عبد الله بوراي
04-20-2009, 03:41 PM
) فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (
جَمِّل المنطق بالنحو فمن
فاللسان العضب سيف مصلت
يحرم الإعراب في النطق اختبل
كم بسحر من حديث قد قتل
اللحن في الأقوال ، أهون من اللحن في الأفعال ، لأن اللحن في الفعل يدل على الجهل وقلة العقل ، واللحن في الكلام يدل على أن صاحبه ليس له بالعربيّة إلمام .
ونحن في زمن خفض المرفوع ، ورفع الموضوع ، وأصبح المجرور منصوبا ، والعلم بالجر مسحوبا ، وأصبحت النكرة معرفة ، والموصوف بلا صفة ، والمبتدأ بلا خبر ، والأفعال تجر ، فانظر لحال أهل التمييز ، كيف تركوا كل وصف عزيز .
واعلم أن بعض اللحن لا يصلحه سيبويه ، ولا يقيمه نفطويه ، ومن لحن عند أولي الشان ، ذهب رأسه في خبر كانْ ، وكان جعفر البرمكي عند الرشيد كالمأمور ، فلما رفع المجرور ، ترك رأسه في البلاط يدور ، وهذا أبو جعفر المنصور ، لما رأى أبا مسلم يضم المكسور ، جعل سيفه في صدره كالضمير المستور .
والعرب لا تبدأ بساكن ، لأنها تحب التنقل في المساكن ، أما تراها فتحت بالسيوف الجوازم الأقطار ، وحررت من سوء الحال الأمصار ، ولا تقف على متحرك ، لأنها تحب الساكن المتنسك ، وتبغض المتغير المتهتك .
النحو لا يعترف بالأنساب ، ولا يقيم وزنا للأحساب ، لأن الوليد بن عبد الملك كان يلحن وهو من بني أمية ، وسيبويه عالم في النحو وهو من الديار العجمية ، والبخاري كان في صحة الكلام لا يجارى ، وهو من بخارى .
هنا لحن في الذات ، ولحن في الصفات ، ولحن في الكلمات ، فلحن الذات التنكر للمعبود ، وغبش الرؤية للوجود ، ولحن الصفات هجر الآداب ، والتنابز بالألقاب ، ولحن الكلمات ، الجهل بالحركات والسكنات ، والفتحات والضمّات .
يقول النحاة : ضرب عمروٌ زيدا ، وما ذكروا لهما وصفاً ولا قيدا ، فإن كان المقصود عمرو بن العاص ، فهو من الخواص ، وإن كان المقصود عمرو بن معدي كرب ، فهو المقدام ساعة الغضب ، وإن كان المقصود عمرو بن كلثوم ، فسيفه في الأعداء مثلوم،
أما زيد فإن كان ابن ثابت ، ففي الأنصار نابت ، وإن كان ابن الخطاب ، فقد قتل في سبيل الوهاب ، وإن كان ابن حارثة ، فهو أسد كل حادثة .
قالوا : كان معروف الكرخي العابد يلحن إذا نطق ، ولكنه يعرب في الأفعال فكلما تكلم قالوا : صدق .
بلال يتكلم الحبشيّة ، وأبو لهب يتكلم القرشيّة ، ففهم بلال كلام ذي العزة والجلال ، ولم يفهم أبو لهب ، ما جاءت به الكتب ، لأن قلب بلال أحب العربي الأمين وقلب أبي لهب في الكفر مهين . دخل جوهر الصقلي باني القاهرة ، بجيوش باهرة ، فتكلم بلغة مغلوطة ، كأن لسانه مربوطة ، قال له العرب : أنت رجل لحّان ، لا تجيب في الامتحان ، أنت مولى بلا نسب ، ودخيل بلا حسب .
فقال : كيف ؟ وسل السيف ، وقال : هذا نسبي ، ونثر الذهب ، وقال : يا عرب، هذا حسبي ، فصار أفصح من سحبان ، فالسيف والذهب خطيبان .
الانتماء ليس للسان ولا البلدان ، وإنما للإيمان والقرآن ، والدليل ،البخاري محمد بن إسماعيل ، والرد على مذهب القومية الكريه ، بكتاب سيبويه . أعجميان لهم كتابان ، عظيمان عربيان ، البخاري أجل كتاب في الصحيح ، والكتاب لسيبويه الذي بز كل فصيح . سيبويه عصرنا ، وكسائي مصرنا ، من يرفع الفاعل ، وينصب المفعول ، فهذا نحوي مقبول ، يكفى الناس اليوم الآجروميّة ، وإلا تحولت الأمة إلى فارسية ورومية .
يقول ابن مالك :
كلامنا لفظ مفيد كاستقم
اسم وفعل ثم حرف الكلم
وهذا يقصد به الأقوال ، وأنا أقول في الأفعال .
أفعالنا على الكتاب فاستقم
كما أمرت وابتعد عن التهم
قال :
ترفع كان المبتدا اسما والخبر
تنصبه ككان سيداً عمر
أقول :
يرفع ربي من يصدق الخبر
مثل أبي بكر الجليل وعمر
المقامَة النحويّة
يقول هو :
والأصل في الأخبار أن تؤخرا
وجوّزوا التقديم إذ لا ضررا
وأقول :
والأصل في الأشرار أن تؤخرا
وقدم الأخيار من بين الورى
القرآن كاف شاف ، بلا كشاف ، لأن الزمخشري ، في سوق البدعة مشتري ، لحن في العقيدة ، وأعرب في القصيدة ، لو شرب من معين السلف الماء الزلال ، لما ورد نهر الاعتزال . بعض الظلمة من الرؤساء كان فصيحا ، وظلم ظلماً قبيحا ، قال : أنا إمام عادل ، وورع فاضل ، فقال شعبه : أنت عادل إمام ، ولكنك قدمت وأخّرت في الكلام
لما لحن الجيل في الجمع والمثنى ، ونسي سيرة المثنى ، تعنّى وما بلغ ما تمنى .
ضرب المعتصم أحمد ، وتوعّد وهدّد ، فما أجاب بحرف ، لأن أحمد ممنوع من الصرف ، أما أحمد بن أبي دُؤاد فصرف في سوق الذهب ، لأن الورع من قلبه ذهب .
يا أيها المسلمون : اصرفوا إسرائيل ولو كانت ممنوعة من الصرف ، لأن للضرورة أحكاما في اللغة والعرف . لا تخدعك الأسماء وتنسى الأفعال ، فنصير الدين الطوسي ، صار عدو الدين المجوسي ، لأنه كسر رؤوس المسلمين بالسيوف الجازمة ، وأفتى هولاكو تلك الفتاوى الآثمة .
اشتغلنا بالفعل الماضي عن الفعل المضارع والأمر ، فكلامنا :
انتصرنا فيما مضى ، وهذا ذهب وانقضى ، وفتح أجدادنا البلاد ، وأين فتحنا اليوم يا أحفاد ، أسلافنا مبتدأ لكن أين الخبر ، ليتم الكلام المعتبر :
والخبر الجزء المتم الفائدة
كـ الله بر والأيادي شاهدة
يقول النحاة : المصغّر ، لا يصغر . قلت : بل يصغره الله يا أعراب ، أما رأيتم ما فعل بمسيلمة الكذاب ، كيف صغّره وحقّره ، وبالتراب عفّره . أما مسلمة بن عبد الملك فلم يكن مصغّرا ، فعاش مجاهداً مظفّرا .
إذا رأيت الصفات تتقدم الأسماء ، فاعلم أن المعاني هباء ، فالمتأخرون يصفون البعض ، عند العرض ، فيقولون : علامة عصره ، وفريدة دهرة ، وقدوة الأنام ، وعلم الأعلام . بينما كان السلف يقولون : أبو بكر وعمر ، ولا يذكرون النعوت والسير ، لأن المعارف لا تعرّف ، وكامل الأوصاف لا يوصف .
المقامَة النحويّة
احذر ثلاث كلمات ، إذا وقعت بلا إضافات صحيحات .
كلمة أنا فهي مدح الشياطين ، لما قال كبيرهم : أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ، ولكن قل : أنا العبد الضعيف ، أطلب عفو اللطيف .
وكلمة لي قال فرعون في القصر : أليس لي ملك مصر ، فصار في الهلاك آية لكل عصر ، ولكن قل : لي ذنوب ، أرجو رحمة علام الغيوب .
وكلمة عندي قالها قارون ، فجعلها بالخسف عبرة لكل القرون ، ولكن قل : عندي تقصير ، يصلحه اللطيف الخبير .
علي بن أبي طالب مرفوع عندنا بين الفتح والخفض ، فقد أخطأ فيه أهل النصب والرفض ، فالنواصب هضموا حقه ، ونسوا صدقة ، والروافض أنزلوه فوق المنـزلة ، فصار وصفهم مهزلة .
فيا أيها الناصبي : عليٌّ مرفوع وعلامة رفعه ، علو الهمة ، وتزكية رسول الأمة .
ويا أيها الرافضي : لا تغالِ ، فعليٌّ بغير هذا الغلو عالِ .
ذكر عن سيبويه ، ذلك العالم الوجيه ، أنه أتى ليُعرِّف اسم الجلالة ، فلما وقف أمام كلمة الله وتذكر كماله ، وتأمل جماله . قال: الله أعرف المعارف ، لا يحتاج إلى تعريف ، ومن جمع الصفات لا ينقصه التوصيف .
يا أنت يا أحسن الأسماء في خلدي
تقاصرت كلها الأعلام إن ذكرت
خذها من الوحي نعتاً للجليل ولا
فارفع شعائره وانصب لخدمته
وكن مضافاً إلى أصحاب طاعته
واجزم بحكمته في نصر شرعته
ماذا أعرف من عز ومن شرفِ
أوصافكم قد رواها عنك كل وفي
تأخذ من الجهم والكشاف والنسفي
وجر رجلك في ذل وفي أسفِ
ولا تعرف شقياً بات في ترفِ
وقف على ساكن التنزيل كالسلفِ
قال شاب لأحد الأولياء : يا ليتني أدركت الرسول r وكنت خادماً بين يديه ؟
قال : لعلك ترحم بهذا لأن المضاف يأخذ حكم المضاف إليه .
-زاد اليهود نقطه ، فوقعوا في ورطه ، وسقطوا سقطة ، قيل لهم قولوا : حطه ، فقالوا : حنطه .
-وزاد المبتدعة حرفا ، فصرفوا عن الصواب صرفا ، قالوا : استولى مكان استوى ، وهذا من الزيغ والهوى .
-للوصف صلة بالاسم ، فأبو بكر الصديق ، لما صدق في القول والاعتقاد ، عرف بهذا الوصف بين العباد ، وعمر عمر الدولة بالعدل ، وطرد الجهل ، وعثمان بن عفان ، عف عن كل فان ، وعلي بن أبي طالب ، علا في المناقب ، فسلم من المثالب .
-كن بالتوحيد مرفوع الهامة ، وبالأخلاق منصوب القامة ، وليكن عليك من الصلاح علامة ، لتنجو يوم القيامة .
-واعلم أن المزاح المباح ما عارض به بعضهم الألفية النحوية ، وجعلها للمطاعم الشهية .
قال ابن مالك :
والأصل في الأخبار أن تؤخرا
وجوّزوا التقديم إذ لا ضررا
قال أحدهم :
والأصل في الأخباز أن تحمّرا
وجوّزوا الفطير إذ لا ضررا
وقال الشيخ ابن عثيمين كان له شيخ يقول على سبيل المزاح
والأصل في الأخباز أن تقمّرا
وجوّزوا الترقيق إذ لا ضررا
جَمِّل المنطق بالنحو فمن
فاللسان العضب سيف مصلت
يحرم الإعراب في النطق اختبل
كم بسحر من حديث قد قتل
اللحن في الأقوال ، أهون من اللحن في الأفعال ، لأن اللحن في الفعل يدل على الجهل وقلة العقل ، واللحن في الكلام يدل على أن صاحبه ليس له بالعربيّة إلمام .
ونحن في زمن خفض المرفوع ، ورفع الموضوع ، وأصبح المجرور منصوبا ، والعلم بالجر مسحوبا ، وأصبحت النكرة معرفة ، والموصوف بلا صفة ، والمبتدأ بلا خبر ، والأفعال تجر ، فانظر لحال أهل التمييز ، كيف تركوا كل وصف عزيز .
واعلم أن بعض اللحن لا يصلحه سيبويه ، ولا يقيمه نفطويه ، ومن لحن عند أولي الشان ، ذهب رأسه في خبر كانْ ، وكان جعفر البرمكي عند الرشيد كالمأمور ، فلما رفع المجرور ، ترك رأسه في البلاط يدور ، وهذا أبو جعفر المنصور ، لما رأى أبا مسلم يضم المكسور ، جعل سيفه في صدره كالضمير المستور .
والعرب لا تبدأ بساكن ، لأنها تحب التنقل في المساكن ، أما تراها فتحت بالسيوف الجوازم الأقطار ، وحررت من سوء الحال الأمصار ، ولا تقف على متحرك ، لأنها تحب الساكن المتنسك ، وتبغض المتغير المتهتك .
النحو لا يعترف بالأنساب ، ولا يقيم وزنا للأحساب ، لأن الوليد بن عبد الملك كان يلحن وهو من بني أمية ، وسيبويه عالم في النحو وهو من الديار العجمية ، والبخاري كان في صحة الكلام لا يجارى ، وهو من بخارى .
هنا لحن في الذات ، ولحن في الصفات ، ولحن في الكلمات ، فلحن الذات التنكر للمعبود ، وغبش الرؤية للوجود ، ولحن الصفات هجر الآداب ، والتنابز بالألقاب ، ولحن الكلمات ، الجهل بالحركات والسكنات ، والفتحات والضمّات .
يقول النحاة : ضرب عمروٌ زيدا ، وما ذكروا لهما وصفاً ولا قيدا ، فإن كان المقصود عمرو بن العاص ، فهو من الخواص ، وإن كان المقصود عمرو بن معدي كرب ، فهو المقدام ساعة الغضب ، وإن كان المقصود عمرو بن كلثوم ، فسيفه في الأعداء مثلوم،
أما زيد فإن كان ابن ثابت ، ففي الأنصار نابت ، وإن كان ابن الخطاب ، فقد قتل في سبيل الوهاب ، وإن كان ابن حارثة ، فهو أسد كل حادثة .
قالوا : كان معروف الكرخي العابد يلحن إذا نطق ، ولكنه يعرب في الأفعال فكلما تكلم قالوا : صدق .
بلال يتكلم الحبشيّة ، وأبو لهب يتكلم القرشيّة ، ففهم بلال كلام ذي العزة والجلال ، ولم يفهم أبو لهب ، ما جاءت به الكتب ، لأن قلب بلال أحب العربي الأمين وقلب أبي لهب في الكفر مهين . دخل جوهر الصقلي باني القاهرة ، بجيوش باهرة ، فتكلم بلغة مغلوطة ، كأن لسانه مربوطة ، قال له العرب : أنت رجل لحّان ، لا تجيب في الامتحان ، أنت مولى بلا نسب ، ودخيل بلا حسب .
فقال : كيف ؟ وسل السيف ، وقال : هذا نسبي ، ونثر الذهب ، وقال : يا عرب، هذا حسبي ، فصار أفصح من سحبان ، فالسيف والذهب خطيبان .
الانتماء ليس للسان ولا البلدان ، وإنما للإيمان والقرآن ، والدليل ،البخاري محمد بن إسماعيل ، والرد على مذهب القومية الكريه ، بكتاب سيبويه . أعجميان لهم كتابان ، عظيمان عربيان ، البخاري أجل كتاب في الصحيح ، والكتاب لسيبويه الذي بز كل فصيح . سيبويه عصرنا ، وكسائي مصرنا ، من يرفع الفاعل ، وينصب المفعول ، فهذا نحوي مقبول ، يكفى الناس اليوم الآجروميّة ، وإلا تحولت الأمة إلى فارسية ورومية .
يقول ابن مالك :
كلامنا لفظ مفيد كاستقم
اسم وفعل ثم حرف الكلم
وهذا يقصد به الأقوال ، وأنا أقول في الأفعال .
أفعالنا على الكتاب فاستقم
كما أمرت وابتعد عن التهم
قال :
ترفع كان المبتدا اسما والخبر
تنصبه ككان سيداً عمر
أقول :
يرفع ربي من يصدق الخبر
مثل أبي بكر الجليل وعمر
المقامَة النحويّة
يقول هو :
والأصل في الأخبار أن تؤخرا
وجوّزوا التقديم إذ لا ضررا
وأقول :
والأصل في الأشرار أن تؤخرا
وقدم الأخيار من بين الورى
القرآن كاف شاف ، بلا كشاف ، لأن الزمخشري ، في سوق البدعة مشتري ، لحن في العقيدة ، وأعرب في القصيدة ، لو شرب من معين السلف الماء الزلال ، لما ورد نهر الاعتزال . بعض الظلمة من الرؤساء كان فصيحا ، وظلم ظلماً قبيحا ، قال : أنا إمام عادل ، وورع فاضل ، فقال شعبه : أنت عادل إمام ، ولكنك قدمت وأخّرت في الكلام
لما لحن الجيل في الجمع والمثنى ، ونسي سيرة المثنى ، تعنّى وما بلغ ما تمنى .
ضرب المعتصم أحمد ، وتوعّد وهدّد ، فما أجاب بحرف ، لأن أحمد ممنوع من الصرف ، أما أحمد بن أبي دُؤاد فصرف في سوق الذهب ، لأن الورع من قلبه ذهب .
يا أيها المسلمون : اصرفوا إسرائيل ولو كانت ممنوعة من الصرف ، لأن للضرورة أحكاما في اللغة والعرف . لا تخدعك الأسماء وتنسى الأفعال ، فنصير الدين الطوسي ، صار عدو الدين المجوسي ، لأنه كسر رؤوس المسلمين بالسيوف الجازمة ، وأفتى هولاكو تلك الفتاوى الآثمة .
اشتغلنا بالفعل الماضي عن الفعل المضارع والأمر ، فكلامنا :
انتصرنا فيما مضى ، وهذا ذهب وانقضى ، وفتح أجدادنا البلاد ، وأين فتحنا اليوم يا أحفاد ، أسلافنا مبتدأ لكن أين الخبر ، ليتم الكلام المعتبر :
والخبر الجزء المتم الفائدة
كـ الله بر والأيادي شاهدة
يقول النحاة : المصغّر ، لا يصغر . قلت : بل يصغره الله يا أعراب ، أما رأيتم ما فعل بمسيلمة الكذاب ، كيف صغّره وحقّره ، وبالتراب عفّره . أما مسلمة بن عبد الملك فلم يكن مصغّرا ، فعاش مجاهداً مظفّرا .
إذا رأيت الصفات تتقدم الأسماء ، فاعلم أن المعاني هباء ، فالمتأخرون يصفون البعض ، عند العرض ، فيقولون : علامة عصره ، وفريدة دهرة ، وقدوة الأنام ، وعلم الأعلام . بينما كان السلف يقولون : أبو بكر وعمر ، ولا يذكرون النعوت والسير ، لأن المعارف لا تعرّف ، وكامل الأوصاف لا يوصف .
المقامَة النحويّة
احذر ثلاث كلمات ، إذا وقعت بلا إضافات صحيحات .
كلمة أنا فهي مدح الشياطين ، لما قال كبيرهم : أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ، ولكن قل : أنا العبد الضعيف ، أطلب عفو اللطيف .
وكلمة لي قال فرعون في القصر : أليس لي ملك مصر ، فصار في الهلاك آية لكل عصر ، ولكن قل : لي ذنوب ، أرجو رحمة علام الغيوب .
وكلمة عندي قالها قارون ، فجعلها بالخسف عبرة لكل القرون ، ولكن قل : عندي تقصير ، يصلحه اللطيف الخبير .
علي بن أبي طالب مرفوع عندنا بين الفتح والخفض ، فقد أخطأ فيه أهل النصب والرفض ، فالنواصب هضموا حقه ، ونسوا صدقة ، والروافض أنزلوه فوق المنـزلة ، فصار وصفهم مهزلة .
فيا أيها الناصبي : عليٌّ مرفوع وعلامة رفعه ، علو الهمة ، وتزكية رسول الأمة .
ويا أيها الرافضي : لا تغالِ ، فعليٌّ بغير هذا الغلو عالِ .
ذكر عن سيبويه ، ذلك العالم الوجيه ، أنه أتى ليُعرِّف اسم الجلالة ، فلما وقف أمام كلمة الله وتذكر كماله ، وتأمل جماله . قال: الله أعرف المعارف ، لا يحتاج إلى تعريف ، ومن جمع الصفات لا ينقصه التوصيف .
يا أنت يا أحسن الأسماء في خلدي
تقاصرت كلها الأعلام إن ذكرت
خذها من الوحي نعتاً للجليل ولا
فارفع شعائره وانصب لخدمته
وكن مضافاً إلى أصحاب طاعته
واجزم بحكمته في نصر شرعته
ماذا أعرف من عز ومن شرفِ
أوصافكم قد رواها عنك كل وفي
تأخذ من الجهم والكشاف والنسفي
وجر رجلك في ذل وفي أسفِ
ولا تعرف شقياً بات في ترفِ
وقف على ساكن التنزيل كالسلفِ
قال شاب لأحد الأولياء : يا ليتني أدركت الرسول r وكنت خادماً بين يديه ؟
قال : لعلك ترحم بهذا لأن المضاف يأخذ حكم المضاف إليه .
-زاد اليهود نقطه ، فوقعوا في ورطه ، وسقطوا سقطة ، قيل لهم قولوا : حطه ، فقالوا : حنطه .
-وزاد المبتدعة حرفا ، فصرفوا عن الصواب صرفا ، قالوا : استولى مكان استوى ، وهذا من الزيغ والهوى .
-للوصف صلة بالاسم ، فأبو بكر الصديق ، لما صدق في القول والاعتقاد ، عرف بهذا الوصف بين العباد ، وعمر عمر الدولة بالعدل ، وطرد الجهل ، وعثمان بن عفان ، عف عن كل فان ، وعلي بن أبي طالب ، علا في المناقب ، فسلم من المثالب .
-كن بالتوحيد مرفوع الهامة ، وبالأخلاق منصوب القامة ، وليكن عليك من الصلاح علامة ، لتنجو يوم القيامة .
-واعلم أن المزاح المباح ما عارض به بعضهم الألفية النحوية ، وجعلها للمطاعم الشهية .
قال ابن مالك :
والأصل في الأخبار أن تؤخرا
وجوّزوا التقديم إذ لا ضررا
قال أحدهم :
والأصل في الأخباز أن تحمّرا
وجوّزوا الفطير إذ لا ضررا
وقال الشيخ ابن عثيمين كان له شيخ يقول على سبيل المزاح
والأصل في الأخباز أن تقمّرا
وجوّزوا الترقيق إذ لا ضررا