من هناك
11-29-2009, 03:11 PM
قبل أن يسبقنا الغرب لإقامة نظام اقتصادي إسلامي!
سليمان صالح
كريستين لاغارد وزيرة الاقتصاد والصناعة والعمل فى الحكومة الفرنسية وهى وزيرة متميزة يعلق عليها الرئيس الفرنسى ساركوزى آماله فى زيادة شعبيته وحل المشكلات الاقتصادية التى تواجهها فرنسا.
وقد أثبتت لاغارد أنها تستحق تلك الثقة فهى تتميز بعقلية منفتحة ومبدعة وهى تمتلك الشجاعة للبحث عن حلول غير تقليدية.
فبالرغم من عداء الحكومة الفرنسية للإسلام ومحاولتها حظر الحجاب فإن تلك الوزيرة مدت بصرها وتطلعت نحو الإسلام للبحث عن حلول لمشكلات فرنسا الاقتصادية وللأزمة الاقتصادية العالمية.
الاستفادة من خبرة ماليزيا
لذلك ذهبت لاغارد إلى ماليزيا واجتمعت بالسيدة أختر عزيز محافظة البنك المركزى الماليزى بهدف دراسة التجربة الماليزية وطلب مساعدة ماليزيا فى تطوير نظام التمويل الاسلامى فى فرنسا.
وصرحت كرستين لاغارد بأنها مهتمة باستكشاف الكيفيات والظروف التى يمكن باستخدامها أن تطور فرنسا قدرات التمويل الاسلامى وانها تسعى الى استفادة البنك المركزى الفرنسى من مزايا التمويل الاسلامى وتجربة هذا النظام فى ماليزيا.
والرئيس الفرنسى ساركوزى شجع وزيرة اقتصاده على السير فى هذا الاتجاه لأنه ببساطة يريد اعادة الثقة فى النظام المالى الفرنسى فهو يرى ان أهم المشكلات التى يواجهها الاقتصاد الفرنسى انهيار الثقة الشعبية فيه خاصة بعد الازمة الاقتصادية العالمية.
وهى ظاهرة لا تقتصر على الاقتصاد الفرنسى وحده ولكنها تتجلى فى كل اقتصادات العالم فلا أحد يثق الان فى البنوك بعد أن تسارع معدل الانهيار حتى بلغ عدد البنوك التى أعلنت افلاسها 120 بنكا فى امريكا وحدها.
عادت لاغارد الى فرنسا لتدعو عدداً كبيراً من رجال الاعمال والاقتصاديين وأعضاء البرلمان الفرنسى لمناقشة النظام المالى الإسلامى ومستقبله فى فرنسا وألقت الوزيرة كلمة فى بداية الندوة أكدت فيها أن الحكومة الفرنسية مهتمة بتذليل كل العقبات القانونية والاجرائية امام الاستثمارات الاسلامية المنضبطة باحكام بالشريعة الاسلامية.
وساركوزى أيضاً
إذا عدنا الى الوراء قليلاً سنكتشف أن الرئيس الفرنسى ساركوزى قد عبر عن اهتمامه بالنظام الاقتصادى الاسلامى وتطلعه إلى أن تلعب فرنسا دوراً فاعلاً فى بناء نظام التمويل الإسلامى.
وتوضح ورقة قدمها عبد الرزاق بلعباس، ونشرت ملخصا لها صحيفة الاقتصادية الالكترونية جانبين على قدر كبير من الاهمية هما:
1 - إن الاهتمام الفرنسى بنظام التمويل الإسلامى لم يكن نتيجة الازمة الاقتصادية العالمية ولكنه بدأ منذ عام 2007 حيث وجه الرئيس ساركوزى تعليمات لمختلف الجهات المعنية من أجل تطوير التمويل الإسلامى فى فرنسا، وإنشاء المجلس الاعلى للنظام المالى الإسلامى الفرنسى. وأن اللجنة العليا لهذا المجلس قررت فى ديسمبر 2007 العمل على تطوير التمويل الاسلامى فى فرنسا.
2 - عبر الرئيس ساركوزى فى مأدبة عشاء أقامها تكريماً لأمير دولة قطر عن اهتمامه بان تلعب فرنسا دورا مهما فى التمويل الاسلامى. نستنتج من ذلك أن هناك تفكيرا فرنسيا رسميا بان تطور فرنسا نظاما اقتصاديا اسلاميا..
ولكن لماذا؟!!
قبل أن نحاول أن نتوصل إلى تفسير لهذا التوجه.. دعنا نحاول أن نستجلى الامر ونقدم المزيد من المعلومات ومن اهمها ان الوزيرة الفرنسية شكلت عدداً من اللجان لبحث الموقف الفقهى الاسلامى من الضرائب والصكوك والمرابحة.
وقضية الضرائب مهمة جدا، فلقد ثبت ان النظم الضريبية الغربية خاصة فى امريكا من اهم الاسباب التى ادت الى الازمة الاقتصادية حيث انها أدت الى عجز الكثير من الناس عن سداد الديون بالاضافة الى زيادة الفقر والافلاس وانه لابد من التوصل الى حل لهذه المشكلة خاصة عندما تتم محاصرة الناس بالفوائد الربوية المرتفعة من ناحية وبالضرائب من ناحية أخرى. كما أنه لابد من البحث عن بديل عادل للفوائد الربوية ذلك ان تلك الفوائد تشكل ظلماً خطيرا، وهى تؤدى بالضرورة الى عجز المدين عن السداد بعد أن تتراكم لتزيد على مبلغ الدين نفسه.
المصلحة الوطنية
ولكن لا يمكن تفسير التوجه الفرنسى بالنوايا الطيبة لحكومة ساركوزى ووزيرة اقتصاده العبقرية.. فساركوزى جاء للحكم وقد تضمنت دعايته الانتخابية قدرا كبيرا من العنصرية والتحيز ضد الاسلام والعداء للمسلمين وتأييد الراسمالية الغربية المتوحشة. ولا يمكن التسليم بأن ساركوزى قد غير اتجاهه بين يوم وليلة. وساركوزى يستخدم كل الوسائل للتضييق على المسلمين خاصة فى مجال التعليم والحجاب فلماذا يتجه اليوم ليبحث عن حل لازمته الاقتصادية فى الاسلام. ان هذا التوجه قد جاء نتيجة للرغبة فى تحقيق المصلحة الوطنية الفرنسية، وإن كان ساركوزى يعادى الاسلام فإنه يحب وطنه ويسعى لتحقيق مصالح شعبه.. ولذلك دفعته وطنيته للبحث عن البدائل والحلول فى الاسلام. لقد أوضحت وزيرة الاقتصاد العبقرية أسباب هذا التوجه فهو كما قالت يأتى كنتيجة لرغبة الحكومة الفرنسية فى استقطاب التمويل الاسلامى بمعنى آخر فالوزيرة الفرنسية تريد أن تستقطب رأس المال الاسلامى، ورجال الاعمال الاسلاميين الذين ذاقوا مرارة ضياع اموالهم فى البنوك الغربية.. وهم يبحثون عن ملاذ آمن لاموالهم، ومجالات استثمار يمكن أن تحقق لهم ربحا معقولاً مع قدر أكبر من الامان.
ولا شك أن نظام المرابحة الاسلامية هو نظام عادل وآمن، وهو يفتح المجال لاستثمار المال بشكل حقيقى، وفى مشروعات اقتصادية تتم دراستها قبل أن تتم فيها المخاطرة بالمال، ذلك أن الذى يحصل على القرض بفائدة لا يعنيه كثيراً أن يدرس المشروع فهو فى النهاية لا يلتزم الا بدفع الفوائد على الدين. ولكن نظام المرابحة يقوم على تقاسم الربح والخسارة ولذلك فإن الطرفين لابد أن يتاكدا من امكانية أن يحقق المشروع ربحا. وفى الوقت نفسه فإن نظام المرابحة الاسلامية يقيم اقتصادا حقيقيا يتمثل فى مشروعات تنموية تؤدى الى زيادة قوة الدولة، ومعالجة مشكلة البطالة وزيادة التنافسية والتقليل من الاحتكار. لذلك فإن ساركوزى لم يتجه لاقامة نظام مالى اسلامى حبا فى الاسلام او انه تخلى عن عنصريته، ولكن حبا فى فرنسا ورغبة فى أن تصبح باريس المركز العالمى الذى يجذب الاموال والاستثمارات، وتتحقق القوة الاقتصادية. ولعل الازمة الاقتصادية قد خلقت الكثير من المبررات لتوجه ساركوزى ووزيرة اقتصاده نحو الاقتصاد الاسلامى، فهى تشكل فرصة تاريخية لفرنسا لتقوية اقتصادها، واستعادة ثقة الناس فى نظامها المالي. ولذلك فلا باس أن ينسى ساركوزى العلمانية والعنصرية من أجل المصلحة الوطنية. ونحن لابد أن نقدر ذكاء ساركوزى ووطنيته، وكفاحه لتحقيق المصالح الوطنية لبلده وشعبه.. ولتحقيق هذه المصالح تسعى كرستين لاغارد الى تغيير التشريعات الفرنسية بهدف جذب الاستثمارات فى مجال التمويل الاسلامى، وهى تتحدى المتخلفين العلمانيين من اليمين واليسار الذين يعارضون هذا التوجه بحجة الحفاظ على الفصل بين الدين والدولة، فجذب الاستثمارات وتقوية فرنسا اقتصاديا أهم بكثير من العلمانية. ولقد نجحت الوزيرة لاغارد فى اقناع البرلمان الفرنسي بتعديل بعض القوانين للسماح باصدار الصكوك والسندات الاسلامية. كما وافق البرلمان الفرنسى على السماح لبنك قطر الاسلامى بافتتاح فرع له فى باريس. ويرى خبراء اقتصاديون ان فرنسا ممكن أن تجذب بذلك 700 مليار دولار من بنوك اوروبية وامريكية ليتم استثمارها فى فرنسا وتكافح الوزيرة الفرنسية لتعديل المزيد من القوانين لفتح المجال واسعا امام الاستثمارات الاسلامية، ولكى تصبح باريس عاصمة التمويل الاسلامى، وربما عاصمة النظام الاقتصادى الاسلامى العالمى.
ان هذه الاستثمارات الاسلامية يمكن أن تقدم الحل لازمة فرنسا الاقتصادية، وتخرجها من الركود الاقتصادى ومن أجل ذلك فان ساركوزى ووزيرته على اتم استعداد للتخلى عن العلمانية، وتركها للحكام العرب ولاتباعهم من المثقفين الذين تحجرت عقولهم، وتجمد تفكيرهم، فتركوا الاسلام لفرنسا ليقدم لها حلولاً مبدعة لازمتها الاقتصادية. ولعل الحكام العرب يستمرون فى ترديد تلك المقولة المتخلفة: لا دين فى السياسة ولا سياسة فى الدين، ولا دين فى الاقتصاد حتى ينهب رجال الاعمال الفاسدون ما تبقى من أموال فى البنوك، فتنهار النظم العربية ولكن بعد أن تجذب باريس مئات المليارات وتبنى اقتصادا قويا يقوم على الاحكام والقيم الاسلامية. فهل يفكر حكامنا فى أن دولهم اولى باقامة النظام الاقتصادى الاسلامى العالمى من فرنسا!!!
سليمان صالح
كريستين لاغارد وزيرة الاقتصاد والصناعة والعمل فى الحكومة الفرنسية وهى وزيرة متميزة يعلق عليها الرئيس الفرنسى ساركوزى آماله فى زيادة شعبيته وحل المشكلات الاقتصادية التى تواجهها فرنسا.
وقد أثبتت لاغارد أنها تستحق تلك الثقة فهى تتميز بعقلية منفتحة ومبدعة وهى تمتلك الشجاعة للبحث عن حلول غير تقليدية.
فبالرغم من عداء الحكومة الفرنسية للإسلام ومحاولتها حظر الحجاب فإن تلك الوزيرة مدت بصرها وتطلعت نحو الإسلام للبحث عن حلول لمشكلات فرنسا الاقتصادية وللأزمة الاقتصادية العالمية.
الاستفادة من خبرة ماليزيا
لذلك ذهبت لاغارد إلى ماليزيا واجتمعت بالسيدة أختر عزيز محافظة البنك المركزى الماليزى بهدف دراسة التجربة الماليزية وطلب مساعدة ماليزيا فى تطوير نظام التمويل الاسلامى فى فرنسا.
وصرحت كرستين لاغارد بأنها مهتمة باستكشاف الكيفيات والظروف التى يمكن باستخدامها أن تطور فرنسا قدرات التمويل الاسلامى وانها تسعى الى استفادة البنك المركزى الفرنسى من مزايا التمويل الاسلامى وتجربة هذا النظام فى ماليزيا.
والرئيس الفرنسى ساركوزى شجع وزيرة اقتصاده على السير فى هذا الاتجاه لأنه ببساطة يريد اعادة الثقة فى النظام المالى الفرنسى فهو يرى ان أهم المشكلات التى يواجهها الاقتصاد الفرنسى انهيار الثقة الشعبية فيه خاصة بعد الازمة الاقتصادية العالمية.
وهى ظاهرة لا تقتصر على الاقتصاد الفرنسى وحده ولكنها تتجلى فى كل اقتصادات العالم فلا أحد يثق الان فى البنوك بعد أن تسارع معدل الانهيار حتى بلغ عدد البنوك التى أعلنت افلاسها 120 بنكا فى امريكا وحدها.
عادت لاغارد الى فرنسا لتدعو عدداً كبيراً من رجال الاعمال والاقتصاديين وأعضاء البرلمان الفرنسى لمناقشة النظام المالى الإسلامى ومستقبله فى فرنسا وألقت الوزيرة كلمة فى بداية الندوة أكدت فيها أن الحكومة الفرنسية مهتمة بتذليل كل العقبات القانونية والاجرائية امام الاستثمارات الاسلامية المنضبطة باحكام بالشريعة الاسلامية.
وساركوزى أيضاً
إذا عدنا الى الوراء قليلاً سنكتشف أن الرئيس الفرنسى ساركوزى قد عبر عن اهتمامه بالنظام الاقتصادى الاسلامى وتطلعه إلى أن تلعب فرنسا دوراً فاعلاً فى بناء نظام التمويل الإسلامى.
وتوضح ورقة قدمها عبد الرزاق بلعباس، ونشرت ملخصا لها صحيفة الاقتصادية الالكترونية جانبين على قدر كبير من الاهمية هما:
1 - إن الاهتمام الفرنسى بنظام التمويل الإسلامى لم يكن نتيجة الازمة الاقتصادية العالمية ولكنه بدأ منذ عام 2007 حيث وجه الرئيس ساركوزى تعليمات لمختلف الجهات المعنية من أجل تطوير التمويل الإسلامى فى فرنسا، وإنشاء المجلس الاعلى للنظام المالى الإسلامى الفرنسى. وأن اللجنة العليا لهذا المجلس قررت فى ديسمبر 2007 العمل على تطوير التمويل الاسلامى فى فرنسا.
2 - عبر الرئيس ساركوزى فى مأدبة عشاء أقامها تكريماً لأمير دولة قطر عن اهتمامه بان تلعب فرنسا دورا مهما فى التمويل الاسلامى. نستنتج من ذلك أن هناك تفكيرا فرنسيا رسميا بان تطور فرنسا نظاما اقتصاديا اسلاميا..
ولكن لماذا؟!!
قبل أن نحاول أن نتوصل إلى تفسير لهذا التوجه.. دعنا نحاول أن نستجلى الامر ونقدم المزيد من المعلومات ومن اهمها ان الوزيرة الفرنسية شكلت عدداً من اللجان لبحث الموقف الفقهى الاسلامى من الضرائب والصكوك والمرابحة.
وقضية الضرائب مهمة جدا، فلقد ثبت ان النظم الضريبية الغربية خاصة فى امريكا من اهم الاسباب التى ادت الى الازمة الاقتصادية حيث انها أدت الى عجز الكثير من الناس عن سداد الديون بالاضافة الى زيادة الفقر والافلاس وانه لابد من التوصل الى حل لهذه المشكلة خاصة عندما تتم محاصرة الناس بالفوائد الربوية المرتفعة من ناحية وبالضرائب من ناحية أخرى. كما أنه لابد من البحث عن بديل عادل للفوائد الربوية ذلك ان تلك الفوائد تشكل ظلماً خطيرا، وهى تؤدى بالضرورة الى عجز المدين عن السداد بعد أن تتراكم لتزيد على مبلغ الدين نفسه.
المصلحة الوطنية
ولكن لا يمكن تفسير التوجه الفرنسى بالنوايا الطيبة لحكومة ساركوزى ووزيرة اقتصاده العبقرية.. فساركوزى جاء للحكم وقد تضمنت دعايته الانتخابية قدرا كبيرا من العنصرية والتحيز ضد الاسلام والعداء للمسلمين وتأييد الراسمالية الغربية المتوحشة. ولا يمكن التسليم بأن ساركوزى قد غير اتجاهه بين يوم وليلة. وساركوزى يستخدم كل الوسائل للتضييق على المسلمين خاصة فى مجال التعليم والحجاب فلماذا يتجه اليوم ليبحث عن حل لازمته الاقتصادية فى الاسلام. ان هذا التوجه قد جاء نتيجة للرغبة فى تحقيق المصلحة الوطنية الفرنسية، وإن كان ساركوزى يعادى الاسلام فإنه يحب وطنه ويسعى لتحقيق مصالح شعبه.. ولذلك دفعته وطنيته للبحث عن البدائل والحلول فى الاسلام. لقد أوضحت وزيرة الاقتصاد العبقرية أسباب هذا التوجه فهو كما قالت يأتى كنتيجة لرغبة الحكومة الفرنسية فى استقطاب التمويل الاسلامى بمعنى آخر فالوزيرة الفرنسية تريد أن تستقطب رأس المال الاسلامى، ورجال الاعمال الاسلاميين الذين ذاقوا مرارة ضياع اموالهم فى البنوك الغربية.. وهم يبحثون عن ملاذ آمن لاموالهم، ومجالات استثمار يمكن أن تحقق لهم ربحا معقولاً مع قدر أكبر من الامان.
ولا شك أن نظام المرابحة الاسلامية هو نظام عادل وآمن، وهو يفتح المجال لاستثمار المال بشكل حقيقى، وفى مشروعات اقتصادية تتم دراستها قبل أن تتم فيها المخاطرة بالمال، ذلك أن الذى يحصل على القرض بفائدة لا يعنيه كثيراً أن يدرس المشروع فهو فى النهاية لا يلتزم الا بدفع الفوائد على الدين. ولكن نظام المرابحة يقوم على تقاسم الربح والخسارة ولذلك فإن الطرفين لابد أن يتاكدا من امكانية أن يحقق المشروع ربحا. وفى الوقت نفسه فإن نظام المرابحة الاسلامية يقيم اقتصادا حقيقيا يتمثل فى مشروعات تنموية تؤدى الى زيادة قوة الدولة، ومعالجة مشكلة البطالة وزيادة التنافسية والتقليل من الاحتكار. لذلك فإن ساركوزى لم يتجه لاقامة نظام مالى اسلامى حبا فى الاسلام او انه تخلى عن عنصريته، ولكن حبا فى فرنسا ورغبة فى أن تصبح باريس المركز العالمى الذى يجذب الاموال والاستثمارات، وتتحقق القوة الاقتصادية. ولعل الازمة الاقتصادية قد خلقت الكثير من المبررات لتوجه ساركوزى ووزيرة اقتصاده نحو الاقتصاد الاسلامى، فهى تشكل فرصة تاريخية لفرنسا لتقوية اقتصادها، واستعادة ثقة الناس فى نظامها المالي. ولذلك فلا باس أن ينسى ساركوزى العلمانية والعنصرية من أجل المصلحة الوطنية. ونحن لابد أن نقدر ذكاء ساركوزى ووطنيته، وكفاحه لتحقيق المصالح الوطنية لبلده وشعبه.. ولتحقيق هذه المصالح تسعى كرستين لاغارد الى تغيير التشريعات الفرنسية بهدف جذب الاستثمارات فى مجال التمويل الاسلامى، وهى تتحدى المتخلفين العلمانيين من اليمين واليسار الذين يعارضون هذا التوجه بحجة الحفاظ على الفصل بين الدين والدولة، فجذب الاستثمارات وتقوية فرنسا اقتصاديا أهم بكثير من العلمانية. ولقد نجحت الوزيرة لاغارد فى اقناع البرلمان الفرنسي بتعديل بعض القوانين للسماح باصدار الصكوك والسندات الاسلامية. كما وافق البرلمان الفرنسى على السماح لبنك قطر الاسلامى بافتتاح فرع له فى باريس. ويرى خبراء اقتصاديون ان فرنسا ممكن أن تجذب بذلك 700 مليار دولار من بنوك اوروبية وامريكية ليتم استثمارها فى فرنسا وتكافح الوزيرة الفرنسية لتعديل المزيد من القوانين لفتح المجال واسعا امام الاستثمارات الاسلامية، ولكى تصبح باريس عاصمة التمويل الاسلامى، وربما عاصمة النظام الاقتصادى الاسلامى العالمى.
ان هذه الاستثمارات الاسلامية يمكن أن تقدم الحل لازمة فرنسا الاقتصادية، وتخرجها من الركود الاقتصادى ومن أجل ذلك فان ساركوزى ووزيرته على اتم استعداد للتخلى عن العلمانية، وتركها للحكام العرب ولاتباعهم من المثقفين الذين تحجرت عقولهم، وتجمد تفكيرهم، فتركوا الاسلام لفرنسا ليقدم لها حلولاً مبدعة لازمتها الاقتصادية. ولعل الحكام العرب يستمرون فى ترديد تلك المقولة المتخلفة: لا دين فى السياسة ولا سياسة فى الدين، ولا دين فى الاقتصاد حتى ينهب رجال الاعمال الفاسدون ما تبقى من أموال فى البنوك، فتنهار النظم العربية ولكن بعد أن تجذب باريس مئات المليارات وتبنى اقتصادا قويا يقوم على الاحكام والقيم الاسلامية. فهل يفكر حكامنا فى أن دولهم اولى باقامة النظام الاقتصادى الاسلامى العالمى من فرنسا!!!