شيركوه
11-29-2003, 11:50 AM
بسم الله الرحمن الرحيم …
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
الدعوة المرابطية :
المرابطون … من هم ؟ ما كانت أهدافهم ؟ كيف نشؤوا ؟ ما هي إنجازاتهم ؟ كيف انتهوا ؟
لم نتحدث عنهم ؟ سأقول لكم لم …
أتنهم يذكرونني بالطالبان … نعم … شيئا ما … و لأنهم صنعوا شيئا للأندلس العزيز … لم يصنعه أحد و هو انهم جعلوا هذه الأرض تبقى بين أيدي المسلمين بضع مئات من السنين الأخر .
و لان نشأتهم كانت لله ورسوله و للإسلام … و لأنهم كانوا مخلصين لدين الله … كانت لديهم أخطاء نعم … و لكن كان خيرهم اكبر من شرهم … و الآن لننتقل إلى قصتهم …
1- من هم ؟ و كيف نشؤوا ؟ و ما هي أهدافهم ؟
الدعوة المرابطية :
كان يحي بن إبراهيم الجدالي رجلا صالحا متحمسا للإسلام عاملا على نشره تواقا الى التزود بأحكامه وقد رحل عن بلاده طلبا لأداء فريضة الحج و زيارة المدينة المنورة سنة 440 ه . وفي طريق عودته إلى بلاده مر بمدينة القيروان ( تونس ) و قد كانت مركز إفريقية العلمي آنذاك .
و هناك التقى بالشيخ الصالح أبو عمران الفاسي و كان من فقهاء المالكية بتونس وانضم لحلقات دروسه و لما رأى أبو عمران ميل يحي للعلم سأله عن اسمه و اسم قبيلته و وطنه فأجاب انه يحي بن إبراهيم الجدالي من جدالة إحدى قبائل صنهاجة الجنوب ( و قيل بل من لمتونة و لمتونة و هي من صنهاجة و صنهاجة قبيلة بربرية و قيل بل اصلها عربية قدمت من اليمن و قيل إن اصلها حميري من اليمن أيضا ) و قد ارتاع أبو عمران حين اختبر يحي بن إبراهيم في بديهيات الإسلام و وجد انه لا يعرف منها إلا القليل القليل و لا يحفظ من كتاب الله و لا من سنة نبيه عليه افضل الصلاة و التسليم إلا القليل القليل جدا رغم انه أمير قومه وقال فيه : " انه صحيح النية و العقيدة و اليقين .جاهل بما يصلح دينه " . قال له أبو عمران : " ما يمنعك من التعلم ؟ " فقال له إبراهيم : " يا سيدي ! إن أهل بلادي قوم عمهم الجهل و ليس بينهم من يقرا القرآن وهم مع ذلك يحبون الخير و يرغبون فيه ويسارعون إليه و لو وجدوا من يعلمهم القرآن و يدرس لهم العلم و يفقههم في دينهم و يدعوهم للعمل بالكتاب و السنة و يعلمهم شرائع الإسلام و يبين لهم سنن النبي صلى الله عليه و سلم . فلو ابتغيت الثواب من الله تعالى بتعليمهم الخير لبعثت معي إلى بلادنا بعض طلبتك يقرئهم القرآن و يفقههم في الدين فيكون لك في ذلك الأجر العظيم و الثواب الجسيم إذ تكون سببا لهدايتهم " .
و قد تأثر الفقيه ابن عمران الفاسي بكلام يحي بن إبراهيم و هم بتلبية طلبه لانه رأى في ذلك تقربا إلى الله بنشر دينه بين أهل هذه البلاد الذين تفشت فيهم الجهالة و لما عرض أبو عمران الأمر على تلاميذه النابهين لم يوافق أحد لبعد الشقة و إشفاقهم من دخول الصحراء فدله الفقيه على رجل من فقهاء المغرب يدعى " واجاج بن زللو اللمطي " و كان يقيم بمدينة نفيس و هو فقيه من فقهاء أهل السوس الأقصى اخذ العلم عليه ثم انقطع للعبادة و العلم و أسس مدرسة مالكية في بلده و كثر عدد تلاميذه فبعث أبو عمران إبراهيم مع رسالة إلى واجاج فرحب به و أكرمه و دله على أحد تلاميذه وهو الشيخ " عبد الله بن ياسين الجزولي " فقبل الذهاب مع يحي بن إبراهيم اللمتوني الى الصحراء حيث مواطن جدالة و لمتونة .
عد الله الجزولي كان رجلا عالما فهم اللمتونيين و فوق ذلك كان متبحرا في العلم فقيها و كان زعيما شجاعا و قائدا مقداما ومجاهدا مخلصا و قد أهلته هذه الصفات الممتازة لإرساء أساس الدولة المرابطية التي خدمت الإسلام و نشرت أحكامه الصحيحة في الجنوب المغربي و السودان ( و التي كان يقصد بها في السابق النيجر و نيجيريا وهذه البلاد و ليست السودان التي نعرفها اليوم ) ثم ولت وجهها شطر الشمال فجددت عزة الإسلام في الأندلس و أعادت شوكته و لا سيما في عهد يوسف بن تاشفين .
و لما رأى عبد الله بن ياسين ما كانت عليه لمتونة من القوة و الرغبة في الدين قال لهم : "
إنكم إن صبرتم و نفذتم دين رسول الله صلى الله عليه و سلم و قد فتحتم ما كان من أمامكم ستفتحون إن شاء الله ما وراءكم " و أمرهم بالخروج من الصحراء إلى سجلماجة و درعة وكان أهلها تحت طاعة أمراء مغراوة الزناتية ( و هي من قبائل المغرب ) و كان بينهم صولات و جولات . تدرع عبد الله بن ياسين في بداية دعوته بالصبر ز لك يكد يستقر له المقام في بلاد لمتونة و جدالة حتى اخذ يعلمهم الدين و لكن وجد منهم نفورا في بعض أحكام الدين و يروي ابن الأثير قائلا " لما جاء عبد الله بن ياسين الذي اخذ يعلمهم عقائد الإسلام و فرائضه فقالوا له : ما ذكرت من الصلاة و الزكاة فصحيح وهو قريب و أما قولك من قتل يقتل و من سرق تقطع يده و من زنى يجلد أو يرجم فأمر لا نلتزمه فاذهب إلى غيرنا "
و هكذا هم اليأس أن يأخذ بعبد الله بن ياسين و أراد الرحيل عنهم إلا أن يحي بن إبراهيم تشبث به و حثه على البقاء و الصبر و قال له : " إني لا أتركك تنصرف و إنما جئت بك لانتفع بعلمك في خاصة نفسي و ديني وما علي فيمن ضل من قومي " ثم أشار على عبد الله بن ياسين بان يفرا بدينهما و يعتصما بجزيرة بنهر السنغال ( أو النيجر وقد كان يطلق عليه اسم نهر النيل أيضا ) فبنوا لهم رباطا هناك اتخذوه مكانا لعبادتهم و علمهم يعلمون فيه الناس أمور دينهم و يحثونهم على نبذ ما خالفه من البدع و الخرافات .و سرعان ما تجمعت حولهما طائفة من تلاميذ عبد الله و خاصة من جدالة و مسوفة و لمتونة و آخذت بالزيادة حتى بلغت ألفا من الرجال قاموا على نشر مبادئ الإسلام . و قد جعل عبد الله منهج المرابطين الدعوة إلى الحق فان رجع القوم فبها و إن أبوا و لجوا في طغيانهم قاتلوهم حتى يردوهم و قد سار على هذا الأمر المرابطون من بعده و تسموا بالمرابطين لأنهم كانوا يلزمون الرباط و هو مكان منعزل على أطراف دولة الإسلام و يكون على الحدود يحسره من يسمون بالمرابطين في سبيل الله وهكذا … عقد عبد الله بن ياسين لواء الجهاد ليحي بن عمر بن إبراهيم ( وهو ابن شقيق يحي و قد تولى بعد وفاة يحي ) وسماه أمير المسلمين . و لم يكن ملوك أو أمراء المرابطين من بعدهما إلا ملوكا مجاهدين قلما يقعد أحدهم عنه .
و قد كان رباط السنغال يلعب ثلاث أدوار : التعليم الخروج لقتال المشركين و القضاء على أصحاب الفتنة في شمال المغرب . و قد لعب دورا كبيرا في تاريخ الأندلس و المغرب . وكان نواة دولة المرابطين فيما بعد .
و قد كان يحي بن عمر شديد الانقياد و الطاعة لشيخه عبد الله حتى يروى انه مرة قال له : " وجب عليك الأدب يا ابن عمر … فقال له فيم يا سيدي ؟ فقال له لا أعرفك به حتى آخذه منك … فكشف عمر عن بشرته فضربه عشرين سوطا ثم قال له : إنما ضربتك لأنك باشرت القتال و أصليت الحرب بنفسك و ذلك خطا منك فان الأمير لا يقاتل بنفسه و إنما يقفو يحرض قومه على القتال ويقوي نفوسهم فان حياة الأمير حياة لجيشه و موته فناؤهم " . و إن دل ذلك على شيء يدل على تفاني ابن عمر و إخلاصه و يدل على دراية عبد الله بأساليب الحرب و إدارة المعارك الحربية .
وهكذا استولى المرابطون على جميع بلاد الصحراء وغزوا بلاد السودان ثم مالوا صوب الشمال ففتحوا سجلماجة و قضوا على أهل البدع فيها واحلوا محلها أحكام الإسلام ولم يذهب عبد الله بن ياسين إلى درعة و سجلماجة حتى استنجد به فقهاؤها و طلبوا إليه أن يقوم المرابطون بفتح البلاد و تطهيرها ففعلوا بإذن الله و كتب الله لهم النصر على أمراء مغراوة حتى غنموا منهم ما غنموا فوزعها عبد الله بما قضى الله في دينه . و قد استشهد ابن عمر يحي في إحدى الغزوات فولى عبد الله بن ياسين أبا بكر شقيق يحي بن عمر ليقود المرابطين في محرم سنة448 ه … و قد عين لقيادة جيشه ابن عمه يوسف بن تاشفين خير الأمراء المرابطين بل و خير أمير ولي المغرب و الأندلس منذ أمد و خير أمير ولي هذه البلاد حتى أمد … فوصلت فتوح المرابطين حتى بلغت بلاد السوس و خلصتها من أيدي الشيعة البجلية ثم اتجه أبو بكر لحرب المصامدة ( وهم أهل قبيلة مصمودة من قبائل المغرب ) و حتى وصلوا ما يقرب جنوب مدينة الدار البيضاء …حيث كانت قبائل برغواطة قد أوغلت في الكفر و الضلالة وكان بعضها يدين بالمجوسية و كان يقودهم أبو جعفر عبد الله بن اليسع بن صالح بن طريف المتنبي الكذاب ( و هو رجل يقال إن اصله يهودي و أنه أسلم ( !! ) في عهد هشام بن عبد الملك بن مروان و أن موطنه الأصلي الأندلس فنزل بلاد المغرب و قال لهم أنا صالح الذي ذكره الله في كتابه و كان قوم هذه البلدة المسماة ( تامسنا ) قوم جهال لا يعرفون معروفا و لا ينكرون منكرا فجعل هذا الكذاب الصيام في شهر رجب و فرض عليهم عشر صلوات خمس بالليل و خمس بالنهار و جعل الأضحية واجبة على كل من اتبعه في 21 محرم و شرع لهم في الوضوء غسل الصرة و الخاصرتين – فتأمل يرعاك الله !! -
و جعل صلاتهم إيماء لا ركوع فيها و لا سجود إلا في الركعة الأخيرة حيث يسجدون خمسا و أباح لهم الزواج من النساء قدر ما يشاءون و حرم الزواج من بنات العم !! و أمر بقتل السارق حيثما وجد وحرم راس الحيوان و لحم الدجاج!! – ذكرني هذا الرجل بالأحباش إلا انهم افضل منه بكل المقاييس – و اعتمد في صلاتهم على صياح الديكة التي حرم ذبحها ومن ذبح ديكا الزمه بعتق رقبة … بل و اصطنع لهم قرآنا يتلونه في صلواتهم و العياذ بالله و زعم بان من شك بأنه ليس موحى به من عند الله فهو كافر – و أنا أول الكافرين بهذا الرجل و كتابه المزعوم – و اشتمل كتابه المزعوم على 80 سورة سماها بأسماء الأنبياء بل و فيها سورة فرعون و سورة الديك !! و سورة إبليس !!!!!!!!! )
و قد كان بين المرابطين و بين هؤلاء القوم حروبا طاحنة حتى فتح الله عليهم … و في إحدى الغزوات أصيب عبد الله بن ياسين إصابة قاتلة فلما حضرته الوفاة قال للمرابطين كلاما يكتب بماء الذهب وهو : " يا معشر المرابطين ، إني ميت من يومي هذا لا محالة و إنكم في بلاد عدوكم فإياكم أن تجبنوا أو تتنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم و كونوا أعوانا على الحق و إخوانا في ذات الله و إياكم و التحاسد على الرياسة فان الله يؤتي ملكه من يشاء من خلقه و يستخلف في أرضه من أراد من عباده "
وقضى ذلك العالم العابد الزاهد المجاهد شهيدا في سبيل الله – نحسبه كذلك و الله حسيبه – في يوم الأحد 24 جمادى الأولى 451 ه و دفن في مكان يسمى كريفلة بالقرب من مدينة الرباط .
واستمر أبو بكر في حرب البرغواطيين حتى قضى على دعوتهم ثم تفرغ لحرب الصحراء تاركا أمر المغرب لابن عمه الأمير يوسف ابن تاشفين ثم نزل له عن الحكم بعد عودته و قد رأى عند عودته جيشا من المجاهدين فقدر انه لا يريد الحكم بعد ذلك و يريد الجهاد و رأى قوة ابن عمه فاطمأن له .
و يقول ابن الأثير عن يوسف بن تاشفين : " كان رجلا دينا خيرا حازما داهية مجربا " وقال فيه انه احسن السيرة في الرعية و لم يأخذ منهم سوى الزكاة و قال كذلك " و كان أمير المسلمين و طائفته على نهج أهل السنة و اتباع الشريعة فاستغاث به أهل المغرب فسار إليها و فتحها حصنا حصنا و بلدا بلدا فاحبه رعاياه و صلحت أحوالهم … و ملك طنجة و سبتة و سلا و غيرها … "
و قد قامت دولة المرابطين على أساس دينيو ليس سياسي و كان هدفها نشر الدعوة لا ملك البلاد و العباد و يعتبر المؤرخون أن عهد ابن تاشفين هو بداية تحول دولة المرابطين إلى دولة سياسية و انه أول ملك بربري يحكم المغرب و كون جيشا قويا من معظم قبائل المغرب على مذهب أهل السنة و قد كانت تتصارع في المغرب ملل و نحل من شيعة إلى برغواطية و خوارج و المذهب المالكي الذي كان ممثل أهل السنة في المغرب و لما جاءت دولة المرابطين نصرت هذا المذهب تحققت آمال المالكية بسيادة مذهبهم بدولة سنية سلفية .
2- ما هي إنجازاتهم ؟
موقعة الزّلاقة :
ان شاء الله تعالى نكملها في حلقة قادمة :)
و معها نهاية الدولة المرابطية :(
اخوكم في الله ابو الزبير فرقاني يرجو لكم كل الفائدة في هذا الموضوع
ملاحظة : المعلومات ماخوذة من كتاب التاريخ الاسلامي لحسن حسن
السلااااااااام عليكم و رحمة الله و بركاته :)
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
الدعوة المرابطية :
المرابطون … من هم ؟ ما كانت أهدافهم ؟ كيف نشؤوا ؟ ما هي إنجازاتهم ؟ كيف انتهوا ؟
لم نتحدث عنهم ؟ سأقول لكم لم …
أتنهم يذكرونني بالطالبان … نعم … شيئا ما … و لأنهم صنعوا شيئا للأندلس العزيز … لم يصنعه أحد و هو انهم جعلوا هذه الأرض تبقى بين أيدي المسلمين بضع مئات من السنين الأخر .
و لان نشأتهم كانت لله ورسوله و للإسلام … و لأنهم كانوا مخلصين لدين الله … كانت لديهم أخطاء نعم … و لكن كان خيرهم اكبر من شرهم … و الآن لننتقل إلى قصتهم …
1- من هم ؟ و كيف نشؤوا ؟ و ما هي أهدافهم ؟
الدعوة المرابطية :
كان يحي بن إبراهيم الجدالي رجلا صالحا متحمسا للإسلام عاملا على نشره تواقا الى التزود بأحكامه وقد رحل عن بلاده طلبا لأداء فريضة الحج و زيارة المدينة المنورة سنة 440 ه . وفي طريق عودته إلى بلاده مر بمدينة القيروان ( تونس ) و قد كانت مركز إفريقية العلمي آنذاك .
و هناك التقى بالشيخ الصالح أبو عمران الفاسي و كان من فقهاء المالكية بتونس وانضم لحلقات دروسه و لما رأى أبو عمران ميل يحي للعلم سأله عن اسمه و اسم قبيلته و وطنه فأجاب انه يحي بن إبراهيم الجدالي من جدالة إحدى قبائل صنهاجة الجنوب ( و قيل بل من لمتونة و لمتونة و هي من صنهاجة و صنهاجة قبيلة بربرية و قيل بل اصلها عربية قدمت من اليمن و قيل إن اصلها حميري من اليمن أيضا ) و قد ارتاع أبو عمران حين اختبر يحي بن إبراهيم في بديهيات الإسلام و وجد انه لا يعرف منها إلا القليل القليل و لا يحفظ من كتاب الله و لا من سنة نبيه عليه افضل الصلاة و التسليم إلا القليل القليل جدا رغم انه أمير قومه وقال فيه : " انه صحيح النية و العقيدة و اليقين .جاهل بما يصلح دينه " . قال له أبو عمران : " ما يمنعك من التعلم ؟ " فقال له إبراهيم : " يا سيدي ! إن أهل بلادي قوم عمهم الجهل و ليس بينهم من يقرا القرآن وهم مع ذلك يحبون الخير و يرغبون فيه ويسارعون إليه و لو وجدوا من يعلمهم القرآن و يدرس لهم العلم و يفقههم في دينهم و يدعوهم للعمل بالكتاب و السنة و يعلمهم شرائع الإسلام و يبين لهم سنن النبي صلى الله عليه و سلم . فلو ابتغيت الثواب من الله تعالى بتعليمهم الخير لبعثت معي إلى بلادنا بعض طلبتك يقرئهم القرآن و يفقههم في الدين فيكون لك في ذلك الأجر العظيم و الثواب الجسيم إذ تكون سببا لهدايتهم " .
و قد تأثر الفقيه ابن عمران الفاسي بكلام يحي بن إبراهيم و هم بتلبية طلبه لانه رأى في ذلك تقربا إلى الله بنشر دينه بين أهل هذه البلاد الذين تفشت فيهم الجهالة و لما عرض أبو عمران الأمر على تلاميذه النابهين لم يوافق أحد لبعد الشقة و إشفاقهم من دخول الصحراء فدله الفقيه على رجل من فقهاء المغرب يدعى " واجاج بن زللو اللمطي " و كان يقيم بمدينة نفيس و هو فقيه من فقهاء أهل السوس الأقصى اخذ العلم عليه ثم انقطع للعبادة و العلم و أسس مدرسة مالكية في بلده و كثر عدد تلاميذه فبعث أبو عمران إبراهيم مع رسالة إلى واجاج فرحب به و أكرمه و دله على أحد تلاميذه وهو الشيخ " عبد الله بن ياسين الجزولي " فقبل الذهاب مع يحي بن إبراهيم اللمتوني الى الصحراء حيث مواطن جدالة و لمتونة .
عد الله الجزولي كان رجلا عالما فهم اللمتونيين و فوق ذلك كان متبحرا في العلم فقيها و كان زعيما شجاعا و قائدا مقداما ومجاهدا مخلصا و قد أهلته هذه الصفات الممتازة لإرساء أساس الدولة المرابطية التي خدمت الإسلام و نشرت أحكامه الصحيحة في الجنوب المغربي و السودان ( و التي كان يقصد بها في السابق النيجر و نيجيريا وهذه البلاد و ليست السودان التي نعرفها اليوم ) ثم ولت وجهها شطر الشمال فجددت عزة الإسلام في الأندلس و أعادت شوكته و لا سيما في عهد يوسف بن تاشفين .
و لما رأى عبد الله بن ياسين ما كانت عليه لمتونة من القوة و الرغبة في الدين قال لهم : "
إنكم إن صبرتم و نفذتم دين رسول الله صلى الله عليه و سلم و قد فتحتم ما كان من أمامكم ستفتحون إن شاء الله ما وراءكم " و أمرهم بالخروج من الصحراء إلى سجلماجة و درعة وكان أهلها تحت طاعة أمراء مغراوة الزناتية ( و هي من قبائل المغرب ) و كان بينهم صولات و جولات . تدرع عبد الله بن ياسين في بداية دعوته بالصبر ز لك يكد يستقر له المقام في بلاد لمتونة و جدالة حتى اخذ يعلمهم الدين و لكن وجد منهم نفورا في بعض أحكام الدين و يروي ابن الأثير قائلا " لما جاء عبد الله بن ياسين الذي اخذ يعلمهم عقائد الإسلام و فرائضه فقالوا له : ما ذكرت من الصلاة و الزكاة فصحيح وهو قريب و أما قولك من قتل يقتل و من سرق تقطع يده و من زنى يجلد أو يرجم فأمر لا نلتزمه فاذهب إلى غيرنا "
و هكذا هم اليأس أن يأخذ بعبد الله بن ياسين و أراد الرحيل عنهم إلا أن يحي بن إبراهيم تشبث به و حثه على البقاء و الصبر و قال له : " إني لا أتركك تنصرف و إنما جئت بك لانتفع بعلمك في خاصة نفسي و ديني وما علي فيمن ضل من قومي " ثم أشار على عبد الله بن ياسين بان يفرا بدينهما و يعتصما بجزيرة بنهر السنغال ( أو النيجر وقد كان يطلق عليه اسم نهر النيل أيضا ) فبنوا لهم رباطا هناك اتخذوه مكانا لعبادتهم و علمهم يعلمون فيه الناس أمور دينهم و يحثونهم على نبذ ما خالفه من البدع و الخرافات .و سرعان ما تجمعت حولهما طائفة من تلاميذ عبد الله و خاصة من جدالة و مسوفة و لمتونة و آخذت بالزيادة حتى بلغت ألفا من الرجال قاموا على نشر مبادئ الإسلام . و قد جعل عبد الله منهج المرابطين الدعوة إلى الحق فان رجع القوم فبها و إن أبوا و لجوا في طغيانهم قاتلوهم حتى يردوهم و قد سار على هذا الأمر المرابطون من بعده و تسموا بالمرابطين لأنهم كانوا يلزمون الرباط و هو مكان منعزل على أطراف دولة الإسلام و يكون على الحدود يحسره من يسمون بالمرابطين في سبيل الله وهكذا … عقد عبد الله بن ياسين لواء الجهاد ليحي بن عمر بن إبراهيم ( وهو ابن شقيق يحي و قد تولى بعد وفاة يحي ) وسماه أمير المسلمين . و لم يكن ملوك أو أمراء المرابطين من بعدهما إلا ملوكا مجاهدين قلما يقعد أحدهم عنه .
و قد كان رباط السنغال يلعب ثلاث أدوار : التعليم الخروج لقتال المشركين و القضاء على أصحاب الفتنة في شمال المغرب . و قد لعب دورا كبيرا في تاريخ الأندلس و المغرب . وكان نواة دولة المرابطين فيما بعد .
و قد كان يحي بن عمر شديد الانقياد و الطاعة لشيخه عبد الله حتى يروى انه مرة قال له : " وجب عليك الأدب يا ابن عمر … فقال له فيم يا سيدي ؟ فقال له لا أعرفك به حتى آخذه منك … فكشف عمر عن بشرته فضربه عشرين سوطا ثم قال له : إنما ضربتك لأنك باشرت القتال و أصليت الحرب بنفسك و ذلك خطا منك فان الأمير لا يقاتل بنفسه و إنما يقفو يحرض قومه على القتال ويقوي نفوسهم فان حياة الأمير حياة لجيشه و موته فناؤهم " . و إن دل ذلك على شيء يدل على تفاني ابن عمر و إخلاصه و يدل على دراية عبد الله بأساليب الحرب و إدارة المعارك الحربية .
وهكذا استولى المرابطون على جميع بلاد الصحراء وغزوا بلاد السودان ثم مالوا صوب الشمال ففتحوا سجلماجة و قضوا على أهل البدع فيها واحلوا محلها أحكام الإسلام ولم يذهب عبد الله بن ياسين إلى درعة و سجلماجة حتى استنجد به فقهاؤها و طلبوا إليه أن يقوم المرابطون بفتح البلاد و تطهيرها ففعلوا بإذن الله و كتب الله لهم النصر على أمراء مغراوة حتى غنموا منهم ما غنموا فوزعها عبد الله بما قضى الله في دينه . و قد استشهد ابن عمر يحي في إحدى الغزوات فولى عبد الله بن ياسين أبا بكر شقيق يحي بن عمر ليقود المرابطين في محرم سنة448 ه … و قد عين لقيادة جيشه ابن عمه يوسف بن تاشفين خير الأمراء المرابطين بل و خير أمير ولي المغرب و الأندلس منذ أمد و خير أمير ولي هذه البلاد حتى أمد … فوصلت فتوح المرابطين حتى بلغت بلاد السوس و خلصتها من أيدي الشيعة البجلية ثم اتجه أبو بكر لحرب المصامدة ( وهم أهل قبيلة مصمودة من قبائل المغرب ) و حتى وصلوا ما يقرب جنوب مدينة الدار البيضاء …حيث كانت قبائل برغواطة قد أوغلت في الكفر و الضلالة وكان بعضها يدين بالمجوسية و كان يقودهم أبو جعفر عبد الله بن اليسع بن صالح بن طريف المتنبي الكذاب ( و هو رجل يقال إن اصله يهودي و أنه أسلم ( !! ) في عهد هشام بن عبد الملك بن مروان و أن موطنه الأصلي الأندلس فنزل بلاد المغرب و قال لهم أنا صالح الذي ذكره الله في كتابه و كان قوم هذه البلدة المسماة ( تامسنا ) قوم جهال لا يعرفون معروفا و لا ينكرون منكرا فجعل هذا الكذاب الصيام في شهر رجب و فرض عليهم عشر صلوات خمس بالليل و خمس بالنهار و جعل الأضحية واجبة على كل من اتبعه في 21 محرم و شرع لهم في الوضوء غسل الصرة و الخاصرتين – فتأمل يرعاك الله !! -
و جعل صلاتهم إيماء لا ركوع فيها و لا سجود إلا في الركعة الأخيرة حيث يسجدون خمسا و أباح لهم الزواج من النساء قدر ما يشاءون و حرم الزواج من بنات العم !! و أمر بقتل السارق حيثما وجد وحرم راس الحيوان و لحم الدجاج!! – ذكرني هذا الرجل بالأحباش إلا انهم افضل منه بكل المقاييس – و اعتمد في صلاتهم على صياح الديكة التي حرم ذبحها ومن ذبح ديكا الزمه بعتق رقبة … بل و اصطنع لهم قرآنا يتلونه في صلواتهم و العياذ بالله و زعم بان من شك بأنه ليس موحى به من عند الله فهو كافر – و أنا أول الكافرين بهذا الرجل و كتابه المزعوم – و اشتمل كتابه المزعوم على 80 سورة سماها بأسماء الأنبياء بل و فيها سورة فرعون و سورة الديك !! و سورة إبليس !!!!!!!!! )
و قد كان بين المرابطين و بين هؤلاء القوم حروبا طاحنة حتى فتح الله عليهم … و في إحدى الغزوات أصيب عبد الله بن ياسين إصابة قاتلة فلما حضرته الوفاة قال للمرابطين كلاما يكتب بماء الذهب وهو : " يا معشر المرابطين ، إني ميت من يومي هذا لا محالة و إنكم في بلاد عدوكم فإياكم أن تجبنوا أو تتنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم و كونوا أعوانا على الحق و إخوانا في ذات الله و إياكم و التحاسد على الرياسة فان الله يؤتي ملكه من يشاء من خلقه و يستخلف في أرضه من أراد من عباده "
وقضى ذلك العالم العابد الزاهد المجاهد شهيدا في سبيل الله – نحسبه كذلك و الله حسيبه – في يوم الأحد 24 جمادى الأولى 451 ه و دفن في مكان يسمى كريفلة بالقرب من مدينة الرباط .
واستمر أبو بكر في حرب البرغواطيين حتى قضى على دعوتهم ثم تفرغ لحرب الصحراء تاركا أمر المغرب لابن عمه الأمير يوسف ابن تاشفين ثم نزل له عن الحكم بعد عودته و قد رأى عند عودته جيشا من المجاهدين فقدر انه لا يريد الحكم بعد ذلك و يريد الجهاد و رأى قوة ابن عمه فاطمأن له .
و يقول ابن الأثير عن يوسف بن تاشفين : " كان رجلا دينا خيرا حازما داهية مجربا " وقال فيه انه احسن السيرة في الرعية و لم يأخذ منهم سوى الزكاة و قال كذلك " و كان أمير المسلمين و طائفته على نهج أهل السنة و اتباع الشريعة فاستغاث به أهل المغرب فسار إليها و فتحها حصنا حصنا و بلدا بلدا فاحبه رعاياه و صلحت أحوالهم … و ملك طنجة و سبتة و سلا و غيرها … "
و قد قامت دولة المرابطين على أساس دينيو ليس سياسي و كان هدفها نشر الدعوة لا ملك البلاد و العباد و يعتبر المؤرخون أن عهد ابن تاشفين هو بداية تحول دولة المرابطين إلى دولة سياسية و انه أول ملك بربري يحكم المغرب و كون جيشا قويا من معظم قبائل المغرب على مذهب أهل السنة و قد كانت تتصارع في المغرب ملل و نحل من شيعة إلى برغواطية و خوارج و المذهب المالكي الذي كان ممثل أهل السنة في المغرب و لما جاءت دولة المرابطين نصرت هذا المذهب تحققت آمال المالكية بسيادة مذهبهم بدولة سنية سلفية .
2- ما هي إنجازاتهم ؟
موقعة الزّلاقة :
ان شاء الله تعالى نكملها في حلقة قادمة :)
و معها نهاية الدولة المرابطية :(
اخوكم في الله ابو الزبير فرقاني يرجو لكم كل الفائدة في هذا الموضوع
ملاحظة : المعلومات ماخوذة من كتاب التاريخ الاسلامي لحسن حسن
السلااااااااام عليكم و رحمة الله و بركاته :)