إن مجرد السكنى ببيت المقدس لا تنفع, والأرض كذلك لا تشفع, لمن خان وباع وطبـَّع
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، أشهد أن لا إله إلاَّ هو وحده، وأشهد أن محمداًً عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم, عدد ما ذكره الذاكرون وعدد ما غفل عنه الغافلون .
وبعد أيها الناس: قد أنعم الله عليكم ويَسَّر لكم سُكنى بيت المقدس وأكنافه، حيث تنشأ الطائفة المنصورة في آخر الزمان، فاحرصوا على أن تكونوا منها، فان مجرد السكنى لا تنفع, والأرض لا تُقدس أحدا، إنما يُقدس الرجل عمله، فكم من شقي سكن بيت المقدس، وكم من مغضوب عليه سكن يثرب، وكم من مشرك سكن مكة، ألا ترون الصالح والمنافق والكافر يسكنون بيت المقدس، فهل هم سواء عند الله؟ فلا تغتروا بما يقوله الجهلة والمضللون، الذين يهرفون بما لا يعرفون، ويقولون ما لا يفعلون، أليس لشارون بيت داخل أسوار بيت المقدس، أليس للنصارى حارة فيها، أليست ملأى بالجواسيس من المسلمين؟ هذه الطائفة قوامة على أمر الله، فهم حراس الدين وليسوا تجار الدين، ولا أعداءه.
أيها الناس: من كان منكم شابا فلينشأ في طاعة الله، لعله يستظل بظله يوم لا ظل إلا ظله، ومن كان منكم شيخا فليستعد للرحيل, فان العقبة كؤود.
واعلموا أن الاستعداد للرحيل يكون برد المظالم، وكف الأذى، وقضاء الفوائت، والحرص على الفرائض، وتجنب المحارم، ولا يكون ذلك إلا بالتفقه في دين الله، فمن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين، ولا تعبدوا الله على جهل، وعليكم بالسؤال فانه شفاء العي قد كان سلفكم من الصالحين يرحل احدهم من العراق إلى الحجاز ومن خراسان إلى بغداد ومن الأندلس إلى الشام ومن مصر إلى المدينة واليمن طلبا للعلم.
فهذا هارون الرشيد أمير المؤمنين يرحل من بغداد إلى المدينة ليقرأ الموطأ على مالك.
وهذا صلاح الدين الأيوبي يرحل من القاهرة الإسكندرية لقراءة نفس النسخة.
والمسلمون اليوم يبلغ احدهم السبعين وهو يسأل عن نواقض الوضوء فلا حول ولا قوة إلا بالله.
اللهم فقهنا في ديننا، وعلمنا ما جهلنا، وأعنا على العمل بما علمنا، واجعل عملنا خالصا لوجهك, وضاعف لنا الثواب، واحشرنا مع النبيين والصديقين والشهداء، واقعدنا قدامك على منابر النور، وزوجنا الحور، ولقنا النضرة والسرور، وألبسنا السندس والإستبرق والحرير، نعوذ بجلال وجهك الكريم، من نار السموم وعذاب الجحيم فتجاوز عنا إنك أنت الغفور الرحيم، نحن العوادون إلى الذنوب، وأنت العوُّاد إلى المغفرة، أنت الغني ونحن الفقراء، فاغفر لنا, واسترنا, وأجرنا من النار، يا أعظم مقصود، ويا خير جار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على إمام المتقين وسيد الأولين والآخرين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ومن تبع هداه, وسلك خطاه, وسار على نهجه إلى يوم يلقاه .
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
كاتبها أخوكم: التقوى اقوى

اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون

جزاكم الله خيراً على هذه التذكرة ونسأل الله ان يجعلنا ممن يتعلمون ويبحثون