تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حينما نهزم من الداخل



عزام
01-14-2009, 09:30 PM
من خواطري
عزام


تمسك القلم ولا تعرف ماذا تكتب.. القلم؟؟ بل قل لوحة المفاتيح فقد انتهى عصر الأقلام إلى غير رجعة.. ولكن لعله الحنين إلى هذه الكلمة يدفعنا لاستعمالها كما نحن لكلمة السيف ونحن بعيدون عن ثقافة حمل السيف كل البعد .. أترانا نحن في لا وعينا لمجد سابق؟؟ لملك لم نعرف أن نحافظ عليه كالرجال فبكينا عليه كالنساء؟؟ أترانا أمة لم تعرف أن تفهم الواقع فغرقت في الماضي وعجزت عن دخول المستقبل... لا أعرف.. تمسك القلم ولا تعرف ماذا تكتب.. تصطرع في رأسك الافكار وتتنافر بحيث لا تعرف من أين ستبدأ ولا أين ستنتهي.. ولطالما كانت العبرة في النهاية.. ولطالما كانت الامور بخواتيمها.. تتعبك عملية تنسيق خواطرك فتقرر أن تتخلى عن الرقابة وتطلق العنان لها أن تنساب على الورق.. وتعود لتسأل نفسك لم تكتب الآن وكما في كل مرة لن تجد جوابا مقنعا.. من سيقرأ لك في يومنا هذا؟؟ عصر التلفاز والانترنت.. عصر باتت فيه الصورة تساوي ألف كلمة.. تيأس للحظات لولا أنك تتذكر أن الكلمة الحقيقية تساوي مليون صورة فالكلمة توجه وتصحح وترشد وتهدي إلى الحق ولا تستطيع الصورة أن تقدم سوى معلومة وهيهات أن تقدم لك الحكمة لفهم هذه المعلومة.. لعل إعادة تقييمك لمفهوم الكلمة يعطيك بعض الأمل أن تكتب لكن هل تستطيع فعلا أن ترتقي إلى مستوى الكلمة الحقيقية في كلامك.. إلى مستوى أمة اقرأ.. إلى مستوى خير أمة أخرجت للناس.. لا تعرف.. ولن تعرف ربما في حياتك.. لم تحب يوما الكلام المنمق المزخرف.. حتى كلمة منمق بت تكرهها وتشعر أنها منمقة جدا.. تعرف هذا جيدا.. تريد من كلماتك أن تخترق الحجب وأن تنتقل من قلبك إلى قلوب الناس بدون وساطة ومترجم ومرسال.. تريد أن تبلسم جروحهم وتشق فيهم أخرى شبيهة بجروح قلبك.. تريد أن تنقل لهم يقينك أن القلب الذي لا يعتصر ألما في كل ساعة وفي كل دقيقة لا يمكن أن يشعر بغيره ولا يمكن أن ينهض بأمة.. أمة؟؟ وأي أمة؟؟ وهل يسمى القطيع قطيعا أن تفرق؟؟
تتأمل حولك فتجد المجازر المتنقلة في كل أرجاء العالم الإسلامي.. ولا عجب فنحن ارهابيون.. دمنا رخيص.. قتلانا مجرد أرقام أما قتلاهم فبشر بل ملائكة أطهار تمشي على الارض.. فهذا عريس جديد وذاك أب جديد.. ولكل منهم قصة تستحق أن تروى وتحول لفيلم.. أما أنت.. فحياتك لا تساوي شيئا... غريب أن يحظى الموت الذي تغطيه عدسات التصوير ومقالات الصحفيين باهتمام وتعاطف أكثر ممن يموت تحت الأنقاض ليصبح رقما جديدا في مقبرة الأرقام التي لا نهاية لها... تتألم كثيرا ولكنك لا تدري ماذا يؤلمك... أهو منظر أشلاء الأبرياء المتناثرة؟؟ ربما.. ولكن ما يؤلمك حقا –وفي الصميم- فهو أشلاء هذه الأمة الإسلامية التي فككها الاستعمار وتولى عبيده من بعدهم تثبيت هذه الحدود الوهمية..
بالقطع لا تأسى على شهداء ومشاريع شهداء سسيسقطون أو بالأحرى سيرتفعون ونسقط نحن.. بل هم عليهم أن يأسٍوا عليك وعلى حالتك.. فهم دخلوا جنات عرضها السموات والارض إن شاء الله وأنت عاجز عن فعل أي شيء .. أو توهم نفسك بأنك عاجز لتداري خيبتك وتقصيرك.. تتألم على نفسك.. على تقصيرك.. تقصيرك في قول كلمة الحق في وجه السلطان الجائر على الأقل .. تتألم لحجم المأساة والخيانة والسفالة .. تتألم من زعماء يتخاذلون عن نصرة أشقاءهم بل أبناءهم .. تتألم من فصائل متناحرة تشمت ببعضها البعض وتسعد لرؤية العدو الحقيقي المشترك يبدا باخوتهم قبل أن يبدأ بهم.. تتألم من شعب يساق كالغنم ولا يعترض حتى لو قاده "الراعي الصالح" إلى الذبح ولن يكون مصيره إلا هذا في النهاية..
مرت علينا هزائم كثيرة.. اجتاحتنا جحافل المغول والتتار والصليبيين ونكلوا بأرضنا وشعوبنا.. ولكن في كل مرة كنا نعود لننتصر ونحرر بلادنا.. ذلك أننا في عمق قلوبنا كنا نعرف أننا على حق وأن للباطل جولة وللحق جولات.. ولكن هذه أول مرة في التاريخ نهزم فيها ثقافيا.. أول مرة ننبهر بحضارة العدو التي لا تقل همجية عن حضارة المغول إلا بالقفاز المخملي الذي تحمل فيه السكين وإلا بدمقراطية مزعومة رأينا آثارها أينما حلت في بلاد الأمة الإسلامية.. هذه أول نهزم فيها من الداخل.. ومن يهزم من الداخل صعب أن تقوم له قائمة.. يقول لك الاخوة نحن نستحق ما يحصل لنا وطالما ابتعدنا عن القرآن فنحن بعيدون عن النصر وهذا حق ولكن للأسف حتى من يحمل القرآن اليوم لا أكاد أجد فيه أملا..إلا من رحم ربي.. إذ أني أجده يتعصب لحزبه وفصيلته ويشمت بهم لدى فشلهم (أو حتى نجاحهم ففي عينه لن ينجحوا أبدا مهما فعلوا).. لكن لم تعجب؟ لم يكن السر يوما في أن نحمل القرآن بل السر في أن نطبق القرآن.. أن نقيم القرآن.. وفي نفوسنا أولا قبل كل شيء.. مؤسف حقا أن يجتمع اليهود على الباطل ولا تجتمع أمة محمد على الحق.. مؤسف أن يقاتلنا عدونا بصفوف متراصة ونقاتله بصفوف مخردقة بالخيانة وسوء الظن والحقد.. مؤسف أن تتجمع أمتنا حول أمور ثانوية كحذاء وقميص ومقاطعة منتجات ولا تتوحد حول القرآن والدين والجهاد ونصرة الحق والمظلوم ووحدة المسلمين..
تتألم من عقلية باتت تنظر للدين كحاجة روحية لا كحقيقة مطلقة تعيش كل حياتك بنورها.. يريدون منك أن تعيش ساعة لك وساعة لربك وما دروا أن كل الساعات لربك .. ما دروا أن كل حياتك ونسكك ومحياك ومماتك لله رب العالمين.. ما دروا أن في كل مباح تقوم به عبادة لربك إن أخلصت النية.. وليتهم صدقوا حتى في ذلك وليتهم قسموا الامر بالمساواة ساعة بساعة كما ادعوا .. بل إنهم رضوا أن تكون دقيقة لربهم وساعات لنفسهم.. نفسهم التي انسلخت عن دينها ودخلها الشيطان إلى العمق وارتوى منها وارتوت منه حتى الثمالة.. الشيطان؟؟ نعم الشيطان الذي رضي أن يكون جنديا مجهولا لخدمة قضيته ورضي منهم أن تنسب وساوسه لأسماء أخرى أكثر جاذبية كالحضارة والتقدم والفن..الفن واي فن.. لكم تتالم من عقلية تخصص عشرات الاذاعات لهذا "الفن" .. للرقص والغناء والطرب وقناة واحدة - لا يكاد يزورها أحد- للدين.. لربما أقاموها ارضاء للعواجيز الذين ملتهم الحياة الدنيا واعدت العدة لتسريحهم منها أو لربما أقاموها لارضاء مختلف الاذواق.. فهذه هي الدمقراطية.. دمقراطية بوش.. تتألم انهم يريدون ان يعاملوا الدين كالسياسة وكالرياضة بحيث خصصوا له اذاعة منفصلة لا تأثير لها على بقية جوانب الحياة.. فلا عجب والحال هذه ان تقصف غزة وجنين وقانا والفلوجة وترى القنوات الفضائية مشغولة بما هو اهم... بالاكاديميات عنيت.. لا تعجب فحتى العهر اصبح يحتاج لدراسة اكاديمية في عصر النهضة والنور المظلم.. لا تعترض من فضلك فقد كفوك مؤنة الاعتراض وأعطوك قناة للدين واخرى للسياسة ان كنت تحب "النكد" فلا تتدخل فيما لا يعنيك من فضلك ولا تطلب منا أن نتوقف عن بث المجون في هذه اللحظات فهناك غيرك يسعى وراء الفرفشة والنعنشة..
حينما تقصف غزة أو الفلوجة أو جنين أو أي مدينة اسلامية.. يقف الكثر من الناس موقف المعزي.. خاصة من ولد وفي فمه ملعقة ذهب وفي جيبه بئر نفط.. لكنك تقف موقف المصاب.. ففلسطين لحمك ودمك.. والعراق روحك ومهجتك.. لا تفرقك عن اخوتك المسلمين هناك حدود مصطنعة أقامها عدوك وكرسها عبيده.. تشعر بما يشعرون به بالضبط ولا عجب فأنت قاسيت –وفي في محطات عديدة- في بلدك ما ذاقوه من ويلات.. يومها قلت ما ينطق بلسان حالهم اليوم: لا نريد منكم شيئا أيها العرب.. لا نريد أن تنصرونا بالسلاح والعتاد.. لا نريد مساعداتكم الغذائية وأدويتكم.. لا نريد حتى دعاءكم.. ولكن نريد فقط أن تصمتوا.. هل هذا ممكن؟ لا تبرروا للعدو جرائمه.. لا تحملونا مسؤولية حرب يشنها ضدها وأنتم أدرى أنه لا يحتاج لذريعة.. لا تقابلوا عدونا سرا وعلانية.. لا تشاركوهم في حصارهم ضدنا.. لا تمنحوهم مطاراتكم وأجواءكم ليضربونا منها.. لا تعتبروهم محررين لاراضينا وترشوا عليهم الارز وتكللوهم بالغار.. لا تسمحوا لهم أن يعلنوا قرار الحرب من فوق منابركم.. هل هذا صعب عليكم؟؟
لطالما عرف التاريخ الخيانة والخساسة ولكن بعض العرب للأسف أبدعوا في تطوير هذ المصطلحات ووصلوا بها إلى حدود لم نكن لنتخيلها.. فسياسة الانبطاح والزحفظة لا مثيل لها عندهم ولا سابق تاريخي لها فهي تسجل باسمهم براءة اختراع لهم الحق الحصري بملكيتها لا ينازعهم فيها انس ولا جن ويستحقون ان يدخلوا بها مزبلة التاريخ من بابها العريض.. عرفنا الخيانة لأجل المصلحة الشخصية والاستسلام بغرض الحصول على الأمن والركون إلى السلامة ولكن لم نعرف من قبل خيانة لا وجه لأي مصلحة فيها الا ان كان ارواء غليل الحقد على الأخ المسلم مصلحة.. لم نعرف من قبل من يحب عدوه الذي يحتقره ويهينه في كل لحظة وهو يرضى بذلك كالأمة التي يغتصبها سيدها كل يوم وهي تفتخر بذلك على قريناتها فالاهانة على يد هذا السيد شرف تتميز به عن سائر الاماء في قصره. لم نعرف من قبل أحدا يحب قوما يجاهرون ببغضه وباذلاله .. لم نعرف من قبل مسارعة إلى ارضاء عدوك باكثر مما يطلبه او يتوقعه منك.. لم نعرف سفالة الشماتة باخوان لك لمجرد أن العدو بدأ بهم قبل أن يصل إليك وسفينتكم واحدة ومصيركم واحد.. نعم قد تتخيل أن الإنسان قد يبيع مبادئه وشرفه ولكن لا تتخيل أن يوجد ناس لا يملكون مبادئا ولا شرفا حتى يبيعوه.. تتخيل أن يموت ضمير الإنسان ولكن لا تتخيل أن يوجد اناس لم يولد لهم ضمير يوما حتى يموت .. أستطيع أن أفهم النصارى مهما قالوا فهم قد ضلوا عن الحق وأستطيع أن أفهم اليهود مهما فعلوا فهم مغضوب عليهم والطرفان يعمل لمصالحه الدنيوية في النهاية. ولكن ما استعصى علي فهمه فهم أناس من بني جلدتنا باعوا الدنيا والآخرة ورضوا بحياة الذل من أجل لا شي.. حتى انطبق عليهم ما قاله رب العالمين عن اليهود.. "ولتجدنهم أحرص الناس على حياة" أي حياة ولو كانت حياة ذليلة رخيصة ولكن حتى هذه الحياة لن ينالوها لانهم نسوا قوله " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم" وعدونا على ظلمه عادل منصف في كراهيتنا لا يفرق بين بطل وعميل والكل سواسية عنده.

من هناك
01-14-2009, 10:59 PM
جزاك الله خيراً على هذه التذكرة وإن شاء الله توقظ عقولاً نائمة

أسامة1
01-15-2009, 06:50 AM
كلام في الصميم بارك الله فيك
لقد صوّرت الواقع بكل أمانة ودقة قل من استطاع التعبيره بنحو ما قمت به

حسبنا الله ... عليه يتوكل المتوكلون








حينما نهزم من الداخل

عزام

تمسك القلم ولا تعرف ماذا تكتب.. القلم؟؟ بل قل لوحة المفاتيح فقد انتهى عصر الأقلام إلى غير رجعة.. ولكن لعله الحنين إلى هذه الكلمة يدفعنا لاستعمالها كما نحن لكلمة السيف ونحن بعيدون عن ثقافة حمل السيف كل البعد ..
أترانا نحن في لا وعينا لمجد سابق؟؟ لملك لمنعرف أن نحافظ عليه كالرجال فبكينا عليه كالنساء؟؟ أترانا أمة لم تعرف أن تفهم الواقع فغرقت في الماضي وعجزت عن دخول المستقبل... لا أعرف.. تمسك القلم ولا تعرف ماذا تكتب.. تصطرع في رأسك الافكار وتتنافر بحيث لا تعرف من أين ستبدأ ولا أين ستنتهي.. ولطالما كانت العبرة في النهاية.. ولطالما كانت الامور بخواتيمها.. تتعبك عملية تنسيق خواطرك فتقرر أن تتخلى عن الرقابة وتطلق العنان لها أن تنساب علىالورق.. وتعود لتسأل نفسك لم تكتب الآن وكما في كل مرة لن تجد جوابا مقنعا.. من سيقرأ لك في يومنا هذا؟؟ عصر التلفاز والانترنت.. عصر باتت فيه الصورة تساوي ألف كلمة.. تيأس للحظات لولا أنك تتذكر أن الكلمة الحقيقية تساوي مليون صورة فالكلمة توجه وتصحح وترشد وتهدي إلى الحق ولا تستطيع الصورة أن تقدم سوى معلومة وهيهات أن تقدم لك الحكمة لفهم هذه المعلومة.. لعل إعادة تقييمك لمفهوم الكلمة يعطيك بعض الأمل أن تكتب لكن هل تستطيع فعلا أن ترتقي إلى مستوى الكلمة الحقيقية في كلامك.. إلى مستوى أمة اقرأ.. إلى مستوى خير أمة أخرجت للناس.. لا تعرف.. ولن تعرف ربما في حياتك.. لم تحب يوما الكلام المنمق المزخرف.. حتى كلمة منمق بت تكرهها وتشعر أنها منمقة جدا.. تعرف هذا جيدا.. تريد من كلماتك أن تخترق الحجب وأن تنتقل من قلبك إلى قلوب الناس بدون وساطة ومترجم ومرسال.. تريد أن تبلسم جروحهم وتشق فيهم أخرى شبيهة بجروح قلبك.. تريد أن تنقل لهم يقينك أن القلب الذي لا يعتصر ألما في كل ساعة وفي كل دقيقة لا يمكن أن يشعر بغيره ولا يمكن أن ينهض بأمة.. أمة؟؟ وأي أمة؟؟ وهل يسمى القطيع قطيعا إن تفرق؟؟

تتأمل حولك فتجد المجازر المتنقلة في كل أرجاء العالم الإسلامي.. ولا عجب فنحن ارهابيون.. دمنا رخيص.. قتلانا مجرد أرقام أما قتلاهم فبشر بل ملائكة أطهارتمشي على الارض.. فهذا عريس جديد وذاك أب جديد.. ولكل منهم قصة تستحق أن تروى وتحول لفيلم.. أما أنت.. فحياتك لا تساوي شيئا... غريب أن يحظى الموت الذي تغطيه عدسات التصوير ومقالات الصحفيين باهتمام وتعاطف أكثر ممن يموت تحت الأنقاض ليصبح رقما جديدا في مقبرة الأرقام التي لا نهاية لها...


تتألم كثيرا ولكنك لا تدري ماذا يؤلمك... أهو منظر أشلاء الأبرياء المتناثرة؟؟ ربما.. ولكن ما يؤلمك حقا –وفي الصميم- فهو أشلاء هذه الأمة الإسلامية التي فككها الاستعمار وتولى عبيده من بعدهم تثبيت هذه الحدود الوهمية..


بالقطع لا تأسى على شهداء ومشاريع شهداء سسيسقطون أو بالأحرى سيرتفعون ونسقط نحن.. بل هم عليهم أن يأسٍوا عليك وعلى حالتك.. فهم دخلوا جنات عرضها السموات والارض إن شاء الله وأنت عاجز عن فعل أي شيء .. أوتوهم نفسك بأنك عاجز لتداري خيبتك وتقصيرك.. تتألم على نفسك.. على تقصيرك.. تقصيرك في قول كلمة الحق في وجه السلطان الجائر على الأقل .. تتألم لحجم المأساة والخيانة والسفالة .. تتألم من زعماء يتخاذلون عن نصرة أشقاءهم بل أبناءهم .. تتألم من فصائل متناحرة تشمت ببعضها البعض وتسعد لرؤية العدو الحقيقي المشترك يبدا باخوتهم قبل أن يبدأ بهم.. تتألم من شعب يساق كالغنم ولا يعترض حتى لو قاده "الراعي الصالح" إلىالذبح ولن يكون مصيره إلا هذا في النهاية..
مرت علينا هزائم كثيرة.. اجتاحتنا جحافل المغول والتتار والصليبيين ونكلوا بأرضنا وشعوبنا.. ولكن في كل مرة كنا نعود لننتصرونحرر بلادنا.. ذلك أننا في عمق قلوبنا كنا نعرف أننا على حق وأن للباطل جولة وللحق جولات..

ولكن هذه أول مرة في التاريخ نهزم فيها ثقافيا.. أول مرة ننبهر بحضارةالعدو التي لا تقل همجية عن حضارة المغول إلا بالقفاز المخملي الذي تحمل فيه السكين وإلا بدمقراطية مزعومة رأينا آثارها أينما حلت في بلاد الأمة الإسلامية..


هذه أولنهزم فيها من الداخل.. ومن يهزم من الداخل صعب أن تقوم له قائمة.. يقول لك الاخوة نحن نستحق ما يحصل لنا وطالما ابتعدنا عن القرآن فنحن بعيدون عن النصر وهذا حق ولكن للأسف حتى من يحمل القرآن اليوم لا أكاد أجد فيه أملا..إلا من رحم ربي.. إذ أني أجده يتعصب لحزبه وفصيلته ويشمت بهم لدى فشلهم (أو حتى نجاحهم ففي عينه لن ينجحواأبدا مهما فعلوا)..


لكن لم تعجب؟ لم يكن السر يوما في أن نحمل القرآن بل السر في أننطبق القرآن.. أن نقيم القرآن.. وفي نفوسنا أولا قبل كل شيء.. مؤسف حقا أن يجتمع اليهود على الباطل ولا تجتمع أمة محمد على الحق.. مؤسف أن يقاتلنا عدونا بصفوف متراصة ونقاتله بصفوف مخردقة بالخيانة وسوء الظن والحقد..

مؤسف أن تتجمع أمتنا حول أمور ثانوية كحذاء وقميص ومقاطعة منتجات ولا تتوحد حول القرآن والدين والجهاد ونصرةالحق والمظلوم ووحدة المسلمين..



تتألم من عقلية باتت تنظر للدين كحاجة روحية لا كحقيقة مطلقة تعيش كل حياتك بنورها.. يريدون منك أن تعيش ساعة لك وساعة لربك ومادروا أن كل الساعات لربك .. ما دروا أن كل حياتك ونسكك ومحياك ومماتك لله رب العالمين.. ما دروا أن في كل مباح تقوم به عبادة لربك إن أخلصت النية.. وليتهم صدقوا حتى في ذلك وليتهم قسموا الامر بالمساواة ساعة بساعة كما ادعوا .. بل إنهم رضوا أن تكون دقيقة لربهم وساعات لنفسهم.. نفسهم التي انسلخت عن دينها ودخلهاالشيطان إلى العمق وارتوى منها وارتوت منه حتى الثمالة.. الشيطان؟؟ نعم الشيطان الذي رضي أن يكون جنديا مجهولا لخدمة قضيته ورضي منهم أن تنسب وساوسه لأسماء أخرى أكثر جاذبية كالحضارة والتقدم والفن..الفن واي فن.. لكم تتالم من عقلية تخصص عشرات الاذاعات لهذا "الفن" .. للرقص والغناء والطرب وقناة واحدة - لا يكاد يزورها أحد- للدين.. لربما أقاموها ارضاء للعواجيز الذين ملتهم الحياة الدنيا واعدت العدة لتسريحهم منها أو لربما أقاموها لارضاء مختلف الاذواق.. فهذه هي الدمقراطية.. دمقراطية بوش.. تتألم انهم يريدون ان يعاملوا الدين كالسياسة وكالرياضة بحيث خصصو اله اذاعة منفصلة لا تأثير لها على بقية جوانب الحياة.. فلا عجب والحال هذه ان تقصف غزة وجنين وقانا والفلوجة وترى القنوات الفضائية مشغولة بما هو اهم... بالاكاديمي .. لا تعجب فحتى العهر اصبح يحتاج لدراسة اكاديمية في عصر النهضة والنورالمظلم.. لا تعترض من فضلك فقد كفوك مؤنة الاعتراض وأعطوك قناة للدين واخرى للسياسة ان كنت تحب "النكد" فلا تتدخل فيما لا يعنيك من فضلك ولا تطلب منا أن نتوقف عن بث المجون في هذه اللحظات فهناك غيرك يسعى وراء الفرفشة والنعنشة..
حينما تقصف غزة أو الفلوجة أو جنين أو أي مدينة اسلامية.. يقف الكثر من الناس موقف المعزي.. خاصة من ولد وفي فمه ملعقة ذهب وفي جيبه بئر نفط.. لكنك تقف موقف المصاب.. ففلسطين لحمك ودمك.. والعراق روحك ومهجتك.. لا تفرقك عن اخوتك المسلمين هناك حدود مصطنعة أقامها عدوك وكرسها عبيده.. تشعر بما يشعرون به بالضبط ولا عجب فأنت قاسيت –وفي في محطات عديدة- في بلدك ما ذاقوه من ويلات.. يومها قلت ما ينطق بلسان حالهم اليوم: لا نريد منكم شيئا أيها العرب.. لا نريد أن تنصرونا بالسلاح والعتاد.. لانريد مساعداتكم الغذائية وأدويتكم.. لا نريد حتى دعاءكم.. ولكن نريد فقط أن تصمتوا.. هل هذا ممكن؟ لا تبرروا للعدو جرائمه.. لا تحملونا مسؤولية حرب يشنها ضدها وأنتم أدرى أنه لا يحتاج لذريعة.. لا تقابلوا عدونا سرا وعلانية.. لا تشاركوهم في حصارهم ضدنا.. لا تمنحوهم مطاراتكم وأجواءكم ليضربونا منها.. لا تعتبروهم محررين لاراضينا وترشوا عليهم الارز وتكللوهم بالغار.. لا تسمحوا لهم أن يعلنوا قرار الحرب من فوق منابركم.. هل هذا صعب عليكم؟؟
لطالما عرف التاريخ الخيانة والخساسة ولكن بعض العرب للأسف أبدعوا في تطوير هذ المصطلحات ووصلوا بها إلى حدود لم نكن لنتخيلها.. فسياسة الانبطاح والزحفظة لا مثيل لها عندهم ولا سابق تاريخي لها فهي تسجل باسمهم براءة اختراع لهم الحق الحصري بملكيتها لا ينازعهم فيها انس ولا جن ويستحقون ان يدخلوا بها مزبلة التاريخ من بابها العريض.. عرفنا الخيانة لأجل المصلحة الشخصية والاستسلام بغرض الحصول على الأمن والركون إلى السلامة ولكن لم نعرف من قبل خيانة لا وجه لأي مصلحة فيها الا ان كان ارواء غليل الحقد على الأخ المسلم مصلحة.. لم نعرف من قبل من يحب عدوه الذي يحتقره ويهينه في كل لحظة وهو يرضى بذلك كالأمة التي يغتصبها سيدها كل يوم وهي تفتخر بذلك على قريناتها فالاهانة على يد هذا السيد شرف تتميز به عن سائر الاماء في قصره. لم نعرف من قبل أحدا يحب قوما يجاهرون ببغضه وباذلاله .. لم نعرف من قبل مسارعة إلى ارضاء عدوك باكثر مما يطلبها و يتوقعه منك.. لم نعرف سفالة الشماتة باخوان لك لمجرد أن العدو بدأ بهم قبل أن يصل إليك وسفينتكم واحدة ومصيركم واحد.. نعم قد تتخيل أن الإنسان قد يبيع مبادئه وشرفه ولكن لا تتخيل أن يوجد ناس لا يملكون مبادئا ولا شرفا حتى يبيعوه.. تتخيل أن يموت ضمير الإنسان ولكن لا تتخيل أن يوجد اناس لم يولد لهم ضمير يوما حتى يموت .. أستطيع أن أفهم النصارى مهما قالوا فهم قد ضلوا عن الحق وأستطيع أن أفهم اليهود مهما فعلوا فهم مغضوب عليهم والطرفان يعمل لمصالحه الدنيوية في النهاية. ولكن مااستعصى علي فهمه فهم أناس من بني جلدتنا باعوا الدنيا والآخرة ورضوا بحياة الذل من أجل لا شي.. حتى انطبق عليهم ما قاله رب العالمين عن اليهود.. "ولتجدنهم أحرص الناس على حياة" أي حياة ولو كانت حياة ذليلة رخيصة ولكن حتى هذه الحياة لن ينالوها لانهم نسوا قوله " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم" وعدونا على ظلمه عادل منصف في كراهيتنا لا يفرق بين بطل وعميل والكل سواسية عنده.

عزام
01-15-2009, 07:25 AM
بارك الله فيك اخي بلال
وبارك الله بالاخ اسامة وجزاه خيرا على فكه للحروف المتشابكة في مقالي

دار الاسلام
01-15-2009, 02:43 PM
ماشاء الله ، جميل ...كلمات صادقة .
بوركت اخي.

عزام
01-15-2009, 02:54 PM
ماشاء الله ، جميل ...كلمات صادقة .
بوركت اخي.
وفيك بارك الله اخي الحبيب
عزام