أبو طه
11-02-2009, 05:12 AM
الوصية الأولى : مَوَدةٌ ... فَسَكَنٌ
أَيْ بُنَيَّ ... أَي بُنَيَّتِي:
أَولُ مَا يُشْرِقُ عَلَى حَيَاتِكُمُ الْجَدِيدَةِ وَأَنْتُم لِعَتَبَةِ بَيْتِ الزَّوجيَّةِ تَجتَازُون ... هَوُ :
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [سورة الروم : 21]
قَد كُنْتُمَا تَقْرَآنِ هَذِه الْآيَةَ ... وَهَا قَدْ أَصْبَحْتُمَا الشَّاهِدَ الْجَدِيدَ للآيَة.
فَاللَّهَ اللَّهَ فِي إِحْيَاءِ الْمَوَدَّةِ والتَّرَاحُمِ بَيْنِكُمَا ... لِئَلَّا يُسْلَبَ السَّكَنُ والْمَوَدَّةُ منْ بَيْنِكُمَا .
الوصية الثانية : لا تَنْسَوْنَا
أَيْ بُنَيَّ ... أَي بُنَيَّتِي:
أَرَأَيْتُمَا حَيًّا يُقْتَطَعُ جُزْءٌ مِنْ قَلْبِهِ وَهُوَ يَكْتُمُ آلامَه !
ثُمَّ يَضْحَكُ لَكَ، لِيُشَارِكَكَ وَيُحْييَ فِيكَ آمَالَه !
ذَاكَ هُوَ : أَنَا وَأُمُّكَ !
فَأَيَّةُ لَحْظَةٍ هِيَ أَصْعَبُ مِنْ لَحْظَةِ خُرُوجِكَ مِنْ بَيْتِنَا هَذَا إِلى بَيْتِك ... ؟! وَأَيُّ فَرَاغٍ مِثْلِ فَرَاغِ البَيْتِ مِنْ بَعْدِك ... ؟!
فَإيَّاكَ أَنْ يَكُونَ ذَاكَ العَيْشُ القَدِيمُ الجَمِيلُ هُوَ آخِرَ عَهْدِنَا بِك ... أَوْ تُصْبِحَ زِيَارَتُكَ لنَا عَلَى هَامِشِ وَقْتِ فَرَاغِك ... أَوْ تَوَافُقِ زَوْجِكَ وَوَلَدِكَ وَمِزَاجِك ... أَوْ تَجْعَلَنَا مِنْ فُضُولِ اهْتِمَامَاتِكَ .
الوصية الثالثة : الإِعْدَادُ ...!
أَيْ بُنَيَّ ... أَي بُنَيَّتِي:
تَذَكَّرَا عَالَمًا لَمْ تَكُونَا فِيهِ شَيْئًا مَذْكُورًا ...!
تَذَكَّرَا يَوْمَ أَنْ خَرَجْتُمَا للوجُودِ لا تَعْلَمَانِ كَيْفَ طِرْنَا بِكُمَا سُرُورًا ...
تَذَكَّرَا أَطْوَارَ الحَيَاةِ وَكَيْفَ تَقَلَّبْتُمَا فِي عَالَمِ الأَرْحَامِ إِنَاثًا وَذُكُورًا ...
وَهَا أّنْتُمَا اليَومَ تَبْدءَانِ مِنْ حَيْثُ ابْتَدَأْنَا قَبْلَكُمَا، وَسَوْفَ تَعْبُرَانِ المَرْحَلَةَ عُبُورًا ... !
فَلا تَحْسَبَا أَنَّكُمَا بَلَغْتُمَا النِّهَايَةَ، وَلْيُعِدَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا نَفْسَهُ لِيَوْمٍ يُبْعَثُ فِيهِ ضَاحِكًا مَسْرُوراً ...
الوصية الرابعة : مَشِارِيعٌ فِي المَشْرُوعِ ...!
أَيْ بُنَيَّ ... أَي بُنَيَّتِي:
لا تَسْتَعْجِلا الثَّمَرَة ... وَلا تُعْلِنَا الفَشَلَ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَة، أَوْ حِينَمَا تُصْبِحُ الثَّمَرَةُ مُرَّة .
اصْبَرا وَتَعَلَّمَا الجَدِيد ... واجْعَلا مَنْهَجَكُمَا التَّجْدِيد ...
فَهَلِ العِلْمُ إِلا بِالتَّعَلُّم ... وَهَلِ الصَّبْرُ إِلا بِالتَّصّبُّر ...
كَبِّرا الطُّمُوحَ فاللَّهُ الكَبِيرُ رَبُّكُمَا ... فَمِن بَعْدِ مَشْرُوعِ الزَّوَاجِ مَشْرُوعُ ذَرَارِيكُمَا ...
مَشْرُوعٌ يُمْكِنُ أَنْ يَسَعَ نَفْعُهُ الأُمَّة ... وَيُمْكِنُ أَنْ تَبْلَغُوا بِأُمَّتِنَا القِمَّة ... لِيَجْمَعَكُمُ اللهُ فِي أَعَالِي الجَنَّة .
الوصية الخامسة : يُبَارَكُ لَكَمَا ...!
أَيْ بُنَيَّ ... أَي بُنَيَّتِي:
بَارَكَ اللهُ لَكُمَا ... وَبَارَكَ عَلَيْكُمَا ... وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا بِخَيْر . أَتُرِيدَانِ البَرَكَةَ تَحُلُّ فِي
بَيْتِكُم ...؟ وَفِي كُلِّ مَا عِنْدَكُم ... ؟
اجْعَلَا كَيْلَ طَعَامِكُمَا صَاعًا أَوْ رُبْعَ صَاع ... تَذَكَّرا الذِّكْرَ عِنْدَ الجِمَاع.
وتَذَكَّرا: بُورِكَ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا ... وتَذَكَّرا الأَذْكَارَ فِي وَقْتَهَا ... وَصِيَامَ النَّوَافِلَ
فِي أَيَّامِهَا ... وَصَلَاةً مِنَ اللَّيْلِ وَلَوْ بِنَضْحِ المَاءِ فِي وَجْهِهِ أَوْ وَجْهِهَا ... وَالْبَقَرَةَ
وَآلَ عِمْرَانَ لا يُبْقِيَانِ سِحْرًا وَلَا فِي الْبَيْتِ شَيْطَانًا ..
طَهِّرَا الْبَيْتَ مِنْ أَوَّلِ مَرَّة مِنْ كُلِّ مُخَالَفَة ... قَبْلَ أَنْ تُصْبَحَ العَزِيمَةُ الأَولَى أَمَامَ
الْعَادَةِ تَالِفَة .
الوصية السادسة : دَارُكُمَا الكُبْرَى فِي الجَنَّةِ ...!
يَا وَلَدِي وَيّا بُنَيَّتِي ...
اسْتَغْرِقْ فِيمَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ، وَاذْكُرِ اللهَ فِي أَولِهِ ... وَاشْكُرِ اللهَ فِي آخِرِه.
وَتَأَمَّلْ كَمْ أَغْرَاكَ اللهُ بِالحُورِ وَعَدَّدَ لَكَ ... وَأَنْشَأَهُنَّ وَزَيَّنْهُنَّ وَأَعَدَّهُنَّ لَكَ.
فَاحْمِلُوا هَمَّ أَنْ تَبْنُوا لَكُمْ بَيْتًا فِي الجَنَّة ... فِي دَارٍ تَكُونُ الزَّوْجَاتُ أَجْمَلَ مِنَ الحَورِ
بِإِيمَانِهِنَّ وَعَمَلِهِنَّ.
الوصية السابعة : اصْحَبَا القُـرْآن ...!
يَا وَلَدِي وَيّا بُنَيَّتِي ...
أَيُّ خَيْرٍ فِي يَوْمٍ تَهْجُرَانِ فِيهِ القُرْآن؟!
اللهَ اللهَ فِي صُحْبَتِه ... فَأَهْل القُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُه .
فَحُصُولُ خَيْرِ الدُّنْيَا كُلِّهِ فِيهِ ... وَالحِمَايَةُ فِي القَبْرِ، والشَّفَاعَةُ فِي الحَشْرِ
وَالارْتِقَاءُ فِي الجَنَّةِ فِيه...
وَهَلْ يَعُودُ مَنْ شَكَاهُ الشَّفِيعُ إِلا مَلُومًا مَحْسُوراً ...
"وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا"[سورة الفرقان: 30]
الوصية الثامنة : مُنْتَهَى الشَّرَفِ ...!
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
لَقَدْ أَصْبَحْتُمَا حَبْلَ اتِّصَالٍ مَا بَيْنَ أَجْيَالٍ مَاضِيَةٍ وَأَجْيَالٍ آتِيَة ... فَلا تَرْضَ لِحَبْلِكَ
اتِّصَالاً إِلا بِخَيْرِ البَرِيَّة.
بِهِ تَقْتَدِيَان ... وَإِلَيْه عِنْدَ اخْتِلافِكُمَا تَحْتَكِمَان ...
وبِحُكْمِهِ تُسَلِّمَانِ وَتَرْضَيَان ... وَمِنْ حُبِّهِ صلى الله عليه وسلم لِصِغَارِكُمَا تُرْضِعَان.
وصية التاسعة : وِرَاثَةُ الخَيْرِ ...!
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
لا يُنْسِكُمَا الإِعْجَابُ بِنَا أَنْ تُقَلِّدَانَا فِي أَخْطَائِنَا أَوْ تَرِثَا عَنَّا الأَخْطَاء ... فَتَجْعَلا أَسْوَأَ
أَخْلاقِنَا عَلَيْنَا سَيِّئَةً جَارِيَةً كَآبَاء ... فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاء ... وَلَكنْ خُذُوا أَحْسَنَ مَا
عِنْدَنَا، وَأَضِيفُوا أَحْسَنَ مَا عِنْدَ النَّاسِ ... مُقْتَدِينَ بِسَيِّد الجِنَّةِ وَالنَّاسِ صلى الله عليه
وسلم.
الوصية العاشرة : وَقْفَةٌ وَسُؤَالٌ ...!
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
دَخَل أَزْوَاجٌ سِبَاقَ الأَزْيَاءِ فِي الأَعْرَاسِ ... وَدَخَلَ آخَرُونَ سِبَاقَ الخُيَلاءَ فِي المَلْبَسِ
وَالمَسْكَنِ وَالشُّهْرَةِ بَيْنَ النَّاسِ.
لَوِ ادَّخَرَ هَؤُلاءِ مَا بَذَّرُوهُ عَلَى مَا سَيُحَاسَبُون عَلَيْهِ، لَزَوَّجُوا بِهِ آخَرِين ... وَبَنَوا
لآخِرَتِهِمْ مُدَّخِرِينَ، وَلَوَفَّرُوا سُؤَالاً قَبْلَ أَنْ يَجُوزُوا الصِّرَاطَ – فيَا لُطْفَاهُ - ... فَثَمَّةَ
وَقْفَةٌ وَسُؤَالٌ لِكُلِّ أَحَدٍ قَبْلَ أَنْ تَزُولَ قَدَمَاه.
الوصية الحادية عشر : إِيَّاكَ وَهَذِهِ البِذْرَةَ!
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
أَرَأَيْتُمْ كَيْفَ تَذْوِي السَّعَادَةُ الزَّوْجِيَّةُ وَتَذُوب ... كَمَا جَبَلُ الجَلِيدِ بِالحَرَارَةِ يَذُوب،
حتَّى يَغْرَقَ الأَوْلادُ فِي بَحْرِ الضَّيَاعِ وَالشِّقَاق ... حِينَ يَهِيمُ الزَّوجَانِ فِي فِكْرَةِ
الطَّلاقِ.
فَاحذَرُوا الشَّرَارَةَ الأُولَى ... حِينَ يُصْبحُ الخِلافُ خُصُومَةٌ وَتَكْبُر ... وَتُصْبِحُ الخُصُومَةُ
عَدَاوةٌ وَتَكْبُر، فَإِذَا أَصْبَحَتِ الخُصُومَةُ عَلَنِيَّة ... تَحَوَّلَتْ فِي النِّهَايةِ إِلى طَلْقَةٍ ابتِدَائِيَّة، فثانيةٍ، وَنِهَائِيَّة.
هَلْ عَرَفْتَ بِدَايَةَ النِّهَايَةِ المُرَّة ... إنها فِكْرَةٌ غُرِسَتْ قَبْلَ الزَّوَاجِ فِي الأَذْهَانِ أَوَّلَ
مَرَّة ...
فِكْرَةٌ تَقُولُ : إِنَّكَ وَزَوْجَكَ فِي صِرَاع ... فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ المَغْلُوبَ فِي أَوَّلِ
الصِّرَاع!
عِنْدَها تَذَكَّرْ دَائِمًا قَوْلاً لِرَبِّنَا عَظِيمًا :
{ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ
لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا }
[سورة الإسراء : 53]
الوصية الثانية عشر : الأَمَلُ بِاللهِ ...!
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
لا تَجْعَلُوا ذِكْرَ سَعَادَةِ مَا كُنْتُمَا مَعَنَا فِيهِ ... سَبَبًا يُجَرْجِرُ شِقَاوَةً لِمَا أَنْتُمَا فِيهِ، عِيشَا
سَعَادَةَ لَحَظَاتِكُمَا وَلَذَّتِكُمَا ... رَاضِينَ بِقِسْمَةِ اللهِ لَكُمَا ... رَاجِينَ مِنَ اللهِ أَنْ يُغَيِّرَ
الدُنْيَا بِكُمَا وَبِذُرِّيَتِكُمَا، لَيْسَ ذَلِكَ الطُّمُوحُ مُحَالاً ... وَإِنْ كَانَ طُمُوحًا عَظِيمًا ...
فَابْدَءَا وَفَكِّرَا ... وَاعْمَلَا وَابْتَكِرَا ... وَسَلَا رَبَّا عَظِيمًا.
الوصية الثالثة عشر : الصَّبْر ...!
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
أَرَأَيْتَ كَيْفَ تَحَوَّلَتِ النِّعَمُ - عِنْدَ الكَثِيرِينَ - إِلى سَبَبٍ لِلشَّقََاءِ وَالنِّقَم ...؟ إِذْ جَعَلُوا
الوَلَدَ سَبَبًا لِلنِّزَاعِ فِي أُسْلُوبِ تَرْبِيَتِه بَيْنَ الحَبِيبَيْنِ ...!؟
وَالرِّزْقَ سَبَبًا لِلخِلافِ عِنْدَ إِقْبَالِهِ وَإِدْبَارِهِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ ؟
وَالفَخْرَ بِالآبَاءِ بَيْنكُمَا سَبَبًا لِلعَدَاءِ بَيْنَ العَشِيرَيْن ...؟
وَالضَّيْفُ سَبَبًا لِلخِلافِ، وَخُصُوصًا إِنْ جَاءَ عَلَى حِينِ غِرَّة ... مَعْ أَنَّهُ يَحْمِلُ
البَرَكَة ... كَمَا صَحَّتْ بِذَا السُّنَّةُ المُطَهَّرَة.
فَهَلْ تَزِيدُ النِّعَمُ إِلَا بِالشُّكْر ...؟ وَهَلْ دَوَاءُ دَوَامِهَا إِلَا الصَّبْر؟
الوصية الرابعة عشر : الرَّحِمَ ... الرَّحِمَ
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
أَيَرْضَى أَحَدُكُمَا أَنْ يُسِيءَ لَهُ وَلَدُهُ بَعْدَ زَوَاجِه ... هَذَا جَزَاءُ مَنْ خَبَّبَ عَلَى أَهْلِ
زَوْجِهِ وَزَوْجَتِهِ أَوْلادَه ... مَا رَصِيدُ الابْنِ بَيْنَ النَّاسِ، إِذَا نَظَرَ لأَعْمَامِهِ وَأَخْوَالِهِ
عَلَى أَنَّهُمْ أَعْدَاؤُهُ وَحُسَّادُهُ .
الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِعَرْشِ الرَّحْمَن ... فَمَنْ يَمُرُّ مِنْ هُنَالِكَ؟ وَهِيَ تَنْتَظِرُ عَلَى الصِّرَاطِ
الْمَضْرُوبِ عَلَى النِّيرَان؟
فَاجْعَلْ لِرَحِمِكَ وَزَوْجِكَ صِلَة، وَاجْعَلْ صِلَتَهُم التِزَامًا ... وَعَمِّمْهُ عَلَى وَلَدِكَ كَيْ
يَكُونَ لَكُمَا سَلَامَةَ شَهَادَةٍ وَغُفْرَانًا .
الوصية الخامسة عشر : أَمَامَكَ الاخْتِبَار ...!
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
قَدْ أَصْبَحْتُمَا بَعْدَ هَذِهِ النِّعْمَةِ أَحَقَّ بِالتِزَامِ قَوْلِ الحَقِّ لَكُمْ أَيُّهَا المُؤْمِنُون ... { قُل
لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا
يَصْنَعُونَ }[سورة النُّور : 30 ]
كُلُّ مَا تَرَيَانِهِ مِنْ جَمَالٍ بِأَعْيُنِكُمَا فَهُوَ اخْتِبَار ... وَاللَّهُ يُدْرِكُ الْأَبْصَار ... وَلَا تُدْرِكُهُ
الْأَبْصَار، ارْضَ بِمَا قَسَمَ لَكَ اللّه ... وَاسْتَعِنْ بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عليه
وَسَلَّم : " ... وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللّه " (1).
(1) صحيح : متفق عليه، رواه البخاري (1400)، و رواه مسلم (1053).
الوصية السادسة عشر : شَكٌ ... وَغَيْرَةٌ
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
يَا وَلَدِي : لَنْ يُسْعِدَ المَرْأَةَ رَجُلٌ لا يَغَارُ عَلَى عِرْضِه .. وَلَنْ تَسَعَ الشَكَّاكَ دَارُهُ وَلا
أَرْضُه ... فَاجْمَعِ العَقْلَ وَالحَزْم ... وَحَكِّمِ العَاطِفَةَ وَالحِلْمَ.
وَيَا بُنَيَّتِي : كَمْ مِنِ امْرَأَةٍ أَفْسَدَتْ حَيَاتَها ... بِالإِفْرَاطِ فِي غِيرَتِهَا
عَاشَتْ مَهْمُومَةً هَائِمَة ... وَمَاتَتْ مَرِيضَةً آثِمَة.
فَإِيَّاكِ أَنْ تُضيِّعِي أُخْرَاكِ ... وَلَوْ تَفَلَّتَتْ مِنْ بَيْنِ يَدَيْكِ دُنْيَاكِ.
الوصية السابعة عشر : تَسَابَقَا ...
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
قَدْ حَوَّلَ النبي صلى الله عليه وسلم مُحِيطَ الأُسْرَةِ إِلى مَيْدَانِ سِبَاقٍ إِلى الله ... وَهُوَ الذي سَبَقَ الجَمِيعَ إِلى اللهِ، فَلْيَكُنِ التَّنَافُسُ وَرَاءَه صلى الله عليه وسلم بَيْنَنَا
مُشْتَعِلاً ... وَلا يَيْئَسْن أَحَدٌ أَوْ يَجِدُ – في السَّفَاسِفِ – عَنْ أَهْلِهِ شُغُلا.
سِبَاقٌ يَبْتَدِئُ بِالكَلِمَةِ وَالابْتِسَامَةِ الطَّيِّبَة ... وَيَنْتَهِي بِالحَيَاةِ وَالجَنَّةِ الطَّيِّبَة.
فَإِذَا غَفَلْتَ – عَنِ السِّبَاقِ – أَوْ قُلْتَ ذَهَبَ عَني وَهَلِي ... فَتَذكَّرْ (( خَيْرُكُم خَيْرُكُم لِأَهْلِهِ، وأَنَا خَيْرُكُم لِأَهْلِي )) (1)
(1) صحيح : رواه الترمذي (3895)، وصححه الألباني.
الوصية الثامنة عشر : لا مُجَازَفَة ...
يَا بُنَيَّتِي ...
إِنَّكِ الثِّقَةُ المُوثِقَة ... لَكِنْ كَمْ تَهَاوَنَتْ فِي أَمْرِ اللهِ امْرَأَةٌ فَغَدَتْ مُوبِقَة.
إِيَّاكِ وِالخُضُوعَ بِالكَلِمَةِ اللَّيِّنَة ... أَوِ التَهَاوُنِ بِالتَّزّيُّنِ وَالخَلْوةِ المُحَرَّمَة، وَهَلْ مِنْ
تَحْذِيرٍ أَقْوَى قَبْلَ الفَوْت ... مِنْ قَولِهِ صلى الله عليه وسلم : ((الحَمُو المَوت )) (1) ؟!
(1) صحيح : متفق عليه، رواه البخاري (4934)، ومسلم (2172)
الوصية التاسعة عشر : اللَّهُمَّ لا اعْتِرَاضَ ...
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
اخْتَارَ اللهُ لِمُخْتَارِهِ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ بِكْراً ...
وَجَعَلَ البَنَاتِ لَهُ بَعْدَ ذَهَابِ الأَوْلادِ وَذَهَابِهِ ذُخْراً ...
وَوَهَبَ امْرَأَةَ عِمْرَانَ مَرْيَمَ فَجُعِلَتْ للأَقْصَى نَذْراً ...
فَمَنْ بَعْدَ هَذَا يَعْتَرِضُ عَلَى اخْتِيَارِ اللهِ وَيَكُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ عُذْراً ... ؟
الوصية العشرون : سِرُّ السَّعَادَةِ ...
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
مَنْ أَحَقُّ بِالتَّجَمُّلِ وِالاعْتِنَاء ... مِمَّنْ جَعَلَ اللهُ لَهَا حَقَّ الإِفْضَاءِ ... ؟
وَهَلْ تَدُومُ الحَيَاةُ بِسَعَادَة ... دُونَ حُسْنِ القَوْلِ وَرَدِّهِ بِزِيَادَة ...؟
ابْدَءا بِالكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ أَوَّلَ النَّهَارِ ...
وَتَحَمَّلا تَقَلُّبَ الأَمْزِجَةِ وَالأَحْوَالِ بِتَقَلُّبِ اللَّيْلِ والنَّهَار ...
فَذَلِكَ – لِدَوَامِ السَّعَادَةِ – سِرُّ الأَسْرَار .
الوصية الحادية والعشرون : صِفَاتٌ مَذْمُومَةٌ ...
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
يَا وَلَدِي : لا تَكُنْ ذَاكَ الزَّوْجَ الذي إِنْ تَكَلَّمَ فَمُعَاتِبا ... وَإِنْ وَصَفَ فَعَائِبا ... وَإِنْ سَكَتَ فَغَاضِبا ... وَمَعَ غَيْرِ أَهْلِهِ بَشُوشًا مُتَجَاوِبا ...
يَا بُنَيَّتِي : لا تَكُونِي تِلْكَ الزَّوْجَةَ دَائِمَةَ السَّخَط ... الطَّالِبَةَ المَزِيدِ بِلا عَدَد ...
المُنْكِرَةَ عَطَاءِ العشِيرِ لَكِ وَلِلْوَلَد.
فَإِنْ جَرَّكِ لِنُكْرَانِ الإِحْسَانِ العِنَادُ وَالغَضَبُ وَالثَّار ... فَتَوقَّفِي وَتذَكَّرِي : (( إِنِّي
رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّار )) (1).
(1) صحيح : رواه البخاري (1393)، ومسلم (79).
الوصية الثانية والعشرون : بَابُ جَنَّتِكِ ...
يَا بُنَيَّتِي ...
أَرَأَيْتَ طَاعَةً فَوْقَ طَاعَتِنَا إِلا طَاعَةَ الله ... ؟
قَدْ قُدِّمَ زَوْجُكِ عَلَيْنَا كَوَالِدَيْنِ بِحُكْمِ اللهِ ... أَلَمْ تَسْمَعِي لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه
وسلم لِإِمَامِ الأُمَّةِ وَعَالِمِها ... :
(( لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجَدَ لِأحَدٍ لغَيْرِ اللهِ، لأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوجِها)) (1)
(1) صحيح : رواه ابن ماجه (1853)، وصححه الألباني.
أَيْ بُنَيَّ ... أَي بُنَيَّتِي:
أَولُ مَا يُشْرِقُ عَلَى حَيَاتِكُمُ الْجَدِيدَةِ وَأَنْتُم لِعَتَبَةِ بَيْتِ الزَّوجيَّةِ تَجتَازُون ... هَوُ :
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [سورة الروم : 21]
قَد كُنْتُمَا تَقْرَآنِ هَذِه الْآيَةَ ... وَهَا قَدْ أَصْبَحْتُمَا الشَّاهِدَ الْجَدِيدَ للآيَة.
فَاللَّهَ اللَّهَ فِي إِحْيَاءِ الْمَوَدَّةِ والتَّرَاحُمِ بَيْنِكُمَا ... لِئَلَّا يُسْلَبَ السَّكَنُ والْمَوَدَّةُ منْ بَيْنِكُمَا .
الوصية الثانية : لا تَنْسَوْنَا
أَيْ بُنَيَّ ... أَي بُنَيَّتِي:
أَرَأَيْتُمَا حَيًّا يُقْتَطَعُ جُزْءٌ مِنْ قَلْبِهِ وَهُوَ يَكْتُمُ آلامَه !
ثُمَّ يَضْحَكُ لَكَ، لِيُشَارِكَكَ وَيُحْييَ فِيكَ آمَالَه !
ذَاكَ هُوَ : أَنَا وَأُمُّكَ !
فَأَيَّةُ لَحْظَةٍ هِيَ أَصْعَبُ مِنْ لَحْظَةِ خُرُوجِكَ مِنْ بَيْتِنَا هَذَا إِلى بَيْتِك ... ؟! وَأَيُّ فَرَاغٍ مِثْلِ فَرَاغِ البَيْتِ مِنْ بَعْدِك ... ؟!
فَإيَّاكَ أَنْ يَكُونَ ذَاكَ العَيْشُ القَدِيمُ الجَمِيلُ هُوَ آخِرَ عَهْدِنَا بِك ... أَوْ تُصْبِحَ زِيَارَتُكَ لنَا عَلَى هَامِشِ وَقْتِ فَرَاغِك ... أَوْ تَوَافُقِ زَوْجِكَ وَوَلَدِكَ وَمِزَاجِك ... أَوْ تَجْعَلَنَا مِنْ فُضُولِ اهْتِمَامَاتِكَ .
الوصية الثالثة : الإِعْدَادُ ...!
أَيْ بُنَيَّ ... أَي بُنَيَّتِي:
تَذَكَّرَا عَالَمًا لَمْ تَكُونَا فِيهِ شَيْئًا مَذْكُورًا ...!
تَذَكَّرَا يَوْمَ أَنْ خَرَجْتُمَا للوجُودِ لا تَعْلَمَانِ كَيْفَ طِرْنَا بِكُمَا سُرُورًا ...
تَذَكَّرَا أَطْوَارَ الحَيَاةِ وَكَيْفَ تَقَلَّبْتُمَا فِي عَالَمِ الأَرْحَامِ إِنَاثًا وَذُكُورًا ...
وَهَا أّنْتُمَا اليَومَ تَبْدءَانِ مِنْ حَيْثُ ابْتَدَأْنَا قَبْلَكُمَا، وَسَوْفَ تَعْبُرَانِ المَرْحَلَةَ عُبُورًا ... !
فَلا تَحْسَبَا أَنَّكُمَا بَلَغْتُمَا النِّهَايَةَ، وَلْيُعِدَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا نَفْسَهُ لِيَوْمٍ يُبْعَثُ فِيهِ ضَاحِكًا مَسْرُوراً ...
الوصية الرابعة : مَشِارِيعٌ فِي المَشْرُوعِ ...!
أَيْ بُنَيَّ ... أَي بُنَيَّتِي:
لا تَسْتَعْجِلا الثَّمَرَة ... وَلا تُعْلِنَا الفَشَلَ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَة، أَوْ حِينَمَا تُصْبِحُ الثَّمَرَةُ مُرَّة .
اصْبَرا وَتَعَلَّمَا الجَدِيد ... واجْعَلا مَنْهَجَكُمَا التَّجْدِيد ...
فَهَلِ العِلْمُ إِلا بِالتَّعَلُّم ... وَهَلِ الصَّبْرُ إِلا بِالتَّصّبُّر ...
كَبِّرا الطُّمُوحَ فاللَّهُ الكَبِيرُ رَبُّكُمَا ... فَمِن بَعْدِ مَشْرُوعِ الزَّوَاجِ مَشْرُوعُ ذَرَارِيكُمَا ...
مَشْرُوعٌ يُمْكِنُ أَنْ يَسَعَ نَفْعُهُ الأُمَّة ... وَيُمْكِنُ أَنْ تَبْلَغُوا بِأُمَّتِنَا القِمَّة ... لِيَجْمَعَكُمُ اللهُ فِي أَعَالِي الجَنَّة .
الوصية الخامسة : يُبَارَكُ لَكَمَا ...!
أَيْ بُنَيَّ ... أَي بُنَيَّتِي:
بَارَكَ اللهُ لَكُمَا ... وَبَارَكَ عَلَيْكُمَا ... وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا بِخَيْر . أَتُرِيدَانِ البَرَكَةَ تَحُلُّ فِي
بَيْتِكُم ...؟ وَفِي كُلِّ مَا عِنْدَكُم ... ؟
اجْعَلَا كَيْلَ طَعَامِكُمَا صَاعًا أَوْ رُبْعَ صَاع ... تَذَكَّرا الذِّكْرَ عِنْدَ الجِمَاع.
وتَذَكَّرا: بُورِكَ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا ... وتَذَكَّرا الأَذْكَارَ فِي وَقْتَهَا ... وَصِيَامَ النَّوَافِلَ
فِي أَيَّامِهَا ... وَصَلَاةً مِنَ اللَّيْلِ وَلَوْ بِنَضْحِ المَاءِ فِي وَجْهِهِ أَوْ وَجْهِهَا ... وَالْبَقَرَةَ
وَآلَ عِمْرَانَ لا يُبْقِيَانِ سِحْرًا وَلَا فِي الْبَيْتِ شَيْطَانًا ..
طَهِّرَا الْبَيْتَ مِنْ أَوَّلِ مَرَّة مِنْ كُلِّ مُخَالَفَة ... قَبْلَ أَنْ تُصْبَحَ العَزِيمَةُ الأَولَى أَمَامَ
الْعَادَةِ تَالِفَة .
الوصية السادسة : دَارُكُمَا الكُبْرَى فِي الجَنَّةِ ...!
يَا وَلَدِي وَيّا بُنَيَّتِي ...
اسْتَغْرِقْ فِيمَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ، وَاذْكُرِ اللهَ فِي أَولِهِ ... وَاشْكُرِ اللهَ فِي آخِرِه.
وَتَأَمَّلْ كَمْ أَغْرَاكَ اللهُ بِالحُورِ وَعَدَّدَ لَكَ ... وَأَنْشَأَهُنَّ وَزَيَّنْهُنَّ وَأَعَدَّهُنَّ لَكَ.
فَاحْمِلُوا هَمَّ أَنْ تَبْنُوا لَكُمْ بَيْتًا فِي الجَنَّة ... فِي دَارٍ تَكُونُ الزَّوْجَاتُ أَجْمَلَ مِنَ الحَورِ
بِإِيمَانِهِنَّ وَعَمَلِهِنَّ.
الوصية السابعة : اصْحَبَا القُـرْآن ...!
يَا وَلَدِي وَيّا بُنَيَّتِي ...
أَيُّ خَيْرٍ فِي يَوْمٍ تَهْجُرَانِ فِيهِ القُرْآن؟!
اللهَ اللهَ فِي صُحْبَتِه ... فَأَهْل القُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُه .
فَحُصُولُ خَيْرِ الدُّنْيَا كُلِّهِ فِيهِ ... وَالحِمَايَةُ فِي القَبْرِ، والشَّفَاعَةُ فِي الحَشْرِ
وَالارْتِقَاءُ فِي الجَنَّةِ فِيه...
وَهَلْ يَعُودُ مَنْ شَكَاهُ الشَّفِيعُ إِلا مَلُومًا مَحْسُوراً ...
"وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا"[سورة الفرقان: 30]
الوصية الثامنة : مُنْتَهَى الشَّرَفِ ...!
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
لَقَدْ أَصْبَحْتُمَا حَبْلَ اتِّصَالٍ مَا بَيْنَ أَجْيَالٍ مَاضِيَةٍ وَأَجْيَالٍ آتِيَة ... فَلا تَرْضَ لِحَبْلِكَ
اتِّصَالاً إِلا بِخَيْرِ البَرِيَّة.
بِهِ تَقْتَدِيَان ... وَإِلَيْه عِنْدَ اخْتِلافِكُمَا تَحْتَكِمَان ...
وبِحُكْمِهِ تُسَلِّمَانِ وَتَرْضَيَان ... وَمِنْ حُبِّهِ صلى الله عليه وسلم لِصِغَارِكُمَا تُرْضِعَان.
وصية التاسعة : وِرَاثَةُ الخَيْرِ ...!
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
لا يُنْسِكُمَا الإِعْجَابُ بِنَا أَنْ تُقَلِّدَانَا فِي أَخْطَائِنَا أَوْ تَرِثَا عَنَّا الأَخْطَاء ... فَتَجْعَلا أَسْوَأَ
أَخْلاقِنَا عَلَيْنَا سَيِّئَةً جَارِيَةً كَآبَاء ... فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاء ... وَلَكنْ خُذُوا أَحْسَنَ مَا
عِنْدَنَا، وَأَضِيفُوا أَحْسَنَ مَا عِنْدَ النَّاسِ ... مُقْتَدِينَ بِسَيِّد الجِنَّةِ وَالنَّاسِ صلى الله عليه
وسلم.
الوصية العاشرة : وَقْفَةٌ وَسُؤَالٌ ...!
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
دَخَل أَزْوَاجٌ سِبَاقَ الأَزْيَاءِ فِي الأَعْرَاسِ ... وَدَخَلَ آخَرُونَ سِبَاقَ الخُيَلاءَ فِي المَلْبَسِ
وَالمَسْكَنِ وَالشُّهْرَةِ بَيْنَ النَّاسِ.
لَوِ ادَّخَرَ هَؤُلاءِ مَا بَذَّرُوهُ عَلَى مَا سَيُحَاسَبُون عَلَيْهِ، لَزَوَّجُوا بِهِ آخَرِين ... وَبَنَوا
لآخِرَتِهِمْ مُدَّخِرِينَ، وَلَوَفَّرُوا سُؤَالاً قَبْلَ أَنْ يَجُوزُوا الصِّرَاطَ – فيَا لُطْفَاهُ - ... فَثَمَّةَ
وَقْفَةٌ وَسُؤَالٌ لِكُلِّ أَحَدٍ قَبْلَ أَنْ تَزُولَ قَدَمَاه.
الوصية الحادية عشر : إِيَّاكَ وَهَذِهِ البِذْرَةَ!
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
أَرَأَيْتُمْ كَيْفَ تَذْوِي السَّعَادَةُ الزَّوْجِيَّةُ وَتَذُوب ... كَمَا جَبَلُ الجَلِيدِ بِالحَرَارَةِ يَذُوب،
حتَّى يَغْرَقَ الأَوْلادُ فِي بَحْرِ الضَّيَاعِ وَالشِّقَاق ... حِينَ يَهِيمُ الزَّوجَانِ فِي فِكْرَةِ
الطَّلاقِ.
فَاحذَرُوا الشَّرَارَةَ الأُولَى ... حِينَ يُصْبحُ الخِلافُ خُصُومَةٌ وَتَكْبُر ... وَتُصْبِحُ الخُصُومَةُ
عَدَاوةٌ وَتَكْبُر، فَإِذَا أَصْبَحَتِ الخُصُومَةُ عَلَنِيَّة ... تَحَوَّلَتْ فِي النِّهَايةِ إِلى طَلْقَةٍ ابتِدَائِيَّة، فثانيةٍ، وَنِهَائِيَّة.
هَلْ عَرَفْتَ بِدَايَةَ النِّهَايَةِ المُرَّة ... إنها فِكْرَةٌ غُرِسَتْ قَبْلَ الزَّوَاجِ فِي الأَذْهَانِ أَوَّلَ
مَرَّة ...
فِكْرَةٌ تَقُولُ : إِنَّكَ وَزَوْجَكَ فِي صِرَاع ... فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ المَغْلُوبَ فِي أَوَّلِ
الصِّرَاع!
عِنْدَها تَذَكَّرْ دَائِمًا قَوْلاً لِرَبِّنَا عَظِيمًا :
{ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ
لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا }
[سورة الإسراء : 53]
الوصية الثانية عشر : الأَمَلُ بِاللهِ ...!
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
لا تَجْعَلُوا ذِكْرَ سَعَادَةِ مَا كُنْتُمَا مَعَنَا فِيهِ ... سَبَبًا يُجَرْجِرُ شِقَاوَةً لِمَا أَنْتُمَا فِيهِ، عِيشَا
سَعَادَةَ لَحَظَاتِكُمَا وَلَذَّتِكُمَا ... رَاضِينَ بِقِسْمَةِ اللهِ لَكُمَا ... رَاجِينَ مِنَ اللهِ أَنْ يُغَيِّرَ
الدُنْيَا بِكُمَا وَبِذُرِّيَتِكُمَا، لَيْسَ ذَلِكَ الطُّمُوحُ مُحَالاً ... وَإِنْ كَانَ طُمُوحًا عَظِيمًا ...
فَابْدَءَا وَفَكِّرَا ... وَاعْمَلَا وَابْتَكِرَا ... وَسَلَا رَبَّا عَظِيمًا.
الوصية الثالثة عشر : الصَّبْر ...!
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
أَرَأَيْتَ كَيْفَ تَحَوَّلَتِ النِّعَمُ - عِنْدَ الكَثِيرِينَ - إِلى سَبَبٍ لِلشَّقََاءِ وَالنِّقَم ...؟ إِذْ جَعَلُوا
الوَلَدَ سَبَبًا لِلنِّزَاعِ فِي أُسْلُوبِ تَرْبِيَتِه بَيْنَ الحَبِيبَيْنِ ...!؟
وَالرِّزْقَ سَبَبًا لِلخِلافِ عِنْدَ إِقْبَالِهِ وَإِدْبَارِهِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ ؟
وَالفَخْرَ بِالآبَاءِ بَيْنكُمَا سَبَبًا لِلعَدَاءِ بَيْنَ العَشِيرَيْن ...؟
وَالضَّيْفُ سَبَبًا لِلخِلافِ، وَخُصُوصًا إِنْ جَاءَ عَلَى حِينِ غِرَّة ... مَعْ أَنَّهُ يَحْمِلُ
البَرَكَة ... كَمَا صَحَّتْ بِذَا السُّنَّةُ المُطَهَّرَة.
فَهَلْ تَزِيدُ النِّعَمُ إِلَا بِالشُّكْر ...؟ وَهَلْ دَوَاءُ دَوَامِهَا إِلَا الصَّبْر؟
الوصية الرابعة عشر : الرَّحِمَ ... الرَّحِمَ
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
أَيَرْضَى أَحَدُكُمَا أَنْ يُسِيءَ لَهُ وَلَدُهُ بَعْدَ زَوَاجِه ... هَذَا جَزَاءُ مَنْ خَبَّبَ عَلَى أَهْلِ
زَوْجِهِ وَزَوْجَتِهِ أَوْلادَه ... مَا رَصِيدُ الابْنِ بَيْنَ النَّاسِ، إِذَا نَظَرَ لأَعْمَامِهِ وَأَخْوَالِهِ
عَلَى أَنَّهُمْ أَعْدَاؤُهُ وَحُسَّادُهُ .
الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِعَرْشِ الرَّحْمَن ... فَمَنْ يَمُرُّ مِنْ هُنَالِكَ؟ وَهِيَ تَنْتَظِرُ عَلَى الصِّرَاطِ
الْمَضْرُوبِ عَلَى النِّيرَان؟
فَاجْعَلْ لِرَحِمِكَ وَزَوْجِكَ صِلَة، وَاجْعَلْ صِلَتَهُم التِزَامًا ... وَعَمِّمْهُ عَلَى وَلَدِكَ كَيْ
يَكُونَ لَكُمَا سَلَامَةَ شَهَادَةٍ وَغُفْرَانًا .
الوصية الخامسة عشر : أَمَامَكَ الاخْتِبَار ...!
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
قَدْ أَصْبَحْتُمَا بَعْدَ هَذِهِ النِّعْمَةِ أَحَقَّ بِالتِزَامِ قَوْلِ الحَقِّ لَكُمْ أَيُّهَا المُؤْمِنُون ... { قُل
لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا
يَصْنَعُونَ }[سورة النُّور : 30 ]
كُلُّ مَا تَرَيَانِهِ مِنْ جَمَالٍ بِأَعْيُنِكُمَا فَهُوَ اخْتِبَار ... وَاللَّهُ يُدْرِكُ الْأَبْصَار ... وَلَا تُدْرِكُهُ
الْأَبْصَار، ارْضَ بِمَا قَسَمَ لَكَ اللّه ... وَاسْتَعِنْ بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عليه
وَسَلَّم : " ... وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللّه " (1).
(1) صحيح : متفق عليه، رواه البخاري (1400)، و رواه مسلم (1053).
الوصية السادسة عشر : شَكٌ ... وَغَيْرَةٌ
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
يَا وَلَدِي : لَنْ يُسْعِدَ المَرْأَةَ رَجُلٌ لا يَغَارُ عَلَى عِرْضِه .. وَلَنْ تَسَعَ الشَكَّاكَ دَارُهُ وَلا
أَرْضُه ... فَاجْمَعِ العَقْلَ وَالحَزْم ... وَحَكِّمِ العَاطِفَةَ وَالحِلْمَ.
وَيَا بُنَيَّتِي : كَمْ مِنِ امْرَأَةٍ أَفْسَدَتْ حَيَاتَها ... بِالإِفْرَاطِ فِي غِيرَتِهَا
عَاشَتْ مَهْمُومَةً هَائِمَة ... وَمَاتَتْ مَرِيضَةً آثِمَة.
فَإِيَّاكِ أَنْ تُضيِّعِي أُخْرَاكِ ... وَلَوْ تَفَلَّتَتْ مِنْ بَيْنِ يَدَيْكِ دُنْيَاكِ.
الوصية السابعة عشر : تَسَابَقَا ...
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
قَدْ حَوَّلَ النبي صلى الله عليه وسلم مُحِيطَ الأُسْرَةِ إِلى مَيْدَانِ سِبَاقٍ إِلى الله ... وَهُوَ الذي سَبَقَ الجَمِيعَ إِلى اللهِ، فَلْيَكُنِ التَّنَافُسُ وَرَاءَه صلى الله عليه وسلم بَيْنَنَا
مُشْتَعِلاً ... وَلا يَيْئَسْن أَحَدٌ أَوْ يَجِدُ – في السَّفَاسِفِ – عَنْ أَهْلِهِ شُغُلا.
سِبَاقٌ يَبْتَدِئُ بِالكَلِمَةِ وَالابْتِسَامَةِ الطَّيِّبَة ... وَيَنْتَهِي بِالحَيَاةِ وَالجَنَّةِ الطَّيِّبَة.
فَإِذَا غَفَلْتَ – عَنِ السِّبَاقِ – أَوْ قُلْتَ ذَهَبَ عَني وَهَلِي ... فَتَذكَّرْ (( خَيْرُكُم خَيْرُكُم لِأَهْلِهِ، وأَنَا خَيْرُكُم لِأَهْلِي )) (1)
(1) صحيح : رواه الترمذي (3895)، وصححه الألباني.
الوصية الثامنة عشر : لا مُجَازَفَة ...
يَا بُنَيَّتِي ...
إِنَّكِ الثِّقَةُ المُوثِقَة ... لَكِنْ كَمْ تَهَاوَنَتْ فِي أَمْرِ اللهِ امْرَأَةٌ فَغَدَتْ مُوبِقَة.
إِيَّاكِ وِالخُضُوعَ بِالكَلِمَةِ اللَّيِّنَة ... أَوِ التَهَاوُنِ بِالتَّزّيُّنِ وَالخَلْوةِ المُحَرَّمَة، وَهَلْ مِنْ
تَحْذِيرٍ أَقْوَى قَبْلَ الفَوْت ... مِنْ قَولِهِ صلى الله عليه وسلم : ((الحَمُو المَوت )) (1) ؟!
(1) صحيح : متفق عليه، رواه البخاري (4934)، ومسلم (2172)
الوصية التاسعة عشر : اللَّهُمَّ لا اعْتِرَاضَ ...
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
اخْتَارَ اللهُ لِمُخْتَارِهِ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ بِكْراً ...
وَجَعَلَ البَنَاتِ لَهُ بَعْدَ ذَهَابِ الأَوْلادِ وَذَهَابِهِ ذُخْراً ...
وَوَهَبَ امْرَأَةَ عِمْرَانَ مَرْيَمَ فَجُعِلَتْ للأَقْصَى نَذْراً ...
فَمَنْ بَعْدَ هَذَا يَعْتَرِضُ عَلَى اخْتِيَارِ اللهِ وَيَكُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ عُذْراً ... ؟
الوصية العشرون : سِرُّ السَّعَادَةِ ...
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
مَنْ أَحَقُّ بِالتَّجَمُّلِ وِالاعْتِنَاء ... مِمَّنْ جَعَلَ اللهُ لَهَا حَقَّ الإِفْضَاءِ ... ؟
وَهَلْ تَدُومُ الحَيَاةُ بِسَعَادَة ... دُونَ حُسْنِ القَوْلِ وَرَدِّهِ بِزِيَادَة ...؟
ابْدَءا بِالكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ أَوَّلَ النَّهَارِ ...
وَتَحَمَّلا تَقَلُّبَ الأَمْزِجَةِ وَالأَحْوَالِ بِتَقَلُّبِ اللَّيْلِ والنَّهَار ...
فَذَلِكَ – لِدَوَامِ السَّعَادَةِ – سِرُّ الأَسْرَار .
الوصية الحادية والعشرون : صِفَاتٌ مَذْمُومَةٌ ...
يَا وَلَدِي وَيَا بُنَيَّتِي ...
يَا وَلَدِي : لا تَكُنْ ذَاكَ الزَّوْجَ الذي إِنْ تَكَلَّمَ فَمُعَاتِبا ... وَإِنْ وَصَفَ فَعَائِبا ... وَإِنْ سَكَتَ فَغَاضِبا ... وَمَعَ غَيْرِ أَهْلِهِ بَشُوشًا مُتَجَاوِبا ...
يَا بُنَيَّتِي : لا تَكُونِي تِلْكَ الزَّوْجَةَ دَائِمَةَ السَّخَط ... الطَّالِبَةَ المَزِيدِ بِلا عَدَد ...
المُنْكِرَةَ عَطَاءِ العشِيرِ لَكِ وَلِلْوَلَد.
فَإِنْ جَرَّكِ لِنُكْرَانِ الإِحْسَانِ العِنَادُ وَالغَضَبُ وَالثَّار ... فَتَوقَّفِي وَتذَكَّرِي : (( إِنِّي
رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّار )) (1).
(1) صحيح : رواه البخاري (1393)، ومسلم (79).
الوصية الثانية والعشرون : بَابُ جَنَّتِكِ ...
يَا بُنَيَّتِي ...
أَرَأَيْتَ طَاعَةً فَوْقَ طَاعَتِنَا إِلا طَاعَةَ الله ... ؟
قَدْ قُدِّمَ زَوْجُكِ عَلَيْنَا كَوَالِدَيْنِ بِحُكْمِ اللهِ ... أَلَمْ تَسْمَعِي لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه
وسلم لِإِمَامِ الأُمَّةِ وَعَالِمِها ... :
(( لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجَدَ لِأحَدٍ لغَيْرِ اللهِ، لأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوجِها)) (1)
(1) صحيح : رواه ابن ماجه (1853)، وصححه الألباني.