أبو يونس العباسي
05-24-2009, 10:20 AM
التفصيل الأسمى في بيان أنواع الخيانات للقدس والأقصى
أبو يونس العباسي
الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل , بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى , ويصبرون منهم على الأذى , يحيون بكتاب الله الموتى , ويبصرون بنور الله أهل العمى , فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه , وكم من ضال تائه قد هدوه , فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم , ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين , الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عقال الفتنة , فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب مجمعون على مفارقة الكتاب , يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم , يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من فتن المضلين , وصلى الله على محمد النبي وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وبعد ....
سبب المقال
في وقت يتعرض فيه المسجد الأقصى لحملة شرسة من أعداء الله والدين من اليهود الملاعين , فهم ماضون في التضييق على إخواننا المقدسيين , وتهجيرهم من بيوتهم ومساكنهم , إضافة إلى ما يفعلونه بالمسجد الأقصى وملحقاته من مقدسات المسلمين , متطلعين إلى هدمه وبناء الهيكل المزعوم , في الوقت نفسه الذي نرى فيه خيانات كثير ممن ينسبون للإسلام للقدس والأقصى وسكوتهم عما يحصل له , بل وتعاملهم الحميم مع أعدائه , فكان هذا هو الدافع لكتابة هذا المقال والذي أسميته:" التفصيل الأسمى في بيان أنواع الخيانات للقدس والأقصى"
القدس والأقصى أمانة في أعناقنا
إن القدس والأقصى وفلسطين أمانة في عنق المسلمين جميعهم , وسوف يسألهم الله عنها يوم القيامة , قال الله تعالى :" سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)"(الإسراء) , وهذه الآية فيصلية بالنسبة لعلاقة المسلمين بالقدس والأقصى , فقد أوكل الله لبني إسرائيل حماية القدس والأقصى , والمحافظة عليها , ولكنهم قصروا وفرطوا وركنوا إلى الدنيا وقدموها على الآخرة , فسلبهم الله هذه الأمانة وأناطها بمحمد – صلى الله عليه وسلم - وأتباعه , ولعل إمامة النبي بالأنبياء في الأقصى تؤكد هذا المعنى وتؤيده , ولقد ظل المسلمون وعلى مر الأزمنة الأوفياء لما حملوا من أمانات , وعلى رأسها أمانة القدس والأقصى , وبذلوا من أجلها وفي سبيل الله الدماء وتقطعت منهم الأشلاء , بداية بالصحابة أولا وليس انتهاء بنا في هذه اللحظة الراهنة التي نعيشها , فيا لحظ من وفى بالأمانة ويا لخيبة من قصر وتغافل وتناسى الأقصى وحقوقه , فلمن وفى بالأمانة عظيم الأجر , ولمن قصر وخان كبير الإثم والوزر , قال الله تعالى:" إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73)
"(الأحزاب) , والله إني لأعجب من الخونة وما أكثرهم , وعلى رؤوسهم الأنظمة الحاكمة للشعوب المسلمة كيف تسوغ لهم نفوسهم الخيانة والله يقول:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)"(الأنفال) , ووالله لكأني أرى هؤلاء الخونة وقد رفعت لهم ألوية الغدر يوم القيامة وأمام العالمين , أخرج البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - قال :"لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُنْصَبُ بِغَدْرَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"
خيانة الإخوة المقدسيين خيانة للقدس والأقصى
ومن أبرز خيانات القدس والأقصى خيانة أهل القدس والأقصى , وذلك بالتغافل عن نصرتهم وتناسيهم وعدم الانشغال بمعاناتهم , والاستمرار في الولوغ في ملذات الدنيا وشهواتها ونزواتها وتقديم الاهتمام بهذا على ما سواه, فأين تاركو النصرة لأهل فلسطين من قوله تعالى :" وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ (72)"(الأنفال) , وأين هم من قوله تعالى :"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ (10)"(الحجرات) , وأين هم من قوله تعالى :" وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)"(التوبة) , وأين هم من قول الرسول – صلى الله عليه وسلم - كما عند البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة:" انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ قَالَ تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنْ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ" , وأين هم من قول الرسول – صلى الله عليه وسلم - كما عند البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير:" مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" , وأين هم من الحديث الذي أخرجه البخاري من حديث أبي موسى الأشعري عنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ" , حقا إن الإنسان يعجب من المتخاذلين الخائنين كيف يتخاذلون والرسول – صلى الله عليه وسلم - يقول كما عند البخاري ومسلم من حديث أنس:" لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" , والله يا من تخذلون المسلمون في بيت المقدس وغيرها من ميادين الكربات التي تحل بالمسلمين ليخذلنكم الله جزاء وفاقا , أخرج أحمد في مسنده عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبَا طَلْحَةَ بْنَ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّيْنِ يَقُولَان :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا عِنْدَ مَوْطِنٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ".
خيانة الغفلة
ومن أنواع الخيانة للقدس والأقصى الغفلة عنهما وعدم ورودهما على الخاطر بتاتا إلا في ما ندر , وإلا فأنا أسأل الآن كل من تصله كلماتي , كم مرة تخطر فلسطين على بالك في اليوم ؟ وكم مرة دعوت في هذا الشهر ربك أن يحرر الله القدس والأقصى وفلسطين ؟ وكم مرة دعوت أن يسخر الله له للأقصى من ينصره ويفك وثاقه ؟وكم أنفقت من أجل أن يعود الأقصى لحوزة المسلمين ؟ , ماذا ضحيت ليرجع الأقصى ولترفرف عليه رايات التوحيد ؟ حقا إننا غافلون عن مقدساتنا , ولقد جعل القرآن الغافلين أسوأ حالا من الأنعام , قال الله تعالى:" وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179)"(الأعراف) , وفي الحين الذي يغفل ويجهل الناس ما يفعله اليهود بالأقصى وما يحاك ضده وما يمكر الأعداء به لإزالته , ترى الناس يعلمون دقائق الأمور الدنيوية وتفاصيلها , أليس من العيب على أمة الإسلام أن يكون علمها بالدنيا أكثر من علمها بالمقدسات وبالخطر الذي يحاك ضدها ؟!!! قال الله تعالى :" يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)"(الروم) , ومن مظاهر الغفلة عن القدس والأقصى ترك الإعداد الإيماني والمادي لتحرير بيت المقدس , قال الله تعالى:" وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)"(الأنفال) , ومن مظاهر الغفلة عن القدس والأقصى أيضا ترك الدعاء , ومعلوم ما للدعاء من أثر على تحقيق المرادات والرجاءات والغايات , قال الله تعالى :" وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)"(البقرة) , وقال أيضا:" وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) "(غافر) , ولقد بين النبي – صلى الله عليه وسلم - أن من أعظم أسباب النصر الإلحاح بالدعاء على الله والإكثار من ذكره ,أخرج النسائي أن الرسول قال :" إِنَّمَا يَنْصُرُ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِضَعِيفِهَا بِدَعْوَتِهِمْ وَصَلَاتِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ" , ولقد قال قتيبة بن المسلم وقد استعصى عليه فتح حصن وسأل عن محمد بن واسع فقيل له :إنه يرفع أصبعه ذاكرا لله :"إن هذه الأصبع الفاردة أحب إلي ن ألف سيف شهير وشاب طرير" , ومن مظاهر الغفلة عن المقدسات أيضا الركون إلى الدنيا وجعلها هي الغاية من الوجود , وإهمال ما سواها , أخرج البخاري في صحيحه أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - قال :" تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَشْعَثَ رَأْسُهُ مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ إِنْ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ" , وعجبا لرجل مسلم يؤمن بالله ربا وبمحمد – صلى الله عليه وسلم - رسولا وبالإسلام دينا كيف يغفل عن الأقصى والآخرة من أجل الدنيا وملذاتها , كيف يفعل هذا والله يقول:" زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15)"(آل عمران) , كيف يغفل المسلم عن الأقصى والآخرة من أجل الدنيا وملذاتها , كيف يفعل هذا والله تعالى يقول:" أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (86)"(البقرة) , يا أمة الإسلام ... كيف يطيب لك أن تشاهدي المسرحيات والمسلسلات والأفلام وتسمعي الأغنيات وتغوصي فيما يغضب الله والأقصى يشتكي بين براثن اليهود المجرمين ؟!!! فإذا كان هذا حالك فإن صلاح الدين ما كان يجوِّز لنفسه الضحك عندما كان الأقصى بين أنياب الصليبيين , فمتى ستصحو الأمة من سباتها وتستيقظ من غفلتها ؟!!! أرجوا أن يكون هذا قريبا .
خيانة القدس والأقصى بالمفاوضات
ومن أشكال خيانة القدس والأقصى عقد الاتفاقيات والمفاوضات , التي لا تعني غير التنازل عن فلسطين والقدس والأقصى , فالأقصى لن ترجع إلا بالكتاب الهادي والسيف الناصر , ومداهنة الأعداء على الحقوق والثوابت أمر زجر الله عنه نبيه – صلى الله عليه وسلم - ونفره منه كل تنفير , قال الله تعالى :" فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9)"(القلم) , وقال أيضا:" وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75)"(الإسراء) , فانظر يا أخا التوحيد كيف أنذر الله رسول بمضاعفة العذاب في الدارين , إذا ما هو مال إلى الكافرين ميلا قليلا , فكيف الحال بمن مال الميل الكثير في هذه الأيام , والله إني لأعجب كيف استجاز أبناء هذه الأمة الركون إلى الأعداء , والتخلي عن البندقية والأقصى لم تحرر بعد والله تعالى يقول:" فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113)"(هود) , كيف جعلتم يا هؤلاء السلام خياركم وخياركم الاستراتيجي والوحيد , والله جعل استجداء السلام من العدو تعاجز وتقاعس وشراء للضعف والوهن , قال الله تعالى :" فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)"(محمد) , كيف تطلبون السلام والسلام الذي أجازه الله هو ما يطلبه الأعداء منصاعين لشروطنا ومطالبنا , قال الله تعالى:" وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61)"(الأنفال) , كيف نرضى عن مثل هذا السلام والكلمة فيه للعدو الكافر لا لنا , والرسول – صلى الله عليه وسلم - يقول:"الإسلام يعلوا ولا يعلا عليه" , كيف نرضى عن مثل هذا السلام وبنوده متعارضة مع كتاب ربنا وسنة نبينا – صلى الله عليه وسلم - , أخرج البخاري من حديث عائشة أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - قال:"كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وغن كان مائة شرط , كتاب الله أحق , وشرط الله أوثق" , فكفوا يا هؤلاء عن المفاوضات , فوالله لو ظللتم تفاوضون اليهود ألف سنة ما أعطوكم شيئا , طبعا بعد أن يأخذوا كل ما يريدونه منكم , وهذا ما تفوه به بيريز في يوم من الأيام , فانتظروا يا من ركنتم للعدو وبعتم القدس والأقصى النار وبئس القرار إذا لم تتوبوا إلى الله تعالى وتلتزموا شرعه وتثبتوا على هداه , ولا بد علينا أن نعلم أن المفاوضات لا تقدم ولا تؤخر , ولا تحل ولا تربط , نعم : إنه لا يفل الحديد إلا الحديد , وما انتزع بالقوة لا يسترد إلا بالقوة , ورحم الله القائل : وألف قذيفة من كلام *** لا تساوي قذيفة من حديد , ولقد صدق أبو تمام لما قال : السيف أصدق إنباء من الكتب *** في حده الحد بين الجد واللعب , ورحم الله شيخ الإسلام إذ يقول : قوام هذا الدين بكتاب يهدي وسيف ينصر , وفي غزة يقول الناس : بالإسلام والبندقية تحل القضية , والرسول – صلى الله عليه وسلم - يقول :" بعثت بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده , وجعل رزقي تحت ظل رمحي , وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري " الجهاد هو السبيل لأن الله أنزل الكتاب وأنزل الحديد ليذود الحديد عن الكتاب , فحق بدون قوة هو حق ضائع , قال الله تعالى : "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ"(الحديد :25) , الجهاد هو السبيل : لأن الله يذهب به الهم والغم والحصار والمضايقات , لا بعقود التهدئة الذليلة المذلة , أخرج أحمد في مسنده من حديث عبادة أن الرسول – صلى الله عليه وسلم قال: " عليكم بالجهاد في سبيل الله فإنه باب من أبواب الجنة يذهب الله به الهم والغم " , قال الله تعالى : " وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ"(الأنفال :60) والله غالب على أمره , ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
خيانة القدس والأقصى بالانحراف عن منهج رب العالمين جل في علاه
وهنا دعونا نسأل أنفسنا جميعا : هل انحرافنا عن منهج ربنا وتقصيرنا في حقه خيانة القدس والأقصى ؟ والجواب : بالتأكيد نعم , فإن فلسطين ما ضاعت إلا لما انحرفنا عن منهج الله , وإن القدس كما هي بحاجة للقتال والنزال لنحررها لهي بحاجة وبقدر أكبر إلى العودة النصوح إلى الله تعالى , والعمل بتوجيهاته , فإننا أمة لا ننتصر على عدونا بعدد ولا بعدة وإنما بطاعتنا لله ومعصية عدونا له , فإذا استوينا في المعصية , كانت الغلبة للأقوى , ونحن جنس فريد أصيل لا نعز إلا بدين وإلا فلا , فالعلم العلم بهذا الدين ثم العمل العمل , قال الله تعالى :" فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19)"(محمد) , وإن الله ضمن النصر والاستخلاف والتمكين لم آمن وعمل بإيمانه ولم يشرك بالله شيئا , قال الله تعالى :" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)"(النور) , والله لن نغلب عدونا إلا بالقرآن والسنة وبفقه سلف الأمة , قال الله تعالى :" قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35)"(القصص) , قالثبات الثبات على الدين أصولا وفروعا , فوالله لن نذوق النصر إلا بالثبات عليه كلا لا بعضا , قال الله تعالى :" يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)"(المجادلة) , وأما التنازل عن المبادئ فهو علامة الهزيمة وسبب الخذلان والهوان , قال الله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)"(محمد) , فيا من عجزتم عن الجهاد العسكري , هلا نصرتم إخوانكم المجاهدين بطاعتكم لله واجتهادكم في تأديتها والبعد عن معصيته والانحراف عن منهجه , وبعد هذا ولنتكلم بشفافية عالية , ألم يخن كثير من أبناء الأمة القدس والأقصى بالانحراف عن منهج الله تعالى ؟!!! ألم يخن الحكام القدس والأقصى بمحاربة الدين ورجال المساجد وبنشر الزنا والخنا والفساد أو السكوت عنه إن أحسنا الظن بهم ؟!!! وأخيرا لا نملك إلا أن نردد قول سلفنا الصالح :"اللهم أعزنا بطاعتك ولا تذلنا بمعصيتك" , اللهم آميين .
خيانة القدس والأقصى بالقعود عن الجهاد في سبيل الله
ومن أنواع خيانة القدس والأقصى قعود الكثيرين من أبناء الأمة عن الجهاد في سبيل الله , بل ومحاربة كثير من المسلمين له حتى ممن ينتمون إلى ما يسمى بالصحوة الإسلامية , وأنا أعجب منهم ومن قعودهم عن الجهاد مع أن الله يقول :" أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)"(الحج) , حقا لماذا يقعدون عن الجهاد المقدس لتحرير بيت المقدس والله تعالى يقول :" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) " (التوبة) , ولعلهم يحتجون لك بالعجز , فأقول: العجز قد يسقط الجهاد , ولكن هل العجز يسقط الإعداد؟ والله إنه لا يسقطه , ونحن لا نرى منكري الجهاد ومحاربيه يعدون , والله تعالى يقول:" وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) "(الأنفال) , بل نراهم يحاربون الجهاد حربا لو وصفناها بالشرسة ما بالغنا , , وهنا نذكر بخيانة حكام العرب الذين يحولون بين شعوبهم وبين الجهاد في سبيل الله , بل يحاربون من يجاهد في سبيل الله , ويساعدون أمريكا على القضاء عليه فيما يسمى بالحرب على الإرهاب , بل ولا يتورعون عن تسليم المجاهدين لأمريكا واليهود , بل إن من يحافظ على أمن اليهود هي حكومات الأنظمة العربية , وإن تهريب السلاح لفلسطين جريمة توجب العقوبة الشديدة عند كل من الحكومة المصرية والأردنية , وبعد هذا أتساءل فأقول: ألا يصب هذا في سلة خيانة القدس والأقصى ؟!!! اللهم عليك بكل من حارب الجهاد أيا كانت الوسيلة التي يحارب الجهاد فيها , اللهم آمين يا رب العالمين .
خيانة الأقصى بالتقصير والإهمال في تربية الذرية
إن التقصير والإهمال الحاصل من الأمة في تربية الذرية على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة , من أبرز مظاهر خيانة القدس والأقصى , وإن إهمال إعدادهم بدنيا وعسكريا هو أيضا من أصناف خيانة القدس والأقصى , فأطفال اليوم هم شباب الغد , ولا يوقد جذوة الجهاد في سبيل الله إلا الشباب المؤمن الموحد , ومع هذا فلقد أهمل المسلمون تربية أبناءهم , بل ربوهم على المياعة والخلاعة والمسلسلات والأفلام الهابطة والأغاني الساقطة وأفلام الكرتون , ورضوا لهم أن يقلدوا الغرب في الشكل والمضمون , فلما خاطبنا الشباب بوجوب الجهاد ودعوناهم إلى ساحاته خافوا وجبنوا وضنوا بالدنيا أن يبيعوها بالآخرة إلا من رحم الله , فانظروا إلى أثرنا السيئ على أبناءنا ومن ثم على الإسلام , ولا يحسبن أحدكم أنه سيفلت من عقوبة الله وبأسه جزاء على تقصيره وإهماله في تربية الأولاد والذرية , قال الله تعالى :" وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)"(الصافات) , وعند البخاري من حديث ابن عمر قال الرسول – صلى الله عليه وسلم - :"كلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" , وعند البخاري كذلك من حديث ابن عمر أيضا قال الرسول – صلى الله عليه وسلم -:" مَا مِنْ وَالٍ يَلِي رَعِيَّةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَيَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهُمْ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ" , وللمسلم الصادق أن يعجب من حال المسلمين في تربية أولادهم تربية خاطئة لا ترضي الله ولا رسوله – صلى الله عليه وسلم - مع أن الرسول– صلى الله عليه وسلم - كان يهتم بتربية الغلمان على الأخلاق والإيمان وإخلاص العبادة للرحيم الرحمن , أخرج الترمذي في سننه من حديث ابن عباس أنه قال :" كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ" , والله يا إخواننا إن أبناءنا عجينة في أيدينا ونحن من يشكلها , أخرج مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ثُمَّ يَقُولُا أَبُو هُرَيْرَةَ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ{ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ } , ولقد صدق الشاعر عندما قال: وينشأ ناشئ الفتيان منا *** على ما كان عوده أبوه , وصدق أيضا من قال:إذا كان رب البيت بالدف ضارب *** فشيمة أهل البيت كلهم الرقص , فالبدار البدار أيها المسلمون إلى تربية أولادنا كما يريد الله ورسوله ليعيدوا لنا مجدنا التليد , وليجددوا أمجاد الصحابة الأجاويد , نريد الرجال الأطهار المطهرون , قال الله تعالى :" لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108)"(التوبة) , نريد الرجال الصادقين , قال الله تعالى :" مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (24)"(الأحزاب) , نريد الرجال الذين لا يشغلهم عن الآخرة شاغل , ولا يلهيهم عن الله مله , قال الله تعالى :" فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38)"(النور) , نريد الرجال الأذلاء على الموحدين الأعزاء على الكافرين , الرجال الذين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم , قال الله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)"(المائدة) , والله إن الولد الصالح النافع لنفسه وأهله ودينه هو رجاء كل مسلم مخلص وكل مخلصة , قال الله تعالى :" وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76)"(الفرقان) .
خيانة القدس والأقصى بخيانة الراية
إن من الأسس التي لا يجوز أن نتناساها أن الأقصى لن تحرر إلا تحت راية التوحيد , وأن أي قتال تحت غيرها من الرايات هو حرث في الماء وزرع في الهواء فأنى يكون حصادا , ولقد حاول العرب تحرير الأقصى بالرايات العمية الجاهلية من قومية واشتراكية ووطنية وديمقراطية وغيرها فما استطاعوا إلى ذلك سبيلا , ولن تحرر الأقصى إلا يوم يكفر المسلمون بكل الرايات العمية البشرية الكفرية ويفردوا راية التوحيد بالرفع والاستظلال تحت ظلها , فإن كل قتال تحت غير راية التوحيد هو قتال مردود على صاحبه منزوع الأجر من الله في الآخرة , أخرج البخاري من حديث أبي موسى الأشعري قال:" جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" ,وأخرج مسلم في صحيحه أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - قال :" مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَدْعُو عَصَبِيَّةً أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّة" , ففي سبيل من تقاتل وتكر وتفر ؟ إجابتان لا ثالث لهما , قال الله تعالى :" الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76)"(النساء) , فيا من تريد بقتالك وجه الله وثوابه لا تسقي بدمك غير شجرة التوحيد الخالص وراية العقيدة الصافية , فإنما هي نفس واحدة فانظر أي راية ستسقي بها , ولا تقبل يا أخا التوحيد وأنت تقاتل عدوك بمشاركة الجاهليين المشركين الذين لا يخلصون لله في قتالهم , فإن مشاركتهم خيبة ومعونتهم سبب من أعظم أسباب الهزيمة , قال الله تعالى :" لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47)"(التوبة) , فالوحدة لا يجوز أن تكون إلا على التوحيد , قال الله تعالى :" إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)"(الصف) , ولا تظنن أن قلة العدد تهدد النصر فإن الله ينصر المؤمنين مع قلة العدد والعدة ويخذل المنحرفين مع كثرتها , قال الله تعالى :" كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249)"(البقرة) , لقد انتصر المسلمون في القديم وهم أقلة لما تمسكوا بالأمر واجتنبوا النهي , وهزمنا ونحن نعد بالملايين لما فرطنا بالأمر وارتكبنا النهي , اخرج أحمد في مسنده من حديث ثوبان أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال :" يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ قَالَ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ يَنْتَزِعُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ قَالَ قُلْنَا وَمَا الْوَهْنُ قَالَ حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ".
خيانة حملة العلم للقدس والأقصى
<div align="center"><div align="center"><font size="5">إن ترقيع بعض حملة العلم للحكام المتقاعسين المحاربين للجهاد يصب في سلة خيانة القدس والأقصى , كما أن قعود الكثيرين من حملة العلم عن الجهاد يصب في سلة الخيانة للقدس والأقصى , كما أن محاربة كثير من حملة العلم للجهاد وأهله يصب في سلة الخيانة للقدس والأقصى , كما أن سكوت كثير من حملة العلم عن الشبه التي يثيرها أعداء الجهاد من العلمانيين والمستشرقين يصب في سلة الخيانة للقدس والأقصى , قال الله تعالى :"فوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79)"(البقرة) , وقال أيضا:" وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187)"(آل عمران) , وإن خيانة حملة العلم أعظم من أي خيانة أخرى لأن زلة العالم زلة عالم , فيا أيها العلماء قوموا بواجبكم في قيادة الجهاد المقدس من أجل تحرير بيت المقدس بالكلمة والقلم والبدن , واعلموا أن جهاد الكلمة من أعظم الجهاد وأن شهيد الكلمة من أعظم الشهداء , أخرج الطبراني في المعجم الأوسط من حديث ابن عباس قال: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" سيد الشهداء يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى امامجائر فنهاه وامره فقتله" , وهنا نتذكر علماءنا ومفكرينا من مجاهدي الكلمة الذين دفعوا أرواحهم لا لشيء إلا لأنهم يصدحون بكلمة الحق وعلى رأسهم سعيد بن جبير والنابلسي وسيد قطب وغيرهم الكثير الكثير , وهنا نختم بكلمات لسيد قطب وهو يقول:"إن كلماتنا تبقى أعراسا من الشمع لا حياة فيها جامدة , حتى إذا ما متنا في سبيلها وضحينا من اجلها انتفضت فيها الروح فقامت حية بين الأحياء" , وأنصح إخواني بنصيحة ابن مسعود - رضي الله عنه - وقد وردت عند ابن عبد البر وهو يقول:": من كان مسـتناً فليسـتن بمن قد مات، فإن الحـي لا تؤمـن عـليه الفتن، أولئك أصحاب رسُول اللـه أبَرُّ الناس قلوباً، وأغزرُهم علماً ، وأقلُّهم تكلفا" إخواني الموحدين :<font face="Traditional Arabic"> هذه كلمات آمنت بها , واعتقدت أن الحق في قولها ونشرها, ولا أدعي العصمة , فهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وللمنهج الذي جاء به من عند ربه حال حياته ومن بعده , ما كان في هذا المقال من صواب فمن الله وحده , وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان , وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء,إلا ما رحم ربي , وأستغفر الله إنه كان غفارا, وأما الخطأ فأرجع عنه ولا أتعصب له , إذا دل الدليل الساطع عليه , وأسأله تعالى أن يلهمني رشدي والمسلمين , وأن يثبتني على الحق إلى ان ألقاه , إنه ولي ذلك والقادر عليه , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
أبو يونس العباسي
الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل , بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى , ويصبرون منهم على الأذى , يحيون بكتاب الله الموتى , ويبصرون بنور الله أهل العمى , فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه , وكم من ضال تائه قد هدوه , فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم , ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين , الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عقال الفتنة , فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب مجمعون على مفارقة الكتاب , يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم , يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من فتن المضلين , وصلى الله على محمد النبي وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وبعد ....
سبب المقال
في وقت يتعرض فيه المسجد الأقصى لحملة شرسة من أعداء الله والدين من اليهود الملاعين , فهم ماضون في التضييق على إخواننا المقدسيين , وتهجيرهم من بيوتهم ومساكنهم , إضافة إلى ما يفعلونه بالمسجد الأقصى وملحقاته من مقدسات المسلمين , متطلعين إلى هدمه وبناء الهيكل المزعوم , في الوقت نفسه الذي نرى فيه خيانات كثير ممن ينسبون للإسلام للقدس والأقصى وسكوتهم عما يحصل له , بل وتعاملهم الحميم مع أعدائه , فكان هذا هو الدافع لكتابة هذا المقال والذي أسميته:" التفصيل الأسمى في بيان أنواع الخيانات للقدس والأقصى"
القدس والأقصى أمانة في أعناقنا
إن القدس والأقصى وفلسطين أمانة في عنق المسلمين جميعهم , وسوف يسألهم الله عنها يوم القيامة , قال الله تعالى :" سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)"(الإسراء) , وهذه الآية فيصلية بالنسبة لعلاقة المسلمين بالقدس والأقصى , فقد أوكل الله لبني إسرائيل حماية القدس والأقصى , والمحافظة عليها , ولكنهم قصروا وفرطوا وركنوا إلى الدنيا وقدموها على الآخرة , فسلبهم الله هذه الأمانة وأناطها بمحمد – صلى الله عليه وسلم - وأتباعه , ولعل إمامة النبي بالأنبياء في الأقصى تؤكد هذا المعنى وتؤيده , ولقد ظل المسلمون وعلى مر الأزمنة الأوفياء لما حملوا من أمانات , وعلى رأسها أمانة القدس والأقصى , وبذلوا من أجلها وفي سبيل الله الدماء وتقطعت منهم الأشلاء , بداية بالصحابة أولا وليس انتهاء بنا في هذه اللحظة الراهنة التي نعيشها , فيا لحظ من وفى بالأمانة ويا لخيبة من قصر وتغافل وتناسى الأقصى وحقوقه , فلمن وفى بالأمانة عظيم الأجر , ولمن قصر وخان كبير الإثم والوزر , قال الله تعالى:" إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73)
"(الأحزاب) , والله إني لأعجب من الخونة وما أكثرهم , وعلى رؤوسهم الأنظمة الحاكمة للشعوب المسلمة كيف تسوغ لهم نفوسهم الخيانة والله يقول:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)"(الأنفال) , ووالله لكأني أرى هؤلاء الخونة وقد رفعت لهم ألوية الغدر يوم القيامة وأمام العالمين , أخرج البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - قال :"لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُنْصَبُ بِغَدْرَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"
خيانة الإخوة المقدسيين خيانة للقدس والأقصى
ومن أبرز خيانات القدس والأقصى خيانة أهل القدس والأقصى , وذلك بالتغافل عن نصرتهم وتناسيهم وعدم الانشغال بمعاناتهم , والاستمرار في الولوغ في ملذات الدنيا وشهواتها ونزواتها وتقديم الاهتمام بهذا على ما سواه, فأين تاركو النصرة لأهل فلسطين من قوله تعالى :" وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ (72)"(الأنفال) , وأين هم من قوله تعالى :"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ (10)"(الحجرات) , وأين هم من قوله تعالى :" وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)"(التوبة) , وأين هم من قول الرسول – صلى الله عليه وسلم - كما عند البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة:" انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ قَالَ تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنْ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ" , وأين هم من قول الرسول – صلى الله عليه وسلم - كما عند البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير:" مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" , وأين هم من الحديث الذي أخرجه البخاري من حديث أبي موسى الأشعري عنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ" , حقا إن الإنسان يعجب من المتخاذلين الخائنين كيف يتخاذلون والرسول – صلى الله عليه وسلم - يقول كما عند البخاري ومسلم من حديث أنس:" لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" , والله يا من تخذلون المسلمون في بيت المقدس وغيرها من ميادين الكربات التي تحل بالمسلمين ليخذلنكم الله جزاء وفاقا , أخرج أحمد في مسنده عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبَا طَلْحَةَ بْنَ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّيْنِ يَقُولَان :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا عِنْدَ مَوْطِنٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ".
خيانة الغفلة
ومن أنواع الخيانة للقدس والأقصى الغفلة عنهما وعدم ورودهما على الخاطر بتاتا إلا في ما ندر , وإلا فأنا أسأل الآن كل من تصله كلماتي , كم مرة تخطر فلسطين على بالك في اليوم ؟ وكم مرة دعوت في هذا الشهر ربك أن يحرر الله القدس والأقصى وفلسطين ؟ وكم مرة دعوت أن يسخر الله له للأقصى من ينصره ويفك وثاقه ؟وكم أنفقت من أجل أن يعود الأقصى لحوزة المسلمين ؟ , ماذا ضحيت ليرجع الأقصى ولترفرف عليه رايات التوحيد ؟ حقا إننا غافلون عن مقدساتنا , ولقد جعل القرآن الغافلين أسوأ حالا من الأنعام , قال الله تعالى:" وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179)"(الأعراف) , وفي الحين الذي يغفل ويجهل الناس ما يفعله اليهود بالأقصى وما يحاك ضده وما يمكر الأعداء به لإزالته , ترى الناس يعلمون دقائق الأمور الدنيوية وتفاصيلها , أليس من العيب على أمة الإسلام أن يكون علمها بالدنيا أكثر من علمها بالمقدسات وبالخطر الذي يحاك ضدها ؟!!! قال الله تعالى :" يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)"(الروم) , ومن مظاهر الغفلة عن القدس والأقصى ترك الإعداد الإيماني والمادي لتحرير بيت المقدس , قال الله تعالى:" وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)"(الأنفال) , ومن مظاهر الغفلة عن القدس والأقصى أيضا ترك الدعاء , ومعلوم ما للدعاء من أثر على تحقيق المرادات والرجاءات والغايات , قال الله تعالى :" وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)"(البقرة) , وقال أيضا:" وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) "(غافر) , ولقد بين النبي – صلى الله عليه وسلم - أن من أعظم أسباب النصر الإلحاح بالدعاء على الله والإكثار من ذكره ,أخرج النسائي أن الرسول قال :" إِنَّمَا يَنْصُرُ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِضَعِيفِهَا بِدَعْوَتِهِمْ وَصَلَاتِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ" , ولقد قال قتيبة بن المسلم وقد استعصى عليه فتح حصن وسأل عن محمد بن واسع فقيل له :إنه يرفع أصبعه ذاكرا لله :"إن هذه الأصبع الفاردة أحب إلي ن ألف سيف شهير وشاب طرير" , ومن مظاهر الغفلة عن المقدسات أيضا الركون إلى الدنيا وجعلها هي الغاية من الوجود , وإهمال ما سواها , أخرج البخاري في صحيحه أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - قال :" تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَشْعَثَ رَأْسُهُ مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ إِنْ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ" , وعجبا لرجل مسلم يؤمن بالله ربا وبمحمد – صلى الله عليه وسلم - رسولا وبالإسلام دينا كيف يغفل عن الأقصى والآخرة من أجل الدنيا وملذاتها , كيف يفعل هذا والله يقول:" زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15)"(آل عمران) , كيف يغفل المسلم عن الأقصى والآخرة من أجل الدنيا وملذاتها , كيف يفعل هذا والله تعالى يقول:" أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (86)"(البقرة) , يا أمة الإسلام ... كيف يطيب لك أن تشاهدي المسرحيات والمسلسلات والأفلام وتسمعي الأغنيات وتغوصي فيما يغضب الله والأقصى يشتكي بين براثن اليهود المجرمين ؟!!! فإذا كان هذا حالك فإن صلاح الدين ما كان يجوِّز لنفسه الضحك عندما كان الأقصى بين أنياب الصليبيين , فمتى ستصحو الأمة من سباتها وتستيقظ من غفلتها ؟!!! أرجوا أن يكون هذا قريبا .
خيانة القدس والأقصى بالمفاوضات
ومن أشكال خيانة القدس والأقصى عقد الاتفاقيات والمفاوضات , التي لا تعني غير التنازل عن فلسطين والقدس والأقصى , فالأقصى لن ترجع إلا بالكتاب الهادي والسيف الناصر , ومداهنة الأعداء على الحقوق والثوابت أمر زجر الله عنه نبيه – صلى الله عليه وسلم - ونفره منه كل تنفير , قال الله تعالى :" فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9)"(القلم) , وقال أيضا:" وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75)"(الإسراء) , فانظر يا أخا التوحيد كيف أنذر الله رسول بمضاعفة العذاب في الدارين , إذا ما هو مال إلى الكافرين ميلا قليلا , فكيف الحال بمن مال الميل الكثير في هذه الأيام , والله إني لأعجب كيف استجاز أبناء هذه الأمة الركون إلى الأعداء , والتخلي عن البندقية والأقصى لم تحرر بعد والله تعالى يقول:" فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113)"(هود) , كيف جعلتم يا هؤلاء السلام خياركم وخياركم الاستراتيجي والوحيد , والله جعل استجداء السلام من العدو تعاجز وتقاعس وشراء للضعف والوهن , قال الله تعالى :" فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)"(محمد) , كيف تطلبون السلام والسلام الذي أجازه الله هو ما يطلبه الأعداء منصاعين لشروطنا ومطالبنا , قال الله تعالى:" وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61)"(الأنفال) , كيف نرضى عن مثل هذا السلام والكلمة فيه للعدو الكافر لا لنا , والرسول – صلى الله عليه وسلم - يقول:"الإسلام يعلوا ولا يعلا عليه" , كيف نرضى عن مثل هذا السلام وبنوده متعارضة مع كتاب ربنا وسنة نبينا – صلى الله عليه وسلم - , أخرج البخاري من حديث عائشة أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - قال:"كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وغن كان مائة شرط , كتاب الله أحق , وشرط الله أوثق" , فكفوا يا هؤلاء عن المفاوضات , فوالله لو ظللتم تفاوضون اليهود ألف سنة ما أعطوكم شيئا , طبعا بعد أن يأخذوا كل ما يريدونه منكم , وهذا ما تفوه به بيريز في يوم من الأيام , فانتظروا يا من ركنتم للعدو وبعتم القدس والأقصى النار وبئس القرار إذا لم تتوبوا إلى الله تعالى وتلتزموا شرعه وتثبتوا على هداه , ولا بد علينا أن نعلم أن المفاوضات لا تقدم ولا تؤخر , ولا تحل ولا تربط , نعم : إنه لا يفل الحديد إلا الحديد , وما انتزع بالقوة لا يسترد إلا بالقوة , ورحم الله القائل : وألف قذيفة من كلام *** لا تساوي قذيفة من حديد , ولقد صدق أبو تمام لما قال : السيف أصدق إنباء من الكتب *** في حده الحد بين الجد واللعب , ورحم الله شيخ الإسلام إذ يقول : قوام هذا الدين بكتاب يهدي وسيف ينصر , وفي غزة يقول الناس : بالإسلام والبندقية تحل القضية , والرسول – صلى الله عليه وسلم - يقول :" بعثت بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده , وجعل رزقي تحت ظل رمحي , وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري " الجهاد هو السبيل لأن الله أنزل الكتاب وأنزل الحديد ليذود الحديد عن الكتاب , فحق بدون قوة هو حق ضائع , قال الله تعالى : "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ"(الحديد :25) , الجهاد هو السبيل : لأن الله يذهب به الهم والغم والحصار والمضايقات , لا بعقود التهدئة الذليلة المذلة , أخرج أحمد في مسنده من حديث عبادة أن الرسول – صلى الله عليه وسلم قال: " عليكم بالجهاد في سبيل الله فإنه باب من أبواب الجنة يذهب الله به الهم والغم " , قال الله تعالى : " وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ"(الأنفال :60) والله غالب على أمره , ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
خيانة القدس والأقصى بالانحراف عن منهج رب العالمين جل في علاه
وهنا دعونا نسأل أنفسنا جميعا : هل انحرافنا عن منهج ربنا وتقصيرنا في حقه خيانة القدس والأقصى ؟ والجواب : بالتأكيد نعم , فإن فلسطين ما ضاعت إلا لما انحرفنا عن منهج الله , وإن القدس كما هي بحاجة للقتال والنزال لنحررها لهي بحاجة وبقدر أكبر إلى العودة النصوح إلى الله تعالى , والعمل بتوجيهاته , فإننا أمة لا ننتصر على عدونا بعدد ولا بعدة وإنما بطاعتنا لله ومعصية عدونا له , فإذا استوينا في المعصية , كانت الغلبة للأقوى , ونحن جنس فريد أصيل لا نعز إلا بدين وإلا فلا , فالعلم العلم بهذا الدين ثم العمل العمل , قال الله تعالى :" فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19)"(محمد) , وإن الله ضمن النصر والاستخلاف والتمكين لم آمن وعمل بإيمانه ولم يشرك بالله شيئا , قال الله تعالى :" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)"(النور) , والله لن نغلب عدونا إلا بالقرآن والسنة وبفقه سلف الأمة , قال الله تعالى :" قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35)"(القصص) , قالثبات الثبات على الدين أصولا وفروعا , فوالله لن نذوق النصر إلا بالثبات عليه كلا لا بعضا , قال الله تعالى :" يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)"(المجادلة) , وأما التنازل عن المبادئ فهو علامة الهزيمة وسبب الخذلان والهوان , قال الله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)"(محمد) , فيا من عجزتم عن الجهاد العسكري , هلا نصرتم إخوانكم المجاهدين بطاعتكم لله واجتهادكم في تأديتها والبعد عن معصيته والانحراف عن منهجه , وبعد هذا ولنتكلم بشفافية عالية , ألم يخن كثير من أبناء الأمة القدس والأقصى بالانحراف عن منهج الله تعالى ؟!!! ألم يخن الحكام القدس والأقصى بمحاربة الدين ورجال المساجد وبنشر الزنا والخنا والفساد أو السكوت عنه إن أحسنا الظن بهم ؟!!! وأخيرا لا نملك إلا أن نردد قول سلفنا الصالح :"اللهم أعزنا بطاعتك ولا تذلنا بمعصيتك" , اللهم آميين .
خيانة القدس والأقصى بالقعود عن الجهاد في سبيل الله
ومن أنواع خيانة القدس والأقصى قعود الكثيرين من أبناء الأمة عن الجهاد في سبيل الله , بل ومحاربة كثير من المسلمين له حتى ممن ينتمون إلى ما يسمى بالصحوة الإسلامية , وأنا أعجب منهم ومن قعودهم عن الجهاد مع أن الله يقول :" أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)"(الحج) , حقا لماذا يقعدون عن الجهاد المقدس لتحرير بيت المقدس والله تعالى يقول :" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) " (التوبة) , ولعلهم يحتجون لك بالعجز , فأقول: العجز قد يسقط الجهاد , ولكن هل العجز يسقط الإعداد؟ والله إنه لا يسقطه , ونحن لا نرى منكري الجهاد ومحاربيه يعدون , والله تعالى يقول:" وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) "(الأنفال) , بل نراهم يحاربون الجهاد حربا لو وصفناها بالشرسة ما بالغنا , , وهنا نذكر بخيانة حكام العرب الذين يحولون بين شعوبهم وبين الجهاد في سبيل الله , بل يحاربون من يجاهد في سبيل الله , ويساعدون أمريكا على القضاء عليه فيما يسمى بالحرب على الإرهاب , بل ولا يتورعون عن تسليم المجاهدين لأمريكا واليهود , بل إن من يحافظ على أمن اليهود هي حكومات الأنظمة العربية , وإن تهريب السلاح لفلسطين جريمة توجب العقوبة الشديدة عند كل من الحكومة المصرية والأردنية , وبعد هذا أتساءل فأقول: ألا يصب هذا في سلة خيانة القدس والأقصى ؟!!! اللهم عليك بكل من حارب الجهاد أيا كانت الوسيلة التي يحارب الجهاد فيها , اللهم آمين يا رب العالمين .
خيانة الأقصى بالتقصير والإهمال في تربية الذرية
إن التقصير والإهمال الحاصل من الأمة في تربية الذرية على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة , من أبرز مظاهر خيانة القدس والأقصى , وإن إهمال إعدادهم بدنيا وعسكريا هو أيضا من أصناف خيانة القدس والأقصى , فأطفال اليوم هم شباب الغد , ولا يوقد جذوة الجهاد في سبيل الله إلا الشباب المؤمن الموحد , ومع هذا فلقد أهمل المسلمون تربية أبناءهم , بل ربوهم على المياعة والخلاعة والمسلسلات والأفلام الهابطة والأغاني الساقطة وأفلام الكرتون , ورضوا لهم أن يقلدوا الغرب في الشكل والمضمون , فلما خاطبنا الشباب بوجوب الجهاد ودعوناهم إلى ساحاته خافوا وجبنوا وضنوا بالدنيا أن يبيعوها بالآخرة إلا من رحم الله , فانظروا إلى أثرنا السيئ على أبناءنا ومن ثم على الإسلام , ولا يحسبن أحدكم أنه سيفلت من عقوبة الله وبأسه جزاء على تقصيره وإهماله في تربية الأولاد والذرية , قال الله تعالى :" وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)"(الصافات) , وعند البخاري من حديث ابن عمر قال الرسول – صلى الله عليه وسلم - :"كلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" , وعند البخاري كذلك من حديث ابن عمر أيضا قال الرسول – صلى الله عليه وسلم -:" مَا مِنْ وَالٍ يَلِي رَعِيَّةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَيَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهُمْ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ" , وللمسلم الصادق أن يعجب من حال المسلمين في تربية أولادهم تربية خاطئة لا ترضي الله ولا رسوله – صلى الله عليه وسلم - مع أن الرسول– صلى الله عليه وسلم - كان يهتم بتربية الغلمان على الأخلاق والإيمان وإخلاص العبادة للرحيم الرحمن , أخرج الترمذي في سننه من حديث ابن عباس أنه قال :" كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ" , والله يا إخواننا إن أبناءنا عجينة في أيدينا ونحن من يشكلها , أخرج مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ثُمَّ يَقُولُا أَبُو هُرَيْرَةَ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ{ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ } , ولقد صدق الشاعر عندما قال: وينشأ ناشئ الفتيان منا *** على ما كان عوده أبوه , وصدق أيضا من قال:إذا كان رب البيت بالدف ضارب *** فشيمة أهل البيت كلهم الرقص , فالبدار البدار أيها المسلمون إلى تربية أولادنا كما يريد الله ورسوله ليعيدوا لنا مجدنا التليد , وليجددوا أمجاد الصحابة الأجاويد , نريد الرجال الأطهار المطهرون , قال الله تعالى :" لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108)"(التوبة) , نريد الرجال الصادقين , قال الله تعالى :" مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (24)"(الأحزاب) , نريد الرجال الذين لا يشغلهم عن الآخرة شاغل , ولا يلهيهم عن الله مله , قال الله تعالى :" فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38)"(النور) , نريد الرجال الأذلاء على الموحدين الأعزاء على الكافرين , الرجال الذين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم , قال الله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)"(المائدة) , والله إن الولد الصالح النافع لنفسه وأهله ودينه هو رجاء كل مسلم مخلص وكل مخلصة , قال الله تعالى :" وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76)"(الفرقان) .
خيانة القدس والأقصى بخيانة الراية
إن من الأسس التي لا يجوز أن نتناساها أن الأقصى لن تحرر إلا تحت راية التوحيد , وأن أي قتال تحت غيرها من الرايات هو حرث في الماء وزرع في الهواء فأنى يكون حصادا , ولقد حاول العرب تحرير الأقصى بالرايات العمية الجاهلية من قومية واشتراكية ووطنية وديمقراطية وغيرها فما استطاعوا إلى ذلك سبيلا , ولن تحرر الأقصى إلا يوم يكفر المسلمون بكل الرايات العمية البشرية الكفرية ويفردوا راية التوحيد بالرفع والاستظلال تحت ظلها , فإن كل قتال تحت غير راية التوحيد هو قتال مردود على صاحبه منزوع الأجر من الله في الآخرة , أخرج البخاري من حديث أبي موسى الأشعري قال:" جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" ,وأخرج مسلم في صحيحه أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - قال :" مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَدْعُو عَصَبِيَّةً أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّة" , ففي سبيل من تقاتل وتكر وتفر ؟ إجابتان لا ثالث لهما , قال الله تعالى :" الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76)"(النساء) , فيا من تريد بقتالك وجه الله وثوابه لا تسقي بدمك غير شجرة التوحيد الخالص وراية العقيدة الصافية , فإنما هي نفس واحدة فانظر أي راية ستسقي بها , ولا تقبل يا أخا التوحيد وأنت تقاتل عدوك بمشاركة الجاهليين المشركين الذين لا يخلصون لله في قتالهم , فإن مشاركتهم خيبة ومعونتهم سبب من أعظم أسباب الهزيمة , قال الله تعالى :" لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47)"(التوبة) , فالوحدة لا يجوز أن تكون إلا على التوحيد , قال الله تعالى :" إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)"(الصف) , ولا تظنن أن قلة العدد تهدد النصر فإن الله ينصر المؤمنين مع قلة العدد والعدة ويخذل المنحرفين مع كثرتها , قال الله تعالى :" كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249)"(البقرة) , لقد انتصر المسلمون في القديم وهم أقلة لما تمسكوا بالأمر واجتنبوا النهي , وهزمنا ونحن نعد بالملايين لما فرطنا بالأمر وارتكبنا النهي , اخرج أحمد في مسنده من حديث ثوبان أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال :" يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ قَالَ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ يَنْتَزِعُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ قَالَ قُلْنَا وَمَا الْوَهْنُ قَالَ حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ".
خيانة حملة العلم للقدس والأقصى
<div align="center"><div align="center"><font size="5">إن ترقيع بعض حملة العلم للحكام المتقاعسين المحاربين للجهاد يصب في سلة خيانة القدس والأقصى , كما أن قعود الكثيرين من حملة العلم عن الجهاد يصب في سلة الخيانة للقدس والأقصى , كما أن محاربة كثير من حملة العلم للجهاد وأهله يصب في سلة الخيانة للقدس والأقصى , كما أن سكوت كثير من حملة العلم عن الشبه التي يثيرها أعداء الجهاد من العلمانيين والمستشرقين يصب في سلة الخيانة للقدس والأقصى , قال الله تعالى :"فوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79)"(البقرة) , وقال أيضا:" وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187)"(آل عمران) , وإن خيانة حملة العلم أعظم من أي خيانة أخرى لأن زلة العالم زلة عالم , فيا أيها العلماء قوموا بواجبكم في قيادة الجهاد المقدس من أجل تحرير بيت المقدس بالكلمة والقلم والبدن , واعلموا أن جهاد الكلمة من أعظم الجهاد وأن شهيد الكلمة من أعظم الشهداء , أخرج الطبراني في المعجم الأوسط من حديث ابن عباس قال: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" سيد الشهداء يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى امامجائر فنهاه وامره فقتله" , وهنا نتذكر علماءنا ومفكرينا من مجاهدي الكلمة الذين دفعوا أرواحهم لا لشيء إلا لأنهم يصدحون بكلمة الحق وعلى رأسهم سعيد بن جبير والنابلسي وسيد قطب وغيرهم الكثير الكثير , وهنا نختم بكلمات لسيد قطب وهو يقول:"إن كلماتنا تبقى أعراسا من الشمع لا حياة فيها جامدة , حتى إذا ما متنا في سبيلها وضحينا من اجلها انتفضت فيها الروح فقامت حية بين الأحياء" , وأنصح إخواني بنصيحة ابن مسعود - رضي الله عنه - وقد وردت عند ابن عبد البر وهو يقول:": من كان مسـتناً فليسـتن بمن قد مات، فإن الحـي لا تؤمـن عـليه الفتن، أولئك أصحاب رسُول اللـه أبَرُّ الناس قلوباً، وأغزرُهم علماً ، وأقلُّهم تكلفا" إخواني الموحدين :<font face="Traditional Arabic"> هذه كلمات آمنت بها , واعتقدت أن الحق في قولها ونشرها, ولا أدعي العصمة , فهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وللمنهج الذي جاء به من عند ربه حال حياته ومن بعده , ما كان في هذا المقال من صواب فمن الله وحده , وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان , وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء,إلا ما رحم ربي , وأستغفر الله إنه كان غفارا, وأما الخطأ فأرجع عنه ولا أتعصب له , إذا دل الدليل الساطع عليه , وأسأله تعالى أن يلهمني رشدي والمسلمين , وأن يثبتني على الحق إلى ان ألقاه , إنه ولي ذلك والقادر عليه , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين