أبو حسن الحسن
10-05-2009, 05:23 AM
القافلة تسير .. والكلاب تنبح
قال الله تعالى ذاكراً بعض بركات الجهاد: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) فذكر سبحانه أن الهداية للحق والتوفيق والتسديد إليه والبصيرة فيه وفي سبله؛ ينالها المجاهدون ويبارك الله لهم فيها بجهادهم الصادق في سبيل الله..
فالمجاهدون الصادقون من أفقه الناس وأفرسهم بصيرة.. ولذلك كان من قبلنا لِيقينهم بثمرات الجهاد وبركاته هذه إذا ما أعيتهم مسألة من مسائل الفقه أو العلم قالوا: (اسألوا أهل الثغور..)
وذلك أن المجاهد يتعين عليه أن يدرس واقعه الذي يعيش فيه فيحيط به علماً كما قد أحاط بفقه الجهاد الشرعي، فإذا ما فعل ذلك وصدق في جهاده؛ أطلق الله بصيرته ببركات جهاده في الله وكان سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، فيصير فهمه وفقهه وإصابته للحق أعظم أضعاف أضعاف من سائر الناس..
ومن ثم فلا حاجة للمجاهدين لفقهاء ومنظرين من خارج صفهم، لأن فقهاءهم الذين يوجهونهم ويتخيرون لهم الأولى والأنقى والأنكى من الجهاد والقتال من أفقه الناس وأقواهم بصيرة وذلك لأن فقههم يولد من رحم الجهاد ومن ميادين القتال وخنادقه حيث الصدق مع الله والبعد عن الأهواء المضلة والشهوات المزلة، فإذا أضيف إلى ذلك ما ذكرناه من العلم بالشرع والإحاطة بالواقع لم تكد فراسة أحدهم تخطئ..
فالمجاهد ومشايخه الربانيين المجاهدين هم الذين يقدرون المصلحة في جهادهم والفائدة والثمرة في اختيار أهدافهم، وهم ليسوا بحاجة إلى فقه القاعدين المهترئ ولا إلى تنظيرات الخوالف المنسحقة تحت أقدام الأنظمة وأسيادها الغربيين والأمريكان.. أو المندحرة أمام ثقافة العولمة وتهمة الإرهاب، ولا إلى أفهام المخلدين إلى الأرض من الصحفيين المارقين أو الكتاب العلمانيين والمفكرين المهترئين، الذين يطلّون علينا عبر شاشات الفضائيات ومن بين سطور مقالاتهم المنهزمة في صحفهم العلمانية المتهالكة على تقديم الطاعة والولاء لولاة أمورهم وخمورهم، فيخرجوا منها علينا بعد كل عمل بطولي للمجاهدين ليحللوا وينظروا من منطلقاتهم الإنبطاحية، ويلوموا المجاهدين أو يجهّلوهم ويطعنوا فيهم وفي جهادهم.. فتارة يدّعون أن المجاهدين جهلة وأن أعمالهم ستسوّغ لأمريكا مزيدا من الحرب على الإسلام، وتارة يرون أنها ستغطي على جرائم إسرائيل وتشتت الأنظار عنها.. وتارة يزعمون أن المجاهدين يُستدرجون إلى هذه الأعمال بسطحيتهم وغفلتهم وأن وراء الأكمة ما وراءها من الأيادي الخفية التي تسيرها الصهيونية العالمية ونحو ذلك من أفكار الإنضباع بنظرية المؤامرة.. فسحقاً سحقاً..
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكمو ** من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
وفي مجمع الأمثال (أجُبْناً وغَيرة؟!) بل (أجبناً وحسداً؟!) قد قعدتم وأخلدتم إلى الأرض وبعتم الدين والعرض بل والشرف والمروءة، وتبرّأتم من دينكم وجهاده واستحييتم من تبني حدوده وخجلتم من شرائعه.. ويتمنى كثير منكم لو أمكنه حكّ آيات الحدود وغسل نصوص الجهاد وإزالتها من قرآنه.. فبأي حق يجوز لكم بعد هذا أن تتكلموا عن الجهاد وتنظروا في ثمراته أو تزاودوا على شهدائه وأبطاله؟. أوَيمكن أن تصير النائحة الكاذبة المستأجرة في حال من الأحوال أصدق وأخلص من النائحة الثكلى؟!
اسمعوا أيها المنهزمون؛ المجاهدون ليسوا بحاجة إلى تنظريكم المتهالك تحت أقدام حضارة الغرب الزائفة ولا لتحليلاتكم المندحرة والمنهزمة تحت بساطير الأنظمة العميلة وأسيادها في واشنطن ولندن وباريس وبرلين.. كيف ولا زال أكثركم يُرقّع لساداتهم في البيت الأبيض و (10 داوننج ستريت) والإليزيه بأن حربهم على أمة الإسلام ليست صليبية وليست موجهة إلى الإسلام بل إلى الإرهاب الذي شوهه؛ كذا يزعمون، مع أن أسيادهم هناك يقولون بلسان حالهم بل وفي ظلال تصريحاتهم: إخسؤوا أيها الأقزام، وما يدريكم أنتم؟ بل هي حرب صليبية معلنة على الإسلام الذي هو دين الإرهاب وكم أعلنا ذلك وكررناه وأعلنه جنرالاتنا الذين يصفون المسلمين بأنهم يعبدون وثنا وشيطاناً، وأعلنته هيئاتنا ومحاكمنا التي شنت حربها على الحجاب واعتبرته إرهاباً وتهديداً لعلمانيتنا.. ولكنكم أصممتم آذانكم وأغمضتم أعينكم واستغشيتم ثيابكم وأصررتم على تحريف الحقائق إصراراً..
المجاهدون ليسوا بحاجة إلى أشباه رجال أو إلى مفكرين مدجنين مخنثي العزائم، أو إلى علماء عملاء مأجورين منهزمين؛ ليستفتوهم قبل كل عمل جهادي أو يستشيروهم؛ هل هذا يناسب أفكاركم وعقلكم المعيشي؟ وهل يصلح القيام به حسب تنظيركم أو لا يصلح؟؟ لا، فهم ليسوا بحاجة إلى ذلك، وعندهم من الفقه والبصيرة ما يغنهم.. فموتوا بغيظكم أيها المندحرون، وواصلوا نقدكم للمجاهدين وجهادهم أو كفوا، فالأمر عندنا سيان.. ولن تفتوا بذلك أبداً من عضد المجاهدين، ولن تؤثر أقلامكم المسمومة بجهادهم بإذن الله، كما لم يُؤثر فيه حديد ونار أسيادكم وحربهم وحرابهم..
أما أنتم أيها المجاهدون الصادقون.. فإن خير ردّ لكم يلجم هؤلاء الأرذال ويدحرهم أن تهملوهم؛ أما ردكم الماحق لشقشقاتهم فيتمثل بالثبات على جهادكم ومواصلة الذبح والقتل والقتال لكل عدو لله على بصيرة من الله، وعدم الإلتفات لتنظيرهم فالقافلة تسير ولا يضرها نبح الكلاب، بل ربما أطربتها نغمات ذلك النباح إذا تذكرت واستحضرت دوماً وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحاب الطائفة الظاهرة القائمة بدين الله في كل زمان من أنهم (لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله)
وهذا التشويش على الجهاد والمزاودة على المجاهدين ليس بخلق جديد من أخلاق أعداء هذا الدين بل هو قديم قد مارسته قريش من قبل مع النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين مراراً؛ وحاولوا استغلال بعض الحوادث والأهداف التي تخيرها المجاهدون في أوقات معينة ليشنّعوا بها عليهم، كما حصل في قصة قتل ابن الحضرمي الذي قتلته سرية رسول الله صلى الله عليه وسلم وغنموا ماله وأسروا معه رجلين في أول رجب الشهر الحرام ظانين أنه الآخر من جمادى، فشنعت قريش بذلك على المسلمين وعيّرتهم بأنهم قتلوا واستحلوا الدماء والأموال وأسروا الرجال في الشهر الحرام.. فأنزل الله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ)، فبيّن الله تعالى أن القتال في الشهر الحرام وكذا في البلد الحرام محرم وكبير، وذلك أمر لا ينكره المسلمون ولا يستحلونه، وليسوا بحاجة إلى أن يدلهم عليه أحد من المشركين الكفار ولا يضرهم تعييرهم به، لأن ما ارتكبه ولا يزال يرتكبه المشركون من كفر بالله وصد عن سبيله وإخراج للمؤمنين من البلد الحرام وتعذيبهم لفتنتهم عن دينهم أكبر من مجرد القتال في الشهر الحرام أو البلد الحرام [1]، فلم يتضرر المسلمون بذلك التشنيع والتعيير لأنهم فقهوا أن المشركين أولى بالتعيير وأحق به لما ارتكبوه من جرائم وطوام كبيرة ولا يزالون قائمين ومصرين عليها (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواا) وفي ذلك توجيه للمجاهدين أن لا يتضرّروا بشغب أعداء جهادهم وتعييرهم لهم أو بتنظيرهم وتشنيعهم حول أهداف جهادهم وتوقيت عملياتهم.. وذلك لأن كفر أعداء الدين وصدّهم عن سبيل الله وفتنتهم للمؤمنين أعظم من كل جناية قد يُعيّر بها المجاهدون فهم إذا ما صدرت منهم عن اجتهاد خاطئ فليسوا بحاجة لفقه المشركين وتنظيرهم لأنهم ليسوا بأحرص من المؤمنين على الحلال والحرام.. وهذا كقول أبي فراس..
وما من أعجب الأشياء علج ** يعرّفني الحلال من الحرام
فحذار أيها المجاهدون أن تضعفوا أمام إرجافات أعداء الدين وحذار من أن يتضرر جهادكم بتشنيع أذنابهم..
فإن قالوا لكم: قد قتل في قتالكم في موقع كذا وكذا أطفال وصبيان والنبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن قتل الصبيان..
قولوا لهم.. نعم قد نهى عليه الصلاة والسلام عن ذلك ونحن أعلم بذلك وأحرص على أمره ونهيه منكم، ونعوذ بالله من أن نتقصدهم، ولو فعلنا ذلك تبنا إلى الله أما أنتم فقائمون مصرون على الكفر والحرام، ولذا فلسنا بحاجة إلى فقهكم وتنظيركم.. وقد رفع الله عنا الحرج في تبييت الكفار إن حصل فيه شيء من ذلك، وكيف يحق لكم أن تظهروا بمظهر الحريص على الأطفال ، وأنتم أول من يتم أطفال الموحدين وأعدم آباءهم واستحل قتلهم لجهادهم وتوحيدهم وبراءتهم من شرككم واستحل قتلهم بالكفار بدعوى الحرابة؛ وأنتم أول من حارب دين الله وأولياءه أما هم فلم يحاربوا إلا أعداءه وإن قتل في جهادهم بعض الصبيان فأنتم قد وأدتم جمهور أبناء المسلمين وقتلتم الدين والحمية والتوحيد في قلوبهم بمناهج مدارسكم الفاسدة التي تنشؤهم على الولاء لكم ولأوليائكم، ولا زلتم تسعون في فتنتهم عن دينهم وجهادهم (والفتنة أكبر من القتل) ومن أصدق من الله حديثا..؟.
وإن قالوا لكم: قد وضعتم محراث الأمريكان بسبب جهادكم وما عملتموه في نيويورك وواشنطن؛ على ظهور بلاد المسلمين فتسلطوا بدعاوى محاربة الإرهاب على بلادهم وخيراتهم..
فقولوا لهم: ومتى لم يكن المحراث موضوعاً على ظهور هذه الدول حتى نكون نحن من تسبب في وضعه، فقد جئنا إلى هذه الدنيا وهو موضوع بلا ثمن على ظهرها بخنوع طواغيتها وبلا مقابل؛ فلم نعدُ أن جعلناه بثمن وبمقابل..
وإن قالوا لكم: إن إسرائيل تستغل أعمالكم لتمارس وتضاعف إرهابها ضد الفلسطينيين وتهدم المنازل وتقتل الأطفال وتجرف الأراضي وتقطع الأشجار..
فقولوا لهم: وهل تحتاج إسرائيل لمبررات لتفعل ذلك ومتى توقفت إسرائيل عن إرهابها أو أنقصته حتى تزعموا أنها ضاعفته بعد عمليات المجاهدين.. إن إسرائيل هي آلة تفريخ الإجرام برعاية أسيادكم في واشنطن وحراسة جيوشكم في بلادنا، وقد قتلت من المسلمين في فلسطين وهدمت من بيوتهم قبل عملياتنا ما لو قورن ببرجي التجارة لبلغ أضعافاً مضاعفة لهما، فعلى من تدلسون؟
وإن قالوا لكم إنكم بضرباتكم لليهود و الأمريكان تضعفون الأنظمة العربية وتضعفون اقتصادها وتقوضون مشاريعها التنموية وتنفرون المستثمرين الأجانب وتطفشون السياح..
فقولوا لهم: أنعم بذلك، وهل نريد إلا هذا؟ ولو علمنا أن ثقب الأوزون يضعف هذه الأنظمة الحقيرة ويعجل في سقوطها لاجتهدنا في توسيعه، وهل يؤرقنا أو يشغلنا أيها المغفلون إلا تقويض أنظمة الحكم الكافرة العفنة في بلادنا وإضعافها لهدمها وإقتلاعها من جذورها؟
أما التنمية والاقتصاد والاستثمار ونحوه فلا يصلح إلا بعد أن تحكم بلادنا بشرع الله.
فإن قالوا لكم: قد أحرجتم بعملياتكم في اسطنبول الإسلاميين الأتراك المعتدلين!! ودفعتموهم للإرتماء في أحضان الأوروبيين والأمريكان..
فقولوا لهم: وهل نريد إلا فضح كل خبيث متاجر بالدين يمجد أتاتورك ولا يبرئ من علمانيته ويستحي من الدين الحق ويطعن في المجاهدين ويتحالف مع أعدائهم بدعوى مكافحة الأرهاب.. ثم متى لم تكن تركيا في كل عهودها المعاصرة غير متهالكة على إرضاء أوروبا لتقبل في اتحادها الصليبي، ومتى لم تكن مرتمية في أحضان الأمريكان بل واليهود..؟!
فإن قالوا لكم: إن إرهابكم قد استغل للضغط على الأنظمة العربية كالسعودية لإدخال ما يسمى بالإصلاحات وهي ارتدادات صريحة وواسعة إلى العلمانية ولتحريف المناهج وتطويعها لبث ثقافة العولمة وروح المؤاخاة والمودة لإخوانهم الكفار الغربيين..
فقولوا لهم.. أنعم بذلك؛ وهل من أعظم غايات جهادنا إلا فضح هذه الأنظمة وكشف كذبها وتدليسها وتسترها بالإسلام.. وقد كانت ولا زالت تفتح أبوابها للعلمانيين وكفرهم سراً وخفاء، ولا زالت تدس السم بالدسم في مناهج تعليمها وتطوع الدين فيها لخدمة الأنظمة وطواغيتها ومؤاخاة كفار الغرب والشرق فإن أعلنت بذلك وجاهرت به بسبب جهادنا وغيرت المناهج صراحة وحاربت أهل الدين علانية براءة من الدين الحق الذي يغذي الجهاد والإرهاب إرضاءا لأسيادهم الأمريكان فالحمد لله، إذ أن أول مراحل دحر هذه الأنظمة فضحها..
وإن قالوا لكم: قد أشعلتم بعملياتكم نار الكراهية بين الغرب والمسلمين ودفعتم إلى صراع الحضارات وسلطتموهم على المسلمين هناك فطردوا المحجبات من مدارسهم الحكومية العامة..
فقولوالهم: أنعم بذلك وأكرم وإنه لواجب من واجبات الإسلام وعراه الوثقى أن نقطع وشائج المودة بين المسلمين وأعدائهم، وطرد المحجبات من مدارسهم الحكومية خير عظيم يطهرهن من رجس إختلاطهم وثقافتهم الفاسدة ومناهجهم النجسة.. ويوقظ المسلمين وينبههم إلى حقد هؤلاء الكفار على شعائر الإسلام فلا يحسنون بهم الظن ويدعوهم إلى التميز والعمل الجاد لإيجاد البدائل النظيفة من المدارس الإسلامية الطاهرة، ومعلوم أن حربهم على حجاب المسلمات بل وعلى الإسلام وشرائعه أقدم مما تدعون يعرف ذلك كل عاقل متابع لحربهم على دين المسلمين.. وأما صراع الحضارات ونار الكراهية فهي مشتعلة قبل عملياتنا بل وقبل (هتنغتون و فوكوياما) وكتاباتهما حول صدام الحضارات فهي موجودة منذ أن وجد الكفر والإيمان، وقد قال تعالى عن الكفار: ( وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ) وما الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش ومذابح المسلمين على أيدي اليهود والنصارى في كل بقاع الأرض بخافية إلا على من تعامى عنها ودفن رأسه في الرمال..
ثم قولوا لهم إن تنظيركم وتشنيعكم هذا كله مهزوم منكوس يرده الواقع بل وشهادات أسيادكم الذين تنبهرون بهم من الكتاب والمحللين والمنظرين الغربيين، فها هم يعلنون في إحصاءاتهم أن الإهتمام بالإسلام ودراسته والإقبال عليه من قبل الغربيين والأمريكان قد ازداد بشكل كبير وملحوظ بعد غزوات نيويورك وواشنطن..
واختم هذا بشهادة واحد من أولئك الغربيين الذين ينبهر بهم وبثقافتهم هؤلاء المنظرين المنهزمين في بلادنا؛ يشهد فيها بذكاء وفهم المجاهدين وأنهم يعلمون تماماً ما يفعلونه.
فقد نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية مقالاً بتاريخ 21/11/2003م لخبير شؤون الشرق الأوسط (روبرت فيسك) جاء فيه: (إنالهجومين التفجيريين على أهداف بريطانية في إسطنبول هما ثمن الإنضمام إلى حرب الرئيس الأمركي بوش على الإرهاب، إننا ينبغي أن لا نخدع أنفسنا بشأن القدرات العقلية لمنفذي الهجمات فمنفذو الهجمات قادرون على فهم العالم الخارجي ، لقد كانوا يعلمون تماماً ما هم فاعلون حين أقدموا على مهاجمة الأستراليين في بالي، فقد عرفوا أن الأستراليين يعارضون ضرب العراق ومن ثم فإن اللوم سيقع على عاتق رئيس الوزراء الأسترالي على هجمات بالي وكذلك الحال في إيطاليا..
كما كانوا على دراية بالمظاهرات الحاشدة في بريطانيا ضد زيارة بوش.
ولأن ضرب بريطانيا أثناء زيارة الرئيس الأمريكي لم تكن بالأمر اليسير فكان ضرب الأهداف البريطانية في تركيا. إنهم يعرفون تماماً رغبة بوش العارمة في تبرئة ساحته بشأن الحرب على العراق قبيل الإنتخابات الرئاسية في العام القادم، ومن ثم فإنهم يزيدون من هجماتهم على القوات الأمريكية في العراق لقد عقدوا العزم على تصفية بوش سياسياً إن لم يكن جسدياًُ وكذلك رئيس الوزراء البريطاني بلير) أهـهذه عينة من تحليلات أسيادكم أيها المنظرون المنهزمون نلجمكم بها، وتلك هي تحليلاتكم وتنظيراتكم المنهزمة، والمجاهدون كما قلنا من قبل في غنىً عن تنظيركم وتنظير أسيادكم؛ إذ أن لهم منظروهم وفقهاؤهم ، وهاديهم شرع عظيم وكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ولذا فهم ليسوا بحاجة إلى فقه و تنظير الخوالف والمنهزمين الفرحين بقعودهم الراضين بتخلفهم فطبع الله بذلك على قلوبهم فهم لا يفقهون ولا يعلمون..
إذ أنه وكما أن الله تعالى يطلق بصائر المجاهدين في سبيله ويهديهم سبحانه إلى سبله.. فكذلك أيضا وفي المقابل يطبع على قلوب الخوالف القاعدين فيجعلهم من أجهل الخلق وأضحلهم فقهاً وعلماً وتنظيراً..
فكيف ترانا بعد ذلك سنعبأ بتنظيرهم المنهزم أو تحليلهم المندحر؟
قال تعالى: ( رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ). وقال سبحانه: ( رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ).
أبو محمد المقدسي
----------
[1] إن كان لآل سعود وأذنابهم عقول فليتدبروا ..
قال الله تعالى ذاكراً بعض بركات الجهاد: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) فذكر سبحانه أن الهداية للحق والتوفيق والتسديد إليه والبصيرة فيه وفي سبله؛ ينالها المجاهدون ويبارك الله لهم فيها بجهادهم الصادق في سبيل الله..
فالمجاهدون الصادقون من أفقه الناس وأفرسهم بصيرة.. ولذلك كان من قبلنا لِيقينهم بثمرات الجهاد وبركاته هذه إذا ما أعيتهم مسألة من مسائل الفقه أو العلم قالوا: (اسألوا أهل الثغور..)
وذلك أن المجاهد يتعين عليه أن يدرس واقعه الذي يعيش فيه فيحيط به علماً كما قد أحاط بفقه الجهاد الشرعي، فإذا ما فعل ذلك وصدق في جهاده؛ أطلق الله بصيرته ببركات جهاده في الله وكان سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، فيصير فهمه وفقهه وإصابته للحق أعظم أضعاف أضعاف من سائر الناس..
ومن ثم فلا حاجة للمجاهدين لفقهاء ومنظرين من خارج صفهم، لأن فقهاءهم الذين يوجهونهم ويتخيرون لهم الأولى والأنقى والأنكى من الجهاد والقتال من أفقه الناس وأقواهم بصيرة وذلك لأن فقههم يولد من رحم الجهاد ومن ميادين القتال وخنادقه حيث الصدق مع الله والبعد عن الأهواء المضلة والشهوات المزلة، فإذا أضيف إلى ذلك ما ذكرناه من العلم بالشرع والإحاطة بالواقع لم تكد فراسة أحدهم تخطئ..
فالمجاهد ومشايخه الربانيين المجاهدين هم الذين يقدرون المصلحة في جهادهم والفائدة والثمرة في اختيار أهدافهم، وهم ليسوا بحاجة إلى فقه القاعدين المهترئ ولا إلى تنظيرات الخوالف المنسحقة تحت أقدام الأنظمة وأسيادها الغربيين والأمريكان.. أو المندحرة أمام ثقافة العولمة وتهمة الإرهاب، ولا إلى أفهام المخلدين إلى الأرض من الصحفيين المارقين أو الكتاب العلمانيين والمفكرين المهترئين، الذين يطلّون علينا عبر شاشات الفضائيات ومن بين سطور مقالاتهم المنهزمة في صحفهم العلمانية المتهالكة على تقديم الطاعة والولاء لولاة أمورهم وخمورهم، فيخرجوا منها علينا بعد كل عمل بطولي للمجاهدين ليحللوا وينظروا من منطلقاتهم الإنبطاحية، ويلوموا المجاهدين أو يجهّلوهم ويطعنوا فيهم وفي جهادهم.. فتارة يدّعون أن المجاهدين جهلة وأن أعمالهم ستسوّغ لأمريكا مزيدا من الحرب على الإسلام، وتارة يرون أنها ستغطي على جرائم إسرائيل وتشتت الأنظار عنها.. وتارة يزعمون أن المجاهدين يُستدرجون إلى هذه الأعمال بسطحيتهم وغفلتهم وأن وراء الأكمة ما وراءها من الأيادي الخفية التي تسيرها الصهيونية العالمية ونحو ذلك من أفكار الإنضباع بنظرية المؤامرة.. فسحقاً سحقاً..
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكمو ** من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
وفي مجمع الأمثال (أجُبْناً وغَيرة؟!) بل (أجبناً وحسداً؟!) قد قعدتم وأخلدتم إلى الأرض وبعتم الدين والعرض بل والشرف والمروءة، وتبرّأتم من دينكم وجهاده واستحييتم من تبني حدوده وخجلتم من شرائعه.. ويتمنى كثير منكم لو أمكنه حكّ آيات الحدود وغسل نصوص الجهاد وإزالتها من قرآنه.. فبأي حق يجوز لكم بعد هذا أن تتكلموا عن الجهاد وتنظروا في ثمراته أو تزاودوا على شهدائه وأبطاله؟. أوَيمكن أن تصير النائحة الكاذبة المستأجرة في حال من الأحوال أصدق وأخلص من النائحة الثكلى؟!
اسمعوا أيها المنهزمون؛ المجاهدون ليسوا بحاجة إلى تنظريكم المتهالك تحت أقدام حضارة الغرب الزائفة ولا لتحليلاتكم المندحرة والمنهزمة تحت بساطير الأنظمة العميلة وأسيادها في واشنطن ولندن وباريس وبرلين.. كيف ولا زال أكثركم يُرقّع لساداتهم في البيت الأبيض و (10 داوننج ستريت) والإليزيه بأن حربهم على أمة الإسلام ليست صليبية وليست موجهة إلى الإسلام بل إلى الإرهاب الذي شوهه؛ كذا يزعمون، مع أن أسيادهم هناك يقولون بلسان حالهم بل وفي ظلال تصريحاتهم: إخسؤوا أيها الأقزام، وما يدريكم أنتم؟ بل هي حرب صليبية معلنة على الإسلام الذي هو دين الإرهاب وكم أعلنا ذلك وكررناه وأعلنه جنرالاتنا الذين يصفون المسلمين بأنهم يعبدون وثنا وشيطاناً، وأعلنته هيئاتنا ومحاكمنا التي شنت حربها على الحجاب واعتبرته إرهاباً وتهديداً لعلمانيتنا.. ولكنكم أصممتم آذانكم وأغمضتم أعينكم واستغشيتم ثيابكم وأصررتم على تحريف الحقائق إصراراً..
المجاهدون ليسوا بحاجة إلى أشباه رجال أو إلى مفكرين مدجنين مخنثي العزائم، أو إلى علماء عملاء مأجورين منهزمين؛ ليستفتوهم قبل كل عمل جهادي أو يستشيروهم؛ هل هذا يناسب أفكاركم وعقلكم المعيشي؟ وهل يصلح القيام به حسب تنظيركم أو لا يصلح؟؟ لا، فهم ليسوا بحاجة إلى ذلك، وعندهم من الفقه والبصيرة ما يغنهم.. فموتوا بغيظكم أيها المندحرون، وواصلوا نقدكم للمجاهدين وجهادهم أو كفوا، فالأمر عندنا سيان.. ولن تفتوا بذلك أبداً من عضد المجاهدين، ولن تؤثر أقلامكم المسمومة بجهادهم بإذن الله، كما لم يُؤثر فيه حديد ونار أسيادكم وحربهم وحرابهم..
أما أنتم أيها المجاهدون الصادقون.. فإن خير ردّ لكم يلجم هؤلاء الأرذال ويدحرهم أن تهملوهم؛ أما ردكم الماحق لشقشقاتهم فيتمثل بالثبات على جهادكم ومواصلة الذبح والقتل والقتال لكل عدو لله على بصيرة من الله، وعدم الإلتفات لتنظيرهم فالقافلة تسير ولا يضرها نبح الكلاب، بل ربما أطربتها نغمات ذلك النباح إذا تذكرت واستحضرت دوماً وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحاب الطائفة الظاهرة القائمة بدين الله في كل زمان من أنهم (لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله)
وهذا التشويش على الجهاد والمزاودة على المجاهدين ليس بخلق جديد من أخلاق أعداء هذا الدين بل هو قديم قد مارسته قريش من قبل مع النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين مراراً؛ وحاولوا استغلال بعض الحوادث والأهداف التي تخيرها المجاهدون في أوقات معينة ليشنّعوا بها عليهم، كما حصل في قصة قتل ابن الحضرمي الذي قتلته سرية رسول الله صلى الله عليه وسلم وغنموا ماله وأسروا معه رجلين في أول رجب الشهر الحرام ظانين أنه الآخر من جمادى، فشنعت قريش بذلك على المسلمين وعيّرتهم بأنهم قتلوا واستحلوا الدماء والأموال وأسروا الرجال في الشهر الحرام.. فأنزل الله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ)، فبيّن الله تعالى أن القتال في الشهر الحرام وكذا في البلد الحرام محرم وكبير، وذلك أمر لا ينكره المسلمون ولا يستحلونه، وليسوا بحاجة إلى أن يدلهم عليه أحد من المشركين الكفار ولا يضرهم تعييرهم به، لأن ما ارتكبه ولا يزال يرتكبه المشركون من كفر بالله وصد عن سبيله وإخراج للمؤمنين من البلد الحرام وتعذيبهم لفتنتهم عن دينهم أكبر من مجرد القتال في الشهر الحرام أو البلد الحرام [1]، فلم يتضرر المسلمون بذلك التشنيع والتعيير لأنهم فقهوا أن المشركين أولى بالتعيير وأحق به لما ارتكبوه من جرائم وطوام كبيرة ولا يزالون قائمين ومصرين عليها (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواا) وفي ذلك توجيه للمجاهدين أن لا يتضرّروا بشغب أعداء جهادهم وتعييرهم لهم أو بتنظيرهم وتشنيعهم حول أهداف جهادهم وتوقيت عملياتهم.. وذلك لأن كفر أعداء الدين وصدّهم عن سبيل الله وفتنتهم للمؤمنين أعظم من كل جناية قد يُعيّر بها المجاهدون فهم إذا ما صدرت منهم عن اجتهاد خاطئ فليسوا بحاجة لفقه المشركين وتنظيرهم لأنهم ليسوا بأحرص من المؤمنين على الحلال والحرام.. وهذا كقول أبي فراس..
وما من أعجب الأشياء علج ** يعرّفني الحلال من الحرام
فحذار أيها المجاهدون أن تضعفوا أمام إرجافات أعداء الدين وحذار من أن يتضرر جهادكم بتشنيع أذنابهم..
فإن قالوا لكم: قد قتل في قتالكم في موقع كذا وكذا أطفال وصبيان والنبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن قتل الصبيان..
قولوا لهم.. نعم قد نهى عليه الصلاة والسلام عن ذلك ونحن أعلم بذلك وأحرص على أمره ونهيه منكم، ونعوذ بالله من أن نتقصدهم، ولو فعلنا ذلك تبنا إلى الله أما أنتم فقائمون مصرون على الكفر والحرام، ولذا فلسنا بحاجة إلى فقهكم وتنظيركم.. وقد رفع الله عنا الحرج في تبييت الكفار إن حصل فيه شيء من ذلك، وكيف يحق لكم أن تظهروا بمظهر الحريص على الأطفال ، وأنتم أول من يتم أطفال الموحدين وأعدم آباءهم واستحل قتلهم لجهادهم وتوحيدهم وبراءتهم من شرككم واستحل قتلهم بالكفار بدعوى الحرابة؛ وأنتم أول من حارب دين الله وأولياءه أما هم فلم يحاربوا إلا أعداءه وإن قتل في جهادهم بعض الصبيان فأنتم قد وأدتم جمهور أبناء المسلمين وقتلتم الدين والحمية والتوحيد في قلوبهم بمناهج مدارسكم الفاسدة التي تنشؤهم على الولاء لكم ولأوليائكم، ولا زلتم تسعون في فتنتهم عن دينهم وجهادهم (والفتنة أكبر من القتل) ومن أصدق من الله حديثا..؟.
وإن قالوا لكم: قد وضعتم محراث الأمريكان بسبب جهادكم وما عملتموه في نيويورك وواشنطن؛ على ظهور بلاد المسلمين فتسلطوا بدعاوى محاربة الإرهاب على بلادهم وخيراتهم..
فقولوا لهم: ومتى لم يكن المحراث موضوعاً على ظهور هذه الدول حتى نكون نحن من تسبب في وضعه، فقد جئنا إلى هذه الدنيا وهو موضوع بلا ثمن على ظهرها بخنوع طواغيتها وبلا مقابل؛ فلم نعدُ أن جعلناه بثمن وبمقابل..
وإن قالوا لكم: إن إسرائيل تستغل أعمالكم لتمارس وتضاعف إرهابها ضد الفلسطينيين وتهدم المنازل وتقتل الأطفال وتجرف الأراضي وتقطع الأشجار..
فقولوا لهم: وهل تحتاج إسرائيل لمبررات لتفعل ذلك ومتى توقفت إسرائيل عن إرهابها أو أنقصته حتى تزعموا أنها ضاعفته بعد عمليات المجاهدين.. إن إسرائيل هي آلة تفريخ الإجرام برعاية أسيادكم في واشنطن وحراسة جيوشكم في بلادنا، وقد قتلت من المسلمين في فلسطين وهدمت من بيوتهم قبل عملياتنا ما لو قورن ببرجي التجارة لبلغ أضعافاً مضاعفة لهما، فعلى من تدلسون؟
وإن قالوا لكم إنكم بضرباتكم لليهود و الأمريكان تضعفون الأنظمة العربية وتضعفون اقتصادها وتقوضون مشاريعها التنموية وتنفرون المستثمرين الأجانب وتطفشون السياح..
فقولوا لهم: أنعم بذلك، وهل نريد إلا هذا؟ ولو علمنا أن ثقب الأوزون يضعف هذه الأنظمة الحقيرة ويعجل في سقوطها لاجتهدنا في توسيعه، وهل يؤرقنا أو يشغلنا أيها المغفلون إلا تقويض أنظمة الحكم الكافرة العفنة في بلادنا وإضعافها لهدمها وإقتلاعها من جذورها؟
أما التنمية والاقتصاد والاستثمار ونحوه فلا يصلح إلا بعد أن تحكم بلادنا بشرع الله.
فإن قالوا لكم: قد أحرجتم بعملياتكم في اسطنبول الإسلاميين الأتراك المعتدلين!! ودفعتموهم للإرتماء في أحضان الأوروبيين والأمريكان..
فقولوا لهم: وهل نريد إلا فضح كل خبيث متاجر بالدين يمجد أتاتورك ولا يبرئ من علمانيته ويستحي من الدين الحق ويطعن في المجاهدين ويتحالف مع أعدائهم بدعوى مكافحة الأرهاب.. ثم متى لم تكن تركيا في كل عهودها المعاصرة غير متهالكة على إرضاء أوروبا لتقبل في اتحادها الصليبي، ومتى لم تكن مرتمية في أحضان الأمريكان بل واليهود..؟!
فإن قالوا لكم: إن إرهابكم قد استغل للضغط على الأنظمة العربية كالسعودية لإدخال ما يسمى بالإصلاحات وهي ارتدادات صريحة وواسعة إلى العلمانية ولتحريف المناهج وتطويعها لبث ثقافة العولمة وروح المؤاخاة والمودة لإخوانهم الكفار الغربيين..
فقولوا لهم.. أنعم بذلك؛ وهل من أعظم غايات جهادنا إلا فضح هذه الأنظمة وكشف كذبها وتدليسها وتسترها بالإسلام.. وقد كانت ولا زالت تفتح أبوابها للعلمانيين وكفرهم سراً وخفاء، ولا زالت تدس السم بالدسم في مناهج تعليمها وتطوع الدين فيها لخدمة الأنظمة وطواغيتها ومؤاخاة كفار الغرب والشرق فإن أعلنت بذلك وجاهرت به بسبب جهادنا وغيرت المناهج صراحة وحاربت أهل الدين علانية براءة من الدين الحق الذي يغذي الجهاد والإرهاب إرضاءا لأسيادهم الأمريكان فالحمد لله، إذ أن أول مراحل دحر هذه الأنظمة فضحها..
وإن قالوا لكم: قد أشعلتم بعملياتكم نار الكراهية بين الغرب والمسلمين ودفعتم إلى صراع الحضارات وسلطتموهم على المسلمين هناك فطردوا المحجبات من مدارسهم الحكومية العامة..
فقولوالهم: أنعم بذلك وأكرم وإنه لواجب من واجبات الإسلام وعراه الوثقى أن نقطع وشائج المودة بين المسلمين وأعدائهم، وطرد المحجبات من مدارسهم الحكومية خير عظيم يطهرهن من رجس إختلاطهم وثقافتهم الفاسدة ومناهجهم النجسة.. ويوقظ المسلمين وينبههم إلى حقد هؤلاء الكفار على شعائر الإسلام فلا يحسنون بهم الظن ويدعوهم إلى التميز والعمل الجاد لإيجاد البدائل النظيفة من المدارس الإسلامية الطاهرة، ومعلوم أن حربهم على حجاب المسلمات بل وعلى الإسلام وشرائعه أقدم مما تدعون يعرف ذلك كل عاقل متابع لحربهم على دين المسلمين.. وأما صراع الحضارات ونار الكراهية فهي مشتعلة قبل عملياتنا بل وقبل (هتنغتون و فوكوياما) وكتاباتهما حول صدام الحضارات فهي موجودة منذ أن وجد الكفر والإيمان، وقد قال تعالى عن الكفار: ( وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ) وما الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش ومذابح المسلمين على أيدي اليهود والنصارى في كل بقاع الأرض بخافية إلا على من تعامى عنها ودفن رأسه في الرمال..
ثم قولوا لهم إن تنظيركم وتشنيعكم هذا كله مهزوم منكوس يرده الواقع بل وشهادات أسيادكم الذين تنبهرون بهم من الكتاب والمحللين والمنظرين الغربيين، فها هم يعلنون في إحصاءاتهم أن الإهتمام بالإسلام ودراسته والإقبال عليه من قبل الغربيين والأمريكان قد ازداد بشكل كبير وملحوظ بعد غزوات نيويورك وواشنطن..
واختم هذا بشهادة واحد من أولئك الغربيين الذين ينبهر بهم وبثقافتهم هؤلاء المنظرين المنهزمين في بلادنا؛ يشهد فيها بذكاء وفهم المجاهدين وأنهم يعلمون تماماً ما يفعلونه.
فقد نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية مقالاً بتاريخ 21/11/2003م لخبير شؤون الشرق الأوسط (روبرت فيسك) جاء فيه: (إنالهجومين التفجيريين على أهداف بريطانية في إسطنبول هما ثمن الإنضمام إلى حرب الرئيس الأمركي بوش على الإرهاب، إننا ينبغي أن لا نخدع أنفسنا بشأن القدرات العقلية لمنفذي الهجمات فمنفذو الهجمات قادرون على فهم العالم الخارجي ، لقد كانوا يعلمون تماماً ما هم فاعلون حين أقدموا على مهاجمة الأستراليين في بالي، فقد عرفوا أن الأستراليين يعارضون ضرب العراق ومن ثم فإن اللوم سيقع على عاتق رئيس الوزراء الأسترالي على هجمات بالي وكذلك الحال في إيطاليا..
كما كانوا على دراية بالمظاهرات الحاشدة في بريطانيا ضد زيارة بوش.
ولأن ضرب بريطانيا أثناء زيارة الرئيس الأمريكي لم تكن بالأمر اليسير فكان ضرب الأهداف البريطانية في تركيا. إنهم يعرفون تماماً رغبة بوش العارمة في تبرئة ساحته بشأن الحرب على العراق قبيل الإنتخابات الرئاسية في العام القادم، ومن ثم فإنهم يزيدون من هجماتهم على القوات الأمريكية في العراق لقد عقدوا العزم على تصفية بوش سياسياً إن لم يكن جسدياًُ وكذلك رئيس الوزراء البريطاني بلير) أهـهذه عينة من تحليلات أسيادكم أيها المنظرون المنهزمون نلجمكم بها، وتلك هي تحليلاتكم وتنظيراتكم المنهزمة، والمجاهدون كما قلنا من قبل في غنىً عن تنظيركم وتنظير أسيادكم؛ إذ أن لهم منظروهم وفقهاؤهم ، وهاديهم شرع عظيم وكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ولذا فهم ليسوا بحاجة إلى فقه و تنظير الخوالف والمنهزمين الفرحين بقعودهم الراضين بتخلفهم فطبع الله بذلك على قلوبهم فهم لا يفقهون ولا يعلمون..
إذ أنه وكما أن الله تعالى يطلق بصائر المجاهدين في سبيله ويهديهم سبحانه إلى سبله.. فكذلك أيضا وفي المقابل يطبع على قلوب الخوالف القاعدين فيجعلهم من أجهل الخلق وأضحلهم فقهاً وعلماً وتنظيراً..
فكيف ترانا بعد ذلك سنعبأ بتنظيرهم المنهزم أو تحليلهم المندحر؟
قال تعالى: ( رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ). وقال سبحانه: ( رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ).
أبو محمد المقدسي
----------
[1] إن كان لآل سعود وأذنابهم عقول فليتدبروا ..