سائر في رحاب الله
02-14-2011, 09:00 PM
كان الشيخ رشيد رضا أكبر تلامذة الأستاذ الإمام محمد عبده، وخليفته من بعده، حمل راية الإصلاح والتجديد، وبعث في الأمة روحًا جديدة، تُحرِّك الساكن، وتنبه الغافل، لا يجد وسيلة من وسائل التبليغ والدعوة إلا اتخذها منبرًا لأفكاره ودعوته ما دامت تحقق الغرض وتوصل إلى الهدف.
وكان (رحمه الله) متعدد الجوانب والمواهب، فكان مفكرًا إسلاميًا غيورًا على دينه، وصحفيًا نابهًا ينشئ مجلة "المنار" ذات الأثر العميق في الفكر الإسلامي، وكاتبًا بليغًا في كثير من الصحف، ومفسرًا نابغًا، ومحدثًا متقنًا في طليعة محدثي العصر، وأديبًا لغويًا، وخطيبًا مفوهًا تهتز له أعواد المنابر، وسياسيًا يشغل نفسه بهموم أمته وقضاياه، ومربيًا ومعلمًا يروم الإصلاح ويبغي التقدم لأمته.
وخلاصة القول: إنه كان واحدًا من رواد الإصلاح الإسلامي الذين بزغوا في مطلع القرن الرابع عشر الهجري، وعملوا على النهوض بأمتهم؛ حتى تستعيد مجدها الغابر، وقوتها الفتية على هدى من الإسلام، وبصر بمنجزات العصر
المولد والنشأة:
في قرية "القلمون" كان مولد "محمد رشيد بن علي رضا" في (27 من جمادى الأولى 1282هـ = 23من سبتمبر 1865م)، وهي قرية تقع على شاطئ البحر المتوسط من جبل لبنان، وتبعد عن طرابلس الشام بنحو ثلاثة أميال، وهو ينتمي إلى أسرة شريفة من العترة النبوية الشريفة، حيث يتصل نسبها بآل "الحسين بن علي" (رضي الله عنها).
وكان أبوه "علي رضا" شيخًا للقلمون وإمامًا لمسجدها، فعُني بتربية ولده وتعليمه؛ فحفظ القرآن وتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب، ثم انتقل إلى طرابلس، ودخل المدرسة الرشيدية الابتدائية، وكانت تابعة للدولة العثمانية، وتعلم النحو والصرف ومبادئ الجغرافيا والحساب، وكان التدريس فيها باللغة التركية، وظل بها رشيد رضا عامًا، ثم تركها إلى المدرسة الوطنية الإسلامية بطرابلس سنة (1299هـ = 1882م)، وكانت أرقى من المدرسة السابقة، والتعليم فيها بالعربية، وتهتم بتدريس العلوم العربية والشرعية والمنطق والرياضيات والفلسفة الطبيعية، وقد أسس هذه المدرسة وأدارها الشيخ "حسين الجسر" أحد علماء الشام الأفذاذ ومن رواد النهضة الثقافية العربية، وكان يرى أن الأمة لا يصلح حالها أو ترتقي بين الأمم إلا بالجمع بين علوم الدين وعلوم الدنيا على الطريقة العصرية الأوربية مع التربية الإسلامية الوطنية.
ولم تطل الحياة بتلك المدرسة فسرعان ما أُغلقت أبوابها، وتفرّق طلابها في المدارس الأخرى، غير أن رشيد رضا توثقت صلته بالشيخ الجسر، واتصل بحلقاته ودروسه، ووجد الشيخ الجسر في تلميذه نباهة وفهمًا، فآثره برعايته وأولاه عنايته، فأجازه سنة (1314هـ = 1897م) بتدريس العلوم الشرعية والعقلية والعربية، وهي التي كان يتلقاها عليه طالبه النابه، وفي الوقت نفسه درس "رشيد رضا" الحديث على يد الشيخ "محمود نشابة" وأجازه أيضًا برواية الحديث، كما واظب على حضور دروس نفر من علماء طرابلس، مثل: الشيخ عبد الغني ألرافعي، ومحمد القاوجي، ومحمد الحسيني، وغيرهم.
في قريته:
اتخذ الشيخ رشيد رضا من قريته الصغيرة ميدانًا لدعوته الإصلاحية بعد أن تزود بالعلم وتسلح بالمعرفة، وصفت نفسه بالمجاهدات والرياضيات الروحية ومحاسبة نفسه وتخليص قلبه من الغفلة وحب الدنيا، فكان يلقي الدروس والخطب في المسجد بطريقة سهلة بعيدة عن السجع الذي كان يشيع في الخطب المنبرية آنذاك، ويختار آيات من القرآن يحسن عرضها على جمهوره، ويبسط لهم مسائل الفقه، ويحارب البدع التي كانت شائعة بين أهل قريته.
ولم يكتف الشيخ رضا بمن يحضر دروسه في المسجد، فذهب هو إلى الناس في تجمعاتهم في المقاهي التي اعتادوا على الجلوس فيها لشرب القهوة والنارجيلة، ولم يخجل من جلوسه معهم يعظهم ويحثهم على الصلاة، وقد أثمرت هذه السياسة المبتكرة، فأقبل كثير منهم على أداء الفروض والالتزام بالشرع والتوبة والإقبال على الله، وبعث إلى نساء القرية من دعاهن إلى درس خاص بهن، وجعل مقر التدريس في دار الأسرة، وألقى عليهن دروسًا في الطهارة والعبادات والأخلاق، وشيئًا من العقائد في أسلوب سهل يسير.
يتبع بإذن الله ....
وكان (رحمه الله) متعدد الجوانب والمواهب، فكان مفكرًا إسلاميًا غيورًا على دينه، وصحفيًا نابهًا ينشئ مجلة "المنار" ذات الأثر العميق في الفكر الإسلامي، وكاتبًا بليغًا في كثير من الصحف، ومفسرًا نابغًا، ومحدثًا متقنًا في طليعة محدثي العصر، وأديبًا لغويًا، وخطيبًا مفوهًا تهتز له أعواد المنابر، وسياسيًا يشغل نفسه بهموم أمته وقضاياه، ومربيًا ومعلمًا يروم الإصلاح ويبغي التقدم لأمته.
وخلاصة القول: إنه كان واحدًا من رواد الإصلاح الإسلامي الذين بزغوا في مطلع القرن الرابع عشر الهجري، وعملوا على النهوض بأمتهم؛ حتى تستعيد مجدها الغابر، وقوتها الفتية على هدى من الإسلام، وبصر بمنجزات العصر
المولد والنشأة:
في قرية "القلمون" كان مولد "محمد رشيد بن علي رضا" في (27 من جمادى الأولى 1282هـ = 23من سبتمبر 1865م)، وهي قرية تقع على شاطئ البحر المتوسط من جبل لبنان، وتبعد عن طرابلس الشام بنحو ثلاثة أميال، وهو ينتمي إلى أسرة شريفة من العترة النبوية الشريفة، حيث يتصل نسبها بآل "الحسين بن علي" (رضي الله عنها).
وكان أبوه "علي رضا" شيخًا للقلمون وإمامًا لمسجدها، فعُني بتربية ولده وتعليمه؛ فحفظ القرآن وتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب، ثم انتقل إلى طرابلس، ودخل المدرسة الرشيدية الابتدائية، وكانت تابعة للدولة العثمانية، وتعلم النحو والصرف ومبادئ الجغرافيا والحساب، وكان التدريس فيها باللغة التركية، وظل بها رشيد رضا عامًا، ثم تركها إلى المدرسة الوطنية الإسلامية بطرابلس سنة (1299هـ = 1882م)، وكانت أرقى من المدرسة السابقة، والتعليم فيها بالعربية، وتهتم بتدريس العلوم العربية والشرعية والمنطق والرياضيات والفلسفة الطبيعية، وقد أسس هذه المدرسة وأدارها الشيخ "حسين الجسر" أحد علماء الشام الأفذاذ ومن رواد النهضة الثقافية العربية، وكان يرى أن الأمة لا يصلح حالها أو ترتقي بين الأمم إلا بالجمع بين علوم الدين وعلوم الدنيا على الطريقة العصرية الأوربية مع التربية الإسلامية الوطنية.
ولم تطل الحياة بتلك المدرسة فسرعان ما أُغلقت أبوابها، وتفرّق طلابها في المدارس الأخرى، غير أن رشيد رضا توثقت صلته بالشيخ الجسر، واتصل بحلقاته ودروسه، ووجد الشيخ الجسر في تلميذه نباهة وفهمًا، فآثره برعايته وأولاه عنايته، فأجازه سنة (1314هـ = 1897م) بتدريس العلوم الشرعية والعقلية والعربية، وهي التي كان يتلقاها عليه طالبه النابه، وفي الوقت نفسه درس "رشيد رضا" الحديث على يد الشيخ "محمود نشابة" وأجازه أيضًا برواية الحديث، كما واظب على حضور دروس نفر من علماء طرابلس، مثل: الشيخ عبد الغني ألرافعي، ومحمد القاوجي، ومحمد الحسيني، وغيرهم.
في قريته:
اتخذ الشيخ رشيد رضا من قريته الصغيرة ميدانًا لدعوته الإصلاحية بعد أن تزود بالعلم وتسلح بالمعرفة، وصفت نفسه بالمجاهدات والرياضيات الروحية ومحاسبة نفسه وتخليص قلبه من الغفلة وحب الدنيا، فكان يلقي الدروس والخطب في المسجد بطريقة سهلة بعيدة عن السجع الذي كان يشيع في الخطب المنبرية آنذاك، ويختار آيات من القرآن يحسن عرضها على جمهوره، ويبسط لهم مسائل الفقه، ويحارب البدع التي كانت شائعة بين أهل قريته.
ولم يكتف الشيخ رضا بمن يحضر دروسه في المسجد، فذهب هو إلى الناس في تجمعاتهم في المقاهي التي اعتادوا على الجلوس فيها لشرب القهوة والنارجيلة، ولم يخجل من جلوسه معهم يعظهم ويحثهم على الصلاة، وقد أثمرت هذه السياسة المبتكرة، فأقبل كثير منهم على أداء الفروض والالتزام بالشرع والتوبة والإقبال على الله، وبعث إلى نساء القرية من دعاهن إلى درس خاص بهن، وجعل مقر التدريس في دار الأسرة، وألقى عليهن دروسًا في الطهارة والعبادات والأخلاق، وشيئًا من العقائد في أسلوب سهل يسير.
يتبع بإذن الله ....