محمد دغيدى
03-25-2009, 11:42 AM
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ولكن أين؟ الدولة عراقية قائمة بذاتها تحت الأرض
http://alrafdean.org/modules/FCKEditor/Upload/Image/ge002.gif
محمد زيدان
لقد أشار بعض كتاب المقاومة العراقية إلى أن الدولة العراقية نزلت بعد الغزو تحت الأرض بما تحمله الكلمات من دلالات ومعاني. فهل كانوا يقصدون بذلك المعنى المجازي أو أن دولة العراق الوطنية اختفت بالفعل تحت الأرض؟ لطالما سمعنا في الشارع عن حكايات شعبية أو حتى عن أشخاص حقيقيين غامضين يدعون بأن الجن اختطفهم وأخذهم إلى مدن عامرة تحت الأرض. وقد ادعى قبل ذلك الاحتلال الصهيوأمريكي وجوقته الإعلامية بأن الدولة الوطنية العراقية قد أنشأت أنفاقا تحت الأرض في بغداد وربما في مدن أخرى لتختبئ العناصر القيادية فيها تجنبا لملاحقة الأمريكان وعملائهم. وظهر فيما بعد أن الملجأ الوحيد للرئيس العراقي الشهيد صدام حسين وعائلته وكل القياديين في الدولة الوطنية كانت بيوت العراقيين. إلا أن ما يدعو للعجب هو أن العراق يخلو من الأراضي الجبلية الوعرة باستثناء السليمانية وأربيل ودهوك حيث يصول ويجول عملاء الأجنبي التقليديين ويسيطرون على الساحة، ونقصد بذلك العميلين المعروفين: الطالباني والبرزاني، وخردتهما من البشمرقة والأسايش، ومع ذلك تندلع مقاومة وطنية عراقية شديدة وتدمر أحلام الإمبراطورية الأوحد في السيطرة على منابع النفط والعالم. إنها ليست فيتنام حيث الغابات والجبال والأدغال والمستنقعات، ولا الجزائر، ولكنه العراق بأرضه المنبسطة. ثم أننا أمام الإمبراطورية الأغنى والأقوى في تاريخ البشرية كله والأشد بأسا، والأكثر تسلحا، بل أن العالم كله مع بعض الاستثناءات تحالف معها وتورط. إنها المقاومة الوحيدة في العالم التي تعاني الحصار وتطارد رجالها كل أجهزة العالم السرية. إنها المقاومة الوحيدة في العالم التي تفتقد لكل سند إعلامي ومادي وسياسي من دول الجوار ومن غير دول الجوار. ولو تركوها وشأنها تقاوم بطريقتها لكانوا مشكورين على ذلك ولكنهم تآمروا عليها ودربوا المليشيات العميلة وفرق الموت وسربوا مرتزقتهم وزيفوا أخبارها....وحتى الجامعة العربية كانت من أوائل المهرولين لدعم الاحتلال وعملاء الاحتلال في العراق الجريح.
أرض منبسطة مكشوفة وأعداء وعملاء كثيرون وحرب شاملة على رجال المقاومة الوطنية العراقية من كل حدب وصوب. ومع كل ذلك تتحقق المعجزة وتنتصر المقاومة على الإمبراطورية الأعظم والأهم في تاريخ البشرية. إذن ما هو سر انتصار المقاومة العراقية وأي أنفاق ودهاليز ومخابئ يلجأ إليها رجال المقاومة بعد تنفيذ عملياتهم الجريئة ضد آليات العدو الأحدث وطائراته. وتكاد أقمارهم الصناعية وطائرات التجسس تمرر كل شبر من أرض العراق المكشوفة تحت المجهر لعلها تظفر بمقاوم شجاع. ولكن هيهات فالمقاومة أقوى وأذكى. وإذن كيف صمدت هذه المقاومة الفريدة من نوعها في وجه الإمبراطورة الأوحد؟ ثم كيف أوقعت الهزيمة الماحقة بالعدو الصهيوأمريكي وحلفائه الكثيرين؟
لا يمكن للمرْء إلا أن يتصور بأن هناك دولة عراقية قائمة تحت الأرض بالفعل، وقد يسرح به الخيال فيتوهم أن هناك مدنا قائمة تحت الأرض ومزودة بأحدث أساليب التمويه لتضليل أجهزة العدو وأقماره الصناعية التي يقرؤون عبرها كما يقال الجرائد في أيدي أصحابها في الحدائق العمومية. أي جرأة وأي شجاعة وأي عبقرية؟ تساؤلات كثيرة ومحيرة.
لقد استطاع المجاهد العراقي تدمير الدبابة الأمريكية التي صممت للصمود في وجه القنابل النووية.... فحولها إلى خردة تتطاير أشلاؤها في الأراضي المكشوفة والتقط لها الصور، وأصاب أقمارهم الصناعية وطائرات التجسس الرمد فلم تعد تبصر في الأراضي المكشوفة إلا من رحمة الله القادر على كل شيء.
إن الدولة الوطنية العراقية موجودة بقوة في كل مكان من أرض العراق، وهي نزلت تحت الأرض إذا كان يقصد بذلك السرية والعمل السري المنظم والذكي، وهي موجودة في الواقع فوق الأرض وفي بيوت العراقيين وأفئدتهم وعقولهم. ولنا مثال في غاية الجمال أخلاقيا وجهاديا، يتمثل فيما أقدمت عليه جبهة الجهاد والتحرير من إعطاء أرقام لبعض تشكيلاتها الجهادية. والملاحظ أن الجبهة حذرة جدا في التعامل مع الإعلام، فكثيرا ما تضحي بالإعلامي على ما فيه من تأثير وجدوى من أجل الحفاظ على سلامة المجاهدين العراقيين وتجنبا للاختراق، ومن أجل ذلك تتأخر عن الإعلان عن العملية أحيانا أو لا تذكر المكان. فلقد استفادت كثيرا من خبرة الجيش والأمن العراقيين الوطنيين في تشكيل شبكة جهادية في غاية الإحكام والسرية. كما استفادت من تجربة السياسيين العراقيين في الدولة الوطنية العراقية فتميز خطابها بالتروي والمرونة والاعتدال والتفهم. وكان من الممكن أن يظهر شيخ المجاهدين والقائد الأعلى لجبهة الجهاد والتحرير السيد عزة الدوري في أشرطة مصورة في لقطات أخاذة بزي عسكري وهو يتجول في الأنبار أو في في ذي قار مثلا ولكن المقاومة أكبر أخلاقيا وحضاريا من الاستعراضات الفجة وأكبر بكثير من اللقطات التي تتقنها هوليود ولذا يفضل شيخنا حفظه الله الرسائل الصوتية في المناسبات الهامة.
الأمر ليس هينا، ويتطلب الحذر والحسابات الدقيقة، والعدو جبان ومراوغ، وذكي ويعتمد على آخر ما توصل إليه العلم. إن الإيمان وروح التضحية لا يعني أبدا الاندفاع غير المحسوب العواقب، لأن حياة المجاهد أفضل بكثير من الشهادة المجانية أو غير المحسوبة العواقب. لقد أشبعت المقاومة الوطنية العراقية في معركتي الفلوجة المحتل تقتيلا، وأظهرت البطولات الخارقة ولكنها انتهت باستعمال العدو للأسلحة الكيميائية للتغطية على هزيمته. لقد انتصرنا بصمودنا ولكننا خسرنا أبطالا كانوا أقدر على تقديم الكثير في المنازلات اللاحقة. وهو ما تعلمته المقاومة في الموصل وفي ديالى وفي أماكن أخرى في وقت لاحق حينما بدأت تتجنب المواجهة المباشرة الطويلة، واعتمدت أسلوب " اضرب واهرب" الفعال جدا مع حشود العدو وآلياته. مما جعل تحشيد الجيوش والزج بها في المعركة غير مجد. لا بديل للواقعية الجهادية والعقلانية الجهادية. الواقعية الجهادية تقوم على استقراء معطيات الواقع وإمكاناته الغينية جدا وإعمال العبقرية للتأليف بين عناصره ومكوناته لاستغلالها في تحقيق النصر، فما تبدو نقاط ضعف من الممكن تحويلها بالذكاء والحنكة وسعة الخيال إلى نقاط قوة. يجب أن لا نستهين بأمور تبدو لنا في غاية التفاهة؛ فقد تكون جد هامة عندما نعرف كيف نوظفها في المكان والوقت المناسبين. العقلانية الجهادية هي خاصية من خصائص الفكر المتحرر من تراكمات عصر الانحطاط ومن الشعور بالحقارة والدناءة أمام الآخر القوي تكنولوجيا واقتصاديا. العقلانية الجهادية هي خاصية من خصائص الفكر المتطلع إلى المستقبل كما نريده نحن وليس كما يريده لنا غيرنا، والمستقبل مليء بالمبتكرات والمفاجاءات، ولا بد أن نفسح المجال للخيال لتوقع ما هو ممكن ومن ثمة إعداد العدة وتوفير الأسباب. وإذن فالواقعية والعقلانية الجهاديتان حالتان متلازمتان. وهما نقيض الواقعية السخيفة التي تنطلق من مسلمة أن لا جدوى من إعمال العبقرية واستغلال الواقع وعناصره والتأليف فيما بينها لتحقيق النصر. مارينز الثقافة والإعلام في الوطن العربي حالة مرضية تنطلق من مبدأ الواقعية السخيفة، وتعبر عن حالة من البلادة الفكرية وضيق الأفق وضحالة الخيال تلازمها حالة من الشعور بالهزيمة والحقارة والوضاعة أمام الآخر القوي تكنولوجيا واقتصاديا. ومن هنا فإن المقاومة العراقية برصيدها الجهادي والحضاري المتميزين قادرة على قطف ثمار النصر بالكامل من خلال التركيز على وحدة كل فصائلها في جبهة واحدة وتنظيم الصفوف وإعداد خطة سرية محكمة للتعامل مع اندحار الاحتلال وآثاره وإفرازاته وتحديات الجوار ومكائد الطامعين بواقعية وعقلانية جهاديتين.
ولا شك أن قيادة المقاومة قد عملت المستحيل لوحدة الصف وتقريب وجهات النظر، ويبدو أن معالم الدولة العراقية كما يريدها العراقيون بدأت تتضح، ومن بين ما يسر الصديق بيان للفعاليات الجهادية لجيش (480 جبهة الجهاد والتحرير) لشهر كانون الثاني 2009 الصادر في موقع البصرة بتاريخ الاربعاء 14 ربيع الاول 1430 / 11 آذار 2009 يقول: أنه تم إطلاق صاروخ من نوع أسنام على القاعدة الأمريكية البكارة بقضاء الحويجة بالاشتراك مع كتائب ثورة العشرين، وبلغة أخرى فإن وحدة جميع فصائل المقاومة الوطنية على أرض الواقع وفي الممارسة الجهادية اليومية أصبحت حقيقة أو أنها في طريقها إلى الاكتمال، ذلك لأن جيش 480 ينتمي إلى جبهة وكتائب ثورة العشرين تنتمي إلى جبهة أخرى.
لا فرق فالمقاومة عراقية والغاية القصوى هي تحرير العراق من الاحتلال وعملاء الاحتلال واسترجاع السيادة الوطنية كاملة غير منقوصة. ويلاحظ أيضا أن المقاومة العراقية في الجنوب حذرة جدا وتلتزم بقدر كبير جدا من السرية، فهي كانت دائما حاضرة باستمرار في البصرة المجاهدة، وتنفذ عملياتها باقتدار ضد قوات الاحتلال البريطاني، ولكن نسمع تقريبا أسبوعيا بأن القوات الغازية تعرضت لعملية إطلاق نار غير مباشرة، ويتساءل المرؤ: ومتى يقول العدو أنه تعرض لعملية إطلاق نار مباشرة؟ وشهد مطلع العام الحالي في العمارة والناصرية الإعلان عن تفجير عبوات في طريق آليات العدو وقصف عنيف لقواعده، ولكن الغريب أن لا أحد يتبنى العمليات أو على الأقل لا نسمع بأسماء الفصائل المنفذة لها. قليلة هي المناوشات بين العدو وفرق الموت والمليشيات التي أنشأها المحتل بالتواطؤ مع إيران الصفوية الطامعة، وقليلة هي المساومات، ولكن لطبيعة العمليات وتوزعها وأهدافها وحيثياتها دلالة قاطعة على أن يد المقاومة قوية في الجنوب ولكن أسلوبها مختلف بحكم التواجد المكثف لأجهزة الاحتلال الإيراني المدعوم أمريكيا والمسكوت عنه عربيا. إن العقلانية والواقعية الجهاديتين للمقاومة الوطنية تتطلبان نهجا مختلفا حسب متطلبات الواقع وحيثياته وتحديات المرحلة، وليس من طبيعتها الانبهار باستعراض العضلات فهي ليست بحاجة إليه، إنها سحلت القوة الوحيدة في العالم وأجبرتها على الشروع في الانسحاب صاغرة. إن المقاومة ليست متسرعة لأنها على ثقة بأن كل شيء يسير في صالحها، ولكنها في نفس الوقت تعلمت الكثير من خلال معاركها الطويلة مع التحالف العدواني الصهيوأمريكي البريطاني والإيراني وكل الذيول، وحريصة كل الحرص على سد كل الثغرات، فكل شيء ممكن، و الكعكة العراقية مغرية جدا.... فلعاب الضبع الصفوي يسيل طمعا لابتلاع نفط الجنوب كما ابتلع نفط العرب في الأحواز المغتصبة، وكل الدلائل تشير إلى أن هناك تفاهما أمريكيا إيرانيا على صفقة ما في العراق على حساب مستقبل العراق والعرب. ألم يصرح قادة النظام الإيراني أنهم على استعداد لملء الفراغ في العراق؟ يبدو أنهم بدأوا في ملء الفراغ من زمان، ويأتي مشروع المدرسة الإيرانية في النجف كترسيخ لهذا النهج الاستعماري الإيراني. إن الاستعمار الصفوي التوسعي لا يختلف عن الاستيطان الصهيوني لفلسطين كما تدل أفعاله القذرة في الأحواز العربية في حق شعبنا العربي الأحوازي. إن التحديات أكبر في الجنوب والفرات الأوسط لحساسية الموقف وشدة التغلغل الإيراني الصفوي، ولهذا تتطلب معالجة متأنية وبذكاء وحنكة، وتتطلب نهجا متميزا يصل إلى درجة تجنب نشر بيانات فصائل المقاومة الوطنية العراقية.... إلا أننا لاحظنا مؤخرا بيانات لفصائل المقاومة الوطنية العراقية عن عمليات لها في الفرات الأوسط والجنوب بعد أن كانت تفصح عن عملياتها فقط في بغداد ومحافظات مثل الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى. لقد حظي الفرات الأوسط في العام الماضي إن لم أكن مخطئا بجولة معلن عنها لشيخ المجاهدين والقائد العام لجبهة الجهاد والتحرير السيد عزة الدوري، حيثتواصل مع شيوخ العشائر والمناضلين الوطنيين مما يدل دلالة قاطعة على أن المقاومة بخير في الفرات الأوسط والجنوب. ويأتي تبني العمليات الجهادية في الجنوب للتأكيد على أنها ماضية في التوسع والتجذر في كل العراق، وليس كما يزعم الاحتلال وعملاء الاحتلال والجوقة الإعلامية التابعة، ومن هنا فإن الدولة الوطنية العراقية موجودة في صورة مقاومة ومجاهدين عراقيين وحاضنة شعبية، وكل ماعدا ذلك فهي مزاعم وادعاءات باطلة. وهكذا نجح أبطالنا في تقريب وجهات النظر بين فصائل المقاومة وجبهاتها ومن ثمة قطع أشواط في سبيل توحيدها في جبهة واسعة تقود الفعل الجهادي العقلاني والواقعي بالمعنى الجهادي نحو النصر المبين، وكان من نتائج ذلك توسع وتجذر المقاومة والروح المقاومة في مساحات جديدة على نحو ما هو جار في جنوب العراق والفرات الأوسط.
لقد انتصرت المقاومة الوطنية العراقية على الإمبراطورية الأوحد وعلى أتباع وعملاء كثيرين، وهذا الانتصار محفوف بالمخاطر والمؤامرات والتضليل السياسي والإعلامي، ولأن العصر عصر نفاق وكذب، والعميل لا ضمير له ولا ذمة، فإن أدوات الاحتلال وعصاباته فيما يسمى حكومة وبرلمانا عراقيين في المنطقة الخضراء أصبحوا يهذون، ويقولون كلاما منكرا لا يقبله العقل السليم، فهذا "محمد العسكري" ممثل ما تسمى حكومة في المنطقة الخضراء يزعم في إحدى الفضائيات على خلاف بيانات الاحتلال المزيفة أصلا بأن المقاومة الوطنية تقتل أمريكيا ويضيف مترددا" أو إثنين" في الشهر. ودعنا من ذكره أربعة آلاف قتيل أمريكي، في الوقت الذي يصرح فيه رئيس الإدارة الأمريكية الجديد " أوباما" بأن ما من قرية أو مدينة أمريكية وإلا وتسمى فيها شارع باسم أحد قتلى الأمريكان في العراق وأفغانستان. ولو أخدنا كلامه كما هو وفرضنا بأن كل قرية أو مدينة أمريكية فقدت جنديا واحدا، وأحصينا عددها فهل يوجد في أمريكا 4 آلاف قرية ومدينة فقط أم أن عددها يزيد عن ذلك بكثير؟ وإذا كانت كل قرية أمريكية فقدت جنديا، فكم فقدت مدينة نيويورك العملاقة؟ المالكي هو الآخر زعم بأن الأشكال التي أنشأها الاحتلال وسماها جيشا وشرطة قادرة على حفظ النظام بعد خروج الأمريكان....ربما قال ذلك وفي ذهنه الحرس الثوري الإيراني. والمعروف تاريخيا في الجزائر وفي فيتنام أن عدد ما يشكله المحتل من أدوات حتى ولو بلغ أضعافا مضاعفة لعدد المقاومين سريع التفكك والزوال يتلاشى بزوال الاحتلال وقواعد المحتل الحامية والداعمة لها. وإذا كان الأمر كذلك في تجارب الشعوب الأخرى فكيف يحدث غير ذلك في العراق حيث الدولة العراقية الوطنية وشعبها ورجالها الأوفياء بجيشها وأمنها واستخباراتها ومخابراتها موجودة بقوة في كل مكان من العراق وتعمل كالساعة في السرية؟ إن أكاذيب محمد العسكري وسيده المالكي وشطحات عمرو موسى في بغداد مفيدة للعراقيين وللمقاومة العراقية لأن نتيجة الغرور والمغرورين لا تحتاج إلى توضيح، فإذا كان المالكي يتوهم فعلا ما يزعم فهذا شيء جميل جدا ورائع لأنه سيسحله في نهاية الأمر إلى ساحة الفردوس أو في مدينة الثورة حيث يدفن بوابل من الأحذية، وفي حالة ما إذا كان محظوظا فسيسقط في يد المقاومة التي سوف تقدمه إلى القضاء العراقي الحقيقي وليس المزعوم وسوف ينال جزاءه على ما اقترفته يداه من جرائم وآثام في حق العراقيين. كيف للعسكري والمالكي أن يقنعا العراقيين الذين يشاهدون بأم أعينهم المدرعات الأمريكية تحترق؟ أنى لهما من خلال تقولهما على الفضائيات أن يقنعا العالم بأن أمريكا لم تنهزم في العراق، وأن كل ما رتبه الاحتلال إلى زوال؟ لقد غاب عن هؤلاء الملطخة أيديهم بدماء العراقيين الأبرياء بأن البعث حزبا قوميا وليس حزبا قطريا ضيق الأفق والإستراتيجية، وأن ما يميزه أنه حزب وحركة قومية عربية وأن أعضاءه ليسوا تابعين لهذا النظام أو ذاك مهما كانت الادعاءات والأكاذيب كما أثبتت الأيام، فاحتلال العراق لم يضعف الحزب وإنما كان بلاء عظيما واختبارا قاسيا ومؤلما مر به مناضلو الحزب ولم يتزحزحوا عن المبادئ والقيم التي يؤمنون بها. لقد تجلت قوة البعثي وثباته في الشدائد وقدرته الخارقة على الصمود، وانتصر على كل المؤامرات والحيل الاستخباراتية والإعلامية وضروب الاستدراج والتوريط ومحاولة النيل من وحدته فسقطت لعبة الأجنحة المزعومة. لقد طاردت أجهزة العالم المتقدم والمتأخر والذيول البعث داخل وخارج العراق، ولكنها فشلت ويريد المالكي وأشباهه بأمر أمريكي أن ينال من البعث والبعثيين من خلال إظهار بؤساء مأجورين لا علاقة لهم بالحزب على قناة الشرقية أو في غير ها وادعائهم بأنهم يمثلون البعث، وما أدراك ما البعث؟ إن البعث مؤسسة قومية قائمة على أسس تنظيمية وعقائدية متماسكة وعقلانية، ومساحته الأرض العربية الشاسعة من المحيط الأطلسي غربا إلى الحدود الشرقية للأحواز العربية المغتصبة، ومن شمال الوطن العربي إلى أدغال إفريقيا في السودان والصومال، لا يمكن اجتثاثه... لا من العراق العربي ولا من أي مكان من وطننا العربي. أحب من أحب وكره من كره. ثم أنه لا يمكن شقه،، حتى وإن تساقطت ثلة من المنتفعين الذين نبذهم إخواننا في البعث أو تساقطوا في الطريق لأنهم انخرطوا لجني الثمار وليس لتقديم التضحيات. المنافقون في كل زمان ومكان، ولن يغيروا في الأمر شيئا. ولا يمكن أن يؤثروا في حزب وحركة شعبية عملاقة مثل البعث. إن الحملة الدبلوماسية والإعلامية المفضوحة في الإعلام العربي والتي تديرها جهات استخباراتية صهيوأمريكية وإيرانية ضد البعث، رمز الصمود والوحدة والتماسك، فاشلة منذ البداية. وذهاب عمرو موسى إلى بغداد وملاقاة أدوات الاحتلال في المنطقة الخضراء هو جزء من هذه اللعبة الساقطة، ورغم المساحة الضيقة المتاحة إعلاميا للبعث والمقاومة الوطنية فإن الرد كان مفحما وبليغا، ونزل كالصاعقة على عملاء الاحتلال، وألقمهم قذائف لا تخطيء الهدف كتلك التي ألقتها الطير الأبابيل على إبرهة الحبشي وجيشه الجرار في مكة المكرمة.
ومن عجائب وغرائب هذا الزمان أن يطالب عملاء العدو الصهيوأمريكي المهزوم أخلاقيا وعسكريا واقتصاديا من المنتصر، أي أبطال البعث والمقاومة الوطنية العراقية بكل مشاربها وفصائلها التوبة لأنهم قاموا بواجبهم الديني والوطني والقومي والإنساني على أحسن ما يرام. والسؤال من يطالب الآخر بالتوبة؟ هل العميل الذي جاء على دبابات الاحتلال وخلفها واستباح دماء وأعراض العراقيين وأرزاقهم أم المنتصر الذي هزم أقوى إمبراطورية في تاريخ البشرية؟ من يطالب الآخر؟؟؟؟ هل الدولة العراقية القوية التي تعيش تحت الأرض في السرية التامة، وتتجذر وتزداد اتساعا وتوغلا في القرى والمدن والمحلات وتكنس مخلفات الاحتلال والكيد الصفوي الحاقد بواقعية وعقلانية جهاديتين متميزتين أم أيتام بريمر وبوش الذين بقي لهم كما يقول المثل في الجزائر " الماء يحمى"؟ (الماء يسخن... يقصد النهاية الوشيكة). لقد شاهدنا في الاتجاه المعاكس على قناة الجزيرة أستاذنا وسفير الثورة العراقية السيد صلاح المختار يتكلم باسم الدولة العراقية، بثقة وعفوية ومنطق المنتصر بينما كان الآخر مرتبكا مهلهل الفكر والمزاج ويردد مقاطع من قصاصات الدعاية الغربية الصهونية الصفوية المستهلكة؟
أمعقول أن تعفو أدوات الاحتلال المهزوم على المنتصر؟
إن القول الفصل في نهاية الأمر للمقاومة الوطنية العراقية الموحدة، وللعقلانية والواقعية الجهاديتين، وسواء عربد عمرو موسى في العراق أو انتقل الرئيس التركي عبد الله جول إلى بغداد أو أرسل بعض العرب دبلوماسييهم إلى المنطقة الخضراء، فإنها الجولة الأخيرة.... ذلك أن جلجامش ورفيقه انكيدو كسرا قرني الثور السماوي القادم من أمريكا وأشبعاه ذبحا وسلخاه، وسوف يعرضانه على أسوار "أور" أو بغداد...لا فرق. إنها ساعة الحسم.... وإنها ساعة وحدة كل قوى المقاومة في جبهة واسعة وعريضة تضم كل المجاهدين العراقيين... وإنها ساعة الوحدة الشعبية الشاملة، والانتفاضة الكبرى التي تطهر عراق الحضارة والشهامة والعزة والكرامة من الاحتلال وعفشه وخردته. إن الوحدة هي قدر إخواننا المجاهدين في كل الفصائل، وقدر العراقيين...كل العراقيين. إن العقلانية والواقعية الجهاديتين تقتضيان وحدة الجميع اليوم قبل الغد. وإن من يتفحص أدبيات وبرامج وبيانات فصائل المقاومة الوطنية العراقية يجدها متشابهة باستثناء الديباجات وأمور بسيطة... لأن الأساس هو استعادة العراق لأهله ولأطفاله بسيادته وثرواته، أما الأمور الأخرى فهي ثانوية بالنسبة للغايات الكبرى.
بقي لنا تنبيه الذين انخرطوا في تشكيلات ما يسمى شرطة وحرسا وجيشا عراقيين من غير الذين تقاطروا من إيران وأماكن أخرى أنه حان الوقت لقول كلمتهم فالمقاومة الوطنية قريبة منهم وعيونها في كل مكان وتميز فيما بين العراقي الفحل والخائن الذي تتحكم فيه أمريكا وجيش القدس الإيراني. إن البعض ينخدع بالبهرجة وبالهالة الإعلامية، ومظاهر القوة من دبابات وطائرات.. فيتصور أن قدرته على حظر التجول ليوم أو يومين في مدينة بغداد أو البصرة وبغطاء جوي أمريكي وحراسة أمريكية مشددة يدل على أنه قادر على السيطرة على الوضع في العراق لمدة أطول. سوف نذكرهم، والذكرى تنفع المؤمنين، أن الاستعمار الفرنسي في الجزائر كان يدعي فيما بين عامي 1959 و 1960أنه قضى على الثورة الجزائرية بعد شنه حملات التقتيل والتمشيط الشبيهة بحملات الاحتلال على المحافظات العراقية، لكن ما إن حل عام 1961 حتى زادت الثورة اشتعالا وتجذرا في الجزائر. إن التاريخ يعيد نفسه ففي هذه الأيام أخذت المقاومة تتأجج وتشتد والعمليات تزداد في محافظة الأنبار مثلا على نحو غير مسبوق... هناك عمليات نوعية في القائم وفي هيت والفلوجة. وهناك حيوية في الجنوب سواء في البصرة أو كربلاء والعمارة... وهناك صمود ذكي للمقاومة في الموصل وديالى وتكريت وكركوك. كل المؤشرات تبشر بالانتفاضة العارمة التي تعيد العراق إلى العراقيين. إن هذه الحقيقة لن تغيبها تقولات عناصر ما سماها الاحتلال الصهيوأمريكي حكومة و لا مجيء ألف رئيس دولة ورئيس إلى المنطقة الخضراء، ما بني على باطل سريع الزوال، ولن يعمر طويلا. إننا ننبه أن السيول سوف تجرف كل ما صنعه الاحتلال طوال أكثر من 6 سنوات، و"ما يبقى في الوادي غير حجارو (حجارته)" كما يقول المثل الجزائري.
لا أقول لهؤلاء المغرر بهم سلموا أسلحتكم إلى المحتل وعملاءه وعودوا إلى بيوتكم. ليس هذا هو المطلوب. المقاومة الوطنية العراقية هي وحدها القادرة على تحديد طريقة العودة إلى الشعب والأمة بناء على حيثيات الواقع الميداني ومقتضياته وتكتيكاته، وعلى الاستراتيجة المتوسطة والبعيدة المدى. إن بقاء هؤلاء في تشكيلات الاحتلال مضر بمستقبلهم ومستقبل أبنائهم، وعلى كل عراقي أن يعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه وإعادته إلى الصف الوطني قبل فوات الأوان لأن الزمن لا يعود إلى الوراء. إلى متى يشاركون في شن الحملات على المدن العراقية واعتقال ما يمكن اعتقاله من الأبرياء؟ ما من يوم يمر إلا ونسمع بمعتقلين كثيرين من الشمال إلى الجنوب.... حتى ليظن المرء أن كل العراقيين انتهى بهم الحال إلى القبر أو المعتقلات. فمن يشن حملات الدهم والاعتقال؟ هناك أمريكان... وهناك إيرانيون ومرتزقة وغيرهم، ولكن هناك عراقيون مغرر بهم أيضا. وهل لهؤلاء وطن غير العراق؟ إن لجماعة إيران وأدواتها بيوتهم وأرزاقهم في إيران وفي أماكن أخرى؟ الوقت ضيق، ولا بد من اتخاذ القرار الوطني الصائب قبل نهاية كابوس الاحتلال.
وختاما فإن الدولة العراقية....دولة المقاومة الوطنية العراقية في طريقها إلى النصر النهائي المبين، وكل عيون العرب والمسلمين معلقة على وحدة الصف المقاوم والمناصر في جبهة واسعة وعريضة تليق بعراق الحضارات والرسالات، والماضي المجيد والمستقبل المزدهر. وعاشت المقاومة الوطنية العراقية الممثل الشرعي الوحيد للشعب العراقي الواحد الموحد.
المواطن العربي: محمد زيدان
ولكن أين؟ الدولة عراقية قائمة بذاتها تحت الأرض
http://alrafdean.org/modules/FCKEditor/Upload/Image/ge002.gif
محمد زيدان
لقد أشار بعض كتاب المقاومة العراقية إلى أن الدولة العراقية نزلت بعد الغزو تحت الأرض بما تحمله الكلمات من دلالات ومعاني. فهل كانوا يقصدون بذلك المعنى المجازي أو أن دولة العراق الوطنية اختفت بالفعل تحت الأرض؟ لطالما سمعنا في الشارع عن حكايات شعبية أو حتى عن أشخاص حقيقيين غامضين يدعون بأن الجن اختطفهم وأخذهم إلى مدن عامرة تحت الأرض. وقد ادعى قبل ذلك الاحتلال الصهيوأمريكي وجوقته الإعلامية بأن الدولة الوطنية العراقية قد أنشأت أنفاقا تحت الأرض في بغداد وربما في مدن أخرى لتختبئ العناصر القيادية فيها تجنبا لملاحقة الأمريكان وعملائهم. وظهر فيما بعد أن الملجأ الوحيد للرئيس العراقي الشهيد صدام حسين وعائلته وكل القياديين في الدولة الوطنية كانت بيوت العراقيين. إلا أن ما يدعو للعجب هو أن العراق يخلو من الأراضي الجبلية الوعرة باستثناء السليمانية وأربيل ودهوك حيث يصول ويجول عملاء الأجنبي التقليديين ويسيطرون على الساحة، ونقصد بذلك العميلين المعروفين: الطالباني والبرزاني، وخردتهما من البشمرقة والأسايش، ومع ذلك تندلع مقاومة وطنية عراقية شديدة وتدمر أحلام الإمبراطورية الأوحد في السيطرة على منابع النفط والعالم. إنها ليست فيتنام حيث الغابات والجبال والأدغال والمستنقعات، ولا الجزائر، ولكنه العراق بأرضه المنبسطة. ثم أننا أمام الإمبراطورية الأغنى والأقوى في تاريخ البشرية كله والأشد بأسا، والأكثر تسلحا، بل أن العالم كله مع بعض الاستثناءات تحالف معها وتورط. إنها المقاومة الوحيدة في العالم التي تعاني الحصار وتطارد رجالها كل أجهزة العالم السرية. إنها المقاومة الوحيدة في العالم التي تفتقد لكل سند إعلامي ومادي وسياسي من دول الجوار ومن غير دول الجوار. ولو تركوها وشأنها تقاوم بطريقتها لكانوا مشكورين على ذلك ولكنهم تآمروا عليها ودربوا المليشيات العميلة وفرق الموت وسربوا مرتزقتهم وزيفوا أخبارها....وحتى الجامعة العربية كانت من أوائل المهرولين لدعم الاحتلال وعملاء الاحتلال في العراق الجريح.
أرض منبسطة مكشوفة وأعداء وعملاء كثيرون وحرب شاملة على رجال المقاومة الوطنية العراقية من كل حدب وصوب. ومع كل ذلك تتحقق المعجزة وتنتصر المقاومة على الإمبراطورية الأعظم والأهم في تاريخ البشرية. إذن ما هو سر انتصار المقاومة العراقية وأي أنفاق ودهاليز ومخابئ يلجأ إليها رجال المقاومة بعد تنفيذ عملياتهم الجريئة ضد آليات العدو الأحدث وطائراته. وتكاد أقمارهم الصناعية وطائرات التجسس تمرر كل شبر من أرض العراق المكشوفة تحت المجهر لعلها تظفر بمقاوم شجاع. ولكن هيهات فالمقاومة أقوى وأذكى. وإذن كيف صمدت هذه المقاومة الفريدة من نوعها في وجه الإمبراطورة الأوحد؟ ثم كيف أوقعت الهزيمة الماحقة بالعدو الصهيوأمريكي وحلفائه الكثيرين؟
لا يمكن للمرْء إلا أن يتصور بأن هناك دولة عراقية قائمة تحت الأرض بالفعل، وقد يسرح به الخيال فيتوهم أن هناك مدنا قائمة تحت الأرض ومزودة بأحدث أساليب التمويه لتضليل أجهزة العدو وأقماره الصناعية التي يقرؤون عبرها كما يقال الجرائد في أيدي أصحابها في الحدائق العمومية. أي جرأة وأي شجاعة وأي عبقرية؟ تساؤلات كثيرة ومحيرة.
لقد استطاع المجاهد العراقي تدمير الدبابة الأمريكية التي صممت للصمود في وجه القنابل النووية.... فحولها إلى خردة تتطاير أشلاؤها في الأراضي المكشوفة والتقط لها الصور، وأصاب أقمارهم الصناعية وطائرات التجسس الرمد فلم تعد تبصر في الأراضي المكشوفة إلا من رحمة الله القادر على كل شيء.
إن الدولة الوطنية العراقية موجودة بقوة في كل مكان من أرض العراق، وهي نزلت تحت الأرض إذا كان يقصد بذلك السرية والعمل السري المنظم والذكي، وهي موجودة في الواقع فوق الأرض وفي بيوت العراقيين وأفئدتهم وعقولهم. ولنا مثال في غاية الجمال أخلاقيا وجهاديا، يتمثل فيما أقدمت عليه جبهة الجهاد والتحرير من إعطاء أرقام لبعض تشكيلاتها الجهادية. والملاحظ أن الجبهة حذرة جدا في التعامل مع الإعلام، فكثيرا ما تضحي بالإعلامي على ما فيه من تأثير وجدوى من أجل الحفاظ على سلامة المجاهدين العراقيين وتجنبا للاختراق، ومن أجل ذلك تتأخر عن الإعلان عن العملية أحيانا أو لا تذكر المكان. فلقد استفادت كثيرا من خبرة الجيش والأمن العراقيين الوطنيين في تشكيل شبكة جهادية في غاية الإحكام والسرية. كما استفادت من تجربة السياسيين العراقيين في الدولة الوطنية العراقية فتميز خطابها بالتروي والمرونة والاعتدال والتفهم. وكان من الممكن أن يظهر شيخ المجاهدين والقائد الأعلى لجبهة الجهاد والتحرير السيد عزة الدوري في أشرطة مصورة في لقطات أخاذة بزي عسكري وهو يتجول في الأنبار أو في في ذي قار مثلا ولكن المقاومة أكبر أخلاقيا وحضاريا من الاستعراضات الفجة وأكبر بكثير من اللقطات التي تتقنها هوليود ولذا يفضل شيخنا حفظه الله الرسائل الصوتية في المناسبات الهامة.
الأمر ليس هينا، ويتطلب الحذر والحسابات الدقيقة، والعدو جبان ومراوغ، وذكي ويعتمد على آخر ما توصل إليه العلم. إن الإيمان وروح التضحية لا يعني أبدا الاندفاع غير المحسوب العواقب، لأن حياة المجاهد أفضل بكثير من الشهادة المجانية أو غير المحسوبة العواقب. لقد أشبعت المقاومة الوطنية العراقية في معركتي الفلوجة المحتل تقتيلا، وأظهرت البطولات الخارقة ولكنها انتهت باستعمال العدو للأسلحة الكيميائية للتغطية على هزيمته. لقد انتصرنا بصمودنا ولكننا خسرنا أبطالا كانوا أقدر على تقديم الكثير في المنازلات اللاحقة. وهو ما تعلمته المقاومة في الموصل وفي ديالى وفي أماكن أخرى في وقت لاحق حينما بدأت تتجنب المواجهة المباشرة الطويلة، واعتمدت أسلوب " اضرب واهرب" الفعال جدا مع حشود العدو وآلياته. مما جعل تحشيد الجيوش والزج بها في المعركة غير مجد. لا بديل للواقعية الجهادية والعقلانية الجهادية. الواقعية الجهادية تقوم على استقراء معطيات الواقع وإمكاناته الغينية جدا وإعمال العبقرية للتأليف بين عناصره ومكوناته لاستغلالها في تحقيق النصر، فما تبدو نقاط ضعف من الممكن تحويلها بالذكاء والحنكة وسعة الخيال إلى نقاط قوة. يجب أن لا نستهين بأمور تبدو لنا في غاية التفاهة؛ فقد تكون جد هامة عندما نعرف كيف نوظفها في المكان والوقت المناسبين. العقلانية الجهادية هي خاصية من خصائص الفكر المتحرر من تراكمات عصر الانحطاط ومن الشعور بالحقارة والدناءة أمام الآخر القوي تكنولوجيا واقتصاديا. العقلانية الجهادية هي خاصية من خصائص الفكر المتطلع إلى المستقبل كما نريده نحن وليس كما يريده لنا غيرنا، والمستقبل مليء بالمبتكرات والمفاجاءات، ولا بد أن نفسح المجال للخيال لتوقع ما هو ممكن ومن ثمة إعداد العدة وتوفير الأسباب. وإذن فالواقعية والعقلانية الجهاديتان حالتان متلازمتان. وهما نقيض الواقعية السخيفة التي تنطلق من مسلمة أن لا جدوى من إعمال العبقرية واستغلال الواقع وعناصره والتأليف فيما بينها لتحقيق النصر. مارينز الثقافة والإعلام في الوطن العربي حالة مرضية تنطلق من مبدأ الواقعية السخيفة، وتعبر عن حالة من البلادة الفكرية وضيق الأفق وضحالة الخيال تلازمها حالة من الشعور بالهزيمة والحقارة والوضاعة أمام الآخر القوي تكنولوجيا واقتصاديا. ومن هنا فإن المقاومة العراقية برصيدها الجهادي والحضاري المتميزين قادرة على قطف ثمار النصر بالكامل من خلال التركيز على وحدة كل فصائلها في جبهة واحدة وتنظيم الصفوف وإعداد خطة سرية محكمة للتعامل مع اندحار الاحتلال وآثاره وإفرازاته وتحديات الجوار ومكائد الطامعين بواقعية وعقلانية جهاديتين.
ولا شك أن قيادة المقاومة قد عملت المستحيل لوحدة الصف وتقريب وجهات النظر، ويبدو أن معالم الدولة العراقية كما يريدها العراقيون بدأت تتضح، ومن بين ما يسر الصديق بيان للفعاليات الجهادية لجيش (480 جبهة الجهاد والتحرير) لشهر كانون الثاني 2009 الصادر في موقع البصرة بتاريخ الاربعاء 14 ربيع الاول 1430 / 11 آذار 2009 يقول: أنه تم إطلاق صاروخ من نوع أسنام على القاعدة الأمريكية البكارة بقضاء الحويجة بالاشتراك مع كتائب ثورة العشرين، وبلغة أخرى فإن وحدة جميع فصائل المقاومة الوطنية على أرض الواقع وفي الممارسة الجهادية اليومية أصبحت حقيقة أو أنها في طريقها إلى الاكتمال، ذلك لأن جيش 480 ينتمي إلى جبهة وكتائب ثورة العشرين تنتمي إلى جبهة أخرى.
لا فرق فالمقاومة عراقية والغاية القصوى هي تحرير العراق من الاحتلال وعملاء الاحتلال واسترجاع السيادة الوطنية كاملة غير منقوصة. ويلاحظ أيضا أن المقاومة العراقية في الجنوب حذرة جدا وتلتزم بقدر كبير جدا من السرية، فهي كانت دائما حاضرة باستمرار في البصرة المجاهدة، وتنفذ عملياتها باقتدار ضد قوات الاحتلال البريطاني، ولكن نسمع تقريبا أسبوعيا بأن القوات الغازية تعرضت لعملية إطلاق نار غير مباشرة، ويتساءل المرؤ: ومتى يقول العدو أنه تعرض لعملية إطلاق نار مباشرة؟ وشهد مطلع العام الحالي في العمارة والناصرية الإعلان عن تفجير عبوات في طريق آليات العدو وقصف عنيف لقواعده، ولكن الغريب أن لا أحد يتبنى العمليات أو على الأقل لا نسمع بأسماء الفصائل المنفذة لها. قليلة هي المناوشات بين العدو وفرق الموت والمليشيات التي أنشأها المحتل بالتواطؤ مع إيران الصفوية الطامعة، وقليلة هي المساومات، ولكن لطبيعة العمليات وتوزعها وأهدافها وحيثياتها دلالة قاطعة على أن يد المقاومة قوية في الجنوب ولكن أسلوبها مختلف بحكم التواجد المكثف لأجهزة الاحتلال الإيراني المدعوم أمريكيا والمسكوت عنه عربيا. إن العقلانية والواقعية الجهاديتين للمقاومة الوطنية تتطلبان نهجا مختلفا حسب متطلبات الواقع وحيثياته وتحديات المرحلة، وليس من طبيعتها الانبهار باستعراض العضلات فهي ليست بحاجة إليه، إنها سحلت القوة الوحيدة في العالم وأجبرتها على الشروع في الانسحاب صاغرة. إن المقاومة ليست متسرعة لأنها على ثقة بأن كل شيء يسير في صالحها، ولكنها في نفس الوقت تعلمت الكثير من خلال معاركها الطويلة مع التحالف العدواني الصهيوأمريكي البريطاني والإيراني وكل الذيول، وحريصة كل الحرص على سد كل الثغرات، فكل شيء ممكن، و الكعكة العراقية مغرية جدا.... فلعاب الضبع الصفوي يسيل طمعا لابتلاع نفط الجنوب كما ابتلع نفط العرب في الأحواز المغتصبة، وكل الدلائل تشير إلى أن هناك تفاهما أمريكيا إيرانيا على صفقة ما في العراق على حساب مستقبل العراق والعرب. ألم يصرح قادة النظام الإيراني أنهم على استعداد لملء الفراغ في العراق؟ يبدو أنهم بدأوا في ملء الفراغ من زمان، ويأتي مشروع المدرسة الإيرانية في النجف كترسيخ لهذا النهج الاستعماري الإيراني. إن الاستعمار الصفوي التوسعي لا يختلف عن الاستيطان الصهيوني لفلسطين كما تدل أفعاله القذرة في الأحواز العربية في حق شعبنا العربي الأحوازي. إن التحديات أكبر في الجنوب والفرات الأوسط لحساسية الموقف وشدة التغلغل الإيراني الصفوي، ولهذا تتطلب معالجة متأنية وبذكاء وحنكة، وتتطلب نهجا متميزا يصل إلى درجة تجنب نشر بيانات فصائل المقاومة الوطنية العراقية.... إلا أننا لاحظنا مؤخرا بيانات لفصائل المقاومة الوطنية العراقية عن عمليات لها في الفرات الأوسط والجنوب بعد أن كانت تفصح عن عملياتها فقط في بغداد ومحافظات مثل الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى. لقد حظي الفرات الأوسط في العام الماضي إن لم أكن مخطئا بجولة معلن عنها لشيخ المجاهدين والقائد العام لجبهة الجهاد والتحرير السيد عزة الدوري، حيثتواصل مع شيوخ العشائر والمناضلين الوطنيين مما يدل دلالة قاطعة على أن المقاومة بخير في الفرات الأوسط والجنوب. ويأتي تبني العمليات الجهادية في الجنوب للتأكيد على أنها ماضية في التوسع والتجذر في كل العراق، وليس كما يزعم الاحتلال وعملاء الاحتلال والجوقة الإعلامية التابعة، ومن هنا فإن الدولة الوطنية العراقية موجودة في صورة مقاومة ومجاهدين عراقيين وحاضنة شعبية، وكل ماعدا ذلك فهي مزاعم وادعاءات باطلة. وهكذا نجح أبطالنا في تقريب وجهات النظر بين فصائل المقاومة وجبهاتها ومن ثمة قطع أشواط في سبيل توحيدها في جبهة واسعة تقود الفعل الجهادي العقلاني والواقعي بالمعنى الجهادي نحو النصر المبين، وكان من نتائج ذلك توسع وتجذر المقاومة والروح المقاومة في مساحات جديدة على نحو ما هو جار في جنوب العراق والفرات الأوسط.
لقد انتصرت المقاومة الوطنية العراقية على الإمبراطورية الأوحد وعلى أتباع وعملاء كثيرين، وهذا الانتصار محفوف بالمخاطر والمؤامرات والتضليل السياسي والإعلامي، ولأن العصر عصر نفاق وكذب، والعميل لا ضمير له ولا ذمة، فإن أدوات الاحتلال وعصاباته فيما يسمى حكومة وبرلمانا عراقيين في المنطقة الخضراء أصبحوا يهذون، ويقولون كلاما منكرا لا يقبله العقل السليم، فهذا "محمد العسكري" ممثل ما تسمى حكومة في المنطقة الخضراء يزعم في إحدى الفضائيات على خلاف بيانات الاحتلال المزيفة أصلا بأن المقاومة الوطنية تقتل أمريكيا ويضيف مترددا" أو إثنين" في الشهر. ودعنا من ذكره أربعة آلاف قتيل أمريكي، في الوقت الذي يصرح فيه رئيس الإدارة الأمريكية الجديد " أوباما" بأن ما من قرية أو مدينة أمريكية وإلا وتسمى فيها شارع باسم أحد قتلى الأمريكان في العراق وأفغانستان. ولو أخدنا كلامه كما هو وفرضنا بأن كل قرية أو مدينة أمريكية فقدت جنديا واحدا، وأحصينا عددها فهل يوجد في أمريكا 4 آلاف قرية ومدينة فقط أم أن عددها يزيد عن ذلك بكثير؟ وإذا كانت كل قرية أمريكية فقدت جنديا، فكم فقدت مدينة نيويورك العملاقة؟ المالكي هو الآخر زعم بأن الأشكال التي أنشأها الاحتلال وسماها جيشا وشرطة قادرة على حفظ النظام بعد خروج الأمريكان....ربما قال ذلك وفي ذهنه الحرس الثوري الإيراني. والمعروف تاريخيا في الجزائر وفي فيتنام أن عدد ما يشكله المحتل من أدوات حتى ولو بلغ أضعافا مضاعفة لعدد المقاومين سريع التفكك والزوال يتلاشى بزوال الاحتلال وقواعد المحتل الحامية والداعمة لها. وإذا كان الأمر كذلك في تجارب الشعوب الأخرى فكيف يحدث غير ذلك في العراق حيث الدولة العراقية الوطنية وشعبها ورجالها الأوفياء بجيشها وأمنها واستخباراتها ومخابراتها موجودة بقوة في كل مكان من العراق وتعمل كالساعة في السرية؟ إن أكاذيب محمد العسكري وسيده المالكي وشطحات عمرو موسى في بغداد مفيدة للعراقيين وللمقاومة العراقية لأن نتيجة الغرور والمغرورين لا تحتاج إلى توضيح، فإذا كان المالكي يتوهم فعلا ما يزعم فهذا شيء جميل جدا ورائع لأنه سيسحله في نهاية الأمر إلى ساحة الفردوس أو في مدينة الثورة حيث يدفن بوابل من الأحذية، وفي حالة ما إذا كان محظوظا فسيسقط في يد المقاومة التي سوف تقدمه إلى القضاء العراقي الحقيقي وليس المزعوم وسوف ينال جزاءه على ما اقترفته يداه من جرائم وآثام في حق العراقيين. كيف للعسكري والمالكي أن يقنعا العراقيين الذين يشاهدون بأم أعينهم المدرعات الأمريكية تحترق؟ أنى لهما من خلال تقولهما على الفضائيات أن يقنعا العالم بأن أمريكا لم تنهزم في العراق، وأن كل ما رتبه الاحتلال إلى زوال؟ لقد غاب عن هؤلاء الملطخة أيديهم بدماء العراقيين الأبرياء بأن البعث حزبا قوميا وليس حزبا قطريا ضيق الأفق والإستراتيجية، وأن ما يميزه أنه حزب وحركة قومية عربية وأن أعضاءه ليسوا تابعين لهذا النظام أو ذاك مهما كانت الادعاءات والأكاذيب كما أثبتت الأيام، فاحتلال العراق لم يضعف الحزب وإنما كان بلاء عظيما واختبارا قاسيا ومؤلما مر به مناضلو الحزب ولم يتزحزحوا عن المبادئ والقيم التي يؤمنون بها. لقد تجلت قوة البعثي وثباته في الشدائد وقدرته الخارقة على الصمود، وانتصر على كل المؤامرات والحيل الاستخباراتية والإعلامية وضروب الاستدراج والتوريط ومحاولة النيل من وحدته فسقطت لعبة الأجنحة المزعومة. لقد طاردت أجهزة العالم المتقدم والمتأخر والذيول البعث داخل وخارج العراق، ولكنها فشلت ويريد المالكي وأشباهه بأمر أمريكي أن ينال من البعث والبعثيين من خلال إظهار بؤساء مأجورين لا علاقة لهم بالحزب على قناة الشرقية أو في غير ها وادعائهم بأنهم يمثلون البعث، وما أدراك ما البعث؟ إن البعث مؤسسة قومية قائمة على أسس تنظيمية وعقائدية متماسكة وعقلانية، ومساحته الأرض العربية الشاسعة من المحيط الأطلسي غربا إلى الحدود الشرقية للأحواز العربية المغتصبة، ومن شمال الوطن العربي إلى أدغال إفريقيا في السودان والصومال، لا يمكن اجتثاثه... لا من العراق العربي ولا من أي مكان من وطننا العربي. أحب من أحب وكره من كره. ثم أنه لا يمكن شقه،، حتى وإن تساقطت ثلة من المنتفعين الذين نبذهم إخواننا في البعث أو تساقطوا في الطريق لأنهم انخرطوا لجني الثمار وليس لتقديم التضحيات. المنافقون في كل زمان ومكان، ولن يغيروا في الأمر شيئا. ولا يمكن أن يؤثروا في حزب وحركة شعبية عملاقة مثل البعث. إن الحملة الدبلوماسية والإعلامية المفضوحة في الإعلام العربي والتي تديرها جهات استخباراتية صهيوأمريكية وإيرانية ضد البعث، رمز الصمود والوحدة والتماسك، فاشلة منذ البداية. وذهاب عمرو موسى إلى بغداد وملاقاة أدوات الاحتلال في المنطقة الخضراء هو جزء من هذه اللعبة الساقطة، ورغم المساحة الضيقة المتاحة إعلاميا للبعث والمقاومة الوطنية فإن الرد كان مفحما وبليغا، ونزل كالصاعقة على عملاء الاحتلال، وألقمهم قذائف لا تخطيء الهدف كتلك التي ألقتها الطير الأبابيل على إبرهة الحبشي وجيشه الجرار في مكة المكرمة.
ومن عجائب وغرائب هذا الزمان أن يطالب عملاء العدو الصهيوأمريكي المهزوم أخلاقيا وعسكريا واقتصاديا من المنتصر، أي أبطال البعث والمقاومة الوطنية العراقية بكل مشاربها وفصائلها التوبة لأنهم قاموا بواجبهم الديني والوطني والقومي والإنساني على أحسن ما يرام. والسؤال من يطالب الآخر بالتوبة؟ هل العميل الذي جاء على دبابات الاحتلال وخلفها واستباح دماء وأعراض العراقيين وأرزاقهم أم المنتصر الذي هزم أقوى إمبراطورية في تاريخ البشرية؟ من يطالب الآخر؟؟؟؟ هل الدولة العراقية القوية التي تعيش تحت الأرض في السرية التامة، وتتجذر وتزداد اتساعا وتوغلا في القرى والمدن والمحلات وتكنس مخلفات الاحتلال والكيد الصفوي الحاقد بواقعية وعقلانية جهاديتين متميزتين أم أيتام بريمر وبوش الذين بقي لهم كما يقول المثل في الجزائر " الماء يحمى"؟ (الماء يسخن... يقصد النهاية الوشيكة). لقد شاهدنا في الاتجاه المعاكس على قناة الجزيرة أستاذنا وسفير الثورة العراقية السيد صلاح المختار يتكلم باسم الدولة العراقية، بثقة وعفوية ومنطق المنتصر بينما كان الآخر مرتبكا مهلهل الفكر والمزاج ويردد مقاطع من قصاصات الدعاية الغربية الصهونية الصفوية المستهلكة؟
أمعقول أن تعفو أدوات الاحتلال المهزوم على المنتصر؟
إن القول الفصل في نهاية الأمر للمقاومة الوطنية العراقية الموحدة، وللعقلانية والواقعية الجهاديتين، وسواء عربد عمرو موسى في العراق أو انتقل الرئيس التركي عبد الله جول إلى بغداد أو أرسل بعض العرب دبلوماسييهم إلى المنطقة الخضراء، فإنها الجولة الأخيرة.... ذلك أن جلجامش ورفيقه انكيدو كسرا قرني الثور السماوي القادم من أمريكا وأشبعاه ذبحا وسلخاه، وسوف يعرضانه على أسوار "أور" أو بغداد...لا فرق. إنها ساعة الحسم.... وإنها ساعة وحدة كل قوى المقاومة في جبهة واسعة وعريضة تضم كل المجاهدين العراقيين... وإنها ساعة الوحدة الشعبية الشاملة، والانتفاضة الكبرى التي تطهر عراق الحضارة والشهامة والعزة والكرامة من الاحتلال وعفشه وخردته. إن الوحدة هي قدر إخواننا المجاهدين في كل الفصائل، وقدر العراقيين...كل العراقيين. إن العقلانية والواقعية الجهاديتين تقتضيان وحدة الجميع اليوم قبل الغد. وإن من يتفحص أدبيات وبرامج وبيانات فصائل المقاومة الوطنية العراقية يجدها متشابهة باستثناء الديباجات وأمور بسيطة... لأن الأساس هو استعادة العراق لأهله ولأطفاله بسيادته وثرواته، أما الأمور الأخرى فهي ثانوية بالنسبة للغايات الكبرى.
بقي لنا تنبيه الذين انخرطوا في تشكيلات ما يسمى شرطة وحرسا وجيشا عراقيين من غير الذين تقاطروا من إيران وأماكن أخرى أنه حان الوقت لقول كلمتهم فالمقاومة الوطنية قريبة منهم وعيونها في كل مكان وتميز فيما بين العراقي الفحل والخائن الذي تتحكم فيه أمريكا وجيش القدس الإيراني. إن البعض ينخدع بالبهرجة وبالهالة الإعلامية، ومظاهر القوة من دبابات وطائرات.. فيتصور أن قدرته على حظر التجول ليوم أو يومين في مدينة بغداد أو البصرة وبغطاء جوي أمريكي وحراسة أمريكية مشددة يدل على أنه قادر على السيطرة على الوضع في العراق لمدة أطول. سوف نذكرهم، والذكرى تنفع المؤمنين، أن الاستعمار الفرنسي في الجزائر كان يدعي فيما بين عامي 1959 و 1960أنه قضى على الثورة الجزائرية بعد شنه حملات التقتيل والتمشيط الشبيهة بحملات الاحتلال على المحافظات العراقية، لكن ما إن حل عام 1961 حتى زادت الثورة اشتعالا وتجذرا في الجزائر. إن التاريخ يعيد نفسه ففي هذه الأيام أخذت المقاومة تتأجج وتشتد والعمليات تزداد في محافظة الأنبار مثلا على نحو غير مسبوق... هناك عمليات نوعية في القائم وفي هيت والفلوجة. وهناك حيوية في الجنوب سواء في البصرة أو كربلاء والعمارة... وهناك صمود ذكي للمقاومة في الموصل وديالى وتكريت وكركوك. كل المؤشرات تبشر بالانتفاضة العارمة التي تعيد العراق إلى العراقيين. إن هذه الحقيقة لن تغيبها تقولات عناصر ما سماها الاحتلال الصهيوأمريكي حكومة و لا مجيء ألف رئيس دولة ورئيس إلى المنطقة الخضراء، ما بني على باطل سريع الزوال، ولن يعمر طويلا. إننا ننبه أن السيول سوف تجرف كل ما صنعه الاحتلال طوال أكثر من 6 سنوات، و"ما يبقى في الوادي غير حجارو (حجارته)" كما يقول المثل الجزائري.
لا أقول لهؤلاء المغرر بهم سلموا أسلحتكم إلى المحتل وعملاءه وعودوا إلى بيوتكم. ليس هذا هو المطلوب. المقاومة الوطنية العراقية هي وحدها القادرة على تحديد طريقة العودة إلى الشعب والأمة بناء على حيثيات الواقع الميداني ومقتضياته وتكتيكاته، وعلى الاستراتيجة المتوسطة والبعيدة المدى. إن بقاء هؤلاء في تشكيلات الاحتلال مضر بمستقبلهم ومستقبل أبنائهم، وعلى كل عراقي أن يعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه وإعادته إلى الصف الوطني قبل فوات الأوان لأن الزمن لا يعود إلى الوراء. إلى متى يشاركون في شن الحملات على المدن العراقية واعتقال ما يمكن اعتقاله من الأبرياء؟ ما من يوم يمر إلا ونسمع بمعتقلين كثيرين من الشمال إلى الجنوب.... حتى ليظن المرء أن كل العراقيين انتهى بهم الحال إلى القبر أو المعتقلات. فمن يشن حملات الدهم والاعتقال؟ هناك أمريكان... وهناك إيرانيون ومرتزقة وغيرهم، ولكن هناك عراقيون مغرر بهم أيضا. وهل لهؤلاء وطن غير العراق؟ إن لجماعة إيران وأدواتها بيوتهم وأرزاقهم في إيران وفي أماكن أخرى؟ الوقت ضيق، ولا بد من اتخاذ القرار الوطني الصائب قبل نهاية كابوس الاحتلال.
وختاما فإن الدولة العراقية....دولة المقاومة الوطنية العراقية في طريقها إلى النصر النهائي المبين، وكل عيون العرب والمسلمين معلقة على وحدة الصف المقاوم والمناصر في جبهة واسعة وعريضة تليق بعراق الحضارات والرسالات، والماضي المجيد والمستقبل المزدهر. وعاشت المقاومة الوطنية العراقية الممثل الشرعي الوحيد للشعب العراقي الواحد الموحد.
المواطن العربي: محمد زيدان