فـاروق
02-28-2011, 03:48 PM
السلام عليكم
اجريت اليوم مكالمة هاتفية مع احد المسؤولين في مصرف اسلامي جديد في لبنان. وكان الاتصال جيد جدا بل وجدت ان عقودهم فيها تقدم ملحوظ عن بعض المصارف الاخرى خاصة فيما يتعلق بالمرابحة
فالزبون له الحق في رفض شراء السلعة بعد ان اشتراها المصرف من البائع دون ان يدفع الزبون اي غرامة ( ما يسمى هامش الجدية في الوعد للشراء) على الرغم من ان المسؤول لم يقل بحرمانية هذه الطريقة ( من المعلوم ان هناك كثيرون ممن اجازوها... )
المصرف يعتمد على المرابحة ويشتري السلعة وفق مبدأ: الشراء مع شرط الخيار. وهنا السؤال حول حلية هذا الامر الذي قال به واجازه ابن القيم
سانقل لكم مقالا من موقع ملتقى اهل الحديث يتناول هذه القضية واريد رايكم ( خاصة بلال ومقاوم لو سمحتم)
---
"
الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
المرابحة للآمر بالشراء كما تجريه المصارف الإسلامية .
أود الحديث عن مسألة مهمة تكلم فيها علماؤنا, وهي مسألة بيع المرابحة للآمر بالشراء, ولا أريد الحديث عن خلاف علمائنا في هذه المسألة, أو الضوابط التي وضعها من أجاز هذا العقد, مما لا يخفى على فقهاء هذا المنتدى المبارك, وإنما أريد الحديث عن مسألة مهمة تُشكل على من قال بجواز الصورة التي تجريها كثير من المصارف الإسلامية, ولو كانت تلك المصارف تحوز السلع إلى مستودعاتها قبل إبرام الصفقة مع الآمر بالشراء.
لا يخفى أن كثيرا من العلماء المجيزين لها قالوا : إن وعد الآمر لا بد أن يكون غير ملزم له, وإن المصرف لا بد أن يقوم بشراء السلعة المأمور بها, ويتملكها, وتصبح في ضمانه, ولهذا أجازها من أجازها.
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تعالى معللا للقول بالجواز :
" وذلك لأنه ليس في هذه الصورة التزام بإتمام الوعد بالعقد أو بالتعويض عن الضرر لو هلكت السلعة فلا ضمان على العميل فالبنك يخاطر لشراء السلعة لنفسه وهو على غير يقين من شراء العميل لها بربح، فلو عدل أحدهما عن رغبته فلا إلزام ولا يترتب عليه أي أثر فهذه الدرجة من المخاطرة هي التي جعلتها في حيز الجواز والله أعلم " [ فقه النوازل للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله ]
وأريد أن أقول : إن المصارف الإسلامية , كثير منها , لا يتحرى مثل هذه الشروط , وربما تحراها ظاهرا لا باطنا , فيدخل في مثل هذه المعاملة دون أدنى مخاطرة , أي يكون ممولا لإبرام هذه الصفقة , فهو يتواطأ مع التاجر ( صاحب السلع ) , أن السلعة التي اشتراها منه , إذا أتاه الآمر بالشراء وأمضى شراءه , فهو حينئذ على شرائه , وإن رجع الآمر بالشراء عن وعده , ورغب عن السلعة , كان بين المصرف والتاجر اتفاق على أن السلعة ترجع إلى صاحبها الأول ( التاجر ) , فهما – أعني المصرف والتاجر – كاثنين قال أحدهما للآخر : إذا جاءك من يريد شراء سلعة , وليس عنده ما يشتريها به , فلا ترده , بل أنا سأشتري منك هذه السلعة , وسأبيعها إياه بأقساط , فإن رغب هذا المشتري ( طالب الشراء الأول الذي ليس عنده نقد ) عن السلعة , فأنا سأرد عليك سلعتك , لأنه لا حاجة لي بها , فلا لي ولا علي . قال له صاحب السلعة : موافق.
فانظر لهذه الصورة , وتأملها تجد أنها تنطبق على كثير من المصارف الإسلامية حال إبرامها الصفقة مع التجار أصحاب السلع .
ولا شك أن فصل مابين حل هذه المعاملة وحرمتها , هو المخاطرة , التي تدل على أن المصرف اشترى السلعة شراء حقيقيا , وخاطر بماله , وأصبحت السلعة من ضمانه , له غنمها , في حال شراء الآمر منه بربح , وعليه غرمها , لو رجع الآمر عن وعده بالشراء , وكسدت السلعة , أو تلفت ...
والفرق بين الحالين كبير جدا :
ففي صورة الشراء الحقيقي , ستجد المصرف يتجنب السلع القليلة الرواج , وأيضا ذات الثمن الباهظ , التي ربما لو اشتراها سوف لن تنفق بل سيكون مآلها الكساد , أو البيع بخسارة , وسوف نجده يتحرى من يبيعها من التجار بثمن أقل , وسوف نجده يتحرى سلامة السلعة , وخلوها من العيب , وهذا كله أو كثير منه لا تكاد المصارف الإسلامية تتحراه , لأنها تبرم الصفقة كما مر , لا تدخل في أدنى مخاطرة : فالسلعة مصيرها إلى الواعد بالشراء , أو صاحبها الأول ( التاجر ) .
وقد شاهدت بنفسي صورة تدل على قولي هذا وهو أن التاجر أحيانا يضع عرضا على سلعة عنده , فيقول : من يشتري سيارة كذا بسعر ثمانية آلاف دينار , فإنه سيقبض نقدا في يده ألف دينار , فيذهب الآمر بالشراء إلى المصرف الإسلامي , فيقول له المصرف: إن كنت تريد هذا العرض من التاجر فالسيارة سنشتريها بثمانية آلاف وسنبيعها عليك بعشرة مقسطة , وإن كنت لا تريد العرض , فسوف نحسم قيمة العرض ( الألف دينار ) من قيمة السلعة ( أي الثمانية آلاف ) أي أنها سوف تكون بسبعة , أي أننا سوف نشتري السلعة بسبعة آلاف , وسنبيعها عليك بتسعة ...
فتأمل معي يا رعاك الله كيف تكون السلعة واحدة , ومع ذلك مرة يشتريها المصرف بثمانية , ومرة يشتريها بسبعة , وهذا كله ليس بسبب تغير أحوال السوق , بل يبرم مع هذا العميل أن السلعة بثمانية , ومع آخر - في الوقت نفسه - على أنها بسبعة , والسلعة هي هي , فلو كان الشراء حقيقيا لاختار الأحظ لنفسه , والأربح لعوائده , فلا يشتريها إلا بالثمن الأقل .
ومما يدل على أن بيع المرابحة للآمر بالشراء يعقد بين المصارف الإسلامية والتجار على نحو لا مخاطرة فيه , أقول مما يدل على ذلك : منافسة المصارف التقليدية للمصارف الإسلامية في مثل هذا البيع , واستعدادها لتقديم أفضل العروض في ذلك , وما ذاك إلا لأن تلك المصارف ( التقليدية ) ترى موافقة هذا العقد لسياستها , أعني سياسة عدم المخاطرة , المعروفة في عقودها , فهي لا تخاطر بأموال زبائنها المودعين .
وتزداد خطورة هذه المسألة إذا علمنا أن التورق الذي تجريه المصارف سواء المنظم أو غير المنظم , يقوم على بيع الرابحة للآمر بالشراء .
ومع ذلك أعرف ما قاله العلامة ابن القيم فيما يشبه هذه المسألة في إعلام الموقعين , وهو قوله : " المثال الحادي بعد المائة رجل قال لغيره اشتر هذه الدار أو هذه السلعة من فلان بكذا وكذا , وأنا أربحك فيها كذا وكذا , فخاف إن اشتراها أن يبدو للآمر فلا يريدها , ولا يتمكن من الرد , فالحيلة أن يشتريها على أنه بالخيار ثلاثة أيام , أو أكثر ثم يقول للآمر قد اشتريتها بما ذكرت , فإن أخذها منه , وإلا تمكن من ردها على البائع بالخيار .... " . فهذا القول منه عندي مشكل , وربما يقال : إن الخيار الذي اشترطه المشتري وإن كان هو خيار الشرط ( الذي دلت النصوص على جوازه ) , لكن اشتراطه ههنا حقيقته كاشتراط متى نفق المبيع , وإلا رده , وهذا كما لا يخفى من الشروط الفاسدة .
هذا والله أسأل أن ينفع بهذه الكلمات , وإن كان ثَمَّ خطأ , أو أخطاء , فكلي صدر رحب لتقبلها من فقهاء المنتدى , ومن كانت عنده بضاعة ثمينة في هذا الموضوع فليحسن عرضها , وليجتنب أسباب كسادها , وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
تنبيه : قد ترددت كثيرا في إبداء استشكالي على كلام العلامة ابن القيم , لأنه ليس مثلي يناقش هؤلاء الكبار , ولكن فعلت ذلك حتى لا يُظن أني لم أطلع على كلامه .
"
اجريت اليوم مكالمة هاتفية مع احد المسؤولين في مصرف اسلامي جديد في لبنان. وكان الاتصال جيد جدا بل وجدت ان عقودهم فيها تقدم ملحوظ عن بعض المصارف الاخرى خاصة فيما يتعلق بالمرابحة
فالزبون له الحق في رفض شراء السلعة بعد ان اشتراها المصرف من البائع دون ان يدفع الزبون اي غرامة ( ما يسمى هامش الجدية في الوعد للشراء) على الرغم من ان المسؤول لم يقل بحرمانية هذه الطريقة ( من المعلوم ان هناك كثيرون ممن اجازوها... )
المصرف يعتمد على المرابحة ويشتري السلعة وفق مبدأ: الشراء مع شرط الخيار. وهنا السؤال حول حلية هذا الامر الذي قال به واجازه ابن القيم
سانقل لكم مقالا من موقع ملتقى اهل الحديث يتناول هذه القضية واريد رايكم ( خاصة بلال ومقاوم لو سمحتم)
---
"
الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
المرابحة للآمر بالشراء كما تجريه المصارف الإسلامية .
أود الحديث عن مسألة مهمة تكلم فيها علماؤنا, وهي مسألة بيع المرابحة للآمر بالشراء, ولا أريد الحديث عن خلاف علمائنا في هذه المسألة, أو الضوابط التي وضعها من أجاز هذا العقد, مما لا يخفى على فقهاء هذا المنتدى المبارك, وإنما أريد الحديث عن مسألة مهمة تُشكل على من قال بجواز الصورة التي تجريها كثير من المصارف الإسلامية, ولو كانت تلك المصارف تحوز السلع إلى مستودعاتها قبل إبرام الصفقة مع الآمر بالشراء.
لا يخفى أن كثيرا من العلماء المجيزين لها قالوا : إن وعد الآمر لا بد أن يكون غير ملزم له, وإن المصرف لا بد أن يقوم بشراء السلعة المأمور بها, ويتملكها, وتصبح في ضمانه, ولهذا أجازها من أجازها.
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تعالى معللا للقول بالجواز :
" وذلك لأنه ليس في هذه الصورة التزام بإتمام الوعد بالعقد أو بالتعويض عن الضرر لو هلكت السلعة فلا ضمان على العميل فالبنك يخاطر لشراء السلعة لنفسه وهو على غير يقين من شراء العميل لها بربح، فلو عدل أحدهما عن رغبته فلا إلزام ولا يترتب عليه أي أثر فهذه الدرجة من المخاطرة هي التي جعلتها في حيز الجواز والله أعلم " [ فقه النوازل للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله ]
وأريد أن أقول : إن المصارف الإسلامية , كثير منها , لا يتحرى مثل هذه الشروط , وربما تحراها ظاهرا لا باطنا , فيدخل في مثل هذه المعاملة دون أدنى مخاطرة , أي يكون ممولا لإبرام هذه الصفقة , فهو يتواطأ مع التاجر ( صاحب السلع ) , أن السلعة التي اشتراها منه , إذا أتاه الآمر بالشراء وأمضى شراءه , فهو حينئذ على شرائه , وإن رجع الآمر بالشراء عن وعده , ورغب عن السلعة , كان بين المصرف والتاجر اتفاق على أن السلعة ترجع إلى صاحبها الأول ( التاجر ) , فهما – أعني المصرف والتاجر – كاثنين قال أحدهما للآخر : إذا جاءك من يريد شراء سلعة , وليس عنده ما يشتريها به , فلا ترده , بل أنا سأشتري منك هذه السلعة , وسأبيعها إياه بأقساط , فإن رغب هذا المشتري ( طالب الشراء الأول الذي ليس عنده نقد ) عن السلعة , فأنا سأرد عليك سلعتك , لأنه لا حاجة لي بها , فلا لي ولا علي . قال له صاحب السلعة : موافق.
فانظر لهذه الصورة , وتأملها تجد أنها تنطبق على كثير من المصارف الإسلامية حال إبرامها الصفقة مع التجار أصحاب السلع .
ولا شك أن فصل مابين حل هذه المعاملة وحرمتها , هو المخاطرة , التي تدل على أن المصرف اشترى السلعة شراء حقيقيا , وخاطر بماله , وأصبحت السلعة من ضمانه , له غنمها , في حال شراء الآمر منه بربح , وعليه غرمها , لو رجع الآمر عن وعده بالشراء , وكسدت السلعة , أو تلفت ...
والفرق بين الحالين كبير جدا :
ففي صورة الشراء الحقيقي , ستجد المصرف يتجنب السلع القليلة الرواج , وأيضا ذات الثمن الباهظ , التي ربما لو اشتراها سوف لن تنفق بل سيكون مآلها الكساد , أو البيع بخسارة , وسوف نجده يتحرى من يبيعها من التجار بثمن أقل , وسوف نجده يتحرى سلامة السلعة , وخلوها من العيب , وهذا كله أو كثير منه لا تكاد المصارف الإسلامية تتحراه , لأنها تبرم الصفقة كما مر , لا تدخل في أدنى مخاطرة : فالسلعة مصيرها إلى الواعد بالشراء , أو صاحبها الأول ( التاجر ) .
وقد شاهدت بنفسي صورة تدل على قولي هذا وهو أن التاجر أحيانا يضع عرضا على سلعة عنده , فيقول : من يشتري سيارة كذا بسعر ثمانية آلاف دينار , فإنه سيقبض نقدا في يده ألف دينار , فيذهب الآمر بالشراء إلى المصرف الإسلامي , فيقول له المصرف: إن كنت تريد هذا العرض من التاجر فالسيارة سنشتريها بثمانية آلاف وسنبيعها عليك بعشرة مقسطة , وإن كنت لا تريد العرض , فسوف نحسم قيمة العرض ( الألف دينار ) من قيمة السلعة ( أي الثمانية آلاف ) أي أنها سوف تكون بسبعة , أي أننا سوف نشتري السلعة بسبعة آلاف , وسنبيعها عليك بتسعة ...
فتأمل معي يا رعاك الله كيف تكون السلعة واحدة , ومع ذلك مرة يشتريها المصرف بثمانية , ومرة يشتريها بسبعة , وهذا كله ليس بسبب تغير أحوال السوق , بل يبرم مع هذا العميل أن السلعة بثمانية , ومع آخر - في الوقت نفسه - على أنها بسبعة , والسلعة هي هي , فلو كان الشراء حقيقيا لاختار الأحظ لنفسه , والأربح لعوائده , فلا يشتريها إلا بالثمن الأقل .
ومما يدل على أن بيع المرابحة للآمر بالشراء يعقد بين المصارف الإسلامية والتجار على نحو لا مخاطرة فيه , أقول مما يدل على ذلك : منافسة المصارف التقليدية للمصارف الإسلامية في مثل هذا البيع , واستعدادها لتقديم أفضل العروض في ذلك , وما ذاك إلا لأن تلك المصارف ( التقليدية ) ترى موافقة هذا العقد لسياستها , أعني سياسة عدم المخاطرة , المعروفة في عقودها , فهي لا تخاطر بأموال زبائنها المودعين .
وتزداد خطورة هذه المسألة إذا علمنا أن التورق الذي تجريه المصارف سواء المنظم أو غير المنظم , يقوم على بيع الرابحة للآمر بالشراء .
ومع ذلك أعرف ما قاله العلامة ابن القيم فيما يشبه هذه المسألة في إعلام الموقعين , وهو قوله : " المثال الحادي بعد المائة رجل قال لغيره اشتر هذه الدار أو هذه السلعة من فلان بكذا وكذا , وأنا أربحك فيها كذا وكذا , فخاف إن اشتراها أن يبدو للآمر فلا يريدها , ولا يتمكن من الرد , فالحيلة أن يشتريها على أنه بالخيار ثلاثة أيام , أو أكثر ثم يقول للآمر قد اشتريتها بما ذكرت , فإن أخذها منه , وإلا تمكن من ردها على البائع بالخيار .... " . فهذا القول منه عندي مشكل , وربما يقال : إن الخيار الذي اشترطه المشتري وإن كان هو خيار الشرط ( الذي دلت النصوص على جوازه ) , لكن اشتراطه ههنا حقيقته كاشتراط متى نفق المبيع , وإلا رده , وهذا كما لا يخفى من الشروط الفاسدة .
هذا والله أسأل أن ينفع بهذه الكلمات , وإن كان ثَمَّ خطأ , أو أخطاء , فكلي صدر رحب لتقبلها من فقهاء المنتدى , ومن كانت عنده بضاعة ثمينة في هذا الموضوع فليحسن عرضها , وليجتنب أسباب كسادها , وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
تنبيه : قد ترددت كثيرا في إبداء استشكالي على كلام العلامة ابن القيم , لأنه ليس مثلي يناقش هؤلاء الكبار , ولكن فعلت ذلك حتى لا يُظن أني لم أطلع على كلامه .
"