ابو عبدو
09-23-2009, 06:40 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الأمة الإسلامية ماضٍ عريق وحاضر مؤلم ومستقبل مشرق
الحمد لله وكفى ، والصلاة على عباده الذين اصطفى ، أما بعد؛
فقد قال الله سبحانه وتعالى: { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} ، تلكم هي شهادة رب العالمين لأمة محمد – صلى الله عليه وسلم – شهادة لها بالخيرية والربانية ، عندما حققت رضا الله سبحانه ، برضاها بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد – صلى الله عليه وسلم – نبيا ورسولا ، إن رضا الأمة بالله ربا ، يجعل العقيدة الإسلامية قاعدة فكرية ثابتة لكل فكر يُعرض ، ورضاها بالإسلام دينا يجعل أحكام الإسلام هي المقياس التي تقيس به أفعالها وأقوالها وتحتكم إليه في كل ما جد من أهوالها ، يجعلها تقر بوجوب أن تكون تشريعاتها من مصدر إلهي رباني جاء عن طريق الوحي ، ورضاها بمحمد نبيا ورسولا ، يقتضي أن تأخذ عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – سنته وتقتدي به ، فتحرم ما حرم دينه وتحل ما أحلت شرائعه ، تتبعه كما أمر ، وتتأسى به كما فعل – صلى الله عليه وسلم – .
لقد حققت الأمة في ماضيها كل هذا ، فكانت فعلا{ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ }، عندما أمرت بالمعروف ونهت عن المنكر وآمنت بالله فقادت وسادت ، قادت بالإسلام شعوبا وقبائل ووحدتهم تحت ظل الدولة الإسلامية من لدن دولة النبوة وحتى دولة الخلافة العثمانية ، فكانوا أمة من دون الناس ، ويدا على من سواهم ، فتمثلوا قوله سبحانه وتعالى: { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } ففتحوا أمصارا ونشروا العدل والرحمة، لم يكرهوا أحدا على الدخول في دينهم فكيف لهم ذلك والله عز وجل يقول: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ، ولذا فقد دخلت الشعوب في الإسلام أفواجا من لدن فتح مكة وحتى آخر الفتوح ، عندما لمس الناس عدل الإسلام وصونه للكرامة الإنسانية في ظل شرعة ربانية ، فتخلى هؤلاء عن عقيدتهم ، وارتضوا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا فكان لهم ما للمسلمين الأوائل وعليم ما على المسلمين من الطوائل.
لقد امتدت دولة الإسلام عبر قارات العالم القديم فأصبحت دولة مترامية الأطراف ، يهاب جانبها ويطلب ودها ، وتصالحها الشعوب والدول وتقبل راضية أن تكون تحت ظل سلطانها للتخلص تلك الشعوب من شرور حكامها ، إن المسلمين في واقع أمرهم كما قال فيهم ربعي بن عامر :" يخرجون الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة "
وعاشت الأمة في ماضيها العريق في ظل دوحة العدل الربانية يقودهم خلفاؤهم الذين هم منهم ، يتحسسون مشاكلهم ، ويؤدون الحقوق ، ويحفظون الذماء والأموال ، لم تفرقهم عصبية مقيتة ، ولا قومية نتنة ، ولا وطنية ممزقة ، ولا طائفية مذمومة ، كانوا فقط مسلمين كما أرادهم الله {مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} ، وليس عجيبا بعدها أن ترى الأمة قويا بنيانها شامخا صرحها ، تزدهر فيها العلوم بشتى فروعها الدينية والدنيوية ، فكان علماء الفلك والطب والرياضيات والكيمياء بجانب علماء الفقه وأصوله والتفسير والحديث واللغة والتاريخ ، مما جعل دولة الإسلام قبلة المتعلمين ووجهة المتأدبين وبغية العالمين ينهلون من مَعينها ، ويتتلمذون على أيدي جهابذتها ، كانت أول الدول رأيا ، وأشدها بمتربصيها فتكا ، لا ينازعها في الحق أي منازع ، وظلت كذلك حتى قضي على دولة الخلافة أيد أثيمة لئيمة عفنة تحركها دسائس الاستعمار فيشيع في أوصالها الخراب والدمار ، أمة بنت صرح حضارة يعز مثيلها ، فكانت الطامة الكبرى والزلزلة الشديدة تلك القاصمة التي حلت بالأمة عندما أعلن ما عرف بالذئب الأغبر المدعو كمال أتاتورك هدم الخلافة الإسلامية عام 1924في الثالث من آذار الموافق للسابع والعشرين من شهر رجب عام 1343هـ ، لتضرب الأمة شرقا في شيوعية ملحدة وغربا في علمانية مضلة ورأسمالية مستغلة قذرة ، وهنا وهناك تتخبط باحثة عن حل ولا حل شافيا ، بعد أن جربت القومية المفتقرة للفكر الناهض والوطنية التي مزقت لحمتها ، وجعلتها أكثر من 50 دويلة هزيلة لا تنكأ عدوا ولا ترد غازيا.
عاشت هذه الأمة الخراب بأبشع صوره ، وعاث أعداؤها بأمنها فسادا ، فقتلوا أبناءها ، وانتهكوا أعراض نسائها ، ونهبت ثرواتها ، وتسلطن على عروشها الزائفة رويبضات ،أقل أفعالهم المجون ، وأقل وصف أحدهم المجنون ، خاروا وأشاعوا ثقافة الخور في الأمة ، فصارت لا تفكر إلا في جوعتي البطن والفرج وأنسيت معالي الهمم وماجد الأفعال فأنكر منها المعروف وعرف منها المنكر ، ولم تعد خير أمة لنفسها فكيف لغيرها من الناس ، نعم لقد أوصلها الرويبضات لحال يرثى لها يدثرونها بالعجز والفجور ويخدرونها ولا يريدون لنا إلا النوم الطويل في مستنقع الغثاء والوحل والطين.
رضيت الأمة بحكم الكفر وبشرعة الكفر ، وبأسوة الكفار بدلا عن رضاها بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا ، فصار هذا حالها ، كما تشاهدون لا يخفى على أحد ، والأحداث أكبر من الحديث وأجل من التصوير ، وستبقى هذه هي حالتها ما دامت تركن إلى ما يعرف بمجلس الأمن الدولي ، فكيف بالله عليكم سيكون هذا المجلس الأداة مجلسا للأمن الذي لم يشع إلا الخوف والهلع في ظل عدالته المجروحة ، فقد ازداد العالم خوفا وقصفا وخاصة بلاد المسلمين فلم يعد العالم أكثر أمنا كما يدعون !!
كيف يكون مجلسا للأمن وقد أصبح العالم ساحات محتدمة من الصراع تزهق فيها آلاف من الضحايا ولا سيما المسلمين الذين يذبحون ليل نهار بقرارات هذا المجلس وبشرعته الماجنة التي يقضم بموجبها بلادهم وتعطى هدايا لأعدائهم ، فكيف يكون مجلسا للأمن وقد سلم فلسطين وأهل فلسطين لشذاذ آفاق يعملون فيهم آخر ما توصلت إلية عقلية الشر والذبح.
كيف يكون مجلسا للأمن من اعترف بسلطة الاحتلال في العراق وأفغانستان ورضي بأفعال المحتلين ، كيف يكون مجلسا للأمن وقد قسم السودان إلى مقاطعات متمردة يمدها بالسلاح تحت مظلة المساعدات الدولية ، كيف يكون مجلسا للأمن وقد ارتكبت في ظل حمايته أفظع مجزرة في عصر التنوير واحترام حقوق الإنسان التي يتبجح بها وذلك في مذبحة سيبرنيتشة ؟
وبعد
هذا الوضع الذي تعاني منه الأمة الإسلامية من شروره ولا خلاص لها إلا بالحل الإسلامي الشامل الانقلابي الذي يبدل شرعة الطاغوت ويقضي على القهر والجبروت ويحق الحق ويبطل الباطل ولوكره المشركون وذلك بأن تسلك الطريق القويم والسبيل الصحيح لإعادة عزها ومجدها في أن يكون لها دولة واحدة تحمي بيضة الإسلام وتدافع عن كل فرد في الأمة تبني دولة العدل والرحمة لا تفرق بين عربي وأعجمي ولا بين سني وشيعي ولا بين فلسطيني وعراقي ومصري وأردني كلهم تحت راية واحدة يترنمون بقوله تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}
نعم أيها الأخوة لن يكون الخلاص باستيراد الأفكار من قومية وعلمانية ووطنية أو بدول متناثرة في جسد الأمة كبثور تزعجها وليس لها دواء ناجع إلا الخلاص منها بل الخلاص بعودتها جسد واحدا إذا أصيب عضو فيه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، دولة واحدة وخليفة واحد يأمر فيطاع بالسر والعلن متوحدين في قوة واحدة تحمي البلاد والعباد وتقضي على كل آفات الاستعمار ، عندها يكون النصر والتمكين ، وموضع آية رب العالمين : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}
أيها المسلمون ، هذه هي مسيرة الأمة بماضيها العريق ،ونكستها الحاضرة ، ومستقبلها الواعد المشرق ، لذا من أراد لأمته أن تسود وتعز وتحقق نصرا لا بد له من العمل لعودة الدولة الإسلامية بطريق الرسول صلى الله علية وسلم ولهذا الواجب ندعو كل المسلمين للعمل الذي يرضى عنه الله ورسوله ، لنكون بحق قد رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا ، فلنستجب لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} ، لعمري لا حياة للأمة دون دولة الإسلام فهي الخير والنصر والتمكين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
منقول
الأمة الإسلامية ماضٍ عريق وحاضر مؤلم ومستقبل مشرق
الحمد لله وكفى ، والصلاة على عباده الذين اصطفى ، أما بعد؛
فقد قال الله سبحانه وتعالى: { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} ، تلكم هي شهادة رب العالمين لأمة محمد – صلى الله عليه وسلم – شهادة لها بالخيرية والربانية ، عندما حققت رضا الله سبحانه ، برضاها بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد – صلى الله عليه وسلم – نبيا ورسولا ، إن رضا الأمة بالله ربا ، يجعل العقيدة الإسلامية قاعدة فكرية ثابتة لكل فكر يُعرض ، ورضاها بالإسلام دينا يجعل أحكام الإسلام هي المقياس التي تقيس به أفعالها وأقوالها وتحتكم إليه في كل ما جد من أهوالها ، يجعلها تقر بوجوب أن تكون تشريعاتها من مصدر إلهي رباني جاء عن طريق الوحي ، ورضاها بمحمد نبيا ورسولا ، يقتضي أن تأخذ عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – سنته وتقتدي به ، فتحرم ما حرم دينه وتحل ما أحلت شرائعه ، تتبعه كما أمر ، وتتأسى به كما فعل – صلى الله عليه وسلم – .
لقد حققت الأمة في ماضيها كل هذا ، فكانت فعلا{ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ }، عندما أمرت بالمعروف ونهت عن المنكر وآمنت بالله فقادت وسادت ، قادت بالإسلام شعوبا وقبائل ووحدتهم تحت ظل الدولة الإسلامية من لدن دولة النبوة وحتى دولة الخلافة العثمانية ، فكانوا أمة من دون الناس ، ويدا على من سواهم ، فتمثلوا قوله سبحانه وتعالى: { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } ففتحوا أمصارا ونشروا العدل والرحمة، لم يكرهوا أحدا على الدخول في دينهم فكيف لهم ذلك والله عز وجل يقول: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ، ولذا فقد دخلت الشعوب في الإسلام أفواجا من لدن فتح مكة وحتى آخر الفتوح ، عندما لمس الناس عدل الإسلام وصونه للكرامة الإنسانية في ظل شرعة ربانية ، فتخلى هؤلاء عن عقيدتهم ، وارتضوا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا فكان لهم ما للمسلمين الأوائل وعليم ما على المسلمين من الطوائل.
لقد امتدت دولة الإسلام عبر قارات العالم القديم فأصبحت دولة مترامية الأطراف ، يهاب جانبها ويطلب ودها ، وتصالحها الشعوب والدول وتقبل راضية أن تكون تحت ظل سلطانها للتخلص تلك الشعوب من شرور حكامها ، إن المسلمين في واقع أمرهم كما قال فيهم ربعي بن عامر :" يخرجون الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة "
وعاشت الأمة في ماضيها العريق في ظل دوحة العدل الربانية يقودهم خلفاؤهم الذين هم منهم ، يتحسسون مشاكلهم ، ويؤدون الحقوق ، ويحفظون الذماء والأموال ، لم تفرقهم عصبية مقيتة ، ولا قومية نتنة ، ولا وطنية ممزقة ، ولا طائفية مذمومة ، كانوا فقط مسلمين كما أرادهم الله {مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} ، وليس عجيبا بعدها أن ترى الأمة قويا بنيانها شامخا صرحها ، تزدهر فيها العلوم بشتى فروعها الدينية والدنيوية ، فكان علماء الفلك والطب والرياضيات والكيمياء بجانب علماء الفقه وأصوله والتفسير والحديث واللغة والتاريخ ، مما جعل دولة الإسلام قبلة المتعلمين ووجهة المتأدبين وبغية العالمين ينهلون من مَعينها ، ويتتلمذون على أيدي جهابذتها ، كانت أول الدول رأيا ، وأشدها بمتربصيها فتكا ، لا ينازعها في الحق أي منازع ، وظلت كذلك حتى قضي على دولة الخلافة أيد أثيمة لئيمة عفنة تحركها دسائس الاستعمار فيشيع في أوصالها الخراب والدمار ، أمة بنت صرح حضارة يعز مثيلها ، فكانت الطامة الكبرى والزلزلة الشديدة تلك القاصمة التي حلت بالأمة عندما أعلن ما عرف بالذئب الأغبر المدعو كمال أتاتورك هدم الخلافة الإسلامية عام 1924في الثالث من آذار الموافق للسابع والعشرين من شهر رجب عام 1343هـ ، لتضرب الأمة شرقا في شيوعية ملحدة وغربا في علمانية مضلة ورأسمالية مستغلة قذرة ، وهنا وهناك تتخبط باحثة عن حل ولا حل شافيا ، بعد أن جربت القومية المفتقرة للفكر الناهض والوطنية التي مزقت لحمتها ، وجعلتها أكثر من 50 دويلة هزيلة لا تنكأ عدوا ولا ترد غازيا.
عاشت هذه الأمة الخراب بأبشع صوره ، وعاث أعداؤها بأمنها فسادا ، فقتلوا أبناءها ، وانتهكوا أعراض نسائها ، ونهبت ثرواتها ، وتسلطن على عروشها الزائفة رويبضات ،أقل أفعالهم المجون ، وأقل وصف أحدهم المجنون ، خاروا وأشاعوا ثقافة الخور في الأمة ، فصارت لا تفكر إلا في جوعتي البطن والفرج وأنسيت معالي الهمم وماجد الأفعال فأنكر منها المعروف وعرف منها المنكر ، ولم تعد خير أمة لنفسها فكيف لغيرها من الناس ، نعم لقد أوصلها الرويبضات لحال يرثى لها يدثرونها بالعجز والفجور ويخدرونها ولا يريدون لنا إلا النوم الطويل في مستنقع الغثاء والوحل والطين.
رضيت الأمة بحكم الكفر وبشرعة الكفر ، وبأسوة الكفار بدلا عن رضاها بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا ، فصار هذا حالها ، كما تشاهدون لا يخفى على أحد ، والأحداث أكبر من الحديث وأجل من التصوير ، وستبقى هذه هي حالتها ما دامت تركن إلى ما يعرف بمجلس الأمن الدولي ، فكيف بالله عليكم سيكون هذا المجلس الأداة مجلسا للأمن الذي لم يشع إلا الخوف والهلع في ظل عدالته المجروحة ، فقد ازداد العالم خوفا وقصفا وخاصة بلاد المسلمين فلم يعد العالم أكثر أمنا كما يدعون !!
كيف يكون مجلسا للأمن وقد أصبح العالم ساحات محتدمة من الصراع تزهق فيها آلاف من الضحايا ولا سيما المسلمين الذين يذبحون ليل نهار بقرارات هذا المجلس وبشرعته الماجنة التي يقضم بموجبها بلادهم وتعطى هدايا لأعدائهم ، فكيف يكون مجلسا للأمن وقد سلم فلسطين وأهل فلسطين لشذاذ آفاق يعملون فيهم آخر ما توصلت إلية عقلية الشر والذبح.
كيف يكون مجلسا للأمن من اعترف بسلطة الاحتلال في العراق وأفغانستان ورضي بأفعال المحتلين ، كيف يكون مجلسا للأمن وقد قسم السودان إلى مقاطعات متمردة يمدها بالسلاح تحت مظلة المساعدات الدولية ، كيف يكون مجلسا للأمن وقد ارتكبت في ظل حمايته أفظع مجزرة في عصر التنوير واحترام حقوق الإنسان التي يتبجح بها وذلك في مذبحة سيبرنيتشة ؟
وبعد
هذا الوضع الذي تعاني منه الأمة الإسلامية من شروره ولا خلاص لها إلا بالحل الإسلامي الشامل الانقلابي الذي يبدل شرعة الطاغوت ويقضي على القهر والجبروت ويحق الحق ويبطل الباطل ولوكره المشركون وذلك بأن تسلك الطريق القويم والسبيل الصحيح لإعادة عزها ومجدها في أن يكون لها دولة واحدة تحمي بيضة الإسلام وتدافع عن كل فرد في الأمة تبني دولة العدل والرحمة لا تفرق بين عربي وأعجمي ولا بين سني وشيعي ولا بين فلسطيني وعراقي ومصري وأردني كلهم تحت راية واحدة يترنمون بقوله تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}
نعم أيها الأخوة لن يكون الخلاص باستيراد الأفكار من قومية وعلمانية ووطنية أو بدول متناثرة في جسد الأمة كبثور تزعجها وليس لها دواء ناجع إلا الخلاص منها بل الخلاص بعودتها جسد واحدا إذا أصيب عضو فيه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، دولة واحدة وخليفة واحد يأمر فيطاع بالسر والعلن متوحدين في قوة واحدة تحمي البلاد والعباد وتقضي على كل آفات الاستعمار ، عندها يكون النصر والتمكين ، وموضع آية رب العالمين : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}
أيها المسلمون ، هذه هي مسيرة الأمة بماضيها العريق ،ونكستها الحاضرة ، ومستقبلها الواعد المشرق ، لذا من أراد لأمته أن تسود وتعز وتحقق نصرا لا بد له من العمل لعودة الدولة الإسلامية بطريق الرسول صلى الله علية وسلم ولهذا الواجب ندعو كل المسلمين للعمل الذي يرضى عنه الله ورسوله ، لنكون بحق قد رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا ، فلنستجب لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} ، لعمري لا حياة للأمة دون دولة الإسلام فهي الخير والنصر والتمكين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
منقول