بدأت العربية تؤدي دورها المطلوب في التمييع بعد ان اكتسبت سمعة سيئة في الأخبار
لا حول ولا قوة إلا بالله
هل يمكننا ان نحلم بقانون لمعاقبة المحطات التي تخدش الحياء العام والتي تجبر الناس على رؤية ما يكرهونه. في بلاد العالم المتقدمة هناك قانون يردع المحطات عن عروض تتعارض مع القيم العامة في بلاد المؤسسين الأوائل (امريكا) !!!!


بالفعل كانت مفاجأة ·· غير سارة بالطبع·

فقد ظهر الوجه دامع العينين، ملطخ الخدين بالماكياج، شاحب السحنة، متوتر الملامح، لأنه لأنطونيللا، طوني سابقاً، من الجنس الثالث، الحائر في جسده، إذا بقي على حاله، أو تحول بجراحة، لأن مأساته تستمر طوال العمر، وكان لابد لنا من دفع ضريبة متابعة فضائية "العربية"، عبر هذه القصة في حلقة "مهمة خاصة"·

ومع أن قصة انطونيللا قديمة، تناولها الإعلام من قبل عدة مرات، وباستفاضة، إلا أن "العربية" أعادتها إلى الاذهان، دون أن ندري سبباً لما فعلته الادارة:

- هذا الموضوع قديم، وجراحة التحول الجنسي باتت تقليدية، أي أنها ليست بالحدث الآني، الذي يلفت الأنظار، ويدعو إلى المتابعة الإعلامية، بذلك الإصرار الذي ظهر عبر شاشة "العربية، وهي الناحية التي يعرفها الجمهور، ولم تعد تفاجئه حين ذكرها، لأنها أمر عادي في عالم الجراحة المعاصرة، من ناحية الأسباب والنتائج والمراحل·

- الجنس الثالث لم يعد ظاهرة، أو هو ليس كذلك، نظراً لمحدودية الأشخاص، الذين يعانون من هذه المشكلة، لأن التشوه الخلقي الجنسي الجسدي، أو النفسي، لأن أسبابه لا تكون عضوية بالضرورة، ليسوا بالكثرة، التي تحولهم علامة طبية واجتماعية وأخلاقية بارزة، وتضعهم في مقدمة مرض الإنجازات الطبية الباهرة·

- ذلك الطرح حمل معه عوامل الفرقعة والإثارة والبهرجة الاعلامية، بدليل ترك المجال واسعاً لأنطونيللا حتى تتحدث عن تجاربها العاطفية الحميمة، حين كانت رجلاً، ثم تسهب في التطرق إلى حبيبها "ربيع"، الذي تتسلل إلى منزله حين تخلو الطرقات من المارة والجيران والحشريين، بعد تحولها إلى أنثى، مع كثير من الدلال والدلع وحركات النساء الهادفات إلى لفت الأنظار، أما الأدهى من ذلك فهو متابعتها وهي ترقص بابتذال في ملهى، إشتهر بجمع الشاذين، لتؤدي حركات إغراء وسط "زملائها"، وتشرح تفاعلها النفسي خلال الرقص، لكننا لا ندري لماذا سجلت لقطات من الحوار في مقبرة، حيث كانت خلفية المشهد قاتمة·

- تعارض ذلك الشريط مع هوية المحطة الإخبارية، التي يفترض أن تحافظ على مسارها العام، ومستواها وجديتها، برفض تلك المحاور، التي لا طائل منها، خصوصاً أنها تدخل في اطار المعاناة الشخصية، التي لا تهم الاخرين الا بقدر، فيما هي حميمية بالنسبة إلى أصحابها، أو بتحويلها إلى موضوع عام، وتحقيق مبرمج، يجمع الحالات المماثلة في حلقة واحدة، لإعطاء الموضوع الزخم المطلوب، والمعالجة الشمولية، وليس التعامل مع حالة واحدة على سبيل التسلية وتمضية الوقت·

- تابعنا في ذلك الشريط الناحية الإنسانية، في جزء من شخصية أنطونيللا، خلال عملها داخل مؤسسة للأيتام، مما خفف من سطحية المقابلة، لكن مقابل ذلك لم تلجأ الفضائية إلى الخبراء في الطب وعلم النفس والاجتماع، لإستكمال دراسة تلك الحالات المرضية، وتناول مسألة تأقلمها مع المجتمع، والاضطرابات التي يمكن أن تنجم عن ذلك التحول، التي تصل إلى حد الإكتئاب واليأس والتدمير الذاتي، نظراً لتأرجح المشاعر، وتضارب المتطلبات الجسدية، وعدم تكامل النواحي البيولوجية، وهي ناحية أغفلتها "العربية"، واكتفت بمذيعة لا يسمح لها عمرها وخبرتها القصيرة بالولوج إلى أعماق أنطونيللا كرمز لشخصيات مماثلة·

- إن الـهدف من بث ذلك الــشريط لا يــزال غامضاً، لأنه بـالـطبع لـم يـأت لـــ "ترطيب" الأجواء الاخبارية والتجاذبات السياسية، ولا لنشر الوعي العلمي والطبي، حيث أن هناك العديد من المحاور الهامة والحساسة الي يمكن تناولها، ولا للدفاع عن الجنس الثالث، لأن المحطة لم ترصد لتلك الطروحات، ويبقى السؤال: لماذا سجل شريط أنطونيللا؟!·

إن ترك أنطونيللا تتحدث على هواها فيه ارباك لجيل المراهقين والشباب، خصوصاً في غياب الوعي الطبي حول هذه الحالات غير الطبيعية، ويجب على "العربية" الإبتعاد عن هذه المضامين، الا في اطارها الطبي الشمولي·

نبيل أصفهاني

منذ أن بدأت هذه القناة بثها ... وهي تبدو لي وكأنها CNN العربية