أبو يونس العباسي
05-11-2010, 06:48 PM
من المدونة
http://33er44ty55f.maktoobblog.com/
آثار الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على البشرية
أبو يونس العباسي
الحمد لله الذي أرسل رسله بالبينات والهدى , وأنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط , وأنزل الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس , وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب , إن الله قوى عزيز , وختمهم بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ , الذي أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله , وأيده بالسلطان النصير الجامع معنى العلم والقلم للهداية والحجة , ومعنى القدرة والسيف للنصرة والتعزير , وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له , شهادة خالصة أخلص من الذهب الإبريز , وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ـ تسليما كثيرا شهادة يكون صاحبها فى حرز حريز , أما بعد ...
[ما هو أثر الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على البشرية؟]
لقد تعددت آثار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على البرية وهي تتمثل فيما يلي:
1ـ من آثاره ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه أخرج الناس من ظلمات الكفر والشرك والضلالة إلى أنوار التوحيد والإيمان والهداية ...
قال الله تعالى:
{فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آَمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11)}[الطلاق]
2ـمن آثاره ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن العرب نالوا باتباعه السؤدد والمكانة من بعد الذل والخزي والمهانة ...
قال الله تعالى:
{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ (10)}[فاطر]
وقال أيضا مبينا أن مصدر العزة هو الله وأن البشر لا يملكونها وأنها لرسوله وللمؤمنين ...
قال الله تعالى متحدثا عن المنافقين:
{ يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)}[المنافقون]
قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ:
<< نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله >>
حقا أقول:
لقد نقل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قومه من العرب من رعاية الغنم إلى رعاية الأمم.
3ـ ومن آثاره ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ أنه ارتقى بالبشرية من حياة تشبه حياة الأنعام بل هم أضل إلى حياة حقيقية تليق بهم بشرًا وآدميين , وذلك لأنه وازن بين حاجات الجسد وحاجات الروح فلم يهتم بجانب على حساب الآخر ...
قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)}[الأنفال]
بل يصح لنا أن نقول بأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حولهم من موتى إلى أحياء ...
قال الله تعالى:
{ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122)}[الأنعام]
وقال أيضا:
{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)}[الشورى]
4ـ أحدث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ توازنا بين القوى في العالم , فبدل أن يكون المفسدون هم فقط من يديرون دفة الأمور أوجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قوة للحق وأهله لتحجم الظلم والكفر إذا ما حاول أن يتمادى ...
قال الله تعالى:
{ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251)}[البقرة]
وقال أيضا:
{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)}[الحج]
قال الشاعر:
آثارُ موْلانا الإمامِ مُحمّدٍ مِثْلُ الكَواكِبِ في السّماءِ تَلوحُ
ولقد شهد العدو والصديق بالأثر العظيم لمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على البشرية ...
قال الشاعر:
وشمائلٌ شَهِدَ العدوُّ بفَضْلِها والفضلُ ما شَهِدَتْ به الأعداءُ
يقول الفيلسوف البريطاني برناردشو:
"إني لأعتقد بأنه لو تولى مثل محمد حكم العالم الحديث , لنجح في حل مشكلاته بطريقة تجلب إلى العالم السلام والسعادة والطمأنينة التي هو في أشد الحاجة إليها."
[أثر الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على المجال الديني]
كان الهدف الأسمى من بعثة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إصلاح الانحراف الديني عند الناس ...
إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاء داعيا الناس ليعبدوا الله وحده , ويتركوا عبادة الآلهة المزعومة من أصنام وأحجار وغيرها ...
لقد جاء ليرسخ في عالم الناس التوحيد بأنواعه ويقضي على الشرك بأنواعه وأشكاله المتنوعة ...
قال الله تعالى:
{ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)}[الكهف]
وقال أيضا:
{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)}[الأنبياء]
وقال أيضا:
{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36)}[النحل]
ولقد لخص جعفر بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ للنجاشي الأثر الديني لمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الناس وهاكم ما يوضح ذلك ...
أخرج البخاري في صحيحه من حديث أم سلمة أن النجاشي لما جاءه وفد قريش ليُرجِعوا جعفر ومن معه من المؤمنين إلى مكة للتنكيل بهم قال النجاشي لجعفر ومن معه:
{مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ وَلَمْ تَدْخُلُوا فِي دِينِي وَلَا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ قَالَتْ:فَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ:
أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ وَنُسِيءُ الْجِوَارَ يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ وَقَوْلِ الزُّورِ وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ قَالَ فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ فَعَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَعَذَّبُونَا وَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنْ الْخَبَائِثِ فَلَمَّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا وَشَقُّوا عَلَيْنَا وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا خَرَجْنَا إِلَى بَلَدِكَ وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ وَرَغِبْنَا فِي جِوَارِكَ وَرَجَوْنَا أَنْ لَا نُظْلَمَ عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ قَالَتْ:
فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ هَلْ مَعَكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ عَنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالَتْ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ فَاقْرَأْهُ عَلَيَّ فَقَرَأَ عَلَيْهِ صَدْرًا مِنْ كهيعص قَالَتْ فَبَكَى وَاللَّهِ النَّجَاشِيُّ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ حَتَّى أَخْضَلُوا مَصَاحِفَهُمْ حِينَ سَمِعُوا مَا تَلَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ النَّجَاشِيُّ إِنَّ هَذَا وَاللَّهِ وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ انْطَلِقَا فَوَاللَّهِ لَا أُسْلِمُهُمْ إِلَيْكُمْ أَبَدًا وَلَا أُكَادُ.}
[أثر الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على المجال السياسي]
وآثاره ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المجال السياسي تتمثل في الآتي:
1ـ أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ استعاض بالقوانين الجائرة التي كانت تفصل بين الناس أحكاما إلهية معصومة لم يعرف التاريخ ولن يعرف أحكاما مشابهة لها استطاعت تحقيق العدالة والإنصاف والاستقرار والرقي والتحضر والعمارة كما حققتها الأحكام الإسلامية القرآنية التي أوحاها الله لنبيه محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ
قال الله تعالى:
{ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)}[المائدة]
وقال أيضا:
{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40)}[يوسف]
بل لقد جعل محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ التحاكم إلى البشر تحاكما إلى الطاغوت ولونا من ألوان الشرك بالله تعالى ...
قال الله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62)}[النساء]
وقال أيضا:
{وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)}[الكهف]
وكل هذا لأن العدالة لا تتحقق مطلقا أبدا إلا بالأحكام التي شرعها الله تعالى , إذ إنه الأعلم بما هو الأصلح لعباده ...
قال الله تعالى:
{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)}[الملك]
2ـ وجعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الشورى أساسا لإدارة شؤون الدولة فيما لم يرد فيه نص صريح , بدل الاستبداد في الرأي والديكتاتورية التي كانت سائدة في الأزمنة الماضية والحاضرة ...
قال الله تعالى:
{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)}[آل عمران]
وقال أيضا:
{ وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38)}[الشورى]
وكثيرا ما كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول :
"أشيروا علي أيها الناس"
ولعل فرعون يمثل أبرز صور الديكتاتورية والاستبداد فقال الله مشيرا إلى سوء صنيعته:
{ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)}[غافر]
3ـ وجعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مسؤولية إدارة الدولة وتقويم ما فيها من اعوجاج مسؤولية جماعية فأوجب النصيحة وجعلها هي الدين ولم يخص به شخصا دون شخص ولا فئة دون فئة ...
أخرج مسلم في صحيحه عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
{الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ.}
أخرج البخاري في صحيحه عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
{بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.}
قال أبو بكر في خطبة خلافته:
" أيها الناس أني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن ضعفت فقوموني وإن أحسنت فأعينوني."
وقال الفاروق:
"رحم الله امرأً أهدى إلي عيوبي"
وكان يقول رحمه الله:
"لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير في إن لم أسمعها"
4ـ وجعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سياسة أمور الناس تكليف وليست تشريف , وأمر الأئمة والساسة أن يفعلوا الأصلح بالأمة وألا يقصروا أو يفرطوا فيما ولاهم الله ـ تبارك وتعالى ـ
أخرج مسلم في صحيحه عَنْأَبِي ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي قَالَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي ثُمَّ قَالَ:
{يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةُ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَ.}
أخرج البخاري في صحيحه عن معقل بن يسار قال:سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
{مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ.}
أخرج مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
{لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرْفَعُ لَهُ بِقَدْرِ غَدْرِهِ أَلَا وَلَا غَادِرَ أَعْظَمُ غَدْرًا مِنْ أَمِيرِ عَامَّةٍ.}
[الأسس التي بنى عليها النبي السياسة]
قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى:
<< والسياسة مبنية على آيتين في كتاب الله وهى قوله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)}[النساء]
قال العلماء:
نزلت الآية الأولى في ولاة الأمور عليهم أن يؤدوا الأمانات إلى أهلها , وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل , ونزلت الثانية في الرعية من الجيوش وغيرهم , عليهم أن يطيعوا أولى الأمر الفاعلين لذلك في قسمهم وحكمهم ومغازيهم وغير ذلك إلا أن يأمروا بمعصية الله , فإذا أمروا بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق , فإن تنازعوا في شيء ردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله , وإن لم تفعل ولاة الأمر ذلك , أُطيعوا فيما يأمرون به من طاعة الله ورسوله لأن ذلك من طاعة الله.>>
وقال في موضع آخر:
<<كما أن الصالحين أرباب السياسة الكاملة , هم الذين قاموا بالواجبات وتركوا المحرمات , وهم الذين يعطون ما يصلح الدين بعطائه ولا يأخذون إلا ما أبيح لهم ويغضبون لربهم إذا انتهكت محارمه ويعفون عن حقوقهم وهذه أخلاق رسول الله في بذله ودفعة وهي أكمل الأمور.
وكلما كان إليها أقرب كان أفضل فليجتهد المسلم في التقرب إليها بجهده ويستغفر الله بعد ذلك من قصوره أو تقصيره بعد أن يعرف كمال ما بعث الله تعالى به محمدا صلى الله عليه وسلم من الدين فهذا في قول الله سبحانه وتعالى:
{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}>>
http://33er44ty55f.maktoobblog.com/
آثار الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على البشرية
أبو يونس العباسي
الحمد لله الذي أرسل رسله بالبينات والهدى , وأنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط , وأنزل الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس , وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب , إن الله قوى عزيز , وختمهم بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ , الذي أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله , وأيده بالسلطان النصير الجامع معنى العلم والقلم للهداية والحجة , ومعنى القدرة والسيف للنصرة والتعزير , وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له , شهادة خالصة أخلص من الذهب الإبريز , وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ـ تسليما كثيرا شهادة يكون صاحبها فى حرز حريز , أما بعد ...
[ما هو أثر الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على البشرية؟]
لقد تعددت آثار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على البرية وهي تتمثل فيما يلي:
1ـ من آثاره ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه أخرج الناس من ظلمات الكفر والشرك والضلالة إلى أنوار التوحيد والإيمان والهداية ...
قال الله تعالى:
{فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آَمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11)}[الطلاق]
2ـمن آثاره ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن العرب نالوا باتباعه السؤدد والمكانة من بعد الذل والخزي والمهانة ...
قال الله تعالى:
{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ (10)}[فاطر]
وقال أيضا مبينا أن مصدر العزة هو الله وأن البشر لا يملكونها وأنها لرسوله وللمؤمنين ...
قال الله تعالى متحدثا عن المنافقين:
{ يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)}[المنافقون]
قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ:
<< نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله >>
حقا أقول:
لقد نقل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قومه من العرب من رعاية الغنم إلى رعاية الأمم.
3ـ ومن آثاره ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ أنه ارتقى بالبشرية من حياة تشبه حياة الأنعام بل هم أضل إلى حياة حقيقية تليق بهم بشرًا وآدميين , وذلك لأنه وازن بين حاجات الجسد وحاجات الروح فلم يهتم بجانب على حساب الآخر ...
قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)}[الأنفال]
بل يصح لنا أن نقول بأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حولهم من موتى إلى أحياء ...
قال الله تعالى:
{ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122)}[الأنعام]
وقال أيضا:
{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)}[الشورى]
4ـ أحدث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ توازنا بين القوى في العالم , فبدل أن يكون المفسدون هم فقط من يديرون دفة الأمور أوجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قوة للحق وأهله لتحجم الظلم والكفر إذا ما حاول أن يتمادى ...
قال الله تعالى:
{ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251)}[البقرة]
وقال أيضا:
{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)}[الحج]
قال الشاعر:
آثارُ موْلانا الإمامِ مُحمّدٍ مِثْلُ الكَواكِبِ في السّماءِ تَلوحُ
ولقد شهد العدو والصديق بالأثر العظيم لمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على البشرية ...
قال الشاعر:
وشمائلٌ شَهِدَ العدوُّ بفَضْلِها والفضلُ ما شَهِدَتْ به الأعداءُ
يقول الفيلسوف البريطاني برناردشو:
"إني لأعتقد بأنه لو تولى مثل محمد حكم العالم الحديث , لنجح في حل مشكلاته بطريقة تجلب إلى العالم السلام والسعادة والطمأنينة التي هو في أشد الحاجة إليها."
[أثر الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على المجال الديني]
كان الهدف الأسمى من بعثة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إصلاح الانحراف الديني عند الناس ...
إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاء داعيا الناس ليعبدوا الله وحده , ويتركوا عبادة الآلهة المزعومة من أصنام وأحجار وغيرها ...
لقد جاء ليرسخ في عالم الناس التوحيد بأنواعه ويقضي على الشرك بأنواعه وأشكاله المتنوعة ...
قال الله تعالى:
{ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)}[الكهف]
وقال أيضا:
{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)}[الأنبياء]
وقال أيضا:
{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36)}[النحل]
ولقد لخص جعفر بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ للنجاشي الأثر الديني لمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الناس وهاكم ما يوضح ذلك ...
أخرج البخاري في صحيحه من حديث أم سلمة أن النجاشي لما جاءه وفد قريش ليُرجِعوا جعفر ومن معه من المؤمنين إلى مكة للتنكيل بهم قال النجاشي لجعفر ومن معه:
{مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ وَلَمْ تَدْخُلُوا فِي دِينِي وَلَا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ قَالَتْ:فَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ:
أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ وَنُسِيءُ الْجِوَارَ يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ وَقَوْلِ الزُّورِ وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ قَالَ فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ فَعَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَعَذَّبُونَا وَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنْ الْخَبَائِثِ فَلَمَّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا وَشَقُّوا عَلَيْنَا وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا خَرَجْنَا إِلَى بَلَدِكَ وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ وَرَغِبْنَا فِي جِوَارِكَ وَرَجَوْنَا أَنْ لَا نُظْلَمَ عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ قَالَتْ:
فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ هَلْ مَعَكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ عَنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالَتْ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ فَاقْرَأْهُ عَلَيَّ فَقَرَأَ عَلَيْهِ صَدْرًا مِنْ كهيعص قَالَتْ فَبَكَى وَاللَّهِ النَّجَاشِيُّ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ حَتَّى أَخْضَلُوا مَصَاحِفَهُمْ حِينَ سَمِعُوا مَا تَلَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ النَّجَاشِيُّ إِنَّ هَذَا وَاللَّهِ وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ انْطَلِقَا فَوَاللَّهِ لَا أُسْلِمُهُمْ إِلَيْكُمْ أَبَدًا وَلَا أُكَادُ.}
[أثر الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على المجال السياسي]
وآثاره ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المجال السياسي تتمثل في الآتي:
1ـ أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ استعاض بالقوانين الجائرة التي كانت تفصل بين الناس أحكاما إلهية معصومة لم يعرف التاريخ ولن يعرف أحكاما مشابهة لها استطاعت تحقيق العدالة والإنصاف والاستقرار والرقي والتحضر والعمارة كما حققتها الأحكام الإسلامية القرآنية التي أوحاها الله لنبيه محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ
قال الله تعالى:
{ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)}[المائدة]
وقال أيضا:
{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40)}[يوسف]
بل لقد جعل محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ التحاكم إلى البشر تحاكما إلى الطاغوت ولونا من ألوان الشرك بالله تعالى ...
قال الله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62)}[النساء]
وقال أيضا:
{وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)}[الكهف]
وكل هذا لأن العدالة لا تتحقق مطلقا أبدا إلا بالأحكام التي شرعها الله تعالى , إذ إنه الأعلم بما هو الأصلح لعباده ...
قال الله تعالى:
{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)}[الملك]
2ـ وجعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الشورى أساسا لإدارة شؤون الدولة فيما لم يرد فيه نص صريح , بدل الاستبداد في الرأي والديكتاتورية التي كانت سائدة في الأزمنة الماضية والحاضرة ...
قال الله تعالى:
{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)}[آل عمران]
وقال أيضا:
{ وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38)}[الشورى]
وكثيرا ما كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول :
"أشيروا علي أيها الناس"
ولعل فرعون يمثل أبرز صور الديكتاتورية والاستبداد فقال الله مشيرا إلى سوء صنيعته:
{ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)}[غافر]
3ـ وجعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مسؤولية إدارة الدولة وتقويم ما فيها من اعوجاج مسؤولية جماعية فأوجب النصيحة وجعلها هي الدين ولم يخص به شخصا دون شخص ولا فئة دون فئة ...
أخرج مسلم في صحيحه عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
{الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ.}
أخرج البخاري في صحيحه عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
{بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.}
قال أبو بكر في خطبة خلافته:
" أيها الناس أني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن ضعفت فقوموني وإن أحسنت فأعينوني."
وقال الفاروق:
"رحم الله امرأً أهدى إلي عيوبي"
وكان يقول رحمه الله:
"لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير في إن لم أسمعها"
4ـ وجعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سياسة أمور الناس تكليف وليست تشريف , وأمر الأئمة والساسة أن يفعلوا الأصلح بالأمة وألا يقصروا أو يفرطوا فيما ولاهم الله ـ تبارك وتعالى ـ
أخرج مسلم في صحيحه عَنْأَبِي ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي قَالَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي ثُمَّ قَالَ:
{يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةُ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَ.}
أخرج البخاري في صحيحه عن معقل بن يسار قال:سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
{مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ.}
أخرج مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
{لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرْفَعُ لَهُ بِقَدْرِ غَدْرِهِ أَلَا وَلَا غَادِرَ أَعْظَمُ غَدْرًا مِنْ أَمِيرِ عَامَّةٍ.}
[الأسس التي بنى عليها النبي السياسة]
قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى:
<< والسياسة مبنية على آيتين في كتاب الله وهى قوله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)}[النساء]
قال العلماء:
نزلت الآية الأولى في ولاة الأمور عليهم أن يؤدوا الأمانات إلى أهلها , وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل , ونزلت الثانية في الرعية من الجيوش وغيرهم , عليهم أن يطيعوا أولى الأمر الفاعلين لذلك في قسمهم وحكمهم ومغازيهم وغير ذلك إلا أن يأمروا بمعصية الله , فإذا أمروا بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق , فإن تنازعوا في شيء ردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله , وإن لم تفعل ولاة الأمر ذلك , أُطيعوا فيما يأمرون به من طاعة الله ورسوله لأن ذلك من طاعة الله.>>
وقال في موضع آخر:
<<كما أن الصالحين أرباب السياسة الكاملة , هم الذين قاموا بالواجبات وتركوا المحرمات , وهم الذين يعطون ما يصلح الدين بعطائه ولا يأخذون إلا ما أبيح لهم ويغضبون لربهم إذا انتهكت محارمه ويعفون عن حقوقهم وهذه أخلاق رسول الله في بذله ودفعة وهي أكمل الأمور.
وكلما كان إليها أقرب كان أفضل فليجتهد المسلم في التقرب إليها بجهده ويستغفر الله بعد ذلك من قصوره أو تقصيره بعد أن يعرف كمال ما بعث الله تعالى به محمدا صلى الله عليه وسلم من الدين فهذا في قول الله سبحانه وتعالى:
{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}>>