من هناك
06-23-2011, 04:17 AM
الضابط الشرعي السابق للجيا يروي حقائق مثيرة عن اغتيال الشيخ
البوشي الذي ذبح بوسليماني شلت يده وجعله الله آية في الجبل
2011.06.20 عبد الحكيم أبو الشيماء
بعد أزيد من 17 سنة من ذبح الداعية الشيخ محمد بوسليماني رئيس جمعية الإرشاد والإصلاح الخيرية اتضح أن الرواية التي يتداولها محبو ومقربو المرحوم حول حيثيات وأسباب ذبحه بتلك الطريقة البشعة هي رواية خاطئة ولا أساس لها من الصحة، والحقيقة كاملة يرويها للشروق ولأول مرة الضابط الشرعي السابق للجماعة الاسلامية المسلحة، وهو أحد التائبين المنخرطين في مسعى المصالحة الوطنية ويدعى عبد الحكيم أبو الشيماء، في كتاب قيد الجمع يحمل عنوان "الجيا من الداخل" ستتكفل الشروق بطبعه لاحقا، وقد اخترنا أن نهرب الحلقة المتعلقة باغتيال بوسليماني من الكتاب بالتزامن مع إحياء ذكرى وفاة الشيخ محفوظ نحناح، وتحمل هذه الحقائق الكثير من التفاصيل التي تكشف عمق المأساة التي عاشتها الجزائر ولا تزال تعاني من بعض تأثيراتها.
وهذه شهادة التائب أبو شيماء كما سترد في الكتاب
محاضرة بوسليماني في مارسيليا سبب اختطافه
على عكس ما يقوله أتباع المرحوم من أن سبب الاختطاف يتعلق برغبة "الجيا" في افتكاك فتوة من بوسليماني تبيع الجهاد في الجزائر، فإنه في 1993 توجه الشيخ محمد بوسليماني رئيس جمعية الإرشاد والإصلاح إلى فرنسا وألقى محاضرة في مدينة مرسيليا بجنوب فرنسا انتقد فيها بشدة الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة وما تسببت فيه للجزائريين من مآسي، وقد وصلت تفاصيل هذه المحاضرة مفصلة إلى الأمير الوطني للجماعة الإسلامية المسلحة "الجيا" جعفر الأفغاني الذي لم يتردد لحظة في توجيه أوامر صارمة لأتباعه لاختطاف الشيخ بأية طريقة بعد عودته من فرنسا، وقد أوكل هذه المهمة إلى جماعة "تالة عقبة" في جبال الشريعة بالبليدة، خاصة وأن "الجيا" كانت تنظر لحركة المجتمع الإسلامي "حماس" آنذاك بقيادة محفوظ نحناح على أنهم أعداء وموالين للنظام، بل حاولت مرارا اغتيال محفوظ نحناح ـ رحمه الله ـ لكنها لم تفلح في ذلك.
ليلة الاختطاف والترويع ..
الشيخ بوسليماني كان يقيم في أعالي مدينة البليدة على الطريق المؤدي إلى مدينة الشريعة، وبأمر من جعفر الأفغاني توجه أربعة أفراد من كتيبة جبل "تالة عقبة" الواقع ضمن جبال الشريعة ليلة الجمعة 26 نوفمبر 1993 إلى بيت الشيخ بوسليماني، وكان من بين هؤلاء الأربعة عمار الدزيري (انشق عن الجيا وانضم إلى جماعة علي بن حجر، وقضي عليه في اشتباك مع قوات الجيش)، وآخر يدعى حسين واقتحموا بيت المرحوم ليلا بعدما أدى صلاة الفجر فوجدوا الشيخ بوسليماني نائما فأيقظوه وأحدثوا هلعا شديدا وسط أسرته، فقال لهم "كيف تعتدون على حرمة بيتي"، فرد عليه أحدهم بعنف "وماذا عنا أنسيت أننا نبيت في المجاري"، وقد حاول المختطفون اقتياده إلى الخارج، لكن والدة بوسليماني بكت ابنها بدموع غزيرة وترجت الخاطفين أن يرحموها، وأن يتركوه ولا يؤذوه، ولتسهيل مهمتهم وعد الخاطفون أمه وزوجته بأنهم سيعيدونه إليهما، فاقتادوه وأدخلوه السيارة واختفوا في الظلام.
مسلحون يبكون بوسليماني ويتحدون الأفغاني
صعد المختطفون الأربعة بالشيخ بوسليماني إلى أعالي جبل "تالة عقبة" أين كان بقية أفراد الجماعة متمركزين، وكان أغلب أفراد هذه الجماعة من أبناء البليدة ويعرفون جيدا الداعية بوسليماني، وتأثروا به وتعاطفوا معه وكانوا يريدون إطلاق سراحه نظرا لما كان يتمتع به الشيخ من وقار وطيبة، رغم أن الأمير الوطني للجيا جعفر الأفغاني أمر بإعدامه ذبحا وفورا.
وطيلة شهر ونصف والشيخ بوسليماني مختطف لدى جماعة "تالة عقبة" ينتظر في أي لحظة أن يتعرض للقتل على أيدي خاطفيه، وخلال هذه الفترة كسب بوسليماني تعاطفا كبيرا في أوساط أفراد هذه الجماعة إلى درجة أن فيهم من طالب بإطلاق سراحه وبكوه دون جدوى، وكلما تم نقل الشيخ إلى مكان آخر أثر في المسلحين وكسب تعاطفهم بسماحته وقدرته على الحوار والاقناع، ووصل الأمر إلى درجة أن أحد الضباط الشرعيين في الجماعة ويسمى "إبراهيم خالدي" عارض بشدة ذبح الشيخ بوسليماني متحديا بذلك الأمير جعفر الأفغاني.
"البوشي" يعرض خدماته ..
هناك من يدعي أن "الجيا" سمحت للشيخ محمد بوسليماني الاتصال بعائلته هاتفيا ولكني لا أأكد هذه المعلومة أو أنفيها إلا أني أأكد أن الجماعة كانت تملك سيارة رباعية الدفع بها هاتف وربما يكون اتصل من هذا الهاتف.
بعض الأجلاف داخل الجماعة أصروا على ذبحه إلى درجة أن أحدهم ويدعى "البوشي" هدّد بالجري خلف الشيخ بوسليماني وذبحه إن أطلق رفاقه سراح الشيخ، وكان "البوشي" معروفا بكثرة ذبحه للبشر، ووالده كان جزارا، وقبل التحاقه بالجبل كان البوشي يدعى "يزيد الحراشي" وهو من أصحاب السوابق العدلية ولم يعرف عنه التدّين إنما كان منحرفا سيء السمعة.
ورغم أن العديد من أفراد جماعة تالة عقبة كانوا يتعاطفون مع الشيخ بوسليماني بحكم معرفتهم السابقة له، إلا أن فيهم من عامله بجفاء وقسوة على غرار رجل كبير في السن يعد رأس الهجرة والتكفير في تلك الجماعة وكان يدعى "حميمد" وقبل التحاقه بالجبل كان يتصرف تصرفات الخوارج، حيث يقف أمام باب المسجد وعندما يصعد الإمام على المنبر يبدأ في شتمه وسبه وسب العلماء والدعاة بأقذع الكلام، وحينما كان في الجبل مد الشيخ بوسليماني له يده لمصافحته بعد أن استأنس له لكبر سنه فرفض هذا الرجل مصافحة الشيخ بوسليماني وأكثر من ذلك سبّه بكلام فاحش.
جعفر الأفغاني "يُهرب" بوسليماني والبوشي يذبحه
كان الوضع حرجا ومتوترا داخل جماعة "تالة عقبة" بين المصرين على ذبح الشيخ بوسليماني والرافضين لذلك، مما تطلب تدخل الأمير الوطني للجماعة الإسلامية المسلحة جعفر الأفغاني الذي تنقل من مركزه إلى جبل "تالة عقبة" فقط من أجل ذبح الشيخ محمد بوسليماني، لكنه تفاجأ عندما وجد الكثير من أفراد هذه الجماعة يعارضون بشدة إعدامه مما أدخل التردد في نفسه.
وخلال مدة اختطافه تمت مساءلة الشيخ بوسليماني بشأن بعض القضايا من بينها أنه كان إماما ومدرسا في مدرسة الشرطة بالصومعة بالبليدة، وأنه انتقد الجبهة الإسلامية للإنقاذ في محاضرته التي ألقاها على الجالية الجزائرية والمسلمة في فرنسا رغم أنهم لا ينتمون إلى الحزب المحل ولم يعترفوا به، فرّد عليهم أنه انتقد حزبا سياسيا وهذه سجالات فكرية بين الأحزاب ولا علاقة لها بهم.
وما يمكنني أن أأكده أن الرواية المتواترة بأن الجماعة الإسلامية المسلحة "جيا" طلبت من الشيخ بوسليماني أن يفتي "بشرعية الجهاد ضد الشعب الجزائري ويقر أعمال المسلحين ضد الأطفال والنساء" غير صحيحة بالمرة لأن الجيا لم تكن بحاجة إلى فتوى الشيخ بوسليماني لأنه كان لها مرجعياتها الدينية التي أقرت لهم ارتكاب هذه الجرائم، ثم إن المسلحين لا يحتاجون فتوى من بوسليماني حتى يطلبوها منه.
خشي جعفر الأفغاني من ردة فعل سلبية من أفراد جماعة "تالة عقبة" تجاهه، لذلك قرر أن لا يقتل الشيخ بوسليماني هناك بل نقله إلى جبل حجوط أين كانت ترابط كتيبة، وقبل أن يصل إلى مركز جماعة حجوط، خاف أن يتكرر له ما حدث مع جماعة "تالة عقبة" فقرر ذبح بوسليماني قبل أن يصل إلى مركز الجماعة في أعالي الجبل فأمر البوشي بذبحه في سفح الجبل.
الشيخ محمد بوسليماني بعدما شاهد قبره يحفر أمامه والبوشي يسل خنجره الكبير ليذبحه، طلب من قاتله طلبا واحدا فقط وهو أن يتركه يصلي ركعتين لله قبل أن يذبحه، اقتداء بسنة الصحابي عامر الربيعي والتي أقرها الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن البوشي الذي كان منحرفا قبل صعوده الجبل وذباحا بعد ذلك لم يستجب لطلب هذا المودع للحياة وبكل برودة دم نحره وأزهق روحه بوحشية حتى فاضت إلى بارئها.
تم وضع جثة الشهيد محمد بوسليماني ـ رحمه الله ـ في حفرة بسفح جبل حجوط وحُث فوقها التراب، وبعد فترة هطلت الأمطار بغزارة وأخرجت السيول جثة الشهيد بوسليماني من تحت الأرض، وحينها تم اكتشاف جثته وأعيد دفنها بما يليق بهذا الرجل، لذلك لقب "بذي القبرين".
العدالة الإلهية تحوّل البوشي إلى آية
بعد ذبح "ذو القبرين" وورد ذلك إلى المفتي العام شريف القوسمي (أصبح أمير وطنيا بعد ذلك) فلام جعفر الأفغاني لوما شديدا، وتساءل عن الفائدة التي جنتها الجماعة الإسلامية المسلحة من قتل الشيخ بوسليماني، واعتبر أنه بهذا الفعل الشنيع غير لائق وغير مقبول شرعا وقد شوّه صورة "جيا"، لأن هذا يعني فتح المجال لقتل العلماء والدعاة.
وفي 27 فيفري 1994 عقد جعفر الأفغاني أمير الجماعة الإسلامية المسلحة اجتماعا في فيلا ببوزريعة بأعالي العاصمة حضره 9 أمراء، واستطاعت مصالح الأمن تحديد مكان الاجتماع بدقة بعد أن ألقت القبض على أحد أتباع جعفر الأفغاني، فحاصرت الفيلا، ووقع اشتباك عنيف مع قوات الأمن انتهى بمقتل جعفر الأفغاني والأمراء التسعة، فلم يدم انتقام الله من جعفر الأفغاني سوى شهر ونصف من ذبح الشيخ محمد بوسليماني ـ رحمه الله ـ وهي نفس الفترة التي قضاها الشيخ مختطفا لدى "جيا".
أما يزيد الحراشي المدعو "البوشي" فقد كان انتقام الله منه أشد، ففي اشتباك مع قوات الأمن أصيب البوشي برصاصة في يده اليمنى التي ذبح بها الشيخ محمد بوسليماني فشل دراعه وأصبح مرفوعا يابسا لا يستطيع أن يحركه، ويده معقوفة لا يمكنه حتى أن يأكل بها الطعام بشكل جعل منه آية للناس لمن يؤذون أولياء الله.
وعندما صعدت إلى الجبل شاهدت البوشي وذراعه المرفوعة ويده المعقوفة بشكل متجمد وملفت فسألت عنه فقيل لي: "هذه هي اليد التي ذبحت الشيخ بوسليماني"، فكان البوشي عبرة إلهية لجميع المسلحين الذين امتدت أيديهم للدعاة والعلماء.
وفي 1995 قتل البوشي مع 6 مسلحين في اشتباك مع قوات الأمن، كما قتل والده وشقيقه في حادثتين منفصلتين وكانا منضويين تحت لواء الجماعة الإسلامية المسلحة.
زوابري يتقاطع مع نحناح ويتوعد بالقتل
في 1995 وقبل الرئاسيات توجه الشيخ محفوظ رحمه الله إلى المدية في سيارته مع أحد الأشخاص وبدون حراسة وفي نفس اليوم نزل عنتر زوابري أحد أمراء "جيا" (أصبح بعد عام أميرا وطنيا) من الجبل في سيارة مع جمال بن يعلى أحد أمراء جبال الشريعة، وفي منطقة الحمدانية تقاطعت سيارة الشيخ نحناح رحمه الله مع سيارة أمراء "جيا" فلمح عنتر زوابري الشيخ نحناح، ولم يكن بالإمكان الدوران وملاحقة الشيخ نحناح بسبب كثرة حواجز الأمن، فقال عنتر زوابري لمن معه "لو أقبض عليه سأقتله"، فرّد عليه الأمير جمال بن يعلى وكان سلفيا مقربا من فكر الإخوان ويحترم الشيخ نحناح بحزم "لو تقتله فسأقتلك" فسكت عنتر زوابري.
http://www.echoroukonline.com/ara/index.php?news=77915
البوشي الذي ذبح بوسليماني شلت يده وجعله الله آية في الجبل
2011.06.20 عبد الحكيم أبو الشيماء
بعد أزيد من 17 سنة من ذبح الداعية الشيخ محمد بوسليماني رئيس جمعية الإرشاد والإصلاح الخيرية اتضح أن الرواية التي يتداولها محبو ومقربو المرحوم حول حيثيات وأسباب ذبحه بتلك الطريقة البشعة هي رواية خاطئة ولا أساس لها من الصحة، والحقيقة كاملة يرويها للشروق ولأول مرة الضابط الشرعي السابق للجماعة الاسلامية المسلحة، وهو أحد التائبين المنخرطين في مسعى المصالحة الوطنية ويدعى عبد الحكيم أبو الشيماء، في كتاب قيد الجمع يحمل عنوان "الجيا من الداخل" ستتكفل الشروق بطبعه لاحقا، وقد اخترنا أن نهرب الحلقة المتعلقة باغتيال بوسليماني من الكتاب بالتزامن مع إحياء ذكرى وفاة الشيخ محفوظ نحناح، وتحمل هذه الحقائق الكثير من التفاصيل التي تكشف عمق المأساة التي عاشتها الجزائر ولا تزال تعاني من بعض تأثيراتها.
وهذه شهادة التائب أبو شيماء كما سترد في الكتاب
محاضرة بوسليماني في مارسيليا سبب اختطافه
على عكس ما يقوله أتباع المرحوم من أن سبب الاختطاف يتعلق برغبة "الجيا" في افتكاك فتوة من بوسليماني تبيع الجهاد في الجزائر، فإنه في 1993 توجه الشيخ محمد بوسليماني رئيس جمعية الإرشاد والإصلاح إلى فرنسا وألقى محاضرة في مدينة مرسيليا بجنوب فرنسا انتقد فيها بشدة الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة وما تسببت فيه للجزائريين من مآسي، وقد وصلت تفاصيل هذه المحاضرة مفصلة إلى الأمير الوطني للجماعة الإسلامية المسلحة "الجيا" جعفر الأفغاني الذي لم يتردد لحظة في توجيه أوامر صارمة لأتباعه لاختطاف الشيخ بأية طريقة بعد عودته من فرنسا، وقد أوكل هذه المهمة إلى جماعة "تالة عقبة" في جبال الشريعة بالبليدة، خاصة وأن "الجيا" كانت تنظر لحركة المجتمع الإسلامي "حماس" آنذاك بقيادة محفوظ نحناح على أنهم أعداء وموالين للنظام، بل حاولت مرارا اغتيال محفوظ نحناح ـ رحمه الله ـ لكنها لم تفلح في ذلك.
ليلة الاختطاف والترويع ..
الشيخ بوسليماني كان يقيم في أعالي مدينة البليدة على الطريق المؤدي إلى مدينة الشريعة، وبأمر من جعفر الأفغاني توجه أربعة أفراد من كتيبة جبل "تالة عقبة" الواقع ضمن جبال الشريعة ليلة الجمعة 26 نوفمبر 1993 إلى بيت الشيخ بوسليماني، وكان من بين هؤلاء الأربعة عمار الدزيري (انشق عن الجيا وانضم إلى جماعة علي بن حجر، وقضي عليه في اشتباك مع قوات الجيش)، وآخر يدعى حسين واقتحموا بيت المرحوم ليلا بعدما أدى صلاة الفجر فوجدوا الشيخ بوسليماني نائما فأيقظوه وأحدثوا هلعا شديدا وسط أسرته، فقال لهم "كيف تعتدون على حرمة بيتي"، فرد عليه أحدهم بعنف "وماذا عنا أنسيت أننا نبيت في المجاري"، وقد حاول المختطفون اقتياده إلى الخارج، لكن والدة بوسليماني بكت ابنها بدموع غزيرة وترجت الخاطفين أن يرحموها، وأن يتركوه ولا يؤذوه، ولتسهيل مهمتهم وعد الخاطفون أمه وزوجته بأنهم سيعيدونه إليهما، فاقتادوه وأدخلوه السيارة واختفوا في الظلام.
مسلحون يبكون بوسليماني ويتحدون الأفغاني
صعد المختطفون الأربعة بالشيخ بوسليماني إلى أعالي جبل "تالة عقبة" أين كان بقية أفراد الجماعة متمركزين، وكان أغلب أفراد هذه الجماعة من أبناء البليدة ويعرفون جيدا الداعية بوسليماني، وتأثروا به وتعاطفوا معه وكانوا يريدون إطلاق سراحه نظرا لما كان يتمتع به الشيخ من وقار وطيبة، رغم أن الأمير الوطني للجيا جعفر الأفغاني أمر بإعدامه ذبحا وفورا.
وطيلة شهر ونصف والشيخ بوسليماني مختطف لدى جماعة "تالة عقبة" ينتظر في أي لحظة أن يتعرض للقتل على أيدي خاطفيه، وخلال هذه الفترة كسب بوسليماني تعاطفا كبيرا في أوساط أفراد هذه الجماعة إلى درجة أن فيهم من طالب بإطلاق سراحه وبكوه دون جدوى، وكلما تم نقل الشيخ إلى مكان آخر أثر في المسلحين وكسب تعاطفهم بسماحته وقدرته على الحوار والاقناع، ووصل الأمر إلى درجة أن أحد الضباط الشرعيين في الجماعة ويسمى "إبراهيم خالدي" عارض بشدة ذبح الشيخ بوسليماني متحديا بذلك الأمير جعفر الأفغاني.
"البوشي" يعرض خدماته ..
هناك من يدعي أن "الجيا" سمحت للشيخ محمد بوسليماني الاتصال بعائلته هاتفيا ولكني لا أأكد هذه المعلومة أو أنفيها إلا أني أأكد أن الجماعة كانت تملك سيارة رباعية الدفع بها هاتف وربما يكون اتصل من هذا الهاتف.
بعض الأجلاف داخل الجماعة أصروا على ذبحه إلى درجة أن أحدهم ويدعى "البوشي" هدّد بالجري خلف الشيخ بوسليماني وذبحه إن أطلق رفاقه سراح الشيخ، وكان "البوشي" معروفا بكثرة ذبحه للبشر، ووالده كان جزارا، وقبل التحاقه بالجبل كان البوشي يدعى "يزيد الحراشي" وهو من أصحاب السوابق العدلية ولم يعرف عنه التدّين إنما كان منحرفا سيء السمعة.
ورغم أن العديد من أفراد جماعة تالة عقبة كانوا يتعاطفون مع الشيخ بوسليماني بحكم معرفتهم السابقة له، إلا أن فيهم من عامله بجفاء وقسوة على غرار رجل كبير في السن يعد رأس الهجرة والتكفير في تلك الجماعة وكان يدعى "حميمد" وقبل التحاقه بالجبل كان يتصرف تصرفات الخوارج، حيث يقف أمام باب المسجد وعندما يصعد الإمام على المنبر يبدأ في شتمه وسبه وسب العلماء والدعاة بأقذع الكلام، وحينما كان في الجبل مد الشيخ بوسليماني له يده لمصافحته بعد أن استأنس له لكبر سنه فرفض هذا الرجل مصافحة الشيخ بوسليماني وأكثر من ذلك سبّه بكلام فاحش.
جعفر الأفغاني "يُهرب" بوسليماني والبوشي يذبحه
كان الوضع حرجا ومتوترا داخل جماعة "تالة عقبة" بين المصرين على ذبح الشيخ بوسليماني والرافضين لذلك، مما تطلب تدخل الأمير الوطني للجماعة الإسلامية المسلحة جعفر الأفغاني الذي تنقل من مركزه إلى جبل "تالة عقبة" فقط من أجل ذبح الشيخ محمد بوسليماني، لكنه تفاجأ عندما وجد الكثير من أفراد هذه الجماعة يعارضون بشدة إعدامه مما أدخل التردد في نفسه.
وخلال مدة اختطافه تمت مساءلة الشيخ بوسليماني بشأن بعض القضايا من بينها أنه كان إماما ومدرسا في مدرسة الشرطة بالصومعة بالبليدة، وأنه انتقد الجبهة الإسلامية للإنقاذ في محاضرته التي ألقاها على الجالية الجزائرية والمسلمة في فرنسا رغم أنهم لا ينتمون إلى الحزب المحل ولم يعترفوا به، فرّد عليهم أنه انتقد حزبا سياسيا وهذه سجالات فكرية بين الأحزاب ولا علاقة لها بهم.
وما يمكنني أن أأكده أن الرواية المتواترة بأن الجماعة الإسلامية المسلحة "جيا" طلبت من الشيخ بوسليماني أن يفتي "بشرعية الجهاد ضد الشعب الجزائري ويقر أعمال المسلحين ضد الأطفال والنساء" غير صحيحة بالمرة لأن الجيا لم تكن بحاجة إلى فتوى الشيخ بوسليماني لأنه كان لها مرجعياتها الدينية التي أقرت لهم ارتكاب هذه الجرائم، ثم إن المسلحين لا يحتاجون فتوى من بوسليماني حتى يطلبوها منه.
خشي جعفر الأفغاني من ردة فعل سلبية من أفراد جماعة "تالة عقبة" تجاهه، لذلك قرر أن لا يقتل الشيخ بوسليماني هناك بل نقله إلى جبل حجوط أين كانت ترابط كتيبة، وقبل أن يصل إلى مركز جماعة حجوط، خاف أن يتكرر له ما حدث مع جماعة "تالة عقبة" فقرر ذبح بوسليماني قبل أن يصل إلى مركز الجماعة في أعالي الجبل فأمر البوشي بذبحه في سفح الجبل.
الشيخ محمد بوسليماني بعدما شاهد قبره يحفر أمامه والبوشي يسل خنجره الكبير ليذبحه، طلب من قاتله طلبا واحدا فقط وهو أن يتركه يصلي ركعتين لله قبل أن يذبحه، اقتداء بسنة الصحابي عامر الربيعي والتي أقرها الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن البوشي الذي كان منحرفا قبل صعوده الجبل وذباحا بعد ذلك لم يستجب لطلب هذا المودع للحياة وبكل برودة دم نحره وأزهق روحه بوحشية حتى فاضت إلى بارئها.
تم وضع جثة الشهيد محمد بوسليماني ـ رحمه الله ـ في حفرة بسفح جبل حجوط وحُث فوقها التراب، وبعد فترة هطلت الأمطار بغزارة وأخرجت السيول جثة الشهيد بوسليماني من تحت الأرض، وحينها تم اكتشاف جثته وأعيد دفنها بما يليق بهذا الرجل، لذلك لقب "بذي القبرين".
العدالة الإلهية تحوّل البوشي إلى آية
بعد ذبح "ذو القبرين" وورد ذلك إلى المفتي العام شريف القوسمي (أصبح أمير وطنيا بعد ذلك) فلام جعفر الأفغاني لوما شديدا، وتساءل عن الفائدة التي جنتها الجماعة الإسلامية المسلحة من قتل الشيخ بوسليماني، واعتبر أنه بهذا الفعل الشنيع غير لائق وغير مقبول شرعا وقد شوّه صورة "جيا"، لأن هذا يعني فتح المجال لقتل العلماء والدعاة.
وفي 27 فيفري 1994 عقد جعفر الأفغاني أمير الجماعة الإسلامية المسلحة اجتماعا في فيلا ببوزريعة بأعالي العاصمة حضره 9 أمراء، واستطاعت مصالح الأمن تحديد مكان الاجتماع بدقة بعد أن ألقت القبض على أحد أتباع جعفر الأفغاني، فحاصرت الفيلا، ووقع اشتباك عنيف مع قوات الأمن انتهى بمقتل جعفر الأفغاني والأمراء التسعة، فلم يدم انتقام الله من جعفر الأفغاني سوى شهر ونصف من ذبح الشيخ محمد بوسليماني ـ رحمه الله ـ وهي نفس الفترة التي قضاها الشيخ مختطفا لدى "جيا".
أما يزيد الحراشي المدعو "البوشي" فقد كان انتقام الله منه أشد، ففي اشتباك مع قوات الأمن أصيب البوشي برصاصة في يده اليمنى التي ذبح بها الشيخ محمد بوسليماني فشل دراعه وأصبح مرفوعا يابسا لا يستطيع أن يحركه، ويده معقوفة لا يمكنه حتى أن يأكل بها الطعام بشكل جعل منه آية للناس لمن يؤذون أولياء الله.
وعندما صعدت إلى الجبل شاهدت البوشي وذراعه المرفوعة ويده المعقوفة بشكل متجمد وملفت فسألت عنه فقيل لي: "هذه هي اليد التي ذبحت الشيخ بوسليماني"، فكان البوشي عبرة إلهية لجميع المسلحين الذين امتدت أيديهم للدعاة والعلماء.
وفي 1995 قتل البوشي مع 6 مسلحين في اشتباك مع قوات الأمن، كما قتل والده وشقيقه في حادثتين منفصلتين وكانا منضويين تحت لواء الجماعة الإسلامية المسلحة.
زوابري يتقاطع مع نحناح ويتوعد بالقتل
في 1995 وقبل الرئاسيات توجه الشيخ محفوظ رحمه الله إلى المدية في سيارته مع أحد الأشخاص وبدون حراسة وفي نفس اليوم نزل عنتر زوابري أحد أمراء "جيا" (أصبح بعد عام أميرا وطنيا) من الجبل في سيارة مع جمال بن يعلى أحد أمراء جبال الشريعة، وفي منطقة الحمدانية تقاطعت سيارة الشيخ نحناح رحمه الله مع سيارة أمراء "جيا" فلمح عنتر زوابري الشيخ نحناح، ولم يكن بالإمكان الدوران وملاحقة الشيخ نحناح بسبب كثرة حواجز الأمن، فقال عنتر زوابري لمن معه "لو أقبض عليه سأقتله"، فرّد عليه الأمير جمال بن يعلى وكان سلفيا مقربا من فكر الإخوان ويحترم الشيخ نحناح بحزم "لو تقتله فسأقتلك" فسكت عنتر زوابري.
http://www.echoroukonline.com/ara/index.php?news=77915