من خير امه
05-21-2009, 02:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الجهاد؛ المضاد الحيوي لجرثومة المرتدين!
[بقلم؛ صلاح أبي محمد]
يطيب لي في هذا المقال - وأنا أتحدث عما أصابنا في الجزائر خاصة، وفي بلاد الإسلام عامة من مصائب الحكام المرتدين - أن أتطرق إلى الموضوع من زاوية أخرى قل من طرقها... وهي أقرب منها للمنظور الطبي من الرؤية الشرعية...
فجسد الأمة المريض قد أصبح طريح الفراش، قد أنهكته الأورام، وأعيته الآلام، فهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، وما عاد يجدي أن يلتف حوله الأهل والخلان فيعلو الصراخ ويكثر العويل، وتُضرب الخدود وتُشَقُ الجيوب... بل لا بد من الإسراع في تشخيص المرض وإحضار الدواء في أقرب وقت ممكن، وكفانا ما ضاع من وقت وجهد في الجري بين محترفي الكهانة وتُجار الشعوذة.
وهاهنا سيطرح سؤال وجيه؛ فالساحة مليئة بالأطباء - المتخصصين منهم وغير المتخصصين، الشرفاء منهم وأصحاب المنافع المادية من المتكسبين - وأهل المريض صرحوا بأنهم جربوا الكثير من هؤلاء! وجربوا علاجاتهم وأدويتهم فما نفعت ولا شفت، ووجدوها لا تروي غليلا ولا تشفي عليلا، حتى كاد يصيبهم الإحباط واليأس، ولا يزال المريض يئن تحت وطأة الألم، فأين هو الطبيب الناجح والدواء الشافي؟!
وعلى سبيل المثال لا الحصر، طبيب إسلامي مشهور وله أتباع، كان يرى بعد تشخيصه للمرض وبعد الفحص الدقيق المتأني أنه يكفي إعطاء بعض الأقراص المهدئة تسمى "الإنتخابات" وهي شبيهة بحبات "الأسبيرين" المعروفة في الصيدليات، وهو مع كونه قد أقر - بعد تشخيصه الدقيق - أن سبب المرض هو جرثومة خطيرة اسمها "الحكام المرتدون"، إلا أنه حسب رأيه؛ يكفي حاليا تلك الأقراص المهدئة، أعني "الإنتخابات" و "الحلول السياسية"، فهي كفيلة لوحدها لاحتواء الجرثومة سياسيا وإنهاكها عبر جولات انتخابية متعددة "حرة ونزيهة"! ويتم هذا بإعطاء المريض جرعات متتالية من تلك الأقراص العجيبة، وحسب رأيه دائما؛ فإن الجرثومة الخبيثة عندها بعض الحس الديمقراطي مما سيجعلها طبعا تعترف بهزيمتها السياسية، وبالتالي تنسحب بشرف من جسد المريض، وسيتماثل بعدها للشفاء بإذن الله، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله!
فهذا ملخص لتجربة سيئة من العلاجات الفاشلة، وكان هذا الطبيب بأقراصه العجيبة نموذجا من نماذج الأطباء الذين خدع بهم المريض وظل يرتادهم لعشرات السنين وما جنى من علاجهم غير زيادة المرض، وما حصد من "أقراصهم المهدئة" إلا الصداع والآلام المتجددة، والجرثومة قابعة في جسده مترفة، من عروقه تقتات ومن دمه ترتع.
ويواصل أهل المريض، يسردون تجاربهم المريرة، ومنها هذا النموذج الثاني؛ وهو قصة طريفة حصلت لهم مع طبيب كان قد ذاع صيته في السنوات الأخيرة، وقد بلغهم عنه أنه طبيب "سلفي"، وأن له طريقة جديدة في العلاج، وما أدراك ما هذه الطريقة؟!
وتكمن عبقرية هذا الأسلوب الجديد في إتيان الطبيب "السلفي" بتفسير جديد لظاهرة الجراثيم في عالم الطب، فهو يعتبرها - حفظه الله - قدرًا من أقدار الله، وما تسلطت على هذا المريض إلا بذنوبه، ثم يشدد الطبيب "السلفي" المذكور في إنكاره على بعض الأطباء "الخوارج" ممن يلجأون في علاجهم لبعض الأدوية المهيجة للجسم البشري والتي قد تسبب من المفاسد والمضار ما لا يعلمه إلا الله، بل قد تفوق مفاسدها ما تحدثه الجرثومة نفسها، فعليهم أن يتقوا الله في هذا المريض ويرجعوا للطريقة الصحيحة الوحيدة - حسب رأيه - في العلاج، وتتمثل في توبة المريض كخطوة أولى للعلاج، ثم اتباع أسلوب "التصفية والتربية" والذي من شعاراته البارزة أن "تدَعْ ما للجرثومة للجرثومة وما لله لله" حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا!
المهم أن أهل المريض صُدِموا أيما صدمة في هذا الطبيب الورع، وتساءلوا بجدية: أهم أمام طبيب "سلفي" أم مشعوذ من أصحاب الطرق الصوفية الذين جربوهم في زمن مضى؟!
والآن دعنا من هذه النماذج المُقْرِفة والتي ثبت للأمة إفلاسها عبر سنوات التيه والضياع... ودعنا من أولئك الأطباء الذين ثبت أيضا للمريض بعد معاناته الطويلة تورطهم مع الجرثومة لإطالة المرض مقابل لُعاعة من الدنيا تتفضل بها عليهم...
دعنا منهم ولنتحدث الآن عن نموذج حي صادق من الأطباء "المجاهدين" الذين بدأ نجمهم يسطع، وصيتهم يذيع، والتفاف الأمة حولهم يزيد يوما بعد يوم، فرغم أن جراثيم الدنيا قد تآمرت عليهم هنا وهناك، ورغم كثرة المؤتمرات والقمم والندوات التي أقامها أكابر الجراثيم لدراسة كيفية التصدي لهؤلاء الأطباء ولدوائهم، ورغم إمكاناتهم المتواضعة ونقص وسائلهم الطبية وقلة عياداتهم المجهزة، فقط بضعة مغارات متناثرة هنا وهناك في قمم الجبال، أو بعض الكهوف المهترئة التي يزاحمهم بها الوحوش.
رغم ذلك كله إلا أن المرضى أحبوهم وتعلقوا بهم عندما خبروا صدقهم وإخلاصهم وتفانيهم في محاولة شفاء المريض وخدمته، وبذلهم كل غال ونفيس لتحقيق ذلك، وكأن الله عز وجل نظر إلى قلوب هؤلاء وعلم قلة حيلتهم وضعف قوتهم، ورأى صدقهم وإخلاصهم له، فكتب لهم القبول عند الناس.
وقد أثبت الدواء الذي أتى به هؤلاء الأطباء "المجاهدون"، والذي يسمونه "الجهاد" فعالية شديدة في علاج المريض، فهم يصفونه - بكل اعتزاز وثقة -؛ بأنه ليس فقط مجرد أقراص مهدئة كالتي ذكرناها آنفا، بل "مضاد حيوي" فعال يفتك بجرثومة المرتدين والكفار فتكًا عجيبا، وهم لا ينطقون من فراغ، بل يؤكدون أنه نتيجة دراسات وتجارب وتحاليل أجريت على هذا النوع من الجراثيم، فأكدت بحوثهم بما لا يدع مجالا للشك بأن هذا المضاد هو الدواء الصحيح لجراثيم كهذه، بل قد أكد جدارته الكبيرة في كثير من الأمراض المشابهة عبر تاريخ الأمة الإسلامية.
ويستدلون على ذلك بمثال حي في زمن التتار، حيث أصاب الأمة مرض مشابه لمرضنا هذه الأيام، فتصدى له مجدد "الطب" في ذلك الزمن، كبير "الأطباء" شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
فقال: (كل طائفة ممتنعة عن التزام شريعة مع شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة من هؤلاء القوم وغيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه... فالقتال واجب حتى يكون الدين كله لله وحتى لا تكون فتنة، فمتى كان الدين لغير الله فالقتال واجب) [مجموع الفتاوى: 28/501].
فهو رحمه الله؛ علم أن الجرثومة ليست من النوع السهل الذي يمكن علاجه بأدوية تقليدية، خاصة وأن خطرها أصبح يهدد "دين" المريض علاوة على "جسده"، فلا بد إذا من المضاد الحيوي المذكور آنفا - الجهاد - لاقتلاع الجرثومة من جذورها قبل فوات الأوان.
ويقول أيضا هذا "الطبيب" المجاهد في كتابه السابق [مجموع الفتاوى: 28/355] والذي يعتبر بحق موسوعة علاجية فذة تبغضها كل جراثيم الأرض، يقول رحمه الله : (وذلك أن الله تعالى أباح من قتل النفوس ما يُحتاج إليه في صلاح الخَلْق، كما قال تعالى: {والفتنة أكبر من القتل}، أي أن القتل وإن كان فيه شر وفساد، ففي فتنة الكفار من الشر والفساد ما هو أكبر منه).
وكأنني به رحمه الله يرد على بعض الأطباء الجهال - غفر الله لهم - ممن ينتقدون هذا "المضاد الحيوي" ويصفونه بأن له بعض الآثار السلبية كقولهم؛ أنه مر الطعم، وقد يسبب للمريض بعض الحمى والعرق، وقد يحدث تعبا شديدا وسهرًا وأرقًا للمريض، وكذلك قد يحدث بعض النزيف المؤقت... إلخ.
فكأنه رحمه الله يقول لهم؛ أن تلك الآثار السلبية للمضاد الحيوي – الجهاد - مهما بلغت فلن تبلغ الآثار المدمرة للجرثومة الخبيثة نفسها، فلا بد إذا من تحمل أخف الضررين، وهذا من فقهه وتبحره في علم "الطب"رحمه الله.
وقال بقية الأطباء ومجدد "الطب" في هذا العصر الشيخ عبد الله عزام رحمه الله في وصيته للأمة المريضة وهو يحثها على تناول ذلك المضاد الفعال، فقال: (إني أرى أن كل مسلم في الأرض اليوم منوط في عنقه تبعة ترك الجهاد - القتال في سبيل الله - وكل مسلم يحمل وزر ترك البندقية، وكل من لقي الله - غير أولي الضرر - دون أن تكون البندقية في يده فإنه يلقى الله آثما لأنه تارك القتال، والقتال الآن فرض عين على كل مسلم في الأرض - غير المعذورين - وتارك الفرض آثم، لأن الفرض؛ ما يثاب فاعله ويحاسب أو يأثم تاركه).
وهذا القول منه رحمه الله ناتج عن اقتناعه بوجوب استعمال ذلك المضاد، وأن الأخذ به أصبح فرض عين على الأمة كلها، لأنها "مريضة" من المشرق إلى المغرب، وما من بقعة من بقاع الأرض الإسلامية إلا وأصبحت مدنسة بهذه الجراثيم القذرة، تصول بها وتجول، وتسرح وتمرح طولا وعرضا، وتعيث فسادا، قتلا وتشريدا ومسخا وقهرا، فلا تسمع إلا أنات المرضى يتوجعون ويألمون، ويتطلعون لمن يستنقذهم من براثن المرتدين فإنهم هم الوباء القاتل.
فهل آن لأمتنا المريضة المنهكة أن تلتف بكليتها حول بقية أطبائها الصادقين "المجاهدون" وتلتزم وصفتهم الشافية بإذن الله، وفيها الدواء الكافي والبلسم الشافي؛ "الجهاد في سبيل الله"، فهو المضاد الحيوي الوحيد لجرثومة المرتدين والكفار.
"جهاد"؛ من أجل ديننا الذي ضيعه الحكام المرتدون وجعلوه ألعوبة بها يتندرون...
"جهاد"؛ من أجل أعراضنا التي انتهكتها جراثيم البشر وفيروسات بني الإنسان...
"جهاد"؛ من أجل صرخات إخواننا المعذبين والأسرى، تنهشهم قطعان الكلاب والذئاب...
فمتى تخفق البنود... ويمتطي الفرسان الجياد... وينجلي ليل الذل والإستعباد؟!
ولله در "الطبيب" الشاعر حين قال:
ولقد بحثت عن السلام فلم أجد *** كإراقة الدم بالسلاح كفيلاً
أدت رسالتها المنابر وانبرى *** صوت السلاح بدوره ليقولا
من يستدل على الحقوق فلن يرى *** مثل الحسام على الحقوق دليلا
الجهاد؛ المضاد الحيوي لجرثومة المرتدين!
[بقلم؛ صلاح أبي محمد]
يطيب لي في هذا المقال - وأنا أتحدث عما أصابنا في الجزائر خاصة، وفي بلاد الإسلام عامة من مصائب الحكام المرتدين - أن أتطرق إلى الموضوع من زاوية أخرى قل من طرقها... وهي أقرب منها للمنظور الطبي من الرؤية الشرعية...
فجسد الأمة المريض قد أصبح طريح الفراش، قد أنهكته الأورام، وأعيته الآلام، فهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، وما عاد يجدي أن يلتف حوله الأهل والخلان فيعلو الصراخ ويكثر العويل، وتُضرب الخدود وتُشَقُ الجيوب... بل لا بد من الإسراع في تشخيص المرض وإحضار الدواء في أقرب وقت ممكن، وكفانا ما ضاع من وقت وجهد في الجري بين محترفي الكهانة وتُجار الشعوذة.
وهاهنا سيطرح سؤال وجيه؛ فالساحة مليئة بالأطباء - المتخصصين منهم وغير المتخصصين، الشرفاء منهم وأصحاب المنافع المادية من المتكسبين - وأهل المريض صرحوا بأنهم جربوا الكثير من هؤلاء! وجربوا علاجاتهم وأدويتهم فما نفعت ولا شفت، ووجدوها لا تروي غليلا ولا تشفي عليلا، حتى كاد يصيبهم الإحباط واليأس، ولا يزال المريض يئن تحت وطأة الألم، فأين هو الطبيب الناجح والدواء الشافي؟!
وعلى سبيل المثال لا الحصر، طبيب إسلامي مشهور وله أتباع، كان يرى بعد تشخيصه للمرض وبعد الفحص الدقيق المتأني أنه يكفي إعطاء بعض الأقراص المهدئة تسمى "الإنتخابات" وهي شبيهة بحبات "الأسبيرين" المعروفة في الصيدليات، وهو مع كونه قد أقر - بعد تشخيصه الدقيق - أن سبب المرض هو جرثومة خطيرة اسمها "الحكام المرتدون"، إلا أنه حسب رأيه؛ يكفي حاليا تلك الأقراص المهدئة، أعني "الإنتخابات" و "الحلول السياسية"، فهي كفيلة لوحدها لاحتواء الجرثومة سياسيا وإنهاكها عبر جولات انتخابية متعددة "حرة ونزيهة"! ويتم هذا بإعطاء المريض جرعات متتالية من تلك الأقراص العجيبة، وحسب رأيه دائما؛ فإن الجرثومة الخبيثة عندها بعض الحس الديمقراطي مما سيجعلها طبعا تعترف بهزيمتها السياسية، وبالتالي تنسحب بشرف من جسد المريض، وسيتماثل بعدها للشفاء بإذن الله، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله!
فهذا ملخص لتجربة سيئة من العلاجات الفاشلة، وكان هذا الطبيب بأقراصه العجيبة نموذجا من نماذج الأطباء الذين خدع بهم المريض وظل يرتادهم لعشرات السنين وما جنى من علاجهم غير زيادة المرض، وما حصد من "أقراصهم المهدئة" إلا الصداع والآلام المتجددة، والجرثومة قابعة في جسده مترفة، من عروقه تقتات ومن دمه ترتع.
ويواصل أهل المريض، يسردون تجاربهم المريرة، ومنها هذا النموذج الثاني؛ وهو قصة طريفة حصلت لهم مع طبيب كان قد ذاع صيته في السنوات الأخيرة، وقد بلغهم عنه أنه طبيب "سلفي"، وأن له طريقة جديدة في العلاج، وما أدراك ما هذه الطريقة؟!
وتكمن عبقرية هذا الأسلوب الجديد في إتيان الطبيب "السلفي" بتفسير جديد لظاهرة الجراثيم في عالم الطب، فهو يعتبرها - حفظه الله - قدرًا من أقدار الله، وما تسلطت على هذا المريض إلا بذنوبه، ثم يشدد الطبيب "السلفي" المذكور في إنكاره على بعض الأطباء "الخوارج" ممن يلجأون في علاجهم لبعض الأدوية المهيجة للجسم البشري والتي قد تسبب من المفاسد والمضار ما لا يعلمه إلا الله، بل قد تفوق مفاسدها ما تحدثه الجرثومة نفسها، فعليهم أن يتقوا الله في هذا المريض ويرجعوا للطريقة الصحيحة الوحيدة - حسب رأيه - في العلاج، وتتمثل في توبة المريض كخطوة أولى للعلاج، ثم اتباع أسلوب "التصفية والتربية" والذي من شعاراته البارزة أن "تدَعْ ما للجرثومة للجرثومة وما لله لله" حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا!
المهم أن أهل المريض صُدِموا أيما صدمة في هذا الطبيب الورع، وتساءلوا بجدية: أهم أمام طبيب "سلفي" أم مشعوذ من أصحاب الطرق الصوفية الذين جربوهم في زمن مضى؟!
والآن دعنا من هذه النماذج المُقْرِفة والتي ثبت للأمة إفلاسها عبر سنوات التيه والضياع... ودعنا من أولئك الأطباء الذين ثبت أيضا للمريض بعد معاناته الطويلة تورطهم مع الجرثومة لإطالة المرض مقابل لُعاعة من الدنيا تتفضل بها عليهم...
دعنا منهم ولنتحدث الآن عن نموذج حي صادق من الأطباء "المجاهدين" الذين بدأ نجمهم يسطع، وصيتهم يذيع، والتفاف الأمة حولهم يزيد يوما بعد يوم، فرغم أن جراثيم الدنيا قد تآمرت عليهم هنا وهناك، ورغم كثرة المؤتمرات والقمم والندوات التي أقامها أكابر الجراثيم لدراسة كيفية التصدي لهؤلاء الأطباء ولدوائهم، ورغم إمكاناتهم المتواضعة ونقص وسائلهم الطبية وقلة عياداتهم المجهزة، فقط بضعة مغارات متناثرة هنا وهناك في قمم الجبال، أو بعض الكهوف المهترئة التي يزاحمهم بها الوحوش.
رغم ذلك كله إلا أن المرضى أحبوهم وتعلقوا بهم عندما خبروا صدقهم وإخلاصهم وتفانيهم في محاولة شفاء المريض وخدمته، وبذلهم كل غال ونفيس لتحقيق ذلك، وكأن الله عز وجل نظر إلى قلوب هؤلاء وعلم قلة حيلتهم وضعف قوتهم، ورأى صدقهم وإخلاصهم له، فكتب لهم القبول عند الناس.
وقد أثبت الدواء الذي أتى به هؤلاء الأطباء "المجاهدون"، والذي يسمونه "الجهاد" فعالية شديدة في علاج المريض، فهم يصفونه - بكل اعتزاز وثقة -؛ بأنه ليس فقط مجرد أقراص مهدئة كالتي ذكرناها آنفا، بل "مضاد حيوي" فعال يفتك بجرثومة المرتدين والكفار فتكًا عجيبا، وهم لا ينطقون من فراغ، بل يؤكدون أنه نتيجة دراسات وتجارب وتحاليل أجريت على هذا النوع من الجراثيم، فأكدت بحوثهم بما لا يدع مجالا للشك بأن هذا المضاد هو الدواء الصحيح لجراثيم كهذه، بل قد أكد جدارته الكبيرة في كثير من الأمراض المشابهة عبر تاريخ الأمة الإسلامية.
ويستدلون على ذلك بمثال حي في زمن التتار، حيث أصاب الأمة مرض مشابه لمرضنا هذه الأيام، فتصدى له مجدد "الطب" في ذلك الزمن، كبير "الأطباء" شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
فقال: (كل طائفة ممتنعة عن التزام شريعة مع شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة من هؤلاء القوم وغيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه... فالقتال واجب حتى يكون الدين كله لله وحتى لا تكون فتنة، فمتى كان الدين لغير الله فالقتال واجب) [مجموع الفتاوى: 28/501].
فهو رحمه الله؛ علم أن الجرثومة ليست من النوع السهل الذي يمكن علاجه بأدوية تقليدية، خاصة وأن خطرها أصبح يهدد "دين" المريض علاوة على "جسده"، فلا بد إذا من المضاد الحيوي المذكور آنفا - الجهاد - لاقتلاع الجرثومة من جذورها قبل فوات الأوان.
ويقول أيضا هذا "الطبيب" المجاهد في كتابه السابق [مجموع الفتاوى: 28/355] والذي يعتبر بحق موسوعة علاجية فذة تبغضها كل جراثيم الأرض، يقول رحمه الله : (وذلك أن الله تعالى أباح من قتل النفوس ما يُحتاج إليه في صلاح الخَلْق، كما قال تعالى: {والفتنة أكبر من القتل}، أي أن القتل وإن كان فيه شر وفساد، ففي فتنة الكفار من الشر والفساد ما هو أكبر منه).
وكأنني به رحمه الله يرد على بعض الأطباء الجهال - غفر الله لهم - ممن ينتقدون هذا "المضاد الحيوي" ويصفونه بأن له بعض الآثار السلبية كقولهم؛ أنه مر الطعم، وقد يسبب للمريض بعض الحمى والعرق، وقد يحدث تعبا شديدا وسهرًا وأرقًا للمريض، وكذلك قد يحدث بعض النزيف المؤقت... إلخ.
فكأنه رحمه الله يقول لهم؛ أن تلك الآثار السلبية للمضاد الحيوي – الجهاد - مهما بلغت فلن تبلغ الآثار المدمرة للجرثومة الخبيثة نفسها، فلا بد إذا من تحمل أخف الضررين، وهذا من فقهه وتبحره في علم "الطب"رحمه الله.
وقال بقية الأطباء ومجدد "الطب" في هذا العصر الشيخ عبد الله عزام رحمه الله في وصيته للأمة المريضة وهو يحثها على تناول ذلك المضاد الفعال، فقال: (إني أرى أن كل مسلم في الأرض اليوم منوط في عنقه تبعة ترك الجهاد - القتال في سبيل الله - وكل مسلم يحمل وزر ترك البندقية، وكل من لقي الله - غير أولي الضرر - دون أن تكون البندقية في يده فإنه يلقى الله آثما لأنه تارك القتال، والقتال الآن فرض عين على كل مسلم في الأرض - غير المعذورين - وتارك الفرض آثم، لأن الفرض؛ ما يثاب فاعله ويحاسب أو يأثم تاركه).
وهذا القول منه رحمه الله ناتج عن اقتناعه بوجوب استعمال ذلك المضاد، وأن الأخذ به أصبح فرض عين على الأمة كلها، لأنها "مريضة" من المشرق إلى المغرب، وما من بقعة من بقاع الأرض الإسلامية إلا وأصبحت مدنسة بهذه الجراثيم القذرة، تصول بها وتجول، وتسرح وتمرح طولا وعرضا، وتعيث فسادا، قتلا وتشريدا ومسخا وقهرا، فلا تسمع إلا أنات المرضى يتوجعون ويألمون، ويتطلعون لمن يستنقذهم من براثن المرتدين فإنهم هم الوباء القاتل.
فهل آن لأمتنا المريضة المنهكة أن تلتف بكليتها حول بقية أطبائها الصادقين "المجاهدون" وتلتزم وصفتهم الشافية بإذن الله، وفيها الدواء الكافي والبلسم الشافي؛ "الجهاد في سبيل الله"، فهو المضاد الحيوي الوحيد لجرثومة المرتدين والكفار.
"جهاد"؛ من أجل ديننا الذي ضيعه الحكام المرتدون وجعلوه ألعوبة بها يتندرون...
"جهاد"؛ من أجل أعراضنا التي انتهكتها جراثيم البشر وفيروسات بني الإنسان...
"جهاد"؛ من أجل صرخات إخواننا المعذبين والأسرى، تنهشهم قطعان الكلاب والذئاب...
فمتى تخفق البنود... ويمتطي الفرسان الجياد... وينجلي ليل الذل والإستعباد؟!
ولله در "الطبيب" الشاعر حين قال:
ولقد بحثت عن السلام فلم أجد *** كإراقة الدم بالسلاح كفيلاً
أدت رسالتها المنابر وانبرى *** صوت السلاح بدوره ليقولا
من يستدل على الحقوق فلن يرى *** مثل الحسام على الحقوق دليلا