تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لا تخالف..بل هز رأسك!!



Jinane
02-23-2004, 04:41 PM
النفوس شتى .. جبلت على طرائق قددا .
حساسة .. متنوعة .. متقلبة
رضاها يغلفه غنجٌ و دلال ..
وغضبها يحب الحرية والاسترسال ..
سيفها لا يُخفى في غمد ؛ بل هو عضبٌ مسلول .
وسهمها لا يلجأ إلى جعبة ؛ بل وتر قوسها مشدود .
فسبحان خالقها ومركب أسرارها !!

من أهل تلك النفوس من تستفزه كلمة أو موقف أو حدث ؛ فينسى معه قاموس التآخي والألفة ، فيجرد معه كل فضل كأن لم تكن بينه وبينهم مودة .

ومن أهلها من إذا جُهل عليه جَهُل فوق جهل الجاهلينا ، فلم يحلم أو يعفو أو يصبر فيرجو ما عند الله .

ومن أهلها من لا يعاتب أو يلوم تنجيماً أو تعجيلا إن ساءه أمر .. ..
بل يظهر الرضا ، ويبطن السخط ..
يظهر الابتسام ، وفي داخله يتعاظم الركام ..
حتى إذا بلغ السيل منه الزبى ، والحمل أطناناً وأطناناً ؛ انهار السد ، فانهمر السيل العرم حواليه وعليه !!
فيكيل بكيل من المعيار الثقيل ، طففته الذاكرة في نفس أحصت ما نسيه الآخرون ، فأرَّخته وضبطت ألفاظه .

إنه من الصعوبة بمكان التحكم في نمطية وآلية تفكير الآخرين ، وإجبارهم على منهج فكري بشري قاصر نفترض له الصحة والقبول ، وما لسواه الرفض والاستنكاف .. فنخاطب الناس بلهجة ( إما .. وإلا !! ) ونلغي المساحة الرمادية المفترضة بيننا وبين من نختلف معهم !!

وكما أن الاتفاق يعد مصدرا للتعاون والبناء المشترك ، فالاختلاف أيضاً يمنحنا التجديد والإثراء والصقل والإبداع والنمو .

وبمقدار ما نحن نختلف بمقدار ما ننحن نتفق !!

إن لكل فرد على هذه الخليقة نشأته وثقافته وتجربته ومصالحه وأوضاعه الاجتماعية والاقتصادية ؛ وتلك جميعا مسوغات حتمية لمشروعية الاختلاف في كثير من الأمور .
ولطالما وقع الكثير من الناس في الخلاف لاعتقادهم الداخلي بأنه لا ثمة خلاف .. وأصبحت العقول السوية تستهجن من يخرج ويقول : لا نختلف .. بل يجب أن نتفق !

الاختلاف وتباين وجهات النظر أمر لا مناص عنه وقل من سلم منه ، وحريٌّ بمن يعتد بمنهج ( لا خلاف ) أن لا يقود لنفسه الرقاب ، ويتصدر بشعار ( ما أريكم إلا ما أرى ) ، إنما يتجه للأسلوب الأمثل الغير متمثل برفض الخلاف أو قبوله على عواهنه ؛ بل في تبسيط التأزم المفتعل في حالات الخلاف بطرح سؤال خلاصته ( كيف نؤطر الخلاف ، ونجعل منه خلافاً إنتاجياً موضوعياً محدوداً ؟ ) .

فكما أن تعدد الخيارات ، وسوء الفهم ، وعدم تطابق المفاهيم والذوات ، وازدياد الخلطة ، وبروز عقلية الشح والخوف من المستقبل ، ونقص المرونة الفكرية والنفسية … ساهمت بشكل فاعل في تعميق الخلافات واتساع قطرها ، فإن ثمة طرق تساهم أيضا في تسطحيها وتأطيرها .

أذكر منها ضرباً للمثل لا للحصر ، مع التنبه بأن الحديث ليس عن أدب الخلاف وعلاجه ، بل عن تأطيره والتقليل منه :
( 1 ) خطط لاستغلال مواردك مهما كانت محدودة ، وهذا كفيل – بإذن الله – بأن يقلل من الآمال التي تعقدها على الآخرين إلى أدنى حد .. فيقل تبعاً العتب ، كما تقل خيبة الأمل.
وكما ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لنفر (( ألا تبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا : علام نبايعك ؟قال : تبايعونني على أن تعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا ، والصلوات الخمس ، وتطيعوا )) وأسر كلمة خفية (( ولاتسألوا الناس شيئا )) .
قال الرواي : فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم ، فما يسأل أحدا أن يناوله إياه .

( 2 ) حسِّن مهارات الاستماع ، ومهارات الحديث .. حتى لا تسيء فهم الآخرين ، ولا تتسبب في سوء فهمهم لك .
وقديماً قيل (( أساء فهماً ، فأساء إجابة )) .

( 3 ) تماسك و سيطر على انفعالاتك ، وتحكم بردود أفعالك .
فلا تجعل من نفسك فريسة للآخرين يستفزونك متى ما أردوا ، ويقحمونك في أزمات يفتعلونها.

( 4 ) لا تسرف في إعطاء الوعود للآخرين ، فتجعلهم يتوقعون منك ما لاتقدر عليه ، ويحملونك ما لا تحتمل .. ثم تكون الخيبة ، ومن ثم الغضب والاختلاف .
فكما عودت نفسك على هز الرأس للأعلى والأسفل ، فعودها أيضا على تحريكة يمنة ويسرة .

( 5 ) لا تعمد إلى التهديد ، أو الإكثار من النصائح و إصدار الأوامر والحكام إلا في أضيق الحدود .
فغالبا ما سببت الكثير من التوترات ، وفتح أبواب الحزازات .

( 6 ) لا يكن دأبك إلقاء اللوم على الآخرين ، بل ابحث دوما وفتش عن الحلول، وهذا كفيل بتأجيل الصراع ، وضمان لعدم تكراره .

وتذكر دوماً ( حَوِّل الخلاف من أزمة إلى فرصة ) .
_________________

no saowt
02-23-2004, 05:20 PM
قلنا هذا فقالوا نحن نكذب :)

إن شاء الله يقرأ الجميع هذه المقالة ويتعظوا منها

fakher
02-23-2004, 05:38 PM
قلنا .....
فقالوا .....


والله على ما نقول شهيد

المتأمل
02-23-2004, 07:14 PM
مقال بصراحة راااااائع جداً ويستحق الصدارة والمناقشة من كل واحد منا ...

يعطيكي العافية أختي Jinane ... وياريت تواصلي الدرس تلو الأخر في مجال إحترام الرأي الآخر كخلق إسلامي عظيم ..

تحياتي .