محمد دغيدى
06-19-2010, 06:45 PM
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رسائل التبصير : كشف الغام التحرير
الرسالة الثامنة : لغم استفزازنا كيف نعطله؟ (1-3)
شبكة البصرة
صلاح المختار
الذي يولد وهو يزحف، لا يستطيع أن يطيرمثل عالمي
في الشهور الماضية وردتني رسائل واتصالات هاتفية وحديث مباشر من عدد ليس بالقليل من ابناء العراق والامة العربية عبروا فيها عن دهشتهم وامتعاضهم من الحملة الوسخة علينا القائمة على الانحطاط الاخلاقي والسقوط الوطني لانها معتمدة على اكاذيب صرفة، وكان اغلبهم يقترح علينا الرد عليها رغم قناعتهم بانها عبارة نفايات تصدر عن نفايات، وكان ردنا دائما كالاتي : هؤلاء لا دواء لهم الا الاهمال. لماذا نهمل ما يقال؟ قبل كل شيء يجب ان نذكّر بان اشتداد الحملة علينا لو لم يحصل لشككنا بصواب نهجنا وخيارنا الستراتيجي، فمن يؤثر ويعمل ويدحض ويكسب القلوب هو من يتعرض للهجمات وليس الفاشلين او انصاف الرجال الذين يخشون حتى الكتابة باسمائهم، او المرضى او الانفار المعزولين. ومع ذلك فان هناك جوانب يحتاج الراي العام الى معرفتها، وهي تتعلق بمن يحرك هؤلاء ولم يتحركون الان، والاهم لم لم يتوقفوا رغم اننا لم نرد عليهم ابدا ولا بكلمة. ان الحقيقة البارزة في هذا المجال هي ان هستريا الاكاذيب والشتائم الوسخة ليست سوى جزء من خطة الاحتلال ومخابراته لخلق فتن ومشاكل بين القوى الوطنية وفصائل المقاومة العراقية، من اجل شيطنة المناضلين والقوى الوطنية حينما يجرونهم جرا لمهاترات سخيفة في مرحلة هي اخطر مراحل احتلال العراق : الحسم. دعونا نوضح هذا الامر، بابعاده المتعددة واهدافه المتنوعة، كي تفهمه جماهيرنا بدقة وبعيدا عن العواطف النبيلة.
الضغط لاجل كشف ما يحتاج اليه الاحتلال
من المعروف، في ضوء تجارب حركات التحرر في العالم والنضال الوطني العام، ان مخابرات الاحتلال او القوى المعادية لتحرر الشعوب تلجأ الى تكتيك استخباري اصبح معروفا ومكشوفا وهو استفزاز عناصر قوى التحرر والمقاومة بطرح اراء معينة تشكك بمواقف معينة او تروج معلومات غير صحيحة، كليا او جزئيا، من اجل دفع القوى الوطنية او عناصرها البارزة للرد بسرعة وبدون تفكير لتكذيبها او تعديلها عن طريق الاضطرار لكشف ما يجب ان يبقى سرا.
ليس سرا انه في مراحل النضال الحاسمة تتبنى القوى التحررية خططا سرية جدا متعددة ومختلفة، واحيانا متناقضة، من اجل اختراق العدو واجهزته المخابراتية والعسكرية والسياسية، او من اجل تفتيته ونزع عناصر منه بالاغراء او بالاقناع وجعلها تخدم هدف الثورة والتحرر، او ان تلك الخطط وضعت عمدا لخداع العدو وتضليله وجعله يعتقد بوجود اتجاه معين في الوسط الثور ي او خطة معينة لكن الواقع هو غير ذلك. وبما ان العدو ذكي ولديه اجهزة مخابرات فانه يلجأ عند الشك بوجود خطط سرية للثوار الى اسلوب محدد لكشف ما تضمره قوى الثورة وما تخطط له سرا، وذلك عن طريق مجندين ربما يعملون مع قوى الثورة او قريبا منهم وفي محيطهم، فيكلفهم بطرح اسئلة او تساؤلات حول ما يجري، و اذا تطلب الامر من اجل تحقيق الاستفزاز المطلوب نقد ما يتم تبنيه من خطط، اذا تسرب عنها شيء او خمن العدو وجودها، او الاشارة بتساؤل الى ما يبدو ظاهريا كأنه متناقض في ممارسات قوى الثورة، او المطالبة بتبني موقف ما او مهاجمة مواقف معينة لقوى الثورة...الخ.
كل ذلك من اجل اجبارها على الرد لتوضيح الموقف وتنقية صورة الموقف الثوري ومنع تشويهه، ولكن هذا الرد هو وقوع في فخ مخابرات العدو مباشرة لانه يؤدي الى الكشف عما يجب عدم كشفه لاهميته في دحر العدو والحاق هزيمة به،استنادا الى فكرة تقليدية معروفة وهي جعل العدو مرتبكا وغير واثقا مما يخطط له الثوار في مرحلة الحسم، والتي بنيت عليها حكمة (ان معرفة العدو كسب لنصف المعركة).
وفي هذا الاطار فان العدو يكلف افرادا حسبوا على الصف الوطني بالقيام بدور الكلب المسعور، اذا فشلت الاستفزازات العادية في جرنا الى مهاترات او كلام مضر، ينتقيهم من بين الجواسيس الاكثر انحطاطا اخلاقيا ليقوموا بالدور الاكثر قذارة في التشويه والتزوير وترويج الاكاذيب، اذ رغم ان الجاسوس – اي جاسوس - ساقط اخلاقيا من حيث المبدأ الا ان هناك جواسيس تخلوا عن كل قيمة انسانية او اخلاقية نتيجة تربيتهم الوضيعة اصلا وافتقارهم الى الحد الادنى من الرادع الانساني، لذلك يكلف الاحتلال هذا النمط من الجواسيس بمهمة ترويج اكاذيب وسخة واطلاق الاشاعات التي لا يجروا الجاسوس العادي على اطلاقها، او ان الاحتلال يريد استخدام هذا النوع المنحط كليا في المهمات القذرة التي تحرق الجاسوس نهائيا وترميه في سلة الزبالة بعد انتهاء دوره.
نحن نعرف جيدا بان من يهاجمنا تحت غطاء وطني هو جاسوس مكلف بمهمة قذرة لذلك لا يجوز الرد عليه ابدا، لاسباب سنوضحها فيما بعد، منها ان المطلوب وضعنا في موقف صعب وتحت توتر نفسي مما يجعلنا مهيئين لكشف ما يريده العدو من خلال الدفاع لتبرئة انفسنا او موقفنا مما ينسب اليه من اكاذيب، وهذا خيار مرفوض كليا.
تكتيك تداخل الخنادقومن بين اهم اساليب المخابرات المعادية هو اعتماد تكتيك تداخل الخنادق من اجل اختراق صفوفنا. ما معنى ذلك؟ رغم ان الجواب يكاد يكون معروفا على نطاق واسع لقدم هذا التكتيك الا ان واقعنا وتداخلاته المبرمجة تجعل من الضروري تناول هذا الموضوع بشيء من التفصيل. لو جاءك لص وقال لك مرحبا انا اريد سرقتك فهل سترد عليه بكلمة تفضل اسرقني ام انك ستضربه بالحذاء؟ بالطبع ستضربة بالحذاء لانه لص، لكنه لص غبي كشف نفسه بعدم قدرته على التخفي من اجل خداعك ليتمكن من كسب ثقتك ثم يسرقك وانت ساه عنه. ولكن حينما يأتيك معمم او افندي انيق يعرف كيف يتحدث ويكسب القلب بتقواه وحسن مظهره وصادقك وتصرف بطريقة تكسبه ثقتك بعد ايام او اشهر وربما سنين، فهل تثق به وتجعله يدخل بيتك ويعرف بعض اسرارك؟ نعم غالبا خصوصا عند الافتقار الى وسائل كشف الكذب. نحن بمواجهة مسألة استخبارية اكثر مما نحن بمواجهة حرب عسكرية، فالادارة الامريكية ادركت بعد فشل الحل العسكري لتصاعد المقاومة بان العمل الاستخباري هو العمل الاكثر تأثيرا، لذلك اقترن قرار سحب القوات الى خارج المدن بزيادة الاعتماد على العمل الاستخباري الامريكي في العراق، وجعله القاعدة الاساسية في عملها على تفكيك المقاومة والقوى الوطنية.
ان العمل الاستخباري يقوم على تعمد خلق تداخل خنادق لانه الطريقة الانجح لاختراق صفوف المقاومة والحركة الوطنية العراقية، وتداخل الخنادق يترجم الان بقصة اللص الغبي الذي تضربه بالنعال حينما يريد سرقتك، واللص الذكي الذي تمنحه ثقتك وتعده من بين اصدقاءك لانه تعامل معك بذكاء وحسب الامر بدقة. قبل الاحتلال وعند الاعداد له عملت المخابرات على تجنيد او اعداد جواسيس لاختراق الحركة الوطنية والعمل في صفوفها، ونشرت العديد من الوثائق عن هذه الحقيقة بل وتسربت حتى نصوص بعض المحاضرات التي القيت على الجواسيس اثناء تدريبهم ومنها كيفية التعامل مع القوى الوطنية واختراقها، وازدادت اهميه هذا الاختراق بتعاظم المقاومة العراقية وتمكنها من دحر الاحتلال وايصاله الى حافة الانهيار التام، لذلك لم يعد من خيار ممكن للاحتلال سوى استخدام الاحتياطي المخفي لها في محاولة الوصول الى المقاومة والبعث.
ان الواجب الاستخباري للعملاء يقوم على المزايدة على البعث والمقاومة في اللغة الاعلامية والمواقف السياسية ووصول ذلك الى حد ملفت للنظر باعلان بعض الانفار عن دعمهم للقاعدة علنا، مع انهم خاضعون للقوانين الاوربية الخاصة بالارهاب والتي تحاسب على كلمة تقال عرضا عن دعم المقاومة، فكيف يمكن الاعلان عن دعم المقاومة بصواريخ ويبقى من قال ذلك بدون عقاب؟ ان المخابرات هي التي تطلب من هؤلاء العمل بهذه الطريقة لانها تظن ان فصائل المقاومة ساذجة فتصدق من يقول انه يدعمها بالمال والسلاح دون معرفة انه جاسوس، وبهذه الطريقة فان بعض السذج في فصائل معينة صدقت هذا النوع من الجواسيس فوقعت في الفخ المنصوب لها وذهب افراد منها ضحية لتلك السذاجة وهم الان موتى او في سجون الاحتلال. لكن البعث والفصائل المجربة والتي تملك خبرة مخابراتية بحكم حكمها للعراق اكثر من 35 عاما كشفت هذا التكتيك مبكرا وحددت عناصره ومن كلف بدور الاختراق، فتعاملنا بحذر شديد مع هذه العناصر حتى حينما كانت تظهر الدعم لنا وتزايد في اظهار ذلك الدعم، وتتقرب منا وتتملقنا بشكل ملحوظ،الى ان وصلت الى قناعة باننا نعرف اتصالاتها ولمن تخدم في الحقيقة وان محاولاتها اختراقنا قد فشلت كليا انقلبت علينا وتحولت من المديح المبتذل للبعث وقيادته، والذي كنا نعرف انه وسيلة مخابراتية، الى شتائم رخيصة وترويج اكاذيب لا يقع في حبائل ترويجها الا اللص الغبي لان العالم كله يعرف مدحهم المتطرف للبعث ورموزه وهو موثق وموجود ويؤشر الى انها عناصر مدسوسة وفشلت.
حينما يكشف لص او عميل احبطت محاولته التسلل الى صفوفنا لمن يوجه أحقاده ورغبته في الانتقام؟ انه يوجه سهامه لمن يعتقد انهم كشفوا دوره الاستخباري فحرموه من القدرة على تحقيق اختراق يكسب من وراءه مالا وفيرا وربما شهرة يحتاج اليها لتغطية مركب نقص شخصي، لذلك فان سعار العداء للبعث والمقاومة يتضخم وينصب على رموز البعث بشكل ترويج اكاذيب وسخة حولهم من اجل حرقهم او المس بصورتهم النقية، في عملية انتقامية واضحة جدا. ان من الضروري ولمعرفة التأثير المخابراتي على هؤلاء الربط بين سعار معاداة البعث الحالي والمساهمة المباشرة في تنفيذ الصفحة الاكثر اهمية من سياسة اجتثاث البعث التي ينفذها الاحتلال وهي صفحة شيطنة البعث بسيل من الاكاذيب والتزويرات الان، والتركيز في هذا السعار على رموز البعث التي تمثل الاصالة البعثية وترفع راية البعث بثبات منذ بدأ الاحتلال وحتى الان.
احقاد فشل مزدوج
ان تركيز الاحتلال وادواته عدائهم الرئيسي على البعث ومقاومته وحلفاءه خصوصا منذ عام 2007 يعود ليس فقط الى ضرورات تنفيذ سياسة الاجتثاث بل ايضا لبروز المفاجئة الاضخم للاحتلال، بعد مفاجئة انطلاق مقاومة فريدة معد لها سلفا ولعدة سنوات، وهي مفاجئة وصدمة ادراك الاحتلال وعملاءه بان البعث بقي وتعزز دوره وتنامت جماهيره وتعمقت جذوره في العراق واصبح الرقم الاصعب الذي لاحل لازمة احتلال العراق بدونه، رغم انه تعرض للضربات المميتة والمدمرة وتمثلت في اعدام المئات من قادته ومناضليه وكوادره، وعلى راسهم امينه العام القائد الشهيد صدام حسين، او استشهاد عشرات الالاف من كوادره ومناضليه اثناء مقاتلة الا حتلال، وهي حقائق معروفة لان الاحتلال كشف عن موقفه الكامل من البعث بعد احتلال العراق وهو تبني سياسة فاشية تقوم على اجتثاث البعث فكرا وعقيدة وتنظيما وبشرا، وهي سياسة لم يسبق تبنى مثلها حتى مع المانيا النازية واليابان عقب الحرب العالمية الثانية.
ان خروج البعث من هذه الكارثة الانسانية اقوى واكثر تاثيرا ولعبه الدور الرئيسي في احداث العراق خصوصا منذ عام 2007 وحتى الان شكل صدمة قاسية للاحتلال اعترف بها مباشرة، جعلته لا يستطيع تجاهل ام حقائق الوضع العراقي الحالي وهي ان البعث هو الحزب الوطني الجماهيري الوحيد الذي يملك قواعد مدنية وعسكرية في كل جزء من العراق ويستطيع الامساك بالارض العراقية من الموصل الى البصرة، في لحظات الحسم بفضل هذه الجماهير المجربة سياسيا وعسكريا وامنيا، في حين ان كل التنظيمات الاخرى، وبلا اي استثناء وسواء كانت عميلة او وطنية، موضعية وكتلية وليست احزابا جماهيرية وتعجز عن الامساك بكل الارض العراقية في لحظات الحسم، وهي في الواقع، وبغض النظر عن النوايا،تعكس احدى اهم ضرورات الاحتلال وهي تقسيم العراق على اسس عرقية او طائفية وتجسيد ذلك في احزاب وكتل.
من هنا فان وجود البعث حزبا عملاقا وطني الهوية يغطي بجناحيه كل العراق ويضم في صفوفه منفردا – نكرر منفردا - كل العراقيين بلا تمييز طائفي او عرقي وغير ذلك، يشكل اهم التحديات التي تواجه الاحتلال وهو يريد ترتيب اوضاع العراق قبل رحيله ليكون العراق بين يديه من خلال احزاب وكتل كسيحة لاتملك ساقين – اي جماهير – ولا تستطيع تغيير الامر الواقع حتى لو ارادت ذلك. ان تصفية البعث الان هو الضرورة الحاسمة بالنسبة للاحتلال لان وجود البعث بعد رحيله حتى ببقاء 50 الف جندي يشكل التهديد الاكبر لوجود امريكا في العراق ويؤكد بان الشعب العراقي بقيادة طليعته المجربة والقوية البعث وحلفائه، سيستولي على السلطة بقدرته الذاتية وبدعم جماهيري واسع جدا ويقضي على اي تأثير للاحتلال، لذلك لم يكن غريبا على الاطلاق ان يتركز الجهد الاستخباري الامريكي على اجتثاث البعث بطرق مموهة او مباشرة حتى وهو – اي الاحتلال - يعمل على توريط وطنيين في العملية السياسية الاستخبارية.
البعث يشكل الان المصد الرئيسي لهيمنة كتل واحزاب موضعية وغير جماهيرية او طائفية وعرقية على العراق مع ان الاحتلال يريد تشكيل بديل جديد يضم عناصر وطنية اضافة لبعض عملاءه التقليديين تحت غطاء (المصالحة الوطنية)، لاجل تحقيق نوع من الدعم لعلاقات ستراتيجية بعيدة الامد مع امريكا، لكن مأزق امريكا الحالي في العراق يكمن في حقيقة ان هذه العناصر او الكتل بلا جماهير او قواعد بل هي محض نخب تعتمد على الاقارب او ابناء الطائفة او المنطقة الخ، لذلك فان استقرار البديل المرتقب مستبعد ويبقى تحت تأثير الضغط الجماهيري الرافض لاي نوع من انواع الوجود الامريكي في العراق خارج اطار العلاقات العادية بين دولتين. كيف ينعكس ذلك على الموقف الامريكي من البعث؟ اذا كان اجتثاث البعث احد اهم ضرورات استقرار غزو العراق بعد الغزو مباشرة فان الاستقرار النسبي الذي تريده امريكا الان لا يمكن ان يتحقق بدون اجتثاث البعث ولكن بصيغ جديدة، منها تكثيف محاولات شقه واحتواءه او محاولة التخلص من قيادته وامينها العام ومن عناصر الحزب وكوادره البارزة، والتي تتميز بوعيها العقائدي والستراتيجي الراسخين وتشكل صمام الامان في محا فظة الحزب على وحدته واصالته وتمنع السطو على اسمه واستخدامه في البديل المخابراتي المرتقب في العراق. ان وجود تنظيم او اكثر باسم البعث في العملية السياسية القادمة - حتى لو كانت مجرد اسماء – هو مفتاح حل ازمة الاحتلال، لذلك فان شق البعث او التأمر على هويته واتجاهه الستراتيجي القائم على التحرير الكامل ورفض المساومات هو الخيار الامريكي – الايراني الوحيد الان وفي المرحلة القادمة، وتلك الحقيقة تفضح اولئك الذين اصابهم سعار التشكيك بالبعث وقياداته ودوره كما سنلاحظ.
حالة ملفتة للنظر
وثمة حالة تستحق التوقف عندها ولم نتوصل بعد الى موقف نهائي حولها وتفسير ما تنطوي عليه من دلالات وايحاءات، فهناك شبكة يملكها عراقي لاجئ سياسي في امريكا انشأت منذ زمن قصير تبنت موقفا مناهضا للاحتلال، وهو موقف سليم طبعا، لكن ما ان عرفت بهذه الصفة وكسبت كتابا مناهضين للاحتلال وصاروا من كتابها، حتى شرعت بنشر مقالات معادية للبعث والبعثيين الى جانب نشر مقالات ضد الاحتلال! ولو ان الامر شمل أيضا نشر مقالات ضد وطنيين مناهضين للاحتلال من غير البعثيين لمر الامر دون تساؤلات مشروعة على اساس ان الشبكة ليبرالية وتنشر ما يردها دون تدقيق كبير، لكن الذي حصل هو الاتي : رغم معاتبة صاحب الشبكة على نشر مقالات تهاجم البعث وتوضيح ان ذلك لا يخدم الموقف الوطني المناهض للاحتلال لان البعث مكون اساسي في حركة مناهضة الاحتلال السلمية والعنفية، وما سياسة اجتثاث البعث الا انموذج واضح لمعاداة امريكا للبعث، ونتيجة لها يتعرض للحملات الاكثر شراسة من قبل الاحتلال وفقد عشرات الالاف من مناضليه شهداء اما اثناء مقاتلة الاحتلال او اغتيالا، ويوجد عشرات الاف اخرين منهم في الاسر، رغم توضح هذا فان الناشر لم يتوقف عن نشر مقالات تسيء للبعث والبعثيين!
وهنا يجب عرض هذا الامر برمته على الرأي العام ليصدر هو حكمه قبل ان نتوصل نحن الى موقف نهائي بخصوص هذه الشبكة :
1 – ان ما ينشر في هذه الشبكة ضد البعث والبعثيين عبارة عن اتهامات وسخة تطلق اعتباطا وبلا اي سند او دليل ودون تدقيقها من قبل الناشر، ويبدو واضحا ان هدف الكاتب الشبح الواضح هو شيطنة البعث والبعثيين بتلفيق اكاذيب.
2 – وثمة ثغرة بارزة في موقف هذه الشبكة في هذا المجال وهي ان ما ينشر لا ينشر باسم معروف او يمكن التحقق من انه موجود فعلا، كما تفرض اخلاق مهنة الصحافة ونصوص القانون والاخلاق بصفة عامة، بل انه ينشر تحت اسماء وهمية مكشوفة وليس حتى تحت اسماء وهمية قد لا تكشف، فمثلا تنشر بعض المقالات باسم (ابن ال....)، وهي تسمية لا تسمح على الاطلاق بالتحقق من صحة المعلومات لمجهولية الشخص ولعدم اشتراط الشبكة قبل النشر معرفة الاسم الحقيقي للكاتب كي تستطيع التحقق من هويته وصدقيته ودوافعه، كما تقتضي ضوابط مهنة الصحافة الحرة، بالاضافة للتحوط للاجراءات القانونية التي ربما يلجأ اليها من تعرض للطعن في دولة مثل امريكا يحمي القانون فيها من يتعرض للطعن ويعاقب الطاعن والناشر وليس الطاعن فقط.
وقد يستطيع من نشر مقالا مسيئا تقديم تبرير ضعيف جدا لو ان المقال نشر باسم مستعار قد لا يكتشف واساء لاخرين، مثل استخدام اسم كامل كمحمد عبدالله او غيره، ونكرر : رغم ان مسئولية الناشر تفرض معرفة الهوية الحقيقة للكاتب قبل النشر عندما يكون المقال فيه طعن واساءة لاخرين، لكنه نشر المقال وباسم مستعار مكشوف، وسبق ذلك ان نشر مرارا مقالات باسماء مستعارة مكشوفة تروج اكاذيب ضد البعث والبعثيين، مما يجعل الناشر طرفا في تحمل المسئولية بكافة اوجهها الاخلاقية والقانونية والسياسية. لقد عرف الناشر قبل النشر ان الطعن متوفر في المقال مع الغياب التام للادلة والاعتماد على السرد، وعرف ان من كتب المقال مجهول ولا يختلف عن المخبر السري في حكومة المالكي والذي كا ن السبب في موت الالاف، وهو مخبر هاجمته الشبكة نفسها!
فما الذي يجعل الشبكة الوطنية والنزيهة تنشر بطريقة تتناقض مع معايير الوطنية والنزاهة لمخبر سري نمطي مقالات في الشبكة باسم مستعار واضح جدا ان فيها طعن بحزب وطني وبشخصيات وطنية ومناهضة للاحتلال وتتعرض للموت والاضطهاد؟ وكيف تنشر شبكة لها صدقية مقالات كلها اتهامات تصدر من مخبر سري لاتقبله حتى محاكم العراق المحتل؟ من المعروف ان هناك شكاوى كيدية تروج باسماء غير حقيقية ولذلك جرت العادة على اهمالها وعدم الاعتماد عليها والاصرار على طلب الدليل واهم الادلة الهوية الحقيقية والمعروفة لمروج المعلومة، فهل فعلت الشبكة ذلك؟
3 – ثم اقدمنا على خطوة مهمة وموحية جدا : لقد اردنا معرفة جانب مهم في هذ المجال وهو التأكد من ان هذه الشبكة تنشر اي تهجم او نقد يتجاوز حدود النقد ويصبح طعنا باشخاص او كتل، فماذا وجدنا؟ ان هذه الشبكة لم تنشر مقالات وردت اليها فيها نقد خفيف لاطراف وطنية او فصائل مقاومة، وهذا بالطبع موقف صحيح، على اساس ان المطلوب هو التركيز على الاحتلال فقط. اذن لابد من طرح حزمة اسئلة مهمة منها : لم اذن نشرت مقالات فيها طعن مباشر وصارخ بالبعث وببعثيين مع ان هؤلاء هم الهدف الاول والاهم للاحتلال؟ ولم لم ينتبه الناشر الى ان الخلافات مع البعث السابقة للغزو – ان كانت هي السبب في نشر مقالات ضد البعث - لا يجوز ان تكون المحرك لموقف مناهض للبعث الان حيث يتعرض البعث منذ عقود وبالاخص منذ ثمانية اعوام لسياسة رسمية ومعلنة تقوم على اجتثاث البعث ينفذها الاحتلال وعملاءه؟
4 - الم تتذكر الشبكة ان الجبناء وخفافيش الظلام، الذين لا يجرأون على الكتابة باسماءهم، يجب ان لا يدنسوا شبكة وطنية وانهم ممنوعون من دخولها؟ ان من يروج اكاذيب وسخة ضد عناصر وطنية معروفة مستخدما اسماء مستعارة يقدم اعترافا عمليا ورسميا على وضاعة وجبن المخبر السري النمطي هذا، فهو يشتم باسم مستعار من عرف باسمه وقامته ومواقفه وكتاباته، لكن الاهم من هذا الاعتراف هو تورط الناشر في عمل ملفت للنظر وهو السماح لمخبر سري – وليس لانسان شجاع لديه راي - بالطعن بحزب وطني وبشخصيات وطنية معروفة ومناهضة للاحتلال في شبكة وطنية تناهض الاحتلال! الا يلفت ذلك النظر الى وجود سلسلة من التناقضات والالغاز؟ هل هذا الموقف مدروس بدقة من قبل الناشر؟
واخيرا لابد من لفت النظر الى نتيجة مهمة للنشر غير المسئول هذا وهي ان من يقرأ الشبكة من العرب والعراقيين وهو يعرف انها مناهضة للاحتلال سيضطر لطرح سؤال مهم: هل ان ما نشر في شبكة مناهضة للاحتلال ضد قوى وطنية وشخصيات وطنية تقاتل الاحتلال ينسجم مع الموقف الوطني؟ ام انه زلة وخطأ من الناشر؟ ان مجرد طرح هذا التساؤل يشكل تشكيكا او بداية تشكيك بالشبكة وصدقيتها، ولهذا لابد من اختتام هذه الفقرة بسؤال منطقي وهو : لصالح من التشكيك بالبعث الهدف الاول والرئيسي للاحتلال والذي يقدم يوميا عشرات الشهداء؟
يتبع
رسائل التبصير : كشف الغام التحرير
الرسالة الثامنة : لغم استفزازنا كيف نعطله؟ (1-3)
شبكة البصرة
صلاح المختار
الذي يولد وهو يزحف، لا يستطيع أن يطيرمثل عالمي
في الشهور الماضية وردتني رسائل واتصالات هاتفية وحديث مباشر من عدد ليس بالقليل من ابناء العراق والامة العربية عبروا فيها عن دهشتهم وامتعاضهم من الحملة الوسخة علينا القائمة على الانحطاط الاخلاقي والسقوط الوطني لانها معتمدة على اكاذيب صرفة، وكان اغلبهم يقترح علينا الرد عليها رغم قناعتهم بانها عبارة نفايات تصدر عن نفايات، وكان ردنا دائما كالاتي : هؤلاء لا دواء لهم الا الاهمال. لماذا نهمل ما يقال؟ قبل كل شيء يجب ان نذكّر بان اشتداد الحملة علينا لو لم يحصل لشككنا بصواب نهجنا وخيارنا الستراتيجي، فمن يؤثر ويعمل ويدحض ويكسب القلوب هو من يتعرض للهجمات وليس الفاشلين او انصاف الرجال الذين يخشون حتى الكتابة باسمائهم، او المرضى او الانفار المعزولين. ومع ذلك فان هناك جوانب يحتاج الراي العام الى معرفتها، وهي تتعلق بمن يحرك هؤلاء ولم يتحركون الان، والاهم لم لم يتوقفوا رغم اننا لم نرد عليهم ابدا ولا بكلمة. ان الحقيقة البارزة في هذا المجال هي ان هستريا الاكاذيب والشتائم الوسخة ليست سوى جزء من خطة الاحتلال ومخابراته لخلق فتن ومشاكل بين القوى الوطنية وفصائل المقاومة العراقية، من اجل شيطنة المناضلين والقوى الوطنية حينما يجرونهم جرا لمهاترات سخيفة في مرحلة هي اخطر مراحل احتلال العراق : الحسم. دعونا نوضح هذا الامر، بابعاده المتعددة واهدافه المتنوعة، كي تفهمه جماهيرنا بدقة وبعيدا عن العواطف النبيلة.
الضغط لاجل كشف ما يحتاج اليه الاحتلال
من المعروف، في ضوء تجارب حركات التحرر في العالم والنضال الوطني العام، ان مخابرات الاحتلال او القوى المعادية لتحرر الشعوب تلجأ الى تكتيك استخباري اصبح معروفا ومكشوفا وهو استفزاز عناصر قوى التحرر والمقاومة بطرح اراء معينة تشكك بمواقف معينة او تروج معلومات غير صحيحة، كليا او جزئيا، من اجل دفع القوى الوطنية او عناصرها البارزة للرد بسرعة وبدون تفكير لتكذيبها او تعديلها عن طريق الاضطرار لكشف ما يجب ان يبقى سرا.
ليس سرا انه في مراحل النضال الحاسمة تتبنى القوى التحررية خططا سرية جدا متعددة ومختلفة، واحيانا متناقضة، من اجل اختراق العدو واجهزته المخابراتية والعسكرية والسياسية، او من اجل تفتيته ونزع عناصر منه بالاغراء او بالاقناع وجعلها تخدم هدف الثورة والتحرر، او ان تلك الخطط وضعت عمدا لخداع العدو وتضليله وجعله يعتقد بوجود اتجاه معين في الوسط الثور ي او خطة معينة لكن الواقع هو غير ذلك. وبما ان العدو ذكي ولديه اجهزة مخابرات فانه يلجأ عند الشك بوجود خطط سرية للثوار الى اسلوب محدد لكشف ما تضمره قوى الثورة وما تخطط له سرا، وذلك عن طريق مجندين ربما يعملون مع قوى الثورة او قريبا منهم وفي محيطهم، فيكلفهم بطرح اسئلة او تساؤلات حول ما يجري، و اذا تطلب الامر من اجل تحقيق الاستفزاز المطلوب نقد ما يتم تبنيه من خطط، اذا تسرب عنها شيء او خمن العدو وجودها، او الاشارة بتساؤل الى ما يبدو ظاهريا كأنه متناقض في ممارسات قوى الثورة، او المطالبة بتبني موقف ما او مهاجمة مواقف معينة لقوى الثورة...الخ.
كل ذلك من اجل اجبارها على الرد لتوضيح الموقف وتنقية صورة الموقف الثوري ومنع تشويهه، ولكن هذا الرد هو وقوع في فخ مخابرات العدو مباشرة لانه يؤدي الى الكشف عما يجب عدم كشفه لاهميته في دحر العدو والحاق هزيمة به،استنادا الى فكرة تقليدية معروفة وهي جعل العدو مرتبكا وغير واثقا مما يخطط له الثوار في مرحلة الحسم، والتي بنيت عليها حكمة (ان معرفة العدو كسب لنصف المعركة).
وفي هذا الاطار فان العدو يكلف افرادا حسبوا على الصف الوطني بالقيام بدور الكلب المسعور، اذا فشلت الاستفزازات العادية في جرنا الى مهاترات او كلام مضر، ينتقيهم من بين الجواسيس الاكثر انحطاطا اخلاقيا ليقوموا بالدور الاكثر قذارة في التشويه والتزوير وترويج الاكاذيب، اذ رغم ان الجاسوس – اي جاسوس - ساقط اخلاقيا من حيث المبدأ الا ان هناك جواسيس تخلوا عن كل قيمة انسانية او اخلاقية نتيجة تربيتهم الوضيعة اصلا وافتقارهم الى الحد الادنى من الرادع الانساني، لذلك يكلف الاحتلال هذا النمط من الجواسيس بمهمة ترويج اكاذيب وسخة واطلاق الاشاعات التي لا يجروا الجاسوس العادي على اطلاقها، او ان الاحتلال يريد استخدام هذا النوع المنحط كليا في المهمات القذرة التي تحرق الجاسوس نهائيا وترميه في سلة الزبالة بعد انتهاء دوره.
نحن نعرف جيدا بان من يهاجمنا تحت غطاء وطني هو جاسوس مكلف بمهمة قذرة لذلك لا يجوز الرد عليه ابدا، لاسباب سنوضحها فيما بعد، منها ان المطلوب وضعنا في موقف صعب وتحت توتر نفسي مما يجعلنا مهيئين لكشف ما يريده العدو من خلال الدفاع لتبرئة انفسنا او موقفنا مما ينسب اليه من اكاذيب، وهذا خيار مرفوض كليا.
تكتيك تداخل الخنادقومن بين اهم اساليب المخابرات المعادية هو اعتماد تكتيك تداخل الخنادق من اجل اختراق صفوفنا. ما معنى ذلك؟ رغم ان الجواب يكاد يكون معروفا على نطاق واسع لقدم هذا التكتيك الا ان واقعنا وتداخلاته المبرمجة تجعل من الضروري تناول هذا الموضوع بشيء من التفصيل. لو جاءك لص وقال لك مرحبا انا اريد سرقتك فهل سترد عليه بكلمة تفضل اسرقني ام انك ستضربه بالحذاء؟ بالطبع ستضربة بالحذاء لانه لص، لكنه لص غبي كشف نفسه بعدم قدرته على التخفي من اجل خداعك ليتمكن من كسب ثقتك ثم يسرقك وانت ساه عنه. ولكن حينما يأتيك معمم او افندي انيق يعرف كيف يتحدث ويكسب القلب بتقواه وحسن مظهره وصادقك وتصرف بطريقة تكسبه ثقتك بعد ايام او اشهر وربما سنين، فهل تثق به وتجعله يدخل بيتك ويعرف بعض اسرارك؟ نعم غالبا خصوصا عند الافتقار الى وسائل كشف الكذب. نحن بمواجهة مسألة استخبارية اكثر مما نحن بمواجهة حرب عسكرية، فالادارة الامريكية ادركت بعد فشل الحل العسكري لتصاعد المقاومة بان العمل الاستخباري هو العمل الاكثر تأثيرا، لذلك اقترن قرار سحب القوات الى خارج المدن بزيادة الاعتماد على العمل الاستخباري الامريكي في العراق، وجعله القاعدة الاساسية في عملها على تفكيك المقاومة والقوى الوطنية.
ان العمل الاستخباري يقوم على تعمد خلق تداخل خنادق لانه الطريقة الانجح لاختراق صفوف المقاومة والحركة الوطنية العراقية، وتداخل الخنادق يترجم الان بقصة اللص الغبي الذي تضربه بالنعال حينما يريد سرقتك، واللص الذكي الذي تمنحه ثقتك وتعده من بين اصدقاءك لانه تعامل معك بذكاء وحسب الامر بدقة. قبل الاحتلال وعند الاعداد له عملت المخابرات على تجنيد او اعداد جواسيس لاختراق الحركة الوطنية والعمل في صفوفها، ونشرت العديد من الوثائق عن هذه الحقيقة بل وتسربت حتى نصوص بعض المحاضرات التي القيت على الجواسيس اثناء تدريبهم ومنها كيفية التعامل مع القوى الوطنية واختراقها، وازدادت اهميه هذا الاختراق بتعاظم المقاومة العراقية وتمكنها من دحر الاحتلال وايصاله الى حافة الانهيار التام، لذلك لم يعد من خيار ممكن للاحتلال سوى استخدام الاحتياطي المخفي لها في محاولة الوصول الى المقاومة والبعث.
ان الواجب الاستخباري للعملاء يقوم على المزايدة على البعث والمقاومة في اللغة الاعلامية والمواقف السياسية ووصول ذلك الى حد ملفت للنظر باعلان بعض الانفار عن دعمهم للقاعدة علنا، مع انهم خاضعون للقوانين الاوربية الخاصة بالارهاب والتي تحاسب على كلمة تقال عرضا عن دعم المقاومة، فكيف يمكن الاعلان عن دعم المقاومة بصواريخ ويبقى من قال ذلك بدون عقاب؟ ان المخابرات هي التي تطلب من هؤلاء العمل بهذه الطريقة لانها تظن ان فصائل المقاومة ساذجة فتصدق من يقول انه يدعمها بالمال والسلاح دون معرفة انه جاسوس، وبهذه الطريقة فان بعض السذج في فصائل معينة صدقت هذا النوع من الجواسيس فوقعت في الفخ المنصوب لها وذهب افراد منها ضحية لتلك السذاجة وهم الان موتى او في سجون الاحتلال. لكن البعث والفصائل المجربة والتي تملك خبرة مخابراتية بحكم حكمها للعراق اكثر من 35 عاما كشفت هذا التكتيك مبكرا وحددت عناصره ومن كلف بدور الاختراق، فتعاملنا بحذر شديد مع هذه العناصر حتى حينما كانت تظهر الدعم لنا وتزايد في اظهار ذلك الدعم، وتتقرب منا وتتملقنا بشكل ملحوظ،الى ان وصلت الى قناعة باننا نعرف اتصالاتها ولمن تخدم في الحقيقة وان محاولاتها اختراقنا قد فشلت كليا انقلبت علينا وتحولت من المديح المبتذل للبعث وقيادته، والذي كنا نعرف انه وسيلة مخابراتية، الى شتائم رخيصة وترويج اكاذيب لا يقع في حبائل ترويجها الا اللص الغبي لان العالم كله يعرف مدحهم المتطرف للبعث ورموزه وهو موثق وموجود ويؤشر الى انها عناصر مدسوسة وفشلت.
حينما يكشف لص او عميل احبطت محاولته التسلل الى صفوفنا لمن يوجه أحقاده ورغبته في الانتقام؟ انه يوجه سهامه لمن يعتقد انهم كشفوا دوره الاستخباري فحرموه من القدرة على تحقيق اختراق يكسب من وراءه مالا وفيرا وربما شهرة يحتاج اليها لتغطية مركب نقص شخصي، لذلك فان سعار العداء للبعث والمقاومة يتضخم وينصب على رموز البعث بشكل ترويج اكاذيب وسخة حولهم من اجل حرقهم او المس بصورتهم النقية، في عملية انتقامية واضحة جدا. ان من الضروري ولمعرفة التأثير المخابراتي على هؤلاء الربط بين سعار معاداة البعث الحالي والمساهمة المباشرة في تنفيذ الصفحة الاكثر اهمية من سياسة اجتثاث البعث التي ينفذها الاحتلال وهي صفحة شيطنة البعث بسيل من الاكاذيب والتزويرات الان، والتركيز في هذا السعار على رموز البعث التي تمثل الاصالة البعثية وترفع راية البعث بثبات منذ بدأ الاحتلال وحتى الان.
احقاد فشل مزدوج
ان تركيز الاحتلال وادواته عدائهم الرئيسي على البعث ومقاومته وحلفاءه خصوصا منذ عام 2007 يعود ليس فقط الى ضرورات تنفيذ سياسة الاجتثاث بل ايضا لبروز المفاجئة الاضخم للاحتلال، بعد مفاجئة انطلاق مقاومة فريدة معد لها سلفا ولعدة سنوات، وهي مفاجئة وصدمة ادراك الاحتلال وعملاءه بان البعث بقي وتعزز دوره وتنامت جماهيره وتعمقت جذوره في العراق واصبح الرقم الاصعب الذي لاحل لازمة احتلال العراق بدونه، رغم انه تعرض للضربات المميتة والمدمرة وتمثلت في اعدام المئات من قادته ومناضليه وكوادره، وعلى راسهم امينه العام القائد الشهيد صدام حسين، او استشهاد عشرات الالاف من كوادره ومناضليه اثناء مقاتلة الا حتلال، وهي حقائق معروفة لان الاحتلال كشف عن موقفه الكامل من البعث بعد احتلال العراق وهو تبني سياسة فاشية تقوم على اجتثاث البعث فكرا وعقيدة وتنظيما وبشرا، وهي سياسة لم يسبق تبنى مثلها حتى مع المانيا النازية واليابان عقب الحرب العالمية الثانية.
ان خروج البعث من هذه الكارثة الانسانية اقوى واكثر تاثيرا ولعبه الدور الرئيسي في احداث العراق خصوصا منذ عام 2007 وحتى الان شكل صدمة قاسية للاحتلال اعترف بها مباشرة، جعلته لا يستطيع تجاهل ام حقائق الوضع العراقي الحالي وهي ان البعث هو الحزب الوطني الجماهيري الوحيد الذي يملك قواعد مدنية وعسكرية في كل جزء من العراق ويستطيع الامساك بالارض العراقية من الموصل الى البصرة، في لحظات الحسم بفضل هذه الجماهير المجربة سياسيا وعسكريا وامنيا، في حين ان كل التنظيمات الاخرى، وبلا اي استثناء وسواء كانت عميلة او وطنية، موضعية وكتلية وليست احزابا جماهيرية وتعجز عن الامساك بكل الارض العراقية في لحظات الحسم، وهي في الواقع، وبغض النظر عن النوايا،تعكس احدى اهم ضرورات الاحتلال وهي تقسيم العراق على اسس عرقية او طائفية وتجسيد ذلك في احزاب وكتل.
من هنا فان وجود البعث حزبا عملاقا وطني الهوية يغطي بجناحيه كل العراق ويضم في صفوفه منفردا – نكرر منفردا - كل العراقيين بلا تمييز طائفي او عرقي وغير ذلك، يشكل اهم التحديات التي تواجه الاحتلال وهو يريد ترتيب اوضاع العراق قبل رحيله ليكون العراق بين يديه من خلال احزاب وكتل كسيحة لاتملك ساقين – اي جماهير – ولا تستطيع تغيير الامر الواقع حتى لو ارادت ذلك. ان تصفية البعث الان هو الضرورة الحاسمة بالنسبة للاحتلال لان وجود البعث بعد رحيله حتى ببقاء 50 الف جندي يشكل التهديد الاكبر لوجود امريكا في العراق ويؤكد بان الشعب العراقي بقيادة طليعته المجربة والقوية البعث وحلفائه، سيستولي على السلطة بقدرته الذاتية وبدعم جماهيري واسع جدا ويقضي على اي تأثير للاحتلال، لذلك لم يكن غريبا على الاطلاق ان يتركز الجهد الاستخباري الامريكي على اجتثاث البعث بطرق مموهة او مباشرة حتى وهو – اي الاحتلال - يعمل على توريط وطنيين في العملية السياسية الاستخبارية.
البعث يشكل الان المصد الرئيسي لهيمنة كتل واحزاب موضعية وغير جماهيرية او طائفية وعرقية على العراق مع ان الاحتلال يريد تشكيل بديل جديد يضم عناصر وطنية اضافة لبعض عملاءه التقليديين تحت غطاء (المصالحة الوطنية)، لاجل تحقيق نوع من الدعم لعلاقات ستراتيجية بعيدة الامد مع امريكا، لكن مأزق امريكا الحالي في العراق يكمن في حقيقة ان هذه العناصر او الكتل بلا جماهير او قواعد بل هي محض نخب تعتمد على الاقارب او ابناء الطائفة او المنطقة الخ، لذلك فان استقرار البديل المرتقب مستبعد ويبقى تحت تأثير الضغط الجماهيري الرافض لاي نوع من انواع الوجود الامريكي في العراق خارج اطار العلاقات العادية بين دولتين. كيف ينعكس ذلك على الموقف الامريكي من البعث؟ اذا كان اجتثاث البعث احد اهم ضرورات استقرار غزو العراق بعد الغزو مباشرة فان الاستقرار النسبي الذي تريده امريكا الان لا يمكن ان يتحقق بدون اجتثاث البعث ولكن بصيغ جديدة، منها تكثيف محاولات شقه واحتواءه او محاولة التخلص من قيادته وامينها العام ومن عناصر الحزب وكوادره البارزة، والتي تتميز بوعيها العقائدي والستراتيجي الراسخين وتشكل صمام الامان في محا فظة الحزب على وحدته واصالته وتمنع السطو على اسمه واستخدامه في البديل المخابراتي المرتقب في العراق. ان وجود تنظيم او اكثر باسم البعث في العملية السياسية القادمة - حتى لو كانت مجرد اسماء – هو مفتاح حل ازمة الاحتلال، لذلك فان شق البعث او التأمر على هويته واتجاهه الستراتيجي القائم على التحرير الكامل ورفض المساومات هو الخيار الامريكي – الايراني الوحيد الان وفي المرحلة القادمة، وتلك الحقيقة تفضح اولئك الذين اصابهم سعار التشكيك بالبعث وقياداته ودوره كما سنلاحظ.
حالة ملفتة للنظر
وثمة حالة تستحق التوقف عندها ولم نتوصل بعد الى موقف نهائي حولها وتفسير ما تنطوي عليه من دلالات وايحاءات، فهناك شبكة يملكها عراقي لاجئ سياسي في امريكا انشأت منذ زمن قصير تبنت موقفا مناهضا للاحتلال، وهو موقف سليم طبعا، لكن ما ان عرفت بهذه الصفة وكسبت كتابا مناهضين للاحتلال وصاروا من كتابها، حتى شرعت بنشر مقالات معادية للبعث والبعثيين الى جانب نشر مقالات ضد الاحتلال! ولو ان الامر شمل أيضا نشر مقالات ضد وطنيين مناهضين للاحتلال من غير البعثيين لمر الامر دون تساؤلات مشروعة على اساس ان الشبكة ليبرالية وتنشر ما يردها دون تدقيق كبير، لكن الذي حصل هو الاتي : رغم معاتبة صاحب الشبكة على نشر مقالات تهاجم البعث وتوضيح ان ذلك لا يخدم الموقف الوطني المناهض للاحتلال لان البعث مكون اساسي في حركة مناهضة الاحتلال السلمية والعنفية، وما سياسة اجتثاث البعث الا انموذج واضح لمعاداة امريكا للبعث، ونتيجة لها يتعرض للحملات الاكثر شراسة من قبل الاحتلال وفقد عشرات الالاف من مناضليه شهداء اما اثناء مقاتلة الاحتلال او اغتيالا، ويوجد عشرات الاف اخرين منهم في الاسر، رغم توضح هذا فان الناشر لم يتوقف عن نشر مقالات تسيء للبعث والبعثيين!
وهنا يجب عرض هذا الامر برمته على الرأي العام ليصدر هو حكمه قبل ان نتوصل نحن الى موقف نهائي بخصوص هذه الشبكة :
1 – ان ما ينشر في هذه الشبكة ضد البعث والبعثيين عبارة عن اتهامات وسخة تطلق اعتباطا وبلا اي سند او دليل ودون تدقيقها من قبل الناشر، ويبدو واضحا ان هدف الكاتب الشبح الواضح هو شيطنة البعث والبعثيين بتلفيق اكاذيب.
2 – وثمة ثغرة بارزة في موقف هذه الشبكة في هذا المجال وهي ان ما ينشر لا ينشر باسم معروف او يمكن التحقق من انه موجود فعلا، كما تفرض اخلاق مهنة الصحافة ونصوص القانون والاخلاق بصفة عامة، بل انه ينشر تحت اسماء وهمية مكشوفة وليس حتى تحت اسماء وهمية قد لا تكشف، فمثلا تنشر بعض المقالات باسم (ابن ال....)، وهي تسمية لا تسمح على الاطلاق بالتحقق من صحة المعلومات لمجهولية الشخص ولعدم اشتراط الشبكة قبل النشر معرفة الاسم الحقيقي للكاتب كي تستطيع التحقق من هويته وصدقيته ودوافعه، كما تقتضي ضوابط مهنة الصحافة الحرة، بالاضافة للتحوط للاجراءات القانونية التي ربما يلجأ اليها من تعرض للطعن في دولة مثل امريكا يحمي القانون فيها من يتعرض للطعن ويعاقب الطاعن والناشر وليس الطاعن فقط.
وقد يستطيع من نشر مقالا مسيئا تقديم تبرير ضعيف جدا لو ان المقال نشر باسم مستعار قد لا يكتشف واساء لاخرين، مثل استخدام اسم كامل كمحمد عبدالله او غيره، ونكرر : رغم ان مسئولية الناشر تفرض معرفة الهوية الحقيقة للكاتب قبل النشر عندما يكون المقال فيه طعن واساءة لاخرين، لكنه نشر المقال وباسم مستعار مكشوف، وسبق ذلك ان نشر مرارا مقالات باسماء مستعارة مكشوفة تروج اكاذيب ضد البعث والبعثيين، مما يجعل الناشر طرفا في تحمل المسئولية بكافة اوجهها الاخلاقية والقانونية والسياسية. لقد عرف الناشر قبل النشر ان الطعن متوفر في المقال مع الغياب التام للادلة والاعتماد على السرد، وعرف ان من كتب المقال مجهول ولا يختلف عن المخبر السري في حكومة المالكي والذي كا ن السبب في موت الالاف، وهو مخبر هاجمته الشبكة نفسها!
فما الذي يجعل الشبكة الوطنية والنزيهة تنشر بطريقة تتناقض مع معايير الوطنية والنزاهة لمخبر سري نمطي مقالات في الشبكة باسم مستعار واضح جدا ان فيها طعن بحزب وطني وبشخصيات وطنية ومناهضة للاحتلال وتتعرض للموت والاضطهاد؟ وكيف تنشر شبكة لها صدقية مقالات كلها اتهامات تصدر من مخبر سري لاتقبله حتى محاكم العراق المحتل؟ من المعروف ان هناك شكاوى كيدية تروج باسماء غير حقيقية ولذلك جرت العادة على اهمالها وعدم الاعتماد عليها والاصرار على طلب الدليل واهم الادلة الهوية الحقيقية والمعروفة لمروج المعلومة، فهل فعلت الشبكة ذلك؟
3 – ثم اقدمنا على خطوة مهمة وموحية جدا : لقد اردنا معرفة جانب مهم في هذ المجال وهو التأكد من ان هذه الشبكة تنشر اي تهجم او نقد يتجاوز حدود النقد ويصبح طعنا باشخاص او كتل، فماذا وجدنا؟ ان هذه الشبكة لم تنشر مقالات وردت اليها فيها نقد خفيف لاطراف وطنية او فصائل مقاومة، وهذا بالطبع موقف صحيح، على اساس ان المطلوب هو التركيز على الاحتلال فقط. اذن لابد من طرح حزمة اسئلة مهمة منها : لم اذن نشرت مقالات فيها طعن مباشر وصارخ بالبعث وببعثيين مع ان هؤلاء هم الهدف الاول والاهم للاحتلال؟ ولم لم ينتبه الناشر الى ان الخلافات مع البعث السابقة للغزو – ان كانت هي السبب في نشر مقالات ضد البعث - لا يجوز ان تكون المحرك لموقف مناهض للبعث الان حيث يتعرض البعث منذ عقود وبالاخص منذ ثمانية اعوام لسياسة رسمية ومعلنة تقوم على اجتثاث البعث ينفذها الاحتلال وعملاءه؟
4 - الم تتذكر الشبكة ان الجبناء وخفافيش الظلام، الذين لا يجرأون على الكتابة باسماءهم، يجب ان لا يدنسوا شبكة وطنية وانهم ممنوعون من دخولها؟ ان من يروج اكاذيب وسخة ضد عناصر وطنية معروفة مستخدما اسماء مستعارة يقدم اعترافا عمليا ورسميا على وضاعة وجبن المخبر السري النمطي هذا، فهو يشتم باسم مستعار من عرف باسمه وقامته ومواقفه وكتاباته، لكن الاهم من هذا الاعتراف هو تورط الناشر في عمل ملفت للنظر وهو السماح لمخبر سري – وليس لانسان شجاع لديه راي - بالطعن بحزب وطني وبشخصيات وطنية معروفة ومناهضة للاحتلال في شبكة وطنية تناهض الاحتلال! الا يلفت ذلك النظر الى وجود سلسلة من التناقضات والالغاز؟ هل هذا الموقف مدروس بدقة من قبل الناشر؟
واخيرا لابد من لفت النظر الى نتيجة مهمة للنشر غير المسئول هذا وهي ان من يقرأ الشبكة من العرب والعراقيين وهو يعرف انها مناهضة للاحتلال سيضطر لطرح سؤال مهم: هل ان ما نشر في شبكة مناهضة للاحتلال ضد قوى وطنية وشخصيات وطنية تقاتل الاحتلال ينسجم مع الموقف الوطني؟ ام انه زلة وخطأ من الناشر؟ ان مجرد طرح هذا التساؤل يشكل تشكيكا او بداية تشكيك بالشبكة وصدقيتها، ولهذا لابد من اختتام هذه الفقرة بسؤال منطقي وهو : لصالح من التشكيك بالبعث الهدف الاول والرئيسي للاحتلال والذي يقدم يوميا عشرات الشهداء؟
يتبع