أبو يونس العباسي
07-18-2010, 09:54 AM
[إتحاف المسلمين بمدى حاجتنا لدولة الخلافة والدين]
أبو يونس العباسي
الحمد لله معز الإسلام بنصره , ومذل الشرك بقهره , ومصرف الأمور بأمره , ومستدرج الكافرين بمكره ، الذي قدر الأيام دولا بعدله , وجعل العاقبة للمتقين بفضله , والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه , وعلى من سار على دربه واقتفى أثره , إلى يوم الدين .
[دولة الخلافة وإقامة الدين]
إن من أهم الأمور التي تحوجنا لدولة الخلافة أننا لا نستطيع ان نقيم الدين على الوجه الأكمل والأشمل إلا بقيام دولة الخلافة ...
وهذا يتبين من تعريف الخلافة فهي:
"النيابة عن صاحب الشرع في إقامة الدين وسياسة الدنيا به."
وإقامة الدين واجب شرعي خوطب به أولو العزم من الرسل فغيرهم من الحكام مخاطب به من باب أولى ...
قال الله تعالى:
{ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)}[الشورى]
ونحن نتكلم عن إقامة الدين نقصد به إقامته على المستوي الفردي والأسري والمجتمعي والدولي.
[المجالات التي نحن مطالبون أن نقيم الدين بها]
والأمة المسلمة مطالبة بإقامة الدين في جميع مجالات الحياة إن في سياسة أو اقتصاد أو اجتماع أو تربية أو تعليم أو سلم أو حرب أو ثقافة أو سلوك أو أخلاق ...
ذلك لأن دين الإسلام كامل لا نق فيه بوجه من الوجوه ...
قال الله تعالى:
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)}[المائدة]
وكلنا يعلم أن الله ما أنزل الكتاب إلا ليحكم بين الناس قيما هم فيه يختلفون وبه يتنازعون ...
{ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) }[النساء]
[هل الوصول إلى الحكم مطلب شرعي؟]
وإجابة عن هذا التساؤل أقول:
نعم الوصول إلى الحكم مطلب شرعي ولكن بنية إقامة الدين في العالمين ...
قال الله تعالى:
{ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)}[الحج]
قال السعدي ـ رحمه الله ـ في تفسيره على هذه الآية:
" { الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ } أي: ملكناهم إياها، وجعلناهم المتسلطين عليها، من غير منازع ينازعهم، ولا معارض، { أَقَامُوا الصَّلاةَ } في أوقاتها، وحدودها، وأركانها، وشروطها، في الجمعة والجماعات.
{ وَآتُوا الزَّكَاةَ } التي عليهم خصوصا، وعلى رعيتهم عموما، آتوها أهلها، الذين هم أهلها، { وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ } وهذا يشمل كل معروف حسنه شرعا وعقلا من حقوق الله، وحقوق الآدميين، { وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ } كل منكر شرعا وعقلا معروف قبحه، والأمر بالشيء والنهي عنه يدخل فيه ما لا يتم إلا به، فإذا كان المعروف والمنكر يتوقف على تعلم وتعليم، أجبروا الناس على التعلم والتعليم، وإذا كان يتوقف على تأديب مقدر شرعا، أو غير مقدر، كأنواع التعزير، قاموا بذلك، وإذا كان يتوقف على جعل أناس متصدين له، لزم ذلك، ونحو ذلك مما لا يتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا به.
{ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ } أي: جميع الأمور، ترجع إلى الله، وقد أخبر أن العاقبة للتقوى، فمن سلطه الله على العباد من الملوك، وقام بأمر الله، كانت له العاقبة الحميدة، والحالة الرشيدة، ومن تسلط عليهم بالجبروت، وأقام فيهم هوى نفسه، فإنه وإن حصل له ملك موقت، فإن عاقبته غير حميدة، فولايته مشئومة، وعاقبته مذمومة."
[من أسباب حاجتنا للخلافة أنها تحقق لنا الأمن والطمأنينة]
ومن أسباب حاجتنا للخلافة أنها تحقق لنا الأمن والطمأنينة فها هم الصحب الكرام ـ رضي الله عنهم ـ لما قامت لهم دولة وعلى أساس من الدين أمنوا من بعد خوف وعزوا من بعد ذل ...
قال الله تعالى:
{ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)}[الأنفال]
[أنواع الأمن الذي تحققه دولة الخلافة لرعايها]
1ـ أمن الإنسان على دينه ...
قال الله تعالى:
{ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)}[البقرة]
2ـ أمن الإنسان على نفسه ...
قال الله تعالى:
:" وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) "(النساء)
وقال أيضا:
" وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) "(البقرة)
3ـ أمن الإنسان على عرضه ...
قال الله تعالى:
" وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) " (النور)
وقال أيضا:
" الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) "(النور)
4ـ أمن الإنسان على نسله ...
قال الله تعالى:
{ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)}[الإسراء]
5ـ أمن الإنسان على عقله ...
فحرم الله على المسلم الخمر وما ذاك إلا لأنه يعطل وظيفة العقل ...
قال الله تعالى:
"يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) "(المائدة)
وحث على التزود بالعلم لأنه مادة نمو العقل ...
قال الله تعالى:
" قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9) "(الزمر)
6ـ أمن الإنسان على ماله ...
قال الله تعالى:
{ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)}[البقرة]
وقال أيضا:
" وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) "(المائدة)
[من أسباب حاجاتنا للخلافة أنها المؤسسة الدينية القادرة على توحيدنا]
إن الخلافة هي المؤسسة التي توحد بين كل من تلفظ بكلمة التوحيد حقا وصدقا , مهما كان لونه أو جنسه أو مكانه , لأننا معاشر المسلمين أمة واحدة , ربنا واحد , ديننا واحد , رسولنا واحد , إذن فلنتوحد على التوحيد , وعبر المؤسسة التي ستعود واقعا من جديد عما قريب - بإذن الله - ...
قال الله تعالى :
"إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ "( الأنبياء:92) .
وإن مصيبتنا اليوم في التفرق والاختلاف , مع أننا نملك كل مقومات الوحدة وعلى رأسها "الدين" , حقا إن ذنبنا أعظم من ذنب من تفرق وهو لا يملك مقومات الاجتماع , فالأخير معذور لو ادعى العذر , ولكن هل نحن معذورون ؟!!! لا أظن ذلك ...
قال الله تعالى:
"وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ "(آل عمران:105) .
وبالمناسبة ... ومن باب النصيحة لله ولرسوله وللمؤمنين , أذكركم بذلكم الحديث الذي أخرجه ابن ماجه في سننه وصححه الألباني من حديث جابر بن عبد الله : أن الرسول - صلى الله عليه وسلم قال :
"كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فخط خطا وخط خطين عن يمينه وخط خطين عن يساره ثم وضع يده في الخط الأوسط فقال هذا سبيل الله ثم تلا هذه الآية :
{ وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم } .
قال الشاعر :
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا *** وإذا افترقن تكسرت آحادا
ومثل ما كان يقول أهل الفضل :
" التوحد قوة والتفرق ضعف ".
كلكم يعلم أن دول الكفر في ( سايكس بيكو) اجتمعت وفكرت وعملت ولسنين متتالية لإسقاط الخلافة الإسلامية , وعدم السماح لقيام أي دولة تقوم على أساس ديني في المستقبل , وقاموا بتجزئة العالم الإسلامي , وزرع كتل من العداوة والبغضاء بين الدول الإسلامية المتجاورة , وبلغ من مكرهم ودهائهم : أنهم يذكون هذه العداوات , ويفعلونها كلما اقتضت مصالحهم ذلك , مستغلين في ذلك كله بلهنا وخفة عقولنا وسعينا وراء التافه من الأمور , وإهمال عظيم الأمور وشريفها , فمتى نتحد؟ ومتى نتوافق على ما فيه مصلحة العباد والبلاد.
قال أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ:
"إنه لا يحل أن يكون للمسلمين أميران , فإن يكن ذلكيختلف أمرهم وأحكامهم , وتفرق جماعتهم ويتنازعون فيما بينهم."
قال لورانس:
"إن نشاط الحسين مهم لنا , إذ إنه ينسجم مع أهدافنا المباشرة , وهي تفكيك الرابطة الإسلامية."
[من أسباب حاجاتنا للخلافة أنها القادرة على قيادة مشروع الجهاد]
وقبل أن نلج في هذا العنوان يحسن بنا أن نعرف ما هو الجهاد؟وهو:
بذل الجهد والطاقة في قتال أعداء الله سبحانه وتعالى
ومن أوجب واجبات الخليفة قيادة مشروع الجهاد في سبيل الله ...
قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ... (66)}[الأنفال]
وقال أيضا:
{ فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (84)}[النساء]
أخرج البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:ـ
<< مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ يُطِعْ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي وَإِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَعَدَلَ فَإِنَّ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرًا وَإِنْ قَالَ بِغَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْهُ.>>
أخرج أحمد في مسنده عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ:أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:ـ
<< أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ فَقُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَأْسُ الْأَمْرِ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ. >>
[لماذا نحتاج خلافة تقود مشروع الجهاد؟]
ونحتاج الخلافة لتقود مشروع الجهاد لما يلي:
1ـ لنشر التوحيد والقضاء على الشرك ...
قال الله تعالى:
{ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193)}[البقرة]
2ـ لإخراج الكافرين من أراضي المسلمين ...
قال الله تعالى:
{ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192)}[البقرة]
وقال أيضا:
{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)}[الحج]
3ـ معاقبة الأعداء على سوء صنيعهم ...
قال الله تعالى:
{ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)}[البقرة]
4ـ إنقاذ المستضعفين والمظلومين من الجور والظالمين ...
قال الله تعالى:
{ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75)}[النساء]
5ـ لتكون السيادة للشرع والحاكمة لله ...
قال الله تعالى:
{ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)}[التوبة]
[من أسباب حاجتنا للخلافة إحداث توازن بين القوى في العالم]
ويقصد بتوازن القوى:
ألا يتفرد بالقوة والنفوذ أهل الكفران دون أهل الإيمان
فانظروا للتحالف الصليبي كيف عم الفساد منه وطم الأرض بأسرها ذلك أن التحالف لا يجد قوة موازية للخير تصده وتقف في وجهه إلا قليل من الغرباء من أبناء أهل السنة البررة والذين يحاربهم العالم كله ...
قال الله تعالى:
{ كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8)}[التوبة]
ولقد أشار الله إلى مفهوم توازن القوى وأثر انعدامه ...
قال الله تعالى:
{... وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251)}[البقرة]
وقال الله تعالى:
{ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)}[الحج]
إننا نريد دولة الخلافة لتحدث إرهابا موازيا لكل من تسول له نفسه الاعتداء على حصن الدين العظيم ...
قال الله تعالى:
{ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)}[الأنفال]
[الخلافة وتفعيل لطاقات واستغلال الموارد]
إن من أسباب حاجاتنا للخلافة تفعيل الطاقات واستغلال الموارد التي حبا الله بها بلاد المسلمين ...
فانظر إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الخليفة الأول كيف فعل طاقات العرب ونمى مواهبهم ووضع كلا منهم في المكان الذي هو أنفع فيه للبلاد والعباد واستغل موارد الجزيرة ووجهها وأهلها لنصرة التوحيد ...
فهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأبي هو وأمي من أرسل زيد ليتعلم السريانية والعبرانية ...
وهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأبي هو وأمي القائل كما في سنن البيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"من استعمل عاملا من المسلمين وهو يعلم أن فيهم أولى بذلك منه وأعلم بكتاب الله وسنة نبيه فقد خان الله ورسوله وجميع المسلمين ."
فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فعل طاقات العرب واستغل موارد الجزيرة وحولهم من قوم لا شأن لهم إلى أسياد العالم الذين فتحوا العالم ونشروا الإسلام فيه...
قال الله تعالى:
{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)}[التوبة]
فأين هذا من حكام اليوم الذين يقتلون المواهب ويئدوا كل أمل ويهدرون الموارد ويحققون أهداف العدو الكافر ...
ومما لا بد أن نعرفه أن دول الاستخراب ( ولا أقول الاستعمار ) , ما خرجت من بلادنا إلا يوم ربت أفراخا من أبنائنا على منهجها , لخدمة مصالحها , والذود عن أهدافها وغاياتها في المنطقة , وقطع كل الأيدي الرامية إلى تدمير هذا المشروع الغربي الذي يحظى بحراسة طواغيت العرب , وإن هذا النوع من الخيانات ليس جديدا علينا , فهو جديد قديم , وإلا فقد حدثنا آباؤنا أن الوضيع حسين تعاون مع الدول الكافرة , ووالاها على حساب موالاته للدولة العثمانية المسلمة , فساهم في القضاء على الخلافة مع أسياده من الكافرين , ومقابل فتات من الملك حصل عليه بعد خيانته لهذه الأمة , ألا فلعنة الله على الظالمين .
أخرج البخاري في صحيحه من حديث معقل بن يسار أن الرسول يقول:
" مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ."
[دولة الخلافة مأوى كل مظلوم ومن كان في دينه مفتون]
إن من أسباب حاجتنا لدولة الخلافة أنها الدولة التي يأمن فيها الإنسان على دينه ويمارس جميع طقوسه ويدعوا إليه ويخدمه ويجاهد دونه بحرية وبلا مضايقات من أحد ...
ولهذا كان الرسول يطلب النصرة والمكان الذي يعبد فيه ربه ويدعوا إليه دون مضايقات وممانعات ...
أخرج أبو داوود عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
<<كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ فِي الْمَوْقِفِ فَقَالَ أَلَا رَجُلٌ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي.>>
وبناء على ذلك كانت الهجرة وثوابها ماضية ما بقيت الدنيا ...
أخرج أبو داوود عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
<< لا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا.>>
أخرج النسائي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَقْدَانَ السَّعْدِيِّ قَالَ:وَفَدْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفْدٍ كُلُّنَا يَطْلُبُ حَاجَةً وَكُنْتُ آخِرَهُمْ دُخُولًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ:يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي تَرَكْتُ مَنْ خَلْفِي وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْهِجْرَةَ قَدْ انْقَطَعَتْ قَالَ:
<< لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْكُفَّارُ.>>
ورُوي في شعب الإيمان للبيهقي من حديث ابن عمرأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
« إن السلطان ظل الله في الأرض ، يأوي (1) إليه كل مظلوم من عباده ، فإذا عدل كان له الأجر وعلى الرعية الشكر ، وإذا جار كان عليه الإصر وعلى الرعية الصبر. »
[لماذا نحتاج دولة الخلافة؟]
ونحتاج لدولة الخلافة لما يلي:
1ـ لأنها ترعى الأخلاق وتغرس في الأمة السلوكيات الحسنة.
2ـ لأن الخلافة تعطى الأمة حق الاعتراض على الحكام وتصحيح سلوكياتهم .
3ـ لأن الخلافة نحقق العدل وترفض الظلم وتحاربه.
4ـ لأن الخلافة ترعى مشروع الجهاد وتحرض عليه.
5ـ لأن الخلافة تحارب الفساد والزنا.
6ـ لأن الخلافة تتخذ من الكتاب والسنة مرجعية لها في أحكامها وتصرفاتها ومسلكياتها.
ودليل ذلك جاء في خطبة أب بكر يوم تولى الخلافة: قال أبو بكر في خطبة خلافته:
" أيها الناس أني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن ضعفت فقوموني وإن أحسنت فأعينوني الصدق أمانة والكذب خيانة الضعيف فيكم القوي عندي حتى أزيح عليه حقه إن شاء الله والقوي فيكم الضعيف عندي حتى آخذ منه الحق إن شاء الله لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالفقر ولا ظهرت - أو قال شاعت - الفاحشة في قوم إلا عممهم البلاء أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله "
ونحتاج الخلافة لأنها تحقق حاجيات الإنسان الحياتية ولقد بلغ بالدولة الإسلامية في عهد السلف الصالح لا توفير حاجيات الإنسان فقط بل والسعي لتوفير حاجيات الحيوان والخوف من الله من عدم توفير حاجياتهم ...
قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ :
" والله لو عثرت بغلة في العراق لخشيت أن يحاسبني الله لم لم تمهد لها الطريق يا عمر."
ونحتاج الخلافة لأنها دولة يؤمر فيها بالمعروف وينهى عن المنكر ...
قال الله تعالى:
{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)}[آل عمران]
ولأنها دولة يكرم فيها المؤمنون ويهان فيها العصاة والمجرمون ...
قال الله تعالى على لسان ذي القرنين:
{ قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) }[الكهف]
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات
أبو يونس العباسي
غزة المعاصرة
السبت
5شعبان 1430هـ
17 | 7 |2010م
أبو يونس العباسي
الحمد لله معز الإسلام بنصره , ومذل الشرك بقهره , ومصرف الأمور بأمره , ومستدرج الكافرين بمكره ، الذي قدر الأيام دولا بعدله , وجعل العاقبة للمتقين بفضله , والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه , وعلى من سار على دربه واقتفى أثره , إلى يوم الدين .
[دولة الخلافة وإقامة الدين]
إن من أهم الأمور التي تحوجنا لدولة الخلافة أننا لا نستطيع ان نقيم الدين على الوجه الأكمل والأشمل إلا بقيام دولة الخلافة ...
وهذا يتبين من تعريف الخلافة فهي:
"النيابة عن صاحب الشرع في إقامة الدين وسياسة الدنيا به."
وإقامة الدين واجب شرعي خوطب به أولو العزم من الرسل فغيرهم من الحكام مخاطب به من باب أولى ...
قال الله تعالى:
{ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)}[الشورى]
ونحن نتكلم عن إقامة الدين نقصد به إقامته على المستوي الفردي والأسري والمجتمعي والدولي.
[المجالات التي نحن مطالبون أن نقيم الدين بها]
والأمة المسلمة مطالبة بإقامة الدين في جميع مجالات الحياة إن في سياسة أو اقتصاد أو اجتماع أو تربية أو تعليم أو سلم أو حرب أو ثقافة أو سلوك أو أخلاق ...
ذلك لأن دين الإسلام كامل لا نق فيه بوجه من الوجوه ...
قال الله تعالى:
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)}[المائدة]
وكلنا يعلم أن الله ما أنزل الكتاب إلا ليحكم بين الناس قيما هم فيه يختلفون وبه يتنازعون ...
{ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) }[النساء]
[هل الوصول إلى الحكم مطلب شرعي؟]
وإجابة عن هذا التساؤل أقول:
نعم الوصول إلى الحكم مطلب شرعي ولكن بنية إقامة الدين في العالمين ...
قال الله تعالى:
{ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)}[الحج]
قال السعدي ـ رحمه الله ـ في تفسيره على هذه الآية:
" { الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ } أي: ملكناهم إياها، وجعلناهم المتسلطين عليها، من غير منازع ينازعهم، ولا معارض، { أَقَامُوا الصَّلاةَ } في أوقاتها، وحدودها، وأركانها، وشروطها، في الجمعة والجماعات.
{ وَآتُوا الزَّكَاةَ } التي عليهم خصوصا، وعلى رعيتهم عموما، آتوها أهلها، الذين هم أهلها، { وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ } وهذا يشمل كل معروف حسنه شرعا وعقلا من حقوق الله، وحقوق الآدميين، { وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ } كل منكر شرعا وعقلا معروف قبحه، والأمر بالشيء والنهي عنه يدخل فيه ما لا يتم إلا به، فإذا كان المعروف والمنكر يتوقف على تعلم وتعليم، أجبروا الناس على التعلم والتعليم، وإذا كان يتوقف على تأديب مقدر شرعا، أو غير مقدر، كأنواع التعزير، قاموا بذلك، وإذا كان يتوقف على جعل أناس متصدين له، لزم ذلك، ونحو ذلك مما لا يتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا به.
{ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ } أي: جميع الأمور، ترجع إلى الله، وقد أخبر أن العاقبة للتقوى، فمن سلطه الله على العباد من الملوك، وقام بأمر الله، كانت له العاقبة الحميدة، والحالة الرشيدة، ومن تسلط عليهم بالجبروت، وأقام فيهم هوى نفسه، فإنه وإن حصل له ملك موقت، فإن عاقبته غير حميدة، فولايته مشئومة، وعاقبته مذمومة."
[من أسباب حاجتنا للخلافة أنها تحقق لنا الأمن والطمأنينة]
ومن أسباب حاجتنا للخلافة أنها تحقق لنا الأمن والطمأنينة فها هم الصحب الكرام ـ رضي الله عنهم ـ لما قامت لهم دولة وعلى أساس من الدين أمنوا من بعد خوف وعزوا من بعد ذل ...
قال الله تعالى:
{ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)}[الأنفال]
[أنواع الأمن الذي تحققه دولة الخلافة لرعايها]
1ـ أمن الإنسان على دينه ...
قال الله تعالى:
{ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)}[البقرة]
2ـ أمن الإنسان على نفسه ...
قال الله تعالى:
:" وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) "(النساء)
وقال أيضا:
" وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) "(البقرة)
3ـ أمن الإنسان على عرضه ...
قال الله تعالى:
" وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) " (النور)
وقال أيضا:
" الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) "(النور)
4ـ أمن الإنسان على نسله ...
قال الله تعالى:
{ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)}[الإسراء]
5ـ أمن الإنسان على عقله ...
فحرم الله على المسلم الخمر وما ذاك إلا لأنه يعطل وظيفة العقل ...
قال الله تعالى:
"يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) "(المائدة)
وحث على التزود بالعلم لأنه مادة نمو العقل ...
قال الله تعالى:
" قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9) "(الزمر)
6ـ أمن الإنسان على ماله ...
قال الله تعالى:
{ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)}[البقرة]
وقال أيضا:
" وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) "(المائدة)
[من أسباب حاجاتنا للخلافة أنها المؤسسة الدينية القادرة على توحيدنا]
إن الخلافة هي المؤسسة التي توحد بين كل من تلفظ بكلمة التوحيد حقا وصدقا , مهما كان لونه أو جنسه أو مكانه , لأننا معاشر المسلمين أمة واحدة , ربنا واحد , ديننا واحد , رسولنا واحد , إذن فلنتوحد على التوحيد , وعبر المؤسسة التي ستعود واقعا من جديد عما قريب - بإذن الله - ...
قال الله تعالى :
"إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ "( الأنبياء:92) .
وإن مصيبتنا اليوم في التفرق والاختلاف , مع أننا نملك كل مقومات الوحدة وعلى رأسها "الدين" , حقا إن ذنبنا أعظم من ذنب من تفرق وهو لا يملك مقومات الاجتماع , فالأخير معذور لو ادعى العذر , ولكن هل نحن معذورون ؟!!! لا أظن ذلك ...
قال الله تعالى:
"وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ "(آل عمران:105) .
وبالمناسبة ... ومن باب النصيحة لله ولرسوله وللمؤمنين , أذكركم بذلكم الحديث الذي أخرجه ابن ماجه في سننه وصححه الألباني من حديث جابر بن عبد الله : أن الرسول - صلى الله عليه وسلم قال :
"كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فخط خطا وخط خطين عن يمينه وخط خطين عن يساره ثم وضع يده في الخط الأوسط فقال هذا سبيل الله ثم تلا هذه الآية :
{ وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم } .
قال الشاعر :
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا *** وإذا افترقن تكسرت آحادا
ومثل ما كان يقول أهل الفضل :
" التوحد قوة والتفرق ضعف ".
كلكم يعلم أن دول الكفر في ( سايكس بيكو) اجتمعت وفكرت وعملت ولسنين متتالية لإسقاط الخلافة الإسلامية , وعدم السماح لقيام أي دولة تقوم على أساس ديني في المستقبل , وقاموا بتجزئة العالم الإسلامي , وزرع كتل من العداوة والبغضاء بين الدول الإسلامية المتجاورة , وبلغ من مكرهم ودهائهم : أنهم يذكون هذه العداوات , ويفعلونها كلما اقتضت مصالحهم ذلك , مستغلين في ذلك كله بلهنا وخفة عقولنا وسعينا وراء التافه من الأمور , وإهمال عظيم الأمور وشريفها , فمتى نتحد؟ ومتى نتوافق على ما فيه مصلحة العباد والبلاد.
قال أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ:
"إنه لا يحل أن يكون للمسلمين أميران , فإن يكن ذلكيختلف أمرهم وأحكامهم , وتفرق جماعتهم ويتنازعون فيما بينهم."
قال لورانس:
"إن نشاط الحسين مهم لنا , إذ إنه ينسجم مع أهدافنا المباشرة , وهي تفكيك الرابطة الإسلامية."
[من أسباب حاجاتنا للخلافة أنها القادرة على قيادة مشروع الجهاد]
وقبل أن نلج في هذا العنوان يحسن بنا أن نعرف ما هو الجهاد؟وهو:
بذل الجهد والطاقة في قتال أعداء الله سبحانه وتعالى
ومن أوجب واجبات الخليفة قيادة مشروع الجهاد في سبيل الله ...
قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ... (66)}[الأنفال]
وقال أيضا:
{ فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (84)}[النساء]
أخرج البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:ـ
<< مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ يُطِعْ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي وَإِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَعَدَلَ فَإِنَّ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرًا وَإِنْ قَالَ بِغَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْهُ.>>
أخرج أحمد في مسنده عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ:أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:ـ
<< أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ فَقُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَأْسُ الْأَمْرِ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ. >>
[لماذا نحتاج خلافة تقود مشروع الجهاد؟]
ونحتاج الخلافة لتقود مشروع الجهاد لما يلي:
1ـ لنشر التوحيد والقضاء على الشرك ...
قال الله تعالى:
{ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193)}[البقرة]
2ـ لإخراج الكافرين من أراضي المسلمين ...
قال الله تعالى:
{ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192)}[البقرة]
وقال أيضا:
{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)}[الحج]
3ـ معاقبة الأعداء على سوء صنيعهم ...
قال الله تعالى:
{ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)}[البقرة]
4ـ إنقاذ المستضعفين والمظلومين من الجور والظالمين ...
قال الله تعالى:
{ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75)}[النساء]
5ـ لتكون السيادة للشرع والحاكمة لله ...
قال الله تعالى:
{ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)}[التوبة]
[من أسباب حاجتنا للخلافة إحداث توازن بين القوى في العالم]
ويقصد بتوازن القوى:
ألا يتفرد بالقوة والنفوذ أهل الكفران دون أهل الإيمان
فانظروا للتحالف الصليبي كيف عم الفساد منه وطم الأرض بأسرها ذلك أن التحالف لا يجد قوة موازية للخير تصده وتقف في وجهه إلا قليل من الغرباء من أبناء أهل السنة البررة والذين يحاربهم العالم كله ...
قال الله تعالى:
{ كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8)}[التوبة]
ولقد أشار الله إلى مفهوم توازن القوى وأثر انعدامه ...
قال الله تعالى:
{... وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251)}[البقرة]
وقال الله تعالى:
{ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)}[الحج]
إننا نريد دولة الخلافة لتحدث إرهابا موازيا لكل من تسول له نفسه الاعتداء على حصن الدين العظيم ...
قال الله تعالى:
{ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)}[الأنفال]
[الخلافة وتفعيل لطاقات واستغلال الموارد]
إن من أسباب حاجاتنا للخلافة تفعيل الطاقات واستغلال الموارد التي حبا الله بها بلاد المسلمين ...
فانظر إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الخليفة الأول كيف فعل طاقات العرب ونمى مواهبهم ووضع كلا منهم في المكان الذي هو أنفع فيه للبلاد والعباد واستغل موارد الجزيرة ووجهها وأهلها لنصرة التوحيد ...
فهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأبي هو وأمي من أرسل زيد ليتعلم السريانية والعبرانية ...
وهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأبي هو وأمي القائل كما في سنن البيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"من استعمل عاملا من المسلمين وهو يعلم أن فيهم أولى بذلك منه وأعلم بكتاب الله وسنة نبيه فقد خان الله ورسوله وجميع المسلمين ."
فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فعل طاقات العرب واستغل موارد الجزيرة وحولهم من قوم لا شأن لهم إلى أسياد العالم الذين فتحوا العالم ونشروا الإسلام فيه...
قال الله تعالى:
{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)}[التوبة]
فأين هذا من حكام اليوم الذين يقتلون المواهب ويئدوا كل أمل ويهدرون الموارد ويحققون أهداف العدو الكافر ...
ومما لا بد أن نعرفه أن دول الاستخراب ( ولا أقول الاستعمار ) , ما خرجت من بلادنا إلا يوم ربت أفراخا من أبنائنا على منهجها , لخدمة مصالحها , والذود عن أهدافها وغاياتها في المنطقة , وقطع كل الأيدي الرامية إلى تدمير هذا المشروع الغربي الذي يحظى بحراسة طواغيت العرب , وإن هذا النوع من الخيانات ليس جديدا علينا , فهو جديد قديم , وإلا فقد حدثنا آباؤنا أن الوضيع حسين تعاون مع الدول الكافرة , ووالاها على حساب موالاته للدولة العثمانية المسلمة , فساهم في القضاء على الخلافة مع أسياده من الكافرين , ومقابل فتات من الملك حصل عليه بعد خيانته لهذه الأمة , ألا فلعنة الله على الظالمين .
أخرج البخاري في صحيحه من حديث معقل بن يسار أن الرسول يقول:
" مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ."
[دولة الخلافة مأوى كل مظلوم ومن كان في دينه مفتون]
إن من أسباب حاجتنا لدولة الخلافة أنها الدولة التي يأمن فيها الإنسان على دينه ويمارس جميع طقوسه ويدعوا إليه ويخدمه ويجاهد دونه بحرية وبلا مضايقات من أحد ...
ولهذا كان الرسول يطلب النصرة والمكان الذي يعبد فيه ربه ويدعوا إليه دون مضايقات وممانعات ...
أخرج أبو داوود عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
<<كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ فِي الْمَوْقِفِ فَقَالَ أَلَا رَجُلٌ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي.>>
وبناء على ذلك كانت الهجرة وثوابها ماضية ما بقيت الدنيا ...
أخرج أبو داوود عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
<< لا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا.>>
أخرج النسائي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَقْدَانَ السَّعْدِيِّ قَالَ:وَفَدْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفْدٍ كُلُّنَا يَطْلُبُ حَاجَةً وَكُنْتُ آخِرَهُمْ دُخُولًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ:يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي تَرَكْتُ مَنْ خَلْفِي وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْهِجْرَةَ قَدْ انْقَطَعَتْ قَالَ:
<< لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْكُفَّارُ.>>
ورُوي في شعب الإيمان للبيهقي من حديث ابن عمرأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
« إن السلطان ظل الله في الأرض ، يأوي (1) إليه كل مظلوم من عباده ، فإذا عدل كان له الأجر وعلى الرعية الشكر ، وإذا جار كان عليه الإصر وعلى الرعية الصبر. »
[لماذا نحتاج دولة الخلافة؟]
ونحتاج لدولة الخلافة لما يلي:
1ـ لأنها ترعى الأخلاق وتغرس في الأمة السلوكيات الحسنة.
2ـ لأن الخلافة تعطى الأمة حق الاعتراض على الحكام وتصحيح سلوكياتهم .
3ـ لأن الخلافة نحقق العدل وترفض الظلم وتحاربه.
4ـ لأن الخلافة ترعى مشروع الجهاد وتحرض عليه.
5ـ لأن الخلافة تحارب الفساد والزنا.
6ـ لأن الخلافة تتخذ من الكتاب والسنة مرجعية لها في أحكامها وتصرفاتها ومسلكياتها.
ودليل ذلك جاء في خطبة أب بكر يوم تولى الخلافة: قال أبو بكر في خطبة خلافته:
" أيها الناس أني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن ضعفت فقوموني وإن أحسنت فأعينوني الصدق أمانة والكذب خيانة الضعيف فيكم القوي عندي حتى أزيح عليه حقه إن شاء الله والقوي فيكم الضعيف عندي حتى آخذ منه الحق إن شاء الله لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالفقر ولا ظهرت - أو قال شاعت - الفاحشة في قوم إلا عممهم البلاء أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله "
ونحتاج الخلافة لأنها تحقق حاجيات الإنسان الحياتية ولقد بلغ بالدولة الإسلامية في عهد السلف الصالح لا توفير حاجيات الإنسان فقط بل والسعي لتوفير حاجيات الحيوان والخوف من الله من عدم توفير حاجياتهم ...
قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ :
" والله لو عثرت بغلة في العراق لخشيت أن يحاسبني الله لم لم تمهد لها الطريق يا عمر."
ونحتاج الخلافة لأنها دولة يؤمر فيها بالمعروف وينهى عن المنكر ...
قال الله تعالى:
{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)}[آل عمران]
ولأنها دولة يكرم فيها المؤمنون ويهان فيها العصاة والمجرمون ...
قال الله تعالى على لسان ذي القرنين:
{ قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) }[الكهف]
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات
أبو يونس العباسي
غزة المعاصرة
السبت
5شعبان 1430هـ
17 | 7 |2010م