من هناك
02-26-2009, 09:09 PM
«مجدي» و«وجدي» متعة الـ«هوموفوبيا»؟
مايسة عواد
هما دائماً معاً. بصيغة المثنى. «وجدي» ببذة ضيقة رياضية و«مجدي» ببذة أخرى مماثلة ولو بلون مختلف، فاقع في أغلب الأحيان. تختلف الألوان لكن المشترك يبقى الضيق وقِصَر يكشف أحياناًُ كثيرة عن البطن
الجديد انهما سيطلان في مسلسل خاص من 30 حلقة منفصلة ـ متصلة (لم تقرر القناة التي ستعرضه بعد)، بعد ان تلقى التلفزيون «تمنيات معظمها من مرجعيات دينية وتربوية بالتوقف عن عرضه» كما يقول مصدر مطلع
برغم كل هذا، نجح الثنائي جماهيرياً. بدا أن هناك من يريد ان ينافس «أبو رياض» على مكانته. لكن المشكلة ان النكتة هنا كانت مبنية على شابين يردان «شب بعينِك» عندما تنادي المقدمة رولا شامية أحدهم بـ«يا شب». «مجدي» و«وجدي» مثليان جنسياً إذاً، يتنكران لرجولتيهما لينمطا الصورة بحركات مبالغ فيها (لزوم الكوميديا؟)، إن لجهة لغة الجسد أو الكلام أو حتى محط الكلام مع الجملة الشهيرة «سوري (عفواً بالانكليزية) ما كنت برَكَّزز»، التي سرعان ما غزت مواقع التخاطب بين الشباب على الانترنت
المفارقة ان المثلية الجنسية، التي يتجنب الكثيرون الخوض فيها إلا من بوابة «التحريم»، أو على اعتبار انها «مرض» يضرب المجتمع، دخلت فجأة إلى كل البيوت بكثير من القبول عبر الشاشة، ثم عبر الانترنت. اخترقت المثلية التلفزيون بسهولة ومع بسمة، لا لأنها تصرّح عن نفسها من دون خجل، أو لأن هناك إجماعاً على تقبلها، بل لأنه يتم التنكّر لها وتصبح «نكتة» تطول بحجم «اسكتش
بدا فجأة ان المثلية أصبحت «حلالاً»، بمعنى انها مقبولة التداول من دون أدنى حرج، بل مرغوباً فيها، وتنتقل كفيديو بسرعة البرق بين هاتف نقال وآخر. لكن الأمر لا يعكس تصالحاً معها أو مع أناسها، بل هو خوف منها يترجم تنميطاً يجعل السخرية من «فئة» المثليين أمراً عادياً، فتصبح المثلية مرادفاً لمواقف مضحكة غالباً ما تنتهي بصورة «مجدي» و«وجدي» وقد زُجرا من قبل شخص ثالث يطردهما من أوتيل أو دكان أو غيره. هنا تلتقي أسباب رواج المسلسل مع دوافع التمنيات بإبعاد الشخصيتين عن «لا يمل»، ولو ان لكل منهما نتيجة معاكسة تماماً: شعبية «مجدي»و«وجدي» مقابل محاولة «إعدامهما
كان لافتاً تسلح الشخصيتين بمقاطع تلمّح دوماً إلى الجنس وقد تخفَّى في جمل مشغولة بعناية الترميز، جمل تلوذ بالفرار لأنها تترك لـ«النيات» و«الخيال» مكاناً، وكل جملة بريئة من حيث الشكل تعود قابلة للتأويل والارجاع إلى تابو الجنس. هكذا مرت حلقات عديدة على شاشة برامجها في الغالب تناسب كل العائلة. مرّت لأنها تترجم فئة منبوذة أصلاً، ثم عادت واصطدمت بالخوف من الظاهرة
لا يعني توقف عرض الشخصيتين موت الفكرة التي روّجاها، حتى وإن لم يبصر المسلسل الموعود النور، إذ حُمِّلت معظم «الاسكتشات» على موقع «يو تيوب»، فأصبح بوابة متحررة من حيث الشكل، شديدة العنف من حيث المضمون. النقاش حولهما على الموقع يكاد لا ينتهي. لكنه ليس نقاشاً على فكرة (ما عدا التوقف عند أداء الممثل عادل كرم وعباس شاهين)، بل تهكم قاس يتطور إلى شتائم (جزء كبير منها للمثليين) يرد عليها بشتائم مضادة. وكل من يخالف الرأي هذا يتهم بأنه مثلي ولو عن طريق المزاح، في ترجمة واضحة للخوف من «داء» المثلية
الأكيد أن البرامج الكوميدية في لبنان في أشد الحاجة إلى خلق شخصيات كوميدية يعوّل عليها لرفع حلقات برامج تعاني في أغلبها من الرتابة، وهذا ليس بالأمر السهل مع بهتان بريق معظمها بعد فترة قصيرة من سطوع نجمها. هكذا شاهدنا ولادة (وأحياناً موت) «الأخ بار» و«الأخ طبوط» و«إم طعّام» و«إيزو» و«موفق» على «أل بي سي» وغيرها ثم «أبو رياض» (وهو دوماً في موقع الرابح الذي ينفذ مقالبه بالآخرين بعكس «وجدي» و«مجدي»).
ربما من هنا أتى نجاح الشخصيتين (برغم الاعتراض الذي قوبلتا به)، وهو ما كشف في المقلب الآخر عن انشداه وحشرية يتعلقان بشخصية المثلي التي لا تزال غامضة عند شريحة كبيرة، ولو ان كثيرين يرفضون الاقرار بهذا الواقع
من منطق ديني، لا يجد المثليون غالباً باباً للفرار من نار جهنم، ومن وجهة نظر مجتمعية غالباً ما يلسعهم الرفض، لكن يبدو ان التلفزيون في لبنان سواء عبر «وجدي» و«مجدي» أو بعض البرامج الحوارية قد أوقد الكثير من الحطب أيضاً، ولو بحسن نية
السفير
مايسة عواد
هما دائماً معاً. بصيغة المثنى. «وجدي» ببذة ضيقة رياضية و«مجدي» ببذة أخرى مماثلة ولو بلون مختلف، فاقع في أغلب الأحيان. تختلف الألوان لكن المشترك يبقى الضيق وقِصَر يكشف أحياناًُ كثيرة عن البطن
الجديد انهما سيطلان في مسلسل خاص من 30 حلقة منفصلة ـ متصلة (لم تقرر القناة التي ستعرضه بعد)، بعد ان تلقى التلفزيون «تمنيات معظمها من مرجعيات دينية وتربوية بالتوقف عن عرضه» كما يقول مصدر مطلع
برغم كل هذا، نجح الثنائي جماهيرياً. بدا أن هناك من يريد ان ينافس «أبو رياض» على مكانته. لكن المشكلة ان النكتة هنا كانت مبنية على شابين يردان «شب بعينِك» عندما تنادي المقدمة رولا شامية أحدهم بـ«يا شب». «مجدي» و«وجدي» مثليان جنسياً إذاً، يتنكران لرجولتيهما لينمطا الصورة بحركات مبالغ فيها (لزوم الكوميديا؟)، إن لجهة لغة الجسد أو الكلام أو حتى محط الكلام مع الجملة الشهيرة «سوري (عفواً بالانكليزية) ما كنت برَكَّزز»، التي سرعان ما غزت مواقع التخاطب بين الشباب على الانترنت
المفارقة ان المثلية الجنسية، التي يتجنب الكثيرون الخوض فيها إلا من بوابة «التحريم»، أو على اعتبار انها «مرض» يضرب المجتمع، دخلت فجأة إلى كل البيوت بكثير من القبول عبر الشاشة، ثم عبر الانترنت. اخترقت المثلية التلفزيون بسهولة ومع بسمة، لا لأنها تصرّح عن نفسها من دون خجل، أو لأن هناك إجماعاً على تقبلها، بل لأنه يتم التنكّر لها وتصبح «نكتة» تطول بحجم «اسكتش
بدا فجأة ان المثلية أصبحت «حلالاً»، بمعنى انها مقبولة التداول من دون أدنى حرج، بل مرغوباً فيها، وتنتقل كفيديو بسرعة البرق بين هاتف نقال وآخر. لكن الأمر لا يعكس تصالحاً معها أو مع أناسها، بل هو خوف منها يترجم تنميطاً يجعل السخرية من «فئة» المثليين أمراً عادياً، فتصبح المثلية مرادفاً لمواقف مضحكة غالباً ما تنتهي بصورة «مجدي» و«وجدي» وقد زُجرا من قبل شخص ثالث يطردهما من أوتيل أو دكان أو غيره. هنا تلتقي أسباب رواج المسلسل مع دوافع التمنيات بإبعاد الشخصيتين عن «لا يمل»، ولو ان لكل منهما نتيجة معاكسة تماماً: شعبية «مجدي»و«وجدي» مقابل محاولة «إعدامهما
كان لافتاً تسلح الشخصيتين بمقاطع تلمّح دوماً إلى الجنس وقد تخفَّى في جمل مشغولة بعناية الترميز، جمل تلوذ بالفرار لأنها تترك لـ«النيات» و«الخيال» مكاناً، وكل جملة بريئة من حيث الشكل تعود قابلة للتأويل والارجاع إلى تابو الجنس. هكذا مرت حلقات عديدة على شاشة برامجها في الغالب تناسب كل العائلة. مرّت لأنها تترجم فئة منبوذة أصلاً، ثم عادت واصطدمت بالخوف من الظاهرة
لا يعني توقف عرض الشخصيتين موت الفكرة التي روّجاها، حتى وإن لم يبصر المسلسل الموعود النور، إذ حُمِّلت معظم «الاسكتشات» على موقع «يو تيوب»، فأصبح بوابة متحررة من حيث الشكل، شديدة العنف من حيث المضمون. النقاش حولهما على الموقع يكاد لا ينتهي. لكنه ليس نقاشاً على فكرة (ما عدا التوقف عند أداء الممثل عادل كرم وعباس شاهين)، بل تهكم قاس يتطور إلى شتائم (جزء كبير منها للمثليين) يرد عليها بشتائم مضادة. وكل من يخالف الرأي هذا يتهم بأنه مثلي ولو عن طريق المزاح، في ترجمة واضحة للخوف من «داء» المثلية
الأكيد أن البرامج الكوميدية في لبنان في أشد الحاجة إلى خلق شخصيات كوميدية يعوّل عليها لرفع حلقات برامج تعاني في أغلبها من الرتابة، وهذا ليس بالأمر السهل مع بهتان بريق معظمها بعد فترة قصيرة من سطوع نجمها. هكذا شاهدنا ولادة (وأحياناً موت) «الأخ بار» و«الأخ طبوط» و«إم طعّام» و«إيزو» و«موفق» على «أل بي سي» وغيرها ثم «أبو رياض» (وهو دوماً في موقع الرابح الذي ينفذ مقالبه بالآخرين بعكس «وجدي» و«مجدي»).
ربما من هنا أتى نجاح الشخصيتين (برغم الاعتراض الذي قوبلتا به)، وهو ما كشف في المقلب الآخر عن انشداه وحشرية يتعلقان بشخصية المثلي التي لا تزال غامضة عند شريحة كبيرة، ولو ان كثيرين يرفضون الاقرار بهذا الواقع
من منطق ديني، لا يجد المثليون غالباً باباً للفرار من نار جهنم، ومن وجهة نظر مجتمعية غالباً ما يلسعهم الرفض، لكن يبدو ان التلفزيون في لبنان سواء عبر «وجدي» و«مجدي» أو بعض البرامج الحوارية قد أوقد الكثير من الحطب أيضاً، ولو بحسن نية
السفير