fakher
03-03-2009, 10:54 AM
ملتقى الجهاد وأنصاره في عاصمة الخلافة.
شهدت مدينة اسطنبول "عاصمة الخلافة العثمانية" أيام الـ12 و13 و14 من فبراير شباط الماضي، عقد مؤتمرٍ لمناصرة القضية الفلسطينية وغزة تحديداً، تحت عنوان "غزة النصر"،
لم يكن المؤتمر كغيره من المؤتمرات والمهرجانات التي عقدت لأجل دعم القضية الفلسطينية أو دعم المقاومة في فلسطين أو جمع التبرعات للتعويض عن الأضرار التي لحقت بالمدنيين في غزة جراء الحصار المفروض عليها أو الدمار الذي خلفته حرب 21 يوماً ...
لقد تميز المؤتمر عن غيره بعدة أمور أهمها المكان، فاسطنبول عاصمة الخلافة العثمانية ومعقل الإسلاميين في تركيا، وهي التي استقبلت رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان استقبال الأبطال بعد عودته من مؤتمر دافوس حيث هاجم شمعون بيريز ووصفه بقاتل الأطفال.
لكن الأهم في لقاء اسطنبول هو هوية الجهة الداعية والمدعوة للمؤتمر، فالجهة الداعية هي الحملة العالمية لمقاومة العدوان، وهي إحدى منظمات السلفية الدولية، التي يشرف عليها عدد من قيادات السلفية في الخليج العربي وعلى رأسهم الدكتور سفر الحوالي، وهو داعية إسلامي سعودي معروف بمعارضته للنظام السعودي وقد اعتقل لسنوات عدة في سجون الحكومة السعودية في تسعينيات القرن الماضي.
أما الجهة المدعوة لمؤتمر "غزة النصر" فكانت حركة المقاومة الإسلامية حماس ومعها مجموعة من قيادات الصف الأول في جماعة الإخوان المسلمين.
إنها سابقة بحد ذاتها، أن تقوم جهة سلفية بعقد مؤتمر بهذا الحجم ينقل على الهواء مباشرة، على شرف الإخوان المسلمين، متجاوزين بذلك سلة كبيرة من الخلافات والاختلاف والتنافس الشديد الذي وصل في بعض الدول الى صراع قاتل.
غير أن المدقق في الحاضرين يجد أن كلا الطرفين سواء "حركة المقاومة الإسلامية حماس" أو "الجهة السلفية الداعية للمؤتمر" ينتميان لمدرسة فكرية جهادية واحدة تتخطى حدود الدول والأقاليم وحدود التبعية الحزبية والفكرية ... هي ذات المدرسة التي جمعت بين أسامة بن لادن (السلفي) وعبدالله عزام (الإخواني) في ثمانينيات القرن المنصرم على هدف واحد هو "الجهاد في أفغانستان"، استدعى الأمر وقت ذاك وللحفاظ على استمرارية الجهاد في أفغانستان الى لتخلي عن التبعية التي تربى عليها كلا الرجلين، فتخلى أسامة بن لادن عن التبعية التقليدية للسلفية وخرج من تحت مظلتهم، كما تخلى عبدالله عزام عن التبعية الحزبية والتنظيمية لجماعة الإخوان المسلمين ما أدى الى تجميد عضويته في الجماعة حتى اغتياله في بيشاور.
القضايا التي تشغل الحركات الإسلامية في العالم كثيرة ومتشعبة، غير أن القضية الفلسطينية تحظى بإجماع إسلامي لا نظير له، إن من حيث أحقية الجهاد وتوقيته أو من حيث الأساليب المستخدمة في مقاومة الاحتلال، لكن بالرغم من هذا الإجماع يكاد الحضور في ساحة المعركة مقتصراً على حركة حماس، أي جماعة الإخوان المسلمين في غياب شبه تام للسلفية الجهادية.
وحيث أن حركة حماس محاصرة وقد تكون ملاحقة من جميع الدول العربية والإسلامية وهي لم تتلقى إلى الآن أي دعم معنوي أو مادي أو لوجستي من أي دولة منهن، كان على حماس تقبل لائحة اتهامات أصدرتها وتصدرها التيارات والجماعات الإسلامية كافة وتحديداً السلفية منها، ثمناً لتحالفها مع إيران وسوريا، علماً أن جمهور حماس في فلسطين وفي غزة تحديداً يتبنى العقيدة السلفية.
في المقابل فإن التيار الجهادي في الحركة السلفية يعتبر نفسه مقصراً أمام القضية الفلسطينية، فهو لم يستطع اختراق الشارع الفلسطيني تنظيمياً وإنشاء جماعة مسلحة تكون على مستوى من التسلح والتدريب تقاتل في فلسطين ويكون لها جمهورها الواسع والعريض كحركة حماس، حتى إن التيار الجهادي في الحركة السلفية لم يستطع تقديم أي عون يذكر لدعم موقف المجاهدين في فلسطين.
أمام هذه المعادلة، كان لا بد من اللقاء في اسطنبول، فحماس - التي تسعى لنفي التهم الصادرة بحقها وأبرزها التبعية لإيران ونشر التشيع في فلسطين، والتي تريد مد الجسور مع عمقها الإسلامي الحركي وعلى رأسه السلفية الجهادية لضمان الدعم والتأييد لمقاومتها إذا ما تخلى عنها حلفاؤها الحاليين في صفقة مغرية يصعب عليهم رفضها-، كان قياداتها حاضرين على مدى ثلاثة أيام في مؤتمر "غزة النصر" في اسطنبول، بل وحرصوا إعلامياً الظهور جنباً الى جنب مع قيادات التيار السلفي في العالم العربي.
لا شك بأن حلفاء حماس انتقدوا مشاركتها في هذا المؤتمر، فلا إيران ولا سوريا يستسيغان الحركة السلفية خصوصاً التيار الجهادي فيها، لكن نفوذ السلفية الذي يتعاظم يوماً بعد يوم وبسرعة فائقة في العالم العربي والإسلامي، قد يكون السبب الرئيس لشجاعة حماس في التواصل مع قيادات السلفية في العالم.
وإذا ما سألنا عن الأهداف الحقيقية لعقد هذا المؤتمر من قبل الحملة العالمية لمقاومة العدوان والحرص على خطب ود حماس بعد نصرها على إسرائيل "حسب تعبيرهم"، فقد تكون التأكيد على مبادئ نصرة الجهاد والمجاهدين بعيداً عن الأطر التنظيمية والعصبيات الحزبية والتعالي على الخلافات أمام الاستحقاقات المصيرية للأمة، تماماً كما فعل عبدالله عزام في مرحلة الجهاد الأفغاني، ثم ليقول هذا المؤتمر أن السلفية الدولية حاضرة بالرغم من التضييق الذي تتعرض له من قبل الأنظمة العربية والغربية سواء باعتقال رموزها أو نفيهم أو منعهم من السفر وحضور هذا المؤتمر، فإنها تستطيع جمع القوى الإسلامية لطرح مشاريعها عليهم ومناقشتها أمام العالم دون خجل أو وجل.
شهدت مدينة اسطنبول "عاصمة الخلافة العثمانية" أيام الـ12 و13 و14 من فبراير شباط الماضي، عقد مؤتمرٍ لمناصرة القضية الفلسطينية وغزة تحديداً، تحت عنوان "غزة النصر"،
لم يكن المؤتمر كغيره من المؤتمرات والمهرجانات التي عقدت لأجل دعم القضية الفلسطينية أو دعم المقاومة في فلسطين أو جمع التبرعات للتعويض عن الأضرار التي لحقت بالمدنيين في غزة جراء الحصار المفروض عليها أو الدمار الذي خلفته حرب 21 يوماً ...
لقد تميز المؤتمر عن غيره بعدة أمور أهمها المكان، فاسطنبول عاصمة الخلافة العثمانية ومعقل الإسلاميين في تركيا، وهي التي استقبلت رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان استقبال الأبطال بعد عودته من مؤتمر دافوس حيث هاجم شمعون بيريز ووصفه بقاتل الأطفال.
لكن الأهم في لقاء اسطنبول هو هوية الجهة الداعية والمدعوة للمؤتمر، فالجهة الداعية هي الحملة العالمية لمقاومة العدوان، وهي إحدى منظمات السلفية الدولية، التي يشرف عليها عدد من قيادات السلفية في الخليج العربي وعلى رأسهم الدكتور سفر الحوالي، وهو داعية إسلامي سعودي معروف بمعارضته للنظام السعودي وقد اعتقل لسنوات عدة في سجون الحكومة السعودية في تسعينيات القرن الماضي.
أما الجهة المدعوة لمؤتمر "غزة النصر" فكانت حركة المقاومة الإسلامية حماس ومعها مجموعة من قيادات الصف الأول في جماعة الإخوان المسلمين.
إنها سابقة بحد ذاتها، أن تقوم جهة سلفية بعقد مؤتمر بهذا الحجم ينقل على الهواء مباشرة، على شرف الإخوان المسلمين، متجاوزين بذلك سلة كبيرة من الخلافات والاختلاف والتنافس الشديد الذي وصل في بعض الدول الى صراع قاتل.
غير أن المدقق في الحاضرين يجد أن كلا الطرفين سواء "حركة المقاومة الإسلامية حماس" أو "الجهة السلفية الداعية للمؤتمر" ينتميان لمدرسة فكرية جهادية واحدة تتخطى حدود الدول والأقاليم وحدود التبعية الحزبية والفكرية ... هي ذات المدرسة التي جمعت بين أسامة بن لادن (السلفي) وعبدالله عزام (الإخواني) في ثمانينيات القرن المنصرم على هدف واحد هو "الجهاد في أفغانستان"، استدعى الأمر وقت ذاك وللحفاظ على استمرارية الجهاد في أفغانستان الى لتخلي عن التبعية التي تربى عليها كلا الرجلين، فتخلى أسامة بن لادن عن التبعية التقليدية للسلفية وخرج من تحت مظلتهم، كما تخلى عبدالله عزام عن التبعية الحزبية والتنظيمية لجماعة الإخوان المسلمين ما أدى الى تجميد عضويته في الجماعة حتى اغتياله في بيشاور.
القضايا التي تشغل الحركات الإسلامية في العالم كثيرة ومتشعبة، غير أن القضية الفلسطينية تحظى بإجماع إسلامي لا نظير له، إن من حيث أحقية الجهاد وتوقيته أو من حيث الأساليب المستخدمة في مقاومة الاحتلال، لكن بالرغم من هذا الإجماع يكاد الحضور في ساحة المعركة مقتصراً على حركة حماس، أي جماعة الإخوان المسلمين في غياب شبه تام للسلفية الجهادية.
وحيث أن حركة حماس محاصرة وقد تكون ملاحقة من جميع الدول العربية والإسلامية وهي لم تتلقى إلى الآن أي دعم معنوي أو مادي أو لوجستي من أي دولة منهن، كان على حماس تقبل لائحة اتهامات أصدرتها وتصدرها التيارات والجماعات الإسلامية كافة وتحديداً السلفية منها، ثمناً لتحالفها مع إيران وسوريا، علماً أن جمهور حماس في فلسطين وفي غزة تحديداً يتبنى العقيدة السلفية.
في المقابل فإن التيار الجهادي في الحركة السلفية يعتبر نفسه مقصراً أمام القضية الفلسطينية، فهو لم يستطع اختراق الشارع الفلسطيني تنظيمياً وإنشاء جماعة مسلحة تكون على مستوى من التسلح والتدريب تقاتل في فلسطين ويكون لها جمهورها الواسع والعريض كحركة حماس، حتى إن التيار الجهادي في الحركة السلفية لم يستطع تقديم أي عون يذكر لدعم موقف المجاهدين في فلسطين.
أمام هذه المعادلة، كان لا بد من اللقاء في اسطنبول، فحماس - التي تسعى لنفي التهم الصادرة بحقها وأبرزها التبعية لإيران ونشر التشيع في فلسطين، والتي تريد مد الجسور مع عمقها الإسلامي الحركي وعلى رأسه السلفية الجهادية لضمان الدعم والتأييد لمقاومتها إذا ما تخلى عنها حلفاؤها الحاليين في صفقة مغرية يصعب عليهم رفضها-، كان قياداتها حاضرين على مدى ثلاثة أيام في مؤتمر "غزة النصر" في اسطنبول، بل وحرصوا إعلامياً الظهور جنباً الى جنب مع قيادات التيار السلفي في العالم العربي.
لا شك بأن حلفاء حماس انتقدوا مشاركتها في هذا المؤتمر، فلا إيران ولا سوريا يستسيغان الحركة السلفية خصوصاً التيار الجهادي فيها، لكن نفوذ السلفية الذي يتعاظم يوماً بعد يوم وبسرعة فائقة في العالم العربي والإسلامي، قد يكون السبب الرئيس لشجاعة حماس في التواصل مع قيادات السلفية في العالم.
وإذا ما سألنا عن الأهداف الحقيقية لعقد هذا المؤتمر من قبل الحملة العالمية لمقاومة العدوان والحرص على خطب ود حماس بعد نصرها على إسرائيل "حسب تعبيرهم"، فقد تكون التأكيد على مبادئ نصرة الجهاد والمجاهدين بعيداً عن الأطر التنظيمية والعصبيات الحزبية والتعالي على الخلافات أمام الاستحقاقات المصيرية للأمة، تماماً كما فعل عبدالله عزام في مرحلة الجهاد الأفغاني، ثم ليقول هذا المؤتمر أن السلفية الدولية حاضرة بالرغم من التضييق الذي تتعرض له من قبل الأنظمة العربية والغربية سواء باعتقال رموزها أو نفيهم أو منعهم من السفر وحضور هذا المؤتمر، فإنها تستطيع جمع القوى الإسلامية لطرح مشاريعها عليهم ومناقشتها أمام العالم دون خجل أو وجل.