أحمد بوادي
01-28-2009, 11:41 PM
" الأسباب الشرعية والوضعية ،وعلاقتها بالهزيمة ، والنصر والتمكين "
بقلم : أحمد بوادي
http://bawady.maktoobblog.com/160923...22/?postView=1 (http://bawady.maktoobblog.com/160923...22/?postView=1)
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
أما بعد :
السبب في اللغة: هو ما يتوصل به إلى المقصود
وللسبب إطلاقات عند أهل العلم
ومن إطلاقاتهم أنهم يجعلون السبب مقابل المباشرة وضرب مثال على ذلك " لو أن إنسانا قام بحفر بئر، وقام آخر بدفع شخص آخر فيها، فالحافر مُتسبب، والدافعمباشر، لكن إذا اجتمعالسببوالمباشرة، ما هو الشيءالذي يُغلّب؟المباشرة أقوى أو التسبب؟
المباشرة أقوى، ولهذا غُلّبت، ووجبالضمان على المباشر، الذي ألقى هذا الشخص في هذه البئر هو الذي يضمن، وإن كان منحفر هذه البئر قد يقال بتعزيره إذا كان هذا الحفر في غير محلّه ".
ومرادي من الأسباب الشرعية والوضعية ما كان القتال قائم عليها
وحديثنا عن حماس على أنها كانت السبب فيما وقع على أهلنا في غزة من هذا المنطلق لا بمعنى أنها من تتحمل مسؤولية هذا الهجوم الظالم على أهلنا وقد أشرت إلى هذا في مقالي فقلت : قد يقول قائل ، أنت تحمل مسؤولية الاعتداء على غزة لحماس وبهذا تشترك مع الأعداء في رميهم بهذا
أقول : لا يعني أنني أقول أن حماس كانت سببا في قتال العدو لأهلنا في غزة أن أجعل للعدو مبررا في قتالهم حاشا لله لكن حماس جعلت له ذريعة في ظلمه ،واعتدائه عليهم.
ذلكم أن حماس أخطأت الطريق عندما ظنت أنها ستحقق نصرا على العدو الصهيوني ، وعلى غيره
إن هي فازت بالانتخابات الديمقراطية ، تقاضيهم من خلاله لتحقق طموحاتها ، لأنها حينئذ ستكون قد جهلت حقيقة هذا العدو وحقيقة من يتواطأ معه ضد الإسلام وأهله
ولم تتعلم من خلال الصراع الذي بيننا وبين الصهاينة وما تعلمناه في شرعنا عن مكرهم وخداعهم وتلونهم ونقضهم للعهود والمواثيق ، في عدم حفظهم عهدا ولا ميثاقا مع الله ليحفظوا مع المسلمين عهودهم
وهم يستجيبون لهم في اتخاذ أنظمتهم وقوانينهم تشريعات يصلون بها إلى غير حكم الله .
{أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }
{فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً }
فاستحقت حماس اللوم على فعلتها تلك .
ومن هنا جاء النصح والإرشاد لحماس حتى لا تقع في هذه الأخطاء وتكون سببا لأعدائها في اختلاق الأعذار بسبب أخطائها لعدم سلوكها الطريق والمنهج السليم فيتخذوا من ذلك ذريعة لأفعالهم الظالمة .
فأردنا منها تصحيح مسارها ونهجها ليكون على الطريق المستقيم.
لأنها إن سلكت الطريق الحق فجاءت النتائج على غير ما تريد أو على غير ما تتوقعه فلا لوم عليها في ذلك
لأنها حينئذ ستكون قد قامت بالواجب المنوط بها وقد فعلت ما بوسعها ، واستنفذت قدرتها وطاقاتها في تحقيق مراد النصر وإن لم تقدر عليه ، فحقيقة النصر من الله ، وليست مكلفة به لتلام على أمر خارج عن قدرتها ، فالله عز وجل قد أمرنا بالإعداد لقتال الأعداء وجعل النصر في المعركة عائد إليه ينصر به من يشاء .
وحماس ظنت أن بإعلانها النصر ستكون بذلك قد كسرت شوكة أعدائها ، ورفعت من عزيمة جنودها ، وأتباعها بل لعل حماس ظنت أن عدم الاعتراف بالنصر هزيمة وسيؤدي بهم ذلك إلى الوهن ، والقنوط ، والضعف ، أو الخذلان
وما علموا أن الاستسلام لمبدأ الهزيمة والخسران من أفعال الضعفاء ، وإلا فالأمم تحيى من بعد هزائمها
وقد جعلت من هزائمها شحذا للهمم ، توظفها في صالحها ، لا أن تجعل من الهزيمة نصرا لتشحذ همم
الناس بالكذب ثم يصطدمون بالحقيقة المرة على أنهم لم يحققوا نصرا لم ترفع لهم فيه راية .
ولا أعلم ما سبب هذه الضجة الإعلامية الضخمة لإخواننا في حماس وإصرارهم على أنهم قد حققوا النصر ؟؟!!! .
مع أن العدو مازال يحاصره من البحر والبر والجو وقد أوقع فينا آلاف القتلى والجرحى ، ومئات الأسرى ، ومازالت المعابر مغلقة أمرها بيد العدو ومازال القصف واقع عليها ، وآلاف الملايين من الخسائر ، حتى التبرعات لإعادة الأعمار لا يقدر الأخوة في حماس على الحصول عليها بسبب تسلط العدو علينا ، مع ما حصل لأهلنا من المعاناة ، ومع أن العدو من بدأ الحرب وهو من أوقفها ومازالت المفاوضات معه مستمرة على ما تقول حماس أنها قد حققتها
لا أعلم لماذا بعض الأخوة يعتبرون تبصيرنا لهم بحقائق الأمور من الخذلان والوقوف في صف العدو
أم أنهم يريدون منا أن نخدعهم ولا نناصحهم
لا بد أن يعلم الأخوة أن الاعتراف بالهزيمة مع عدم تحققها خير لهم من القول بالنصر مع عدم تحققه
ذكر ابن القيم رحمه الله بالزاد من فوائد الهزيمة
التي لحقت بالمسلمين في معركة أحد فوائد عظيمة وعديدة
من فوائد الهزيمة ومما جاء فيها :
" أن النفوس تكتسب من العافية الدائمة والنصر والغنى طغياناً وركوناً إلى العاجلة ، وذلك مرض يعوقها عن جدها في سيرها إلى الله والدار الآخرة، فإذا أراد بها ربها ومالكها وراحمها كرامته، قيض لها من الابتلاء والامتحان ما يكون دواء لذلك المرض العائق عن السير الحثيث إليه، فيكون ذلك البلاء والمحنة بمنزلة الطبيب يسقى العليل الدواء الكريه، ويقطع منه العروق المؤلمة لاستخراج الأدواء منه ، ولو تركه؛ لغلبته الأدواء حَتَّى يكون فيها هلاكه " .
ويقول رحمه الله :
" فلما ذاقوا عاقبة معصيتهم للرسول وتنازعهم، وفشلهم، كانوا بعد ذلك أشد حذراً ويقظة ، وتحرزاً من أسباب الخذلان "
إذن الاعتراف بالهزيمة سبب في استخلاص المرء الدروس والعبر منها
ولا ينبغي أن يجعل المرء من الاعتراف بالهزيمة خذلانا وزورا من القول وبهتانا حتى وإن كان في قرار نفسه أنه أنتصر
ينبغي عليه أن ينظر إلى المآخذ التي تأخذ عليه ليستفيد ويتعلم منها ليخرج من نصره إن كان يظن أنه منتصر إلى نصر أكبر ، وإن لم يتحقق له النصر ليجعل من فوائد هزيمته نصرا في معاركه القادمة
فالقتال مع العدو له صولات وجولات وهذا من حكمة الله مرة لنا ومرة علينا
كما قال ابن القيم رحمه الله :
" أن حكمة الله وسنته في رسله، وأتباعهم، جرت بأن يُدالوا مرّة، ويُدال عليهم أُخرى، لكن تكون لهم العاقبة " .
ومما ينبغي معرفته أن ما قاله ابن القيم رحمه الله بأن العاقبة بالنصر تكون لهم منوط بالامتثال لحكم الله ، والقتال عليه ومن أجله حتى في تحرير الأوطان
قال تعالى :
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }
{وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ }
فالتعلق بغير حكم الله وشرعه في الأرض ، والمناداة بتحكيم الثوابت الوطنية ، والتعلق بالشرعية الدولية من أسباب الهزيمة والخذلان ، بل زد على ذلك أن تعلق البعض فيهم وجعلهم أمناء على ظلمهم يحتكمون إليهم ممن ظلمهم ، ولو على سبيل المعذرة !!! .
علما أن حيدة هؤلاء وميلهم مع الظالم ظاهرة وصريحة ، كمثل من يحتكم إلى هيئة الأمم ليرفع الظلم الذي وقع على أهلنا في غزة على سبيل المثال لا الحصر
قال تعالى : {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ }
فعاقب الله هؤلاء بأن خذلوهم ولم ينصرهم الله لأنهم ركنوا إلى غير شرع الله وإلى الظالمين لينصفوهم
وهذا والعياذ بالله من باب إعانة الظالم ومن أسباب نشر الظلم وإشاعته وتفشيه واستمراريته واستبدادهم
قال تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ }
فهل تعي حماس وكل من يتسابق معها إلى هؤلاء ليتحاكمواإلي عدوهم حقيقة الأمر وخطورته
وسبب تخصيصي لحماس عن غيرها لأنها من ترفع شعار الإسلام ومن عادة مؤيديها أنهم يقولون
عن أنفسهم أنهم حفظة لكتاب الله وسنة رسوله ، ومن المحافظين على الصلوات وأمور العبادة والطاعات
فكيف غفلوا عن مثل هذه الأشياء وقد علموها وعرفوها ثم يرفعون أصواتهم بدون حياء من الله يقولون لن نطبق شريعة الله ، وسننطلق من الثوابت الوطنية ونحتكم على الشرعية الدولية .
والظالم نهايته إلى زوال وسينصر الله المظلوم فلماذا قبلوا لأنفسهم الاحتكام إلى ظالم
منهم من قد سلم بلادهم لأعدائهم ومنهم من تآمر ضدهم ومنهم من دعمه بالسلاح أو بالمال أو الكلام
قال تعالى : {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ }
{وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً }
{وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ }
فنهاية هؤلاء الظلمة من الصهاينة ومن والاهم إلى زوال
يقول شيخ الإسلام رحمه الله :
" العدل نظام كل شيء فإذا أقيم أمر الدنيا بعدل قامت وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق، ومتى لم تقم بعدل لم تقم وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزى به في الآخرة"
ويقول الماردي رحمه الله :
" إن مما تصلح به حالُ الدنيا: قاعدة العدل الشامل الذي يدعو إلى الألفة، ويبعث على الطاعة، وتعمر به البلاد، وتنمو به الأموال، ويكبر معه النسل، ويأمن به السلطان، وليس شيء أسرع في خراب الأرض، ولا أفسد لضمائر الخلق من الجور؛ لأنه ليس يقف على حد، ولا ينتهي إلى غاية"
لماذا يذل هؤلاء أنفسهم عند أعدائهم ليتحاكموا إليه
" أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً "
أم يريدون النصر :
" وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ "
لماذا نزعوا أيديهم من نصر المؤمنين وهم يقولون لمن ذبح المسلمين واستولى على أراضيهم
وحارب دينهم وحادوا الله ورسوله يقولون لهم : " أن الشيشان مسألة داخلية " يوالون أعداء الله
والله تعالى يقول :
" إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الغَالِبُونَ "
ويقول ابن تيمية رحمه الله الفتاوى:" كما أن نصر الله للمسلمين يوم بدر كان رحمة ونعمة، وهزيمتهم يوم أحد كانت نعمة ورحمة على المؤمنين "
إذن لماذا يصر إخواننا في حماس أن ما حصل لهم نصرا ، مع أن المسلمين قد انهزموا في أحد ؟؟!!! .
ولم يكن هذا الوصف لهم سببا في تباطئهم عن العمل أو تقاعسا لهم في الاستمرار بل دفعهم من الغد أن يلحقوا بعدوهم ليثأروا لأنفسهم مما وقع عليه ، فلو قال لهم قائل أنتم انتصرتم عليهم بالأمس ، لكان هذا القول
من الخذلان ومدعاة للقعود ، مما يجعلهم أن يتركوا ملاحقة عدوهم والثأر لأنفسهم مما وقع عليهم
فالمتخاذل هو من صور الهزيمة نصرا حتى لا ترفع للمسلمين راية ويقعدوا عن الجهاد
أم أن حماس كانت خيرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم عندما قيل أنهم
انهزموا بعركة أحد ، ولا تريد حماس أن توصف بذلك
حماس ترد على من يصف معركتها في غزة هزيمة بوقوع
قتلى لهم في المعركة على أن هذا هو النصر ،
وحماس ترد على من قال أنها لم تهزم بالمعركة لثبات
جنودها بالمعركة على أن هذا في حد ذاته نصر ؟؟!!! .
ونقول لهم :
أيهم أفضل قتلاكم في غزة مع العدو الصهيوني ، أم قتلى المسلمين في أحد وقد قتل فيهم حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وابن عمته عبد الله ابن جحش وغيرهم
وأيهما أكثر ثباتا أنتم أم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في معركة أحد
حتى الرماة ثبتوا ولم يتركوا مواقعهم إلا بعد أن انتهت المعركة لكنهم خالفوا الرسول بعدم البقاء .
فأيهم أكثر ثباتا أنتم أم صحابة رسول الله الذين كانوا معه في أحد وموقف أنس بن النضر لما أشيع أن الرسول قد قتل
قال ابن كثير رحمه الله : وقوله تعالى (( ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ )) قال ابن إسحاق : حدثني القاسم بن عبد الرحمن بن رافع، -أحد بني عبيد بن النجار- قال انتهى أنس بن النضر عم أنس بن مالك إلى عمر بن الخطاب و طلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار قد ألقوا ما بأيديهم، فقال: ما يجلسكم فقالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فما تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل رضي الله تعالى عنهم .
وقد كان هذا في المعركة من البعض فما وهنوا ولا ضعفوا ولا استكانوا لهذه الفاجعة العظيمة فانطلقوا كالأسود على أعدائهم يقاتلونهم
فقد بعثت فيهم روح الاعتقاد والظن بالهزيمة للعمل على النصر وتحقيق أسبابه
فلماذا حماس ومن أيدها يعتبرون أن ما حصل لهم من هزيمة أو من قال أنهم لم ينتصروا عميل وحاخام ومتخاذل
كما ذكر ذلك عني بعض السفهاء ، مع نصرتي لهم ووقوفي معهم ومقالاتي شاهدة على ذلك أثناء المعركة
وتبيان ذلك في مقالي حتى يخرجوا من هذه المعركة إلى النصر الحقيقي والذي يبدأ من وجوب نبذهم للشرعية
الدولية التي ظلمتهم والرجوع إلى شرع الله ،
فهل هذا هو جزاء الناصح المشفق المحب لإخوانه الخير ، وطريق الصواب .
ابن تيمية رحمه الله وابن القيم وابن حجر والبخاري وكثير من العلماء وصفوا ما حصل للمسلمين في أحد هزيمة فهل كانوا عملاء وخونة ، مع أننا لو أردنا أن نقارن بين النصر الذي حققه المسلمون في أحد وبين ما حققه المسلمون في غزة لعرفنا الفرق بين المعركتين وحقيقة النتائج ومع ذلك لم يوصف على أنه نصر لهم في أحد
لكن للأسف البعض جعل من عاطفته حكما على الأشياء
وما علم أن الخذلان يكون ي المعركة للتقاعس عن القتال ، وأما بعدها فهو شحذ للنصر ورفع الهمم
وأن الثبات من لوازم المعركة وشروطها لا من نتائجها كما ذكرنا آنفا
ولينظر الأخوة معي لهذا الكلام الذي نقلته ليتدبروا في معانيه ويتمعنوا في ألفاظه مع ما سبق ذكره :
يقول الكاتب :
يقول "دينيس ويتلي": "الفشل ينبغي أن يكون معلماً لنا وليس مقبرة لطموحاتنا وتطلعاتنا".
إن الفشل في منهج العظماء والقادة ليس هزيمة، وإنما هو تأخُّر في تحقيق الهدف، وهو مرحلة يمكن تجاوزها، وذلك بشحذ الهمم والعزائم والمبادرة بالسير في طريق النجاح.
أقول : وأيم الله هذا ما دفعنا للقول بأن حماس لم تنتصر مع اعتقادنا بذلك لشحذ هممها ، ودفعها
لتحقيق النصر بعزة الإسلام بعد أن خذلها من ارتمت في أحضانهم لتقول لهم لا عزة لنا إلا بالإسلام ولن نقبل بغيره مرجعا وحكما
ويقول الكاتب :
كيف تعامل العظماء مع الفشل؟ إن العظماء والناجحين هم الذين يخرجون من تجربة الفشل أكثر صلابة وقوة، فقد يستفيدون من أخطائهم وفشلهم أكثر من استفادتهم من نجاحاتهم، وما من إنسان عاش هذه الحياة إلا وذاق النجاح والفشل.
والضعفاء هم الذين ييأسون عندما يفشلون، ويعتقدون خطأً أنهم لا يستطيعون أن يصنعوا شيئاً بعد الفشل، وأن طريق النجاح مسدود، وتحقيقه من وجهة نظرهم مستحيل أو محدود.
أما العظماء.. فلا يوجد في معجمهم كلمة اليأس، ولا يجد القنوط إلى نفوسهم سبيلاً، ولا الوهن إلى عزائمهم طريقاً، ومن ثم فهم القادرون وليس غيرهم على أن يجعلوا من الفشل محاولة للنجاح " انتهى .
والبعض للأسف يقارن معركة غزة بغزوة منهاتن وما وقع على أهلنا في كابل
نقول لهؤلاء :
قد ذكرنا أنه ينبغي على المرء أن يتخذ الأسباب الكفيلة له للخوض في المعركة
ولا بد أن تكون الأسباب شرعية لنفرقها عن الأسباب الدنيوية الوضعية
وأننا مأمورون بقتال العدو وقد فعل هؤلاء ما أمروا به بعد أن اتخذوا جميع الوسائل لتحقيق هذا النصر
وقد تحقق لهم أما ما وقع عليه بعد ذلك فلم يقع منهم التفريض بشيء من الأمر
ذلكم أنهم بداية لم يعترفوا أنهم من فعل هذا الأمر ، وكتموا على ذلك
ثانيا : أن هذه المعركة كانت منفصلة عن الأولى وإن كنت من أسبابها لكن الأسباب كانت شرعية
تماما كما وقع للمسلمين من نصر في بدر فكانت أسبابها شرعية ، لكن أدت معركة بدر
إلى أن غزا الكفار المسلمين في أحد وانتصروا عليهم فجاءت معركة بدر بأحد
فهل نقول أن معركة بدر كانت خطأ
ثالثا : أن هؤلاء كانوا يرفعون راية لا إله إلا الله ويحكمون شرع الله ، وكان هذا الدافع لهؤلاء
أن اعتدوا عليهم في ظنهم أنهم يحمون من قام بتلك الغزوة ولم يتبين بعد حقيقة الأمر
لكن لما كان قتالهم تحت راية لا إله إلا الله أصبح الأمر في حقيقته هين في سبيل التضحية
من أجل هذا الأمر العظيم ولو قتل الجميع كما حصل في قصة أهل الأخدود
فلو قاتل إخواننا في حماس تحت راية التوحيد لا راية الثوابت الوطنية التي يريدون
الانطلاق منها والاجتماع عليها لكانت هذه الدماء تذبح رخيصة في سبيل تحقيق تلك الراية
وما فعلوه كان سبب الخذلان
قال ابن القيم :
وأن الذي أصابهم إنما هو بشئم المعصية ، كما قال-تعالى-:** ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حَتَّى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم } آل عمران(152). فلما ذاقوا عاقبة معصيتهم للرسول وتنازعهم، وفشلهم، كانوا بعد ذلك أشد حذراً ويقظة ، وتحرزاً من أسباب الخذلان.
رابعا : من أين لمن قاموا بغزوة منهاتن أن يعلموا أن العدو سيقاتلهم في بلادهم
مع شدة كتمانهم في عدم التصريح بأنهم من فعل ذلك
ولو أردنا أن نخضع هذه الأشياء للظنون والشكوك الغير مؤكدة والبعيدة في ظن المسلمين لما قاتلنا عدوا
ثم إنه لا يلزم من حصول الهزيمة للمسلمين والقتلى في كابل عدم صحة ما فعلوه
لأننا لا نعلم ما الخير الذي أراده الله لهم طالما أنهم قاموا بواجب الدين وقاتلوا تحت راية لا إله إلا الله
مع أخذهم بأسباب النصر وتجنب الهزيمة فلا يلامون على فعل قاموا به طاعة لله
وكما قلنا أن المعارك سجال بين المسلمين والكفار ، ولا يلزم من الدخول في المعركة
شرط النصر فقد وعدنا الله إما بالنصر والشهادة
والنصر إن لم يتحقق عاجلا فيستحقق إن شاء الله آجلا
قال ابن تيمية في الفتاوى:" كما أن نصر الله للمسلمين يوم بدر كان رحمة ونعمة، وهزيمتهم يوم أحد كانت نعمة ورحمة على المؤمنين "
وليراجع ما قاله ابن القيم في الزاد على فوائد ما حصل للمسلمين من هزيمتهم في أحد
يتضح من ذلك أن مشكلة حماس في أنها دخلت المعركة مع العدو عن طريق الانتخابات الديمقراطية
أي اتخذت اسباب غير شرعية
ولما تسلمت الحكم رفضت أن تحكم بشرع الله ، وخاضت معركة تدافع فيها عن ثوابتها في حقها
المشروع في البقاء في الحكم والدفاع عنه وعن ما تعتقده في مشروعها السياسي اتجاه وطنها والدفاع عن ترابها وتطالب بالرجوع إلى العهود والمواثيق التي أبرمت مع الأعداء لتكون فيصلا لها في ذلك بعد أن ركنت إليهم
فلذلك حصل التفريق بينها وبين من يقاتل تحت راية التوحيد ومن أجلها كما قاتل الرسول من أجل تحقيق
شرع الله وحكمه في أرضه وكما قاتل المسلمون الكفار ، ومازالوا يقاتلون في سبيل لتحقيق ذلك على أراضيهم
التي اغتصبها العدو منهم ، لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى .
وأخيرا .........
وليعلم المسلمون أن الابتلاء يكون لمن جاهد في سبيل الله
لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى
وصبر على ذلك ، وقد لاقى من الصعاب والمشاق
الشيء الكثير والعظيم فهؤلاء الذين وعدهم الله بالنصر والتمكين
بعد الابتلاء والصبر على النصر
قال تعالى **:وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا
اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن
بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} النور55
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء
وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ }
** حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء
وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ }
{الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }الحج41
أما الذين اتخذوا من القوانين الوثنية ،وقبلوا أن يحتكموا للشرعية الدولية ،
ومرجعيتهم المصلحة الوطنية ، وانطلقوا من الثوابت الوطنية
ولم تسال لهم قطرة دم من أجل حفظ حكم الله في الأرض
فإن ما يلحق بهم عقوبة لهم بسبب معصيتهم وذنوبهم وبعدهم عن الله
وخذلانهم لدينهم وأهل ملتهم
والحمد لله رب العالمين .
بقلم : أحمد بوادي
http://bawady.maktoobblog.com/160923...22/?postView=1 (http://bawady.maktoobblog.com/160923...22/?postView=1)
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
أما بعد :
السبب في اللغة: هو ما يتوصل به إلى المقصود
وللسبب إطلاقات عند أهل العلم
ومن إطلاقاتهم أنهم يجعلون السبب مقابل المباشرة وضرب مثال على ذلك " لو أن إنسانا قام بحفر بئر، وقام آخر بدفع شخص آخر فيها، فالحافر مُتسبب، والدافعمباشر، لكن إذا اجتمعالسببوالمباشرة، ما هو الشيءالذي يُغلّب؟المباشرة أقوى أو التسبب؟
المباشرة أقوى، ولهذا غُلّبت، ووجبالضمان على المباشر، الذي ألقى هذا الشخص في هذه البئر هو الذي يضمن، وإن كان منحفر هذه البئر قد يقال بتعزيره إذا كان هذا الحفر في غير محلّه ".
ومرادي من الأسباب الشرعية والوضعية ما كان القتال قائم عليها
وحديثنا عن حماس على أنها كانت السبب فيما وقع على أهلنا في غزة من هذا المنطلق لا بمعنى أنها من تتحمل مسؤولية هذا الهجوم الظالم على أهلنا وقد أشرت إلى هذا في مقالي فقلت : قد يقول قائل ، أنت تحمل مسؤولية الاعتداء على غزة لحماس وبهذا تشترك مع الأعداء في رميهم بهذا
أقول : لا يعني أنني أقول أن حماس كانت سببا في قتال العدو لأهلنا في غزة أن أجعل للعدو مبررا في قتالهم حاشا لله لكن حماس جعلت له ذريعة في ظلمه ،واعتدائه عليهم.
ذلكم أن حماس أخطأت الطريق عندما ظنت أنها ستحقق نصرا على العدو الصهيوني ، وعلى غيره
إن هي فازت بالانتخابات الديمقراطية ، تقاضيهم من خلاله لتحقق طموحاتها ، لأنها حينئذ ستكون قد جهلت حقيقة هذا العدو وحقيقة من يتواطأ معه ضد الإسلام وأهله
ولم تتعلم من خلال الصراع الذي بيننا وبين الصهاينة وما تعلمناه في شرعنا عن مكرهم وخداعهم وتلونهم ونقضهم للعهود والمواثيق ، في عدم حفظهم عهدا ولا ميثاقا مع الله ليحفظوا مع المسلمين عهودهم
وهم يستجيبون لهم في اتخاذ أنظمتهم وقوانينهم تشريعات يصلون بها إلى غير حكم الله .
{أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }
{فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً }
فاستحقت حماس اللوم على فعلتها تلك .
ومن هنا جاء النصح والإرشاد لحماس حتى لا تقع في هذه الأخطاء وتكون سببا لأعدائها في اختلاق الأعذار بسبب أخطائها لعدم سلوكها الطريق والمنهج السليم فيتخذوا من ذلك ذريعة لأفعالهم الظالمة .
فأردنا منها تصحيح مسارها ونهجها ليكون على الطريق المستقيم.
لأنها إن سلكت الطريق الحق فجاءت النتائج على غير ما تريد أو على غير ما تتوقعه فلا لوم عليها في ذلك
لأنها حينئذ ستكون قد قامت بالواجب المنوط بها وقد فعلت ما بوسعها ، واستنفذت قدرتها وطاقاتها في تحقيق مراد النصر وإن لم تقدر عليه ، فحقيقة النصر من الله ، وليست مكلفة به لتلام على أمر خارج عن قدرتها ، فالله عز وجل قد أمرنا بالإعداد لقتال الأعداء وجعل النصر في المعركة عائد إليه ينصر به من يشاء .
وحماس ظنت أن بإعلانها النصر ستكون بذلك قد كسرت شوكة أعدائها ، ورفعت من عزيمة جنودها ، وأتباعها بل لعل حماس ظنت أن عدم الاعتراف بالنصر هزيمة وسيؤدي بهم ذلك إلى الوهن ، والقنوط ، والضعف ، أو الخذلان
وما علموا أن الاستسلام لمبدأ الهزيمة والخسران من أفعال الضعفاء ، وإلا فالأمم تحيى من بعد هزائمها
وقد جعلت من هزائمها شحذا للهمم ، توظفها في صالحها ، لا أن تجعل من الهزيمة نصرا لتشحذ همم
الناس بالكذب ثم يصطدمون بالحقيقة المرة على أنهم لم يحققوا نصرا لم ترفع لهم فيه راية .
ولا أعلم ما سبب هذه الضجة الإعلامية الضخمة لإخواننا في حماس وإصرارهم على أنهم قد حققوا النصر ؟؟!!! .
مع أن العدو مازال يحاصره من البحر والبر والجو وقد أوقع فينا آلاف القتلى والجرحى ، ومئات الأسرى ، ومازالت المعابر مغلقة أمرها بيد العدو ومازال القصف واقع عليها ، وآلاف الملايين من الخسائر ، حتى التبرعات لإعادة الأعمار لا يقدر الأخوة في حماس على الحصول عليها بسبب تسلط العدو علينا ، مع ما حصل لأهلنا من المعاناة ، ومع أن العدو من بدأ الحرب وهو من أوقفها ومازالت المفاوضات معه مستمرة على ما تقول حماس أنها قد حققتها
لا أعلم لماذا بعض الأخوة يعتبرون تبصيرنا لهم بحقائق الأمور من الخذلان والوقوف في صف العدو
أم أنهم يريدون منا أن نخدعهم ولا نناصحهم
لا بد أن يعلم الأخوة أن الاعتراف بالهزيمة مع عدم تحققها خير لهم من القول بالنصر مع عدم تحققه
ذكر ابن القيم رحمه الله بالزاد من فوائد الهزيمة
التي لحقت بالمسلمين في معركة أحد فوائد عظيمة وعديدة
من فوائد الهزيمة ومما جاء فيها :
" أن النفوس تكتسب من العافية الدائمة والنصر والغنى طغياناً وركوناً إلى العاجلة ، وذلك مرض يعوقها عن جدها في سيرها إلى الله والدار الآخرة، فإذا أراد بها ربها ومالكها وراحمها كرامته، قيض لها من الابتلاء والامتحان ما يكون دواء لذلك المرض العائق عن السير الحثيث إليه، فيكون ذلك البلاء والمحنة بمنزلة الطبيب يسقى العليل الدواء الكريه، ويقطع منه العروق المؤلمة لاستخراج الأدواء منه ، ولو تركه؛ لغلبته الأدواء حَتَّى يكون فيها هلاكه " .
ويقول رحمه الله :
" فلما ذاقوا عاقبة معصيتهم للرسول وتنازعهم، وفشلهم، كانوا بعد ذلك أشد حذراً ويقظة ، وتحرزاً من أسباب الخذلان "
إذن الاعتراف بالهزيمة سبب في استخلاص المرء الدروس والعبر منها
ولا ينبغي أن يجعل المرء من الاعتراف بالهزيمة خذلانا وزورا من القول وبهتانا حتى وإن كان في قرار نفسه أنه أنتصر
ينبغي عليه أن ينظر إلى المآخذ التي تأخذ عليه ليستفيد ويتعلم منها ليخرج من نصره إن كان يظن أنه منتصر إلى نصر أكبر ، وإن لم يتحقق له النصر ليجعل من فوائد هزيمته نصرا في معاركه القادمة
فالقتال مع العدو له صولات وجولات وهذا من حكمة الله مرة لنا ومرة علينا
كما قال ابن القيم رحمه الله :
" أن حكمة الله وسنته في رسله، وأتباعهم، جرت بأن يُدالوا مرّة، ويُدال عليهم أُخرى، لكن تكون لهم العاقبة " .
ومما ينبغي معرفته أن ما قاله ابن القيم رحمه الله بأن العاقبة بالنصر تكون لهم منوط بالامتثال لحكم الله ، والقتال عليه ومن أجله حتى في تحرير الأوطان
قال تعالى :
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }
{وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ }
فالتعلق بغير حكم الله وشرعه في الأرض ، والمناداة بتحكيم الثوابت الوطنية ، والتعلق بالشرعية الدولية من أسباب الهزيمة والخذلان ، بل زد على ذلك أن تعلق البعض فيهم وجعلهم أمناء على ظلمهم يحتكمون إليهم ممن ظلمهم ، ولو على سبيل المعذرة !!! .
علما أن حيدة هؤلاء وميلهم مع الظالم ظاهرة وصريحة ، كمثل من يحتكم إلى هيئة الأمم ليرفع الظلم الذي وقع على أهلنا في غزة على سبيل المثال لا الحصر
قال تعالى : {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ }
فعاقب الله هؤلاء بأن خذلوهم ولم ينصرهم الله لأنهم ركنوا إلى غير شرع الله وإلى الظالمين لينصفوهم
وهذا والعياذ بالله من باب إعانة الظالم ومن أسباب نشر الظلم وإشاعته وتفشيه واستمراريته واستبدادهم
قال تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ }
فهل تعي حماس وكل من يتسابق معها إلى هؤلاء ليتحاكمواإلي عدوهم حقيقة الأمر وخطورته
وسبب تخصيصي لحماس عن غيرها لأنها من ترفع شعار الإسلام ومن عادة مؤيديها أنهم يقولون
عن أنفسهم أنهم حفظة لكتاب الله وسنة رسوله ، ومن المحافظين على الصلوات وأمور العبادة والطاعات
فكيف غفلوا عن مثل هذه الأشياء وقد علموها وعرفوها ثم يرفعون أصواتهم بدون حياء من الله يقولون لن نطبق شريعة الله ، وسننطلق من الثوابت الوطنية ونحتكم على الشرعية الدولية .
والظالم نهايته إلى زوال وسينصر الله المظلوم فلماذا قبلوا لأنفسهم الاحتكام إلى ظالم
منهم من قد سلم بلادهم لأعدائهم ومنهم من تآمر ضدهم ومنهم من دعمه بالسلاح أو بالمال أو الكلام
قال تعالى : {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ }
{وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً }
{وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ }
فنهاية هؤلاء الظلمة من الصهاينة ومن والاهم إلى زوال
يقول شيخ الإسلام رحمه الله :
" العدل نظام كل شيء فإذا أقيم أمر الدنيا بعدل قامت وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق، ومتى لم تقم بعدل لم تقم وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزى به في الآخرة"
ويقول الماردي رحمه الله :
" إن مما تصلح به حالُ الدنيا: قاعدة العدل الشامل الذي يدعو إلى الألفة، ويبعث على الطاعة، وتعمر به البلاد، وتنمو به الأموال، ويكبر معه النسل، ويأمن به السلطان، وليس شيء أسرع في خراب الأرض، ولا أفسد لضمائر الخلق من الجور؛ لأنه ليس يقف على حد، ولا ينتهي إلى غاية"
لماذا يذل هؤلاء أنفسهم عند أعدائهم ليتحاكموا إليه
" أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً "
أم يريدون النصر :
" وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ "
لماذا نزعوا أيديهم من نصر المؤمنين وهم يقولون لمن ذبح المسلمين واستولى على أراضيهم
وحارب دينهم وحادوا الله ورسوله يقولون لهم : " أن الشيشان مسألة داخلية " يوالون أعداء الله
والله تعالى يقول :
" إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الغَالِبُونَ "
ويقول ابن تيمية رحمه الله الفتاوى:" كما أن نصر الله للمسلمين يوم بدر كان رحمة ونعمة، وهزيمتهم يوم أحد كانت نعمة ورحمة على المؤمنين "
إذن لماذا يصر إخواننا في حماس أن ما حصل لهم نصرا ، مع أن المسلمين قد انهزموا في أحد ؟؟!!! .
ولم يكن هذا الوصف لهم سببا في تباطئهم عن العمل أو تقاعسا لهم في الاستمرار بل دفعهم من الغد أن يلحقوا بعدوهم ليثأروا لأنفسهم مما وقع عليه ، فلو قال لهم قائل أنتم انتصرتم عليهم بالأمس ، لكان هذا القول
من الخذلان ومدعاة للقعود ، مما يجعلهم أن يتركوا ملاحقة عدوهم والثأر لأنفسهم مما وقع عليهم
فالمتخاذل هو من صور الهزيمة نصرا حتى لا ترفع للمسلمين راية ويقعدوا عن الجهاد
أم أن حماس كانت خيرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم عندما قيل أنهم
انهزموا بعركة أحد ، ولا تريد حماس أن توصف بذلك
حماس ترد على من يصف معركتها في غزة هزيمة بوقوع
قتلى لهم في المعركة على أن هذا هو النصر ،
وحماس ترد على من قال أنها لم تهزم بالمعركة لثبات
جنودها بالمعركة على أن هذا في حد ذاته نصر ؟؟!!! .
ونقول لهم :
أيهم أفضل قتلاكم في غزة مع العدو الصهيوني ، أم قتلى المسلمين في أحد وقد قتل فيهم حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وابن عمته عبد الله ابن جحش وغيرهم
وأيهما أكثر ثباتا أنتم أم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في معركة أحد
حتى الرماة ثبتوا ولم يتركوا مواقعهم إلا بعد أن انتهت المعركة لكنهم خالفوا الرسول بعدم البقاء .
فأيهم أكثر ثباتا أنتم أم صحابة رسول الله الذين كانوا معه في أحد وموقف أنس بن النضر لما أشيع أن الرسول قد قتل
قال ابن كثير رحمه الله : وقوله تعالى (( ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ )) قال ابن إسحاق : حدثني القاسم بن عبد الرحمن بن رافع، -أحد بني عبيد بن النجار- قال انتهى أنس بن النضر عم أنس بن مالك إلى عمر بن الخطاب و طلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار قد ألقوا ما بأيديهم، فقال: ما يجلسكم فقالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فما تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل رضي الله تعالى عنهم .
وقد كان هذا في المعركة من البعض فما وهنوا ولا ضعفوا ولا استكانوا لهذه الفاجعة العظيمة فانطلقوا كالأسود على أعدائهم يقاتلونهم
فقد بعثت فيهم روح الاعتقاد والظن بالهزيمة للعمل على النصر وتحقيق أسبابه
فلماذا حماس ومن أيدها يعتبرون أن ما حصل لهم من هزيمة أو من قال أنهم لم ينتصروا عميل وحاخام ومتخاذل
كما ذكر ذلك عني بعض السفهاء ، مع نصرتي لهم ووقوفي معهم ومقالاتي شاهدة على ذلك أثناء المعركة
وتبيان ذلك في مقالي حتى يخرجوا من هذه المعركة إلى النصر الحقيقي والذي يبدأ من وجوب نبذهم للشرعية
الدولية التي ظلمتهم والرجوع إلى شرع الله ،
فهل هذا هو جزاء الناصح المشفق المحب لإخوانه الخير ، وطريق الصواب .
ابن تيمية رحمه الله وابن القيم وابن حجر والبخاري وكثير من العلماء وصفوا ما حصل للمسلمين في أحد هزيمة فهل كانوا عملاء وخونة ، مع أننا لو أردنا أن نقارن بين النصر الذي حققه المسلمون في أحد وبين ما حققه المسلمون في غزة لعرفنا الفرق بين المعركتين وحقيقة النتائج ومع ذلك لم يوصف على أنه نصر لهم في أحد
لكن للأسف البعض جعل من عاطفته حكما على الأشياء
وما علم أن الخذلان يكون ي المعركة للتقاعس عن القتال ، وأما بعدها فهو شحذ للنصر ورفع الهمم
وأن الثبات من لوازم المعركة وشروطها لا من نتائجها كما ذكرنا آنفا
ولينظر الأخوة معي لهذا الكلام الذي نقلته ليتدبروا في معانيه ويتمعنوا في ألفاظه مع ما سبق ذكره :
يقول الكاتب :
يقول "دينيس ويتلي": "الفشل ينبغي أن يكون معلماً لنا وليس مقبرة لطموحاتنا وتطلعاتنا".
إن الفشل في منهج العظماء والقادة ليس هزيمة، وإنما هو تأخُّر في تحقيق الهدف، وهو مرحلة يمكن تجاوزها، وذلك بشحذ الهمم والعزائم والمبادرة بالسير في طريق النجاح.
أقول : وأيم الله هذا ما دفعنا للقول بأن حماس لم تنتصر مع اعتقادنا بذلك لشحذ هممها ، ودفعها
لتحقيق النصر بعزة الإسلام بعد أن خذلها من ارتمت في أحضانهم لتقول لهم لا عزة لنا إلا بالإسلام ولن نقبل بغيره مرجعا وحكما
ويقول الكاتب :
كيف تعامل العظماء مع الفشل؟ إن العظماء والناجحين هم الذين يخرجون من تجربة الفشل أكثر صلابة وقوة، فقد يستفيدون من أخطائهم وفشلهم أكثر من استفادتهم من نجاحاتهم، وما من إنسان عاش هذه الحياة إلا وذاق النجاح والفشل.
والضعفاء هم الذين ييأسون عندما يفشلون، ويعتقدون خطأً أنهم لا يستطيعون أن يصنعوا شيئاً بعد الفشل، وأن طريق النجاح مسدود، وتحقيقه من وجهة نظرهم مستحيل أو محدود.
أما العظماء.. فلا يوجد في معجمهم كلمة اليأس، ولا يجد القنوط إلى نفوسهم سبيلاً، ولا الوهن إلى عزائمهم طريقاً، ومن ثم فهم القادرون وليس غيرهم على أن يجعلوا من الفشل محاولة للنجاح " انتهى .
والبعض للأسف يقارن معركة غزة بغزوة منهاتن وما وقع على أهلنا في كابل
نقول لهؤلاء :
قد ذكرنا أنه ينبغي على المرء أن يتخذ الأسباب الكفيلة له للخوض في المعركة
ولا بد أن تكون الأسباب شرعية لنفرقها عن الأسباب الدنيوية الوضعية
وأننا مأمورون بقتال العدو وقد فعل هؤلاء ما أمروا به بعد أن اتخذوا جميع الوسائل لتحقيق هذا النصر
وقد تحقق لهم أما ما وقع عليه بعد ذلك فلم يقع منهم التفريض بشيء من الأمر
ذلكم أنهم بداية لم يعترفوا أنهم من فعل هذا الأمر ، وكتموا على ذلك
ثانيا : أن هذه المعركة كانت منفصلة عن الأولى وإن كنت من أسبابها لكن الأسباب كانت شرعية
تماما كما وقع للمسلمين من نصر في بدر فكانت أسبابها شرعية ، لكن أدت معركة بدر
إلى أن غزا الكفار المسلمين في أحد وانتصروا عليهم فجاءت معركة بدر بأحد
فهل نقول أن معركة بدر كانت خطأ
ثالثا : أن هؤلاء كانوا يرفعون راية لا إله إلا الله ويحكمون شرع الله ، وكان هذا الدافع لهؤلاء
أن اعتدوا عليهم في ظنهم أنهم يحمون من قام بتلك الغزوة ولم يتبين بعد حقيقة الأمر
لكن لما كان قتالهم تحت راية لا إله إلا الله أصبح الأمر في حقيقته هين في سبيل التضحية
من أجل هذا الأمر العظيم ولو قتل الجميع كما حصل في قصة أهل الأخدود
فلو قاتل إخواننا في حماس تحت راية التوحيد لا راية الثوابت الوطنية التي يريدون
الانطلاق منها والاجتماع عليها لكانت هذه الدماء تذبح رخيصة في سبيل تحقيق تلك الراية
وما فعلوه كان سبب الخذلان
قال ابن القيم :
وأن الذي أصابهم إنما هو بشئم المعصية ، كما قال-تعالى-:** ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حَتَّى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم } آل عمران(152). فلما ذاقوا عاقبة معصيتهم للرسول وتنازعهم، وفشلهم، كانوا بعد ذلك أشد حذراً ويقظة ، وتحرزاً من أسباب الخذلان.
رابعا : من أين لمن قاموا بغزوة منهاتن أن يعلموا أن العدو سيقاتلهم في بلادهم
مع شدة كتمانهم في عدم التصريح بأنهم من فعل ذلك
ولو أردنا أن نخضع هذه الأشياء للظنون والشكوك الغير مؤكدة والبعيدة في ظن المسلمين لما قاتلنا عدوا
ثم إنه لا يلزم من حصول الهزيمة للمسلمين والقتلى في كابل عدم صحة ما فعلوه
لأننا لا نعلم ما الخير الذي أراده الله لهم طالما أنهم قاموا بواجب الدين وقاتلوا تحت راية لا إله إلا الله
مع أخذهم بأسباب النصر وتجنب الهزيمة فلا يلامون على فعل قاموا به طاعة لله
وكما قلنا أن المعارك سجال بين المسلمين والكفار ، ولا يلزم من الدخول في المعركة
شرط النصر فقد وعدنا الله إما بالنصر والشهادة
والنصر إن لم يتحقق عاجلا فيستحقق إن شاء الله آجلا
قال ابن تيمية في الفتاوى:" كما أن نصر الله للمسلمين يوم بدر كان رحمة ونعمة، وهزيمتهم يوم أحد كانت نعمة ورحمة على المؤمنين "
وليراجع ما قاله ابن القيم في الزاد على فوائد ما حصل للمسلمين من هزيمتهم في أحد
يتضح من ذلك أن مشكلة حماس في أنها دخلت المعركة مع العدو عن طريق الانتخابات الديمقراطية
أي اتخذت اسباب غير شرعية
ولما تسلمت الحكم رفضت أن تحكم بشرع الله ، وخاضت معركة تدافع فيها عن ثوابتها في حقها
المشروع في البقاء في الحكم والدفاع عنه وعن ما تعتقده في مشروعها السياسي اتجاه وطنها والدفاع عن ترابها وتطالب بالرجوع إلى العهود والمواثيق التي أبرمت مع الأعداء لتكون فيصلا لها في ذلك بعد أن ركنت إليهم
فلذلك حصل التفريق بينها وبين من يقاتل تحت راية التوحيد ومن أجلها كما قاتل الرسول من أجل تحقيق
شرع الله وحكمه في أرضه وكما قاتل المسلمون الكفار ، ومازالوا يقاتلون في سبيل لتحقيق ذلك على أراضيهم
التي اغتصبها العدو منهم ، لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى .
وأخيرا .........
وليعلم المسلمون أن الابتلاء يكون لمن جاهد في سبيل الله
لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى
وصبر على ذلك ، وقد لاقى من الصعاب والمشاق
الشيء الكثير والعظيم فهؤلاء الذين وعدهم الله بالنصر والتمكين
بعد الابتلاء والصبر على النصر
قال تعالى **:وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا
اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن
بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} النور55
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء
وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ }
** حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء
وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ }
{الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }الحج41
أما الذين اتخذوا من القوانين الوثنية ،وقبلوا أن يحتكموا للشرعية الدولية ،
ومرجعيتهم المصلحة الوطنية ، وانطلقوا من الثوابت الوطنية
ولم تسال لهم قطرة دم من أجل حفظ حكم الله في الأرض
فإن ما يلحق بهم عقوبة لهم بسبب معصيتهم وذنوبهم وبعدهم عن الله
وخذلانهم لدينهم وأهل ملتهم
والحمد لله رب العالمين .