من هناك
02-16-2010, 04:48 AM
احببت ان انقل إليكم هذه المقالة مع انني لا اوافق على كل ما جاء فيها. بعض الأمور مكررة وقد ذكرها آخرون ولكنني اطرح المقالة بكاملها وكما ارسلها صاحبها طلباً لرأيكم فيها.
يبدو ان مسألة المراجعات الفقهية بما يخص المرأة في الإسلام وعلاقة الرجل بالمرأة تنتشر بشكل سريع جداً في ارجاء العالم الإسلامية.
هل توافقون على رفض كل الفتاوى التي جاءت بسبب سد الذرائع؟
هل تقبلون مراجعة كل هذه الذرائع لمعرفة ما إن كانت لا تزال بحاجة للسد او لا بأس بتناسيها؟
هل تقبلون ان يقول المفتي "انا اخفيت احكاماً وفتاو اعتقد بصحتها خوفاً من الفتنة ومن رد الناس ولكن الآن اظهرتها لأنني لم اعد اخشاها"؟
هل نحن بحاجة للمزيد من الخوض في مسائل استقرت احكامها او اننا بحاجة للبحث في النوازل والمستجدات للبحث عن احكام تناسب هذا العصر بدل الخوض في كل شهبة يأتي بها من لا يريد الخير للمسلمين؟
-------------
مقدمة
الزي الذي تلبسه النساء أو ذلك الذي يلبسه الرجال هو ظاهرة إجتماعية، تختلف من مجتمع إلى آخر. كما وأنها تتأثر بعوامل عديدة، منها على سبيل المثال لا الحصر: المناخ، الغنى والفقر، التقدم الاقتصادي وغيرها من العوامل وأهمها على الاطلاق المفاهيم السائدة في هذا المجتمع. وتأثير هذه العوامل على الزي لا يستدعي إقناع الرجل أو المرأة بارتداء هذا الزي لأن ارتداءه شيء طبيعي. أما الحديث عن الزي في أيامنا هذه فهو ناتج عن اعتبار الأكثرية المطلقة أن الزي مفروض عليهم من خارج.
كيف تحدث القرآن الكريم عن الموضوع
قال ربنا تبارك وتعالى متحدثاً عن زي النساء بهذه الكلمات المختصرات " ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها". وعندما تأتي صيغة "إلا ما ظهر منها" فهذا يعني أن جميع الناس يعلمون ما هو مدلول هذا الكلام، لأنه ما أنزل إلا لإفهام الناس ما هو المطلوب منهم، أو منهن إذا كان الحديث موجهاً للنساء. وأما المطولات في أيامنا هذه عن الزي ومتطلباته فهو ناتج عن أن كاتبي هذه المطولات يضيفون إلى كلام الله تبارك وتعالى جميع مفاهيم وعادات وتقاليد الشعوب المختلفة التي دخلت في دين الإسلام.
كلنا يعلم أن الاسلام دين الفطرة، أي أن الانسان يتقبله من غير تعقيد. إنه يدخل قلب الانسان من غير وسائط إصطناعية. من أين نتج التعقيد إذن في جميع الأمور التي يطرحها الناس في هذا الدين الحنيف؟
أتساءل هل كان من المعقول دخول الناس في هذا الدين "أفواجاً" لو كان الدخول فيه يتطلب من الذي يريد أن يؤمن أن يحمل امتيازاً في الفلسفة أو في العلوم؟ إن هذا السؤال يتضمن الجواب وهو أن التعقيد ليس من أصل الدين، إنما الذين فرضوا هذه التعقيدات هم العاملون على إيضاح متطلبات هذا الدين. وعوضاً عن تبسيط المفاهيم، البسيطة أصلاً، كما مر معنا، يعقدونها.
لماذا السؤال عن اللباس الشرعي في أيامنا هذه؟ الأكثرية الساحقة من المسلمين والمسلمات هم كذلك بالتقليد، أي لأن أهاليهم مسلمون. فلماذا لا تطرح الأنثى على أمها المسلمة هذا السؤال وكذلك يفعل الشاب المسلم. ولماذا التحدث عن اللباس الشرعي للأنثى وليس عن اللباس الشرعي للفتى؟ أليس الفتى مكلفاً كما الفتاة؟ (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ويحفظوا فروجهم، ذلك أزكى لهم)، (وقل للمؤمنات أن يغضضن من أبصارهن، ويحفظن فروجهن، ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن). هذا الخطاب القرآني موجه للنساء وللرجال على السواء. وهذا يعني أن المساواة في الخطاب تتطلب أن يرى الرجال والنساء أنفسهم متساوين لأن الله تبارك وتعالى تحدث معهم بنفس الأسلوب. أليس من الطبيعي أن تعرف الأم الاجابة عن السؤال حول اللباس وكذلك الأب؟
إن طرحي لهذه الأسئلة هو حتى أقول أن السؤال عن اللباس الشرعي للفتاة هو سؤال من خارج، إنه سؤال مفتعل، إنه لا يتناسب مع الفطرة. والإسلام دين الفطرة.
أوضح فأقول، إن التشوهات التي أدخلها المجتمع على عقولنا هي التي أفسدتنا. وهذا ما يجعلنا نتذكر حديث نبينا صلى الله عليه وسلم "يولد الانسان على الفطرة فأبواه يهودانه..." إلى آخر الحديث. فالنبي عليه السلام يبين لنا أن المجتمع هو الذي يشوه فطرة الانسان، أو هو الذي يدخل التعقيدات على المفاهيم والممارسات التي تفهم بالفطرة من غير واسطة من أحد.
هل أني بحديثي هذا أقوم بتعطيل دور العلماء أو الدعاة إلى الله تبارك وتعالى؟ بالطبع لا، ولكن ما أدعو إليه هو أن يتواضع العلماء ويطرحوا قضايا ديننا الحنيف بالشكل الذي يمكن عامة الناس من فهم قضاياه. كما وأدعو إلى تواضع من نوع آخر وهو أن لا يعتبر هؤلاء العلماء أنفسهم أشد غيرة على دين الله من النبي صلى الله عليه وسلم وذلك بما يسمى "سد الذرائع" كما جاء في الفتوى التي أوردها شيخنا الجليل يوسف القرضاوي، أطال الله في عمره.
عن ابن عباس قال: كانت تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة حسناء من أحسن الناس وكان بعض القوم يستقدم في الصف الأول لأن لا يراها، ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر فإذا ركع قال: هكذا ونظر من تحت إبطه، وجافى يديه فأنزل الله عز وجل في شأنهم "ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين".أورده الحاكم في المستدرك وقال: هذا حديث صحيح الاسناد.
عن أسباط بن نصر عن سماك عن علقمة بن وائل عن أبيه وائل بن حجر زعم أن امرأة وقع عليها رجل في سواد الصبح وهي تعمد إلى المسجد فاستغاثت بهم فأدركوا التي استغاثت به وسبقهم الآخر فذهب فجاؤا يقودونه إليها فقال: إنما أنا الذي أغثتك وذهب الآخر فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم...إلخ. هذه الواقعة رواها البيهقي في السنن الصغرى.
في الروايتين نرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يطلب من الأولى أن تغطي وجهها ولم يطلب من النساء عدم المجيء إلى الصلاة في المسجد بحجة "سد الذرائع". كما وأني على يقين أن النبي صلى الله عليه وسلم يغار على نسائنا أكثر من أنفسنا.
قال نافع مولى عبد الله بن عمر: حدثني عبد الله بن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى النساء في احرامهن عن النقاب والقفازين وما مس الورس (لون أحمر) والزعفران من الثياب ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من الألوان معصفراً أو خزاً أو حلياً أو سراويل أو قمصاً أو خفاً. أورده البيهقي في السنن الصغرى.
عن الحسن قال: رأيت نساءً من نساء المدينة يصلين في الخضاب. أورده الدارمي في سننه.
وعن ابن عباس قال: كن نساءنا إذا صلين العشاء الآخرة اختضبن فإذا أصبحن أطلقنه وتوضأن وإذا صلين الظهر اختضبن فإذا أردن أن يصلين العصر أطلقنه وتوضأن وإذا صلين الظهر اختضبن فإذا أردن أن يصلين العصر أطلقنه فأحسن خضابه ولا يحبسن عن الصلاة. أورده الدارمي في سننه.
ويصف أحدهم عائشة فيقول: ورأيت عليها درعاً مورداً. أورده البخاري في صحيحه.
عن عائشة أن هند بنت عتبة قالت: يا نبي الله بايعني قال: لا، حتى تغيري كفيك، كأنهما كف سبع. أورده أبو داود في سننه.
قال لامرأة أخرى: ألا اختضبي، تترك إحداكن الخضاب حتى تكون يدها كيد الرجل. أورده السيوطي في جمع الجوامع.
وعن صفية بنت عصمة عن عائشة رضي الله عنها: أومت امرأة من وراء سترها بيدها كتاباً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبض النبي صلى الله عليه وسلم يده وقال: ما أدري أيد رجل أم يد امرأة، قالت: بل امرأة قال: لو كنت امرأة لغيرت أظفارك، يعني بالحناء. أورده أبو داود في سننه.
عن ابن عمر قال: كان الرجال والنساء يتوضأون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال مسدد من الاناء جميعاً. أورده أبو داود في سننه.
و عن ابن عمر قال: كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء أحد ندلي فيه أيدينا. أورده أبو داود في سننه.
عن ابن عباس قال: أردف النبي صلى الله عليه وسلم الفضل بن العباس، يوم النحر على عجز راحلته، وكان الفضل رجلاً وضيئاً فوقف النبي صلى الله عليه وسلم للناس يفتيهم وأقبلت امرأة من حقم وضيئة تستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفق الفضل ينظر إليها وأعجبه حسنها – وفي رواية أخرى: فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم والفضل ينظر إليها فأخلف بيده وأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها. رواه البخاري ومسلم في الصحيحين والبيهقي في الصغرى.
لو أن هذه القصة حصلت في أيامنا هذه لرأينا من يفتي بعدم ذهاب النساء إلى الحج كما أفتوا بعدم ذهابهن إلى المسجد.
حدثنا عثمان بن عمر: وأما الأمة قبل أن تعتق فرأسها ورقبتها وجذور يديها وقدمها وما يظهر منها حال المهنة ليس بعورة. أورده البيهقي في السنن الصغرى.
إن قراءة هذه الأحاديث تبين بشكل جلي أنه لا تعقيد في لباس المرأة حسب الشريعة الاسلامية، كما وأنه لا تعقيد في علاقة المرأة بالرجل خاصة إذا جعلنا الشرع الحنيف هو ميزان هذه العلاقة.
إن أحد أهم الأسباب التي جعلتنا جميعاً، رجالاً ونساءًً معقدين هو خوضنا في مفاهيم المجتمع الاستهلاكي. هذه المفاهيم التي حولتنا من منتجين إلى مستهلكين. فقد أصبح لزاماً علينا أن نقارن ما يفرضه المجتمع الاستهلاكي علينا من أزياء، نقارنها بما يفرضه علينا ديننا الحنيف. وهنا يكمن المرض. حيث أننا نتصور أن الدين يفرض علينا ممارسة معينة ونحسبها مفروضة علينا من خارج. وكأن الدين لم يعد قناعة داخلية له الأولوية في محاكمة جميع المفاهيم التي نصادفها في حياتنا العملية، فنقبل ما يتوافق مع فطرتنا ونرفض ما لا يتوافق مع هذه الفطرة. والدين لا يفرض ما لا يتوافق مع الفطرة. ولكن مفاهيم المجتمع الاستهلاكي هي التي تناقض فطرتنا وبالتالي ديننا.
فلينظر كل منا إلى نفسه، ألا يستحيي من أن لا يلبس آخر زي فرضه علينا بيار كاردان مثلاً. ألا يستحي من أن لا يلبس حذاءً موجود عليه ماركة معينة؟ ثم يروح أو يلجأ إلى سيل التبريرات أن هذا أقوى وأمتن. ولم يفكر أنه إذا استهلك من مصنوعات بلده يخف ارتباطه بأعداء أمتنا ومضطهدينا، وبالتالي تصبح إمكانية التحرر منهم أقرب منالاً. وهكذا نكون مستهلكين لثقافتهم ومستهلكين لمصنوعاتهم. وكيف سنبني ديننا إذا لم نكن منتجين؟
لايمكننا أن نكون غربيين في فكرنا ومسلمين في عقيدتنا. إن الكلام عن زي المرأة المسلمة فرضه علينا الكم الهائل من الأزياء التي تفرضه علينا دور الأزياء الغربية التي تصادر أموالنا وعقولنا في آن.
أختم فأقول أن إيماننا لا يترسخ حتى يصبح هوانا تبعاً لما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم.
حسن ملاط
يبدو ان مسألة المراجعات الفقهية بما يخص المرأة في الإسلام وعلاقة الرجل بالمرأة تنتشر بشكل سريع جداً في ارجاء العالم الإسلامية.
هل توافقون على رفض كل الفتاوى التي جاءت بسبب سد الذرائع؟
هل تقبلون مراجعة كل هذه الذرائع لمعرفة ما إن كانت لا تزال بحاجة للسد او لا بأس بتناسيها؟
هل تقبلون ان يقول المفتي "انا اخفيت احكاماً وفتاو اعتقد بصحتها خوفاً من الفتنة ومن رد الناس ولكن الآن اظهرتها لأنني لم اعد اخشاها"؟
هل نحن بحاجة للمزيد من الخوض في مسائل استقرت احكامها او اننا بحاجة للبحث في النوازل والمستجدات للبحث عن احكام تناسب هذا العصر بدل الخوض في كل شهبة يأتي بها من لا يريد الخير للمسلمين؟
-------------
مقدمة
الزي الذي تلبسه النساء أو ذلك الذي يلبسه الرجال هو ظاهرة إجتماعية، تختلف من مجتمع إلى آخر. كما وأنها تتأثر بعوامل عديدة، منها على سبيل المثال لا الحصر: المناخ، الغنى والفقر، التقدم الاقتصادي وغيرها من العوامل وأهمها على الاطلاق المفاهيم السائدة في هذا المجتمع. وتأثير هذه العوامل على الزي لا يستدعي إقناع الرجل أو المرأة بارتداء هذا الزي لأن ارتداءه شيء طبيعي. أما الحديث عن الزي في أيامنا هذه فهو ناتج عن اعتبار الأكثرية المطلقة أن الزي مفروض عليهم من خارج.
كيف تحدث القرآن الكريم عن الموضوع
قال ربنا تبارك وتعالى متحدثاً عن زي النساء بهذه الكلمات المختصرات " ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها". وعندما تأتي صيغة "إلا ما ظهر منها" فهذا يعني أن جميع الناس يعلمون ما هو مدلول هذا الكلام، لأنه ما أنزل إلا لإفهام الناس ما هو المطلوب منهم، أو منهن إذا كان الحديث موجهاً للنساء. وأما المطولات في أيامنا هذه عن الزي ومتطلباته فهو ناتج عن أن كاتبي هذه المطولات يضيفون إلى كلام الله تبارك وتعالى جميع مفاهيم وعادات وتقاليد الشعوب المختلفة التي دخلت في دين الإسلام.
كلنا يعلم أن الاسلام دين الفطرة، أي أن الانسان يتقبله من غير تعقيد. إنه يدخل قلب الانسان من غير وسائط إصطناعية. من أين نتج التعقيد إذن في جميع الأمور التي يطرحها الناس في هذا الدين الحنيف؟
أتساءل هل كان من المعقول دخول الناس في هذا الدين "أفواجاً" لو كان الدخول فيه يتطلب من الذي يريد أن يؤمن أن يحمل امتيازاً في الفلسفة أو في العلوم؟ إن هذا السؤال يتضمن الجواب وهو أن التعقيد ليس من أصل الدين، إنما الذين فرضوا هذه التعقيدات هم العاملون على إيضاح متطلبات هذا الدين. وعوضاً عن تبسيط المفاهيم، البسيطة أصلاً، كما مر معنا، يعقدونها.
لماذا السؤال عن اللباس الشرعي في أيامنا هذه؟ الأكثرية الساحقة من المسلمين والمسلمات هم كذلك بالتقليد، أي لأن أهاليهم مسلمون. فلماذا لا تطرح الأنثى على أمها المسلمة هذا السؤال وكذلك يفعل الشاب المسلم. ولماذا التحدث عن اللباس الشرعي للأنثى وليس عن اللباس الشرعي للفتى؟ أليس الفتى مكلفاً كما الفتاة؟ (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ويحفظوا فروجهم، ذلك أزكى لهم)، (وقل للمؤمنات أن يغضضن من أبصارهن، ويحفظن فروجهن، ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن). هذا الخطاب القرآني موجه للنساء وللرجال على السواء. وهذا يعني أن المساواة في الخطاب تتطلب أن يرى الرجال والنساء أنفسهم متساوين لأن الله تبارك وتعالى تحدث معهم بنفس الأسلوب. أليس من الطبيعي أن تعرف الأم الاجابة عن السؤال حول اللباس وكذلك الأب؟
إن طرحي لهذه الأسئلة هو حتى أقول أن السؤال عن اللباس الشرعي للفتاة هو سؤال من خارج، إنه سؤال مفتعل، إنه لا يتناسب مع الفطرة. والإسلام دين الفطرة.
أوضح فأقول، إن التشوهات التي أدخلها المجتمع على عقولنا هي التي أفسدتنا. وهذا ما يجعلنا نتذكر حديث نبينا صلى الله عليه وسلم "يولد الانسان على الفطرة فأبواه يهودانه..." إلى آخر الحديث. فالنبي عليه السلام يبين لنا أن المجتمع هو الذي يشوه فطرة الانسان، أو هو الذي يدخل التعقيدات على المفاهيم والممارسات التي تفهم بالفطرة من غير واسطة من أحد.
هل أني بحديثي هذا أقوم بتعطيل دور العلماء أو الدعاة إلى الله تبارك وتعالى؟ بالطبع لا، ولكن ما أدعو إليه هو أن يتواضع العلماء ويطرحوا قضايا ديننا الحنيف بالشكل الذي يمكن عامة الناس من فهم قضاياه. كما وأدعو إلى تواضع من نوع آخر وهو أن لا يعتبر هؤلاء العلماء أنفسهم أشد غيرة على دين الله من النبي صلى الله عليه وسلم وذلك بما يسمى "سد الذرائع" كما جاء في الفتوى التي أوردها شيخنا الجليل يوسف القرضاوي، أطال الله في عمره.
عن ابن عباس قال: كانت تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة حسناء من أحسن الناس وكان بعض القوم يستقدم في الصف الأول لأن لا يراها، ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر فإذا ركع قال: هكذا ونظر من تحت إبطه، وجافى يديه فأنزل الله عز وجل في شأنهم "ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين".أورده الحاكم في المستدرك وقال: هذا حديث صحيح الاسناد.
عن أسباط بن نصر عن سماك عن علقمة بن وائل عن أبيه وائل بن حجر زعم أن امرأة وقع عليها رجل في سواد الصبح وهي تعمد إلى المسجد فاستغاثت بهم فأدركوا التي استغاثت به وسبقهم الآخر فذهب فجاؤا يقودونه إليها فقال: إنما أنا الذي أغثتك وذهب الآخر فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم...إلخ. هذه الواقعة رواها البيهقي في السنن الصغرى.
في الروايتين نرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يطلب من الأولى أن تغطي وجهها ولم يطلب من النساء عدم المجيء إلى الصلاة في المسجد بحجة "سد الذرائع". كما وأني على يقين أن النبي صلى الله عليه وسلم يغار على نسائنا أكثر من أنفسنا.
قال نافع مولى عبد الله بن عمر: حدثني عبد الله بن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى النساء في احرامهن عن النقاب والقفازين وما مس الورس (لون أحمر) والزعفران من الثياب ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من الألوان معصفراً أو خزاً أو حلياً أو سراويل أو قمصاً أو خفاً. أورده البيهقي في السنن الصغرى.
عن الحسن قال: رأيت نساءً من نساء المدينة يصلين في الخضاب. أورده الدارمي في سننه.
وعن ابن عباس قال: كن نساءنا إذا صلين العشاء الآخرة اختضبن فإذا أصبحن أطلقنه وتوضأن وإذا صلين الظهر اختضبن فإذا أردن أن يصلين العصر أطلقنه وتوضأن وإذا صلين الظهر اختضبن فإذا أردن أن يصلين العصر أطلقنه فأحسن خضابه ولا يحبسن عن الصلاة. أورده الدارمي في سننه.
ويصف أحدهم عائشة فيقول: ورأيت عليها درعاً مورداً. أورده البخاري في صحيحه.
عن عائشة أن هند بنت عتبة قالت: يا نبي الله بايعني قال: لا، حتى تغيري كفيك، كأنهما كف سبع. أورده أبو داود في سننه.
قال لامرأة أخرى: ألا اختضبي، تترك إحداكن الخضاب حتى تكون يدها كيد الرجل. أورده السيوطي في جمع الجوامع.
وعن صفية بنت عصمة عن عائشة رضي الله عنها: أومت امرأة من وراء سترها بيدها كتاباً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبض النبي صلى الله عليه وسلم يده وقال: ما أدري أيد رجل أم يد امرأة، قالت: بل امرأة قال: لو كنت امرأة لغيرت أظفارك، يعني بالحناء. أورده أبو داود في سننه.
عن ابن عمر قال: كان الرجال والنساء يتوضأون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال مسدد من الاناء جميعاً. أورده أبو داود في سننه.
و عن ابن عمر قال: كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء أحد ندلي فيه أيدينا. أورده أبو داود في سننه.
عن ابن عباس قال: أردف النبي صلى الله عليه وسلم الفضل بن العباس، يوم النحر على عجز راحلته، وكان الفضل رجلاً وضيئاً فوقف النبي صلى الله عليه وسلم للناس يفتيهم وأقبلت امرأة من حقم وضيئة تستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفق الفضل ينظر إليها وأعجبه حسنها – وفي رواية أخرى: فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم والفضل ينظر إليها فأخلف بيده وأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها. رواه البخاري ومسلم في الصحيحين والبيهقي في الصغرى.
لو أن هذه القصة حصلت في أيامنا هذه لرأينا من يفتي بعدم ذهاب النساء إلى الحج كما أفتوا بعدم ذهابهن إلى المسجد.
حدثنا عثمان بن عمر: وأما الأمة قبل أن تعتق فرأسها ورقبتها وجذور يديها وقدمها وما يظهر منها حال المهنة ليس بعورة. أورده البيهقي في السنن الصغرى.
إن قراءة هذه الأحاديث تبين بشكل جلي أنه لا تعقيد في لباس المرأة حسب الشريعة الاسلامية، كما وأنه لا تعقيد في علاقة المرأة بالرجل خاصة إذا جعلنا الشرع الحنيف هو ميزان هذه العلاقة.
إن أحد أهم الأسباب التي جعلتنا جميعاً، رجالاً ونساءًً معقدين هو خوضنا في مفاهيم المجتمع الاستهلاكي. هذه المفاهيم التي حولتنا من منتجين إلى مستهلكين. فقد أصبح لزاماً علينا أن نقارن ما يفرضه المجتمع الاستهلاكي علينا من أزياء، نقارنها بما يفرضه علينا ديننا الحنيف. وهنا يكمن المرض. حيث أننا نتصور أن الدين يفرض علينا ممارسة معينة ونحسبها مفروضة علينا من خارج. وكأن الدين لم يعد قناعة داخلية له الأولوية في محاكمة جميع المفاهيم التي نصادفها في حياتنا العملية، فنقبل ما يتوافق مع فطرتنا ونرفض ما لا يتوافق مع هذه الفطرة. والدين لا يفرض ما لا يتوافق مع الفطرة. ولكن مفاهيم المجتمع الاستهلاكي هي التي تناقض فطرتنا وبالتالي ديننا.
فلينظر كل منا إلى نفسه، ألا يستحيي من أن لا يلبس آخر زي فرضه علينا بيار كاردان مثلاً. ألا يستحي من أن لا يلبس حذاءً موجود عليه ماركة معينة؟ ثم يروح أو يلجأ إلى سيل التبريرات أن هذا أقوى وأمتن. ولم يفكر أنه إذا استهلك من مصنوعات بلده يخف ارتباطه بأعداء أمتنا ومضطهدينا، وبالتالي تصبح إمكانية التحرر منهم أقرب منالاً. وهكذا نكون مستهلكين لثقافتهم ومستهلكين لمصنوعاتهم. وكيف سنبني ديننا إذا لم نكن منتجين؟
لايمكننا أن نكون غربيين في فكرنا ومسلمين في عقيدتنا. إن الكلام عن زي المرأة المسلمة فرضه علينا الكم الهائل من الأزياء التي تفرضه علينا دور الأزياء الغربية التي تصادر أموالنا وعقولنا في آن.
أختم فأقول أن إيماننا لا يترسخ حتى يصبح هوانا تبعاً لما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم.
حسن ملاط