من هناك
01-05-2012, 05:00 PM
الخميس 05 يناير 2012
http://38.121.76.242/memoadmin/media//version4_train-1_340_309_.jpg
محمد السيد عبد الرازق
جاء البراء بن معرور وكعب بن مالك رضي الله عنهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمفي مكة، وهو جالس مع عمه العباس رضي الله عنه، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل؟)، قال: نعم، هذا البراء بن معرور سيد قومه، وهذا كعب بن مالك، فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: (الشاعر؟!)، قال: نعم.
يقول كعب بن مالك: فوالله، ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشاعر) [الروض الأنف، السهيلي، (2/261)]، فانظر ـ عزيزي الشاب ـ كيف تكون كلمات الاهتمام والتقدير بلسمًا تطيب به النفوس، وتنشرح به الصدور، وتطمئن له القلوب؟!
فكيف يعطيك شخص مفتاح الدخول إلى عالمه، دون أن يشعر بحاجتك إلى المفتاح؟ وكيف يحكي لك شخص أهم قصة قرأها ـ قصة حياته ـ دون أن يشعر بأشواقك إلى السماع؟! وكيف يعرض عليك تصوراته، دون أن يلحظ في بريق عينيك رغبة وتلهفًا للاستماع؟!
الطوابع والاتصال الفعال:
وانظر أيضًا كيف كان الاهتمام بما يهم الآخرين جسرًا يقوي الاتصال بهم، وذلك من خلال هذه القصة التي يحكيها لنا أحد تلامذة ديل كارنيجي، ويُدعى تشارلز وولترز، والذي كان مكلفًا بأن يعد تقريرًا سريًّا عن إحدى الشركات، ولم يكن يعرف إلا شخصًا واحدًا، لديه المعلومات التي كان يحتاجها بشكل عاجل.
وبينما كان وولترز جالسًا عند ذلك الرجل ـ وهو رئيس الشركة ـ إذا بموظفة تقول للرئيس أنها لم تجد أي طوابع اليوم، وأوضح الرئيس لوولترز أنه يقوم بجمع الطوابع؛ لأجل ابنه البالغ من العمر اثني عشر عامًا.
صرح وولترز بمهمته، وبدأ في طرح الأسئلة، وعمد المدير إلى الغموض والتعميم وعدم الوضوح، ولم يكن يريد أن يتحدث، واتضح أنه ليس هناك شيء يمكن أن يقنعه بالحديث، وهكذا كانت المقابلة قصيرة وجافة.
(يقول وولترز: بصراحة لم أعرف ماذا أفعل؟ ثم تذكرت ما قالته له سكرتيرته: (طوابع ... ابن في الثانية عشر)، وتذكرت أيضًا أن إدارة الشئون الخارجية في البنك التي أعمل فيها تقوم بجمع الطوابع.
وفي ظهر اليوم التالي اتصلت بهذا الرجل، وقلت له: إن لدي طوابع لابنه، هل استقبلني بحماسة؟
نعم بالطبع، فإنه ما كان ليصافحني بحماسة أكثر من هذه؛ حتى لو كان يخوض انتخابات الكونجرس، وظهرت الابتسامات على وجهه، وحسن النية، وظل يقول وهو يتحسس الطوابع: إن ابني جورج سوف يحب هذا الطابع، انظر إلى هذا، إنه كنز.
وقضينا نصف ساعة نتحدث عن الطوابع، وننظر إلى صورة لابنه، وبعد ذلك قضى معي ما يزيد عن ساعة من وقته؛ يعطيني المعلومات التي كنت أريدها، حتى دون أن أطلب منه ذلك، وأخبرني بكل ما كان يعرفه، ثم استدعى مرءوسيه وأخذ يسألهم، واتصل ببعض زملائه، وحملني بالحقائق والأرقام والتقارير، وبلغة الصحافة؛ لقد كان هذا سبقًا بالنسبة لي) [كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس، ديل كارنيجي، ص(71-72)].
مفتاح الكنز:
هل تعلم أن في ثنايا كل إنسان كنزًا من القدرات والإمكانيات والمهارات، لا يحتاج سوى من يملك مفتاحه؟ وهل تعلم أيضًا أن امتلاك مفتاح أي إنسان يرتبط بشكل وثيق بإشباع حاجات هذا الإنسان؟
ولذا؛ كيف لك أن تتصل مع الآخرين، وتملك مفتاح ذلك الكنز، إلا إن تعرفت بدقة عن حاجاتهم ورغباتهم؟ تلك الحاجات التي شكَّل عالم الاجتماع الشهير ماسلو منها هرمًا، عُرف باسمه، رتَّب فيه الحاجات على النحو التالي:
1. الحاجات الفسيولوجية: كالحاجة للطعام، والماء، والنوم.
2. حاجات الأمان: مثل الشعور بالأمان النفسي، والمعنوي، وكذلك المادي؛ كاستقرار الفرد في عمله، وانتظام دخله، وتأمين مستقبله.
3. الحاجات الاجتماعية: كحاجة الفرد إلى الانتماء إلى جماعة وأصدقاء، يبادلونه الود والحب.
4. حاجات التقدير: شعور الفرد بالتقدير والاحترام من قِبَل الآخرين، أو التقدير الذاتي.
5. حاجات تحقيق الذات: انطلاق الفرد بقدراته، ومواهبه ورغباته، إلى آفاق تتيح له إنجاز المهام؛ وبالتالي شعوره بذاته وثقته بنفسه.
خطوات النجاح:
فإن أردت أن تهتم بالآخرين، وتظهر ذلك لهم؛ فاعلم أن بينك وبين هذا الهدف السامي خمس خطوات، سنعرضها لك في شكل خمسة واجبات عمليِّة، وهي:
أولًا ـ الدقائق الأولى والأخيرة أيضًا.
ثانيًا ـ عنوان كل إنسان.
ثالثًا ـ قنوات الاتصال المفتوحة.
أولًا ـ الدقائق الأولى والأخيرة أيضًا:
هل من الممكن أن تنسى أول تجربة لك في قيادة السيارة؟ أو أول مرة التقيت فيها بصديق مقرب لك؟ بالطبع لا، فغالبًا ما يتذكر الإنسان تجربته الأولى مع كل شيء جديد، خاصة إن كانت تجربة إيجابية؛ ولذا فمن المهم جدًّا أن تجعل الانطباع الأول مع أي شخص تلقاه انطباعًا إيجابيًّا.
كيف السبيل؟
ولتحقيق ذلك عليك بما يلي:
1. المصافحة: صافح الشخص بحرارة، ركِّز انتباهك على طاقة اليد التي تصافحها، بحيث تشعر في نفسك بالحب والود ينتقل من قلبك إلى قلبه عبر تلك المصافحة.
2. الابتسامة: ابتسم في وجه الشخص، وأظهر السرور والفرح بمقابلته.
3. الثقة بالنفس: اظهر بمظهر الواثق من نفسه، قف برباطة جأش وثقة ويقظة.
4. التواصل البصري: احرص أثناء التحدث على التواصل بعينيك بشكل مباشر، انظر في عينيه مباشرة؛ فهذا يشير إلى اهتمامك بالشخص، ويجعله يعتقد أنه مهم بالنسبة لك.
وكما أن الانطباع الأول في أي لقاء مهم، فالانطباع الأخير كذلك طبقًا للمبدأ الذي ينص على أن: (الانطباعات الأخيرة تدوم أيضًا)، فغالبًا ما يتذكر الإنسان آخر محاضرة أو درس حضره، وآخر مرة قضى فيها أجازة جميلة، وآخر نزهة تنزهها، وهكذا.
ولذا؛ فآخر انطباع يدوم أيضًا في ذهن الشخص؛ فعليك أن تحرص عليه، وتطبق نفس الخطوات التي ذكرناها في الانطباع الأول.
ثانيًا ـ عنوان كل إنسان:
ولا نعني هنا "بعنوان كل إنسان" المكان الذي يقطن فيه، فليس هذا مرادنا، إنما نعني بذلك أعز ما يملك الإنسان في حياته، وهو شيء إن تمكنت من حفظه؛ فقد حزت مكانة عظيمة عند الآخرين، هل تعرف ما هو؟
إنه اسم كل إنسان، فهو عَلَم له، وعنوان معبر عنه، وكثيرًا ما يذوب الجليد بينك وبين شخص آخر إن ذكرت له اسمه حين تقابله؛ لأن حفظ الأسماء هو (الخيط الذي يجمع بين حبات العُقد، وبه يمكن ربطها إذا انفصلت أو تفرقت، فكل إنسان يحب أن يُنادى باسمه) [الطريق إلى القلوب، عباس السيسي، (1/26)].
وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل مع المسلمين؛ فقد (كان ينادي أصحابه بأحب الأسماء إليهم، حتى الأطفال، حتى الصغار كان يكنيهم، أحيانًا يقول: (يا أبا عمير، ما فعل النغير؟) [رواه مسلم] وأبو عمير هذا طفل صغير، ويرجع البعض نجاح بعض القادة من الرؤساء وغيرهم؛ إلَّا أنهم كانوا يحفظون أسماء الناس أحيانًا) [فن التعامل مع الناس، د.عبد الله الخاطر، ص(52)].
كيف السبيل؟
وإليك جملة من النصائح، والتي ستعينك ـ بإذن الله ـ على تذكر أسماء الآخرين؛ ومنها ما يلي:
1. امتلك حرصًا ورغبة في حفظ الأسماء.
2. بعد ذكره لاسمه، كرِّر هذا الاسم أثناء اللقاء كثيرًا؛ بأن تنادي الشخص به حتى يتم تثبيته في الذاكرة.
3. اربط الاسم بالصورة والهيئة التي تعرفت بها على الشخص، هل له لحية؟ هل يلبس نظارة؟ لون بشرته، صوته، والمناسبة التي تم فيها اللقاء.
4. أن تتذكر حين تلقاه كل ما سبق، ثم المناسبة والمكان الذي لقيته فيه أول مرة، وهذا يساعدك على سرعة مناداته باسمه.
ثالثًا: قنوات الاتصال المفتوحة:
بمعنى أن تُبقي على خطوط الاتصال بينك وبينه، من خلال الاتصال به عن طريق الهاتف أو من خلال شكبة الإنترنت أو غير ذلك؛ لتسأل عليه، وتطمئن على أحواله؛ ولذا جرِّب أن تتصل بشخص ما وتسأل عليه، وسترى تأثير ذلك على قوة العلاقة بينكما في الحال.
كيف السبيل؟
وإليك جملة من النصائح التي ترسم لك معالم طريق التواصل المستمر؛ من أجل توطيد العلاقات الاجتماعية مع الآخرين؛ ومنها ما يلي:
1. ستة حقوق:
تلك الحقوق التي أوجزها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (حق المسلم على المسلم ست)، قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: (إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه) [رواه مسلم].
2. حتى تنال محبة الله:
وذلك بأن تتبع وصية النبي صلى الله عليه وسلم؛ حين قال: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجلسرور تدخله على مسلم؛ تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخٍ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد [يعني مسجد المدينة] شهرًا) [حسنه الألباني].
وأخيرًا تذكر أن (العلاقات التي تقوم على الثقة، هي التي تعتمد على استعدادنا للاهتمام بمصالح الآخرين وليس بمصالحنا وحدنا) [أفضل ما قيل عن الانتصار مع فريق العمل، كاثرين كارفيلاس، ص(38)].
المصادر:
· الطريق إلى القلوب، عباس السيسي.
· فن التعامل مع الناس، د.عبد الله الخاطر.
· أفضل ما قيل عن الانتصار مع فريق العمل، كاثرين كارفيلاس.
· كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس، ديل كارنيجي.
http://38.121.76.242/memoadmin/media//version4_train-1_340_309_.jpg
محمد السيد عبد الرازق
جاء البراء بن معرور وكعب بن مالك رضي الله عنهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمفي مكة، وهو جالس مع عمه العباس رضي الله عنه، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل؟)، قال: نعم، هذا البراء بن معرور سيد قومه، وهذا كعب بن مالك، فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: (الشاعر؟!)، قال: نعم.
يقول كعب بن مالك: فوالله، ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشاعر) [الروض الأنف، السهيلي، (2/261)]، فانظر ـ عزيزي الشاب ـ كيف تكون كلمات الاهتمام والتقدير بلسمًا تطيب به النفوس، وتنشرح به الصدور، وتطمئن له القلوب؟!
فكيف يعطيك شخص مفتاح الدخول إلى عالمه، دون أن يشعر بحاجتك إلى المفتاح؟ وكيف يحكي لك شخص أهم قصة قرأها ـ قصة حياته ـ دون أن يشعر بأشواقك إلى السماع؟! وكيف يعرض عليك تصوراته، دون أن يلحظ في بريق عينيك رغبة وتلهفًا للاستماع؟!
الطوابع والاتصال الفعال:
وانظر أيضًا كيف كان الاهتمام بما يهم الآخرين جسرًا يقوي الاتصال بهم، وذلك من خلال هذه القصة التي يحكيها لنا أحد تلامذة ديل كارنيجي، ويُدعى تشارلز وولترز، والذي كان مكلفًا بأن يعد تقريرًا سريًّا عن إحدى الشركات، ولم يكن يعرف إلا شخصًا واحدًا، لديه المعلومات التي كان يحتاجها بشكل عاجل.
وبينما كان وولترز جالسًا عند ذلك الرجل ـ وهو رئيس الشركة ـ إذا بموظفة تقول للرئيس أنها لم تجد أي طوابع اليوم، وأوضح الرئيس لوولترز أنه يقوم بجمع الطوابع؛ لأجل ابنه البالغ من العمر اثني عشر عامًا.
صرح وولترز بمهمته، وبدأ في طرح الأسئلة، وعمد المدير إلى الغموض والتعميم وعدم الوضوح، ولم يكن يريد أن يتحدث، واتضح أنه ليس هناك شيء يمكن أن يقنعه بالحديث، وهكذا كانت المقابلة قصيرة وجافة.
(يقول وولترز: بصراحة لم أعرف ماذا أفعل؟ ثم تذكرت ما قالته له سكرتيرته: (طوابع ... ابن في الثانية عشر)، وتذكرت أيضًا أن إدارة الشئون الخارجية في البنك التي أعمل فيها تقوم بجمع الطوابع.
وفي ظهر اليوم التالي اتصلت بهذا الرجل، وقلت له: إن لدي طوابع لابنه، هل استقبلني بحماسة؟
نعم بالطبع، فإنه ما كان ليصافحني بحماسة أكثر من هذه؛ حتى لو كان يخوض انتخابات الكونجرس، وظهرت الابتسامات على وجهه، وحسن النية، وظل يقول وهو يتحسس الطوابع: إن ابني جورج سوف يحب هذا الطابع، انظر إلى هذا، إنه كنز.
وقضينا نصف ساعة نتحدث عن الطوابع، وننظر إلى صورة لابنه، وبعد ذلك قضى معي ما يزيد عن ساعة من وقته؛ يعطيني المعلومات التي كنت أريدها، حتى دون أن أطلب منه ذلك، وأخبرني بكل ما كان يعرفه، ثم استدعى مرءوسيه وأخذ يسألهم، واتصل ببعض زملائه، وحملني بالحقائق والأرقام والتقارير، وبلغة الصحافة؛ لقد كان هذا سبقًا بالنسبة لي) [كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس، ديل كارنيجي، ص(71-72)].
مفتاح الكنز:
هل تعلم أن في ثنايا كل إنسان كنزًا من القدرات والإمكانيات والمهارات، لا يحتاج سوى من يملك مفتاحه؟ وهل تعلم أيضًا أن امتلاك مفتاح أي إنسان يرتبط بشكل وثيق بإشباع حاجات هذا الإنسان؟
ولذا؛ كيف لك أن تتصل مع الآخرين، وتملك مفتاح ذلك الكنز، إلا إن تعرفت بدقة عن حاجاتهم ورغباتهم؟ تلك الحاجات التي شكَّل عالم الاجتماع الشهير ماسلو منها هرمًا، عُرف باسمه، رتَّب فيه الحاجات على النحو التالي:
1. الحاجات الفسيولوجية: كالحاجة للطعام، والماء، والنوم.
2. حاجات الأمان: مثل الشعور بالأمان النفسي، والمعنوي، وكذلك المادي؛ كاستقرار الفرد في عمله، وانتظام دخله، وتأمين مستقبله.
3. الحاجات الاجتماعية: كحاجة الفرد إلى الانتماء إلى جماعة وأصدقاء، يبادلونه الود والحب.
4. حاجات التقدير: شعور الفرد بالتقدير والاحترام من قِبَل الآخرين، أو التقدير الذاتي.
5. حاجات تحقيق الذات: انطلاق الفرد بقدراته، ومواهبه ورغباته، إلى آفاق تتيح له إنجاز المهام؛ وبالتالي شعوره بذاته وثقته بنفسه.
خطوات النجاح:
فإن أردت أن تهتم بالآخرين، وتظهر ذلك لهم؛ فاعلم أن بينك وبين هذا الهدف السامي خمس خطوات، سنعرضها لك في شكل خمسة واجبات عمليِّة، وهي:
أولًا ـ الدقائق الأولى والأخيرة أيضًا.
ثانيًا ـ عنوان كل إنسان.
ثالثًا ـ قنوات الاتصال المفتوحة.
أولًا ـ الدقائق الأولى والأخيرة أيضًا:
هل من الممكن أن تنسى أول تجربة لك في قيادة السيارة؟ أو أول مرة التقيت فيها بصديق مقرب لك؟ بالطبع لا، فغالبًا ما يتذكر الإنسان تجربته الأولى مع كل شيء جديد، خاصة إن كانت تجربة إيجابية؛ ولذا فمن المهم جدًّا أن تجعل الانطباع الأول مع أي شخص تلقاه انطباعًا إيجابيًّا.
كيف السبيل؟
ولتحقيق ذلك عليك بما يلي:
1. المصافحة: صافح الشخص بحرارة، ركِّز انتباهك على طاقة اليد التي تصافحها، بحيث تشعر في نفسك بالحب والود ينتقل من قلبك إلى قلبه عبر تلك المصافحة.
2. الابتسامة: ابتسم في وجه الشخص، وأظهر السرور والفرح بمقابلته.
3. الثقة بالنفس: اظهر بمظهر الواثق من نفسه، قف برباطة جأش وثقة ويقظة.
4. التواصل البصري: احرص أثناء التحدث على التواصل بعينيك بشكل مباشر، انظر في عينيه مباشرة؛ فهذا يشير إلى اهتمامك بالشخص، ويجعله يعتقد أنه مهم بالنسبة لك.
وكما أن الانطباع الأول في أي لقاء مهم، فالانطباع الأخير كذلك طبقًا للمبدأ الذي ينص على أن: (الانطباعات الأخيرة تدوم أيضًا)، فغالبًا ما يتذكر الإنسان آخر محاضرة أو درس حضره، وآخر مرة قضى فيها أجازة جميلة، وآخر نزهة تنزهها، وهكذا.
ولذا؛ فآخر انطباع يدوم أيضًا في ذهن الشخص؛ فعليك أن تحرص عليه، وتطبق نفس الخطوات التي ذكرناها في الانطباع الأول.
ثانيًا ـ عنوان كل إنسان:
ولا نعني هنا "بعنوان كل إنسان" المكان الذي يقطن فيه، فليس هذا مرادنا، إنما نعني بذلك أعز ما يملك الإنسان في حياته، وهو شيء إن تمكنت من حفظه؛ فقد حزت مكانة عظيمة عند الآخرين، هل تعرف ما هو؟
إنه اسم كل إنسان، فهو عَلَم له، وعنوان معبر عنه، وكثيرًا ما يذوب الجليد بينك وبين شخص آخر إن ذكرت له اسمه حين تقابله؛ لأن حفظ الأسماء هو (الخيط الذي يجمع بين حبات العُقد، وبه يمكن ربطها إذا انفصلت أو تفرقت، فكل إنسان يحب أن يُنادى باسمه) [الطريق إلى القلوب، عباس السيسي، (1/26)].
وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل مع المسلمين؛ فقد (كان ينادي أصحابه بأحب الأسماء إليهم، حتى الأطفال، حتى الصغار كان يكنيهم، أحيانًا يقول: (يا أبا عمير، ما فعل النغير؟) [رواه مسلم] وأبو عمير هذا طفل صغير، ويرجع البعض نجاح بعض القادة من الرؤساء وغيرهم؛ إلَّا أنهم كانوا يحفظون أسماء الناس أحيانًا) [فن التعامل مع الناس، د.عبد الله الخاطر، ص(52)].
كيف السبيل؟
وإليك جملة من النصائح، والتي ستعينك ـ بإذن الله ـ على تذكر أسماء الآخرين؛ ومنها ما يلي:
1. امتلك حرصًا ورغبة في حفظ الأسماء.
2. بعد ذكره لاسمه، كرِّر هذا الاسم أثناء اللقاء كثيرًا؛ بأن تنادي الشخص به حتى يتم تثبيته في الذاكرة.
3. اربط الاسم بالصورة والهيئة التي تعرفت بها على الشخص، هل له لحية؟ هل يلبس نظارة؟ لون بشرته، صوته، والمناسبة التي تم فيها اللقاء.
4. أن تتذكر حين تلقاه كل ما سبق، ثم المناسبة والمكان الذي لقيته فيه أول مرة، وهذا يساعدك على سرعة مناداته باسمه.
ثالثًا: قنوات الاتصال المفتوحة:
بمعنى أن تُبقي على خطوط الاتصال بينك وبينه، من خلال الاتصال به عن طريق الهاتف أو من خلال شكبة الإنترنت أو غير ذلك؛ لتسأل عليه، وتطمئن على أحواله؛ ولذا جرِّب أن تتصل بشخص ما وتسأل عليه، وسترى تأثير ذلك على قوة العلاقة بينكما في الحال.
كيف السبيل؟
وإليك جملة من النصائح التي ترسم لك معالم طريق التواصل المستمر؛ من أجل توطيد العلاقات الاجتماعية مع الآخرين؛ ومنها ما يلي:
1. ستة حقوق:
تلك الحقوق التي أوجزها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (حق المسلم على المسلم ست)، قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: (إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه) [رواه مسلم].
2. حتى تنال محبة الله:
وذلك بأن تتبع وصية النبي صلى الله عليه وسلم؛ حين قال: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجلسرور تدخله على مسلم؛ تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخٍ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد [يعني مسجد المدينة] شهرًا) [حسنه الألباني].
وأخيرًا تذكر أن (العلاقات التي تقوم على الثقة، هي التي تعتمد على استعدادنا للاهتمام بمصالح الآخرين وليس بمصالحنا وحدنا) [أفضل ما قيل عن الانتصار مع فريق العمل، كاثرين كارفيلاس، ص(38)].
المصادر:
· الطريق إلى القلوب، عباس السيسي.
· فن التعامل مع الناس، د.عبد الله الخاطر.
· أفضل ما قيل عن الانتصار مع فريق العمل، كاثرين كارفيلاس.
· كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس، ديل كارنيجي.