محمد نجاتي
06-06-2009, 12:59 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فى البداية نرجوا من الكل أن لا يظن بنا سوء
وأننا جئنا نهاجم هذا على حساب هذا
لا .. فالحق الذى يجب أن يقر فى كل منا هو أن الحق لا يعرف بالرجال ولكن الرجال هم الذين يعرفون بالحق
كان من واجب هيئة الدفاع عن عمرو خالد الرد على شبهه دارت حول فيديو الشيخ الوالد أبو اسحاق الحويني حول عمرو خالد وفكره
وبالعودة إلى كلام الشيخ أبو إسحاق الحويني عن الأستاذ عمرو خالد .. أستطيع أن أقول أن الشيخ وقع في أربعة أخطاء علمية ، هي أدنى من أن يقع في مثلها محدث كبير في وزن الشيخ ..
و سأتحدث ــ الكلام منقول بتصرف يسير من مدونة الأخ الفاضل نصر حسان ــ في كل خطأ منها باختصار لعلي أزيل هذه الشبهة ، و أصل مع القاريء اللبيب من حال الشك إلى حال اليقين .. و لعل الله يهدي النفوس المريضة التي مازالت تسير بين الناس تروج الأكاذيب و تنشر الغش .. فتعكر على النجباء صفو حياتهم …
أولا :
بداية و عموما .. إن الشيخ قد اعتمد في كلامه كله على ورقات من صحيفة ( لم يذكر حتى اسمها ) ، ثم راح الشيخ يتحدث عن ما قالته الصحيفة كما لو كانت الصحيفة قد زكاها البخاري و مسلم ، و شهد لرواتها ( يحيى بن معين ) ..
ومن المعلوم أن الصحافة سيئها أكثر من حسنها .. بل إنها تعتمد في أغلب الحالات على أسلوب جذب الأنظار ، و الدعاية ، والترويج .. حتى و لو كان هذا بأساليب ملتوية مثل : الكذب و التلفيق ، أو تأويل الكلام وتشويهه عن مقصده الأصلي أو ترويج الإشاعات ..
و الشيخ أبو إسحاق رجل من المتشددين في علم الحديث .. و يعلم جيدا ضرر الأخبار الضعيفة ، المقطوعة السند على الثقافة الإسلامية ..
فكيف يقع في خطأ فادح كهذا ؟!!
إننا إلى الآن لا نعرف اسم الصحيفة التي قطعت منها الورقات الثلاثة التي تحدث عنها الشيخ .. كما أننا إلى الآن لا نعرف من كاتب هذه الورقات .. فكيف سنحكم على الخبر بالصحة أو الضعف ؟؟ !!
أين (حدثنا ) ؟!! و أين ( أخبرنا ) و أين ( عن ) و أين ( ثنا ) ؟!!
أين سند الخبر يا شيخ ؟؟!!
هذا خطأ فادح .. لا يقع فيه محدث له في الأسانيد باع .. !!
ثانيا :
الشيخ أبو إسحاق في معرض انتقاده و تجهيله للأستاذ عمرو خالد قال :
و بيقول إن النبي كان يشجع على الفن . و قال إن النبي كان بيردد ” اللهم لولا انت مااهتدينا و لا تصدقنا و لا صلينا فأنزلن سكينة علينا و ثبت الأقدام ان لاقينا ان الأولى قد بغوا علينا و ان أرادوا فتنة أبينا ”
و قال – أي عمرو خالد - إن النبي صلى الله عليه وسلم مرة قابل جماعة من جوارى المدينة قعدوا يغنوا و الكلام ده .. فقال النبي : الله يعلم أن قلبى يحبكن
ثم علق الشيخ على الحديثين المذكورين فقال : ( و طبعا الحديث ده باطل و اللي قابله باطل .. راجل معندوش فكرة عن أى حاجة - أي عمرو خالد(..
و أقول : هنا وقع الشيخ في خطأ فادح لا يقع فيه رجل في وزنه في علم الحديث ..
لقد ضعف الشيخ حديثين صحيحين .. بل زاد في التضعيف فقال
( الحديث باطل ، واللي قبله باطل ) و كلمة ( باطل ) هي أعلى درجات الضعف ..
و الحديثان هما :
أولهما :
حديث البخاري عن البراء رضي الله عنه .. قال : (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهوينقل التراب حتى وارى التراب شعر صدره وكان رجلا كثير الشعر وهو يرتجز برجز عبد الله : ” اللهم لولا انت ما اهتدينا و لا تصدقنا و لا صلينا فأنزلن سكينة علينا و ثبت الأقدام ان لاقينا ان الأولى قد بغوا علينا و ان أرادوا فتنة أبينا )
و هو حديث متفق عليه ..
و ثانيهما :
قوله صلى الله عليه وسلم في جواري بني النجار : ( الله يعلم إن قلبي يحبكن )
و الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم مر ببعض المدينة فإذا هو بجوار يضربن بدفهن ويتغنين ويقلن : ( نحن جوار من بني النجار يا حبذا محمد من جار ) .. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الله يعلم إني لأحبكن )
صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة ..
قال البوصيري في مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه (2/106): “هذا إسناد صحيح رجاله ثقات وبعضه من الصحيحين من حديث عائشة وفي البخاري وأصحاب السنن الأربعة من حديث الربيع بنت معوذ”.
و أقول - أي نصر حسان - في عجب وحيرة .. :
كيف يقع الشيخ أبو اسحاق في خطأ كهذا و هو رجل من المحدثين العظام في هذا الزمان ؟؟
بل كيف يتهم الأستاذ عمرو خالد بالجهل إذا كان هو نفسه لا يعرف مدى صحة حديثين مشهورين يعلم صحتهما طفل لا يعرف من الإسلام سوى ( إنما الأعمال بالنيات ) ؟؟!!
و أتعجب كيف يضعف الشيخ حديثا في صحيح البخاري متصل السند ومتفقا عليه ، أي في أعلى درجات الصحة .. و هو بالأمس القريب قد شن حربا شعواء على الإمام القرضاوي لكونه قد ضعف حديث المعازف المعلق المنقطع السند ، و هو حديث أقرب إلى الضعف من الصحة ..
بل إنه قد ثار ثورة كبيرة حينما ضعف القرضاوي حديث الإفتراق، والحديث مشهور ضعفه في أغلب طرقه ..
لكني سألتمس العذر للشيخ و لن أكون مثل المتشدقين متصيدي الأخطاء .. فأقول .. إن الشيخ لربما زل لسانه عن غير قصد ، فالمحاضرات المرئية والمسموعة تكون أخطاؤها غير محسوبة ، و الخطابة عرضة لزلات اللسان ..
ومن هنا أيضا أقول .. يجب على الشيخ أن يلتمس نفس العذر لبقية الدعاة والشيوخ والعلماء .. فإن الخطابة عرضة لزلات اللسان عن دون قصد ..
فلا داعي لتفسيق الناس ، و تجهيلهم في الصبح و المساء بغير حسبان ..
ثالثا :
يستنكر الشيخ دعوة الأستاذ عمرو خالد إلى الاهتمام بكافة الفنون ، و اعتبارها وسيلة من وسائل النهضة المنشودة .. و في الحقيقة ليس الشيخ وحده فهناك نوع من الحساسية عند الإسلاميين عموما تجاه كلمة ( الفن ) و كأنها تعني دائما المجون والخلاعة .. وهذا غير صحيح ..
الفن في اللغة يعني ( النوع أو الطريقة ) و هو يعني اصطلاحا : الوسيلة أو المهارة التي تحقق غاية جمالية و تعتمد على الموهبة و المران والذوق العالي ..
و الإسلام منذ قديم الأزل يحض على الفنون بشرط أن تكون هذه الفنون محترمة ، وتحض على شيء نبيل في ضوء تعاليم الإسلام ..
و الإسلام يحض على كل ما ينمي الذوق و يسمو بالعاطفة الإنسانية .. و من الجدير بالذكر أن معجزة القرآن الأولى هي أنه جاء تحفة فنية لغوية عجز العرب عن مضاهاتها .. و هم أهل التميز في فنون الشعر والأدب ..
و الرسول صلى الله عليه و سلم كان كثير الدعوة إلى الفن الهادف المحترم .. و قد ظهر ذلك في أكثر من موضع في السنة النبوية ..
روي البخاري و أحمد عن عائشة في ذات قرابة لها من الأنصار ، فجاء رسول الله ( صلى الله عليه و آل و سلم ) فقال : « أهديتم الفتاة » ؟ قالت : نعم . قال : « أرسلتم معها من يغني » ؟ قالت : لا . فقال رسول الله ( صلى الله عليه و آل و سلم ) « إن الأنصار قوم فيهم غزل ، فلو بعثتم معها من تغني و تقول : أتيناكم أتيناكم . . فحيانا و حياكم » ؟
و هذا الحديث يدل على رعاية أعراف الأقوام المختلفة ، و اتجاههم المزاجي ، ولا يحكم المرء مزاجه هو في حياة كل الناس .
و لما أنكر الصديق أبو بكر رضي الله عنه غناء الجاريتين يوم العيد في بيته و انتهرهما ، قال له : « دعهما يا أبا بكر ، فإنها أيام عيد » !
و في بعض الروايات : « حتى يعلم يهود أن في ديننا فسحة » .
و قد أذن للحبشة أن يلعبوا بحرابهم في مسجده عليه الصلاة و السلام في أحد أيام الأعياد ، و كان يحرضهم و يقول : « دونكم يا بني أرفدة » !
و أتاح لعائشة أن تنظر إليهم من خلفه ، و هم يلعبون و يرقصون، و لم ير في ذلك بأساً و لا حرجاً .
وروى ابن حزم بسنده عن ابن سيرين : أن رجلاً قدم المدينة بجوارٍ فأتى عبد الله بن جعفر فعرضهن عليه ، فأمر جارية منهن فغنّت ، و ابن عمر يسمع ، فاشتراها ابن جعفر بعد مساومة ، ثم جاء الرجل إلى ابن عمر فقال : إني أبا عبد الرحمن ؛ غبنت بسبعمائة درهم ! فأتى ابن عمر إلى عبد الله بي جعفر فقال له : إنه غبن بسبعمائة درهم ،فإما أن تعطيها إياه ، و إما أن ترد عليه بيعه ، فقال : بل نعطيه إياها . قال ابن حزم : « فهذا ابن عمر قد سمع الغناء و سعي في بيع المغنية ، و هذا إسناد صحيح » (انظر المحلى : 9/63 ) .
( قد ذكرت دروبا كثيرة من هذه النصوص في موضوعات ( الذوق في الإسلام )/ ( حول مسألة الغناء والموسيقى ) / ( فن الكوميديا في الإسلام ) ..
والأستاذ عمرو خالد كثير الدعوة إلى هذا اللون من الفن الذي يتفق وتعاليم الإسلام .. فالفنون هي من مظاهر النهضة المنشودة ، لأنها ترقي الحس و تسمو بالذوق .. و هي غاية يسعى لها الإسلام الحنيف ..
رابعا :
يقول الشيخ أنه سمع الأستاذ عمرو خالد في محاضرة في الإمارات يقول فيها : ( إنني أريد الفن النابع من البيئة بتاعتنا ، و ليس الفن المستورد .. نريد الفن الذي يدعو إلى القيم .. مثل بنت بتحب ولد تقوم البت دي تحب ولد تاني بدون علم الأولاني ، وتقولك انا كده ما بخونش .. احنا عاوزين الوفاء قيمة أخرى )
و أقول ..
و أكرر ما سبق قوله .. الشيخ في كلامه لم يعتمد على الأسلوب العلمي في نقل الأخبار ، وهذا من المستغرب عليه ، و هو من ذوي السهم النافذ في الإسناد ..
و بعيدا عن ذلك ..
أقول : لقد استمعت إلى المحاضرة المشار إليها ، و ما أستطيع قوله .. أن الشيخ – غفر الله له - قد نقل الكلام مشوها ، فالأستاذ حينما ذكر مثال البنت والولد إنما كان يقصد السخرية ، وكان هذا واضحا جدا في أسلوبه ..
ومن المعلوم أن الأستاذ عمرو خالد من المتشددين في مسألة العلاقات العاطفية .. و لقد سمعت له أكثر من مرة في محاضراته أنه يستنكر هذا النوع من العلاقات ، لأنه - على حد تعبيره – غير شرعي و لا ينتج عنه زواجا شرعيا في أغلب الأحيان ..
فكيف ينسب له هذا الكلام ؟؟
و الأستاذ إنما قصد بقوله ( الفن النابع من بيئتنا ) أن يكون الفن هادف و محترم ونابع من ثقافتنا الإسلامية .. و هذا لا خلاف عليه ، إذ أن الحضارة الإسلامية في عصور الخلافة الراشدة و الأموية والعباسية والعثمانية كانت قائمة على الفنون مثل فنون الأدب و الشعر و العمارة و النحت والتصوير و الغناء ..
و قد اتسم الفنان المسلم بأسلوب منفرد عن بقية فناني العالم .. و هو ما جعل الفن الإسلامي فنا منفردا متميزا ، غير مقلدا ، و لا معتمدا على فنون من بيئات أخرى ..
و الأستاذ حينما دعى الفنانات التائبات إلى مواصلة العطاء الفني ، فإنه أراد بذلك ألا تكون الساحة الفنية خالية من الملتزمين والملتزمات ، فإن الفن قائم شئنا أم أبينا ، ومن الذكاء أن تكون فيه نماذج تكون نواة للتغيير و الإصلاح .. لأن التغيير لن يأتي من الخارج وإنما سيأتي من الداخل .. و هذا من فقه ( ما عمت به البلوى ) ..
والفنان الملتزم يعطي قيمة القدوة لدى المشاهد المسلم ..
و المسلسلات الدينية مليئة بنماذج من فنانين ملتزين قدموا معنى القدوة الحقيقية ، و بسبب هؤلاء أصبحت هناك صحوة إسلامية في هذا المجال ..
المقصد ألا نترك الساحة خالية للعاهرات ثم ندعوا الله أن يغير الفساد .. و لكن الأجدى أن نزرع نماذج تكون نواة للإصلاح العملي .. و أحسب أن الهدف يتحقق يوما بعد يوم ..
بهذا كله .. فإنني أقول – على استحياء – أن الشيخ أخطأ و أوقع نفسه في أخطاء علمية خطيرة حينما عمد إلى تضليل داعية من دعاة العالم الإسلامي ، و نموذج محترم من نماذج الصحوة الإسلامية الراشدة ..
و على الإخوة العاملين بالصحوة الإسلامية أن يسلكوا مسلكنا في النقد العلمي المحترم القائم على التمحيص و البحث العلمي و نقد الدليل بالدليل .. لا أن يروجوا الإشاعات بحماقة دون وعي لحجم الفتنة المثارة ..
و في النهاية أقول إن أقدار الشيوخ على العين والرأس .. ووالله لنخامة في حلق أحدهم خير عند الله من صومي وصلاتي و أزكى أعمالي ..
و لكن هو الحق ، نناضل من أجله .. بكل الود و بكل الاحترام ..
هذا ما هديت إليه ..
و لا أبريء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء ..
بقلم أخى الحبيب /نصر حسان
نُقل إليكم بواسطة
محمد نجاتي
رئيس هيئة الدفاع عن عمرو خالد
hafedelbanna.jeeran.com
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فى البداية نرجوا من الكل أن لا يظن بنا سوء
وأننا جئنا نهاجم هذا على حساب هذا
لا .. فالحق الذى يجب أن يقر فى كل منا هو أن الحق لا يعرف بالرجال ولكن الرجال هم الذين يعرفون بالحق
كان من واجب هيئة الدفاع عن عمرو خالد الرد على شبهه دارت حول فيديو الشيخ الوالد أبو اسحاق الحويني حول عمرو خالد وفكره
وبالعودة إلى كلام الشيخ أبو إسحاق الحويني عن الأستاذ عمرو خالد .. أستطيع أن أقول أن الشيخ وقع في أربعة أخطاء علمية ، هي أدنى من أن يقع في مثلها محدث كبير في وزن الشيخ ..
و سأتحدث ــ الكلام منقول بتصرف يسير من مدونة الأخ الفاضل نصر حسان ــ في كل خطأ منها باختصار لعلي أزيل هذه الشبهة ، و أصل مع القاريء اللبيب من حال الشك إلى حال اليقين .. و لعل الله يهدي النفوس المريضة التي مازالت تسير بين الناس تروج الأكاذيب و تنشر الغش .. فتعكر على النجباء صفو حياتهم …
أولا :
بداية و عموما .. إن الشيخ قد اعتمد في كلامه كله على ورقات من صحيفة ( لم يذكر حتى اسمها ) ، ثم راح الشيخ يتحدث عن ما قالته الصحيفة كما لو كانت الصحيفة قد زكاها البخاري و مسلم ، و شهد لرواتها ( يحيى بن معين ) ..
ومن المعلوم أن الصحافة سيئها أكثر من حسنها .. بل إنها تعتمد في أغلب الحالات على أسلوب جذب الأنظار ، و الدعاية ، والترويج .. حتى و لو كان هذا بأساليب ملتوية مثل : الكذب و التلفيق ، أو تأويل الكلام وتشويهه عن مقصده الأصلي أو ترويج الإشاعات ..
و الشيخ أبو إسحاق رجل من المتشددين في علم الحديث .. و يعلم جيدا ضرر الأخبار الضعيفة ، المقطوعة السند على الثقافة الإسلامية ..
فكيف يقع في خطأ فادح كهذا ؟!!
إننا إلى الآن لا نعرف اسم الصحيفة التي قطعت منها الورقات الثلاثة التي تحدث عنها الشيخ .. كما أننا إلى الآن لا نعرف من كاتب هذه الورقات .. فكيف سنحكم على الخبر بالصحة أو الضعف ؟؟ !!
أين (حدثنا ) ؟!! و أين ( أخبرنا ) و أين ( عن ) و أين ( ثنا ) ؟!!
أين سند الخبر يا شيخ ؟؟!!
هذا خطأ فادح .. لا يقع فيه محدث له في الأسانيد باع .. !!
ثانيا :
الشيخ أبو إسحاق في معرض انتقاده و تجهيله للأستاذ عمرو خالد قال :
و بيقول إن النبي كان يشجع على الفن . و قال إن النبي كان بيردد ” اللهم لولا انت مااهتدينا و لا تصدقنا و لا صلينا فأنزلن سكينة علينا و ثبت الأقدام ان لاقينا ان الأولى قد بغوا علينا و ان أرادوا فتنة أبينا ”
و قال – أي عمرو خالد - إن النبي صلى الله عليه وسلم مرة قابل جماعة من جوارى المدينة قعدوا يغنوا و الكلام ده .. فقال النبي : الله يعلم أن قلبى يحبكن
ثم علق الشيخ على الحديثين المذكورين فقال : ( و طبعا الحديث ده باطل و اللي قابله باطل .. راجل معندوش فكرة عن أى حاجة - أي عمرو خالد(..
و أقول : هنا وقع الشيخ في خطأ فادح لا يقع فيه رجل في وزنه في علم الحديث ..
لقد ضعف الشيخ حديثين صحيحين .. بل زاد في التضعيف فقال
( الحديث باطل ، واللي قبله باطل ) و كلمة ( باطل ) هي أعلى درجات الضعف ..
و الحديثان هما :
أولهما :
حديث البخاري عن البراء رضي الله عنه .. قال : (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهوينقل التراب حتى وارى التراب شعر صدره وكان رجلا كثير الشعر وهو يرتجز برجز عبد الله : ” اللهم لولا انت ما اهتدينا و لا تصدقنا و لا صلينا فأنزلن سكينة علينا و ثبت الأقدام ان لاقينا ان الأولى قد بغوا علينا و ان أرادوا فتنة أبينا )
و هو حديث متفق عليه ..
و ثانيهما :
قوله صلى الله عليه وسلم في جواري بني النجار : ( الله يعلم إن قلبي يحبكن )
و الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم مر ببعض المدينة فإذا هو بجوار يضربن بدفهن ويتغنين ويقلن : ( نحن جوار من بني النجار يا حبذا محمد من جار ) .. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الله يعلم إني لأحبكن )
صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة ..
قال البوصيري في مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه (2/106): “هذا إسناد صحيح رجاله ثقات وبعضه من الصحيحين من حديث عائشة وفي البخاري وأصحاب السنن الأربعة من حديث الربيع بنت معوذ”.
و أقول - أي نصر حسان - في عجب وحيرة .. :
كيف يقع الشيخ أبو اسحاق في خطأ كهذا و هو رجل من المحدثين العظام في هذا الزمان ؟؟
بل كيف يتهم الأستاذ عمرو خالد بالجهل إذا كان هو نفسه لا يعرف مدى صحة حديثين مشهورين يعلم صحتهما طفل لا يعرف من الإسلام سوى ( إنما الأعمال بالنيات ) ؟؟!!
و أتعجب كيف يضعف الشيخ حديثا في صحيح البخاري متصل السند ومتفقا عليه ، أي في أعلى درجات الصحة .. و هو بالأمس القريب قد شن حربا شعواء على الإمام القرضاوي لكونه قد ضعف حديث المعازف المعلق المنقطع السند ، و هو حديث أقرب إلى الضعف من الصحة ..
بل إنه قد ثار ثورة كبيرة حينما ضعف القرضاوي حديث الإفتراق، والحديث مشهور ضعفه في أغلب طرقه ..
لكني سألتمس العذر للشيخ و لن أكون مثل المتشدقين متصيدي الأخطاء .. فأقول .. إن الشيخ لربما زل لسانه عن غير قصد ، فالمحاضرات المرئية والمسموعة تكون أخطاؤها غير محسوبة ، و الخطابة عرضة لزلات اللسان ..
ومن هنا أيضا أقول .. يجب على الشيخ أن يلتمس نفس العذر لبقية الدعاة والشيوخ والعلماء .. فإن الخطابة عرضة لزلات اللسان عن دون قصد ..
فلا داعي لتفسيق الناس ، و تجهيلهم في الصبح و المساء بغير حسبان ..
ثالثا :
يستنكر الشيخ دعوة الأستاذ عمرو خالد إلى الاهتمام بكافة الفنون ، و اعتبارها وسيلة من وسائل النهضة المنشودة .. و في الحقيقة ليس الشيخ وحده فهناك نوع من الحساسية عند الإسلاميين عموما تجاه كلمة ( الفن ) و كأنها تعني دائما المجون والخلاعة .. وهذا غير صحيح ..
الفن في اللغة يعني ( النوع أو الطريقة ) و هو يعني اصطلاحا : الوسيلة أو المهارة التي تحقق غاية جمالية و تعتمد على الموهبة و المران والذوق العالي ..
و الإسلام منذ قديم الأزل يحض على الفنون بشرط أن تكون هذه الفنون محترمة ، وتحض على شيء نبيل في ضوء تعاليم الإسلام ..
و الإسلام يحض على كل ما ينمي الذوق و يسمو بالعاطفة الإنسانية .. و من الجدير بالذكر أن معجزة القرآن الأولى هي أنه جاء تحفة فنية لغوية عجز العرب عن مضاهاتها .. و هم أهل التميز في فنون الشعر والأدب ..
و الرسول صلى الله عليه و سلم كان كثير الدعوة إلى الفن الهادف المحترم .. و قد ظهر ذلك في أكثر من موضع في السنة النبوية ..
روي البخاري و أحمد عن عائشة في ذات قرابة لها من الأنصار ، فجاء رسول الله ( صلى الله عليه و آل و سلم ) فقال : « أهديتم الفتاة » ؟ قالت : نعم . قال : « أرسلتم معها من يغني » ؟ قالت : لا . فقال رسول الله ( صلى الله عليه و آل و سلم ) « إن الأنصار قوم فيهم غزل ، فلو بعثتم معها من تغني و تقول : أتيناكم أتيناكم . . فحيانا و حياكم » ؟
و هذا الحديث يدل على رعاية أعراف الأقوام المختلفة ، و اتجاههم المزاجي ، ولا يحكم المرء مزاجه هو في حياة كل الناس .
و لما أنكر الصديق أبو بكر رضي الله عنه غناء الجاريتين يوم العيد في بيته و انتهرهما ، قال له : « دعهما يا أبا بكر ، فإنها أيام عيد » !
و في بعض الروايات : « حتى يعلم يهود أن في ديننا فسحة » .
و قد أذن للحبشة أن يلعبوا بحرابهم في مسجده عليه الصلاة و السلام في أحد أيام الأعياد ، و كان يحرضهم و يقول : « دونكم يا بني أرفدة » !
و أتاح لعائشة أن تنظر إليهم من خلفه ، و هم يلعبون و يرقصون، و لم ير في ذلك بأساً و لا حرجاً .
وروى ابن حزم بسنده عن ابن سيرين : أن رجلاً قدم المدينة بجوارٍ فأتى عبد الله بن جعفر فعرضهن عليه ، فأمر جارية منهن فغنّت ، و ابن عمر يسمع ، فاشتراها ابن جعفر بعد مساومة ، ثم جاء الرجل إلى ابن عمر فقال : إني أبا عبد الرحمن ؛ غبنت بسبعمائة درهم ! فأتى ابن عمر إلى عبد الله بي جعفر فقال له : إنه غبن بسبعمائة درهم ،فإما أن تعطيها إياه ، و إما أن ترد عليه بيعه ، فقال : بل نعطيه إياها . قال ابن حزم : « فهذا ابن عمر قد سمع الغناء و سعي في بيع المغنية ، و هذا إسناد صحيح » (انظر المحلى : 9/63 ) .
( قد ذكرت دروبا كثيرة من هذه النصوص في موضوعات ( الذوق في الإسلام )/ ( حول مسألة الغناء والموسيقى ) / ( فن الكوميديا في الإسلام ) ..
والأستاذ عمرو خالد كثير الدعوة إلى هذا اللون من الفن الذي يتفق وتعاليم الإسلام .. فالفنون هي من مظاهر النهضة المنشودة ، لأنها ترقي الحس و تسمو بالذوق .. و هي غاية يسعى لها الإسلام الحنيف ..
رابعا :
يقول الشيخ أنه سمع الأستاذ عمرو خالد في محاضرة في الإمارات يقول فيها : ( إنني أريد الفن النابع من البيئة بتاعتنا ، و ليس الفن المستورد .. نريد الفن الذي يدعو إلى القيم .. مثل بنت بتحب ولد تقوم البت دي تحب ولد تاني بدون علم الأولاني ، وتقولك انا كده ما بخونش .. احنا عاوزين الوفاء قيمة أخرى )
و أقول ..
و أكرر ما سبق قوله .. الشيخ في كلامه لم يعتمد على الأسلوب العلمي في نقل الأخبار ، وهذا من المستغرب عليه ، و هو من ذوي السهم النافذ في الإسناد ..
و بعيدا عن ذلك ..
أقول : لقد استمعت إلى المحاضرة المشار إليها ، و ما أستطيع قوله .. أن الشيخ – غفر الله له - قد نقل الكلام مشوها ، فالأستاذ حينما ذكر مثال البنت والولد إنما كان يقصد السخرية ، وكان هذا واضحا جدا في أسلوبه ..
ومن المعلوم أن الأستاذ عمرو خالد من المتشددين في مسألة العلاقات العاطفية .. و لقد سمعت له أكثر من مرة في محاضراته أنه يستنكر هذا النوع من العلاقات ، لأنه - على حد تعبيره – غير شرعي و لا ينتج عنه زواجا شرعيا في أغلب الأحيان ..
فكيف ينسب له هذا الكلام ؟؟
و الأستاذ إنما قصد بقوله ( الفن النابع من بيئتنا ) أن يكون الفن هادف و محترم ونابع من ثقافتنا الإسلامية .. و هذا لا خلاف عليه ، إذ أن الحضارة الإسلامية في عصور الخلافة الراشدة و الأموية والعباسية والعثمانية كانت قائمة على الفنون مثل فنون الأدب و الشعر و العمارة و النحت والتصوير و الغناء ..
و قد اتسم الفنان المسلم بأسلوب منفرد عن بقية فناني العالم .. و هو ما جعل الفن الإسلامي فنا منفردا متميزا ، غير مقلدا ، و لا معتمدا على فنون من بيئات أخرى ..
و الأستاذ حينما دعى الفنانات التائبات إلى مواصلة العطاء الفني ، فإنه أراد بذلك ألا تكون الساحة الفنية خالية من الملتزمين والملتزمات ، فإن الفن قائم شئنا أم أبينا ، ومن الذكاء أن تكون فيه نماذج تكون نواة للتغيير و الإصلاح .. لأن التغيير لن يأتي من الخارج وإنما سيأتي من الداخل .. و هذا من فقه ( ما عمت به البلوى ) ..
والفنان الملتزم يعطي قيمة القدوة لدى المشاهد المسلم ..
و المسلسلات الدينية مليئة بنماذج من فنانين ملتزين قدموا معنى القدوة الحقيقية ، و بسبب هؤلاء أصبحت هناك صحوة إسلامية في هذا المجال ..
المقصد ألا نترك الساحة خالية للعاهرات ثم ندعوا الله أن يغير الفساد .. و لكن الأجدى أن نزرع نماذج تكون نواة للإصلاح العملي .. و أحسب أن الهدف يتحقق يوما بعد يوم ..
بهذا كله .. فإنني أقول – على استحياء – أن الشيخ أخطأ و أوقع نفسه في أخطاء علمية خطيرة حينما عمد إلى تضليل داعية من دعاة العالم الإسلامي ، و نموذج محترم من نماذج الصحوة الإسلامية الراشدة ..
و على الإخوة العاملين بالصحوة الإسلامية أن يسلكوا مسلكنا في النقد العلمي المحترم القائم على التمحيص و البحث العلمي و نقد الدليل بالدليل .. لا أن يروجوا الإشاعات بحماقة دون وعي لحجم الفتنة المثارة ..
و في النهاية أقول إن أقدار الشيوخ على العين والرأس .. ووالله لنخامة في حلق أحدهم خير عند الله من صومي وصلاتي و أزكى أعمالي ..
و لكن هو الحق ، نناضل من أجله .. بكل الود و بكل الاحترام ..
هذا ما هديت إليه ..
و لا أبريء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء ..
بقلم أخى الحبيب /نصر حسان
نُقل إليكم بواسطة
محمد نجاتي
رئيس هيئة الدفاع عن عمرو خالد
hafedelbanna.jeeran.com