تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حائط مصر صار حقيقة.. أليس بين حكام العرب رجل رشيد؟



أبو طه
12-23-2009, 06:18 AM
حائط مصر صار حقيقة.. أليس بين حكام العرب رجل رشيد؟
خضير بوقايلة
23/12/2009

حكام مصر يرفضون من أي عربي أو مسلم أن يزايد عليهم بخصوص موقفهم من القضية الفلسطينية ومن الشعب الفلسطيني سواء في دولة الضفة الغربية أو في دولة قطاع غزة، فهم أحرص على فلسطين وشعبها المحتل من الفلسطينيين أنفسهم ومن العرب والمسلمين أجمعين.

ولا تسألوا عن مظاهر هذا الحرص أو الدعم الرسمي المصري لفلسطين، فهو ظاهر للعيان ولا ينكره إلا جاحد أو مكابر أو مغرض. الناطق باسم الرئاسة المصرية سليمان عواد أكد أول أمس من أبو ظبي مدى التزام حكومة بلاده بالوقوف مع شعب فلسطين، موضحاً أن 'دعم مصر الثابت للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة أو في الشتات هو دعم ثابت لا يتزعزع.'

مناسبة هذا التأكيد جاءت ردا على تساؤلات عن إقامة مصر جدارا فولاذيا عازلا على الحدود المصرية ـالغزاوية. كانت أمنية النظام المصري أن يُبنى هذا الجدار بسرعة ودون علم أحد ويبقى هذا العمل الصالح ضمن صدقة السر التي يبقى أجرها مضاعفا عند الله، لولا أن الأمر انكشف وبان. وما دامت النية صادقة وخالصة فإن حكومة الرئيس مبارك لا ترى حرجا في أن تبرر خطوتها تلك بالتأكيد على أن 'من حق مصر فرض سيطرتها على حدودها وصيانة أرضها وأن تتخذ ما تشاء من إجراءات لضمان أمن وسلامة حدودها. وضمان مصر لأمن وسلامة حدودها هو مسؤولية الدولة'. هكذا قال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط وأكده المتحدث الرسمي باسم رئاسة جمهورية مصر العربية.

ثم يضيف هذا الأخير تفسيرا آخر يبرر اتخاذ مصر هذه الخطوة الحاسمة في حفظ وصيانة حدودها. يقول سعادته في التصريح الذي نقلته صحيفة 'الأهرام' أمس 'علينا أن نتذكر ما حدث يوم 23 كانون الثاني (يناير) من العام الماضي عندما تدفق أكثر من 700 ألف فلسطيني عبر الحدود، وأن بعض العناصر تسللت خارج سيناء ووصلت إلى محافظات مصرية بعيدة مثل بني سويف'. فلسطينيو غزة صاروا مثل ياجوج وماجوج مفسدين في الأرض، لذلك قرر حاكم مصر أن يقتدي بالملك ذي القرنين فيجعل بينه وبين الفلسطينيين سدا منيعا من حديد. يريد أهل الحكم في القاهرة أن تبقى أرض مصر نقية من أي مواطن غزاوي، فهم عندما هربوا من القصف الإسرائيلي ومن قنابل الفوسفور الأبيض الصهيونية إلى أرض مصر كانوا قد ارتكبوا جريمة كبرى، لذلك تقرر هذه المرة أن يقام هذا السد الحديدي بحيث لن يستطيع الهاربون أن يظهروه ولن يستطيع المهربون له نقبا. إسرائيل عندما تضرب ضربة أخرى فإنها تريد من الإخوة في مصر أن يساعدوها على تحقيق هدفها الذي هو إبادة جماعية لكل أهل غزة نساء وأطفالا ومرضى وشيوخا وكذا الحيوانات والطيور. وقبل العدوان الصهيوني المقبل، لا بأس أن يهلك من يهلك جوعا ومرضا بعد أن يسد الجدار الفولاذي المصري كل الأنفاق وسبل تحدي الحصار الشامل المفروض على أهل غزة من طرف قوات الاحتلال. ولا يحق لأحد بعد كل هذا أن يزايد على دعم مصر الثابت الذي لا يتزعزع تجاه أهل فلسطين. ولا يستغربن أحد إذا ما سمع مسؤولا مصريا يوما يقول إن الذي أقيم على الحدود مع قطاع غزة ليس جدارا عازلا، بل هو جسر حديدي جديد سيفتح قريبا أمام الإخوة الفلسطينيين لقضاء حوائجهم والسياحة على تراب شقيقتهم الكبرى الحريصة على رفاهية وسلامة آل غزة.

هل بقي بعد ما يجري الآن على الحدود المصرية ـ الفلسطينية للعرب من صوت يرفعونه ضد إسرائيل تنديدا بالحصار الذي تفرضه على شعب فلسطين؟ عربي يقيم في وجه أخيه العربي سدا حديديا منيعا ليمنعه من كسر الحصار القاتل المفروض عليه من طرف الاحتلال الإسرائيلي، ولا أحد من العرب أو من المسلمين يستنكر هذا الفعل ولو من باب تغيير المنكر بأضعف الإيمان. أليس بين الحكام العرب رجل رشيد يقول لحكام مصر إن تضامنكم الثابت مع إخوانكم الفلسطينيين لا يمكن أن يستمر طويلا، أوقفوا تضامنكم من فضلكم واتركوا الفلسطينيين يناضلون لوحدهم أو إن شئتم تسلطوا عليهم لعل شَرَّكم يكون خيرا عليهم ما دام تضامنكم بهذا الشكل. هل سيبقى العرب صامتين أبد الدهر بحجة أن مصر هي أمّ العرب وأنها حرة في ما تفعله على أراضيها؟ ألم يحن الوقت ليتحرك عقلاء العرب ويقولوا كلمة حق نصرة للمقهورين المنسيين في قطاع غزة وفي فلسطين عامة؟ نعلم علم اليقين أن أية كلمة حق لن تغيِّر الآن شيئا من المؤامرة التي تنفذ ضد أهل غزة ولن تجعل نظام مبارك يتراجع عن تنفيذ خططه التضامنية ضد الغزاويين، لكنها كلمة يجب أن تقال لعلها تُحفظ في التاريخ ولعلها تغير يوما في الأمر شيئا. لا نطالب بعقد قمة عربية طارئة من أجل وقف جدار مصر، فقد رأينا ماذا كان مصير قمة الدوحة الطارئة عندما كانت الحمم والقذائف تتساقط كالمطر المنهمر على سكان غزة العام الماضي.

قادة حماس استنكروا بناء الجدار الحديدي ودعوا سلطات مصر إلى التوقف عن ذلك فورا لأن ذلك من شأنه أن يساهم في خنق سكان غزة وينتهي إلى كارثة حقيقية في المنطقة. لا أدري إن كان أبو زهري ورفاقه جادين في كلامهم أم يمزحون عندما توجهوا بكلامهم إلى السلطات المصرية وكأن أمر بناء الجدار أو هدمه بأيديها. حكام مصر رضخوا كثيرا لضغوط أمريكا وإسرائيل بخصوص الحركة القائمة على الحدود المصرية ـ الغزاوية، لكن أن يصل الأمر إلى حد القبول ببناء جدار العار هذا فهذا هو الشيء الذي لا يمكن لأحد أن يفهمه أو يصدق أنه صادر عن جهة عربية لا تزال ترفع شعار التضامن مع فلسطين. لو كانت حكومة مبارك تؤمن فعلا بمصلحة مصر وتعمل من أجلها فإنها لن تجازف أبدا باتخاذ قرار كهذا. فبغض النظر عن حكاية التضامن والكلام السياسي الذي لم يعد ينطلي على أحد، يعلم الجميع أن الأنفاق الرابطة بين الأراضي المصرية وقطاع غزة تمر عبرها سلع وأغذية وأشياء أخرى أساسية لحياة المواطن الفلسطيني في غزة، وفي ذلك فائدة مادية كبيرة على سكان الحدود وعلى كبار تجار مصر، لكن حتى في هذه أثبتت الحكومة المصرية أنها لا تعمل فقط ضد أهل غزة، بل أيضا ضد شعبها المنسي في الحدود. قد يقول قائل إن الأموال التي قد تتلقاها الحكومة المصرية من الأمريكيين مقابل إقامة سد ياجوج وماجوج لا بد أن تكون أضعافا مضاعفة من تلك الأموال التي يجنيها المصريون من التهريب على الحدود مع غزة، لعل هذا صحيح، لكن هناك أيضا فرقا بين الأموال التي تدخل جيوب الشعب البسيط وبين تلك التي تدخل جيوب الحكام!
' كاتب وصحافي جزائري

http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today%5C22qpt79.htm&storytitle=&storytitleb=%CE%D6%ED%D1%20%C8%E6%D E%C7%ED%E1%C9&storytitlec (http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today%5C22qpt79.htm&storytitle=&storytitleb=%CE%D6%ED%D1%20%C8%E6%D E%C7%ED%E1%C9&storytitlec)=