من هناك
04-18-2011, 10:37 AM
قصة بدأت بـ 500 دولار وانتهت بعشرات المليارات.
لأكثر من ثلاث عقود، استطاع بيرنارد مادوف madoff أن يخدع كبار المستثمرين والأجهزة التنظيمية والبنوك وصناديق الاستثمار معتمدا على سمعته المرموقة ومكانته العالية فهو رئيس مجلس الادارة الأسبق لسوق ناسداك للأسهم ونائب رئيس مجلس الادارة الأسبق للاتحاد الوطني لمتداولي الأوراق المالية، بل معظم البنوك الكبيرة مثل دويتشه بنك وكريديت سويس يستعينون بخبرته في عملياتهم الاستثمارية، لذا لا يمكن لأحد أن يشك في نزاهته أو خبرته. لكن في نهاية المطاف سقطت ورقة التوت التي أخفت طوال سنوات عدة أكبر عملية نصب مالية في عصرنا الحالي.
ولد مادوف سنة 1938 لأسرة يهودية تعيش في نيويورك من طبقة اجتماعية متوسطة، كان والده يملك شركة للمعدات الرياضية متوسطة الدخل، لم يكن نشاطه والده يستهويه فبدأ حياته التجارية بتركيب مرشات المياه في المنازل والمجمعات، تعرف على فتاة يهودية في الثانوية العامة ثم التحق بالجامعة.
كان جل طموح مادوف هو الدخول لنادي وول ستريت وشركات النخبة ولدخله المحدود ومنعه من ذلك مكانته المالية والاجتماعية. وفي سنة 1960 أسس شركته المالية الصغيرة برأس مال 500 دولار بمساعدة والد زوجته لإدارة السندات ذات الحجم الصغير ثم تطور العمل معه وبدأ يحقق أرباحا ومكاسب مالية، ثم أدخل التكنولوجيا والكمبيوتر لعملياته الحسابية بمساعدة شقيقه بيتر الأمر الذي كرهته باقي شركات الوساطة التقليدية لغياب الشفافية والوضوح في العمليات التي يعقدها مادوف مما تطلب الأمر عقد جلسة استماع في الكونغرس ضد مادوف بسبب استخدام الكمبيوتر في العمليات الحسابية المالية.
استطاع مادوف من خلال نظام بونزي ponzi scheme وهو نظام يعتمد على توزيع أرباح المستثمرين القدامي من أموال المستثمرين الجدد (يشبه نظام التسويق الشبكي) وهو نظام مجرم من قبل هيئة البورصة والأوراق المالية ، كسب ثقة رجال الأعمال اليهود مثل جيفري بيكاور ونورمان ليفي وشابيرو فحقق لهم مكاسب مالية خيالية فوحده بيكاور حقق مع مادوف أكثر من 7 بليون دولار.
يعتمد نظام البونزي (سمى نسبة إلى أول شخص مارس هذه العملية اسمه Charles Ponzi في بداية العشرينات من القرن الماضي) على استمرارالتدفقات المالية لضمان استمرار توزيع العائد على المستثمرين بالتقادم، وفي حال توقف التدفق يتم تزوير السجلات المالية والتلاعب بها حتى لا ينكشف أمره لحين البحث عن مصادر جديدة لتدفق المال فيتم تعديل السجلات المالية مرة أخرى.
حيث استغل مادوف رضى وثقة المستثمرون الأوائل به باستقطاب مستثمرون جدد فأنشأ شبكة مستثمرين كبيرة داخل وخارج أمريكا بشكل هرمي متسق الاستفادة تنطلق من الأعلى للأدنى، واستمر على هذا الحال حتى إنهيار الكبير في سوق الأوراق المالية سنة 1987، وعلى الرغم من الخسائر وتبخر المكاسب المالية إلا أن معظم كبار المستثمرين رفضوا التخارج مع مادوف.
وبسبب تشابك العمليات التحوط طويلة الأجل والمعقدة التي نسج خيوطها مادوف ما بين أسواق أمريكا وأوربا لم يكن أمامه إلا الهروب للأمام والبحث عن عملاء جدد لإنشاء هرم شبكي جديد. فاستفاد مادوف من إنهيار العديد من الشركات المالية أو تلك التي أغلقتها هيئة البورصة لاستخدامها نظام البونزي باستقطاب عملائهم لشركته الأقل ضررا وخسائر، وخلال فترة قصيرة استطاع بناء هرم تسويقي من العملاء يخدم الهرم الأولي الذي أنشاؤه.
ومع تدفق الأموال في شركته، انتقل مادوف من نظام البونزي إلى استراتيجية استثمار قانونية اسماها الصندوق الأسود وهي تقنية معقدة تستند الى عمليات الخوارزميات في اختيار التداولات. ولكن هذه الاستراتيجية والتي كانت تعتمد بشكل أساسي في عملها على عوامل ثلاثية وهي التقلب وحجم الأموال والزخم الإعلامي لم تحقق له أهدافه بسبب تداعي أزمة السوق على النشاط الاقتصادي العام فعاد مرة أخرى لنظام البونزي. ولكن الحاظ العائر قادة مادوف للهاوية فمع جفاف مصادر تدفق الأموال وكثرة المطالب باستراد الأموال المستثمرة بدأت الشكوك تدور حول العمليات المالية والطرق التي يستخدمها مادوف في نشاطه الاستثماري فكثرت الشكاوي ضده التي لم تلقى في بداية أمرها لأي اهتمام من قبل المسؤلين لمصداقية ونزاهة مادوف عندهم الذي كان يدير أكبر الصناديق الاستثمارية العالمية بمبالغ تجاوزت التريليون دولار.
وفي سنة 2008 وبسبب الخسائر التي لحقت بالأهرامات التسويقية التي أسسها مادوف وعجزه عن استرداد أموال المستثمرين بقيمة 7 بليون دولار لم يكن يملكها ومع بداية الأزمة المالية العالمية انكشفت أوراق مادوف للعالم الاقتصادي والاستثماري الذي انخدع به لأكثر من 15 سنة .
ثم بدأ بتتبع جميع التعاملات المالية لمادوف محليا وعالميا لمعرفة حجم التداولات المالية والأطراف المتورطة في عمليات النصب والاحتيال حيث وصل نشاطه أوربا واستراليا وآسيا وبعض رجال الأعمال في الدول العربية، بل شمل حتى الجهات الرقابية والإشرافية التي كانت تشرف على التعاملات المالية لشركة مادوف لعدم تسجيلهم لأي ملاحظات حول عمليات النصب والاحتيال.
فصدرت بحقه مذكرة اعتقال وحكم على بالسجن مهندس واحدة من أكبر عمليات النصب والاحتيال على الاطلاق لمدة 150 عاما. ومازل ايرفينغ بيكارد القيم على تصفية شركة مادوف والممثل لأكثر من 2400 ضخية برفع القضايا والدعاوي على العديد من البنوك المتواطئة في العملية أمثال بنك جي بي مورغان ساعيا لتحصيل أكثر من 100 مليار دولار.
فكم مادوف يعيش بيننا، وكم مادوف يتربع على عرش المؤسسات المالية التقليدية والإسلامية مستغلا غفلة الناس عنه، ناسيا قول الله تعالى في محكم آياته في سورة فصلت (22) وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون. صدق الله العظيم
لأكثر من ثلاث عقود، استطاع بيرنارد مادوف madoff أن يخدع كبار المستثمرين والأجهزة التنظيمية والبنوك وصناديق الاستثمار معتمدا على سمعته المرموقة ومكانته العالية فهو رئيس مجلس الادارة الأسبق لسوق ناسداك للأسهم ونائب رئيس مجلس الادارة الأسبق للاتحاد الوطني لمتداولي الأوراق المالية، بل معظم البنوك الكبيرة مثل دويتشه بنك وكريديت سويس يستعينون بخبرته في عملياتهم الاستثمارية، لذا لا يمكن لأحد أن يشك في نزاهته أو خبرته. لكن في نهاية المطاف سقطت ورقة التوت التي أخفت طوال سنوات عدة أكبر عملية نصب مالية في عصرنا الحالي.
ولد مادوف سنة 1938 لأسرة يهودية تعيش في نيويورك من طبقة اجتماعية متوسطة، كان والده يملك شركة للمعدات الرياضية متوسطة الدخل، لم يكن نشاطه والده يستهويه فبدأ حياته التجارية بتركيب مرشات المياه في المنازل والمجمعات، تعرف على فتاة يهودية في الثانوية العامة ثم التحق بالجامعة.
كان جل طموح مادوف هو الدخول لنادي وول ستريت وشركات النخبة ولدخله المحدود ومنعه من ذلك مكانته المالية والاجتماعية. وفي سنة 1960 أسس شركته المالية الصغيرة برأس مال 500 دولار بمساعدة والد زوجته لإدارة السندات ذات الحجم الصغير ثم تطور العمل معه وبدأ يحقق أرباحا ومكاسب مالية، ثم أدخل التكنولوجيا والكمبيوتر لعملياته الحسابية بمساعدة شقيقه بيتر الأمر الذي كرهته باقي شركات الوساطة التقليدية لغياب الشفافية والوضوح في العمليات التي يعقدها مادوف مما تطلب الأمر عقد جلسة استماع في الكونغرس ضد مادوف بسبب استخدام الكمبيوتر في العمليات الحسابية المالية.
استطاع مادوف من خلال نظام بونزي ponzi scheme وهو نظام يعتمد على توزيع أرباح المستثمرين القدامي من أموال المستثمرين الجدد (يشبه نظام التسويق الشبكي) وهو نظام مجرم من قبل هيئة البورصة والأوراق المالية ، كسب ثقة رجال الأعمال اليهود مثل جيفري بيكاور ونورمان ليفي وشابيرو فحقق لهم مكاسب مالية خيالية فوحده بيكاور حقق مع مادوف أكثر من 7 بليون دولار.
يعتمد نظام البونزي (سمى نسبة إلى أول شخص مارس هذه العملية اسمه Charles Ponzi في بداية العشرينات من القرن الماضي) على استمرارالتدفقات المالية لضمان استمرار توزيع العائد على المستثمرين بالتقادم، وفي حال توقف التدفق يتم تزوير السجلات المالية والتلاعب بها حتى لا ينكشف أمره لحين البحث عن مصادر جديدة لتدفق المال فيتم تعديل السجلات المالية مرة أخرى.
حيث استغل مادوف رضى وثقة المستثمرون الأوائل به باستقطاب مستثمرون جدد فأنشأ شبكة مستثمرين كبيرة داخل وخارج أمريكا بشكل هرمي متسق الاستفادة تنطلق من الأعلى للأدنى، واستمر على هذا الحال حتى إنهيار الكبير في سوق الأوراق المالية سنة 1987، وعلى الرغم من الخسائر وتبخر المكاسب المالية إلا أن معظم كبار المستثمرين رفضوا التخارج مع مادوف.
وبسبب تشابك العمليات التحوط طويلة الأجل والمعقدة التي نسج خيوطها مادوف ما بين أسواق أمريكا وأوربا لم يكن أمامه إلا الهروب للأمام والبحث عن عملاء جدد لإنشاء هرم شبكي جديد. فاستفاد مادوف من إنهيار العديد من الشركات المالية أو تلك التي أغلقتها هيئة البورصة لاستخدامها نظام البونزي باستقطاب عملائهم لشركته الأقل ضررا وخسائر، وخلال فترة قصيرة استطاع بناء هرم تسويقي من العملاء يخدم الهرم الأولي الذي أنشاؤه.
ومع تدفق الأموال في شركته، انتقل مادوف من نظام البونزي إلى استراتيجية استثمار قانونية اسماها الصندوق الأسود وهي تقنية معقدة تستند الى عمليات الخوارزميات في اختيار التداولات. ولكن هذه الاستراتيجية والتي كانت تعتمد بشكل أساسي في عملها على عوامل ثلاثية وهي التقلب وحجم الأموال والزخم الإعلامي لم تحقق له أهدافه بسبب تداعي أزمة السوق على النشاط الاقتصادي العام فعاد مرة أخرى لنظام البونزي. ولكن الحاظ العائر قادة مادوف للهاوية فمع جفاف مصادر تدفق الأموال وكثرة المطالب باستراد الأموال المستثمرة بدأت الشكوك تدور حول العمليات المالية والطرق التي يستخدمها مادوف في نشاطه الاستثماري فكثرت الشكاوي ضده التي لم تلقى في بداية أمرها لأي اهتمام من قبل المسؤلين لمصداقية ونزاهة مادوف عندهم الذي كان يدير أكبر الصناديق الاستثمارية العالمية بمبالغ تجاوزت التريليون دولار.
وفي سنة 2008 وبسبب الخسائر التي لحقت بالأهرامات التسويقية التي أسسها مادوف وعجزه عن استرداد أموال المستثمرين بقيمة 7 بليون دولار لم يكن يملكها ومع بداية الأزمة المالية العالمية انكشفت أوراق مادوف للعالم الاقتصادي والاستثماري الذي انخدع به لأكثر من 15 سنة .
ثم بدأ بتتبع جميع التعاملات المالية لمادوف محليا وعالميا لمعرفة حجم التداولات المالية والأطراف المتورطة في عمليات النصب والاحتيال حيث وصل نشاطه أوربا واستراليا وآسيا وبعض رجال الأعمال في الدول العربية، بل شمل حتى الجهات الرقابية والإشرافية التي كانت تشرف على التعاملات المالية لشركة مادوف لعدم تسجيلهم لأي ملاحظات حول عمليات النصب والاحتيال.
فصدرت بحقه مذكرة اعتقال وحكم على بالسجن مهندس واحدة من أكبر عمليات النصب والاحتيال على الاطلاق لمدة 150 عاما. ومازل ايرفينغ بيكارد القيم على تصفية شركة مادوف والممثل لأكثر من 2400 ضخية برفع القضايا والدعاوي على العديد من البنوك المتواطئة في العملية أمثال بنك جي بي مورغان ساعيا لتحصيل أكثر من 100 مليار دولار.
فكم مادوف يعيش بيننا، وكم مادوف يتربع على عرش المؤسسات المالية التقليدية والإسلامية مستغلا غفلة الناس عنه، ناسيا قول الله تعالى في محكم آياته في سورة فصلت (22) وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون. صدق الله العظيم