عزام
02-07-2010, 07:24 PM
الموضوع: فتوى الدكتور سعيد رمضان البوطي في ما قاله المفتي حسون
إلى:
س: ما هو حكم الشرع فيما قاله سماحة الشيخ أحمد حسون في كلمته للوفد الأمريكي: لو قال (محمد صلى الله عليه وسلم أكفر بعيسى أو بموسى، لقلت: أنا أكفر بك أنت).
ج: بقطع النظر عن صحة أو عدم صحة نسبة هذا الكلام إلى سماحة مفتي سورية الشيخ أحمد حسون، فإن قائل هذا الكلام يقرر أنه يتلقى معلوماته التي بعث بها الرسل والأنبياء، من مصدر آخر أعلى منهم ومستقل عنهم.
ومن الثابت بداهة أن الأنبياء والرسل (ومحمد صلى الله عليه وسلم آخرهم) هم دون غيرهم مصدر الوحي الإلهي. وقد قال الله في حق محمد عليه الصلاة والسلام: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) وقال في حقه: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله).
ومن ثم فإن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يأمر أمته التي بعثه الله إليها إلا بما أمر به الله، ولن يأمرنا لو كان حياً بين ظهرانينا إلا بما يأمر به الله. ومن ثم فيجب أن يطاع في كل ما أمر أو يأمر به، وأن يطاع في الانتهاء عن كل ما نهانا أو ينهانا عنه.
إذن فالقول بأنه لو أمرنا أن نكفر بكذا لكفرنا به هو، شك في نبوته وأمانته على الوحي، وأن خيانته لوحي الله وارد!!.. بل هو ادعاء عريض من صاحب هذا القول بأنه يتلقى حقائق الوحي من مصدر أعلى من ذلك الذي بعثه الله ختام المرسلين معلماً وهادياً للحق، ومن ثم فهو يقف منه (أي محمد صلى الله عليه وسلم) موقف المنبه والمرشد والمحذر. وما أظن أن التعالي على رسول الله وسوء الأدب معه يهويان بالإنسان إلى أسوأ من هذه الدركة التي يهوي إليها صاحب هذا الافتراض والقرار المبني عليه.
ثم ما هي الحقيقة الضائعة التي لا سبيل للعثور عليها ولبيانها، إلا بهذا الافتراض ثم باتخاذ القرار المبني عليه؟
إنها ليست إلا الحقيقة الوهمية الغائبة عنا وعن شرع الله، والحاضرة في ذهن من يقول هذا الكلام. وهي التأكيد لسمع من يخاطبه من الأمريكان ورجال دينهم المسيحي واليهودي، بأنهم من معتقداتهم التي يدينون بها على حق، وأنها هي ذاتها المعتقدات التي بعث بها كل من موسى وعيسى عليهما السلام، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم لو أنكر عليهم معتقداته (أي كلٍ من موسى وعيسى)، لأنكر هو نبوته وكفرََ به.
وإلا فلماذا لم يفرض العكس أيضاً؟ لماذا لم يفرض ورود هذا الأمر من سيدنا موسى وسيدنا عيسى، بأن يأمره كل منهما بأن يكفر بمحمد عليه الصلاة والسلام، ليقول لهما أيضاً: بل سأكفر بكما أنتما؟ على أن كلا الافتراضين غير وارد، ولا يتجرأ عليه إلا من يجعل من نفسه معلماً لأنبياء الله ورسله، ينبههم ويحذرهم من التورط في الخطأ، ويهددهم على ذلك بالخروج عليهم.
إن افتراضه الثاني الذي يلجئه إلى أن يقول لكل من عيسى وموسى: بل أكفر بكما أنتما، يجرح الوفد الأمريكي وقساوسته، ويتهمهم بأنهم ليسوا على حق. إذن، فإذا كان لا بدّ من
أحد الافتراضين فإن الرأي الصائب – عند من قال هذا القول أمام الوفد الأمريكي – هو أن يفترض ما يدعوه إلى الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، لا أن يفترض ما يدعوه إلى الكفر بموسى وعيسى عليهما السلام إرضاء لهم وتحبباً إليهم.
وبعد، فأنا إنّما أفنّد هذا القول، وأخطّئ قائله. دون أن أجزم بنسبته إلى سماحة المفتي أو غيره. فأنا لم أكن موجوداً مع الوفد الأمريكي ولم أسمع منه الكلمة التي ألقاها فيه.
وأقول أخيراً ما قاله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لو كان موسى حياً ما وسعه إلا إتباعي)
الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي
إلى:
س: ما هو حكم الشرع فيما قاله سماحة الشيخ أحمد حسون في كلمته للوفد الأمريكي: لو قال (محمد صلى الله عليه وسلم أكفر بعيسى أو بموسى، لقلت: أنا أكفر بك أنت).
ج: بقطع النظر عن صحة أو عدم صحة نسبة هذا الكلام إلى سماحة مفتي سورية الشيخ أحمد حسون، فإن قائل هذا الكلام يقرر أنه يتلقى معلوماته التي بعث بها الرسل والأنبياء، من مصدر آخر أعلى منهم ومستقل عنهم.
ومن الثابت بداهة أن الأنبياء والرسل (ومحمد صلى الله عليه وسلم آخرهم) هم دون غيرهم مصدر الوحي الإلهي. وقد قال الله في حق محمد عليه الصلاة والسلام: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) وقال في حقه: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله).
ومن ثم فإن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يأمر أمته التي بعثه الله إليها إلا بما أمر به الله، ولن يأمرنا لو كان حياً بين ظهرانينا إلا بما يأمر به الله. ومن ثم فيجب أن يطاع في كل ما أمر أو يأمر به، وأن يطاع في الانتهاء عن كل ما نهانا أو ينهانا عنه.
إذن فالقول بأنه لو أمرنا أن نكفر بكذا لكفرنا به هو، شك في نبوته وأمانته على الوحي، وأن خيانته لوحي الله وارد!!.. بل هو ادعاء عريض من صاحب هذا القول بأنه يتلقى حقائق الوحي من مصدر أعلى من ذلك الذي بعثه الله ختام المرسلين معلماً وهادياً للحق، ومن ثم فهو يقف منه (أي محمد صلى الله عليه وسلم) موقف المنبه والمرشد والمحذر. وما أظن أن التعالي على رسول الله وسوء الأدب معه يهويان بالإنسان إلى أسوأ من هذه الدركة التي يهوي إليها صاحب هذا الافتراض والقرار المبني عليه.
ثم ما هي الحقيقة الضائعة التي لا سبيل للعثور عليها ولبيانها، إلا بهذا الافتراض ثم باتخاذ القرار المبني عليه؟
إنها ليست إلا الحقيقة الوهمية الغائبة عنا وعن شرع الله، والحاضرة في ذهن من يقول هذا الكلام. وهي التأكيد لسمع من يخاطبه من الأمريكان ورجال دينهم المسيحي واليهودي، بأنهم من معتقداتهم التي يدينون بها على حق، وأنها هي ذاتها المعتقدات التي بعث بها كل من موسى وعيسى عليهما السلام، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم لو أنكر عليهم معتقداته (أي كلٍ من موسى وعيسى)، لأنكر هو نبوته وكفرََ به.
وإلا فلماذا لم يفرض العكس أيضاً؟ لماذا لم يفرض ورود هذا الأمر من سيدنا موسى وسيدنا عيسى، بأن يأمره كل منهما بأن يكفر بمحمد عليه الصلاة والسلام، ليقول لهما أيضاً: بل سأكفر بكما أنتما؟ على أن كلا الافتراضين غير وارد، ولا يتجرأ عليه إلا من يجعل من نفسه معلماً لأنبياء الله ورسله، ينبههم ويحذرهم من التورط في الخطأ، ويهددهم على ذلك بالخروج عليهم.
إن افتراضه الثاني الذي يلجئه إلى أن يقول لكل من عيسى وموسى: بل أكفر بكما أنتما، يجرح الوفد الأمريكي وقساوسته، ويتهمهم بأنهم ليسوا على حق. إذن، فإذا كان لا بدّ من
أحد الافتراضين فإن الرأي الصائب – عند من قال هذا القول أمام الوفد الأمريكي – هو أن يفترض ما يدعوه إلى الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، لا أن يفترض ما يدعوه إلى الكفر بموسى وعيسى عليهما السلام إرضاء لهم وتحبباً إليهم.
وبعد، فأنا إنّما أفنّد هذا القول، وأخطّئ قائله. دون أن أجزم بنسبته إلى سماحة المفتي أو غيره. فأنا لم أكن موجوداً مع الوفد الأمريكي ولم أسمع منه الكلمة التي ألقاها فيه.
وأقول أخيراً ما قاله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لو كان موسى حياً ما وسعه إلا إتباعي)
الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي