من هناك
06-29-2010, 07:18 PM
من أفسد المرأة السعودية!(1-2 )
الاثنين 02 رجب 1431 الموافق 14 يونيو 2010
سلمان بن محمد العنزي
كثيراً ما تتمتع المرأة بذكاء فطري خارق يلهمها كيف تتعامل مع أنوثتها فتزيدها نضارة، وتملؤها سعادة، وتجعل الأيام المضيئة عنوان حياتها ما لم تتعرف الرجل! فإذا فعلت ذلك واستطاع الرجل أن يخترق أعماقها ليستقر هناك حيث الضوء فإنها تُصاب بشيء من الحيرة يشتت تفكيرها، وشيء من الذهول يربك إحساسها، وشيء من الاضطراب يقلق نفسها، فتتحول إلى دائرة الضعف من حيث لا تشعر بذلك لتتعامل معه بعفوية مطلقة وتلقائية مرسلة، فتبذل من نفسها وعواطفها وعمرها ومالها تبعاً لذلك بصدق لا يخالطه شك، وتضحية لا ينالها رياء، غير عابئة بصحوات الضمير المفاجئة، ولا ببصيص نور العقل الذي يلوح كفنار في عين العاصفة لسفينة تمزقها الرياح!
حتى إذا اكتشفت أنها قد فرغت من معانيها، وانطفأت في عيني رجلها، وفقدت ذلك البريق الساحر المشع في كلماته؛ عرفت أنها كانت في طريق خاطئة، وأحلام زائفة، وأماني رجراجة، فخبت جذوتها، وطاول رمادها حقائق الحياة كلها حتى زيفها، وخسرت رصيد الصدق في عالمها، ولم تعد تشعر بقيمتها، وأصبحت أطلالاً تنتظر شعراء الخيال يبحثون عن دمنها ونؤيها، وينبشون رمادها الآدمي ليعطوها معنى لم يعد موجوداً، ويهبوها حياة غير حياتها، ونفساً غير نفسها، لتسعد ولو ساعة من زمان تنخلع فيه من أرسان حماقتها!
هذه حال المرأة عندما تتعرف معالم الرجل، وترضى أن تكون أسيرة له، راضية بالقليل من فتات قلبه لبرق خلّب لمع من جبينه الوضّاء، ولبارقة سحر نفثت بها كلماته الحالمة، على أنها قد بدأت هذه المسيرة وهي تظن أنها الأذكى قلباً، والأجمل خلْقاً، والأقدر عقلاً، وقد صنعت روايتها وحبكت عقدتها وغربت مسالكها، وأكثرت أبطالها، وانتهت منها وابتسامتها تتعلق بأذيالها، ولكنها نسيت أن ما يكون في الذهن واضحاً لا يكون كذلك عند ملامسة وهج الحياة؛ لأن ريحها الخبيث ينتن الأفكار، ويحولها إلى بغايا مملوكة المنفعة على التأبيد.
من هنا تبدأ مآسي النساء وعلى عتبات هذه الرواية تموت الحياة مرات ومرات لتخلف كوابيس زائرات، ودموعاً قاهرات، وأنّات مشجيات، وأمنيات مخدجات! ومهما تعدّدت النساء في أعمارهن وأوصافهن ومزاياهن وشرفهن وطموحهن، إلاّ أن البداية واحدة والنهاية واحدة والتفاصيل تكتبها المأساة بحسب عمقها وسطوة تأثيرها! وسواء كان ذلك عن طريق الزواج غير المتكافئ والقائم على عادات جاهلية أو قيم مكيافلية، أم غيره من دروب العشق الوالهة التي تغزو عالمنا اليوم بأيسر طريقة، وأقل تكلفة، وآمن عقاباً..!!
لقد صنع الواقع اليوم شياطينه بلا رحمة ولا أدب ولا دين، وبعث فيهم روح الشهوة الجامحة، فردمت كل معنى شريف كان يهم ببدْء الحياة في قلوب زاهرة وعقول طاهرة! فتنافس الشباب في مغازلة النساء والمضي في هذه المغازلة إلى نهايتها المفجعة، دون أدنى محاسبة أو قلق ضمير أو تنبّه رادع، وبالمقابل فإن النساء قد تفنّن في سحر الشباب ولفت أنظارهم وبث حب المغامرة في عيونهم بما تعلمنه من سفراتهن إلى الخارج، أو مصاحبة من يسافرن أو الاطلاع على عالم الفضائيات الجارح والسماع لجلسات المحاكم الجنسية التي أخذت طابع الحرية والصراحة المفزعة، مع لقاءات تكشف عن مدى التفسخ العميق والبعد التحرري عند أقوام لا يعرفون ديناً يهذب، ولا خلقاً يقوم، ولا عادات تحمي، ولا رهبة تفزع!
وزاد هذا التعلم فهماً عميقاً ما يقرأنه في الروايات والقصص المعاصرة، وما ترجم لبعض الكتاب العالميين ممن لا يعترف بقانون غير قانون نفسه الآثمة التي تظن أن خلق الله لها وبثها في عالم الناس إنما هو تمثيل لنعيم الجنة وفكر الجنة وحرية الجنة، ولو صدقت بعض الصدق لقالت إنها قدمت إلى الحياة لتشرح للناس أن إبليس ليس هو أعظم مشاكلهم ...! فنتج من ذلك كله هذه المآسي التي نسمعها والقصص التي نعايش بعضها ويعايش غيرنا بعضها الآخر! حتى أصبحت الفتيات ممن خضن هذه التجربة المريرة بين طريقين: طريق الندم والبكاء وانتظار الفرج في عالم لا يرحم من كان هذا مسلكها عندما تبين حقيقتها ولا بد أن تبين!
أو طريق المضاء في العهر حتى يكون وظيفة يتكسبن منه غير عابئات بمجتمع ولا دين ولا أخلاق، حريصات كل الحرص على أن يأتين كل يوم بفتاة غريرة يلطخن شرفها عن طريق الحب الكاذب، أو الإغراء المادي، أو مداعبة الأبواب الموصدة الحيية! تلبية لفسادهن المتجذر وإرضاء لكرامتهن الضائعة، وتهدئة لنفوسهن الجامحة!
ويرفد ذلك ضعف في التربية وهزل في التعليم وقلة في المال وروابط متهالكة وشوابك متلاعنة. كل هذا ومثله معه يموج به عالمنا اليوم رضينا أو لم نرض، ومراكز الشرط والهيئات تمتلئ أضابيرها بقصص يعجز أكابر القصاص عن أن يأتي بمثلها، وما خفي ودُسّ في التراب أكثر مما هو بادٍ للعيان أو سمعته آذن الناس، وهذا من لطف الله وفضله على هذا المجتمع!
وكل ذلك له أسبابه التاريخية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية والعقلية التي أدت إلى هذه النتيجة الوخيمة الوبيلة، ويبقى الحب هو السبب الأخطر والعدو الأنكى من بين هذه الأسباب كلها لدقة مسلكه ووعورة أرضه ووجود ما يمده بأسباب البقاء وقوة البلاء والتسلط على العقول والقلوب من قنوات فاضحة لا هم لها إلاّ جمع الدراهم من أوهام الحب وآهات الحب وقتلى الحب...
لقد عاثت هذه القنوات في الأرض الفساد وملأت البيوت ناراً لا يكون وقودها إلاّ الشباب والفتيات والأطفال ممن كان غريض اللحم، هزيل الدين، هائم الفكر، شرس الأمنيات... وكم من فتاة كانت هادئة وادعة لا تعرف غير أهلها، ولا تنظر إلى ما يخدش حياءها، ولم تسمع كلمة الحب المكذوبة الخبيثة المتسربة في أعمق أعماق الإنسان، الباحثة عن مملكة مفتوحة للأطماع.. حتى إذا دخل الدش بيتها ورأت من الهيئات والأشكال وتعرفت على الكلمات والألحان؛ سبحت في بحر لجيّ من رغباتها الثائرة تبحث فيه عن فارس أحلامها. فكان ما كان، وظن شراً ولا تسأل عن الخبر!!
وقل مثل ذلك في حق الشاب، فالتقت القلوب على أمر قد قُدر، وفاض تنور المشاعر، وتفجرت أنهار الحب في القلوب والألسنة؛ فعميت عليهم الحقيقة، وأخذت عليهم طرقها، فلم يبصروا مطلع الشمس في الأفق، فأظلمت قلوب كانت بالخير جديرة، وتحطمت حياة كانت بالحق منيرة....كل ذلك قد حصل ويحصل في عالمنا المعاصر المتفتح على كل بلاء والراضي بهتك حجاب الكرامة بعيداً عن سلطة الدين في الحياة وبعيداً عن سلطة الأخلاق في القلوب...كل ذلك يحصل لينعم بأموال البائسين ثلة من الفسقة العاهرين يقضون لياليهم في الرقص والمجون والتقلّب في أحضان الفنانات والفنانين.. وكم سمعنا وقرأنا عن فضائح شيوخ القنوات الشهوانية وألاعيبهم وتصابيهم... وليس بمستغرب على هذه الفئة البائسة هذا التفسخ والعري الفكري والشهواني؛ لأنه نتيجة طبيعية لتجارتهم الرائجة... وقلْ مثل ذلك في غيرهم، وإن كانوا في جانب الفساد الأخلاقي أقل وأستر، إلاّ أنهم اشتهروا بفساد المعتقد والتلبيس على الناس بمسمى الدين المتسامح، فأدخلوا عليهم بدعاً قاصمة وشبهات مقوضة ولجت قلوبهم، وتملكت أزمّتها فأضحت عقيدة ينافح عنها ويحب ويبغض من أجلها، وتوصلوا بها إلى علاقات محرمة وزيجات هشة قائمة على المتعة الرخيصة والشهوة الجامحة.. العبث الشيطاني.
هؤلاء (الشيوخ المزيفون) يجب أن يوقفوا عند حدود الدين ومراسم الأخلاق ومعالم العادات كي يعف المجتمع، وينظف من داخله، ويكون قادراً على الصمود في محاربة العدو الخارجي.. لا صلاح ولا قوة لأمة وهي تعيش واقعاً فاسداً ينخر ثوابتها ويحطم عزائم شبابها ويخرب قلوب فتياتها.. لا بد من الأخذ على أيدي هؤلاء وإيقاف المساعدات والتسهيلات لهم.. وكما صنعوا من لا شيء يجب أن يعودوا شيئاً له حجمه وحدوده لا يتجاوزون ذلك، ولا يتقافزون متطاولين بأعناقهم لسيادة لم تُخلق لهم....!
لم تعد الأمة قادرة على تحمل الغثاء السياسي الخارجي، وصناعة أوهام القوة لفرض السيطرة المطلقة على ثروات العالم الإسلامي، ولم تعد قادرة على تحمل الغثاء الداخلي وصناعة أبطال اللذة والفجور وتصديرهم ليكونوا مثلاً لأبناء الجيل... وكم يحزّ في النفس أن تجد ممثلة أو ممثلاً أو مغنياً أو مغنية أو لاعباً أو لاعبة كانوا مثل السقوط والقذارة في مجتمعاتهم، وإذا بهم اليوم مع تقدم الحضارة المادي، واختلاف الموازين، وتحكم روح السلعة في النفوس قد أصبحوا قادة للمجتمع وصناعاً للقرارات ومحلاًّ للتقدير، وأصبح المساس بهم مساساً بهيبة الدولة وسلطتها... أمر يجعل الحليم حيران ويصيّر العاقل مجنوناً...
إن الأمة كلها محاسبة على هذه الغثائية المدمرة، والواجب على الأفراد والمجتمعات أن يكون عندهم وعي بحقيقة الحياة وحقيقة ما هو مطلوب منهم ووضع الأمور في نصابها الصحيح، وهذا لن يأتي إلاّ بسلطان عادل يعي واجب الوقت، وهو يرى الأعداء يتربصون به وبوطنه، ويحيكون الروايات ويصنعون القصص، ويعيدون صياغة السيناريو كلما حانت لهم فرصة وسنح لهم صيد.. سلطان عادل يزع بقوته ما تراكم على القلوب، وتسرب في النفوس، وتحكم في العقول، عن طريق إعلام موجه مؤدلج وثقافة عامة تنشر عن طريق تسهيل طباعة الكتاب ونشره وتعليم يجمع بين العلم والدين يقوم عليه أناس ولدوا من رحم المعاناة، لا أناس لا يمتون للمجتمع بشيء، إلاّ أن لباساً وافق لباساً ولساناً طابق لساناً! وندوات متلاحقة تُعنى بتثقيف الناس وتعليمهم وتهذيبهم، ويقوم على الدعاية لها وترويجها أناس مهرة في فنهم، وعن طريق إعطاء الناس حقوقهم، وسدّ عوزهم ورفع كفايتهم، وإعادة بنائهم وحماية عقائدهم ورعاية مصالحهم... ويعاضد هذا السلطان أهل العلم والفكر والأدب، باذلين أوقاتهم، وميسرين لعلومهم، وصابرين على جهل الناس وشدتهم....!
إن حركة التغيير الإصلاحية لا بد أن تنبعث من أعماق النفس، نتخلص بها من ركام التصورات الفاسدة، وأكداس الأخلاق المشوهة، ونفايات العادات المدمرة، تحقيقاً لقول الله تعالى: (إنّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) المتوافق مع قوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا)، وغير المعارض لقول عثمان – رضي الله عنه - (إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)؛ إذ يعني ذلك تهيئة الجو وتصفيته من عوالق الفساد، أن تغير البنية النفسية وتخليصه من زعماء الرذيلة أن يلوثوا وجه الكرامة، والسماح للحق أن يصل إلى الناس بلا تدخل خارجي يشوّه المعاني ويفسد الحقائق، والأمر من بعد لاختيار الإنسان ورضاه، ولكنه اختيار ينفذ إلى الضوء إن كان مع الحق، أو يبقى محدوداً بنفس صاحبه لا يجاوزها متسوراً محراب الأخلاق والعقائد ليدمر الحياة الطيبة..!
هذا جانب كشفناه للعيان وجانب آخر مفزع يتحدث عن المرأة في عالم فئام ممن ينسب للعلم والدعوة والإسلام، وكيف اتخذوها مطية لأهوائهم ومرحاضاً لنزواتهم، وتهادوها فيما يتهادون من التحف والطرف، ولم يرقبوا فيها إلاًّ ولا ذمة؛ سنكشفه في المقال القادم، غير مبالين إلاّ بالحق ووضع الأمور في نصابها الصحيح في حياة مخادعة تغر الجهلاء
الاثنين 02 رجب 1431 الموافق 14 يونيو 2010
سلمان بن محمد العنزي
كثيراً ما تتمتع المرأة بذكاء فطري خارق يلهمها كيف تتعامل مع أنوثتها فتزيدها نضارة، وتملؤها سعادة، وتجعل الأيام المضيئة عنوان حياتها ما لم تتعرف الرجل! فإذا فعلت ذلك واستطاع الرجل أن يخترق أعماقها ليستقر هناك حيث الضوء فإنها تُصاب بشيء من الحيرة يشتت تفكيرها، وشيء من الذهول يربك إحساسها، وشيء من الاضطراب يقلق نفسها، فتتحول إلى دائرة الضعف من حيث لا تشعر بذلك لتتعامل معه بعفوية مطلقة وتلقائية مرسلة، فتبذل من نفسها وعواطفها وعمرها ومالها تبعاً لذلك بصدق لا يخالطه شك، وتضحية لا ينالها رياء، غير عابئة بصحوات الضمير المفاجئة، ولا ببصيص نور العقل الذي يلوح كفنار في عين العاصفة لسفينة تمزقها الرياح!
حتى إذا اكتشفت أنها قد فرغت من معانيها، وانطفأت في عيني رجلها، وفقدت ذلك البريق الساحر المشع في كلماته؛ عرفت أنها كانت في طريق خاطئة، وأحلام زائفة، وأماني رجراجة، فخبت جذوتها، وطاول رمادها حقائق الحياة كلها حتى زيفها، وخسرت رصيد الصدق في عالمها، ولم تعد تشعر بقيمتها، وأصبحت أطلالاً تنتظر شعراء الخيال يبحثون عن دمنها ونؤيها، وينبشون رمادها الآدمي ليعطوها معنى لم يعد موجوداً، ويهبوها حياة غير حياتها، ونفساً غير نفسها، لتسعد ولو ساعة من زمان تنخلع فيه من أرسان حماقتها!
هذه حال المرأة عندما تتعرف معالم الرجل، وترضى أن تكون أسيرة له، راضية بالقليل من فتات قلبه لبرق خلّب لمع من جبينه الوضّاء، ولبارقة سحر نفثت بها كلماته الحالمة، على أنها قد بدأت هذه المسيرة وهي تظن أنها الأذكى قلباً، والأجمل خلْقاً، والأقدر عقلاً، وقد صنعت روايتها وحبكت عقدتها وغربت مسالكها، وأكثرت أبطالها، وانتهت منها وابتسامتها تتعلق بأذيالها، ولكنها نسيت أن ما يكون في الذهن واضحاً لا يكون كذلك عند ملامسة وهج الحياة؛ لأن ريحها الخبيث ينتن الأفكار، ويحولها إلى بغايا مملوكة المنفعة على التأبيد.
من هنا تبدأ مآسي النساء وعلى عتبات هذه الرواية تموت الحياة مرات ومرات لتخلف كوابيس زائرات، ودموعاً قاهرات، وأنّات مشجيات، وأمنيات مخدجات! ومهما تعدّدت النساء في أعمارهن وأوصافهن ومزاياهن وشرفهن وطموحهن، إلاّ أن البداية واحدة والنهاية واحدة والتفاصيل تكتبها المأساة بحسب عمقها وسطوة تأثيرها! وسواء كان ذلك عن طريق الزواج غير المتكافئ والقائم على عادات جاهلية أو قيم مكيافلية، أم غيره من دروب العشق الوالهة التي تغزو عالمنا اليوم بأيسر طريقة، وأقل تكلفة، وآمن عقاباً..!!
لقد صنع الواقع اليوم شياطينه بلا رحمة ولا أدب ولا دين، وبعث فيهم روح الشهوة الجامحة، فردمت كل معنى شريف كان يهم ببدْء الحياة في قلوب زاهرة وعقول طاهرة! فتنافس الشباب في مغازلة النساء والمضي في هذه المغازلة إلى نهايتها المفجعة، دون أدنى محاسبة أو قلق ضمير أو تنبّه رادع، وبالمقابل فإن النساء قد تفنّن في سحر الشباب ولفت أنظارهم وبث حب المغامرة في عيونهم بما تعلمنه من سفراتهن إلى الخارج، أو مصاحبة من يسافرن أو الاطلاع على عالم الفضائيات الجارح والسماع لجلسات المحاكم الجنسية التي أخذت طابع الحرية والصراحة المفزعة، مع لقاءات تكشف عن مدى التفسخ العميق والبعد التحرري عند أقوام لا يعرفون ديناً يهذب، ولا خلقاً يقوم، ولا عادات تحمي، ولا رهبة تفزع!
وزاد هذا التعلم فهماً عميقاً ما يقرأنه في الروايات والقصص المعاصرة، وما ترجم لبعض الكتاب العالميين ممن لا يعترف بقانون غير قانون نفسه الآثمة التي تظن أن خلق الله لها وبثها في عالم الناس إنما هو تمثيل لنعيم الجنة وفكر الجنة وحرية الجنة، ولو صدقت بعض الصدق لقالت إنها قدمت إلى الحياة لتشرح للناس أن إبليس ليس هو أعظم مشاكلهم ...! فنتج من ذلك كله هذه المآسي التي نسمعها والقصص التي نعايش بعضها ويعايش غيرنا بعضها الآخر! حتى أصبحت الفتيات ممن خضن هذه التجربة المريرة بين طريقين: طريق الندم والبكاء وانتظار الفرج في عالم لا يرحم من كان هذا مسلكها عندما تبين حقيقتها ولا بد أن تبين!
أو طريق المضاء في العهر حتى يكون وظيفة يتكسبن منه غير عابئات بمجتمع ولا دين ولا أخلاق، حريصات كل الحرص على أن يأتين كل يوم بفتاة غريرة يلطخن شرفها عن طريق الحب الكاذب، أو الإغراء المادي، أو مداعبة الأبواب الموصدة الحيية! تلبية لفسادهن المتجذر وإرضاء لكرامتهن الضائعة، وتهدئة لنفوسهن الجامحة!
ويرفد ذلك ضعف في التربية وهزل في التعليم وقلة في المال وروابط متهالكة وشوابك متلاعنة. كل هذا ومثله معه يموج به عالمنا اليوم رضينا أو لم نرض، ومراكز الشرط والهيئات تمتلئ أضابيرها بقصص يعجز أكابر القصاص عن أن يأتي بمثلها، وما خفي ودُسّ في التراب أكثر مما هو بادٍ للعيان أو سمعته آذن الناس، وهذا من لطف الله وفضله على هذا المجتمع!
وكل ذلك له أسبابه التاريخية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية والعقلية التي أدت إلى هذه النتيجة الوخيمة الوبيلة، ويبقى الحب هو السبب الأخطر والعدو الأنكى من بين هذه الأسباب كلها لدقة مسلكه ووعورة أرضه ووجود ما يمده بأسباب البقاء وقوة البلاء والتسلط على العقول والقلوب من قنوات فاضحة لا هم لها إلاّ جمع الدراهم من أوهام الحب وآهات الحب وقتلى الحب...
لقد عاثت هذه القنوات في الأرض الفساد وملأت البيوت ناراً لا يكون وقودها إلاّ الشباب والفتيات والأطفال ممن كان غريض اللحم، هزيل الدين، هائم الفكر، شرس الأمنيات... وكم من فتاة كانت هادئة وادعة لا تعرف غير أهلها، ولا تنظر إلى ما يخدش حياءها، ولم تسمع كلمة الحب المكذوبة الخبيثة المتسربة في أعمق أعماق الإنسان، الباحثة عن مملكة مفتوحة للأطماع.. حتى إذا دخل الدش بيتها ورأت من الهيئات والأشكال وتعرفت على الكلمات والألحان؛ سبحت في بحر لجيّ من رغباتها الثائرة تبحث فيه عن فارس أحلامها. فكان ما كان، وظن شراً ولا تسأل عن الخبر!!
وقل مثل ذلك في حق الشاب، فالتقت القلوب على أمر قد قُدر، وفاض تنور المشاعر، وتفجرت أنهار الحب في القلوب والألسنة؛ فعميت عليهم الحقيقة، وأخذت عليهم طرقها، فلم يبصروا مطلع الشمس في الأفق، فأظلمت قلوب كانت بالخير جديرة، وتحطمت حياة كانت بالحق منيرة....كل ذلك قد حصل ويحصل في عالمنا المعاصر المتفتح على كل بلاء والراضي بهتك حجاب الكرامة بعيداً عن سلطة الدين في الحياة وبعيداً عن سلطة الأخلاق في القلوب...كل ذلك يحصل لينعم بأموال البائسين ثلة من الفسقة العاهرين يقضون لياليهم في الرقص والمجون والتقلّب في أحضان الفنانات والفنانين.. وكم سمعنا وقرأنا عن فضائح شيوخ القنوات الشهوانية وألاعيبهم وتصابيهم... وليس بمستغرب على هذه الفئة البائسة هذا التفسخ والعري الفكري والشهواني؛ لأنه نتيجة طبيعية لتجارتهم الرائجة... وقلْ مثل ذلك في غيرهم، وإن كانوا في جانب الفساد الأخلاقي أقل وأستر، إلاّ أنهم اشتهروا بفساد المعتقد والتلبيس على الناس بمسمى الدين المتسامح، فأدخلوا عليهم بدعاً قاصمة وشبهات مقوضة ولجت قلوبهم، وتملكت أزمّتها فأضحت عقيدة ينافح عنها ويحب ويبغض من أجلها، وتوصلوا بها إلى علاقات محرمة وزيجات هشة قائمة على المتعة الرخيصة والشهوة الجامحة.. العبث الشيطاني.
هؤلاء (الشيوخ المزيفون) يجب أن يوقفوا عند حدود الدين ومراسم الأخلاق ومعالم العادات كي يعف المجتمع، وينظف من داخله، ويكون قادراً على الصمود في محاربة العدو الخارجي.. لا صلاح ولا قوة لأمة وهي تعيش واقعاً فاسداً ينخر ثوابتها ويحطم عزائم شبابها ويخرب قلوب فتياتها.. لا بد من الأخذ على أيدي هؤلاء وإيقاف المساعدات والتسهيلات لهم.. وكما صنعوا من لا شيء يجب أن يعودوا شيئاً له حجمه وحدوده لا يتجاوزون ذلك، ولا يتقافزون متطاولين بأعناقهم لسيادة لم تُخلق لهم....!
لم تعد الأمة قادرة على تحمل الغثاء السياسي الخارجي، وصناعة أوهام القوة لفرض السيطرة المطلقة على ثروات العالم الإسلامي، ولم تعد قادرة على تحمل الغثاء الداخلي وصناعة أبطال اللذة والفجور وتصديرهم ليكونوا مثلاً لأبناء الجيل... وكم يحزّ في النفس أن تجد ممثلة أو ممثلاً أو مغنياً أو مغنية أو لاعباً أو لاعبة كانوا مثل السقوط والقذارة في مجتمعاتهم، وإذا بهم اليوم مع تقدم الحضارة المادي، واختلاف الموازين، وتحكم روح السلعة في النفوس قد أصبحوا قادة للمجتمع وصناعاً للقرارات ومحلاًّ للتقدير، وأصبح المساس بهم مساساً بهيبة الدولة وسلطتها... أمر يجعل الحليم حيران ويصيّر العاقل مجنوناً...
إن الأمة كلها محاسبة على هذه الغثائية المدمرة، والواجب على الأفراد والمجتمعات أن يكون عندهم وعي بحقيقة الحياة وحقيقة ما هو مطلوب منهم ووضع الأمور في نصابها الصحيح، وهذا لن يأتي إلاّ بسلطان عادل يعي واجب الوقت، وهو يرى الأعداء يتربصون به وبوطنه، ويحيكون الروايات ويصنعون القصص، ويعيدون صياغة السيناريو كلما حانت لهم فرصة وسنح لهم صيد.. سلطان عادل يزع بقوته ما تراكم على القلوب، وتسرب في النفوس، وتحكم في العقول، عن طريق إعلام موجه مؤدلج وثقافة عامة تنشر عن طريق تسهيل طباعة الكتاب ونشره وتعليم يجمع بين العلم والدين يقوم عليه أناس ولدوا من رحم المعاناة، لا أناس لا يمتون للمجتمع بشيء، إلاّ أن لباساً وافق لباساً ولساناً طابق لساناً! وندوات متلاحقة تُعنى بتثقيف الناس وتعليمهم وتهذيبهم، ويقوم على الدعاية لها وترويجها أناس مهرة في فنهم، وعن طريق إعطاء الناس حقوقهم، وسدّ عوزهم ورفع كفايتهم، وإعادة بنائهم وحماية عقائدهم ورعاية مصالحهم... ويعاضد هذا السلطان أهل العلم والفكر والأدب، باذلين أوقاتهم، وميسرين لعلومهم، وصابرين على جهل الناس وشدتهم....!
إن حركة التغيير الإصلاحية لا بد أن تنبعث من أعماق النفس، نتخلص بها من ركام التصورات الفاسدة، وأكداس الأخلاق المشوهة، ونفايات العادات المدمرة، تحقيقاً لقول الله تعالى: (إنّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) المتوافق مع قوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا)، وغير المعارض لقول عثمان – رضي الله عنه - (إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)؛ إذ يعني ذلك تهيئة الجو وتصفيته من عوالق الفساد، أن تغير البنية النفسية وتخليصه من زعماء الرذيلة أن يلوثوا وجه الكرامة، والسماح للحق أن يصل إلى الناس بلا تدخل خارجي يشوّه المعاني ويفسد الحقائق، والأمر من بعد لاختيار الإنسان ورضاه، ولكنه اختيار ينفذ إلى الضوء إن كان مع الحق، أو يبقى محدوداً بنفس صاحبه لا يجاوزها متسوراً محراب الأخلاق والعقائد ليدمر الحياة الطيبة..!
هذا جانب كشفناه للعيان وجانب آخر مفزع يتحدث عن المرأة في عالم فئام ممن ينسب للعلم والدعوة والإسلام، وكيف اتخذوها مطية لأهوائهم ومرحاضاً لنزواتهم، وتهادوها فيما يتهادون من التحف والطرف، ولم يرقبوا فيها إلاًّ ولا ذمة؛ سنكشفه في المقال القادم، غير مبالين إلاّ بالحق ووضع الأمور في نصابها الصحيح في حياة مخادعة تغر الجهلاء