من هناك
09-10-2009, 06:00 AM
داعية على سريره
أكتب لكم في هذه السطور بعض المواقف في حياة أخي الغالي لعلها تكون ذكرى لمن كان له قلب،
إبراهيم ناصر محمد،بحريني،من مواليد الرفاع 14نوفمبر1986م .
هو آخر العنقود في عائلتنا،بدأ طفولته كباقي الأطفال طفولة طبيعية يحب السيارات وكل ما يعنيها فكانت هوايته جمع السيارات وتركيبها،حتى عمر الرابعة بدأت تظهر عليه أعراض من السقوط الكثير و عرج في قدميه و عدم إمكانه حمل بعض الأشياء و أخذت حالته بالتدهور تدريجيا.
التحق إبراهيم بالصف الأول الابتدائي عام 92 م حتى أنهى الصف الرابع الابتدائي و هو يعاني كثيرا في المشي،عام 94 م أخذت له عينة من قبل مستشفى السلمانية حيث تم إرسالها إلى بريطانيا لمعاينة هذا المرض،ومن ثم تم إبلاغنا من قبل الأطباء إنه يعاني من مرض( ضمور العضلات) ، ( Duchene Muscular Dystrophy ) المؤدي إلى الشلل التام وعدم توافر العلاج لهذا المرض ، وكذلك من قبل المستشفى العسكري عام 95 م ,قمنا بإرسال تقاريره إلى العديد من الدول كألمانيا وأمريكا،وكان الرد هو عدم توافر العلاج، لم ييأس أخي بل رضي بقضاء الله وقدره وتعلو وجهه على الدوام ابتسامة الرضا ورضينا كلنا ونحمد الله حيث إن هذا البلاء غير من حياتنا جميعا فقد أصبحنا أكثر تقربا إلى الله تعالى .
واصل إبراهيم دراسته إلى نهاية عام 96 م وكان آنذاك على الكرسي المتحرك في الصف الخامس الابتدائي،ولكن مع تدهور حالته أصبح لايستطيع إخراج كتابه من الحقيبة أو إمساك القلم بشكل صحيح مما أدى إلى توقفه عن الدراسة.
كان إبراهيم و مازال يحب كثيرا الاستماع إلى الشيخ نبيل العوضي ومتابعة أحدث برامجه ومحاضراته وكذلك ألعاب السيارات في الحاسوب، كان يريد تعلم الحاسوب وبرامجه،ففي عام 2003م بمساعدة أبي و أخي أخذ دورة في برامج الحاسوب وأتمها بنجاح وكانت هذه أول انطلاقه له في الدعوة.
قام إبراهيم بالبحث و التجوال في الكثير من المواقع عن مرضه وقام بالاتصال مع الذين يعانون من نفس المرض ومع آخر التجارب و التطورات العلاجية لعله يلقى دواء ومازال يواصل التواصل معهم سائلا الله تعالى الشفاء حيث إنه دائما يردد قوله تعالى ( ربي إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين) .
ساعدني أخي كثيرا في حلقات التحفيظ وذلك بطباعة الاستمارات وعمل الحسابات والامتحانات وجداول الحضور و الغياب فلم يكن لدي علم الحاسوب و علمني الكثير عن الحاسوب و إلى الآن مازلت ألجأ إليه عندما تصادفني مشكلة في الحاسوب.
كنت دائما أراه بين الصلاة وبين الاستماع إلى الشيخ نبيل العوضي والتصفح في المواقع الإسلامية وخصوصا تلاوة القرآن الكريم عبر الإنترنت والمايكروفون عند فمه والسماعات على أذنه.
تقول أختي عنه:في ليلة من الليالي وقبل تدهور حالته الصحية استيقظت قبيل صلاة الفجر لقراءة القرآن ،فذهبت لأتوضأ فمررت بغرفته حيث كانت مفتوحة قليلا فإذا بصوت جميل يتلو القرآن الكريم ظننته المذياع فعندما اقتربت عرفت إنه أخي يتلو بصوت جميل لم أعهده من قبل.
سألته ذات مرة مع من تتكلم وماذا تفعل فقال لي:دخلت مرة برنامج (البالتوك) فإذا هي تعج بغرف الأغاني و اللهو فقلت في نفسي لماذا لا أدعوا الناس إلى الخير في هذا البرنامج؟ فعلى الفور قمت بعمل غرفة دعوية ولكن كنت لوحدي لم أجد مشاركة إلا قليلة و عبر هذه الغرفة تعرفت على صاحب غرفة (الصحبة الدعوية) فسألني أن أكون مشرف في غرفته لما لهذه الغرفة من رواد كثر،ولله الحمد بدأت معهم وتعرفت على الكثير من الشباب من السعودية والكويت و في كل ليلة يكون معنا أحد المشايخ ونقوم بإرسال مجموعات دعوية لغرف اللهو للدعوة والكثير من الشباب أعلن توبته من غرف اللهو وانضم إلينا ففرحت بهذا الطريق ووجدت نفسي فيه وخصوصا إني لا أستطيع التحرك من مكاني للدعوة فقط أصابعي هي التي تتحرك.
أمي دائما بجانبه ليلا ونهارا تقلبه في الفراش تحمله تطعمه وهي دائما راضية وتقول:ولدي طوال الليل في ذكر الله أسمعه و أسمع أحاديث أصحابه وقراءتهم للقرآن.
بدأت حالة أخي الصحية تتدهور تدريجيا أكثر فأكثر لا يستطيع البلع و لا النوم لصعوبة التنفس حيث بدأت عضلات البلع و التنفس بالضعف وهو يقول :أنا فقط يتعبني البرد فهو لايريد أن يقلقنا ، حيث إنه يعلم بحاله وإنه لن يستطيع التنفس بصورة طبيعية فقد استوعب ذلك من الحالات المشابه التي اتصل بها عبر الإنترنت فكان لا يحب ذكر المستشفى لخوفه من الإقامة الدائمة والبعد عن حياته الدعوية.
وفي ليلة جمعة 11 يناير2007 كنا جالسين نشاهد قناة الشيخ العفاسي فإذا الشيخ يتلو سورة(الملك) فإذا بأخي يقول أنصتوا لهذه السورة العظيمة وأخذ يتدبرها ونحن ننظر إليه وهو بالكاد يلتقط أنفاسه ، وبعدها أغلق التلفاز وقال: ما رأيكم نتكلم عن الجنة و نعيمها؟ فأخذنا الكلام عن الجنة وأنظاري لا تنزل من عليه ، قمنا بوضعه في الفراش ونعلم صعوبة النوم لديه لصعوبة التنفس ، فجلست لجانبه و أنا أقرأ عليه وممسكة بيده إلى الفجر وهو يقول أختي لا تتركيني حيث حس ببعض الإغماء ولكن قال في نفسه:لن أزعجهم حتى الصباح إن شاء الله ، في الصباح فإذا أمي تقول لي :إن ولدي غير طبيعي اليوم إنه يتصبب عرقا فهرعت إليه أنا وأختي فإذا هو يهلوس في الكلام من غير وعي وبعدها أخذ يصرخ بأعلى صوته الحمد لله الحمد لله ويكررها بغير وعي فحملناه أنا وأمي وكان ذلك في وقت مجيء أبي و أخي من صلاة الجمعة فحمله أخي إلى السيارة و أبي معه وبأسرع وقت وصلنا إلى قسم طوارئ المستشفى العسكري،فإذا هم يسارعون به إلى قسم العناية المركزة ونحن جميعنا بالخارج ننتظر الأطباء و ندعو له بأن الله ينجيه مما هو فيه،مرت لحظات علينا كانت من أصعب لحظات حياتنا جميعا ،فإذا بالطبيب يخبرنا بأنه دخل غيبوبة نتيجة الاختناق حيث أن عضلات الرئة لم تستطع دفع ثاني أكسيد الكربون خارجا كما هو في حالنا،سبحان الله (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) )، واضطر الأطباء لفتح فتحة في القصبة الهوائية لإدخال أنبوب جهاز التنفس الصناعي والتغذية عبر أنبوب في الأنف ،ولله الحمد أفاق أخي بعد 48 ساعة ونحن حوله، فعرف ما حدث له بعد أن أخبرناه بذلك بدأ يتكلم ولكن من دون صوت فبكى ،فهذا الصوت طالما كان يساعده فهو جسد بلا حراك ينادي به يتكلم به في غرف الدعوة كيف الآن كيف يتعامل مع هذا الوضع ، سألت الطبيب فقال : طوال وجود جهاز التنفس الصناعي لا يمكن سد الفتحة الموجودة في القصبة الهوائية ولذلك لا يخرج الصوت ،رضي أخي وحمد الله وكان يعرف إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه.
أخبرتني أختي قائلة: عندما كان أخي في العناية كنت جالسة مع أبي في الخارج ننتظر أن يسمح لنا الأطباء بالدخول فإذا بشيخ يدخل على المرضى لقراءة القرآن والدعاء لهم بالشفاء ونحن خارجا ، وبعد قليل خرج الشيخ والدموع تملأ عينيه وهو يقول للجالسين في الخارج رأيت شابا صغيرا تعلوه ابتسامة الرضا ويحمد الله ما أصبره على ما أصابه.
،مكث أخي في العناية مدة أسبوع ، ومن ثم تم نقله إلى جناح 21 حيث مكث هناك إلى نهاية مايو 2008 أي مدة (6 شهور)،مرت الأيام طويلة وهو في فراشه وضعفت قواه أكثر فلم يستطع الجلوس على كرسيه وخصوصا بعد أن وضع الأطباء أنبوب الغذاء في بطنه ، مرت مدة طويلة ولم يتصل مع أحد في غرفة الصحبة الدعوية والمنتديات الإسلامية فالكل قام بالبحث عنه ولكن لم يعلموا بحاله ، مرت الليالي وهو في أشد الشوق إلى صحبته الصالحة ،فطلب من أبي حاسوب محمول و إنترنت لاسلكي ليعود إلى حياته و صحبته فقام أبي بتلبية طلبه وفرح فرحا لم نعهده من قبل وعلى الفور قام بالاتصال بأصحابه ولكن هذه المرة لم يستطع الاتصال بالصوت لكن و لله الحمد أخذت أنامله بالكتابة، وأنا عنده سمعت أصوات كثيرة تصدر من الحاسوب تدعو له بالشفاء ، ويستمع دائما ليل ونهارا للشيخ نبيل العوضي ومرت الأيام وبينما نحن معه فإذا الباب يطرق قامت أمي بفتح الباب وإذا رجال شيوخ يستأذنون بالدخول ، خرجت أمي خارجا وهي متفاجئة وتتساءل من هؤلاء الشيوخ؟ بعد حين خرجوا وهم يدعون له بالشفاء ، وعلى الفور دخلت فإذا أخي فرح جدا وعرفنا إن هؤلاء مشايخ غرفة الصحبة الدعوية من السعودية والكويت جاءوا خصيصا لأخي وتفاجئوا بصغر سنه وضعف قواه بالنسبة لأعماله الجمة في مجال الدعوة، وتوالت عليه زيارات الصالحين فكانت ونيسه في المستشفى .
رأت أختي فيه رؤيا وهو في المستشفى قالت :كأني أنا و أبي نطوف حول الكعبة المشرفة وكان هناك أناس ينتظرون الصلاة ومن بين هؤلاء الناس وقف رجل كأنه إمام الحرم ومسك أبي من كتفه وقال له :إن ابنك إبراهيم في الفردوس الأعلى ونحن نقول اللهم آمين وجميع المسلمين.
أما خالتي فأخبرتني برؤيا ها وهي تبكي قالت:جئت أزوركم وأمي أي جدتي في البيت فإذا بباب بيتكم كباب الكعبة المشرفة وفتح فإذا بسلم طويل للأعلى وأخي إبراهيم وأمي و أبي فوق يرحبون بنا وإبراهيم يقول :كيف تأتي إلي جدتي فالسلم طويل جدا، هذه بعض الرؤى عن أخي ولا نزكي على الله أحد.
الأطباء قرروا أن يكون جهاز التنفس الصناعي دائما معه وهذا يعني مكوث أخي في المستشفى إلى الأبد كان هذا يحزنه فهو مشتاق إلى البيت ونحن مشتاقين ، ولله الحمد نظر الأطباء لإبراهيم فهو دائم العمل على جهاز الحاسوب والإنترنت على الرغم من هذا المرض فعملوا على توفير جهاز التنفس الصناعي في البيت واسطوانات الأكسجين والرعاية ، لم نصدق إن أخي الغالي سيرجع إلى البيت فلله الحمد رجع إلى غرفته وهو يحمد الله ويشكره على نعمه ، وبدت غرفة أخي كالمستشفى ولكن كلنا حوله ومعه في أي وقت .
مازال أخي يكمل مشوار الدعوة بأنامله التي بالكاد تتحرك حيث قام بعمل منتدى بحريني إسلامي وهو مشرف في (غرفة الصحبة الدعوية) في برنامج( البالتوك) و (غرفة رياض الجنة ) في برنامج( الهاي شتر) ومن أكبر أمنياته أن يصافح الشيخ نبيل العوضي لمحبته له في الله.يرجو أخي وجه الله ونشر الخير في كل زمان ومكان ،يفرح بكل عضو ينضم إلى منتداه فهذا يشعره بوجوده على الرغم من انعدام صوته وانعدام حركته ولذة الطعام فهو محروم من هذه الشهوات ولكن قلبه مليء بحب الله وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحب الصالحين وسلواه قوله تعالى(إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)) إيمانه بأن الله قادر على شفاءه فسبحان من يحيي العظام وهي رميم, وأمل أخي كبير أن تنجح التجارب في علاجه إن شاء الله.
يقول إبراهيم لكل غافل في هذه الحياة أن يتدبر قوله تعالى: ((ياأيها الإنسان ماغرك بربك الكريم* الذي خلقك فسوا ك فعدلك*في أي صورة ما شاء ركبك)) .
اللهم اشفي إبراهيم وجميع مرضى المسلمين،اللهم اشرح صدره ويسر أمره وفرج همه وارفع درجته عندك يا رب العالمين اللهم آمين.
دمتم بحفظ الله
محمد ناصر محمد
أكتب لكم في هذه السطور بعض المواقف في حياة أخي الغالي لعلها تكون ذكرى لمن كان له قلب،
إبراهيم ناصر محمد،بحريني،من مواليد الرفاع 14نوفمبر1986م .
هو آخر العنقود في عائلتنا،بدأ طفولته كباقي الأطفال طفولة طبيعية يحب السيارات وكل ما يعنيها فكانت هوايته جمع السيارات وتركيبها،حتى عمر الرابعة بدأت تظهر عليه أعراض من السقوط الكثير و عرج في قدميه و عدم إمكانه حمل بعض الأشياء و أخذت حالته بالتدهور تدريجيا.
التحق إبراهيم بالصف الأول الابتدائي عام 92 م حتى أنهى الصف الرابع الابتدائي و هو يعاني كثيرا في المشي،عام 94 م أخذت له عينة من قبل مستشفى السلمانية حيث تم إرسالها إلى بريطانيا لمعاينة هذا المرض،ومن ثم تم إبلاغنا من قبل الأطباء إنه يعاني من مرض( ضمور العضلات) ، ( Duchene Muscular Dystrophy ) المؤدي إلى الشلل التام وعدم توافر العلاج لهذا المرض ، وكذلك من قبل المستشفى العسكري عام 95 م ,قمنا بإرسال تقاريره إلى العديد من الدول كألمانيا وأمريكا،وكان الرد هو عدم توافر العلاج، لم ييأس أخي بل رضي بقضاء الله وقدره وتعلو وجهه على الدوام ابتسامة الرضا ورضينا كلنا ونحمد الله حيث إن هذا البلاء غير من حياتنا جميعا فقد أصبحنا أكثر تقربا إلى الله تعالى .
واصل إبراهيم دراسته إلى نهاية عام 96 م وكان آنذاك على الكرسي المتحرك في الصف الخامس الابتدائي،ولكن مع تدهور حالته أصبح لايستطيع إخراج كتابه من الحقيبة أو إمساك القلم بشكل صحيح مما أدى إلى توقفه عن الدراسة.
كان إبراهيم و مازال يحب كثيرا الاستماع إلى الشيخ نبيل العوضي ومتابعة أحدث برامجه ومحاضراته وكذلك ألعاب السيارات في الحاسوب، كان يريد تعلم الحاسوب وبرامجه،ففي عام 2003م بمساعدة أبي و أخي أخذ دورة في برامج الحاسوب وأتمها بنجاح وكانت هذه أول انطلاقه له في الدعوة.
قام إبراهيم بالبحث و التجوال في الكثير من المواقع عن مرضه وقام بالاتصال مع الذين يعانون من نفس المرض ومع آخر التجارب و التطورات العلاجية لعله يلقى دواء ومازال يواصل التواصل معهم سائلا الله تعالى الشفاء حيث إنه دائما يردد قوله تعالى ( ربي إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين) .
ساعدني أخي كثيرا في حلقات التحفيظ وذلك بطباعة الاستمارات وعمل الحسابات والامتحانات وجداول الحضور و الغياب فلم يكن لدي علم الحاسوب و علمني الكثير عن الحاسوب و إلى الآن مازلت ألجأ إليه عندما تصادفني مشكلة في الحاسوب.
كنت دائما أراه بين الصلاة وبين الاستماع إلى الشيخ نبيل العوضي والتصفح في المواقع الإسلامية وخصوصا تلاوة القرآن الكريم عبر الإنترنت والمايكروفون عند فمه والسماعات على أذنه.
تقول أختي عنه:في ليلة من الليالي وقبل تدهور حالته الصحية استيقظت قبيل صلاة الفجر لقراءة القرآن ،فذهبت لأتوضأ فمررت بغرفته حيث كانت مفتوحة قليلا فإذا بصوت جميل يتلو القرآن الكريم ظننته المذياع فعندما اقتربت عرفت إنه أخي يتلو بصوت جميل لم أعهده من قبل.
سألته ذات مرة مع من تتكلم وماذا تفعل فقال لي:دخلت مرة برنامج (البالتوك) فإذا هي تعج بغرف الأغاني و اللهو فقلت في نفسي لماذا لا أدعوا الناس إلى الخير في هذا البرنامج؟ فعلى الفور قمت بعمل غرفة دعوية ولكن كنت لوحدي لم أجد مشاركة إلا قليلة و عبر هذه الغرفة تعرفت على صاحب غرفة (الصحبة الدعوية) فسألني أن أكون مشرف في غرفته لما لهذه الغرفة من رواد كثر،ولله الحمد بدأت معهم وتعرفت على الكثير من الشباب من السعودية والكويت و في كل ليلة يكون معنا أحد المشايخ ونقوم بإرسال مجموعات دعوية لغرف اللهو للدعوة والكثير من الشباب أعلن توبته من غرف اللهو وانضم إلينا ففرحت بهذا الطريق ووجدت نفسي فيه وخصوصا إني لا أستطيع التحرك من مكاني للدعوة فقط أصابعي هي التي تتحرك.
أمي دائما بجانبه ليلا ونهارا تقلبه في الفراش تحمله تطعمه وهي دائما راضية وتقول:ولدي طوال الليل في ذكر الله أسمعه و أسمع أحاديث أصحابه وقراءتهم للقرآن.
بدأت حالة أخي الصحية تتدهور تدريجيا أكثر فأكثر لا يستطيع البلع و لا النوم لصعوبة التنفس حيث بدأت عضلات البلع و التنفس بالضعف وهو يقول :أنا فقط يتعبني البرد فهو لايريد أن يقلقنا ، حيث إنه يعلم بحاله وإنه لن يستطيع التنفس بصورة طبيعية فقد استوعب ذلك من الحالات المشابه التي اتصل بها عبر الإنترنت فكان لا يحب ذكر المستشفى لخوفه من الإقامة الدائمة والبعد عن حياته الدعوية.
وفي ليلة جمعة 11 يناير2007 كنا جالسين نشاهد قناة الشيخ العفاسي فإذا الشيخ يتلو سورة(الملك) فإذا بأخي يقول أنصتوا لهذه السورة العظيمة وأخذ يتدبرها ونحن ننظر إليه وهو بالكاد يلتقط أنفاسه ، وبعدها أغلق التلفاز وقال: ما رأيكم نتكلم عن الجنة و نعيمها؟ فأخذنا الكلام عن الجنة وأنظاري لا تنزل من عليه ، قمنا بوضعه في الفراش ونعلم صعوبة النوم لديه لصعوبة التنفس ، فجلست لجانبه و أنا أقرأ عليه وممسكة بيده إلى الفجر وهو يقول أختي لا تتركيني حيث حس ببعض الإغماء ولكن قال في نفسه:لن أزعجهم حتى الصباح إن شاء الله ، في الصباح فإذا أمي تقول لي :إن ولدي غير طبيعي اليوم إنه يتصبب عرقا فهرعت إليه أنا وأختي فإذا هو يهلوس في الكلام من غير وعي وبعدها أخذ يصرخ بأعلى صوته الحمد لله الحمد لله ويكررها بغير وعي فحملناه أنا وأمي وكان ذلك في وقت مجيء أبي و أخي من صلاة الجمعة فحمله أخي إلى السيارة و أبي معه وبأسرع وقت وصلنا إلى قسم طوارئ المستشفى العسكري،فإذا هم يسارعون به إلى قسم العناية المركزة ونحن جميعنا بالخارج ننتظر الأطباء و ندعو له بأن الله ينجيه مما هو فيه،مرت لحظات علينا كانت من أصعب لحظات حياتنا جميعا ،فإذا بالطبيب يخبرنا بأنه دخل غيبوبة نتيجة الاختناق حيث أن عضلات الرئة لم تستطع دفع ثاني أكسيد الكربون خارجا كما هو في حالنا،سبحان الله (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) )، واضطر الأطباء لفتح فتحة في القصبة الهوائية لإدخال أنبوب جهاز التنفس الصناعي والتغذية عبر أنبوب في الأنف ،ولله الحمد أفاق أخي بعد 48 ساعة ونحن حوله، فعرف ما حدث له بعد أن أخبرناه بذلك بدأ يتكلم ولكن من دون صوت فبكى ،فهذا الصوت طالما كان يساعده فهو جسد بلا حراك ينادي به يتكلم به في غرف الدعوة كيف الآن كيف يتعامل مع هذا الوضع ، سألت الطبيب فقال : طوال وجود جهاز التنفس الصناعي لا يمكن سد الفتحة الموجودة في القصبة الهوائية ولذلك لا يخرج الصوت ،رضي أخي وحمد الله وكان يعرف إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه.
أخبرتني أختي قائلة: عندما كان أخي في العناية كنت جالسة مع أبي في الخارج ننتظر أن يسمح لنا الأطباء بالدخول فإذا بشيخ يدخل على المرضى لقراءة القرآن والدعاء لهم بالشفاء ونحن خارجا ، وبعد قليل خرج الشيخ والدموع تملأ عينيه وهو يقول للجالسين في الخارج رأيت شابا صغيرا تعلوه ابتسامة الرضا ويحمد الله ما أصبره على ما أصابه.
،مكث أخي في العناية مدة أسبوع ، ومن ثم تم نقله إلى جناح 21 حيث مكث هناك إلى نهاية مايو 2008 أي مدة (6 شهور)،مرت الأيام طويلة وهو في فراشه وضعفت قواه أكثر فلم يستطع الجلوس على كرسيه وخصوصا بعد أن وضع الأطباء أنبوب الغذاء في بطنه ، مرت مدة طويلة ولم يتصل مع أحد في غرفة الصحبة الدعوية والمنتديات الإسلامية فالكل قام بالبحث عنه ولكن لم يعلموا بحاله ، مرت الليالي وهو في أشد الشوق إلى صحبته الصالحة ،فطلب من أبي حاسوب محمول و إنترنت لاسلكي ليعود إلى حياته و صحبته فقام أبي بتلبية طلبه وفرح فرحا لم نعهده من قبل وعلى الفور قام بالاتصال بأصحابه ولكن هذه المرة لم يستطع الاتصال بالصوت لكن و لله الحمد أخذت أنامله بالكتابة، وأنا عنده سمعت أصوات كثيرة تصدر من الحاسوب تدعو له بالشفاء ، ويستمع دائما ليل ونهارا للشيخ نبيل العوضي ومرت الأيام وبينما نحن معه فإذا الباب يطرق قامت أمي بفتح الباب وإذا رجال شيوخ يستأذنون بالدخول ، خرجت أمي خارجا وهي متفاجئة وتتساءل من هؤلاء الشيوخ؟ بعد حين خرجوا وهم يدعون له بالشفاء ، وعلى الفور دخلت فإذا أخي فرح جدا وعرفنا إن هؤلاء مشايخ غرفة الصحبة الدعوية من السعودية والكويت جاءوا خصيصا لأخي وتفاجئوا بصغر سنه وضعف قواه بالنسبة لأعماله الجمة في مجال الدعوة، وتوالت عليه زيارات الصالحين فكانت ونيسه في المستشفى .
رأت أختي فيه رؤيا وهو في المستشفى قالت :كأني أنا و أبي نطوف حول الكعبة المشرفة وكان هناك أناس ينتظرون الصلاة ومن بين هؤلاء الناس وقف رجل كأنه إمام الحرم ومسك أبي من كتفه وقال له :إن ابنك إبراهيم في الفردوس الأعلى ونحن نقول اللهم آمين وجميع المسلمين.
أما خالتي فأخبرتني برؤيا ها وهي تبكي قالت:جئت أزوركم وأمي أي جدتي في البيت فإذا بباب بيتكم كباب الكعبة المشرفة وفتح فإذا بسلم طويل للأعلى وأخي إبراهيم وأمي و أبي فوق يرحبون بنا وإبراهيم يقول :كيف تأتي إلي جدتي فالسلم طويل جدا، هذه بعض الرؤى عن أخي ولا نزكي على الله أحد.
الأطباء قرروا أن يكون جهاز التنفس الصناعي دائما معه وهذا يعني مكوث أخي في المستشفى إلى الأبد كان هذا يحزنه فهو مشتاق إلى البيت ونحن مشتاقين ، ولله الحمد نظر الأطباء لإبراهيم فهو دائم العمل على جهاز الحاسوب والإنترنت على الرغم من هذا المرض فعملوا على توفير جهاز التنفس الصناعي في البيت واسطوانات الأكسجين والرعاية ، لم نصدق إن أخي الغالي سيرجع إلى البيت فلله الحمد رجع إلى غرفته وهو يحمد الله ويشكره على نعمه ، وبدت غرفة أخي كالمستشفى ولكن كلنا حوله ومعه في أي وقت .
مازال أخي يكمل مشوار الدعوة بأنامله التي بالكاد تتحرك حيث قام بعمل منتدى بحريني إسلامي وهو مشرف في (غرفة الصحبة الدعوية) في برنامج( البالتوك) و (غرفة رياض الجنة ) في برنامج( الهاي شتر) ومن أكبر أمنياته أن يصافح الشيخ نبيل العوضي لمحبته له في الله.يرجو أخي وجه الله ونشر الخير في كل زمان ومكان ،يفرح بكل عضو ينضم إلى منتداه فهذا يشعره بوجوده على الرغم من انعدام صوته وانعدام حركته ولذة الطعام فهو محروم من هذه الشهوات ولكن قلبه مليء بحب الله وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحب الصالحين وسلواه قوله تعالى(إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)) إيمانه بأن الله قادر على شفاءه فسبحان من يحيي العظام وهي رميم, وأمل أخي كبير أن تنجح التجارب في علاجه إن شاء الله.
يقول إبراهيم لكل غافل في هذه الحياة أن يتدبر قوله تعالى: ((ياأيها الإنسان ماغرك بربك الكريم* الذي خلقك فسوا ك فعدلك*في أي صورة ما شاء ركبك)) .
اللهم اشفي إبراهيم وجميع مرضى المسلمين،اللهم اشرح صدره ويسر أمره وفرج همه وارفع درجته عندك يا رب العالمين اللهم آمين.
دمتم بحفظ الله
محمد ناصر محمد