من هناك
08-02-2009, 04:11 PM
استيقظت اليوم لأقرأ اخبار لبنان وفوجئت بموقف جنبلاط الجديد. لم يكن عادياً ابداً وانقلابه هذا شبيه بإنقلابه سنة 1977 وذهابه للتصالح مع قاتل والده.
اليوم لم يذهب جنبلاط إلى ايران بعد ولا إلى سوريا ولكنه ارسل كل طموحات 14 آذار والسنية السياسية والمارونية - السنية المتحالفة إلى جهنم بعد ان لبطهم خارجاً والقى الماء البارد خلفهم.
لم تخرج ردود فعل 14 آذار إلى العلن بعد ولا رد الفعل السعودي ولا الأمريكي ولكنها طعنة هائلة جداً جداً لكل من كان يحلم بقيام الحلف الإنعزالي مرة اخرى في لبنان.
بالنسبة للإسلاميين فهذا يعني الكثير الكثير. لن يكون حزب الله ولا سوريا خلفه هم المسؤولين عن قتل الحريري بل ستكون شماعة الإسلاميين (من يحلقون شواربهم ويقصرون سراويلهم) جاهزة تماماً ولن يجرؤ الحليف السني على التخلي عن جنبلاط مع كل تقلباته لسبب واحد لا ثاني له: إن خروج جنبلاط ونوابه من 14 آذار يعني ان الأكثرية ستكون مع حسن نصر الله ومع بري ولذلك قبلت المعارضة بالطبخة الجديدة لأنها تعرف انها وصلت لما تريد.
اقرأوا خطابه وتمتعوا :)
-------------
عقد الحزب التقدمي الاشتراكي جمعية عمومية استثنائية تنظيمية من اجل التجدد وتطوير التربية الحزبية برئاسة رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط، تم خلالها طرح تقرير تنظيمي متجدد للحزب.
حضر الجمعية العمومية الاستثنائية اكثر من 477 حزبيا فيما اعتذر 71 عن الحضور، وكان ابرز الحاضرين نواب الحزب: غازي العريضي، اكرم شهيب، وائل ابو فاعور وعلاء الدين ترو، كلوفيس مقصود، عزت صافي، ضاهر ريشا من الرعيل الاول للحزب، اضافة الى اعضاء الجمعية العمومية من مختلف قطاعات الحزب التقدمي الاشتراكي.
وبعد اعلان امين السر العام في الحزب المقدم شريف فياض اكتمال النصاب، افتتحت الجمعية العمومية بالتحية الحزبية، ثم كلمة لرئيس الحزب النائب وليد جنبلاط اشار فيها الى ان الجمعية العمومية الاستثنائية جاءت من اجل اعادة صياغة تنظيمية معينة للحزب التقدمي الاشتراكي للوصول الى صياغة سياسية جديدة من اجل تجديد اداء الحزب والانطلاق مجددا الى حزب جديد والعودة الى الثوابت والتأكيد على هذه الثوابت التي انطلق منها الحزب التقدمي الاشتراكي وتأسس عليها.
وقال: "لقد افتتحنا الجمعية العمومية دون نشيد الحزب مجددا، وهذه احدى الثغرات الكبرى، وهذا موضوع ننشده منذ سنوات، وكنا نتمنى لو افتتحنا الجلسة على ايقاع النشيد الاممي الذي يذكرنا بتلك الفترة المجيدة من تحالف اليسار العالمي في مواجهة الامبريالية والرجعية الاميركية والعربية والعالمية. وفي انتظار النشيد في يوم ما افتتحنا الجلسة فقط بالتحية الحزبية".
ثم استعرض النائب جنبلاط بعضا من اسماء قدامى الحزب التقدمي الاشتراكي "ومنهم من ولى ومنهم من بقي"، معربا عن اعتزازه بتلك الفترة الجميلة المضيئة والمشعة في تاريخ الحزب وفي ان يكون في اعداد الحزب هؤلاء الكبار الذين خاضوا مع كمال جنبلاط المعارك الاساسية الاجتماعية والسياسية والثقافية والنقابية والعمالية وغيرها من المحطات الهائلة التي لا تحصى، ومن هؤلاء الاسماء: عبد الله العلايلي، البير أديب، اسد رستم، حنا يعقوب حنا، كامل العبد الله، فريد جبران، انور الخطيب، كلوفيس مقصود، عباس خلف، محمد عباس ياغي، اميل طربيه، زاهر الخطيب، فؤاد سلمان، فؤاد جبور، انيس طعمة، حسيب دبيسي (من المناضلين الصامتين الكادحين)، فؤاد شاهين، سليم قزح، الشهيد انور الفطايري، علي جابر، رتيبة الرفاعي، عادل سيور، احمد خليل، ضاهر ريشا، فؤاد رزق، عزت صافي، جميل صوايا، اسكندر غبريل، وهؤلاء فقط قله قليلة من لائحة طويلة جدا من الموالين والمفكرين والنقابيين والسياسيين الذين خاضوا معنا ومع كمال جنبلاط المعارك الاساس في مواجهة الاقطاع والرأسمالية والرجعية وفي التأكيد على عروبة لبنان بالالتصاق والتأكيد على القضية الفلسطينية ودعمها".
ثم انتقل جنبلاط لاستعراض "بعض من المحطات التي خاضها الحزب التقدمي الاشتراكي قبل ان يكون لي شرف قيادة الحزب عام 1977 وخاضها هؤلاء الكبار بشرف واعتزاز وكرامة واباء ولاحقا اكملنا سويا المسيرة. ومن ابرز تلك المحطات:
1 - رفض حلف بغداد والمشاركة في ثورة 1958 واقول ثورة لانني قرأت مذكرات احد الساسة في لبنان يقول انها احداث دامية، ولكن في الحقيقة كانت ثورة، وكان الحلف فيها واضحا مع العروبة مع جمال عبد الناصر في مواجهة الرجعية والاحلاف الاجنبية ثورة كبيرة.
2 - تأييد وحدة مصر وسوريا وكانت محطة من المحطات الاساس في عمل الحزب، هذه الوحدة التي لاحقا اجهضت بالانفصال من قبل الرجعية العربية ومن قبل الدول الاجنبية لانها تفك الحصار الفعلي العملي والعسكري والسياسي عن اسرائيل.
3 - رفض وادانة الانفصال.
4 - وفي اواخر الاربعينيات ادانة اعدام انطون سعادة.
5 - المطالبة المستمرة من قبل الحزب بتحصين الجنوب وبناء الملاجىء والاطر الكافية والمستشفيات والمدارس من اجل حماية الجنوب وهو الامر الذي تحقق لاحقا.
6 - تغيير عقيدة الجيش من عقيدة كانت تساوي بين العدو والصديق الى ان وفي عهد الوجود السوري تغيرت تلك العقيدة، بفضل تضحياتنا وتضحيات الجيش الوطني اللبناني، وتضحيات البعد العربي فاثبتنا عروبة الجيش واكدنا عليها.
7 - المشاركة وتأييد ثورة الجزائر.
8 - الانتماء انذاك الى حركة عدم الانحياز وكان لتلك الحركة معنى بدل مجموعة من الامعات يجتمعون بالامس في شرم الشيخ لا قيمة ولا معنى لهم في اوج الارتباط للانحياز الاميركي- الاسرائيلي.
9 - العلاقة مع الاتحاد السوفياتي ولم تكن ابدا تلك العلاقة الا شرفا كبيرا لشعوب الامم، امم الثالث من فييتنام الى الجزائر، الى فلسطين، الى لبنان، الى الصين، واميركا اللاتينية، هذه الثورة البولشيفية التي عليها تمحور القرن العشرين في مواجهتها او في تأييدها، فكل القرن العشرين مبني على هذا المبدأ، وتوج هذا الامر بوسام لينين الذي اعطي لكمال جنبلاط عام 1970، ورأى كمال جنبلاط حقا في احدى محاضراته انه لا مجال للاستمرار بهذه الثورة الماركسية دون تنوع، دون ديمقراطية، دون حرية، وكانت نبوءته صائبة، فانهار الاتحاد السوفياتي.
وقال: "لكن بانهيار الاتحاد السوفياتي انهارت منظومة سياسية كبيرة هائلة في مواجة الرسامالية والامبريالية والتي استبدلت الاتحاد السوفياتي للدخول في الفوضى العالمية، الفوضى التي نشهدها اليوم في العراق وافغانستان، وفي كل اقطار العالم، نحن شعار صراع المذهبيات والقبائل والنعرات وتحتها في مكان ما شعار مواجهة الحضارات، فآنذاك كان العالم مقسوما بين ماركسي وغير ماركسي، بين شيوعي وغير شيوعي، بين وطني وبين استعماري، واليوم ادخلتنا السياسة الاميركية في الفوضى، وادخلنا فكر المحافظين في الفوضى الهائلة، ولا تزال تلك الفوضى في بداياتها".
اضاف: "في الخمسينات تم رفض التجديد، وفي كل محطة رفضنا فيها التجديد لاحد الرؤساء اندلع بعد الرفض الحوادث الدامية، والثورة كرفض التجديد عام 1958 لكميل شمعون، ورفض التجديد لاميل لحود، وفي الحالتين النتيجة واحدة".
10 - النضال من اجل الاعتراف بالصين الشعبية والمانيا الديمقراطية وكوريا، وكانت محطات هائلة في تاريخنا الى جانب النضال الدائم من اجل حقوق العمال والفلاحين عمال التبغ في الجنوب، وعمال غندور والمواجهات الدامية آنذاك من قبل النظام اللبناني.
11 - الاصرار الدائم من قبل الحزب على الغاء الطائفية السياسية، لان لا وطن بوجود صيغة الطائفية السياسية التي تتجذر كل يوم، ورأيناها بالاسم فولكلوريا، كانوا ثلاثة رؤساء واصبحوا اربعة، وغدا سيصبحون 5 و6 في البذات البيضاء، وما اجمل تلك البذات البيضاء التي ورثناها من الانتداب الفرنسي.
12 - التأييد المطلق للثورة الفلسطينية دون خجل، من اللحظة التي تموضعوا فيها بالعرقوب من "فتح لاند" الى تأييدنا المطلق لاتفاق القاهرة خلافا للغير الذي كان يريد التحييد، خلافا للغير ومنذ انتخابات 1962 وهزيمة العرب 1967، اخذ يتسلح ويتدرب في مواجهة اليسار وفي مواجهة الثورة الفلسطينية والانجاز الكبير آنذاك الذي كان يسمى بلقاء الاحزاب، وترجم لاحقا بالانجاز الاهم والضخم، بالحركة الوطنية اللبنانية وببرنامجها المرحلي والتي اسسها وقادها كمال جنبلاط.
13 - التأييد الكامل، آنذاك وما زلنا، للوحدة التدريجية للعالم العربي ضمن احترام المقاييس والمعايير في الحرية والديمقراطة، الامر الذي فشل العالم العربي فيه، وحتى السوق العربية المشتركة لم تر النور، وحاولوا في الامس القريب بمجلس التعاون الخليجي الوصول الى النقد الواحد، لكن خرجت احدى دول الخليج ورفضت النقد الواحد، فحتى الحد الادنى من التنسيق يرفض.
14 - عام 1976 رفضنا التدخل السوري الذي كان لصالح اليمين اللبناني وعلى حساب اليسار اللبناني ولمساعدة اليمين وللهيمنة على لبنان، لكن قبل ان يغتال باسبوعين ارسل كمال جنبلاط رسالة شهيرة الى الرئيس حافظ الاسد وقال له "اما وقد دخلت الى لبنان، وكي تنجح وكي تستأصل جراثيم الانعزال من لبنان عليك بتجريد المليشيات اللبنانية من السلاح، وانتبه الى الجيب المدعوم من العدو الاسرائيلي، جيب سعد حداد، لان هذا الخطر المقبل على وحدة لبنان وعروبته"، لم يتحقق هذا الامر عام 1976 ولكنه تحقق عام 1989، وبعد ان سجلنا انتصارا هائلا وكبيرا باسقاط 17 ايار، وهذا شرف وفخر لنا، والتقينا في 6 شباط مع حلقة الرفض، رفض بيروت كل بيروت في مواجهة اليمين اللبناني الذي كان آنذاك يستشري فسادا وقتلا وتفجيرا في بيروت، وكانت التسوية، وجردت الميليشيات من السلاح بالتراضي بالتوافق مع سوريا، وابقي على سلاح المقاومة الذي حرر تدريجيا الجنوب المحتل من جزين الى كل الجنوب عام 2000.
وقال: "نبؤة كمال جنبلاط عام 1976 تحققت عام 2000. عندما ذهبنا الى دمشق عام 1977 بعد الاغتيال، تجاوزنا حدث الاغتيال بالمعنى الشخصي واكدنا على التواصل مع العرب من اجل عروبة لبنان والحفاظ على المقاومة الفلسطينية، وقد كنا في مأزق نتيجة الخلاف والتعارض ما بين منظمة التحرير وقيادة فتح برئاسة ياسر عرفات والنظام السوري، وقد قاسينا نتيجة هذا التعارض كثيرا، فكان لاحقا، بعد الغزو الاسرائيلي وتحرير الجبل، حرب المخيمات التي انهكت الجميع والتي اخرجت منظمة التحرير من لبنان، ولن اخجل عندما اطلقت الرصاص عاليا تحية الى المقاتلين والمجاهدين الفلسطينيين الذين خرجوا آنذاك من لبنان في اول قافلة فلسطينية غادرت لبنان، وقال: عندما نحيي هؤلاء، فاننا نحيي نضالا مشتركا على كل الساحات من الجنوب الى الشياح الى بيروت الى الجبل والى كل مكان".
15 - محطة سوق الغرب 13 آب 1989 والتي من خلالها حركنا العالم والعالم العربي وأوصلنا لبنان الى الطائف، ناهيكم عن الكفاح المستمر للحزب التقدمي الاشتراكي في دعم التعليم الرسمي والجامعة اللبنانية، حيث كنا في مقدمة الذين ناضلوا من اجل الجامعة اللبنانية وتحقيقها، والجامعة العربية في مواجهة الارساليات الاجنبية التي لها خدمات كثيرة، لكن الجامعة العربية ايضا تفتح ابوابها لشريحة اوسع بكثير من اولاد العائلات والنخب، اضافة للنضال المستمر للحزب في رفض الاحتكار والوكالات الحصرية، مذكرا بمرسوم قانون رفض احتكار الدواء والوكالات الحصرية الذي صدر عام 1943 ايام الياس سابا واميل بيطار، ولكنه اجهض من قبل البرجوازية اللبنانية وقضى في الادراج ولا زلنا في نفس المكان.
وقال: "كان كمال جنبلاط يقول ان حفنة وقلة من المستفيدين 4 في المئة يسيطرون على 80 في المئة من الثروة اللبنانية، واعتقد اننا لا زلنا اليوم في نفس الدوامة وربما 4 في المئة او أقل يسيطرون على اكثر من 90 في المئة من الثروة اللبنانية، لا يمكننا ان نستمر في هذه الدوامة التي نصدر فيها الادمغة ونستورد فيها ما يسمى السياح، نبيع اراضينا وممتلكاتنا من اجل هؤلاء السياح، نستفيد من المال الذي يأتينا من افريقيا والخليج، والصناعة الاساس التي تنتج ماليا لاصحاب ال4 في المئة هم المصارف وغالبية الشعب يرزح تحت عبء الفقر، ان في عكار او في الجنوب او الضاحية او الجبل او في عائشة بكار وغيرها من المناطق".
اضاف: "لم يتغير شيء، لذلك لا مستقبل للبلاد في اقتصاد ريعي دون حماية للزراعة والصناعة، دون انتاج".
16 - ثورة الاستقلال: ثم جاءت ثورة الاستقلال وتداعيات اغتيال الرئيس رفيق الحريري وغيره من الشهداء، ذهبنا الى المعقول والى اللامعقول، وصحيح ان العاطفة في بعض الاوقات غلبت على المنطق، لكن قمنا بواجبنا في ما يتعلق بالمحكمة، وأتتنا المحكمة، ونتمنى ان تأتي المحكمة بالحقيقة وان تكون عنوانا للاستقرار، فلا نريد المحكمة عنوانا للفوضى، ولا نريد ان تتحكم بالمحكمة دول او ربما جهات تأخذ هذه المحكمة الى غير محلها، نريد لهذه المحكمة ان تحد من الاغتيال السياسي وان توقف الاغتيال السياسي وتعطي كل صاحب حقه في ما يتعلق بالجرائم، لكن لا نريد للمحكمة ان تذهب الى الاقصى او ربما الى تحريف المنهج الاساسي وهو العدالة. وذهبنا الى اللامعقول عندما التقينا مع المحافظين الجدد موضوعيا في واشنطن من اجل حماية ما يسمى ثورة السيادة والحرية والاستقلال، هذا لقاء في غير طبيعته وفي غير سياقه التاريخي وفي غير التموضع التاريخي للحزب التقدمي الاشتراكي، ان نلتقي مع الذين عمموا الفوضى في منطقة الشرق، الذين دمروا العراق وفلسطين، لكن آنذاك ولست هنا لابرر، كان همنا الاساس هو موضوع المحكمة. ربما كنا نستطيع الا نذهب، لكن الذي حدث حدث، وذهبنا ولم تكن تلك الا نقطة سوداء في تاريخنا، في تاريخ الحزب الناصع، الابيض، الساطع في وضوحه في ما يتعلق بنضاله الدائم مع القضية الفلسطينية، مع القضية العربية، مع قضية لبنان العربي، المنحاز عربيا لان تلك الشعارات للسياسة والحرية والاستقلال دون مضمون عربي والالتصاق بالقضية الفلسطينية لا معنى لها، بل تعيدنا الى لبنان الانتداب، لبنان ميشال شيحا، لبنان الانعزال، لبنان اليمين، لبنان المنفصل عن البعد العربي وعن القضية الفلسطينية، ذهبنا، فلنسجل تلك النقطة السوداء، واتحمل مسؤوليتها، ولاحقا في يوم ما لا بد من مناقشتها بهدوء، ولم يكن هناك سبب تخفيفي لهذه الزيارة سوى موضوع المحكمة الدولية.
واذ شدد النائب جنبلاط على "ضرورة العودة الى الثوابت"، اوضح "ان الصيغة التنظيمية الجديدة للحزب هي صيغة تنظيمية من اجل تجديد عناصر معنية او اعادة النظر في كيفية تعيينات معينة وهكيليات معينة"، معتبرا "ان لا قيمة لصيغة تنظيمية دون بعد سياسي واجتماعي وقومي وعربي وفلسطيني، ولا قيمة لصيغة تنظيمية دون بعد سياسي بالمفاهيم التي حددتها لان المعركة اليوم اقسى بكثير من المعركة التي خاضها كمال جنبلاط في الخمسينيات آنذاك، وكان معه رفاق من كلوفيس وغيره، ذهبوا الى المساحة العربية الواسعة، ذهبوا والتقوا بالمارد العربي الكبير جمال عبد الناصر، ذهبوا الى حركة عدم الانحياز، الى الاتحاد السوفياتي، مات جمال عبد الناصر، العروبة تحتضر، لكن لا نستطيع الا وان نعود الى الثوابت، الى الاساسيات، الى اعادة اطلاق الفكر العربي في صفوفنا اولا كحزب تقدمي اشتراكي، وصولا الى توسيع رفعة التحالف مع احزاب وحركات وتنظيمات وشخصيات نلتقي معها موضوعيا وفكريا وسياسيا في ما يتعلق بعروبة لبنان والنظام الطبقي، وفي حماية صفوف الفلاحين والعمال والدفاع عن القضية الفلسطينية وفي ما يتعلق بعلاقات مميزة مع سوريا ومن خلالها مع العالم العربي".
وقال: "عهد الوصاية ولى، الجيش السوري انسحب، فكفانا بكاء على الاطلال".
وعن معالم السياسة الاميركية في العهد الجديد لاوباما، رأى النائب جنبلاط "انه ورث ارثا هائلا وثقيلا، فهو حاول، في خطابه في مصر، ان يؤكد على الموضوع الفلسطيني، ولكن كل النتيجة حتى هذه اللحظة انه قال بتجميد الاستيطان، فاتى لاحقا المبعوثون الاميركيون ليقولوا مع اسرائيل بتجميد الاستيطان في مقابل الاعتراف بالدولة اليهودية، وهذا يعني انه اذا اعترف ما تبقى من عرب بيهودية الدولة، اي انهم اجهضوا حق العودة وشرعوا لليهود، للكيان الصهيوني، تهجير عرب فلسطين 1948 الى مكان خارج الحدود، وشرعوا قيام مغامرات عسكرية جديدة على حساب الحق العربي".
وقال: "اذا عدنا الى المغاطلات التاريخية التي ذكرها، فهول لم يذكر كلمة ارهاب، "شكرا"، ولكنه دان العنف الفلسطيني. كيف يمكن لاي شخص او رئيس ان يدين العنف الفلسطيني وهو عنف مشروع بشتى اشكاله لانه يقاوم احتلالا اجنبيا، ان ارض فلسطين هي ارض للعرب والمسلمين، واذا كان العرب والحزب في مرحلة معينة ظنوا فيها ان هناك امكانية لقيام دولتين، دولة الضفة والقطاع، بعد معالجة قضية القدس وحق العودة، فان الواقع القائم اليوم على الارض، واقع الضفة وواقع القدس، يلغي قيام الدولة الثانية، والادارة الحالية ليست الا ادارة بلدية لشؤون المواطنين في الضفة الغربية، في مقابل دولة حماس المحاصرة اسرائيليا وعربيا، هذه هي اليوم صورة فلسطين".
اضاف: "اما المشروع الاساس الذي نادى به بعض المفكرين، وحتى منظمة التحرير وهو دولة واحدة للشعبين بحقوق متساوية لليهود والعرب، فاعتقد ان ذلك خيالا وخرافة من الخرافات، ولا يمكن الوصول الى تسوية في فلسطين مع الصهيونية".
وتابع: "وخلافا لما قاله اوباما فان الفكر الصهيوني بدأ في القرن التاسع عشر في اميركا، وبدأ الاستيطان اواخر القرن التاسع عشر ولم تكن اسرائيل وليدة المحرقة التي نستنكرها، والتي ارتكبها الغرب العنصري. اسرائيل مشروع استعماري على الارض العربية، والصراع طويل جدا، والظروف اقسى واصعب، ولم يتبق من محطات نستطيع ان نتعلق بها الا المبادرة العربية، وحسنا فعل سعود الفيصل بالامس، الارض اولا ثم التطبيع، وطبعا الارض تزول والتطبيع هو المطلوب". ورأى "ان ما تبقى وما هو مطلوب ان تتوحد الارادة الفلسطينية، ولكن ذلك ليس في المدى المنظور".
وفي الموضوع اللبناني تطرق جنبلاط الى الانتخابات النيابية، واعتبر انها "أكدت اكثر من اي وقت مض الفرز الطائفي في البلاد"، وقال: "للذين فرحوا بالانتصار، نرى انها فرحة مؤقتة، ورأينا كيف تبخرت هذه الفرصة وكيف ان هذا الانتصار لا معنى ولا قيمة له ويؤكد اكثر من اي وقت مضى ضرورة التخلص من النظام الطائفي".
اضاف: "لقد دخلنا اليوم فيما يسمى بالديمقراطية التوافقية التي تذكرنا باجتماع القبائل والعشائر، ان في الانبار او في البصرة او حتى لبنان، عندما يتباهون بالمجتمع المدني. ليس هناك مجتمع مدني الا قلة قليلة، فهناك مجتمع اهلي او كما في افغانستان حيث يسمونه "الليوجرغا" اي اجتماع القبائل، وطبعا يقومون بانتخابات ثم يتم التوافق على الصيغة بعد اجتماع القبائل، ولذلك فتشكيل الوزارة هو رؤية جديدة حيث تستطيع القبائل اللبنانية، ونحن منها، ان نتوافق على صيغة جديدة تحت شعار التوفيق والوسطية وغيرها من الشعارات".
ورأى النائب جنبلاط "ان هناك ضرورة لاعادة كتابة تاريخ الحزب، كتبنا "ربع قرن من النضال"، فلا بد من اعادة كتابة تاريخ الحزب بشكل مفصل وواضح"، واعتبر "ان لا قيمة للحزب التقدمي الاشتراكي اذا لم يلتزم باليسار، ولا معنى له دون الالتزام بالعروبة والالتصاق بالقضية الفلسطينية، فدون هذه الثوابت لا معنى لوجود الحزب او لاستمراره".
وقال: "اننا اذ تحالفنا في مرحلة معينة تحت شعار 14 اذار مع مجموعة من الاحزاب والشخصيات، وبحكم الضرورة الموضوعية التي حكمت البلاد آنذاك، لكن هذا لا يمكن ان يستمر، فعلينا اعادة التفكير بتشكيلة جديدة اولا داخل الحزب وثانيا على الصعيد الوطني، من اجل الخروج من هذا الانحياز والانجرار الى اليمين والعودة الى اصولنا وثوابتنا اليسارية والعربية والنقابية والفلاحية وغيرها من الثوابت التي من اجلها قضى الكثير واستشهد الكثير من مناضلي الحزب التقدمي الاشتراكي، فهذا هو التحدي الكبير الذي ينتظرنا".
اضاف: "سنضع صيغة تنظيمية لن تعجب البعض ولكن يجب اخراج الجميع من القيادة الى القاعدة، ومن هذا الصدأ الفكري والاتكالية وعدم المحاسبة، فالقليل جدا منكم يحاسب والقليل جدا منكم يناقش والبعض اصبح في مرحلة من مراحل الركود الفكري وعدم المطالعة وعدم المحاسبة والنقد، وهذا يبدأ من مدير الفرع الى رئيس الحزب مرورا بالاطر المختلفة، فلتكن هذه الصيغة التي نقترحها والتي هي صيغة صدمة، فلتكن صيغة نعتمدها، لن تكون هناك حلول سحرية، فقد تأخذ معنا المرحلة سنة او اثنتين، لكن لا بد من الانطلاق من مكان ما كي لا نصبح كالغابي".
وتابع: "انظروا ما حدث في الانتخابات للحزب الشيوعي اللبناني، وهو من اعرق الاحزاب في العالم العربي واقدمها ولرفيقنا في النضال النقابي والسياسي والعسكري، فان مجمل الاصوات التي نالها على الساحة اللبنانية لم يتجاوز سبعة الاف صوت، اليس هذا بدليل.
وقال: "لم نخض كحزب ولا كفريق 14 اذار معركة ذات مضمون سياسي، فنحن خضنا معركة رفضنا فيها الاخر خضنا معركة ذات طابع قبلي رفضنا فيها الاخر من موقع مذهبي قبلي وسياسي، وما يسمى انتصرنا. ليس هذا الانتصار، فنحن ننتصر عندما نعطي للعمال والفلاحين حقوقهم، ننتصر عندما نعود الى الثوابت العربية والفلسطينية، ننتصر عندما نخرج من اليمين ونعود ونلتصق بما تبقى من يسار او ننشىء يسارا جديدا، فهذا هو الانتصار".
ودعا الحزبيين الى "التفكير بما يطرحه"، شاكرا حضور "الحزبيين القدماء الذين اعتبرهم ضمير الحزب"، مطالبا اياهم ب"العمل بجدية اكبر لان الظروف اقسى واصعب بكثير من الماضي، فهذا هو التحدي، اما ان ننتصر او نسقط، فقد كتب علينا في مراحل كثيرة ان كنا على مشارف ربما السقوط، لكن نجحنا واجتزنا، ولكن العام 2009 اصعب بكثير من العام 1977".
اليوم لم يذهب جنبلاط إلى ايران بعد ولا إلى سوريا ولكنه ارسل كل طموحات 14 آذار والسنية السياسية والمارونية - السنية المتحالفة إلى جهنم بعد ان لبطهم خارجاً والقى الماء البارد خلفهم.
لم تخرج ردود فعل 14 آذار إلى العلن بعد ولا رد الفعل السعودي ولا الأمريكي ولكنها طعنة هائلة جداً جداً لكل من كان يحلم بقيام الحلف الإنعزالي مرة اخرى في لبنان.
بالنسبة للإسلاميين فهذا يعني الكثير الكثير. لن يكون حزب الله ولا سوريا خلفه هم المسؤولين عن قتل الحريري بل ستكون شماعة الإسلاميين (من يحلقون شواربهم ويقصرون سراويلهم) جاهزة تماماً ولن يجرؤ الحليف السني على التخلي عن جنبلاط مع كل تقلباته لسبب واحد لا ثاني له: إن خروج جنبلاط ونوابه من 14 آذار يعني ان الأكثرية ستكون مع حسن نصر الله ومع بري ولذلك قبلت المعارضة بالطبخة الجديدة لأنها تعرف انها وصلت لما تريد.
اقرأوا خطابه وتمتعوا :)
-------------
عقد الحزب التقدمي الاشتراكي جمعية عمومية استثنائية تنظيمية من اجل التجدد وتطوير التربية الحزبية برئاسة رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط، تم خلالها طرح تقرير تنظيمي متجدد للحزب.
حضر الجمعية العمومية الاستثنائية اكثر من 477 حزبيا فيما اعتذر 71 عن الحضور، وكان ابرز الحاضرين نواب الحزب: غازي العريضي، اكرم شهيب، وائل ابو فاعور وعلاء الدين ترو، كلوفيس مقصود، عزت صافي، ضاهر ريشا من الرعيل الاول للحزب، اضافة الى اعضاء الجمعية العمومية من مختلف قطاعات الحزب التقدمي الاشتراكي.
وبعد اعلان امين السر العام في الحزب المقدم شريف فياض اكتمال النصاب، افتتحت الجمعية العمومية بالتحية الحزبية، ثم كلمة لرئيس الحزب النائب وليد جنبلاط اشار فيها الى ان الجمعية العمومية الاستثنائية جاءت من اجل اعادة صياغة تنظيمية معينة للحزب التقدمي الاشتراكي للوصول الى صياغة سياسية جديدة من اجل تجديد اداء الحزب والانطلاق مجددا الى حزب جديد والعودة الى الثوابت والتأكيد على هذه الثوابت التي انطلق منها الحزب التقدمي الاشتراكي وتأسس عليها.
وقال: "لقد افتتحنا الجمعية العمومية دون نشيد الحزب مجددا، وهذه احدى الثغرات الكبرى، وهذا موضوع ننشده منذ سنوات، وكنا نتمنى لو افتتحنا الجلسة على ايقاع النشيد الاممي الذي يذكرنا بتلك الفترة المجيدة من تحالف اليسار العالمي في مواجهة الامبريالية والرجعية الاميركية والعربية والعالمية. وفي انتظار النشيد في يوم ما افتتحنا الجلسة فقط بالتحية الحزبية".
ثم استعرض النائب جنبلاط بعضا من اسماء قدامى الحزب التقدمي الاشتراكي "ومنهم من ولى ومنهم من بقي"، معربا عن اعتزازه بتلك الفترة الجميلة المضيئة والمشعة في تاريخ الحزب وفي ان يكون في اعداد الحزب هؤلاء الكبار الذين خاضوا مع كمال جنبلاط المعارك الاساسية الاجتماعية والسياسية والثقافية والنقابية والعمالية وغيرها من المحطات الهائلة التي لا تحصى، ومن هؤلاء الاسماء: عبد الله العلايلي، البير أديب، اسد رستم، حنا يعقوب حنا، كامل العبد الله، فريد جبران، انور الخطيب، كلوفيس مقصود، عباس خلف، محمد عباس ياغي، اميل طربيه، زاهر الخطيب، فؤاد سلمان، فؤاد جبور، انيس طعمة، حسيب دبيسي (من المناضلين الصامتين الكادحين)، فؤاد شاهين، سليم قزح، الشهيد انور الفطايري، علي جابر، رتيبة الرفاعي، عادل سيور، احمد خليل، ضاهر ريشا، فؤاد رزق، عزت صافي، جميل صوايا، اسكندر غبريل، وهؤلاء فقط قله قليلة من لائحة طويلة جدا من الموالين والمفكرين والنقابيين والسياسيين الذين خاضوا معنا ومع كمال جنبلاط المعارك الاساس في مواجهة الاقطاع والرأسمالية والرجعية وفي التأكيد على عروبة لبنان بالالتصاق والتأكيد على القضية الفلسطينية ودعمها".
ثم انتقل جنبلاط لاستعراض "بعض من المحطات التي خاضها الحزب التقدمي الاشتراكي قبل ان يكون لي شرف قيادة الحزب عام 1977 وخاضها هؤلاء الكبار بشرف واعتزاز وكرامة واباء ولاحقا اكملنا سويا المسيرة. ومن ابرز تلك المحطات:
1 - رفض حلف بغداد والمشاركة في ثورة 1958 واقول ثورة لانني قرأت مذكرات احد الساسة في لبنان يقول انها احداث دامية، ولكن في الحقيقة كانت ثورة، وكان الحلف فيها واضحا مع العروبة مع جمال عبد الناصر في مواجهة الرجعية والاحلاف الاجنبية ثورة كبيرة.
2 - تأييد وحدة مصر وسوريا وكانت محطة من المحطات الاساس في عمل الحزب، هذه الوحدة التي لاحقا اجهضت بالانفصال من قبل الرجعية العربية ومن قبل الدول الاجنبية لانها تفك الحصار الفعلي العملي والعسكري والسياسي عن اسرائيل.
3 - رفض وادانة الانفصال.
4 - وفي اواخر الاربعينيات ادانة اعدام انطون سعادة.
5 - المطالبة المستمرة من قبل الحزب بتحصين الجنوب وبناء الملاجىء والاطر الكافية والمستشفيات والمدارس من اجل حماية الجنوب وهو الامر الذي تحقق لاحقا.
6 - تغيير عقيدة الجيش من عقيدة كانت تساوي بين العدو والصديق الى ان وفي عهد الوجود السوري تغيرت تلك العقيدة، بفضل تضحياتنا وتضحيات الجيش الوطني اللبناني، وتضحيات البعد العربي فاثبتنا عروبة الجيش واكدنا عليها.
7 - المشاركة وتأييد ثورة الجزائر.
8 - الانتماء انذاك الى حركة عدم الانحياز وكان لتلك الحركة معنى بدل مجموعة من الامعات يجتمعون بالامس في شرم الشيخ لا قيمة ولا معنى لهم في اوج الارتباط للانحياز الاميركي- الاسرائيلي.
9 - العلاقة مع الاتحاد السوفياتي ولم تكن ابدا تلك العلاقة الا شرفا كبيرا لشعوب الامم، امم الثالث من فييتنام الى الجزائر، الى فلسطين، الى لبنان، الى الصين، واميركا اللاتينية، هذه الثورة البولشيفية التي عليها تمحور القرن العشرين في مواجهتها او في تأييدها، فكل القرن العشرين مبني على هذا المبدأ، وتوج هذا الامر بوسام لينين الذي اعطي لكمال جنبلاط عام 1970، ورأى كمال جنبلاط حقا في احدى محاضراته انه لا مجال للاستمرار بهذه الثورة الماركسية دون تنوع، دون ديمقراطية، دون حرية، وكانت نبوءته صائبة، فانهار الاتحاد السوفياتي.
وقال: "لكن بانهيار الاتحاد السوفياتي انهارت منظومة سياسية كبيرة هائلة في مواجة الرسامالية والامبريالية والتي استبدلت الاتحاد السوفياتي للدخول في الفوضى العالمية، الفوضى التي نشهدها اليوم في العراق وافغانستان، وفي كل اقطار العالم، نحن شعار صراع المذهبيات والقبائل والنعرات وتحتها في مكان ما شعار مواجهة الحضارات، فآنذاك كان العالم مقسوما بين ماركسي وغير ماركسي، بين شيوعي وغير شيوعي، بين وطني وبين استعماري، واليوم ادخلتنا السياسة الاميركية في الفوضى، وادخلنا فكر المحافظين في الفوضى الهائلة، ولا تزال تلك الفوضى في بداياتها".
اضاف: "في الخمسينات تم رفض التجديد، وفي كل محطة رفضنا فيها التجديد لاحد الرؤساء اندلع بعد الرفض الحوادث الدامية، والثورة كرفض التجديد عام 1958 لكميل شمعون، ورفض التجديد لاميل لحود، وفي الحالتين النتيجة واحدة".
10 - النضال من اجل الاعتراف بالصين الشعبية والمانيا الديمقراطية وكوريا، وكانت محطات هائلة في تاريخنا الى جانب النضال الدائم من اجل حقوق العمال والفلاحين عمال التبغ في الجنوب، وعمال غندور والمواجهات الدامية آنذاك من قبل النظام اللبناني.
11 - الاصرار الدائم من قبل الحزب على الغاء الطائفية السياسية، لان لا وطن بوجود صيغة الطائفية السياسية التي تتجذر كل يوم، ورأيناها بالاسم فولكلوريا، كانوا ثلاثة رؤساء واصبحوا اربعة، وغدا سيصبحون 5 و6 في البذات البيضاء، وما اجمل تلك البذات البيضاء التي ورثناها من الانتداب الفرنسي.
12 - التأييد المطلق للثورة الفلسطينية دون خجل، من اللحظة التي تموضعوا فيها بالعرقوب من "فتح لاند" الى تأييدنا المطلق لاتفاق القاهرة خلافا للغير الذي كان يريد التحييد، خلافا للغير ومنذ انتخابات 1962 وهزيمة العرب 1967، اخذ يتسلح ويتدرب في مواجهة اليسار وفي مواجهة الثورة الفلسطينية والانجاز الكبير آنذاك الذي كان يسمى بلقاء الاحزاب، وترجم لاحقا بالانجاز الاهم والضخم، بالحركة الوطنية اللبنانية وببرنامجها المرحلي والتي اسسها وقادها كمال جنبلاط.
13 - التأييد الكامل، آنذاك وما زلنا، للوحدة التدريجية للعالم العربي ضمن احترام المقاييس والمعايير في الحرية والديمقراطة، الامر الذي فشل العالم العربي فيه، وحتى السوق العربية المشتركة لم تر النور، وحاولوا في الامس القريب بمجلس التعاون الخليجي الوصول الى النقد الواحد، لكن خرجت احدى دول الخليج ورفضت النقد الواحد، فحتى الحد الادنى من التنسيق يرفض.
14 - عام 1976 رفضنا التدخل السوري الذي كان لصالح اليمين اللبناني وعلى حساب اليسار اللبناني ولمساعدة اليمين وللهيمنة على لبنان، لكن قبل ان يغتال باسبوعين ارسل كمال جنبلاط رسالة شهيرة الى الرئيس حافظ الاسد وقال له "اما وقد دخلت الى لبنان، وكي تنجح وكي تستأصل جراثيم الانعزال من لبنان عليك بتجريد المليشيات اللبنانية من السلاح، وانتبه الى الجيب المدعوم من العدو الاسرائيلي، جيب سعد حداد، لان هذا الخطر المقبل على وحدة لبنان وعروبته"، لم يتحقق هذا الامر عام 1976 ولكنه تحقق عام 1989، وبعد ان سجلنا انتصارا هائلا وكبيرا باسقاط 17 ايار، وهذا شرف وفخر لنا، والتقينا في 6 شباط مع حلقة الرفض، رفض بيروت كل بيروت في مواجهة اليمين اللبناني الذي كان آنذاك يستشري فسادا وقتلا وتفجيرا في بيروت، وكانت التسوية، وجردت الميليشيات من السلاح بالتراضي بالتوافق مع سوريا، وابقي على سلاح المقاومة الذي حرر تدريجيا الجنوب المحتل من جزين الى كل الجنوب عام 2000.
وقال: "نبؤة كمال جنبلاط عام 1976 تحققت عام 2000. عندما ذهبنا الى دمشق عام 1977 بعد الاغتيال، تجاوزنا حدث الاغتيال بالمعنى الشخصي واكدنا على التواصل مع العرب من اجل عروبة لبنان والحفاظ على المقاومة الفلسطينية، وقد كنا في مأزق نتيجة الخلاف والتعارض ما بين منظمة التحرير وقيادة فتح برئاسة ياسر عرفات والنظام السوري، وقد قاسينا نتيجة هذا التعارض كثيرا، فكان لاحقا، بعد الغزو الاسرائيلي وتحرير الجبل، حرب المخيمات التي انهكت الجميع والتي اخرجت منظمة التحرير من لبنان، ولن اخجل عندما اطلقت الرصاص عاليا تحية الى المقاتلين والمجاهدين الفلسطينيين الذين خرجوا آنذاك من لبنان في اول قافلة فلسطينية غادرت لبنان، وقال: عندما نحيي هؤلاء، فاننا نحيي نضالا مشتركا على كل الساحات من الجنوب الى الشياح الى بيروت الى الجبل والى كل مكان".
15 - محطة سوق الغرب 13 آب 1989 والتي من خلالها حركنا العالم والعالم العربي وأوصلنا لبنان الى الطائف، ناهيكم عن الكفاح المستمر للحزب التقدمي الاشتراكي في دعم التعليم الرسمي والجامعة اللبنانية، حيث كنا في مقدمة الذين ناضلوا من اجل الجامعة اللبنانية وتحقيقها، والجامعة العربية في مواجهة الارساليات الاجنبية التي لها خدمات كثيرة، لكن الجامعة العربية ايضا تفتح ابوابها لشريحة اوسع بكثير من اولاد العائلات والنخب، اضافة للنضال المستمر للحزب في رفض الاحتكار والوكالات الحصرية، مذكرا بمرسوم قانون رفض احتكار الدواء والوكالات الحصرية الذي صدر عام 1943 ايام الياس سابا واميل بيطار، ولكنه اجهض من قبل البرجوازية اللبنانية وقضى في الادراج ولا زلنا في نفس المكان.
وقال: "كان كمال جنبلاط يقول ان حفنة وقلة من المستفيدين 4 في المئة يسيطرون على 80 في المئة من الثروة اللبنانية، واعتقد اننا لا زلنا اليوم في نفس الدوامة وربما 4 في المئة او أقل يسيطرون على اكثر من 90 في المئة من الثروة اللبنانية، لا يمكننا ان نستمر في هذه الدوامة التي نصدر فيها الادمغة ونستورد فيها ما يسمى السياح، نبيع اراضينا وممتلكاتنا من اجل هؤلاء السياح، نستفيد من المال الذي يأتينا من افريقيا والخليج، والصناعة الاساس التي تنتج ماليا لاصحاب ال4 في المئة هم المصارف وغالبية الشعب يرزح تحت عبء الفقر، ان في عكار او في الجنوب او الضاحية او الجبل او في عائشة بكار وغيرها من المناطق".
اضاف: "لم يتغير شيء، لذلك لا مستقبل للبلاد في اقتصاد ريعي دون حماية للزراعة والصناعة، دون انتاج".
16 - ثورة الاستقلال: ثم جاءت ثورة الاستقلال وتداعيات اغتيال الرئيس رفيق الحريري وغيره من الشهداء، ذهبنا الى المعقول والى اللامعقول، وصحيح ان العاطفة في بعض الاوقات غلبت على المنطق، لكن قمنا بواجبنا في ما يتعلق بالمحكمة، وأتتنا المحكمة، ونتمنى ان تأتي المحكمة بالحقيقة وان تكون عنوانا للاستقرار، فلا نريد المحكمة عنوانا للفوضى، ولا نريد ان تتحكم بالمحكمة دول او ربما جهات تأخذ هذه المحكمة الى غير محلها، نريد لهذه المحكمة ان تحد من الاغتيال السياسي وان توقف الاغتيال السياسي وتعطي كل صاحب حقه في ما يتعلق بالجرائم، لكن لا نريد للمحكمة ان تذهب الى الاقصى او ربما الى تحريف المنهج الاساسي وهو العدالة. وذهبنا الى اللامعقول عندما التقينا مع المحافظين الجدد موضوعيا في واشنطن من اجل حماية ما يسمى ثورة السيادة والحرية والاستقلال، هذا لقاء في غير طبيعته وفي غير سياقه التاريخي وفي غير التموضع التاريخي للحزب التقدمي الاشتراكي، ان نلتقي مع الذين عمموا الفوضى في منطقة الشرق، الذين دمروا العراق وفلسطين، لكن آنذاك ولست هنا لابرر، كان همنا الاساس هو موضوع المحكمة. ربما كنا نستطيع الا نذهب، لكن الذي حدث حدث، وذهبنا ولم تكن تلك الا نقطة سوداء في تاريخنا، في تاريخ الحزب الناصع، الابيض، الساطع في وضوحه في ما يتعلق بنضاله الدائم مع القضية الفلسطينية، مع القضية العربية، مع قضية لبنان العربي، المنحاز عربيا لان تلك الشعارات للسياسة والحرية والاستقلال دون مضمون عربي والالتصاق بالقضية الفلسطينية لا معنى لها، بل تعيدنا الى لبنان الانتداب، لبنان ميشال شيحا، لبنان الانعزال، لبنان اليمين، لبنان المنفصل عن البعد العربي وعن القضية الفلسطينية، ذهبنا، فلنسجل تلك النقطة السوداء، واتحمل مسؤوليتها، ولاحقا في يوم ما لا بد من مناقشتها بهدوء، ولم يكن هناك سبب تخفيفي لهذه الزيارة سوى موضوع المحكمة الدولية.
واذ شدد النائب جنبلاط على "ضرورة العودة الى الثوابت"، اوضح "ان الصيغة التنظيمية الجديدة للحزب هي صيغة تنظيمية من اجل تجديد عناصر معنية او اعادة النظر في كيفية تعيينات معينة وهكيليات معينة"، معتبرا "ان لا قيمة لصيغة تنظيمية دون بعد سياسي واجتماعي وقومي وعربي وفلسطيني، ولا قيمة لصيغة تنظيمية دون بعد سياسي بالمفاهيم التي حددتها لان المعركة اليوم اقسى بكثير من المعركة التي خاضها كمال جنبلاط في الخمسينيات آنذاك، وكان معه رفاق من كلوفيس وغيره، ذهبوا الى المساحة العربية الواسعة، ذهبوا والتقوا بالمارد العربي الكبير جمال عبد الناصر، ذهبوا الى حركة عدم الانحياز، الى الاتحاد السوفياتي، مات جمال عبد الناصر، العروبة تحتضر، لكن لا نستطيع الا وان نعود الى الثوابت، الى الاساسيات، الى اعادة اطلاق الفكر العربي في صفوفنا اولا كحزب تقدمي اشتراكي، وصولا الى توسيع رفعة التحالف مع احزاب وحركات وتنظيمات وشخصيات نلتقي معها موضوعيا وفكريا وسياسيا في ما يتعلق بعروبة لبنان والنظام الطبقي، وفي حماية صفوف الفلاحين والعمال والدفاع عن القضية الفلسطينية وفي ما يتعلق بعلاقات مميزة مع سوريا ومن خلالها مع العالم العربي".
وقال: "عهد الوصاية ولى، الجيش السوري انسحب، فكفانا بكاء على الاطلال".
وعن معالم السياسة الاميركية في العهد الجديد لاوباما، رأى النائب جنبلاط "انه ورث ارثا هائلا وثقيلا، فهو حاول، في خطابه في مصر، ان يؤكد على الموضوع الفلسطيني، ولكن كل النتيجة حتى هذه اللحظة انه قال بتجميد الاستيطان، فاتى لاحقا المبعوثون الاميركيون ليقولوا مع اسرائيل بتجميد الاستيطان في مقابل الاعتراف بالدولة اليهودية، وهذا يعني انه اذا اعترف ما تبقى من عرب بيهودية الدولة، اي انهم اجهضوا حق العودة وشرعوا لليهود، للكيان الصهيوني، تهجير عرب فلسطين 1948 الى مكان خارج الحدود، وشرعوا قيام مغامرات عسكرية جديدة على حساب الحق العربي".
وقال: "اذا عدنا الى المغاطلات التاريخية التي ذكرها، فهول لم يذكر كلمة ارهاب، "شكرا"، ولكنه دان العنف الفلسطيني. كيف يمكن لاي شخص او رئيس ان يدين العنف الفلسطيني وهو عنف مشروع بشتى اشكاله لانه يقاوم احتلالا اجنبيا، ان ارض فلسطين هي ارض للعرب والمسلمين، واذا كان العرب والحزب في مرحلة معينة ظنوا فيها ان هناك امكانية لقيام دولتين، دولة الضفة والقطاع، بعد معالجة قضية القدس وحق العودة، فان الواقع القائم اليوم على الارض، واقع الضفة وواقع القدس، يلغي قيام الدولة الثانية، والادارة الحالية ليست الا ادارة بلدية لشؤون المواطنين في الضفة الغربية، في مقابل دولة حماس المحاصرة اسرائيليا وعربيا، هذه هي اليوم صورة فلسطين".
اضاف: "اما المشروع الاساس الذي نادى به بعض المفكرين، وحتى منظمة التحرير وهو دولة واحدة للشعبين بحقوق متساوية لليهود والعرب، فاعتقد ان ذلك خيالا وخرافة من الخرافات، ولا يمكن الوصول الى تسوية في فلسطين مع الصهيونية".
وتابع: "وخلافا لما قاله اوباما فان الفكر الصهيوني بدأ في القرن التاسع عشر في اميركا، وبدأ الاستيطان اواخر القرن التاسع عشر ولم تكن اسرائيل وليدة المحرقة التي نستنكرها، والتي ارتكبها الغرب العنصري. اسرائيل مشروع استعماري على الارض العربية، والصراع طويل جدا، والظروف اقسى واصعب، ولم يتبق من محطات نستطيع ان نتعلق بها الا المبادرة العربية، وحسنا فعل سعود الفيصل بالامس، الارض اولا ثم التطبيع، وطبعا الارض تزول والتطبيع هو المطلوب". ورأى "ان ما تبقى وما هو مطلوب ان تتوحد الارادة الفلسطينية، ولكن ذلك ليس في المدى المنظور".
وفي الموضوع اللبناني تطرق جنبلاط الى الانتخابات النيابية، واعتبر انها "أكدت اكثر من اي وقت مض الفرز الطائفي في البلاد"، وقال: "للذين فرحوا بالانتصار، نرى انها فرحة مؤقتة، ورأينا كيف تبخرت هذه الفرصة وكيف ان هذا الانتصار لا معنى ولا قيمة له ويؤكد اكثر من اي وقت مضى ضرورة التخلص من النظام الطائفي".
اضاف: "لقد دخلنا اليوم فيما يسمى بالديمقراطية التوافقية التي تذكرنا باجتماع القبائل والعشائر، ان في الانبار او في البصرة او حتى لبنان، عندما يتباهون بالمجتمع المدني. ليس هناك مجتمع مدني الا قلة قليلة، فهناك مجتمع اهلي او كما في افغانستان حيث يسمونه "الليوجرغا" اي اجتماع القبائل، وطبعا يقومون بانتخابات ثم يتم التوافق على الصيغة بعد اجتماع القبائل، ولذلك فتشكيل الوزارة هو رؤية جديدة حيث تستطيع القبائل اللبنانية، ونحن منها، ان نتوافق على صيغة جديدة تحت شعار التوفيق والوسطية وغيرها من الشعارات".
ورأى النائب جنبلاط "ان هناك ضرورة لاعادة كتابة تاريخ الحزب، كتبنا "ربع قرن من النضال"، فلا بد من اعادة كتابة تاريخ الحزب بشكل مفصل وواضح"، واعتبر "ان لا قيمة للحزب التقدمي الاشتراكي اذا لم يلتزم باليسار، ولا معنى له دون الالتزام بالعروبة والالتصاق بالقضية الفلسطينية، فدون هذه الثوابت لا معنى لوجود الحزب او لاستمراره".
وقال: "اننا اذ تحالفنا في مرحلة معينة تحت شعار 14 اذار مع مجموعة من الاحزاب والشخصيات، وبحكم الضرورة الموضوعية التي حكمت البلاد آنذاك، لكن هذا لا يمكن ان يستمر، فعلينا اعادة التفكير بتشكيلة جديدة اولا داخل الحزب وثانيا على الصعيد الوطني، من اجل الخروج من هذا الانحياز والانجرار الى اليمين والعودة الى اصولنا وثوابتنا اليسارية والعربية والنقابية والفلاحية وغيرها من الثوابت التي من اجلها قضى الكثير واستشهد الكثير من مناضلي الحزب التقدمي الاشتراكي، فهذا هو التحدي الكبير الذي ينتظرنا".
اضاف: "سنضع صيغة تنظيمية لن تعجب البعض ولكن يجب اخراج الجميع من القيادة الى القاعدة، ومن هذا الصدأ الفكري والاتكالية وعدم المحاسبة، فالقليل جدا منكم يحاسب والقليل جدا منكم يناقش والبعض اصبح في مرحلة من مراحل الركود الفكري وعدم المطالعة وعدم المحاسبة والنقد، وهذا يبدأ من مدير الفرع الى رئيس الحزب مرورا بالاطر المختلفة، فلتكن هذه الصيغة التي نقترحها والتي هي صيغة صدمة، فلتكن صيغة نعتمدها، لن تكون هناك حلول سحرية، فقد تأخذ معنا المرحلة سنة او اثنتين، لكن لا بد من الانطلاق من مكان ما كي لا نصبح كالغابي".
وتابع: "انظروا ما حدث في الانتخابات للحزب الشيوعي اللبناني، وهو من اعرق الاحزاب في العالم العربي واقدمها ولرفيقنا في النضال النقابي والسياسي والعسكري، فان مجمل الاصوات التي نالها على الساحة اللبنانية لم يتجاوز سبعة الاف صوت، اليس هذا بدليل.
وقال: "لم نخض كحزب ولا كفريق 14 اذار معركة ذات مضمون سياسي، فنحن خضنا معركة رفضنا فيها الاخر خضنا معركة ذات طابع قبلي رفضنا فيها الاخر من موقع مذهبي قبلي وسياسي، وما يسمى انتصرنا. ليس هذا الانتصار، فنحن ننتصر عندما نعطي للعمال والفلاحين حقوقهم، ننتصر عندما نعود الى الثوابت العربية والفلسطينية، ننتصر عندما نخرج من اليمين ونعود ونلتصق بما تبقى من يسار او ننشىء يسارا جديدا، فهذا هو الانتصار".
ودعا الحزبيين الى "التفكير بما يطرحه"، شاكرا حضور "الحزبيين القدماء الذين اعتبرهم ضمير الحزب"، مطالبا اياهم ب"العمل بجدية اكبر لان الظروف اقسى واصعب بكثير من الماضي، فهذا هو التحدي، اما ان ننتصر او نسقط، فقد كتب علينا في مراحل كثيرة ان كنا على مشارف ربما السقوط، لكن نجحنا واجتزنا، ولكن العام 2009 اصعب بكثير من العام 1977".