من هناك
05-02-2010, 02:21 PM
قد يكون 13 نيسان 1975 و السّنين الخمسة عشرة التي أعقبته احدى أكثر الحقبات سواداً في تاريخ لبنان المعاصر. قد يقول قائل انّ الأعوام الخمسة عشرة ما بين 13 تشرين الأوّل 1990 و14 آذار 2005 جسدت زمن السّواد الفعلي لشعبنا، حين أصبح ملوك الحرب، ملوك السّلم، وتكبدّ لبنان 50 مليار دولار دين... وقد يؤكّد آخر أنّ السنوات الخمسة التي امتدّت بين 14 آذار 2005 حتى يومنا هذا هي الأحلك. فزعماء الحرب الذين حكموا خلال سلم الخنوع و الخيانة، أعادوا انتاج أنفسهم تحت عنوان "ثوّار الأرز"، ليعودوا في 19-4-2010 زاحفين على بطونهم لالتقاط صورة مع السفير السوري في لبنان، متناسين "خيلهم و ليلهم و بيداءهم" و جمهوراً استخدموه كعتبة دعسوا عليها ليرفعوا أنفسهم بضع سنتمترات.
أمّا اذا أردنا اختيار يوما محدّدا يختصر مشهد الاسوداد هذا، فالاحتمالات أمامنا كثيرة، وآخرها 22-4-2010. فمشهد سائقي سيّارات الأجرة المعتصمين على الطّرقات والمطر يهطل على رؤوسهم، وردّ بعض سياسيّينا "أنّهم بضع مئات لا يستدعون الرد"، يجعلنا نستعيد صور فقراء "شبه الوطن" هذا، مشهد سكّان حي السّلّم و أهل النّبعة و عكّار و الهرمل... صور كافية لتزيد حقد أي مواطن على هذه العصابة المتحكّمة بأعناقنا منذ عقود، والتي قتلت شعبها لتعيش على دمائه، أمّا من بقي حيّاً فتسرقه لتعيش على ذلّه. انما المؤسف، أنّ من قُتل أهله وأُذلّ يلهث عند كل استحقاق لتجديد البيعة لقاتله و مُذلّه.
نسمع كل يوم أنّ لبنان منقسم بين طوائفه ومذاهبه وحتّى مناطقه، ومحور انقسامه يكمن بين المحور السعودي المصري الأميركي(حتّى لا ندخل اسرائيل على الخط) والمحور السوري و الايراني. هذا ويعتبر كثر أنّ مجتمعنا مشحون بين مؤيّد لسلاح المقاومة ورافض له... اللائحة تطول، والمنظّرين كثر.
يأتي سائقوا سيّارات الأجرة، من بينهم معلّمينّ رسميّين، موظّفين رّسميّين، مزارعين... ليهدموا هذا البنيان الوهمي ويظهّروا للجميع أنّ الانقسام الحقيقي هو بين طبقة ثريّة اشترت الحكم لتستغل الطبقة الفقيرة التي لا حول لها ولا قوة.
مع العلم أن اذا زارنا أجنبي وعلم أن أهل عكار شاركوا في مظاهرة لدعم اقرار الضريبة على القيمة المضافة (T.V.A.) لأصابه العجب. أمّا نحن فلا شيء يدعونا للاستغراب، فنحن نعلم مآثر الطّائفيّة، وكيف يمكن لأهل عكّار، على رغم فقرهم الاّ يتوانوا عن تجديد البيعة لزعيم طائفتهم، رفيق الحريري آنذاك، ولو كان هذا التّجديد على شكل زيادة ضرائبيّة!! ولكن مشكلتنا لا تنتهي هنا، بل تصل الى ما هو أبعد، الى ما يمكن تسميته ثقافة الانبطاح أمام كل صاحب ثروة و نفوذ، و الامثلة هنا عديدة.
من منّا لا يتذكر زيارة الملياردير اللبناني الأصل كارلوس سليم الى لبنان على نفقة الدّولة اللبنانيّة، و ما رافقها من تهافت للسياسيين و المواطنين العاديّين لاستضافته واستقباله بالزغاريد و نحر الخراف وعقد حلقات الدّبكة، حتّى شعرنا للحظة و كأنّ مجد لبنان أعطي له. أمّا اليوم و بعدما "راحت السكرة و اجت الفكرة"، و أمام مشهد الانبطاح هذا ، لا يسعنا الاّ أن نسأل هذه الدولة الكريمة "لو لم يكن الأستاذ سليم مليارديرا،ً هل كانت التفتت اليه كمغترب لبناني؟" ألا يتصوّر حكّامنا أن في حال بقي سليم في لبنان تحت سلطتهم، ما كان دخّر فلساً واحدأً من ثروته، وبالتالي بأي وقاحة استقبله هؤلاء وعلامات الفخر مرتسمة على وجوههم؟
كما أنّنا لانستطيع أن ننسى حين دقّت طرابلس ناقوس خطرها المعيشي، ردّ المسؤولون تحسّساً بمسؤوليّتهم بائتلاف ضمّ الحريري- ميقاتي- الصّفدي في لائحة واحدة لرفع الحرمان عنها!! و مرّة أخرى يجدّد مواطنونا البيعة!!
وفي هذا السياق يتبادر الى ذهننا سؤالان، لو لم يكن هذا الثّلاثي المذكور ثريّاً فوق العادة، أكان أعضاءه اليوم نوّاباً ووزراء و رؤساء وزراء في لبنان؟؟ أمّا السّؤال الثّاني، في وقت تتبجّح كل القيادات السياسيّة بمدى استعدادها للتضحية حتّى بحياتها من أجل لبنان، لما لا يقطع هؤلاء القادة الميسورون، والحمدلله، الشّك باليقين دون أن يَفدونا بحياتهم بل بثرواتهم، فيقدّموا أموالهم لاخراج لبنان من المستنقع الذي أدخلوا الشعب اللبناني فيه؟؟ أغلب الظن أنّ حياتهم تبقى أرخص.
هل يمكننا أن نسأل لو لم يكن أنطون الصّحناوي ميسوراً، هل كان سمح له، بعد استعراضه العسكري في ملهى ليلي، أن يسافر و يعود و يمرّ الخبر كما مرّ؟! ماذا عن القاء القبض على مخدّرات في سيّارة نائب، لو حصلت هذه الحادثة نفسها مع أي مواطن عادي أكان عومل كما عومل النّائب المذكور؟! هل من أغنياء في سجوننا اليوم، أم أنّ الجريمة تقتصر على الفقراء؟!
أسئلة كثيرة أجوبتها عند سائقي سيّارات الأجرة و الأساتذة و الموظّفين الرّسميين و المزارعين و العدد الأكبر من مواطنينا. أمّا العبرة فتبقى في صناديق الاقتراع. ومنذ زمن ليس ببعيد جلد هؤلاء أنفسهم في هذه الصناديق. هل سيكون يوم 2 أيّار 2010 محطّة جديدة لجلد الذّات أم سيأخذ هؤلاء خيارات أخرى؟
أمّا اذا أردنا اختيار يوما محدّدا يختصر مشهد الاسوداد هذا، فالاحتمالات أمامنا كثيرة، وآخرها 22-4-2010. فمشهد سائقي سيّارات الأجرة المعتصمين على الطّرقات والمطر يهطل على رؤوسهم، وردّ بعض سياسيّينا "أنّهم بضع مئات لا يستدعون الرد"، يجعلنا نستعيد صور فقراء "شبه الوطن" هذا، مشهد سكّان حي السّلّم و أهل النّبعة و عكّار و الهرمل... صور كافية لتزيد حقد أي مواطن على هذه العصابة المتحكّمة بأعناقنا منذ عقود، والتي قتلت شعبها لتعيش على دمائه، أمّا من بقي حيّاً فتسرقه لتعيش على ذلّه. انما المؤسف، أنّ من قُتل أهله وأُذلّ يلهث عند كل استحقاق لتجديد البيعة لقاتله و مُذلّه.
نسمع كل يوم أنّ لبنان منقسم بين طوائفه ومذاهبه وحتّى مناطقه، ومحور انقسامه يكمن بين المحور السعودي المصري الأميركي(حتّى لا ندخل اسرائيل على الخط) والمحور السوري و الايراني. هذا ويعتبر كثر أنّ مجتمعنا مشحون بين مؤيّد لسلاح المقاومة ورافض له... اللائحة تطول، والمنظّرين كثر.
يأتي سائقوا سيّارات الأجرة، من بينهم معلّمينّ رسميّين، موظّفين رّسميّين، مزارعين... ليهدموا هذا البنيان الوهمي ويظهّروا للجميع أنّ الانقسام الحقيقي هو بين طبقة ثريّة اشترت الحكم لتستغل الطبقة الفقيرة التي لا حول لها ولا قوة.
مع العلم أن اذا زارنا أجنبي وعلم أن أهل عكار شاركوا في مظاهرة لدعم اقرار الضريبة على القيمة المضافة (T.V.A.) لأصابه العجب. أمّا نحن فلا شيء يدعونا للاستغراب، فنحن نعلم مآثر الطّائفيّة، وكيف يمكن لأهل عكّار، على رغم فقرهم الاّ يتوانوا عن تجديد البيعة لزعيم طائفتهم، رفيق الحريري آنذاك، ولو كان هذا التّجديد على شكل زيادة ضرائبيّة!! ولكن مشكلتنا لا تنتهي هنا، بل تصل الى ما هو أبعد، الى ما يمكن تسميته ثقافة الانبطاح أمام كل صاحب ثروة و نفوذ، و الامثلة هنا عديدة.
من منّا لا يتذكر زيارة الملياردير اللبناني الأصل كارلوس سليم الى لبنان على نفقة الدّولة اللبنانيّة، و ما رافقها من تهافت للسياسيين و المواطنين العاديّين لاستضافته واستقباله بالزغاريد و نحر الخراف وعقد حلقات الدّبكة، حتّى شعرنا للحظة و كأنّ مجد لبنان أعطي له. أمّا اليوم و بعدما "راحت السكرة و اجت الفكرة"، و أمام مشهد الانبطاح هذا ، لا يسعنا الاّ أن نسأل هذه الدولة الكريمة "لو لم يكن الأستاذ سليم مليارديرا،ً هل كانت التفتت اليه كمغترب لبناني؟" ألا يتصوّر حكّامنا أن في حال بقي سليم في لبنان تحت سلطتهم، ما كان دخّر فلساً واحدأً من ثروته، وبالتالي بأي وقاحة استقبله هؤلاء وعلامات الفخر مرتسمة على وجوههم؟
كما أنّنا لانستطيع أن ننسى حين دقّت طرابلس ناقوس خطرها المعيشي، ردّ المسؤولون تحسّساً بمسؤوليّتهم بائتلاف ضمّ الحريري- ميقاتي- الصّفدي في لائحة واحدة لرفع الحرمان عنها!! و مرّة أخرى يجدّد مواطنونا البيعة!!
وفي هذا السياق يتبادر الى ذهننا سؤالان، لو لم يكن هذا الثّلاثي المذكور ثريّاً فوق العادة، أكان أعضاءه اليوم نوّاباً ووزراء و رؤساء وزراء في لبنان؟؟ أمّا السّؤال الثّاني، في وقت تتبجّح كل القيادات السياسيّة بمدى استعدادها للتضحية حتّى بحياتها من أجل لبنان، لما لا يقطع هؤلاء القادة الميسورون، والحمدلله، الشّك باليقين دون أن يَفدونا بحياتهم بل بثرواتهم، فيقدّموا أموالهم لاخراج لبنان من المستنقع الذي أدخلوا الشعب اللبناني فيه؟؟ أغلب الظن أنّ حياتهم تبقى أرخص.
هل يمكننا أن نسأل لو لم يكن أنطون الصّحناوي ميسوراً، هل كان سمح له، بعد استعراضه العسكري في ملهى ليلي، أن يسافر و يعود و يمرّ الخبر كما مرّ؟! ماذا عن القاء القبض على مخدّرات في سيّارة نائب، لو حصلت هذه الحادثة نفسها مع أي مواطن عادي أكان عومل كما عومل النّائب المذكور؟! هل من أغنياء في سجوننا اليوم، أم أنّ الجريمة تقتصر على الفقراء؟!
أسئلة كثيرة أجوبتها عند سائقي سيّارات الأجرة و الأساتذة و الموظّفين الرّسميين و المزارعين و العدد الأكبر من مواطنينا. أمّا العبرة فتبقى في صناديق الاقتراع. ومنذ زمن ليس ببعيد جلد هؤلاء أنفسهم في هذه الصناديق. هل سيكون يوم 2 أيّار 2010 محطّة جديدة لجلد الذّات أم سيأخذ هؤلاء خيارات أخرى؟