تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سلمان العودة في قلب الجامعة الإسلامية بالمدينة



من هناك
03-31-2010, 04:05 PM
الكاتب: عبد العزيز محمد قاسم
الثلاثاء 26 محرم 1431الموافق 12 يناير 2010


ربما كان عنوان المقالة عادياً جداً، بل هو أقرب لعنوان خبر صحافي منه إلى عنوان لمقالة، لكنَّ الراصدين للساحة الشرعية يعرفون أنه بمثابة (مانشيت) ضخم على ثمانية أعمدة، ذلكم أن الشيخ سلمان العودة وثلةً من الدعاة ما كان لهم منذ عقدين من السنوات أن يطؤوا هذه الجامعة، التي سيطر على مفاصلها فصيل سلفي محلي طيلة تلك الفترة، وقامت كثير من أدبياته على مناهضة رموز الصحوة في التسعينيات وأفكارهم.


والحقيقة أن معالي مدير الجامعة د. محمد علي العقلا؛ مذ تسنَّم رئاسة هذه الجامعة العتيدة، التي لها تاريخها المضيء في الدعوة وترسيخ العلم الشرعي، يقوم بإصلاحات أشبه بالانقلابات على مفاصل الجامعة، وحلحل كثيراً من مداميكها بهدوء وتؤدة ونفس طويل، وإنْ كان الدكتور عبدالله العثمان مدير جامعة الملك سعود قد حظيت جهوده بالتغطيات الإعلامية الكبرى لما يقوم به في جامعته، وهو بالتأكيد مستحق لها، غير أنّ د. العقلا من جهته يقوم بجهود لا تقل عنه أبدا، ولكن قدَرَ مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ألا يكون لها إعلامها القوي الذي يرصد حراكها الكبير، ومن يستعرض المؤتمرات الكبرى والندوات التي أقيمت في الجامعة الإسلامية خلال عام واحد فقط، ليذهل منها؛ وقد استقطبت كبار العلماء والمفكرين والباحثين على مستوى العالم، ليحاضروا في موضوعات حيوية وعصرية، من مثل مؤتمر الإرهاب إلى محاضرة وزير التربية والتعليم، وأخيراً مؤتمر الأوقاف في الأسبوع الفارط.

إذا سارت الجامعة الإسلامية على هذه الوتيرة من الحراك الفكري، وتجذرت إلى صميم هموم الوطن والأمة، وتتوازى مع ذلك إصلاحات داخلية إدارية، فإنني أستشرف مستقبلاً مليئاً بالإنجازات، وسيعود لهذه الجامعة ألقها، وستستعيد بحقّ لقب "الجامعة التي لا تغيب عنها الشمس"، وقد كانت قبلة وأمنية كل طالب شرعي في أصقاع العالم أزمنة الشيخ عبدالعزيز بن باز يرحمه الله، ولن أنسى ما حييت مفاجأتي، التي فغرت فاهي لها عجباً، وأنا أجوب للدعوة قبل عامين فقط في أدغال جنوبي الحبشة، وإذا بي إزاء مدرسة قديمة بُنيت في عام 1391هـ وعلى بابها لوحة قديمة مهترئة مكتوب عليها (مدرسة الشيخ عبدالعزيز بن باز الإسلامية) واستقبلني سبعة كهول أحنى الزمن ظهورهم في السبعينيات من أعمارهم، وأطفؤوا الاندهاشات والتعجب على تقاسيم وجهي بقولهم "إنهم الدفعة الأولى من طلاب الحبشة التي درست في الجامعة الإسلامية"، ومذاك الوقت وهم يقومون بالدعوة عبر هذه المدرسة البائسة في مبناها، العظيمة في تأثيرها، وقد دخل بسببها مئات الآلاف من الوثنيين في الإسلام.

وعودا لتلك الأمسية، التي تألق فيها داعيتنا العودة، ولم يفوّت أبو معاذ بدوره الفرصة بأن يبدأ محاضرته، التي أقيمت بالقاعة الرئيسية في الجامعة وقد امتلأت عن بكرة أبيها ونقلت بالوسائط التلفازية إلى قاعات أخرى، بقوله: بأن الجامعة الإسلامية هي لكل المسلمين، سارداً الأبيات الشهيرة:


من اليوم قد تصافينا ونطوي ما جرى منا **** كفى ما كان من هجر وقد ذقتم وقد ذقنا


ويختم بالآية الكريمة: "ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا".

هذه المحاضرة وغيرها من المحاضرات تنخرط في أجواء هذا الحوار الوطني الخلَّاق، الذي نحن بمسيس الحاجة له، وهي فرصة للجامعات الإسلامية بفتح أبوابها لمثقفي الوطن، وكم كنت أتمنى أن يلقي الدكتور عبدالله الغذامي محاضرته التي منعت في جامعة الإمام محمد بن سعود، وقد عتبت على بعض أحبتي الدعاة ممن جانبهم الصواب في ذلك الموقف، قائلاً: لماذا لا نتلقى الرجل بصدور رحبة بدلاً من هذه الروح العدائية لمثقف كبير يتلمس طريق عودته ويمرّ بفترة مراجعة ونقد لمسيرته، وقد أبان أن يده ممدودة لإخوته الإسلاميين، وقد دار حوار أخوي بيني وبينه في منتدى الحوار الوطني، وقال: "كنت أود أن أقول في تلك المحاضرة يا أخي عبدالعزيز بأنه سيأتي زمن سنبكي فيه على هذه الصحوة الإسلامية، التي مرّت علينا في الثمانينيات بعيداً عما جرى بيني وبين رموزها".

قلت لصديقي الداعية، إننا نتفنن في إضاعة الفرص للأسف، ونتأخر دوما في المبادرة، لنظهر أننا ضد هذه المناخات الجديدة التي نستظل بها في عهد ملك الحوار يحفظه الله.


الجامعة الإسلامية عبر مبادراتها الوطنية الخلاقة، تضرب لنا نموذجاً مثالياً في الانفتاح الفكري، وأتصور أنها من ستقود بقية الجامعات وفروعها التي تصطبغ بالصبغة الشرعية، للمساهمة في تمتين اللحمة الوطنية، وتجذير ثقافة التعددية الفكرية والشرعية، فنحن بمسيس الحاجة إلى معرفة الآخرين الذين خندقناهم في مقابلنا بسبب إسقاطات خاطئة أو رؤى خاتلة.

أختم: لكل أولئك الذين يسكن الوطن ويتمدد في سويداء قلوبهم: اهتبلوا هذه المرحلة.

من هناك
03-31-2010, 04:06 PM
قضاة...من غير جامعة الإمام!


الكاتب: تركي الدخيل
السبت 08 صفر 1431الموافق 23 يناير 2010

ما يجري في عمق الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة لم يكن مجرد موجة إدارية مؤقتة،وإنما رؤية عميقة حملها مدير استثنائي هو الدكتور محمد العقلا، بسبب تواكب استراتيجيته الإدارية مع متطلبات العصر والمرحلة. مدير يعشق البساطة، رقم هاتفه الشخصي بين أيدي الطلاب، وباب مكتبه مفتوح. يستقبل الضيوف بنفسه، كما فعل في مؤتمر الأوقاف الأخير، حيث بقي في المطار مستقبلاً كل الضيوف، ثم ودعهم كلهم بنفسه،على ما في هذا الصنيع من مشقة معروفة.

فتح الجامعة الإسلامية على الجوانب الحوارية، فهو صاحب مبادرة أول لقاء مفتوح مع وزير المالية، وأسس أقساماً للعلوم والتقنية والحاسوب،ولقي شغباً كبيراً بسبب فتحه قسماً للطالبات في الجامعة الإسلامية. يريد أن تكون الجامعة صرحاً مستوعباً يرسم صورة حسنة للطلاب الذين يأتون من 150 دولة؛ أن تكون المملكة دار انفتاح وحوار لا دار انغلاق وتقوقع.

هذا مع أنه لم يحمل الآخرين الذين لا يتفقون مع منهجه بالعصا.أحد الدكاترة الذين حضروا لقاء الشيخ سلمان العودة في الجامعة الإسلامية روى لي أنه شاهد منشورات توزع في قلب الجامعة تُحِّرم حضور لقاء العودة. لم يفرض العقلا منهجه أو إدارته بالحديد والنار، بل ترك لكل رأيه، وذكر لي بعض المتابعين لنشاط الجامعة أنه أول مدير يمر على الجامعة الإسلامية يسمح بدخول الشيعة في الأنشطة،وذلك لوعيه بوحدة الوطن والدين،وإمكانية التحاور والالتقاء.الخميس علق المدير الذي لم القه في حياتي، على مقالي بأن ما كتبته حسن ظن مني، وأن ما تحقق للجامعة هو نتاج عمل جماعي من العاملين في الجامعة جميعاً.

قلتُ: والجامعة تمر بماراثون فكري لا يهدأ، ومديرها لديه اللياقة الإدارية الكافية لإكمال هذا الجهد؛ يكفي أن الجامعة ستستضيف خلال الشهرين القادمين مؤتمرين اثنين، أولهما عن خدمة المملكة لقضايا العالم الإسلامي، والثاني عن مكافحة الإرهاب، وفي مشاركته في ثلوثية محمد المشوح في الرياض كشف عن وعد رئيس مجلس القضاء الأعلى الشيخ صالح بن حميد له بأن يستقطب من الجامعة الإسلامية من يعملون في السلك القضائي، وهو سبق آخر، أن يفك احتكار جامعة الإمام لتخريج القضاة؛ ولئن تمت هذه الخطوة فستحسب للإدارة الحالية النشيطة في الجامعة.

قلتُ: وهذه النماذج المتعددة للنجاحات الإدارية كفيلة بأن تكون موضع اقتداء من قبل شتى التيارات،أن يستوعب الإداري مساحة وطنه الشاسعة،بدلاً من التوقع في مساحة تياره الضيق،أن يخرج من ضيق التيار إلى رحابة الفكر والحوار؛ فيا جامعاتنا الإسلامية الأخرى، هذا نموذج ناجح، فهل من مقلد؟!