no saowt
01-22-2004, 02:28 AM
روايتان في أٍقل من عام يفاجئنا بهما "الزميل" محمد مصطفى علوش ابن العقد السابع، بعد طول عكوفٍ على زاويته اللاهبة "بصراحة" في جريــدة "الانشــاء" الــطرابلـسية، ومــا يزال·
"حكايات أبو النور" في 128 صفحة من القطع الوسط استعادة درامية لمن كانوا في "باب التبانة" تلك المنطقة الصابرة دائماً في طرابلس، يُوَلّف محمد علوش شخصيات مميزة لفتته بصبرها وعنادها وعصاميتها ليحكي لنا من خلالها أحداثاً لا تزال في الذاكرة خلال الخمسينيات وصولاً إلى أتون الحرب الأهلية، وما حفلت به من حكايا داخل باب التبانة ذاتها، مركزاً على "أبو النور" البطل والقاص وابن المنطقة الشهم والمخلص لقضايا الناس·
أما "حكايات العمر الضائع" الصادرة عن دار "الانشاء" في 220 صفحة فقد تكون في شكل أو بآخر تتمة لروايته السابقة، ان تتبعنا ترابط أحداثها مع حكايات بعض الناس المهمشين في باب التبانة، إلا أنها لا شك نقلة نوعية وجريئة في تعاطي المؤلف مع الهموم العربية بعين المراقب السياسي وتوليفة الصحافي وخلفية المناضل الذي لا يستريح رغم "النصائح" الودودة في الكف عن الالتفات إلى الوراء، وما يمكن ان تثيره هذه الالتفاتة من شجون·
عن الروايتين كانت لنا جلسة تجاوزت في مستهلها سؤاله عن مستوى دراسته وأنا أعلم أنه سينفي أي علاقة بين الثقافة والدراسة الأكاديمية، لا سيما وأن من يقرأ محمد مصطفى علوش في "زاويته" ثم في روايتيه لن يقتنع بأنه لم يصل إلى مرحلة التعليم الثانوي، وأن مدرسة "باب التبانة" بفقرائها ومناضليها وتياراتها التي تناوبت على أزقتها أفرغت عصارتها في وجدان "أبو مصطفى" كما يحب أن ينادى فظل أميناً على وقائعها عندما غادرها الآخرون لقاء حفنة··· من المراكز·
يقول محمد علوش رداً على سؤال: ان "حكايات أبو النور" هي القلق على مصير يعيشه شعب طرابلس وأقولها بصدق، انه لم يبقَ في ذاكرتي عن تلك المرحلة إلا الخجل من كوني عشتها وخدعت بكل طروحاتها· أما "أبو النور" فهو إنسان عادي عاش الكثير عن آلام وآمال الناس البسطاء الطيبين· نسي الكثير من الأحداث وتواريخها لأن ذاكرته بعدما تعرض له من قهر وظلم وإصابة، بحاجة إلى من ينزع الغبار المتراكم عليها· وكم أتمنى لو تسمح له ظروفه الصحية بالخروج من المصح إلى العالم والعودة إلى اسواق باب التبانة وزواريبها ليعود إلى ذاكرته ويروي لنا الحكايات بتفاصيل أكثر·
وهل يعتبر روايتيه في اطار المذكرات التي تؤرخ لمنطقة ما في حقبة معينة؟ فقال: كثيرون كتبوا أحداثاً تاريخية في قالب روائي، وليس من الضروري ان يكون الكاتب أميناً على الأحداث كأنه مؤرخ محقق، بل له الحق في تعديلها بما يخدم الخط الروائي دون ان يقلب الحقائق بالطبع· وبصفة عامة فان الأدب الواقعي مرتبط بحياة الناس ومعيشتهم، بفرحهم واحزانهم، وأن لا يخلو هذا الأدب من الأحاسيس التي يتوخى الروائي نقلها إلى القارئ·
أما عن اضطراره إلى أن يورد من حين لآخر بعض التعابير العامية والعبارات السوقية، فان محمد علوش يؤكد ان هناك بعض اللحظات الحوارية الدرامية لا يمكن لنا إلا أن نقترب في لغتها من المتداول حتى لا يبهت التصاعد الدرامي ويغدو مفتعلاً·
وفي الحقيقة أن الحوار مع مؤلف الروايتين ربما يكون أكثر متعة ومصداقية عندما يسترسل في إيراد الأسماء والوقائع التي استوحى منها محور "حكايات أبو النور" التي أهداها إلى شهداء قضوا، وشهداء أحياء منسيين، ولذكرى الرجل البسيط الحكيم ابن باب الذهب، باب التبانة، الذي زرع فامتد زرعه بعد وفاته طيبة وحكمة ونوراً·· والتي أهداها في رواية "حكايات العمر الضائع" "إلى الفدائيين الذين تركوا بيوتهم والتحقوا يقاتلون في صفوف جيش الانقاذ عام 1948، وإلى الجنود الذين قاتلوا وقتلوا في سيناء والجولان عام 1967 وغيّبت بطولاتهم واسماءهم نتائج الحربين"·
عبد القادر الأسمر
"طرابلس"
"حكايات أبو النور" في 128 صفحة من القطع الوسط استعادة درامية لمن كانوا في "باب التبانة" تلك المنطقة الصابرة دائماً في طرابلس، يُوَلّف محمد علوش شخصيات مميزة لفتته بصبرها وعنادها وعصاميتها ليحكي لنا من خلالها أحداثاً لا تزال في الذاكرة خلال الخمسينيات وصولاً إلى أتون الحرب الأهلية، وما حفلت به من حكايا داخل باب التبانة ذاتها، مركزاً على "أبو النور" البطل والقاص وابن المنطقة الشهم والمخلص لقضايا الناس·
أما "حكايات العمر الضائع" الصادرة عن دار "الانشاء" في 220 صفحة فقد تكون في شكل أو بآخر تتمة لروايته السابقة، ان تتبعنا ترابط أحداثها مع حكايات بعض الناس المهمشين في باب التبانة، إلا أنها لا شك نقلة نوعية وجريئة في تعاطي المؤلف مع الهموم العربية بعين المراقب السياسي وتوليفة الصحافي وخلفية المناضل الذي لا يستريح رغم "النصائح" الودودة في الكف عن الالتفات إلى الوراء، وما يمكن ان تثيره هذه الالتفاتة من شجون·
عن الروايتين كانت لنا جلسة تجاوزت في مستهلها سؤاله عن مستوى دراسته وأنا أعلم أنه سينفي أي علاقة بين الثقافة والدراسة الأكاديمية، لا سيما وأن من يقرأ محمد مصطفى علوش في "زاويته" ثم في روايتيه لن يقتنع بأنه لم يصل إلى مرحلة التعليم الثانوي، وأن مدرسة "باب التبانة" بفقرائها ومناضليها وتياراتها التي تناوبت على أزقتها أفرغت عصارتها في وجدان "أبو مصطفى" كما يحب أن ينادى فظل أميناً على وقائعها عندما غادرها الآخرون لقاء حفنة··· من المراكز·
يقول محمد علوش رداً على سؤال: ان "حكايات أبو النور" هي القلق على مصير يعيشه شعب طرابلس وأقولها بصدق، انه لم يبقَ في ذاكرتي عن تلك المرحلة إلا الخجل من كوني عشتها وخدعت بكل طروحاتها· أما "أبو النور" فهو إنسان عادي عاش الكثير عن آلام وآمال الناس البسطاء الطيبين· نسي الكثير من الأحداث وتواريخها لأن ذاكرته بعدما تعرض له من قهر وظلم وإصابة، بحاجة إلى من ينزع الغبار المتراكم عليها· وكم أتمنى لو تسمح له ظروفه الصحية بالخروج من المصح إلى العالم والعودة إلى اسواق باب التبانة وزواريبها ليعود إلى ذاكرته ويروي لنا الحكايات بتفاصيل أكثر·
وهل يعتبر روايتيه في اطار المذكرات التي تؤرخ لمنطقة ما في حقبة معينة؟ فقال: كثيرون كتبوا أحداثاً تاريخية في قالب روائي، وليس من الضروري ان يكون الكاتب أميناً على الأحداث كأنه مؤرخ محقق، بل له الحق في تعديلها بما يخدم الخط الروائي دون ان يقلب الحقائق بالطبع· وبصفة عامة فان الأدب الواقعي مرتبط بحياة الناس ومعيشتهم، بفرحهم واحزانهم، وأن لا يخلو هذا الأدب من الأحاسيس التي يتوخى الروائي نقلها إلى القارئ·
أما عن اضطراره إلى أن يورد من حين لآخر بعض التعابير العامية والعبارات السوقية، فان محمد علوش يؤكد ان هناك بعض اللحظات الحوارية الدرامية لا يمكن لنا إلا أن نقترب في لغتها من المتداول حتى لا يبهت التصاعد الدرامي ويغدو مفتعلاً·
وفي الحقيقة أن الحوار مع مؤلف الروايتين ربما يكون أكثر متعة ومصداقية عندما يسترسل في إيراد الأسماء والوقائع التي استوحى منها محور "حكايات أبو النور" التي أهداها إلى شهداء قضوا، وشهداء أحياء منسيين، ولذكرى الرجل البسيط الحكيم ابن باب الذهب، باب التبانة، الذي زرع فامتد زرعه بعد وفاته طيبة وحكمة ونوراً·· والتي أهداها في رواية "حكايات العمر الضائع" "إلى الفدائيين الذين تركوا بيوتهم والتحقوا يقاتلون في صفوف جيش الانقاذ عام 1948، وإلى الجنود الذين قاتلوا وقتلوا في سيناء والجولان عام 1967 وغيّبت بطولاتهم واسماءهم نتائج الحربين"·
عبد القادر الأسمر
"طرابلس"