أبو يونس العباسي
02-18-2012, 06:56 PM
[[أسباب العقوبات العامة]]
الحمد لله الذي جعل نصرة المسلم لأخيه المسلم فرض وواجب , ورتب عليه في الجنة أعلى المنازل والمراتب , وحث عليها الناس من أمي وكاتب , وأشهد أن لا إله إلا الله , وحده لاشريك له , رب المشارق والمغارب , والصلاة والسلام على سيدنا محمد , الذي أمر بالمكرمات ونهى عن المعائب , ورضي الله عن الآل والصحب , ذووا الخوارق والعجائب ... ثم أما بعد :
نرى كثيرا من البلاءات والعقوبات العامة قد حلت بأمتنا المسلمة , وهذه السطور تعالج أسباب هذه العقوبات , والحكم الإلهية المرجوة منها , وسبل النجاة , والله الموفق ...
[1ـ من أسباب العقوبات العامة: كفر النعم]
قال الله تعالى:
{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113)}[النحل]
فكيف يكون كفر النعم؟
يكون كفر النعم على صور منها:
الأولى منهما:إغفال شكر المنعم – سبحانه وتعالى - , وكيف لنا أن نغفل عن شكر المنعم والله يقول:
{ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)}[الضحى]
والثانية: استخدام النعم في معصية الله -سبحانه وتعالى -.
وكفر النعم مصطلح يضاده شكر النعم , وإن كان الكثيرون منا يشكرون الله على نعمه باللسان , إلا أن الكثيرين يهملون شكره بالعمل , واستخدام هذه النعم في طاعة الله U...
قال الله تعالى:
{... اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13)}[سبأ]
ومن السنن الثابتة أن شكر الله على نعمه مؤذن بالمزيد , والكفر مؤذن بالزوال ...
قال الله تعالى:
{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)}[إبراهيم]
[2ـ من أسباب العقوبات العامة: الاستماع إلى الموسيقي وآلات اللهو]
أخرج الترمذي في سننه عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ t ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
«فِي هَذِهِ الأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ» ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَتَى ذَاكَ؟ قَالَ: «إِذَا ظَهَرَتِ القَيْنَاتُ وَالمَعَازِفُ وَشُرِبَتِ الخُمُورُ»
[3ـ من أسباب العقوبات العامة: سكوت الصالحين عن المنكرات والمعاصي التي تحدث في المجتمع]
قال الله تعالى:
{ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)}[الأنفال]
فما هو المقصود بقوله تعالى: { لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}؟
أي: تصيب فاعل الظلم والساكت عنه , وذلك إذا ظهر الظلم فلم يُغير ، فإن عقوبته تعم الفاعل وغيره ، والنجاة من هذه الفتنة يكون بالنهي عن المنكر ، وقمع أهل الشر والفساد ، وأن لا يمكنوا من المعاصي والظلم مهما أمكن.
وأخرج البخاري ومسلم في صحيحهما عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ قَالَتْ: اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَوْمٍ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ وَهُوَ يَقُولُ:
«لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ _ يُرَدِّدُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ _وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وَعَقَدَ عَشْرًا» ،
قَالَتْ زَيْنَبُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ:
«نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الخُبْثُ»
وجاء عند الحميدي أن عمر بن عبد العزيز – رحمه الله - قال:
« إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة , ولكن إذا ظهرت المعاصي فلم تُغير , عُذب العامة والخاصة »
[4ـ من أسباب العقوبات العامة: خذلان المظلوم والسكوت عن الظالم]
أخرج الترمذي في سننه عن أَبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ، قَالَ : يَا أيّها النَّاس ، إنّكم لتَقرؤُون هذِهِ الآية : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } [ المائدة : 105 ] وإني سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول:
« إنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يأخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أوشَكَ أنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ »
قال عرقوب بن عتريس الشيباني – رحمه الله -:
<< إذا رأيت المنكر فلم تستطع له تغييرا بيدك ولا بلسانك , فليس أقل من أن تعبس في وجه صاحبه>>
أخرج البخاري عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- :
« انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا » , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ :« تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ ».
فماذا عسانا سنقول لربنا عن إخواننا الذين خذلناهم في أفغانستانوالعراق والشيشان والصومال وسوريا وفلسطين ولبنان وغيرها من البلدان؟
اللهم يسر لنا نصرة الحق وأهله في كل مكان.
[5ـ من أسباب العقوبات العامة الانشغال بالدنيا وزخرفها , والغفلة عن الآخرة والعمل له]
أخرج أحمد في مسنده عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ t عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
«إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنْ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ , فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ , ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - { فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ }»
وأخرج البخاري ومسلم عن عَمْرَو بْنَ عَوْفٍt قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- :
«فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ ، فَوَاللهِمَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ ، كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا ، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ.»
وأخرج مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
«إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ.»
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ بَشَّارٍ:
«لِيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ»
أخرج البخاري عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ :
«أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ , أُتِىَ بِطَعَامٍ وَكَانَ صَائِمًا فَقَالَ : قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ , وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّى , وَكُفِّنَ فِى بُرْدَةٍ , إِنْ غُطِّىَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلاَهُ ، وَإِنْ غُطِّىَ رِجْلاَهُ بَدَا رَأْسُهُ , وَقُتِلَ حَمْزَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّى ، ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا , أَوْ قَالَ أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا , وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَاوَجَعَلَ يَبْكِى حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ».
[6ـ ومن أسباب العقوبات العامة أيضا]
ومن أسباب العقوبات العامة أيضا أمورا خمسة ألا وهي:
1ـ الحكم بغير ما أنزل الله.
2ـ منع الزكاة.
3ـ نقض عهد الله وعهد رسول الله.
4ـ الغش في المعاملات التجارية , أو نقص المكيال والميزان.
5ـ انتشار الزنا والفواحش.
أخرج ابن ماجه في سننه عن عبد الله بن عمر t قال أقبل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فقال:
((يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن:
1ـ لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها , إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ,
2ـ ولم ينقصوا المكيال والميزان , إلا أخذوا بالسنين , وشدة المئونة , وجور السلطان عليهم ,
3ـ ولم يمنعوا زكاة أموالهم , إلا منعوا القطر من السماء , ولولا البهائم لم يمطروا ,
4ـ ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله , إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم , فأخذوا بعض ما في أيديهم ,
5ـ وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله , ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم.))
[اللهم إنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة]
وفي المحصلة:
فإن ارتكاب الذنوب والمعاصي من أهم أسباب العقوبات العامة ...
قال الله تعالى:
{ وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39) فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)}[العنكبوت]
وقال أيضا:
{ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (31)}[الشورى]
[الحكم الإلهية من العقوبات العامة]
والعقوبات والبلاءات التي يبتلي الله بها عباده لها حكم كثيرة , فالله لا يعاقب بغية في العقاب , ولا يعذب بهدف العذاب وفقط , بل لحكم ساميات , وغايات رفيعات منها:
1ـ يعاقب الله عباده ليتوبوا إليه ويؤبوا ويرجعوا إليه I ....
قال الله تعالى:
{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)}[الروم]
وقال أيضا:
{وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (48)}[الزخرف]
2ـ يعاقب الله I عباده تكفيرا لسيئاتهم ...
ففي الصحيحين عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ وَأَبِى هُرَيْرَةَ - رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ :
« مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ سَقَمٍ وَلاَ حَزَنٍ حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ إِلاَّ كُفِّرَ عَنْهُ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ ».
3ـ يعاقب الله عباده رفعة لدرجاتهم ...
أخرج مسلم في صحيحه عن أبي يحيى صهيب بن سنانٍ - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :
(( عَجَباً لأمْرِ المُؤمنِ إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خيرٌ ولَيسَ ذلِكَ لأَحَدٍ إلاَّ للمُؤْمِن : إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكانَ خَيراً لَهُ ، وإنْ أصَابَتْهُ ضرَاءُ صَبَرَ فَكانَ خَيْراً لَهُ ))
4ـ ويعاقب الله عباده للتمييز بين من يصبر على البلاء ممن لا يصبر ....
قال الله تعالى:
{ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179) }[آل عمران]
[أسباب النجاة من العقوبات العامة]
وللنجاة من العقوبات العامة أسبابا منها:
1ـ الاستغفار ...
قال الله تعالى:
{ وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)}[الأنفال]
2ـ الدعاء ...
قال الله تعالى:
{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)}[الأنبياء]
وأخرج الترمذي في سننه عنْ سَلْمَانَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ ، وَلَا يَزِيدُ فِي العُمْرِ إِلَّا البِرُّ»
3ـ تحقيق الإيمان اعتقادا وقولا وسلوكا ...
قال الله تعالى:
{فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْفَنَفَعَهَاإِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (98)}[يونس]
قال الحسن البصري – رحمه الله -:
<< ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني , ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل>>
4ـ اجتناب أسباب العقوبات العامة التي سبق ذكرها.
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
وصلاة وسلاما دائمين على الحبيب الأمين محمد r.
غزة العزة
26 ربيع الأول لعام 1433هـ
الموافق 18 – 2 – 2012م
الحمد لله الذي جعل نصرة المسلم لأخيه المسلم فرض وواجب , ورتب عليه في الجنة أعلى المنازل والمراتب , وحث عليها الناس من أمي وكاتب , وأشهد أن لا إله إلا الله , وحده لاشريك له , رب المشارق والمغارب , والصلاة والسلام على سيدنا محمد , الذي أمر بالمكرمات ونهى عن المعائب , ورضي الله عن الآل والصحب , ذووا الخوارق والعجائب ... ثم أما بعد :
نرى كثيرا من البلاءات والعقوبات العامة قد حلت بأمتنا المسلمة , وهذه السطور تعالج أسباب هذه العقوبات , والحكم الإلهية المرجوة منها , وسبل النجاة , والله الموفق ...
[1ـ من أسباب العقوبات العامة: كفر النعم]
قال الله تعالى:
{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113)}[النحل]
فكيف يكون كفر النعم؟
يكون كفر النعم على صور منها:
الأولى منهما:إغفال شكر المنعم – سبحانه وتعالى - , وكيف لنا أن نغفل عن شكر المنعم والله يقول:
{ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)}[الضحى]
والثانية: استخدام النعم في معصية الله -سبحانه وتعالى -.
وكفر النعم مصطلح يضاده شكر النعم , وإن كان الكثيرون منا يشكرون الله على نعمه باللسان , إلا أن الكثيرين يهملون شكره بالعمل , واستخدام هذه النعم في طاعة الله U...
قال الله تعالى:
{... اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13)}[سبأ]
ومن السنن الثابتة أن شكر الله على نعمه مؤذن بالمزيد , والكفر مؤذن بالزوال ...
قال الله تعالى:
{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)}[إبراهيم]
[2ـ من أسباب العقوبات العامة: الاستماع إلى الموسيقي وآلات اللهو]
أخرج الترمذي في سننه عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ t ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
«فِي هَذِهِ الأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ» ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَتَى ذَاكَ؟ قَالَ: «إِذَا ظَهَرَتِ القَيْنَاتُ وَالمَعَازِفُ وَشُرِبَتِ الخُمُورُ»
[3ـ من أسباب العقوبات العامة: سكوت الصالحين عن المنكرات والمعاصي التي تحدث في المجتمع]
قال الله تعالى:
{ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)}[الأنفال]
فما هو المقصود بقوله تعالى: { لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}؟
أي: تصيب فاعل الظلم والساكت عنه , وذلك إذا ظهر الظلم فلم يُغير ، فإن عقوبته تعم الفاعل وغيره ، والنجاة من هذه الفتنة يكون بالنهي عن المنكر ، وقمع أهل الشر والفساد ، وأن لا يمكنوا من المعاصي والظلم مهما أمكن.
وأخرج البخاري ومسلم في صحيحهما عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ قَالَتْ: اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَوْمٍ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ وَهُوَ يَقُولُ:
«لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ _ يُرَدِّدُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ _وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وَعَقَدَ عَشْرًا» ،
قَالَتْ زَيْنَبُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ:
«نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الخُبْثُ»
وجاء عند الحميدي أن عمر بن عبد العزيز – رحمه الله - قال:
« إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة , ولكن إذا ظهرت المعاصي فلم تُغير , عُذب العامة والخاصة »
[4ـ من أسباب العقوبات العامة: خذلان المظلوم والسكوت عن الظالم]
أخرج الترمذي في سننه عن أَبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ، قَالَ : يَا أيّها النَّاس ، إنّكم لتَقرؤُون هذِهِ الآية : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } [ المائدة : 105 ] وإني سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول:
« إنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يأخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أوشَكَ أنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ »
قال عرقوب بن عتريس الشيباني – رحمه الله -:
<< إذا رأيت المنكر فلم تستطع له تغييرا بيدك ولا بلسانك , فليس أقل من أن تعبس في وجه صاحبه>>
أخرج البخاري عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- :
« انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا » , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ :« تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ ».
فماذا عسانا سنقول لربنا عن إخواننا الذين خذلناهم في أفغانستانوالعراق والشيشان والصومال وسوريا وفلسطين ولبنان وغيرها من البلدان؟
اللهم يسر لنا نصرة الحق وأهله في كل مكان.
[5ـ من أسباب العقوبات العامة الانشغال بالدنيا وزخرفها , والغفلة عن الآخرة والعمل له]
أخرج أحمد في مسنده عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ t عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
«إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنْ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ , فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ , ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - { فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ }»
وأخرج البخاري ومسلم عن عَمْرَو بْنَ عَوْفٍt قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- :
«فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ ، فَوَاللهِمَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ ، كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا ، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ.»
وأخرج مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
«إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ.»
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ بَشَّارٍ:
«لِيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ»
أخرج البخاري عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ :
«أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ , أُتِىَ بِطَعَامٍ وَكَانَ صَائِمًا فَقَالَ : قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ , وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّى , وَكُفِّنَ فِى بُرْدَةٍ , إِنْ غُطِّىَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلاَهُ ، وَإِنْ غُطِّىَ رِجْلاَهُ بَدَا رَأْسُهُ , وَقُتِلَ حَمْزَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّى ، ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا , أَوْ قَالَ أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا , وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَاوَجَعَلَ يَبْكِى حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ».
[6ـ ومن أسباب العقوبات العامة أيضا]
ومن أسباب العقوبات العامة أيضا أمورا خمسة ألا وهي:
1ـ الحكم بغير ما أنزل الله.
2ـ منع الزكاة.
3ـ نقض عهد الله وعهد رسول الله.
4ـ الغش في المعاملات التجارية , أو نقص المكيال والميزان.
5ـ انتشار الزنا والفواحش.
أخرج ابن ماجه في سننه عن عبد الله بن عمر t قال أقبل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فقال:
((يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن:
1ـ لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها , إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ,
2ـ ولم ينقصوا المكيال والميزان , إلا أخذوا بالسنين , وشدة المئونة , وجور السلطان عليهم ,
3ـ ولم يمنعوا زكاة أموالهم , إلا منعوا القطر من السماء , ولولا البهائم لم يمطروا ,
4ـ ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله , إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم , فأخذوا بعض ما في أيديهم ,
5ـ وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله , ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم.))
[اللهم إنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة]
وفي المحصلة:
فإن ارتكاب الذنوب والمعاصي من أهم أسباب العقوبات العامة ...
قال الله تعالى:
{ وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39) فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)}[العنكبوت]
وقال أيضا:
{ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (31)}[الشورى]
[الحكم الإلهية من العقوبات العامة]
والعقوبات والبلاءات التي يبتلي الله بها عباده لها حكم كثيرة , فالله لا يعاقب بغية في العقاب , ولا يعذب بهدف العذاب وفقط , بل لحكم ساميات , وغايات رفيعات منها:
1ـ يعاقب الله عباده ليتوبوا إليه ويؤبوا ويرجعوا إليه I ....
قال الله تعالى:
{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)}[الروم]
وقال أيضا:
{وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (48)}[الزخرف]
2ـ يعاقب الله I عباده تكفيرا لسيئاتهم ...
ففي الصحيحين عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ وَأَبِى هُرَيْرَةَ - رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ :
« مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ سَقَمٍ وَلاَ حَزَنٍ حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ إِلاَّ كُفِّرَ عَنْهُ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ ».
3ـ يعاقب الله عباده رفعة لدرجاتهم ...
أخرج مسلم في صحيحه عن أبي يحيى صهيب بن سنانٍ - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :
(( عَجَباً لأمْرِ المُؤمنِ إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خيرٌ ولَيسَ ذلِكَ لأَحَدٍ إلاَّ للمُؤْمِن : إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكانَ خَيراً لَهُ ، وإنْ أصَابَتْهُ ضرَاءُ صَبَرَ فَكانَ خَيْراً لَهُ ))
4ـ ويعاقب الله عباده للتمييز بين من يصبر على البلاء ممن لا يصبر ....
قال الله تعالى:
{ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179) }[آل عمران]
[أسباب النجاة من العقوبات العامة]
وللنجاة من العقوبات العامة أسبابا منها:
1ـ الاستغفار ...
قال الله تعالى:
{ وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)}[الأنفال]
2ـ الدعاء ...
قال الله تعالى:
{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)}[الأنبياء]
وأخرج الترمذي في سننه عنْ سَلْمَانَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ ، وَلَا يَزِيدُ فِي العُمْرِ إِلَّا البِرُّ»
3ـ تحقيق الإيمان اعتقادا وقولا وسلوكا ...
قال الله تعالى:
{فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْفَنَفَعَهَاإِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (98)}[يونس]
قال الحسن البصري – رحمه الله -:
<< ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني , ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل>>
4ـ اجتناب أسباب العقوبات العامة التي سبق ذكرها.
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
وصلاة وسلاما دائمين على الحبيب الأمين محمد r.
غزة العزة
26 ربيع الأول لعام 1433هـ
الموافق 18 – 2 – 2012م