سائر في رحاب الله
12-08-2010, 10:35 PM
نبأ نيوز- حسن أبو هنية -
* نظيم القاعدة وبدايـــــات الدخـــــول على الإنترنت
يعتبر تنظيم القاعدة من أكثر التنظيمات الراديكالية المسلحة اهتمامًا بشبكة الإنترنت والمسألة الإعلامية، فقد أدرك منذ فترة مبكرة من تأسيسه الأهمية الاستثنائية للوسائط الاتصالية في إيصال رسالته السياسية ونشر أيديولوجيته الجهادية؛ بحيث أصبح مفهوم "الجهاد الإلكتروني" راسخًا في أدبياته الإعلامية.
فقد أشار الظواهري إلى أن العمل الإعلامي للقاعدة يتمتع بنفس أهمية العمل العسكري، وقال في أحد لقاءاته: "أسأل الله أن يجزي العاملين في الإعلام الجهادي خير الجزاء... وأدعوهم لمزيد من الجهد والعطاء, وأحمد الله أنْ شهد الأعداء -وفي خدمتهم الإمكانات الهائلة ومؤسسات الإعلام الجبارة- بهزيمتهم أمام الإمكانات الضئيلة للمجاهدين".
وقد اعترفت الولايات المتحدة بتفوق القاعدة في حربها الإعلامية الالكترونية؛ إذ تضاعفت المواقع والمنتديات الجهادية بشكل كبير منذ الإعلان عن تأسيس "الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين" عام 1998م من (12) موقعًا -كما يشير جبراييل ويمان - إلى أكثر من (6000) موقع في الوقت الراهن، وتظهر وتختفي سنويًا مئات المواقع في سياق حرب الشبكات التي تدور رحاها بين الأجهزة الاستخبارية من جهة وأتباع وأنصار الجماعة الجهادية وتنظيم القاعدة من جهة أخرى(*).
طرحت مسألة فقدان الملاذات الآمنة في العالم الواقعي ضرورة البحث عن ملاذات آمنة في العالم الافتراضي، وسارعت الفروع الإقليمية للقاعدة بإنشاء وتأسيس مواقع ومنتديات جهادية ومراكز إعلامية؛ حيث برزت "مؤسسة السحاب" والتي أصبحت جزءًا من "مركز الفجر الإعلامي" الذي يتبع تنظيم القاعدة المركزي في أفغانستان وباكستان بزعامة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، وظهر "مركز اللجنة الإعلامية" الذي يتبع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والذي تحول إلى مؤسسة الأندلس للإنتاج الإعلامي.
وظهر مركز "صوت الجهاد" الذي يتبع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وعقب اندماج فرعي القاعدة في السعودية واليمن ظهرت "مؤسسة صدى الملاحم"، وقامت هذه المؤسسات بإصدار كتب ومجلات إلكترونية عديدة أمثال "صوت الجهاد" و"البتار" و"ذروة السنام" وغيرها، وتُعتبر تجربة فرع القاعدة في السعودية فريدة وثرية؛ فقد عمل يوسف العييري على وضع التنظيم على شبكة الإنترنت بشكل مكثف، وعمل عبد العزيز المقرن عقب مقتل العييري على تأسيس موقع جهادي مخصص للمرأة حمل اسم موقع "الخنساء"، وقد قُتل المقرن في مواجهات مع الأجهزة الأمنية السعودية في يونيو 2004.
وقد عمل الموقع على تجنيد النساء عبر شبكة "الإنترنت" لتنظيم "القاعدة"، وكانت تشرف عليه نسوة يعتنقن فكر الجماعة الجهادية، وقد نشطت النساء الجهاديات مؤخرًا على الشبكة في العالم الافتراضي، ولعل قضية مليكة العروض التي مثلت أمام المحكمة في بلجيكا نموذجًا للناشطات الجهاديات على الشبكة، بعد أن عمل تنظيم القاعدة –في فترة سابقة- على دمج المرأة في المشروع الجهادي في العالم الواقعي وصناعة كتائب "الاستشهاديات" اللواتي نفذن عمليات انتحارية في مناطق مختلفة.
وفي هذا السياق ظهر "مركز الفرقان" الذي يتبع دولة العراق الإسلامية وتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، وكانت شبكة أبي مصعب الزرقاوي قد مرت بمراحل عدة قبل أن يصبح لها حضور إعلامي بارز؛ فقد تمكن يونس التسولي من وضع التنظيم على الشبكة بشكل واسع، وبعد أكثر من سنتين تمكنت دوائر الاستخبارات حول العالم من كشف هوية قرصان شبكة الإنترنت الذي أصبح القناة الرئيسية للقاعدة في العراق على الشبكة.
وقد أثار الشاب يونس تسولي الذي يبلغ من العمر 22 عامًا -والذي يتحدث الإنكليزية، والموجود في بريطانيا، والخبير في مجال المواقع- عجب ملاحقيه من الأجهزة الاستخبارية العالمية مطلِقًا على نفسه لقب "إرهابي 007"؛ إذ قام بالدخول على حواسيب جامعة أميركية مروجًا لشبكة أبي مصعب الزرقاوي في العراق، وقام بتعليم جهاديين آخرين كيفية استعمال تقنية الإنترنت، وقد اعتُقل في بريطانيا عن طريق الصدفة.
ولعل طريقة توقيف التسولي تُظهر صعوبة محاربة العمليات المتصلة مباشرة بشبكة الإنترنت، فقد انضم في أوائل عام 2004 إلى منتدى يدعى "منتدى أنصار الإسلام"، وبعدها بفترة وجيزة قام بالانضمام إلى "منتدى الإخلاص"، وتزامن ذلك مع بداية استخدام الزرقاوي الإنترنت كوسيلة أساسية للترويج للعمليات التي تنفذها شبكته في العراق، وأصبح دور التسولي واضحًا في أبريل/نيسان من تلك السنة وذلك عندما قامت جماعة الزرقاوي بتغيير اسمها إلى تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، بإصدار بيانها الرسمي عن طريق المتحدث باسمها أبي ميسرة العراقي على "منتدى النصر"،
وقام "إرهابي 007" في غضون سنة ونصف بترسيخ نفسه كأحد أكثر الجهاديين خبرة في جميع مجالات الإنترنت، وأصبح عضوًا ناشطًا في العديد من المنتديات الجهادية باللغتين العربية والإنكليزية، كما عمل على تطوير نفسه في مجالي اختراق وتحسين نظام أمن الحماية على الإنترنت، وكان يرتبط بالشبكة بالصوت والصورة ليعطي حلقات دراسية عن كيفية استخدام الإنترنت؛ حيث بدا أنه كان يجلس على الإنترنت ليلاً ونهارًا ومستعدًا للإجابة عن الأسئلة المختلفة ككيفية إرسال فيديو على سبيل المثال، كما كان مستعدًا للقيام بالإرسال بنفسه، وركَّز "إرهابي007" على القرصنة على المواقع الإلكترونية، كما ركز على تعليم متصفحي الإنترنت أسرار التصفح المجهولة.
وتحتوي هذه المراكز والمواقع والمنتديات على مكتبة هائلة وواسعة وديناميكية تختص بالأيديولوجيا والخطاب وآليات التجنيد والتمويل والتدريب والتخفي والتكتيكات القتالية وصنع المتفجرات، وكل ما يلزم الجهاديين في عمليات المواجهة في إطار حرب العصابات وسياسات الاستنزاف.
وأسهمت جملة من العوامل في الاعتماد على شبكة الإنترنت من طرف تنظيم القاعدة، من أبرزها: سهولة الدخول إلى الشبكة، وضعف الرقابة، وسهولة التخفي لإجراء الاتصال، ووجود جمهور مستهدف كبير، وسهولة تدفق المعلومات، وعملية التطوير غير المكلفة، وإمكانية نقل النصوص والصوتيات والمرئيات بسهولة من خلالها ، كل هذه الأسباب أدى إلى تحول الإنترنت إلى ساحة صراع بين القاعدة وحلفائها من جهة والمنظومة الدولية من جهة أخرى في إطار حرب الشبكات ؛ بحيث أصبح هناك عدد من المراكز البحثية لمراقبة المواقع والمنتديات الجهادية.
* أنـــــواع المواقـــع التابعة لتنظيم القاعدة:
وتنقسم المواقع الجهادية التابعة أو المؤيدة لتنظيم القاعدة إلى ثلاث فئات: الأولى: المواقع الرسمية وتمثل مواقع المنظمات الجهادية والشيوخ والمنظِّرين، والثانية: المنتديات والمدونات الشخصية الجهادية، والثالثة: مواقع ذات طبيعة مختلفة من الممكن أن تصنَّف كمواقع للتوزيع.
ومن أشهر مواقع الشيوخ والمنظرين، موقع الشيخ أبي مصعب السوري، وموقع الشيخ أبي قتادة الفلسطيني، وموقع الشيخ أبي بصير الطرطوسي، وموقع الشيخ أبي محمد المقدسي "منبر التوحيد والجهاد"، ويُعتبر هذا الموقع بالذات من أهم المواقع؛ إذ يحتوي على مقالات وكتب تابعة للفكر الجهادي، ويحتوي على مكتبة زاخرة ومنظمة لأدبيات الجهاد تراثية وحديثة.
أما مواقع التنظيمات الجهادية، فهي تُستخدم للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور المستهدف؛ حيث تنشر فيها صور عملياتها، ويشرف على هذه المواقع أفراد على درجة عالية من المعرفة بالعلوم والتكنولوجيا؛ وذلك لإنتاج مواد بمواصفات احترافية ومعقدة كالمرئيات ذات الجودة العالية.
أما أهم أهداف مواقع التنظيمات فهي التعريف بسبب وجود المنظمة، وفكرها، والوضع السياسي الذي تعيشه في البلد الذي تعمل فيه. وهي مواقع غير ثابتة وصعبة التتبع بالرغم من أن بعضها قد يكون مستقرًا على نفس العنوان لفترات زمنية طويلة، ومن الأمثلة على هذه المجموعة موقع "جماعة الدعوة والقتال" قبل انضمامها إلى تنظيم قاعدة الجهاد العالمي، والتي أصبحت بعد ذلك "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، ويحتوي هذا الموقع على العديد من عمليات التنظيم، بالإضافة إلى كتب ومقالات، ومجلة "الجماعة" التي أصدرها التنظيم. وهناك أيضًا موقع "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب بعد أن اندمج فرعا السعودية واليمن وتم إنشاء "مؤسسة صدى الملاحم"، التي تقوم بنشر أدبيات الجماعة، وكذلك مجلة "صدى الملاحم".
وتحتوي المنتديات، على أقسام فرعية (سياسية، واقتصادية، واجتماعية خاصة تلك المتعلقة بالأسرة)، وهناك مراسلون للجماعات داخل المنتديات، أمثال: أبي ميسرة العراقي الذي كان مراسل القاعدة في العراق، ويقومون بنشر وتوزيع أخبارها على المنتديات، ويحذرون من أي مصدر آخر لنقل بياناتهم، وكذلك مراسلو الجماعات التي ليس لها موقع على الشبكة، أو التي موقعها دائم التغير، ومن أكثر المنتديات شهرةً منتدى "الحِسبة". وتعتبر المدونات الشخصية ظاهرة حديثة نسبيًا وقليلة الارتباط بالحركة الجهادية؛ إذ إنها لا تعمل على تبادل الآراء وإنما وظيفتها الرئيسية هي نشر المواد، وتوفير روابط لمواقع جهادية.
أما مراكز التوزيع التابعة للجماعة الجهادية فهذه المجموعة تضم مواقع متنوعة تشترك في هدف واحد وهو الإبقاء على البنية التحتية للجهاد على الشبكة، ومنها ما هو موقع متخصص للتوزيع فقط.
ومن أبرز المجموعات الفرعية لهذه المراكز مجموعة "الدليل"، وهذه المواقع توفر قائمة محدَّثة من الروابط للمواد المرئية أو الصوتية، كموقع "دليل مشاور". أما المجموعة الفرعية الأخرى فهي مواقع للتوزيع يقوم عليها متعاطفون مع الجماعة الجهادية بسبب قضية معينة أو مجموعة معينة؛ بحيث يقومون على إعادة توزيع المواد التي ترتبط بقضيتهم أو التي أُنتجت من المجموعة التي يؤيدونها، ويقوم عليها أفراد على درجة عالية من الخبرة والمعرفة فيما يتعلق بالشبكة العنكبوتية الأمر الذي ينعكس على جودة التنظيم وسهولة الوصول للمواد على الموقع.
ومن الأمثلة على هذه المواقع: موقع "أنصار الجهاد" وهو موقع مستقل لا يمثل أية منظمة، ويعمل على نشر المعلومات عن المجاهدين لتعريف الناس بقضية الجهاد بشكل عام. وموقع "القاعدون" الذي أنشأه مجموعة من المتعاطفين مع المجاهدين المختصين بإعادة نشر إصدارات تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، ومن المواد التي يعيدوا توزيعها مجلتا "صوت الجهاد" و"البتار"، بالإضافة إلى أعمال شيوخ ومنظرين أمثال يوسف العييري. ومنها: موقع "صوت الجهاد"، الذي يعمل على إعادة نشر إصدارات تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، وكلمات أبي مصعب الزرقاوي، ومجلة "ذروة السنام" التي نُشرت أول مرة في مارس/آذار 2005.
ومن المجموعات الفرعية لمواقع التوزيع وسائل الإعلام التي لا تنتمي بالضرورة لأحد التنظيمات، وتعمل على إنتاج ونشر المواد الجهادية بشكل عام، ومن أمثلة على هذه المجموعة: "الجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية" التي أخرجت إذاعة تلفازية على الشبكة تحت اسم "صوت الخلافة" والتي تشبه في عملها الشبكات الإخبارية في نشرها لتقارير أسبوعية من العراق، وفلسطين، وأفغانستان، وهناك مجموعة من المواقع المساندة للإعلام الجهادي، أمثال: "كتيبة الإعلام الجهادي"، و"مركز اليقين الإعلامي"، و"نخبة الجهاد الإعلامي"، و"شبكة المجاهدين الإلكترونية"، و"مجموعة الأنصار البريدية"، و"سرية الصمود الإعلامية"، و"شبكة أنصار المجاهدين"، وكذلك "مؤسسة السحاب" المختصة بإنتاج ونشر المرئيات الخاصة بقيادة القاعدة.
* نظيم القاعدة وبدايـــــات الدخـــــول على الإنترنت
يعتبر تنظيم القاعدة من أكثر التنظيمات الراديكالية المسلحة اهتمامًا بشبكة الإنترنت والمسألة الإعلامية، فقد أدرك منذ فترة مبكرة من تأسيسه الأهمية الاستثنائية للوسائط الاتصالية في إيصال رسالته السياسية ونشر أيديولوجيته الجهادية؛ بحيث أصبح مفهوم "الجهاد الإلكتروني" راسخًا في أدبياته الإعلامية.
فقد أشار الظواهري إلى أن العمل الإعلامي للقاعدة يتمتع بنفس أهمية العمل العسكري، وقال في أحد لقاءاته: "أسأل الله أن يجزي العاملين في الإعلام الجهادي خير الجزاء... وأدعوهم لمزيد من الجهد والعطاء, وأحمد الله أنْ شهد الأعداء -وفي خدمتهم الإمكانات الهائلة ومؤسسات الإعلام الجبارة- بهزيمتهم أمام الإمكانات الضئيلة للمجاهدين".
وقد اعترفت الولايات المتحدة بتفوق القاعدة في حربها الإعلامية الالكترونية؛ إذ تضاعفت المواقع والمنتديات الجهادية بشكل كبير منذ الإعلان عن تأسيس "الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين" عام 1998م من (12) موقعًا -كما يشير جبراييل ويمان - إلى أكثر من (6000) موقع في الوقت الراهن، وتظهر وتختفي سنويًا مئات المواقع في سياق حرب الشبكات التي تدور رحاها بين الأجهزة الاستخبارية من جهة وأتباع وأنصار الجماعة الجهادية وتنظيم القاعدة من جهة أخرى(*).
طرحت مسألة فقدان الملاذات الآمنة في العالم الواقعي ضرورة البحث عن ملاذات آمنة في العالم الافتراضي، وسارعت الفروع الإقليمية للقاعدة بإنشاء وتأسيس مواقع ومنتديات جهادية ومراكز إعلامية؛ حيث برزت "مؤسسة السحاب" والتي أصبحت جزءًا من "مركز الفجر الإعلامي" الذي يتبع تنظيم القاعدة المركزي في أفغانستان وباكستان بزعامة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، وظهر "مركز اللجنة الإعلامية" الذي يتبع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والذي تحول إلى مؤسسة الأندلس للإنتاج الإعلامي.
وظهر مركز "صوت الجهاد" الذي يتبع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وعقب اندماج فرعي القاعدة في السعودية واليمن ظهرت "مؤسسة صدى الملاحم"، وقامت هذه المؤسسات بإصدار كتب ومجلات إلكترونية عديدة أمثال "صوت الجهاد" و"البتار" و"ذروة السنام" وغيرها، وتُعتبر تجربة فرع القاعدة في السعودية فريدة وثرية؛ فقد عمل يوسف العييري على وضع التنظيم على شبكة الإنترنت بشكل مكثف، وعمل عبد العزيز المقرن عقب مقتل العييري على تأسيس موقع جهادي مخصص للمرأة حمل اسم موقع "الخنساء"، وقد قُتل المقرن في مواجهات مع الأجهزة الأمنية السعودية في يونيو 2004.
وقد عمل الموقع على تجنيد النساء عبر شبكة "الإنترنت" لتنظيم "القاعدة"، وكانت تشرف عليه نسوة يعتنقن فكر الجماعة الجهادية، وقد نشطت النساء الجهاديات مؤخرًا على الشبكة في العالم الافتراضي، ولعل قضية مليكة العروض التي مثلت أمام المحكمة في بلجيكا نموذجًا للناشطات الجهاديات على الشبكة، بعد أن عمل تنظيم القاعدة –في فترة سابقة- على دمج المرأة في المشروع الجهادي في العالم الواقعي وصناعة كتائب "الاستشهاديات" اللواتي نفذن عمليات انتحارية في مناطق مختلفة.
وفي هذا السياق ظهر "مركز الفرقان" الذي يتبع دولة العراق الإسلامية وتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، وكانت شبكة أبي مصعب الزرقاوي قد مرت بمراحل عدة قبل أن يصبح لها حضور إعلامي بارز؛ فقد تمكن يونس التسولي من وضع التنظيم على الشبكة بشكل واسع، وبعد أكثر من سنتين تمكنت دوائر الاستخبارات حول العالم من كشف هوية قرصان شبكة الإنترنت الذي أصبح القناة الرئيسية للقاعدة في العراق على الشبكة.
وقد أثار الشاب يونس تسولي الذي يبلغ من العمر 22 عامًا -والذي يتحدث الإنكليزية، والموجود في بريطانيا، والخبير في مجال المواقع- عجب ملاحقيه من الأجهزة الاستخبارية العالمية مطلِقًا على نفسه لقب "إرهابي 007"؛ إذ قام بالدخول على حواسيب جامعة أميركية مروجًا لشبكة أبي مصعب الزرقاوي في العراق، وقام بتعليم جهاديين آخرين كيفية استعمال تقنية الإنترنت، وقد اعتُقل في بريطانيا عن طريق الصدفة.
ولعل طريقة توقيف التسولي تُظهر صعوبة محاربة العمليات المتصلة مباشرة بشبكة الإنترنت، فقد انضم في أوائل عام 2004 إلى منتدى يدعى "منتدى أنصار الإسلام"، وبعدها بفترة وجيزة قام بالانضمام إلى "منتدى الإخلاص"، وتزامن ذلك مع بداية استخدام الزرقاوي الإنترنت كوسيلة أساسية للترويج للعمليات التي تنفذها شبكته في العراق، وأصبح دور التسولي واضحًا في أبريل/نيسان من تلك السنة وذلك عندما قامت جماعة الزرقاوي بتغيير اسمها إلى تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، بإصدار بيانها الرسمي عن طريق المتحدث باسمها أبي ميسرة العراقي على "منتدى النصر"،
وقام "إرهابي 007" في غضون سنة ونصف بترسيخ نفسه كأحد أكثر الجهاديين خبرة في جميع مجالات الإنترنت، وأصبح عضوًا ناشطًا في العديد من المنتديات الجهادية باللغتين العربية والإنكليزية، كما عمل على تطوير نفسه في مجالي اختراق وتحسين نظام أمن الحماية على الإنترنت، وكان يرتبط بالشبكة بالصوت والصورة ليعطي حلقات دراسية عن كيفية استخدام الإنترنت؛ حيث بدا أنه كان يجلس على الإنترنت ليلاً ونهارًا ومستعدًا للإجابة عن الأسئلة المختلفة ككيفية إرسال فيديو على سبيل المثال، كما كان مستعدًا للقيام بالإرسال بنفسه، وركَّز "إرهابي007" على القرصنة على المواقع الإلكترونية، كما ركز على تعليم متصفحي الإنترنت أسرار التصفح المجهولة.
وتحتوي هذه المراكز والمواقع والمنتديات على مكتبة هائلة وواسعة وديناميكية تختص بالأيديولوجيا والخطاب وآليات التجنيد والتمويل والتدريب والتخفي والتكتيكات القتالية وصنع المتفجرات، وكل ما يلزم الجهاديين في عمليات المواجهة في إطار حرب العصابات وسياسات الاستنزاف.
وأسهمت جملة من العوامل في الاعتماد على شبكة الإنترنت من طرف تنظيم القاعدة، من أبرزها: سهولة الدخول إلى الشبكة، وضعف الرقابة، وسهولة التخفي لإجراء الاتصال، ووجود جمهور مستهدف كبير، وسهولة تدفق المعلومات، وعملية التطوير غير المكلفة، وإمكانية نقل النصوص والصوتيات والمرئيات بسهولة من خلالها ، كل هذه الأسباب أدى إلى تحول الإنترنت إلى ساحة صراع بين القاعدة وحلفائها من جهة والمنظومة الدولية من جهة أخرى في إطار حرب الشبكات ؛ بحيث أصبح هناك عدد من المراكز البحثية لمراقبة المواقع والمنتديات الجهادية.
* أنـــــواع المواقـــع التابعة لتنظيم القاعدة:
وتنقسم المواقع الجهادية التابعة أو المؤيدة لتنظيم القاعدة إلى ثلاث فئات: الأولى: المواقع الرسمية وتمثل مواقع المنظمات الجهادية والشيوخ والمنظِّرين، والثانية: المنتديات والمدونات الشخصية الجهادية، والثالثة: مواقع ذات طبيعة مختلفة من الممكن أن تصنَّف كمواقع للتوزيع.
ومن أشهر مواقع الشيوخ والمنظرين، موقع الشيخ أبي مصعب السوري، وموقع الشيخ أبي قتادة الفلسطيني، وموقع الشيخ أبي بصير الطرطوسي، وموقع الشيخ أبي محمد المقدسي "منبر التوحيد والجهاد"، ويُعتبر هذا الموقع بالذات من أهم المواقع؛ إذ يحتوي على مقالات وكتب تابعة للفكر الجهادي، ويحتوي على مكتبة زاخرة ومنظمة لأدبيات الجهاد تراثية وحديثة.
أما مواقع التنظيمات الجهادية، فهي تُستخدم للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور المستهدف؛ حيث تنشر فيها صور عملياتها، ويشرف على هذه المواقع أفراد على درجة عالية من المعرفة بالعلوم والتكنولوجيا؛ وذلك لإنتاج مواد بمواصفات احترافية ومعقدة كالمرئيات ذات الجودة العالية.
أما أهم أهداف مواقع التنظيمات فهي التعريف بسبب وجود المنظمة، وفكرها، والوضع السياسي الذي تعيشه في البلد الذي تعمل فيه. وهي مواقع غير ثابتة وصعبة التتبع بالرغم من أن بعضها قد يكون مستقرًا على نفس العنوان لفترات زمنية طويلة، ومن الأمثلة على هذه المجموعة موقع "جماعة الدعوة والقتال" قبل انضمامها إلى تنظيم قاعدة الجهاد العالمي، والتي أصبحت بعد ذلك "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، ويحتوي هذا الموقع على العديد من عمليات التنظيم، بالإضافة إلى كتب ومقالات، ومجلة "الجماعة" التي أصدرها التنظيم. وهناك أيضًا موقع "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب بعد أن اندمج فرعا السعودية واليمن وتم إنشاء "مؤسسة صدى الملاحم"، التي تقوم بنشر أدبيات الجماعة، وكذلك مجلة "صدى الملاحم".
وتحتوي المنتديات، على أقسام فرعية (سياسية، واقتصادية، واجتماعية خاصة تلك المتعلقة بالأسرة)، وهناك مراسلون للجماعات داخل المنتديات، أمثال: أبي ميسرة العراقي الذي كان مراسل القاعدة في العراق، ويقومون بنشر وتوزيع أخبارها على المنتديات، ويحذرون من أي مصدر آخر لنقل بياناتهم، وكذلك مراسلو الجماعات التي ليس لها موقع على الشبكة، أو التي موقعها دائم التغير، ومن أكثر المنتديات شهرةً منتدى "الحِسبة". وتعتبر المدونات الشخصية ظاهرة حديثة نسبيًا وقليلة الارتباط بالحركة الجهادية؛ إذ إنها لا تعمل على تبادل الآراء وإنما وظيفتها الرئيسية هي نشر المواد، وتوفير روابط لمواقع جهادية.
أما مراكز التوزيع التابعة للجماعة الجهادية فهذه المجموعة تضم مواقع متنوعة تشترك في هدف واحد وهو الإبقاء على البنية التحتية للجهاد على الشبكة، ومنها ما هو موقع متخصص للتوزيع فقط.
ومن أبرز المجموعات الفرعية لهذه المراكز مجموعة "الدليل"، وهذه المواقع توفر قائمة محدَّثة من الروابط للمواد المرئية أو الصوتية، كموقع "دليل مشاور". أما المجموعة الفرعية الأخرى فهي مواقع للتوزيع يقوم عليها متعاطفون مع الجماعة الجهادية بسبب قضية معينة أو مجموعة معينة؛ بحيث يقومون على إعادة توزيع المواد التي ترتبط بقضيتهم أو التي أُنتجت من المجموعة التي يؤيدونها، ويقوم عليها أفراد على درجة عالية من الخبرة والمعرفة فيما يتعلق بالشبكة العنكبوتية الأمر الذي ينعكس على جودة التنظيم وسهولة الوصول للمواد على الموقع.
ومن الأمثلة على هذه المواقع: موقع "أنصار الجهاد" وهو موقع مستقل لا يمثل أية منظمة، ويعمل على نشر المعلومات عن المجاهدين لتعريف الناس بقضية الجهاد بشكل عام. وموقع "القاعدون" الذي أنشأه مجموعة من المتعاطفين مع المجاهدين المختصين بإعادة نشر إصدارات تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، ومن المواد التي يعيدوا توزيعها مجلتا "صوت الجهاد" و"البتار"، بالإضافة إلى أعمال شيوخ ومنظرين أمثال يوسف العييري. ومنها: موقع "صوت الجهاد"، الذي يعمل على إعادة نشر إصدارات تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، وكلمات أبي مصعب الزرقاوي، ومجلة "ذروة السنام" التي نُشرت أول مرة في مارس/آذار 2005.
ومن المجموعات الفرعية لمواقع التوزيع وسائل الإعلام التي لا تنتمي بالضرورة لأحد التنظيمات، وتعمل على إنتاج ونشر المواد الجهادية بشكل عام، ومن أمثلة على هذه المجموعة: "الجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية" التي أخرجت إذاعة تلفازية على الشبكة تحت اسم "صوت الخلافة" والتي تشبه في عملها الشبكات الإخبارية في نشرها لتقارير أسبوعية من العراق، وفلسطين، وأفغانستان، وهناك مجموعة من المواقع المساندة للإعلام الجهادي، أمثال: "كتيبة الإعلام الجهادي"، و"مركز اليقين الإعلامي"، و"نخبة الجهاد الإعلامي"، و"شبكة المجاهدين الإلكترونية"، و"مجموعة الأنصار البريدية"، و"سرية الصمود الإعلامية"، و"شبكة أنصار المجاهدين"، وكذلك "مؤسسة السحاب" المختصة بإنتاج ونشر المرئيات الخاصة بقيادة القاعدة.