذ " حين صلى بالناس فأطال حتى شكاه أحدهم الى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال له : أفتان أنت يا معاذ ؟ ! وكررها ثلاثا ( رواه البخاري ) .
وفي واقعة مماثلة قال للإمام في غضب شديد لم يغضب مثله : " إن منكم منفرين ... من أم بالناس فليتجوز ، فإن خلفه الكبير والضعيف وذا الحاجة " ( رواه البخاري ) .
ولهذا لما بعض النبي ( صلى الله عليه وسلم ) معاذا وأبا موسى إلى اليمن أوصاهما بقوله " يسرا ولا تعسرا ، وبشرا ولا تنفرا ، وتطاوعا ولا تختلفا ..." (متفق عليه ) .
وقال عمر رضي الله عنه : لا تبغضوا الله إلى عباده ، فيكون أحدكم إماما فيطول على القوم الصلاة حتى يبغض اليهم ما هم فيه .
والعيب الثاني :
أنه قصير العمر ، والاستمرار عليه في العادة غير متيسر، فالإنسان ملول ، وطاقته محدودة ، فإن صبر يوما على التشدد والتعسير ، فسرعان ما تكل دابته أو تحرن عليه مطيته في السير ..
وأعني بهما جهده البدني والنفسي ، فيسأم ويدع العمل حتى القليل منه . أو يأخذ طريقا آخر ، على عكس الطريق الذي كان عليه .. أي ينتقل من الإفراط إلى التفريط ، ومن التشدد الى التسيب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وكثيرا ما رأيت أناسا عرفوا بالتشدد والتطرف حينا ، ثم غبت عنهم او غابوا عني زمنا فسألت عنهم بعد ، فإما ساروا في خط آخر ، وانقلبوا على أعقابهم ، والعياذ بالله .. وإما قد فتروا وانقطعوا كالمنبت الذي جاء ذكره في الحديث " فلا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى " ( رواه البزار عن جابر بإسناد ضعيف ) يريد بالمنبت الذي انقطع عنه رفقته بعد أن أجهد دابته .
ومن هنا كان التوجيه النبوي بقوله ( صلى الله عليه وسلم ) : " اكلفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا .. وإن أحب العمل إلى الله أدومها وإن قل " ( رواه الشيخان و أبو داود والنسائي عن عائشة رضي الله عنها ) .
وعن ابن عباس قال : كانت مولاة للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) تصوم النهار وتقوم الليل فقيل له : إنها تصوم النهار وتقوم الليل! فقال ( صلى الله عليه وسلم)
" إن لكل عمل شرة ( حدة ونشاطا ) ولكل شرة فترة ( استرخاء وفتور ) فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد ضل " (رواه البزار ورجاله رجال الصحيح ) .
وروى أحمد عن عبد الله بن عمرو قال : ذكر لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم)
رجال ينصبون في العبادة من أصحابه نصبا شديدا ، فقال : رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " تلك ضراوة الإسلام وشرته ، ولكل ضراوة شرة ، ولكل شرة فترة .. فمن كانت فترته إلى الكتاب والسنة فلامّ ما هو .. ومن كانت فترته الى معاصي الله فذلك الهالك " ( قال شاكر : إسناد صحيح ) ، ومعنى " لأمّ ما هو" أي يرجع إلى أصل ثابت عظيم أشار إليه بكلمة " آم " من القصد .. أي قصد الطريق المستقيم .
( وفي رواية الطبراني لهذا الحديث : ... فمن كانت فترته إلى اقتصاد ، فنعم ما هو .. ومن كانت فترته إلى المعاصي فأولئك هم الهالكون ) .
وما أجمل الوصية النبوية العامة لكل المكلفين : الوصية بالقصد والاعتدال ، وأن لا يحاولوا أن يغالبوا الدين ، فيغلبهم ، وأن يقاوموه بشدة ، فيقهرهم ، فقال (صلى الله عليه وسلم ) : "إن الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا وأبشروا ... " ( رواه البخاري والنسائي عن أبي هريرة ).
وقال العلامة المناوي في شرحه : يعني لا يتعمق أحد في العبادة ويترك الرفق كالرهبان ، إلا عجز ، فيغلب .. " فسددوا " أي : إن لم تستطيعو الأخذ بالأكمل فاعملوا بما يقرب منه " و أبشروا " أي : بالثواب على العمل الدائم وإن قل . أ هـ .
والعيب الثالث :
أنه لا يخلوا من جور على حقوق أخرى يجب أن ترعى ، وواجبات يجب أن تؤدى .. وما أصدق ما قاله أحد الحكماء : ما رأيت إسرافا إلا وبجانبه حق يضيع .. وقال ( صلى الله عليه وسلم ) لعبد الله بن عمرو حين بلغه انهماكه في العبادة انهماكا أنساه حق أهله عليه : ألم اخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل ؟
قال عبد الله : فقلت لي يا رسول الله ... فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : لا تفعل ، صم وأفطر ، وقم ونم .. فإن لجسدك عليك حقا .. و إن لعينيك عليك حقا .. و إن لزوجك عليك حقا .. وإن لزورك ( زوارك ) عليك حقا .. (رواه البخاري في كتاب الصوم ) .
يعني : فأعط كل ذي حق حقه ، ولا تغل في ناحية على حساب أخرى .
وكذلك قال الصحابي الفقيه سلمان الفارسي لأخيه العابد الزاهد أبي الدرداء ، وقد كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) آخى بينهما ، فزادت بينهما الألفة ، وسقطت الكلفة ، فزار سلمان أبا الدرداء ، فوجد أم الدرداء - زوجته - متبذلة (يعني : لابسة ثياب البذلة والمهنة لا ثياب الزينة والتجمل كما تفعل المرأة المتزوجة ) فقال لها : ما شأنك ؟ قالت : أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا ! فجاء أبو الدرداء فرحب بسلمان وقرب إليه طعاما فقال : كل ، فإني صائم ! فقال سلمان : ما أنا بآكل حتى تأكل .. وفي رواية البزار : أقسمت عليك لتفطر .. قال فأكل .. فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم .. فقال سلمان : نم .. فنام . ثم ذهب ليقوم ، فقال سلمان له : نم ، فلما كان آخر الليل قال سلمان : قم الآن .. فصليا ، فقال له سلمان : إن لربك عليك حقا ، ولنفسك عليك حقا ، ولأهلك عليك حقا ، فأعط كل ذي حق حقه ... فأتى أبو الدرداء النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فذكر ذلك له ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) صدق سلمان . (رواه البخاري والترمذي ) وفي رواية ابن سعد أنه ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " لقد أشبع سلمان علما ... "