من هناك
11-30-2009, 06:02 AM
أين الشركات اللبنانية والوزارات من الإنترنت
أربعة صور من أربعة مناطق في العالم :
الانترنت هي التي ستبني شركات و إدارات المستقبل . بهذه العبارة افتتح جون شامبر(مدير شركة سيسكو الرائدة في تقنيات الشبكات و الانترنت) خطابه المميز في معرض كومدكس-تشرين الثاني 2001 في لاس فيغاس مطلع الأسبوع الماضي. لقد أعان شامبر أن الانترنت حققت كل الازدهار الذي تعرفه اليوم خلال السنوات الأربع الأخيرة رغم أن المحللين ظنوا أنها لن تبلغ هذا الإزدهار إلا بعد عشر سنوات.
لذلك لا ينبغي أن يستخف الناس بطاقات الانترنت الخفية و سرعة تطورها لأنها ستحول الشركات ( و ربما الحكومات) إلى أجواء شبكية افتراضية (Virtual Network Spaces) ناجحة وتامة خلال فترة وجيزة و الفضل كله يعود للتطبيقات الالكترونية المستحدثة التي ملأت الدنيا وشغلت الناس.
كما أن المستثمرين في حقل الانترنت يسعون لتعميم العمل الالكتروني بشكل عالمي بحيث يستطيع أي كان في أي مكان التواصل مع أي كان عبر الانترنت بالسرعة اللازمة و الوقت المناسب. سنرى ، في القريب العاجل في العالم المتحضر ، أناساً ينجزون أعمالهم من منازلهم ، من غرفهم العادية في الفنادق ، من سياراتهم ، من فنادقهم. علماً أن معظم المعاملات الإدارية و الرسمية صارت تتم بشكل أوتوماتيكي عبر البريد أو التواصل الالكتروني.
في نفس المعرض ، عرض المدير الإعلامي جيم غراب في شركة سيسكو للحاضرين فيلماً وثائقياً يشرح للحاضرين مدى تقدم الخدمات الشبكية التي يمكن للناس أن يفيدوا منها هذا العام. يصور الفلم أولاً غراب جالساً في كافيتييريا راقية تقدم خدمة الربط الضوئي بالانترنت (Blue Tooth التي صارت متوفرة في لبنان على مستوى ضيق) عبر الكمبيوتر المحمول الذي يؤمن له عرضاً افتراضياً ينقل له المستجدات الآنية من مكتبه مباشرة بكل تفاصيلها. كما علق غراب بأن هذه التقنية متوفرة لخدمة التعليم البعدي عبر الانترنت أيضاً.؟
بعد ذلك انتقل غراب إلى سيارته المجهزة بكمبيوتر خاص لا يمكن تفريقه عن مسجلة سيارة حديثة. استخدم غراب بعض الأزرار للتفتيش عن أقرب مطعم وحجز طاولة له وعرّف عن ضيوفه. ثم انتقل إلى إحد المتاجر الالكترونية على الشبكة وأشترى إخر ألبوم لفرقة (Destiny Child) وسرعان ما وصل الألبوم إلى ذاكرة مسجلة السيارة عبر الشبكة وصدحت الموسيقى. فجأة أنبأه الكمبيوتر بالحاجة إلى الوقود و دله على أقرب محطة في الشارع وطلب منه تحديد الكمية المناسبة وكيفية الدفع.
عند وصوله إلى المطعم ، حمل غراب معه جهاز كمبيوتر الجيب Ipac للبقاء على اتصال بالمكتب و السيارة حيث عرض الفيلم كيفية إدارة السيارة و فتح الأبواب أو أغلاقها عبر الشبكة.
علق قائلاً : "ليست السيارة هي التي تتصل بالشبكة بل يمكن التحكم بالسيارة عبر الشبكة أيضاً".
بعد الغداء الطويل قرر عدم العودة إلى المكتب فأخبر سكريتيرته عبر مقابلة مصورة أنه متجه لمقابلة أخرى وأعد الكمبيوتر في المكتب كي يوجه له صورة عن الفاكسات المهمة التي ترده لأن البريد الالكتروني يصل إلى جهاز Ipac تلقائياً.
في الختام أعلن أن "هذا العام ،أهمية الانترنت و التعليم تتساويان لكن انتاجية الانترنت ستنال السبق في تحديد مستقبل الشركات الجادة و حتى الحكومات العصرية".
دبي تعلن انها بدأت خطوة الألف ميل لتعميم الحكومة الالكترونية حزيران 2001 و الشيخ محمد يعلن أن هذه ليست إلا جزءً من خطتهم الشاملة للألفية الثالثة. لم تكن هذه الإمارة البسيطة ذات شأن في العالم العربي كله أو الخليج منذ سنوات قليلة لكنها اليوم تتربع بجدارة على عرش التكنولوجيا في العالم العربي . ما الذي رفع مستوى دبي التقني ، ليس المال بالتأكيد بل لأن الكويت أغنى بكثير. إنها العقلية المنفتحة و التخصصية في مراكز المسؤولية وهذا ما يفتقده العرب بشكل عام. إن الشيخ محمد هو الذي دفع البلد إلى هذا المستوى لأنه لا يؤمن إلا بالإنتاجية والعقلية المنفتحة ولا يعترف بالواسطة أو القربى. لا مجال هناك لمحاصصة أو لتوزير أشخاص بعيدون عن مجال عمل وزاراتهم. كما أنهم يعتمدون على نظم متطورة مهمة لمراقبة الإدارات تماماً كما يحصل في الشركات الخاصة الكبرى. هكذا تقدم مستوى القطاع الخاص عندهم و ارتفع شأنه.
16 تشرين الثاني : تظاهر مستخدموا الانترنت الايرلنديين بسبب تخلف وسائل الإتصال بالانترنت عندهم ( كما هو الحال في لبنان ) و أعلنوا عن قطع كل وسائل الربط بالانترنت ليوم واحد. أعلن آدم بيتشر أن هدف الإضراب عن استخدام الانترنت ليوم واحد هو لفت نظر السياسيين و المسؤولين وكل المهتمين إلى الحاجة إلى سرعات متطورة أسوة بكل الجيران الأوروبيين (كما هو الحال بالنسبة للتخلف التقني بيننا و بين العدو الصهيوني). علماً أن قوانين ايرلندا تسمح لشعبها بالتوصل إلى حلول أرخص عبر الأقمار الصناعية أو التشبيك المحلي (Network Cable) وهو ما زالت قوانيننا اللبنانية عاجزة عن استيعابه حتى اليوم فترى الناس يدفعون 2500 لساعة الانترنت الواحدة بشق الأنفس رغم أن معدل كلفة الساعة في الدول المتقدة التي تؤمن الوظائف لشعبها لا تتجاوز 4 سنت للساعة الواحدة وبسرعات تتجاوز السرعات المتوافرة في لبنان بأضعاف مضاعفة.
تشرين الأول 2001 : أعلنت الحكومة البنانية ( وزارتي الإصلاح الإداري ووزارة الداخلية ) عن تحديث القوانين و فرَض قانون البلديات الجديد على البلديات (حتى بلديات القرى النائية ) أن تحصل على كمبيوتر وعنوان بريد الكتروني للتواصل مع الوزارة. الخبر رائع لكن الواقع أروع. كمن يهدي سيارات ليموزين إلى فلاحي القرى النائية في عكار التي لم تعرف الطرقات المعبدة حتى اليوم ناهيك عن الهاتف.
يستخلص القارئ من الصور الثلاثة الأولى أن للشبكة دوراً مهماً أولياً في التقدم المعلوماتي الهائل بل أن التخلف الشبكي صار يؤسس لحركة سياسية وإضراب شامل قلما حدث في تلك البلاد.
لا أطمع أن تؤمن الدولة اللبنانية قانوناً يفتح الأجواء للشبكات الضوئية أو تحرير شبكات الإتصالات وتركها على عاتق التنافس التجاري خدمة للناس وتوفيراً على الشركات. كما أنه لا يسعنا أن نطمع بتخصصية المسؤولين والوزراء لأن للسياسة أبواباً لا تحتاج لأثير الانترنت أو للأحلام الالكترونية. كما انه لا يمكننا التظاهر طلباً لخدمة انترنت أفضل لأن تحالف وزارة الإتصالات ، أوجيرو والشركات مزودة خدمات الانترنت تستفيد بشكل هائل من بطء الخدمة وتقليديتها. تربح أوجيرو اليوم 1000- 3000 دولار سنوياً من كل خط تأجيري واحد أو 6000$ من كل ربطة عبر الموجات القصيرة جداً (Microwave) كي ينال المستخدم نظاقاً لا يتعدى 8 كيلو بايت أي ما يعادل ضعغي سرعة الهاتف العادي. كما أن الوزارة تربح مبلغ 2000 ليرة عن كل ساعة هاتفية وتنال الشركات مزودة الخدمة مبلغ 10$ شهرياً لهذه الخدمة البسيطة.
حالياً ، ينال المستخدم في الولايات المتحدة أو أي دولة أوروبية سرعات هائلة بالنسبة لنا تعادل 256 كيلو بايت إلى 1400 كيلو بايت بسعر لا يتجاوز 50 دولار أمريكي للشهر كله 24 ساعة سبعة أيام في الأسبوع.
طبعاً هذه أمريكا لكن ما المانع أن تخفف الدولة عن كاهل الشعب المحب للعلم عندنا.
ما المانع أن تخفف الدولة عن كاهل الشركات المختصة بالمعلوماتية بدل أن يطل علينا بين الحين والآخر مسؤولون يعدون بما لا يملكون
ما المانع أن يحصل المشتركين على خدمات مقبولة لقاء ما يدفعونه علماً أن الشركات التي تؤمن خدمة الربط تربح الكثير ويكفي القليل من المنافسة كي تتدنى الأسعار بشكل هائل.
عفواً معالي وزير الاتصالات ، لم تعد الاتصالات اليوم كما كانت بالأمس. كما أن التصريحات اللبنانية بالرفاهية المعلوماتية لا تجدي في عالم أثيري يسير بسرعات الغيغا هرتز ولا ينتظر قوانين القرن العشرين و لا تقارير خبراء التسعينيات. لقد صرح أحد هؤلاء الخبراء في مؤتمر عام ليس بالبعيد أن السرعة الحالية للإنترنت في لبنان كافية لحاجاتنا. هل الإنترنت تفصل على مقاسنا ؟؟؟
عفواً معالي الوزراء، أنا لا أطمع أن أحصل على رخصة من البلدية عبر البريد الإلكتروني كما أنني أرضى أن أقف في صف طويل لأحصل على سجل عدلي قد أحصل عليه غبر الوب يوماُ ما لو اقتنع المسؤولون بأهمية الحكومة الالكترونية التي لا ترضى الوقوع في فخ الروتين الإداري . لكن ما نحتاجه فعلاً ليس تصاريح تتزين بالتقنيات.
q نحن بحاجة إلى خدمة إنترنت يستخدمها الناس في القرن الحادي و العشرين
q نحن بحاجة إلى خدمة تواكب التطبيقات الحديثة من اللقاءات البعدية (Tele conferencing) والتعليم الإلكتروني(E-Learning) و التجارة الافتراضية (E-Commerce) و أخيراً وليس آخراً قد يحتاج اللبنانيين إلى مكاتب حكومية عبر الإنترنت تخدمهم 24\24 دون أن يخسر وقتاً ثميناً ويدفع إكراميات إجبارية مرهقة.
q نحن بحاجة إلى فرق طوارئ لتوعية الناس والمسؤولين إلى أهمية السرعة وثمن الوقت
q نحن بحاجة إلى خدمة إنترنت رخيصة تواكب التوجهات التعليمية المشكورة في وزارة التربية و الجامعة اللبنانية
q نحن بحاجة إلى السماح بالإتصال الهاتفي عبر الانترنت لفتح آفاق استثمارية جديدة في لبنان والعالم العربي. حتى اليوم لا زال العالم العربي يفتقر إلى عقدة إتصال عبر الانترنت (VoIP) وتتنافس الكويت و دبي على الحصول على هذا الامتياز رغم أسبقية لبنان في هذا المجال. كما أن الكثير من المشاريع قدمت في الجامعات لدراسة جدوى هذا المشروع وإمكانيته.
q نحن بحاجة إلى خدمة إنترنت آمنة تدفع الناس إلى التوجه إلى الأعمال الإلكترونية بدل الوقوع في فخ المراقبة التقليدية المتخلفة هذه الأيام.
q نحن بحاجة إلى تشريع يسهل الإستثمار في الشبكات اللاسلكية الجديدة(الشبكات الضوئية 802.11B) بشكل مجاني يسمح لأصحاب الوقت الثمين من استثمار الوقت المهدور في عجقة السيارات وهو أرخص من تقنيات GPRS التي تأثرت أيضاً برفاهية الأسعار اللبنانية فصارت أغلى من الذهب في هذه البلاد.
q الأهم ، يود كل مهتم في هذا المجال أن يكون الخبراء مستشارو أهل الحل والربط عندنا من أصحاب الخبرات المستجدة المتماشية مع الإنترنت. لأن الكل ذهلوا وهم يرون تأخر الواقع المعرفي الحاصل الذي تمثل في مؤتمر التجارة الإلكترونية الذي عقد في بيروت منذ ثلاثة أشهر. لقد برهن بعض المتكلمون عن بعد شاسع عما وصل إليه الناس اليوم في عالم الأثير.
الحاجات كثيرة لكن الحلول غير قليلة أيضاً
أربعة صور من أربعة مناطق في العالم :
الانترنت هي التي ستبني شركات و إدارات المستقبل . بهذه العبارة افتتح جون شامبر(مدير شركة سيسكو الرائدة في تقنيات الشبكات و الانترنت) خطابه المميز في معرض كومدكس-تشرين الثاني 2001 في لاس فيغاس مطلع الأسبوع الماضي. لقد أعان شامبر أن الانترنت حققت كل الازدهار الذي تعرفه اليوم خلال السنوات الأربع الأخيرة رغم أن المحللين ظنوا أنها لن تبلغ هذا الإزدهار إلا بعد عشر سنوات.
لذلك لا ينبغي أن يستخف الناس بطاقات الانترنت الخفية و سرعة تطورها لأنها ستحول الشركات ( و ربما الحكومات) إلى أجواء شبكية افتراضية (Virtual Network Spaces) ناجحة وتامة خلال فترة وجيزة و الفضل كله يعود للتطبيقات الالكترونية المستحدثة التي ملأت الدنيا وشغلت الناس.
كما أن المستثمرين في حقل الانترنت يسعون لتعميم العمل الالكتروني بشكل عالمي بحيث يستطيع أي كان في أي مكان التواصل مع أي كان عبر الانترنت بالسرعة اللازمة و الوقت المناسب. سنرى ، في القريب العاجل في العالم المتحضر ، أناساً ينجزون أعمالهم من منازلهم ، من غرفهم العادية في الفنادق ، من سياراتهم ، من فنادقهم. علماً أن معظم المعاملات الإدارية و الرسمية صارت تتم بشكل أوتوماتيكي عبر البريد أو التواصل الالكتروني.
في نفس المعرض ، عرض المدير الإعلامي جيم غراب في شركة سيسكو للحاضرين فيلماً وثائقياً يشرح للحاضرين مدى تقدم الخدمات الشبكية التي يمكن للناس أن يفيدوا منها هذا العام. يصور الفلم أولاً غراب جالساً في كافيتييريا راقية تقدم خدمة الربط الضوئي بالانترنت (Blue Tooth التي صارت متوفرة في لبنان على مستوى ضيق) عبر الكمبيوتر المحمول الذي يؤمن له عرضاً افتراضياً ينقل له المستجدات الآنية من مكتبه مباشرة بكل تفاصيلها. كما علق غراب بأن هذه التقنية متوفرة لخدمة التعليم البعدي عبر الانترنت أيضاً.؟
بعد ذلك انتقل غراب إلى سيارته المجهزة بكمبيوتر خاص لا يمكن تفريقه عن مسجلة سيارة حديثة. استخدم غراب بعض الأزرار للتفتيش عن أقرب مطعم وحجز طاولة له وعرّف عن ضيوفه. ثم انتقل إلى إحد المتاجر الالكترونية على الشبكة وأشترى إخر ألبوم لفرقة (Destiny Child) وسرعان ما وصل الألبوم إلى ذاكرة مسجلة السيارة عبر الشبكة وصدحت الموسيقى. فجأة أنبأه الكمبيوتر بالحاجة إلى الوقود و دله على أقرب محطة في الشارع وطلب منه تحديد الكمية المناسبة وكيفية الدفع.
عند وصوله إلى المطعم ، حمل غراب معه جهاز كمبيوتر الجيب Ipac للبقاء على اتصال بالمكتب و السيارة حيث عرض الفيلم كيفية إدارة السيارة و فتح الأبواب أو أغلاقها عبر الشبكة.
علق قائلاً : "ليست السيارة هي التي تتصل بالشبكة بل يمكن التحكم بالسيارة عبر الشبكة أيضاً".
بعد الغداء الطويل قرر عدم العودة إلى المكتب فأخبر سكريتيرته عبر مقابلة مصورة أنه متجه لمقابلة أخرى وأعد الكمبيوتر في المكتب كي يوجه له صورة عن الفاكسات المهمة التي ترده لأن البريد الالكتروني يصل إلى جهاز Ipac تلقائياً.
في الختام أعلن أن "هذا العام ،أهمية الانترنت و التعليم تتساويان لكن انتاجية الانترنت ستنال السبق في تحديد مستقبل الشركات الجادة و حتى الحكومات العصرية".
دبي تعلن انها بدأت خطوة الألف ميل لتعميم الحكومة الالكترونية حزيران 2001 و الشيخ محمد يعلن أن هذه ليست إلا جزءً من خطتهم الشاملة للألفية الثالثة. لم تكن هذه الإمارة البسيطة ذات شأن في العالم العربي كله أو الخليج منذ سنوات قليلة لكنها اليوم تتربع بجدارة على عرش التكنولوجيا في العالم العربي . ما الذي رفع مستوى دبي التقني ، ليس المال بالتأكيد بل لأن الكويت أغنى بكثير. إنها العقلية المنفتحة و التخصصية في مراكز المسؤولية وهذا ما يفتقده العرب بشكل عام. إن الشيخ محمد هو الذي دفع البلد إلى هذا المستوى لأنه لا يؤمن إلا بالإنتاجية والعقلية المنفتحة ولا يعترف بالواسطة أو القربى. لا مجال هناك لمحاصصة أو لتوزير أشخاص بعيدون عن مجال عمل وزاراتهم. كما أنهم يعتمدون على نظم متطورة مهمة لمراقبة الإدارات تماماً كما يحصل في الشركات الخاصة الكبرى. هكذا تقدم مستوى القطاع الخاص عندهم و ارتفع شأنه.
16 تشرين الثاني : تظاهر مستخدموا الانترنت الايرلنديين بسبب تخلف وسائل الإتصال بالانترنت عندهم ( كما هو الحال في لبنان ) و أعلنوا عن قطع كل وسائل الربط بالانترنت ليوم واحد. أعلن آدم بيتشر أن هدف الإضراب عن استخدام الانترنت ليوم واحد هو لفت نظر السياسيين و المسؤولين وكل المهتمين إلى الحاجة إلى سرعات متطورة أسوة بكل الجيران الأوروبيين (كما هو الحال بالنسبة للتخلف التقني بيننا و بين العدو الصهيوني). علماً أن قوانين ايرلندا تسمح لشعبها بالتوصل إلى حلول أرخص عبر الأقمار الصناعية أو التشبيك المحلي (Network Cable) وهو ما زالت قوانيننا اللبنانية عاجزة عن استيعابه حتى اليوم فترى الناس يدفعون 2500 لساعة الانترنت الواحدة بشق الأنفس رغم أن معدل كلفة الساعة في الدول المتقدة التي تؤمن الوظائف لشعبها لا تتجاوز 4 سنت للساعة الواحدة وبسرعات تتجاوز السرعات المتوافرة في لبنان بأضعاف مضاعفة.
تشرين الأول 2001 : أعلنت الحكومة البنانية ( وزارتي الإصلاح الإداري ووزارة الداخلية ) عن تحديث القوانين و فرَض قانون البلديات الجديد على البلديات (حتى بلديات القرى النائية ) أن تحصل على كمبيوتر وعنوان بريد الكتروني للتواصل مع الوزارة. الخبر رائع لكن الواقع أروع. كمن يهدي سيارات ليموزين إلى فلاحي القرى النائية في عكار التي لم تعرف الطرقات المعبدة حتى اليوم ناهيك عن الهاتف.
يستخلص القارئ من الصور الثلاثة الأولى أن للشبكة دوراً مهماً أولياً في التقدم المعلوماتي الهائل بل أن التخلف الشبكي صار يؤسس لحركة سياسية وإضراب شامل قلما حدث في تلك البلاد.
لا أطمع أن تؤمن الدولة اللبنانية قانوناً يفتح الأجواء للشبكات الضوئية أو تحرير شبكات الإتصالات وتركها على عاتق التنافس التجاري خدمة للناس وتوفيراً على الشركات. كما أنه لا يسعنا أن نطمع بتخصصية المسؤولين والوزراء لأن للسياسة أبواباً لا تحتاج لأثير الانترنت أو للأحلام الالكترونية. كما انه لا يمكننا التظاهر طلباً لخدمة انترنت أفضل لأن تحالف وزارة الإتصالات ، أوجيرو والشركات مزودة خدمات الانترنت تستفيد بشكل هائل من بطء الخدمة وتقليديتها. تربح أوجيرو اليوم 1000- 3000 دولار سنوياً من كل خط تأجيري واحد أو 6000$ من كل ربطة عبر الموجات القصيرة جداً (Microwave) كي ينال المستخدم نظاقاً لا يتعدى 8 كيلو بايت أي ما يعادل ضعغي سرعة الهاتف العادي. كما أن الوزارة تربح مبلغ 2000 ليرة عن كل ساعة هاتفية وتنال الشركات مزودة الخدمة مبلغ 10$ شهرياً لهذه الخدمة البسيطة.
حالياً ، ينال المستخدم في الولايات المتحدة أو أي دولة أوروبية سرعات هائلة بالنسبة لنا تعادل 256 كيلو بايت إلى 1400 كيلو بايت بسعر لا يتجاوز 50 دولار أمريكي للشهر كله 24 ساعة سبعة أيام في الأسبوع.
طبعاً هذه أمريكا لكن ما المانع أن تخفف الدولة عن كاهل الشعب المحب للعلم عندنا.
ما المانع أن تخفف الدولة عن كاهل الشركات المختصة بالمعلوماتية بدل أن يطل علينا بين الحين والآخر مسؤولون يعدون بما لا يملكون
ما المانع أن يحصل المشتركين على خدمات مقبولة لقاء ما يدفعونه علماً أن الشركات التي تؤمن خدمة الربط تربح الكثير ويكفي القليل من المنافسة كي تتدنى الأسعار بشكل هائل.
عفواً معالي وزير الاتصالات ، لم تعد الاتصالات اليوم كما كانت بالأمس. كما أن التصريحات اللبنانية بالرفاهية المعلوماتية لا تجدي في عالم أثيري يسير بسرعات الغيغا هرتز ولا ينتظر قوانين القرن العشرين و لا تقارير خبراء التسعينيات. لقد صرح أحد هؤلاء الخبراء في مؤتمر عام ليس بالبعيد أن السرعة الحالية للإنترنت في لبنان كافية لحاجاتنا. هل الإنترنت تفصل على مقاسنا ؟؟؟
عفواً معالي الوزراء، أنا لا أطمع أن أحصل على رخصة من البلدية عبر البريد الإلكتروني كما أنني أرضى أن أقف في صف طويل لأحصل على سجل عدلي قد أحصل عليه غبر الوب يوماُ ما لو اقتنع المسؤولون بأهمية الحكومة الالكترونية التي لا ترضى الوقوع في فخ الروتين الإداري . لكن ما نحتاجه فعلاً ليس تصاريح تتزين بالتقنيات.
q نحن بحاجة إلى خدمة إنترنت يستخدمها الناس في القرن الحادي و العشرين
q نحن بحاجة إلى خدمة تواكب التطبيقات الحديثة من اللقاءات البعدية (Tele conferencing) والتعليم الإلكتروني(E-Learning) و التجارة الافتراضية (E-Commerce) و أخيراً وليس آخراً قد يحتاج اللبنانيين إلى مكاتب حكومية عبر الإنترنت تخدمهم 24\24 دون أن يخسر وقتاً ثميناً ويدفع إكراميات إجبارية مرهقة.
q نحن بحاجة إلى فرق طوارئ لتوعية الناس والمسؤولين إلى أهمية السرعة وثمن الوقت
q نحن بحاجة إلى خدمة إنترنت رخيصة تواكب التوجهات التعليمية المشكورة في وزارة التربية و الجامعة اللبنانية
q نحن بحاجة إلى السماح بالإتصال الهاتفي عبر الانترنت لفتح آفاق استثمارية جديدة في لبنان والعالم العربي. حتى اليوم لا زال العالم العربي يفتقر إلى عقدة إتصال عبر الانترنت (VoIP) وتتنافس الكويت و دبي على الحصول على هذا الامتياز رغم أسبقية لبنان في هذا المجال. كما أن الكثير من المشاريع قدمت في الجامعات لدراسة جدوى هذا المشروع وإمكانيته.
q نحن بحاجة إلى خدمة إنترنت آمنة تدفع الناس إلى التوجه إلى الأعمال الإلكترونية بدل الوقوع في فخ المراقبة التقليدية المتخلفة هذه الأيام.
q نحن بحاجة إلى تشريع يسهل الإستثمار في الشبكات اللاسلكية الجديدة(الشبكات الضوئية 802.11B) بشكل مجاني يسمح لأصحاب الوقت الثمين من استثمار الوقت المهدور في عجقة السيارات وهو أرخص من تقنيات GPRS التي تأثرت أيضاً برفاهية الأسعار اللبنانية فصارت أغلى من الذهب في هذه البلاد.
q الأهم ، يود كل مهتم في هذا المجال أن يكون الخبراء مستشارو أهل الحل والربط عندنا من أصحاب الخبرات المستجدة المتماشية مع الإنترنت. لأن الكل ذهلوا وهم يرون تأخر الواقع المعرفي الحاصل الذي تمثل في مؤتمر التجارة الإلكترونية الذي عقد في بيروت منذ ثلاثة أشهر. لقد برهن بعض المتكلمون عن بعد شاسع عما وصل إليه الناس اليوم في عالم الأثير.
الحاجات كثيرة لكن الحلول غير قليلة أيضاً