أم ورقة
09-04-2009, 08:38 AM
رامي زريق
إنه زمن القحط في الهلال الخصيب. ذابت آخر الثلوج عن قمم لبنان وتطايرت مياهها في الأعالي. شحّت الينابيع ولم تعد تنقل الأنهر إلا مياه المدن الآسنة. وفي سهول البقاع، انحسرت طبقات المياه الجوفية، وتوارت في قاع الأرض حيث يصعب على الفلاح استخراجها. الجميع ينتظر أمطار الخريف علّها تبعث الحياة في الحقول الذابلة. الجميع خائف. ماذا لو جاءت السنة المقبلة بخيلة؟
ثلاثة أعوام متتالية وسوريا تعاني الجفاف. ثلاثة مواسم ضائعة جعلتها تستورد القمح بعدما كانت تصدّره. فمياه الفرات تحكمها تركيا، الدولة القوية المستعدة دوماً للنزال من أجل المياه. وفي العام الماضي، عندما تزامنت أزمة الغذاء مع شح الأمطار، فقد مئات الآلاف من مربي المواشي والمزارعين معيشتهم ووقعوا في فخ الفقر من دون أن تقدر الدولة على إعانتهم. وها هم اليوم، يزحفون باتجاه المدن أمواجاً بشرية تنتقل من حاضر يائس إلى مستقبل غامض.
أما بلاد ما بين النهرين، فلا تزال تمزّقها عواصف الصحراء التي تغرق المدن والحقول بغبار وأتربة تخنق البشر وتطمر الشجر. هذا ما خلّفته سنوات من الحصار والحرب والاحتلال حوّلت مهد الزراعة إلى لحدها. هنا أيضاً، كما في سوريا، مياه دجلة والفرات مسلوبة، وليس هناك من يطالب بها. تشير آخر التوقعات إلى أن بلاد الرافدين سوف تحتاج إلى استيراد 80% من حاجاتها الغذائية بعدما كانت مكتفية ذاتياً في ثمانينيات القرن الماضي. أما الحكومة، فهي تعمل بتوجيه من المحتل لبناء قطاع زراعي تجاري جديد تسيطر عليه شركات عالمية تابعة له، منحها الحاكم العسكري السابق، بول بريمر، حقوق الامتياز على الغذاء العربي. في هذه الأثناء، يتربّع زعماء العرب وملوكهم على عروشهم، يملأون كروشهم، وينتظرون المطر. إنه زمن القحط...
عدد الجمعة ٤ أيلول ٢٠٠٩
إنه زمن القحط في الهلال الخصيب. ذابت آخر الثلوج عن قمم لبنان وتطايرت مياهها في الأعالي. شحّت الينابيع ولم تعد تنقل الأنهر إلا مياه المدن الآسنة. وفي سهول البقاع، انحسرت طبقات المياه الجوفية، وتوارت في قاع الأرض حيث يصعب على الفلاح استخراجها. الجميع ينتظر أمطار الخريف علّها تبعث الحياة في الحقول الذابلة. الجميع خائف. ماذا لو جاءت السنة المقبلة بخيلة؟
ثلاثة أعوام متتالية وسوريا تعاني الجفاف. ثلاثة مواسم ضائعة جعلتها تستورد القمح بعدما كانت تصدّره. فمياه الفرات تحكمها تركيا، الدولة القوية المستعدة دوماً للنزال من أجل المياه. وفي العام الماضي، عندما تزامنت أزمة الغذاء مع شح الأمطار، فقد مئات الآلاف من مربي المواشي والمزارعين معيشتهم ووقعوا في فخ الفقر من دون أن تقدر الدولة على إعانتهم. وها هم اليوم، يزحفون باتجاه المدن أمواجاً بشرية تنتقل من حاضر يائس إلى مستقبل غامض.
أما بلاد ما بين النهرين، فلا تزال تمزّقها عواصف الصحراء التي تغرق المدن والحقول بغبار وأتربة تخنق البشر وتطمر الشجر. هذا ما خلّفته سنوات من الحصار والحرب والاحتلال حوّلت مهد الزراعة إلى لحدها. هنا أيضاً، كما في سوريا، مياه دجلة والفرات مسلوبة، وليس هناك من يطالب بها. تشير آخر التوقعات إلى أن بلاد الرافدين سوف تحتاج إلى استيراد 80% من حاجاتها الغذائية بعدما كانت مكتفية ذاتياً في ثمانينيات القرن الماضي. أما الحكومة، فهي تعمل بتوجيه من المحتل لبناء قطاع زراعي تجاري جديد تسيطر عليه شركات عالمية تابعة له، منحها الحاكم العسكري السابق، بول بريمر، حقوق الامتياز على الغذاء العربي. في هذه الأثناء، يتربّع زعماء العرب وملوكهم على عروشهم، يملأون كروشهم، وينتظرون المطر. إنه زمن القحط...
عدد الجمعة ٤ أيلول ٢٠٠٩