من هناك
05-31-2011, 06:04 PM
الفتنة الطائفية عبارة رددها ويرددها النظام السوري وإعلامه وأبواقه بكثرة وكثافة منذ اندلاع الثورة السلمية والتي يسعى السوريون من خلالها لاسترداد حريتهم واسترجاع كرامتهم. لم يكن الشعب في سورية يوما طائفيا ولم يقم بالثورة على الحكم لأن بشار ينتمي إلى الطائفة العلوية، بل كانت ثورته موجهة ضد الاستبداد والفساد. فحين استولى حافظ الأسد على الحكم مطلع السبعينيات وقدم نفسه على أنه وحدوي وعروبي، استقبلته الجماهير الحاشدة في حلب وحماة استقبال الأبطال. ولما ورث بشار الحكم عن أبيه رحب تيار من الإخوان المسلمين بالشاب الطبيب بعدما وعد بالحرية والديمقراطية، وامتدت له أيدي كثير من المعارضين لتفتح صفحة جديدة في طريق البناء والمصالحة وبعيدا عن الاحتقان والاحتراب.
ثار السوريون بعدما أمهلوا بشار عقدا من الزمان في الحكم ليكتشفوا أن وعوده الإصلاحية كانت خادعة، وأن عهوده في محاربة الفساد لم تكن صادقة، بل إن سياساته "الإصلاحية" أدت إلى تجذر الفساد وظهور طبقة طفيلية تهيمن على مقدرات الوطن وتنافس المواطن في قوت عياله. لم يكن الخطاب الطائفي في الأحداث السورية حاضرا إلا في الطرح الرسمي. فبعد اندلاع الاحتجاجات خرجت علينا بثينة شعبان لتعلن أن هناك من يسعى لفتنة طائفية ولتبشرنا بخطاب بشار وما يحمله من إصلاحات وأخبار سارة، لنستمع لخطاب هزلي في مجلس الشعب تكررت فيه كلمة الفتنة 17 مرة.
كان واضحا أن النظام يريد من خلال اتهام المنتفضين بالفتنة الطائفية التمترس وراء مسألة الطوائف ونشر الرعب في صفوف المواطنين من التغيير وكأن البديل عنه هو الحرب الأهلية والطوفان. هذه سياسة انتهجها مبارك والقذافي وصالح من قبل، وهي سياسة مدمرة وتستند إلى عقلية دكتاتورية، والتي تصل بالحاكم مع تفرده في القرار والإدمان على سماع أبواق النفاق والتمجيد إلى التأله والاستخفاف بالأمة ومصائرها. استخدام نظام الأسد لفزاعة الطائفية ليس أمرا جديدا أو مستجدا، بل هو ممتد لمناح متعددة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ليصبح سيفا مسلطا على المواطنين، وأسلوبا بشعا في اختطاف طوائف عريقة في تاريخها لربط مصيرها ومستقبلها بنظام فاسد يستند إلى العائلة والعشيرة وزمر من المنافقين والمنتفعين.
قانون العقوبات السوري والذي تمت من خلال مواده محاكمة المئات من النشطاء أمام محكمة أمن الدولة سيئة السمعة، يحتوي على المادة 285 والتي تنص على "من قام في زمن الحرب أو عند توقع نشوبها بدعاوى ترمي إلى إضعاف الشعور القومي أو إيقاظ النعرات العنصرية أو المذهبية عوقب بالاعتقال المؤقت"، والمادة 286 والتي تعاقب على "كل عمل وكل كتابة وكل خطاب يقصد منها أو ينتج عنها إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية". في عام 2001 تساءل النائبان في مجلس الشعب السوري رياض سيف ومأمون الحمصي، عن سبب تفضيل العرض الأعلى على الأدنى في مشروع الخلوي ومن ثم إعطاؤه لرامي مخلوف وإضاعة المليارات على خزينة الدولة، فتم اعتقالهما وأسقطت عنهما الحصانة النيابية وحوكما بتهمة إثارة الفتنة الطائفية وحكم عليهما بالسجن سبع سنوات.
صورة استغلال الورقة الطائفية والعبث فيها تتضح بشكل فاقع في مقال نشرته صحيفة الوطن السورية في صفحتها الأولى في 29 -5-2011 والمعنون "التكبير أسلوب جديد للتحريض والاستفزاز...مجددا ..الوعي ثم الوعي"، جاء فيه: "ليل الخميس، فجر الجمعة، دخل إلى سورية أسلوب جديد في التحريض على التظاهر والاحتجاج، مضمون في استفزاز الصدور والتحريض الطائفي"، الصحيفة اعتبرت أن التكبير في الشوارع ومن الشرفات والأسطح تحريض طائفي. المقال نفسه تناول مأساة الشهيد حمزة الخطيب بتفسير عجيب فورد فيه: "ولعل القصة المحزنة للطفل حمزة التي خرجت للعلن يوم الجمعة الماضي واحدة من أكثر القصص طائفية فيما تحمله من معاني وخفايا واستخدام واستثمار". ولست أدري كيف يكون التكبير تحريض طائفي والحديث عن اغتيال طفولة بريئة بأسلوب موغل في الهمجية والوحشية من "أكثر القصص طائفية".
في سورية "الأسد" أن تحارب الفساد وتتساءل عن الصفقات المشبوهة فأنت طائفي! وأن تطالب سلميا بالحرية وتهتف بالوحدة الوطنية فأنت طائفي! وأن تكبر فوق أسطح المنازل وفي الشوارع فأنت طائفي! وأن تتحدث عن مأساة غير مسبوقة في الإجرام لطفل بريء ودونما أن تتحدث عن هوية القتلة فأنت أيضا طائفي! استخدام الطائفية بهذا الابتذال والانحدار يهدد التعايش الوطني ويدفع البلاد وبشكل مقصود للفتن والاحتراب. المطلوب من المعنيين من جميع الطوائف وبالأخص العقلاء في الطائفة العلوية أن يرفعوا الصوت منددين بالألعاب الدموية والقذرة والتي يقوم بها النظام، وفي سعيه لاختطاف الطوائف حماية لحكمه الفاسد والمستبد.
ياسر سعد
ثار السوريون بعدما أمهلوا بشار عقدا من الزمان في الحكم ليكتشفوا أن وعوده الإصلاحية كانت خادعة، وأن عهوده في محاربة الفساد لم تكن صادقة، بل إن سياساته "الإصلاحية" أدت إلى تجذر الفساد وظهور طبقة طفيلية تهيمن على مقدرات الوطن وتنافس المواطن في قوت عياله. لم يكن الخطاب الطائفي في الأحداث السورية حاضرا إلا في الطرح الرسمي. فبعد اندلاع الاحتجاجات خرجت علينا بثينة شعبان لتعلن أن هناك من يسعى لفتنة طائفية ولتبشرنا بخطاب بشار وما يحمله من إصلاحات وأخبار سارة، لنستمع لخطاب هزلي في مجلس الشعب تكررت فيه كلمة الفتنة 17 مرة.
كان واضحا أن النظام يريد من خلال اتهام المنتفضين بالفتنة الطائفية التمترس وراء مسألة الطوائف ونشر الرعب في صفوف المواطنين من التغيير وكأن البديل عنه هو الحرب الأهلية والطوفان. هذه سياسة انتهجها مبارك والقذافي وصالح من قبل، وهي سياسة مدمرة وتستند إلى عقلية دكتاتورية، والتي تصل بالحاكم مع تفرده في القرار والإدمان على سماع أبواق النفاق والتمجيد إلى التأله والاستخفاف بالأمة ومصائرها. استخدام نظام الأسد لفزاعة الطائفية ليس أمرا جديدا أو مستجدا، بل هو ممتد لمناح متعددة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ليصبح سيفا مسلطا على المواطنين، وأسلوبا بشعا في اختطاف طوائف عريقة في تاريخها لربط مصيرها ومستقبلها بنظام فاسد يستند إلى العائلة والعشيرة وزمر من المنافقين والمنتفعين.
قانون العقوبات السوري والذي تمت من خلال مواده محاكمة المئات من النشطاء أمام محكمة أمن الدولة سيئة السمعة، يحتوي على المادة 285 والتي تنص على "من قام في زمن الحرب أو عند توقع نشوبها بدعاوى ترمي إلى إضعاف الشعور القومي أو إيقاظ النعرات العنصرية أو المذهبية عوقب بالاعتقال المؤقت"، والمادة 286 والتي تعاقب على "كل عمل وكل كتابة وكل خطاب يقصد منها أو ينتج عنها إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية". في عام 2001 تساءل النائبان في مجلس الشعب السوري رياض سيف ومأمون الحمصي، عن سبب تفضيل العرض الأعلى على الأدنى في مشروع الخلوي ومن ثم إعطاؤه لرامي مخلوف وإضاعة المليارات على خزينة الدولة، فتم اعتقالهما وأسقطت عنهما الحصانة النيابية وحوكما بتهمة إثارة الفتنة الطائفية وحكم عليهما بالسجن سبع سنوات.
صورة استغلال الورقة الطائفية والعبث فيها تتضح بشكل فاقع في مقال نشرته صحيفة الوطن السورية في صفحتها الأولى في 29 -5-2011 والمعنون "التكبير أسلوب جديد للتحريض والاستفزاز...مجددا ..الوعي ثم الوعي"، جاء فيه: "ليل الخميس، فجر الجمعة، دخل إلى سورية أسلوب جديد في التحريض على التظاهر والاحتجاج، مضمون في استفزاز الصدور والتحريض الطائفي"، الصحيفة اعتبرت أن التكبير في الشوارع ومن الشرفات والأسطح تحريض طائفي. المقال نفسه تناول مأساة الشهيد حمزة الخطيب بتفسير عجيب فورد فيه: "ولعل القصة المحزنة للطفل حمزة التي خرجت للعلن يوم الجمعة الماضي واحدة من أكثر القصص طائفية فيما تحمله من معاني وخفايا واستخدام واستثمار". ولست أدري كيف يكون التكبير تحريض طائفي والحديث عن اغتيال طفولة بريئة بأسلوب موغل في الهمجية والوحشية من "أكثر القصص طائفية".
في سورية "الأسد" أن تحارب الفساد وتتساءل عن الصفقات المشبوهة فأنت طائفي! وأن تطالب سلميا بالحرية وتهتف بالوحدة الوطنية فأنت طائفي! وأن تكبر فوق أسطح المنازل وفي الشوارع فأنت طائفي! وأن تتحدث عن مأساة غير مسبوقة في الإجرام لطفل بريء ودونما أن تتحدث عن هوية القتلة فأنت أيضا طائفي! استخدام الطائفية بهذا الابتذال والانحدار يهدد التعايش الوطني ويدفع البلاد وبشكل مقصود للفتن والاحتراب. المطلوب من المعنيين من جميع الطوائف وبالأخص العقلاء في الطائفة العلوية أن يرفعوا الصوت منددين بالألعاب الدموية والقذرة والتي يقوم بها النظام، وفي سعيه لاختطاف الطوائف حماية لحكمه الفاسد والمستبد.
ياسر سعد