من هناك
06-10-2010, 06:32 AM
أردوغان في صراعه الإنساني والدبلوماسي مع دولة الاحتلال لم يخرج عن نطاق ما يسمى بالشرعية الدولية، ولم يهدد ويتوعد بحرق الدولة العبرية أو بضرب دول عربية بذريعة استهداف مصالح إمبريالية، لذلك كان من الصعب على الإعلام الغربي المنحاز رمي الرجل بالتهم الجاهزة من تطرف وإرهاب أو أنه صاحب أحلام وطموحات توسعية. غير أن مهاجمة الرجل والنيل من مواقفه والتشكيك بنواياه لم تكن صعبة ولا عسيرة على رموز تسيدت المشهد الإعلامي العربي لتبث فينا ثقافة الهزيمة والإحباط والانحطاط الفكري والنفسي. أحد تلك المقالات نشر في صحيفة عربية مرموقة وأعاد نشره موقع تابع لفضائية عربية أخبارية على الرغم من أن عنوان المقال حمل لفظا غير لائق بحق الزعيم التركي والقراء العرب "خوازيق أردوغان". بل إن الكاتب ذهب بعيدا بتشكيكه في أصول أوردغان بقوله: " وتحت زخات الصيحات التركية في الساحة المفتوحة صاح الرجل ذو الأصول الجورجية: إن قضية فلسطين وغزة والقدس والشعب الفلسطيني قضية مهمة بالنسبة لتركيا، وتركيا لن تدير ظهرها لهذه القضية".
مقالات ومواقف إعلامية عربية، ليست جديدة علينا، وإن كانت هذه مرة ضعيفة الحجة واهنة البرهان، تصب في المحصلة في صالح الآلة الإعلامية الصهيونية واليمين الغربي المتصهين. مما جاء في المقالة المشار إليها أعلاه: "ليجعل من هذا الرجل محارباً كلامياً بامتياز، ومنظراً هوائياً لا يشق له غبار، ومتحدثاً بارعاً يتعمد اختيار الألفاظ التي تلهب أكف وحناجر «الناس الصدى» إنما من غير تأثير في السواعد التركية كي تقوم بالفعل، والفعل هو المهم". الكاتب هنا يتعامل باستهتار وفوقية مع الرأي العام العربي والإسلامي والمغيب سياسيا بوصفه له "الناس الصدى"، والرجل يتحدث عن أهمية الفعل، وكأنه يقف على الثغور أو يرابط على الحدود أو كأن الأنظمة العربية والتي لا يجرؤ على مجرد انتقادها تقوم بدور فاعل أو حتى بحديث باهت أو خافت.
حيرونا أولئك الكتاب والإعلاميون والذي يستفيدون من حالة الانحدار العربي ويتعيشون منها، ماذا يريدون ولأي هدف يسعون؟ حين يسعى المقاومون لتنفيذ أعمال عسكرية ضد الاحتلال، يسخرون منهم ويتهمونهم بالتهور وتنفيذ أجندة خارجية وبأنهم لا يفقهون توازنات القوة، وحين يتحرك أوردغان سياسيا بفعالية وبقوة، يسخرون من تحركاته والتي بزعمهم لا تخرج عن إطار الأقوال العنترية والتي تفتقد للفعل والعمل.
بعض المشككين من الإعلاميين العرب يتحدث عن أن تركيا ما تزال تقيم علاقات مع إسرائيل، فأحدهم يقول: "تركيا لا تزال ترتبط مع إسرائيل على الأصعدة كافة، فلماذا يصيح إذن أردوغان في مدينة قونية قبل أيام مهدداً ومتوعداً ومغلظاً في القول والمقول من المنقول عنه؟!". ويتجاهل أولئك الكتاب أو يجهلون، أن في تركيا واقع سياسي تحكمه توازنات دقيقة للقوى، وأن الجيش التركي يقف بالمرصاد لحكومة العدالة والتنمية، وأن السياسة الهادئة والناجعة لحزب أوردغان تغير تلك المعادلة بواقعية كبيرة وعقلية متفتحة. ثم إن قطع العلاقات مع الدولة العبرية في هذه الظروف، لا يبقي لأنقرة أوراق تضغط بها أو تناور من خلالها. أليس عجيبا أن لا يطلب أولئك الكتاب من العواصم العربية والتي تقيم علاقات مع الاحتلال ما يطلبونه من أنقرة؟
ما فعله أوردغان للقضية الفلسطينية وللعرب أمر يستحق التقدير والإعجاب، فالقضية الفلسطينية عادت للصدارة وارتفعت الأصوات العالمية تطالب بفك الحصار عن غزة وأخرى تنادي بمحاسبة الاحتلال على جرائمه وتجاوزاته. صعود أنقرة إقليميا فيه مصلحة للعرب كنوع من التوازن أمام تصاعد النفوذ الإسرائيلي والإيراني المستندان إلى طموحات في السيطرة والهيمنة، فيما الأسلوب التركي يبتعد تماما عن الشؤون العربي الداخلية ولا يهدد باستخدام القوى لا لضرب المصالح ولا لإرجاع دول عربية للعصر الحجري.
من المؤسف حقا، أن المواقف التركية لم تحظى إلا بدعم عربي محدود، وإن كان السبق في ذلك لقطر والتي أعلنت تأييدها لتركيا في نزاعها مع الدولة العبرية. وإذا كان الوضع العربي الرسمي والذي يعاني من حالة من التردي والتكلس لا يتوقع منه اغتنام هذه الفرصة الكبيرة في محاولة لكبح جماح العربدة الصهيونية، فإن من المثير للبؤس أن يحاول بعض العرب أن يرموا بسهامهم المسمومة في وجه تركيا وقيادتها التي انحازت للقيم الإنسانية وفضحت الظلم الإسرائيلي وبطريقة غير مسبوقة، جرأة ووضوحا. فهل هناك زواج كاثوليكي بين أطراف عربية والدولة العبرية يقوم على محاصرة المقاومة مقابل بقاء أنظمة فاسدة وتحت مسميات متعددة مثل محاربة الإرهاب والتطرف وما شابهه؟ وإذا لم يكن كذلك، فهل يزعج بعض العرب ويعري عجزهم مواقف أنقرة الحازمة، فكانت حملات التشكيك والتضليل ضد أوردغان وحكومته؟
ياسر سعد
مقالات ومواقف إعلامية عربية، ليست جديدة علينا، وإن كانت هذه مرة ضعيفة الحجة واهنة البرهان، تصب في المحصلة في صالح الآلة الإعلامية الصهيونية واليمين الغربي المتصهين. مما جاء في المقالة المشار إليها أعلاه: "ليجعل من هذا الرجل محارباً كلامياً بامتياز، ومنظراً هوائياً لا يشق له غبار، ومتحدثاً بارعاً يتعمد اختيار الألفاظ التي تلهب أكف وحناجر «الناس الصدى» إنما من غير تأثير في السواعد التركية كي تقوم بالفعل، والفعل هو المهم". الكاتب هنا يتعامل باستهتار وفوقية مع الرأي العام العربي والإسلامي والمغيب سياسيا بوصفه له "الناس الصدى"، والرجل يتحدث عن أهمية الفعل، وكأنه يقف على الثغور أو يرابط على الحدود أو كأن الأنظمة العربية والتي لا يجرؤ على مجرد انتقادها تقوم بدور فاعل أو حتى بحديث باهت أو خافت.
حيرونا أولئك الكتاب والإعلاميون والذي يستفيدون من حالة الانحدار العربي ويتعيشون منها، ماذا يريدون ولأي هدف يسعون؟ حين يسعى المقاومون لتنفيذ أعمال عسكرية ضد الاحتلال، يسخرون منهم ويتهمونهم بالتهور وتنفيذ أجندة خارجية وبأنهم لا يفقهون توازنات القوة، وحين يتحرك أوردغان سياسيا بفعالية وبقوة، يسخرون من تحركاته والتي بزعمهم لا تخرج عن إطار الأقوال العنترية والتي تفتقد للفعل والعمل.
بعض المشككين من الإعلاميين العرب يتحدث عن أن تركيا ما تزال تقيم علاقات مع إسرائيل، فأحدهم يقول: "تركيا لا تزال ترتبط مع إسرائيل على الأصعدة كافة، فلماذا يصيح إذن أردوغان في مدينة قونية قبل أيام مهدداً ومتوعداً ومغلظاً في القول والمقول من المنقول عنه؟!". ويتجاهل أولئك الكتاب أو يجهلون، أن في تركيا واقع سياسي تحكمه توازنات دقيقة للقوى، وأن الجيش التركي يقف بالمرصاد لحكومة العدالة والتنمية، وأن السياسة الهادئة والناجعة لحزب أوردغان تغير تلك المعادلة بواقعية كبيرة وعقلية متفتحة. ثم إن قطع العلاقات مع الدولة العبرية في هذه الظروف، لا يبقي لأنقرة أوراق تضغط بها أو تناور من خلالها. أليس عجيبا أن لا يطلب أولئك الكتاب من العواصم العربية والتي تقيم علاقات مع الاحتلال ما يطلبونه من أنقرة؟
ما فعله أوردغان للقضية الفلسطينية وللعرب أمر يستحق التقدير والإعجاب، فالقضية الفلسطينية عادت للصدارة وارتفعت الأصوات العالمية تطالب بفك الحصار عن غزة وأخرى تنادي بمحاسبة الاحتلال على جرائمه وتجاوزاته. صعود أنقرة إقليميا فيه مصلحة للعرب كنوع من التوازن أمام تصاعد النفوذ الإسرائيلي والإيراني المستندان إلى طموحات في السيطرة والهيمنة، فيما الأسلوب التركي يبتعد تماما عن الشؤون العربي الداخلية ولا يهدد باستخدام القوى لا لضرب المصالح ولا لإرجاع دول عربية للعصر الحجري.
من المؤسف حقا، أن المواقف التركية لم تحظى إلا بدعم عربي محدود، وإن كان السبق في ذلك لقطر والتي أعلنت تأييدها لتركيا في نزاعها مع الدولة العبرية. وإذا كان الوضع العربي الرسمي والذي يعاني من حالة من التردي والتكلس لا يتوقع منه اغتنام هذه الفرصة الكبيرة في محاولة لكبح جماح العربدة الصهيونية، فإن من المثير للبؤس أن يحاول بعض العرب أن يرموا بسهامهم المسمومة في وجه تركيا وقيادتها التي انحازت للقيم الإنسانية وفضحت الظلم الإسرائيلي وبطريقة غير مسبوقة، جرأة ووضوحا. فهل هناك زواج كاثوليكي بين أطراف عربية والدولة العبرية يقوم على محاصرة المقاومة مقابل بقاء أنظمة فاسدة وتحت مسميات متعددة مثل محاربة الإرهاب والتطرف وما شابهه؟ وإذا لم يكن كذلك، فهل يزعج بعض العرب ويعري عجزهم مواقف أنقرة الحازمة، فكانت حملات التشكيك والتضليل ضد أوردغان وحكومته؟
ياسر سعد