من هناك
09-12-2009, 03:11 AM
الجميع يعلم، الجميع يتغاضى
أحمد محسن
كم كان فعل «أبو علي» الصغير «فحولياً». حملت منه «أم علي» في عامها العاشر فقط، فيما كان هو في الثانية عشرة. حدث ذلك في إحدى القرى الجبلية البعيدة عن العاصمة. تلك أمور تحدث. أن يقوم طفلٌ بفعلة الكبار، على غفلة منهم. صار رجلاً قبل الأوان. كان الزواج في تلك الحالة مخرجاً مكشوفاً لما صنّفته بعض العادات «فضيحة». كان زواجاً دائماً، ملزماً لكليهما، على طفولتيهما، ثمن جموحهما نحو الجنس. لكن «الفرويدية» ليست سيدة الموقف دائماً. البعض ينجو من هذا الالتزام، فيجد في المراهقة طرقاً مختصرة الى زواج متعةٍ «لا يغضب الله».
لطالما كان الحديث عن الزواج المؤقت محظوراً في العلن. تحتاج أسباب انتشاره اليوم إلى شرح طويل، إذ تبدو الشروط الدينية قاسية. يجب على الشريكة «ألا تكون مشهورة بالزنا»، مثلاً. يصعب تحديد درجات الشهرة، وتعريف الزنا بحد ذاته. سحر (اسم مستعار) طُلّقت من زوجها بعدما ضبطته «يخونها» أكثر من مرة. تصرّ على استبدال كلمة مؤقت بكلمة متعة، تقول بلهجة قروية واضحة. لطالما «استمتع» زوجها السابق مع أخريات. لا ترى سحر ضيراً في تصنيف الجنس على أنه عامل ممتع وحسب. لا يهمها النظرة الإنسانية الواقعية إليه. جسدها يبحث عنه، فتجده في سرير قابع تحت ستار ديني. أما عن «العرسان المؤقتين»، فـ«على قفى مين يشيل». رغم هذا، لا زال الأمر سرّياً. الجميع يعلم، لكن الأمر سرّي. وفي أي حال، تفسير هذه المعادلة ليس صعباً كما يبدو الأمر. الجميع يعلم، والجميع يتغاضى عن النقد. حتى الرافضون منهم، على ذمة سحر، لا يمانعون ما دام الأمر «حلال الله». في حال حصول «خطأ» غير مقصود، تطلق المرأة العنان لسلسلة من سبل الوقاية. تبدو حكيمة، قبل أن تستدرك وتشهر خوفها من أن تلد طفلاً جديداً، يتنصّل والده منه، وتجد المحكمة الدينية صعوبة في إقناعه بالعودة عن ذلك. لم تفكر سحر يوماً في علاقة غير شرعية. لكن زينة، الطالبة العشرينية، فكّرت بالأمر. أحبّت شخصاً متديّناً، كما قال لها وبدا عليه. لم تكن مطلّقة أو أرملة (الشروط المتعارف عليها لجواز عقد قران الزوجين). كانت أكبر إخوتها، فتزوجت حسن، من دون معرفة أهلها. كان زواجهما باطلاً شرعاً بطبيعة الحال، إذ لم يعرف والدها بالحادثة «المتهوّرة». تصفه اليوم «احتيالاً على الله»، أو التفافاً على القواعد الشرعية. الجنس من أشد الخطوط «احمراراً» في مجتمعها، إذا تعلّق الأمر بالأنثى. رغم كل شيء، فتح لها زواجها القليل نافذةً على رغباتها. لا تمانع اليوم في إقامة علاقة جنسية مع شاب إذا أحبّته، بالسر طبعاً.
يخاف مصطفى من «رتابة» الحب. يفترض أنه قادر «شرعاً» (الشرع هنا يعني المبادئ الدينية، لا القانون) على الاستفادة من غرائزه الجنسية، للتهرّب من الزواج ومسؤولياته. يستغرب السؤال عن كيفية اللقاء بشريكةٍ تقبل زواجاً مرهوناً بالوقت والغريزة. يعلن أن رجال الدين يستطيعون المساعدة، ويستفيض ليشرح أن أحد البلاد العربية القريبة، يوفّر ما يشبه الأماكن المختصة في الموضوع. «عرض وطلب، كأنك في وكالة، عادي» يعلن، من دون أن يقدّر تبعات ما أفصح عنه. يبدو أن الجنس لم يعد خطاً أحمر، بين صفوف المتدينين.
الاخبار - عدد السبت ١٢ أيلول ٢٠٠٩
ملاحظة: هذه الجريدة ناطقة شبه رسمي بإسم حزب الله في لبنان
أحمد محسن
كم كان فعل «أبو علي» الصغير «فحولياً». حملت منه «أم علي» في عامها العاشر فقط، فيما كان هو في الثانية عشرة. حدث ذلك في إحدى القرى الجبلية البعيدة عن العاصمة. تلك أمور تحدث. أن يقوم طفلٌ بفعلة الكبار، على غفلة منهم. صار رجلاً قبل الأوان. كان الزواج في تلك الحالة مخرجاً مكشوفاً لما صنّفته بعض العادات «فضيحة». كان زواجاً دائماً، ملزماً لكليهما، على طفولتيهما، ثمن جموحهما نحو الجنس. لكن «الفرويدية» ليست سيدة الموقف دائماً. البعض ينجو من هذا الالتزام، فيجد في المراهقة طرقاً مختصرة الى زواج متعةٍ «لا يغضب الله».
لطالما كان الحديث عن الزواج المؤقت محظوراً في العلن. تحتاج أسباب انتشاره اليوم إلى شرح طويل، إذ تبدو الشروط الدينية قاسية. يجب على الشريكة «ألا تكون مشهورة بالزنا»، مثلاً. يصعب تحديد درجات الشهرة، وتعريف الزنا بحد ذاته. سحر (اسم مستعار) طُلّقت من زوجها بعدما ضبطته «يخونها» أكثر من مرة. تصرّ على استبدال كلمة مؤقت بكلمة متعة، تقول بلهجة قروية واضحة. لطالما «استمتع» زوجها السابق مع أخريات. لا ترى سحر ضيراً في تصنيف الجنس على أنه عامل ممتع وحسب. لا يهمها النظرة الإنسانية الواقعية إليه. جسدها يبحث عنه، فتجده في سرير قابع تحت ستار ديني. أما عن «العرسان المؤقتين»، فـ«على قفى مين يشيل». رغم هذا، لا زال الأمر سرّياً. الجميع يعلم، لكن الأمر سرّي. وفي أي حال، تفسير هذه المعادلة ليس صعباً كما يبدو الأمر. الجميع يعلم، والجميع يتغاضى عن النقد. حتى الرافضون منهم، على ذمة سحر، لا يمانعون ما دام الأمر «حلال الله». في حال حصول «خطأ» غير مقصود، تطلق المرأة العنان لسلسلة من سبل الوقاية. تبدو حكيمة، قبل أن تستدرك وتشهر خوفها من أن تلد طفلاً جديداً، يتنصّل والده منه، وتجد المحكمة الدينية صعوبة في إقناعه بالعودة عن ذلك. لم تفكر سحر يوماً في علاقة غير شرعية. لكن زينة، الطالبة العشرينية، فكّرت بالأمر. أحبّت شخصاً متديّناً، كما قال لها وبدا عليه. لم تكن مطلّقة أو أرملة (الشروط المتعارف عليها لجواز عقد قران الزوجين). كانت أكبر إخوتها، فتزوجت حسن، من دون معرفة أهلها. كان زواجهما باطلاً شرعاً بطبيعة الحال، إذ لم يعرف والدها بالحادثة «المتهوّرة». تصفه اليوم «احتيالاً على الله»، أو التفافاً على القواعد الشرعية. الجنس من أشد الخطوط «احمراراً» في مجتمعها، إذا تعلّق الأمر بالأنثى. رغم كل شيء، فتح لها زواجها القليل نافذةً على رغباتها. لا تمانع اليوم في إقامة علاقة جنسية مع شاب إذا أحبّته، بالسر طبعاً.
يخاف مصطفى من «رتابة» الحب. يفترض أنه قادر «شرعاً» (الشرع هنا يعني المبادئ الدينية، لا القانون) على الاستفادة من غرائزه الجنسية، للتهرّب من الزواج ومسؤولياته. يستغرب السؤال عن كيفية اللقاء بشريكةٍ تقبل زواجاً مرهوناً بالوقت والغريزة. يعلن أن رجال الدين يستطيعون المساعدة، ويستفيض ليشرح أن أحد البلاد العربية القريبة، يوفّر ما يشبه الأماكن المختصة في الموضوع. «عرض وطلب، كأنك في وكالة، عادي» يعلن، من دون أن يقدّر تبعات ما أفصح عنه. يبدو أن الجنس لم يعد خطاً أحمر، بين صفوف المتدينين.
الاخبار - عدد السبت ١٢ أيلول ٢٠٠٩
ملاحظة: هذه الجريدة ناطقة شبه رسمي بإسم حزب الله في لبنان