تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المسلمون في الفلبين وحقوقهم المنسية



مقاوم
01-09-2010, 05:25 AM
المسلمون في الفلبين وحقوقهم المنسية
كتب د. مسلم اليوسف*


http://qawim.net/images/stories/philipin09.jpg


ولقد خربت الحرب الدائرة اليوم بين المسلمين والحكومات الصليبية أكثر هذه الجزر بالقصف المدفعي من البر والبحر والجو، فهدمت المباني، والمؤسسات، والمساجد، ولم يبق من مساجد مدينة جولو مثلا سوى عدة مساجد بعد أن كانت تعج بها . وانتقل كثير من الأهالي إلى الغابات والأماكن النائية، حتى أن المعاهد، والمدارس أضحت في تلك الجهات المعزولة، ويعيش الآن في حالة بائسة تحاربهم القوات الصليبية والفقر والتجاهل الإسلامي .

-------------------------

http://qawim.net/images/stories/logoqawim/_exb.pngالحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا يوافي نعمه ، و يدفع عنا نقمه ، والصلاة والسلام على إمام المرسلين إمام الرحمة ، و الملحمة ، و على آله ، وصحابته ، و من سار على دربه ، و بعد :

إن المسلمين يتعرضون لكثير من الفتن ، والهزات و النكبات ، فما إن تنتهي نكبة إلا و تتلوها أخرى ، وما يكاد المرء ينسى آلامها ، و آثارها حتى يفجع بمحنة جديدة أكثر هولاً ، وأشد خطرا .

والمسلمون و حكامهم و كثير من علمائهم ، و مثقفيهم في غفلة لا مثيل لها ، لا توقظهم المصائب ، ولا تفيدهم العبر شغلتهم شهواتهم، و أهمتهم دنياهم التي غدت كلها مادية ، أو شهوانية يسعوا وراءها بكل جهد وقوة .

و الدين الذي يجب أن يكون المحرك الأساسي في كل جهد ، أو نشاط أصبح ضعيفا هزيلا في كثير من أفراد هذه الأمة و محركاتها . حتى أصبح اهتمام المسلمين بإخوانهم خارجا عن نطاق تفكيرهم ، واهتماماتهم بعد أن كان على غاية من الأهمية .

بل إن أكثر العلماء قد عجزوا عن تقديم شيء من الدعم المادي ، أو المعنوي لمن يتهددهم الأخطار نظرا لارتباط كثير منهم بالحكام المهزومين أو بمنهجهم الانهزامي الذي يتمثل بالمظاهر العبادية فقط من عبادة ، و تراتيل و خطب جوفاء تكون لمن أراد أن ينام و تغط في نومه سكون و سكينة .

أين أمرهم بالمعروف ، و نهيهم عن المنكر ، و أين قولهم للحق ، و الصدع به و أين انشغالهم بأمور المسلمين ، و شؤونهم لقد وضعوا كل هذا خلف ظهورهم لحرصهم على أرزاقهم التي يظنون أنها بأيدي أسيادهم ، و كفى بهذا خطأ وبعدا عن الله منهجه القويم .

كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يتحدث للمسلمين عن أحوال و شؤون إخوانهم في الخطب ، و المجالس ، فلو أن امرأ أصابه مرض ، أو حلت به مصيبة وسط الصحراء وصل خبره إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، فأمر أصحابه الكرام -رضوان الله عليهم - أجمعين بمساعدته و نصرته .

وهكذا كان سلفنا الصالح رضوان الله عليهم يشارك بعضهم بعضا و يهتم بعضهم البعض بالآلام و آمال مصدقا لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمنين في توادهم ، و تراحمهم و تعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر البدن بالسهر و الحمى ) رواه الشيخان .

و اليوم تحل النوازل ، و المصائب بالمسلمين فتهدد كيانهم و تقضي على الكثير منهم ، ونحن في شغل عنهم لا نعلم عنهم إلا القليل ، و لا ننشغل في مصائبهم ، و لا نمد لهم يد العون و المساعدة المطلوبة كما يحدث لإخواننا في الفيلبين الذين يلاقون الأمرين من القتل و التشريد و الفقر الممنهج ، دون أن ينتصر لهم أحد من إخوانهم إن هذا لشيء عجيب حقا .

لقد أسرع إخواننا مسلمو الفيلبين للجهاد في جميع حروبنا مع أعدائنا ( سواء مع إسرائيل أو غيرها ) أما نحن فلن نبال بمصيبتهم ، و كأنهم على كوكب آخر ، و المصيبة الكبرى أننا نتعاون مع أعدائهم ، و خصومهم بكل ود ، و إخلاص وهم يقتلون إخواننا و يشردونهم لا لشيء إلا لأنهم من أهل القبلة .

فأردت بعد الذي شاهدت وسمعت عندما كنت في الفيلبين كمدير لمعهد لتخريج الدعاة ، أن أذكر المسلمين بواجبهم الشرعي لنصرة إخوانهم المسلمين في الفلبين ، و أخذ العبرة من هذا ، فإن ما يصيبهم كبير ، و نحن في غفلة عنهم ، وعن مصائبهم .

فأين تقع الفيلبين ، و ما عدد المسلمين فيها ، و ما هي مشاكلهم حتى نذكر إخواننا بهم فيمدوا يدا العون ، والمساعدة لهم و لآمالهم ، فيحققوا ما يستطيعون تحقيقه من النصرة و تخفيف الآلام عنهم؟.

تقع الفيلبين في منطقة جنوب شرقي آسيا ، وتعد جزءاً من أرخبيل الملايو الذي يضم أندونيسيا ، وماليزيا ، و سنغافورة ، والفيليبين . ويبلغ عدد جزر الفيليبين 7100 جزيرة ، بل إن عدد هذه الجزر وينقص يوميا حسب المد و الجزر .

تبلغ مساحة الفيليبين ما يقارب من ثلاثمائة ألف كيلو متر مربع ، ويبلغ امتدادها من الشمال إلى الجنوب 1800 كم . وتنقسم هذه الجزر الكثيرة إلى ثلاثة أقسام رئيسية ، فتقع جزيرة لوزون في الشمال وهي أكبر الجزر ، وتليها في المساحة جزيرة ميندناو وتقع في القسم الجنوبي الذي يضم مجموعة أخرى من الجزر يطلق عليها أرخبيل صولو .

أما القسم الأوسط فيعرف باسم فيسايا ويضم مجموعة كبيرة من الجزر .

ويبلغ عدد سكان الفيليبين أكثر من تسعين مليون نسمة ، وهم في زيادة مستمرة تزيد على المليون سنوياً و نسبة المسلمين منهم أكثر من 16%.

ويتألف السكان من عناصر جنسية مختلفة ، بيد أن العنصر الغالب هو العنصر الماليزي وكان يطلق عليه اسم اندويوس وفي العصور الحديثة جاء إلى البلاد الصينيون ، والاسبان ، والأمريكان فنشأ نتيجة التزاوج ما يطلق عليه اسم المستيزوس ويوجد كذلك مجمعة صغيرة من السود تدعى : نغريتوس يعيشون في الغابات و على الجبال في المناطق النائية .

ومن أهم مناطق المسلمين في الفيلبين تقع في القسم الجنوبي في الجزر الآتية :

1ـ جزر صولو : تشكل شريطا من الجزر يزيد عددها على المئات وعاصمة هذه الجزر مدينة جولو .

ويدين معظم السكان في هذه الجزر بالإسلام ، ويعملون – أعانهم الله تعالى – في صيد السمك ، كما يعمل بعضهم بالزراعة . وفي جزيرة جولو تأسست أول سلطنة إسلامية على يد الشريف أبي بكر الملقب بالهاشمي .

وتكاد تكون هذه الجزر كلها خضراء ، إذ لا تجد بقعة فيها دون نبات سواء أكان طبيعيا أم زراعة .

ولقد خربت الحرب الدائرة اليوم بين المسلمين و الحكومات الصليبية أكثر هذه الجزر بالقصف المدفعي من البر و البحر و الجو ، فهدمت المباني ، والمؤسسات ، والمساجد ، ولم يبق من مساجد مدينة جولو مثلا سوى عدة مساجد بعد أن كانت تعج بها . وانتقل كثير من الأهالي إلى الغابات و الأماكن النائية ، حتى أن المعاهد ، و المدارس أضحت في تلك الجهات المعزولة ، ويعيش الآن في حالة بائسة تحاربهم القوات الصليبية و الفقر والتجاهل الإسلامي .

2- جزيرة بالاوان : معظم سكان الجزيرة من المسلمين ، وقد نال سكان الجزيرة ما نال بقية مناطق المسلمين من خراب و تدمير و إبادة و إحراق للمزارع ، ونهب للممتلكات ، و لا يزال هذا القتل و التشريد بحق المسلمين إلى اليوم و لا أحد يهتم لأحد إخواننا ، و الله المستعان .

3- جزيرة مينداناو : و هي ثاني كبريات جزر الفيلبين بعد لوزون و تبلغ مساحتها 140 ألف كم2 و أكثر سكانها من المسلمين و إن هجروا و أبدوا من المناطق الشرقية بسبب الغزو الصليبي للمسلمين .

و بعد أن أوردت جميع هذه المعلومات للمسلمين - أفراداً و مؤسسات حكومة و أهلية - لمد يد العون لإخوانهم ، و للتحقيق بعض أحلام ، و آمال هذا الشعب والمظلوم ولعل أهمها ما يلي :

أ‌- الحكم الذاتي للمسلمين في مناطقهم بحيث يضمن لهم دينهم ، و جميع الضروريات التي تحفظهم .

ب‌- الدعم المادي و المعنوي المتمثل بفتح الجامعات لمختلف العلوم و خصوصا العلوم التي تربطهم بأمتهم .

ت‌- تكوين محاكم خاصة بمناطق المسلمين التي تطبق فيها الشريعة الإسلامية .

ث‌- تكوين نظام مالي واقتصادي خاص بالمسلمين يضمن لهم الاستقرار و العيش الكريم .

ج‌- إنشاء سلطات أمن خاصة بالمسلمين في مناطقهم ومدهم بما يلزمهم من تدريب و سلاح مناسب لذلك .

ح‌- تشكيل مجلس تشريعي و مجلس تنفيذي على أن يتم تشكيل المجلس التشريعي عن طرق الانتخاب المباشر .

خ‌- كما يجب السعي لإطلاق سراح جميع الأسرى المسلمين لدى السلطة الفيلبينية .

د‌- السعي لعودة جميع المهجرين إلى مناطقهم مع عودة أملاكهم وصرف التعويضات المناسبة لذلك .

ذ‌- يجب عدم قبول أي سفير من السفراء الفيلبينيين لدى الدول العربية و الإسلامية إلا إذا كان مسلما لمساعدهم على تكوين قيادات مسلمة لها معارف عربية و إسلامية لدعم بلادهم و شرح أوضاعهم .

ر‌- إرسال الكوادر العلمية لتعليم المسلمين العربية و علوم الشريعة فهم باشد الحاجة لهذا كما يجب قبول طلابهم في جامعاتنا بجميع الاختصاصات اللازمة لبناء بلادهم و الدفاع عنها .

وفي الختام أود أن انوه أن لبعض السعوديين أياد بيضاء في مساعدة المسلمين في الفيليبين ، فقد بنوا لهم آلاف المساجد ، و العشرات من المدارس ، و المعاهد العلمية ، و قد خفروا لهم الآلات من الآبار ، و غيرها حتى كان يتم توزيع الإعانات من أمثال اللحم ، و التمر و اللباس في الأعياد ، و غيرها من المناسبات الإسلامية ، فيا ليت كثير من الشعوب الإسلامية حكومات و منظمات أهلية و غير أهلية تمد لهم يد العون كما يفعل هؤلاء فبارك الله بكل من يمد يد العون للمسلمين لبناء بلادهم و الدفاع عن حقوقهم .

* محام وكاتب إسلامي سوري.

"حقوق النشر محفوظة لموقع "قاوم"، ويسمح بالنسخ بشرط ذكر المصدر"